تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : صديقتى السودانية التى غيرت مجرى حياتى



هشام شيخ الدين
04-07-2006, 11:28 PM
فى عام 1980م كنت أسكن حى منفوحة بالرياض ، وكان أول منزل زوجية يضمنى مع أم عيالى وحبى الكبير زوجتى على سنة الله ورسوله ورفيقة دربى (درية) ، وكانت جارتنا فى ذلك الزمان سودانية فاضلة تدعى (نجاة) وزوجها أيضاً رجل فاضل للغاية ويدعى (السر) ، وشقيق نجاة ويدعى حسن ، وحيث أن الغربة صعيبة جداً فى ذلك العهد القديم فقد كان من الطبيعى أن نحافظ على هذا الجوار وهؤلاء الجيران ، فهم صاروا يمثلون لنا الأهل والأصدقاء والأقارب وليس فقط الجيران ، وبالفعل إستمرت عشرتنا مع هذه الأسرة حتى يومنا هذا ،

كانت (نجاة) من نوعية المرأة السودانية العصامية المكافحة ، وقد قامت بمسئوليات فاقت كثيراً ما يقوم به زوجها تجاه ابنائه وأسرته وما زالت تقدم الكثير ، فخرجت (نجاة) لسوق العمل ، فى وقت كان فيه عيبا وعارا خروج المرأة من بيتها فى السعودية ، إلا أنها لم تكترث بالمعتقدات والموروثات ، بل كانت تخرج متحشمة وواثقة من نفسها ، وصارت تعمل وسط الخواجات والسعوديين وبقية خلق الله الموجودين بالمملكة وبكفاءة عالية ،


فى يوم من الأيام إلتقت نجاة سودانيا فاضلا يدعى (محمد عثمان سليمان) من ابناء العالياب ، وهو نموذج للسودانى الجعلى الشجاع الشهم إبن البلد الأصيل ، تخرج محمد عثمان سليمان من معهد البريد والبرق ، ويعرف لغة التلغراف ، وإلتقى وقتها فى الرياض بخواجات يؤسسون شركة جديدة فى الرياض وإسمها AES ، وكانت هذه الإيه إى إس عبارة عن منتجى أجهزة ال word processors ، وهى شركة بريطانية تقوم بعمل ما يعرف اليوم ببرنامج ال word لإعداد وتحرير المراسلات ، أى بديلا الكترونيا للآلة الكاتبة ، ويرفق مع الجهاز (الكونسول) وشاشة وطابعة ، وقد سبقت ظهور ال PC's بكثير ، إذ لم تكن الكمبيوترات الشخصية موجودة وقتها ، وبالتالى كان لهذه الشركة السبق فى إدخال أجهزة الكمبيوتر فى المملكة العربية السعودية

ذكر محمد عثمان سليمان لنجاة أنه تم تعيينه فى هذه الشركة ليكون مديراً لتدريب العملاء الذين يقومون بشراء الأجهزة الجديدة من الشركة ، وطلب منه الخواجات تعيين مدربين سودانيين يتم تدريبهم أولاً من قبل الشركة وبالتالى يكون دورهم تدريب العملاء ، فرشحتنى نجاة لمحمد عثمان دون أن تخبرنى حتى ، فيالها من إمرأة تحب لنا الخير من حيث ندرى ولا ندرى ، فأعطاها محمد عثمان الضوء الأخضر لمقابلتى ، وبالفعل جاءت إلى المنزل تزف إلى البشرى بالوظيفة الجديدة

