الجندي المجهول
02-05-2006, 09:42 AM
لقد جعل الله التفاهم بين الناس باللسان والقلم، وجعل الكتابة وسيلة الإقرار وتبرئة الذمم وتوثيق العقود وحفظ العلوم والتراث الثقافي والحضاري للأمم عبر التاريخ وهي وسيلة هامة للمعرفة والتواصل بين البشر.
ذكر المؤرِّخون أنَّ أول من كتب بالعربية ووضعها إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام فقد ورد عن ابن عباس ( أنَّ أول من كتب بالعربية ووضعها إسماعيل بن إبراهيم على لفظه ومنطقه ). ويقال أنّ الله تعالى أنطقه بالعربية المبينة وهو ابن أربع وعشرين سنة.
وليس خافياً أنَّ العرب قبل الإسلام كانوا أقرب إلى الأميّة منهم إلى العلم والثقافة وليس معنى ذلك أنه لا يوجد فيهم من يُحسن القراءة والكتابة وإنما كانت نسبة المتعلمين منهم قليلةً جداً حتى لتشير بعض المصادر إلى أنّ الذين كانوا يمارسون القراءة والكتابة عند ظهور الإسلام لا يتجاوزون بضعة عشر رجلاً في المدينة وحدها.
وأبلغ شاهد على أهمية الكتابة تلك الرواية التاريخية التي تشير أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قد طلب من بعض أسرى قريش في معركة بدر من الذين لم يقدروا على فداء أنفسهم بالمال أنْ يعلِّم كل منهم عشرة من أطفال المسلمين القراءة والكتابة.
يقال أن الإسلام دخل وفي قريش سبعة عشر رجلاً يستطيعون الكتابة ومنهم على سبيل المثال عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعثمان بن عفان وأبو عبيدة وطلحة ، أمَّا النساء اللواتي كنَّ يكتبن فمنهنَّ: الشفاء بنت عبد العدوية من رهط عمر بن الخطاب وحفصة بنت عمر زوج النبي صلى الله عليه وسلَّم وأمُّ كلثوم بنت عقبة.. وكانت عائشة تقرأ المصحف ولا تكتب وكذلك أمّ سلمة.. ولقد انتشر الخطُّ العربي في صدر الإسلام في بداية رسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلَّم حيث أنه يٌعدُّ بحقٍّ أول من عمل على نشر تعليم الكتابة بين المسلمين نساءً ورجالاً.
وبعد ذلك تطورت عملية الكتابة وتنوعت حتى وصلت للرموز المختلفة وللكتابة الرقمية التي حولت العالم تكنولوجياً لقرية صغيرة وغزت الفضاء ورصدت الكواكب مثل ما حدث قبل أيام في "جامعة هارفرد" في ولاية "ماساتشوسيتس" الأمريكية حيث تم تشغيل تلسكوب جديد مصمم خصيصا لغرض واحد وهو البحث عن إشارات مصدرها حضارات لكائنات خارج كوكب الأرض. يقوم جهاز البحث الخاص بهذا التلسكوب بـ"تريليون" (=واحد إلى يمينه 12 صفرا) عملية حسابية في الثانية الواحدة، ويوسّع مدى تغطية بمقدار 100.000 مرة ضعف التغطية السابقة للبحث في السماء." وسيقوم جهاز المعالجة الخاص بالتلسكوب بمعالجة قدر من المعلومات تعادل محتويات كافة الكتب المطبوعة على الأرض حاليا في كل ثانية واحدة. عمليات الرصد هذه اعتمدت على الكتابة الرقمية للأشعة الضوئية، ولكم أن تتصوروا أننا نكتب الضوء وندون الصوت لنصل لمعلومات هامة تتعلق بمستقبل حياتنا الإنسانية والحضارية كما يفعل هذا التلسكوب وتفعل الطائرات والقطارات والسفن والمركبات الفضائية والأجهزة الطبية والأقمار الصناعية والهواتف النقالة والإذاعات والقنوات الفضائية عبر حاسبات الكترونية لها لغة تكتب بها من أجلنا ومن أجل مستقبلنا في عالم أصبح فهمه مستعصياً على الكثيرين!!
