فجع الجميع بمدينة ودمدني بوفاة الشيخ
الجيلي الحسن صـلاح رحمه الله ، وقد شيعه لمثواه الأخير في الخامسة من مساء
اليوم الأربعاء 17/شعبان /1426هـ الموافق 21/09/2005م جمع غفير من أهالي
ودمدني ، نحسبه والله حسبه من أهل الصلاح والتقوى ، فقد ودع ـ عليه الرحمة
ـ هذه الدنيا الفانية بعد حياة حافلة بالجد والعطاء والترحال في سبيل نشر
الخير والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة .
ولد الشيخ الجيلي صلاح في أسرة يغلب عليها حب الخير والأمر بالمعروف ، فنشأ
على حب الخير ، فحفظ القرآن الكريم صغيراً وحضر الدروس بمنزل والده الشيخ
الحسن صلاح ذلك الشيخ التقي النقي ، فتزود من العلم ما أهله لأن يكون شيخاً
يعلم الناس تجويد وتلاوة القرآن الكريم فكان أن إنشاء بمنزله بحي الدباغة
بود مدني خلوة للتلاوة والذكر ، وأخذ على عاتقه القيام بهذه المهمة الدينية
الكبيرة ، وأنقطع للعبادة مرابطاً بالخلوة يقرأ القرآن ويعلمه للناس حفظاً
، ثم قام رحمه الله ببناء مسجده الشهير بحي الدباغة ، وتولى الإمامة فيه
لما يناهز الأربعين عاماً ، وكانت مجالسه ـ رحمه الله ـ عامرة بذكر الله .
ويعتبر الشيخ الجيلي صلاح واحداً من رواد التعليم الأهلي بمدينة ودمدني ،
وإن جهوده في هذا المجال مشهودة ومشكورة فقد بذر بذرة خير وسقاها بجده
وجهده واجتهاده حيث إنشاء ـ عليه الرحمة ـ مدرسة الجيلي المتوسط للبنات
جنوب مدرسة زروق المتوسطة بحي الدباغة ، ثم أنشاء بنفس الموقع مدرسة ثانوية
للبنات ، ثم ثالثة للبنين بحي الثورة .
وقد عرف شيخ الجيلي بأسلوبه الهادي المهذب فهو يسلك بترو ودراية طريق
الصواب برفق وعطف أبوي منقطع النظير ، وكان ذا هيبة ووقار ومثلاً للخلق
الرفيع ومدرسة في تواضعه وكلامه وسعيه الحثيث لإصلاح ذات البين ، والناس
تشهد له بذلك، وهم شهود الله ، فتحدث عن تواضعه وأخلاقه الركبان ، وكان
بيته وصدره مفتوحاً للضيف وطالب النصيحة وكان رحمه الله من محبي الخير
والفضل ، له صداقات حميمة وعلاقات ودية مع جميع الرؤساء الذين تعاقبوا على
حكم البلاد وكذلك رؤساء الدوائر الحكومية ومع مشائخ وأعيان ودمدني سواء من
رحل قبله أو من بقي بعده واذكر للشيخ ـ رحمه الله ـ انه لا يستعجل في
أموره.
رحمك الله يا أبا الدرديري ونسأل الله أن يجزيك على ما قدمت ،وان العين
لتدمع وإن القلب ليحزن وأنا لفراق شيخنا لمحزونون ، ولولا أنه وعد صادق
وموعود جامع وان الآخر منا يتبع الأول ، لوجدنا على فراقه أشد مما وجدنا ..
إنا لله وإنا إليه راجعون .. ونسأل الله أن يقبله في الصديقين وأن ينزله
منازل الشهداء والصالحين ، وان يجمعنا به وجميع موتى المسلمين في جنات
النعيم .. والحمد لله رب العالمين .
|