ذهبت صبيحة اليوم التالى وإلتقيت الأخ محمد عثمان ، وهيأ لى أمر المقابلة مع الخواجات ، وإجتزت المعاينات بنجاح وتم تعيينى مدربا لدى الشركة الإنجليزية ، وهنا تغيرت حياتى تغييراً كبيراً وكان الجميع يشيرون إلى (سعد) زوجتى ورزقها الوفير ، فلم تكن الشركة تبخل علينا بشىء خصوصا وأن مبيعاتها فاقت الملايين فى وقت وجيز ، إذ كان يباع الجهاز الواحد بحوالى عشرون ألف دولار ، وكان هذا المبلغ يعتبر مبلغاً زهيداً فى عالم الشركات فى ذلك الزمان وهو وقت طفرة المملكة العربية السعودية المشهورة ، وقد تم إبتعاثنا لبريطانيا مرتين ، ومرة فى الكويت لحضور التدريب على المنتجات الجديدة ، إذ أن أجهزة الكمبيوتر بدأت فى الظهور وصار التطور ملحوظا وشبه يوميا ولا بد من المواكبة ، وكثرت أسفارنا الداخلية والخارجية فى كرم حاتمى من الشركة وبحبوحة ، لدرجة أننى كنت آخذ معى أسرتى إلى أى مكان أذهبه وعلى حساب الشركة ، فتمتعنا بالفنادق الخمسة النجوم وبركوب الدرجة الأولى فى الطائرات الجامبو وكانت وقتها حديثة عهد فى المملكة ، ولم تكن (الفلوس) تعنى لنا شئياً وقتها ، سوى أنها ورق بنك نوت ، فكثر بالتالى حسادنا ،

بعد التوسع الكبير الذى شهدته الشركة قامت بفتح فروع جديدة فى كل من جدة والظهران ، فكانت جدة من نصيبى ، إذ تم نقلى إلى جدة مديراً للتدريب فى المنطقة الغربية للمملكة ، وتشمل جدة وينبع ورابغ والمدينة المنورة ومكة والطائف وما جاورهما، وأعطتنى الشركة شقة مفروشة مهيأة خصيصا لكبار موظفى الشركة ومعظمهم خواجات كمدير الفرع ومدير التسويق وخدمات العملاء والمدير الإدارى والمدير المالى ...الخ ، وقبلها نزلت مع عائلتى فى فندق كان وقتها يعرف بفندق نوفا بارك ، وهو فندق سويسرى ، فى وسط جدة ، وقد تم تغيير إسمه فيما بعد ليكون فندق الحمراء سوفيتيل ، وهو فندق من فئة الخمسة نجوم ، وقد بقيت فيه لمدة 36 يوماً بلياليها ، وقامت الشركة بسداد كافة المنصرفات بما فى ذلك الأكل والشرب والهاتف ، لأن الشركة وقتها كانت تجهز فى السكن الخاص بها ، ولذلك أستمتعنا بإستقبال جده العظيم لنا وفرحنا بهذه المدينة ايما فرحة ، خصوصا بعدما عشنا فيها فترة ورأيناها تمثل لنا جزء من سوداننا الحبيب ، وذلك بالطبع من واقع قربها الجغرافى من بورتسودان ، وإستقبالها لوفود الحجيج والمعتمرين منذ عهد بعيد فعشقت جدة وصارت معبودتى وحلم حياتى ، ولكل مدينة أسرارها ولكن جدة من نوع المدن التى لا تعطيك أسرارها بسهولة فازددت ولها بها وما زلت أستكشف أسرارها يوما بعد يوم

جدة وبهرجها لم ينسنا يوماً واحدا نجاة وجيرتها الحلوة ولا السر زوجها ولا (حمادة) إبنها ، ذلك الحمادة الآن (بريطانى) يعيش مع أمه (نجاة) التى حصلت هى بدورها على الجنسية البرطانية ، وأشقائه الآخرون ، وحمادة ويقود الآن سيارته وسط شوارع لندن ويتحدث إليك بلكنة تونى بلير ، وقد تخرج مؤخراً من إحدى الجامعات البريطانية العريقة ، وما زال فى منظورى كلما إلتقيه نفس ذلك الحمادة اللزيز

جدة وبهرجها وخواجاتها وفنادقها الخمسة نجوم لم تنسنى أن أزور أصدقائى ومعارفى فى غليل وحى الجامعة ومدائن الفهد والنزلة وحى الشربتلى وحى البوادى وهى من ضمن سلسلة الأحياء الشعبية ، وكل ذلك البهرج لم ينسنى يوماً أكل الكسرة وملاح الويكة والعصيدة والويكاب ، ويا لغرابة من رضع من ثدى السودان ، فحبى للقونقليز والعرديب والنبق لم يخفت يوما واحدا ،