من هنا يتضح أن التكنولوجيا التي تستخدم الكتابة والأحرف الالكترونية لغة أصبحت هي مربط الفرس لمن يود أن يحيا في هذا الكون في مقبل الأيام القليلة القادمة، وهو أمر يستدعي الانتباه إليه خاصة بالنسبة للأجيال الآتية من أبنائنا حتى يستطيعون العيش في توافق مع عالم جديد يختلف عن الذي كنا عليه قبل سنوات بل أشهر وأيام قليلة مضت.
إذن فللكتابة الدور المعلّى في خلق التواصل المعرفي والإنساني بين الناس، كما أن تقنية الكتابة عبر الوسائط التكنولوجية المتاحة تحتاج لأسس تختلف عما تعودنا عليه حين نكتب في الصحف والمجلات والكتب والتي هي نفسها ستحتاج لوسائل وتقنيات أخرى تختلف كذلك عما عرفناه في طريقتنا التقليدية للكتابة وقوانينها وأعرافها المتفق عليها.
وقبل أن نناقش أهمية الكتابة الورقية والتأكيد على قيمة وجودها والحرص على تطورها حتى لا تندثر في ظل طغيان الكتابة الإلكترونية وتختفي المكتبات تدريجياً عن خارطة الوجود، نركز في البدء على أسرار الكتابة في الإنترنت عبر المواقع والمنتديات القائمة للحوار وعبر الرسائل البريدية الإلكترونية التي كادت أن تقضي على أدب الرسائل القديم عن طريق البريد والذي هو بدوره تحول إلى مكاتب للخدمات الحياتية اليومية أكثر منه إلى ناقل للرسائل الإنسانية المختلفة.. ونواصل..
مدخل للخروج:
كتبنالك.. على خيوط المطر و الغيم وقلنالك.. إنك يوم تخلينا و خاطر السكة يحلالك.. بتفقد أحلى ما فينا وبتخسر شوق معزتنا وحنين جالك.. و كنت في يوم معاي ماسك عصاية موسى في شمالك.. و كان في يمينك القمرة و شمس مبهورة بى حالك..
هذا المقال منقول من عمود يخطه الطبيب الرائع الشاعر المرهف د. معز عمر بخيت ولكم وله كل التحايا ودمتم
ذكر المؤرِّخون أنَّ أول من كتب بالعربية ووضعها إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام فقد ورد عن ابن عباس ( أنَّ أول من كتب بالعربية ووضعها إسماعيل بن إبراهيم على لفظه ومنطقه ). ويقال أنّ الله تعالى أنطقه بالعربية المبينة وهو ابن أربع وعشرين سنة.
وليس خافياً أنَّ العرب قبل الإسلام كانوا أقرب إلى الأميّة منهم إلى العلم والثقافة وليس معنى ذلك أنه لا يوجد فيهم من يُحسن القراءة والكتابة وإنما كانت نسبة المتعلمين منهم قليلةً جداً حتى لتشير بعض المصادر إلى أنّ الذين كانوا يمارسون القراءة والكتابة عند ظهور الإسلام لا يتجاوزون بضعة عشر رجلاً في المدينة وحدها.
وأبلغ شاهد على أهمية الكتابة تلك الرواية التاريخية التي تشير أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قد طلب من بعض أسرى قريش في معركة بدر من الذين لم يقدروا على فداء أنفسهم بالمال أنْ يعلِّم كل منهم عشرة من أطفال المسلمين القراءة والكتابة.
يقال أن الإسلام دخل وفي قريش سبعة عشر رجلاً يستطيعون الكتابة ومنهم على سبيل المثال عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعثمان بن عفان وأبو عبيدة وطلحة ، أمَّا النساء اللواتي كنَّ يكتبن فمنهنَّ: الشفاء بنت عبد العدوية من رهط عمر بن الخطاب وحفصة بنت عمر زوج النبي صلى الله عليه وسلَّم وأمُّ كلثوم بنت عقبة.. وكانت عائشة تقرأ المصحف ولا تكتب وكذلك أمّ سلمة.. ولقد انتشر الخطُّ العربي في صدر الإسلام في بداية رسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلَّم حيث أنه يٌعدُّ بحقٍّ أول من عمل على نشر تعليم الكتابة بين المسلمين نساءً ورجالاً.