قد يقول قائل ، ماهذا التخلف؟ فأقول تخلف بمحض إرادتنا خير من تخلف متوارث قابع لا يزول ، وحتى هذا التخلف لم يمنعنى أن أقوم بمحاضرة أربعين أو خمسين خواجة يجلسون أمامى كالتلاميذ لأعمل لهم demo على منتج جديد أو أريهم وأدرسهم كيف يستخدمون الأجهزة الآتية من بلادهم ، إذ أن معظم الشركات التى كنا نقوم بتدريب موظفيها هى من الشركات الكبيرة مثل شركة أرامكو وشركة سابيك والخطوط السعودية وغيرها من شركات البترول والغاز الطبيعى والدوائر الحكومية وحتى المنظمات الإقليمية والدولية ، ومعظم هذه الجهات متعاقدة مع الخواجات بكثرة شديدة فتفسحنا فيهم أيما فسحة ، وعلمناهم وتعلمنا منهم ،

إستمر عملى مع الشركة البريطانية زهاء الخمسة سنوات ، حتى حدثت المنافسة الرهيبة ودخلت المملكة العربية السعودية سوق الكمبيوتر بأوسع الأبواب ، وخرجت الشركة البريطانية AES من سوق المملكة بعد أن كسبت مبالغ خرافية ، وتم منحنا نقل كفالة على شركات أخرى ، وفرق الزمان بيننا وبين زملاء وأحباب ما زال صدى حبهم وذكراهم باقية فينا ما بقينا

حدثت معى الكثير من الطرائف ابان عملى مع الشركة البريطانية ، سأقوم بإفراد بعض منها فى بوستات منفصلة ، أما ما دعانى لكتابة هذا البوست اليوم لأريكم كيف يمكن لإمرأة سودانية واحدة تغيير حياة أسرة سودانية لا تمت لها ولو بصلة القرابة فما أعظم نساء السودان وما أعظم إخاءهم ومحبتهم حينما يكون هذا الإخاء نابعا من القلب وتصير العلاقة بينها وبين رجل آخر صداقة حقة لا تشوبها شائبة ولا تحدها حدود

صديقتى هى (نجاة أنور) ، البريطانية الجنسية وتعيش فى بريطانيا مع اسرتها وهى شقيقة الملياردير السودانى (حسن أنور) والمعروف بحسن كابو صاحب مصانع زبادى كابو وأعمال أخرى كثيرة ، ولا يمكن الدخول لقصره فى الخرطوم إلا عن طريق مرورك عبر (السيكيوريتى) ، وقد كان يوما يعيش فى بيتنا المتواضع فى منفوحة بالرياض كأحد اشقائى الصغار ، وما زالت علاقتى به وببقية اسرته الكريمة كما كانت فى سابق عهدها رغم تغير الظروف ، وصديقة سودانية مخلصة كنجاة ، يمكن أن تؤدى إلى تغير أسلوب حياة كامل ، فما أعظم نساء السودان فى وقت يتساقط فيه الرجال.

zoolfrda
04-07-2006, 11:59 PM
الأخ هشام شيخ الدين لك كل الود وأنت تنقلنا بأريحية وبأسلوب سلس لنعش معك هذه السنين الجميلة وكأننا عشناها سوية

وإننا لفي شغفٍ لمعرفة ما قامت به هذه المرأة السودانية العظيمة وكيف قامت بتغيير حياتكم

دمت بخير

هشام شيخ الدين
05-07-2006, 12:51 AM
المشرف زول فرده

أحييك على الحضور الزاهى الجميل ، والتغيير الكبير الذى أحدثته هذه المرأة فى حياتى ، هو فى إيجاد هذه الوظيفة فى الوقت الذى كنت أحتاج فيه لوظيفة محترمة ، وبالتالى كانت سبب فى حضورى إلى جدة وترتب على ذلك ما عليه أنا ألان وما زالت علاقتى بها متصلة وما زالت هى نجاة الجميلة صاحبة القلب المعطاء الكبير الذى لا يعرف الحدود

شكرا مرة اخرى لحضورك الزاهى الجميل الذى أسعدنى كثيرا

114
05-07-2006, 02:25 AM
هكذا هم ا لسودانيون

مهما قيل عن تغيير الزمن لهم فهم سودانيون في الآخر

نساء ورجالاً

في السودان أم في أصقاع الأرض المختلفة

هشام شيخ الدين
05-07-2006, 02:49 AM
صدقت يا فخر المنتديات ، يا عمر

تحياتى

أبوبكرحامد
05-07-2006, 09:23 PM
لك التحية أخى هشام ... سلمت يداك ... يتملكنى إحساس أن اللوحة التى رسمتها هنا ، تكملها خلفية موسيقية ، بصوت الراحل المقيم أحمد المصطفى وهو يشدو " نحن فى السودان ... نهوى أوطانَّا " ، هى مفاخر وقيم نبيلة نرجو لها الديمومة والنماء لأجل صغارنا ، الذين نخشى عليهم من اسقاطات العولمة ، فنحن بصدق شعب مميز فى قيمه ومثله .