وبعد ذلك تطورت عملية الكتابة وتنوعت حتى وصلت للرموز المختلفة وللكتابة الرقمية التي حولت العالم تكنولوجياً لقرية صغيرة وغزت الفضاء ورصدت الكواكب مثل ما حدث قبل أيام في "جامعة هارفرد" في ولاية "ماساتشوسيتس" الأمريكية حيث تم تشغيل تلسكوب جديد مصمم خصيصا لغرض واحد وهو البحث عن إشارات مصدرها حضارات لكائنات خارج كوكب الأرض. يقوم جهاز البحث الخاص بهذا التلسكوب بـ"تريليون" (=واحد إلى يمينه 12 صفرا) عملية حسابية في الثانية الواحدة، ويوسّع مدى تغطية بمقدار 100.000 مرة ضعف التغطية السابقة للبحث في السماء." وسيقوم جهاز المعالجة الخاص بالتلسكوب بمعالجة قدر من المعلومات تعادل محتويات كافة الكتب المطبوعة على الأرض حاليا في كل ثانية واحدة. عمليات الرصد هذه اعتمدت على الكتابة الرقمية للأشعة الضوئية، ولكم أن تتصوروا أننا نكتب الضوء وندون الصوت لنصل لمعلومات هامة تتعلق بمستقبل حياتنا الإنسانية والحضارية كما يفعل هذا التلسكوب وتفعل الطائرات والقطارات والسفن والمركبات الفضائية والأجهزة الطبية والأقمار الصناعية والهواتف النقالة والإذاعات والقنوات الفضائية عبر حاسبات الكترونية لها لغة تكتب بها من أجلنا ومن أجل مستقبلنا في عالم أصبح فهمه مستعصياً على الكثيرين!!
من هنا يتضح أن التكنولوجيا التي تستخدم الكتابة والأحرف الالكترونية لغة أصبحت هي مربط الفرس لمن يود أن يحيا في هذا الكون في مقبل الأيام القليلة القادمة، وهو أمر يستدعي الانتباه إليه خاصة بالنسبة للأجيال الآتية من أبنائنا حتى يستطيعون العيش في توافق مع عالم جديد يختلف عن الذي كنا عليه قبل سنوات بل أشهر وأيام قليلة مضت.
إذن فللكتابة الدور المعلّى في خلق التواصل المعرفي والإنساني بين الناس، كما أن تقنية الكتابة عبر الوسائط التكنولوجية المتاحة تحتاج لأسس تختلف عما تعودنا عليه حين نكتب في الصحف والمجلات والكتب والتي هي نفسها ستحتاج لوسائل وتقنيات أخرى تختلف كذلك عما عرفناه في طريقتنا التقليدية للكتابة وقوانينها وأعرافها المتفق عليها.
وقبل أن نناقش أهمية الكتابة الورقية والتأكيد على قيمة وجودها والحرص على تطورها حتى لا تندثر في ظل طغيان الكتابة الإلكترونية وتختفي المكتبات تدريجياً عن خارطة الوجود، نركز في البدء على أسرار الكتابة في الإنترنت عبر المواقع والمنتديات القائمة للحوار وعبر الرسائل البريدية الإلكترونية التي كادت أن تقضي على أدب الرسائل القديم عن طريق البريد والذي هو بدوره تحول إلى مكاتب للخدمات الحياتية اليومية أكثر منه إلى ناقل للرسائل الإنسانية المختلفة.. ونواصل..
مدخل للخروج:
كتبنالك.. على خيوط المطر و الغيم وقلنالك.. إنك يوم تخلينا و خاطر السكة يحلالك.. بتفقد أحلى ما فينا وبتخسر شوق معزتنا وحنين جالك.. و كنت في يوم معاي ماسك عصاية موسى في شمالك.. و كان في يمينك القمرة و شمس مبهورة بى حالك..
هذا المقال منقول من عمود يخطه الطبيب الرائع الشاعر المرهف د. معز عمر بخيت ولكم وله كل التحايا ودمتم