معتز حمدتو
06-07-2006, 12:51 AM
لك الود اخي هشام
يكفينا فخرا بان ما هي عليه الوالده نجاة بانها سليلت مهيرة بنت عبود .
وكم هن فاضلات نسائنا السودانيات ، ولكني اشبههم كما الدنيا
إن جادت بخيط العنكبوت تنقاد وان حرنت تقطع سلسل الحداد .[SIZE=6]
فلها ولاسرتها ولك ولاسرتك كل الاماني الطيبة بدوام المواصله لان المحبة في الله ليس لها حدود .

Jamal Elmahi
07-07-2006, 04:26 AM
حباب هشام ..حباب ود شيخ ألدين...
لايعرف الوفاء أأأبوي الاّ أهل الوفاء...
ولايحفظ المعروف والجميل ألاّ أهل المعروف والجميل...
فهذا يدل علي أصالتك وكريم خلقك فالاشاده بك أنت أولاّ وبنجاة ثانياَ....

ودمتم

ود الماحي

هشام شيخ الدين
11-07-2006, 02:21 AM
معتز حمدتو
جمال الماحى

لقد أخجلتم تواضعى بكلمتكم النيرة

اشكر لكم الحضور والمشاركة فمثل نجاة لا يمكن أن تنسى مدى الأزمان

تحياتى

كسلاوي
12-07-2006, 08:41 PM
ما أجمل هذا الوفاء أخي هشام الدين ، وتلك حواء السودان دوماً تضرب أروع الأمثلة في كل ضروب الحياة ، ولكم افتخرت بنجاة وأسأل الله أن يحفظها ويحفظ ذريتها ويوفقها في حياتها ويوسع لها في رزقها............

هشام شيخ الدين
15-07-2006, 12:26 AM
شكرا للحضور الزاهى الجميل أخى وحبيبى كسلاوى

الميرغنابي
15-07-2006, 02:21 AM
الاستاذ/ هشام شيخ الدين
سلامات ياشيخ العرب
حقيقة قصتك في كامل روعتها
وتفاصيلها جميلة جداً
عكست لينا الوجة الجميل من الخصال السودانية
التي لا يغيرها الزمن ولا تبليها الايام
ولا تحكمها حدود الامكنه..
تحياتي

تخريمة
انت عارف .. يا هشام
الرفاهية العشتوها انتو زمان..
هي الجابتنا السعودية..
بس لقيناها سراب...!
وهسي كايسين اليمرقنا منها..!
فضلنا نقول .. الشبكنا يخلصنا..

هشام شيخ الدين
15-07-2006, 04:44 AM
الأخ الميرغنابى

أولا أشكرك على الحضور والمشاركة ، ثم أسأل الله لك أن يرد غربتك سالماً غانماً فقد توقفت طويلاً عند الفقرة الأخيرة فى كلامك ووجدت فيها بعض حسرة إذ تغيرت فعلاً أوضاع كثيرة فى المملكة وفى دول المهجر عامة ، بل فى العالم قاطبة ، واصبح (المغترب) كالقابض على الجمر وصارت الآمال العريضة إلى (سراب) فى أكثر الأحايين

يا ميرغنابى ، عزنا وفخرنا وسندنا ورأينا وكنزنا وحريتنا وحياتنا ومماتنا هو:

الســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــودان

السلامى
15-07-2006, 11:10 PM
السودانى أخى هشام مهما طال الذمن وعركته الحياة بحلوها ومرها الا أنه لاتتغير فيه القيم المثللى التى جبل عليها الا ما ندر وتلك القصة وأقع أعتبره أمتداد طبيعى لاصالة ومعدن السودانين فلك الشكر على تلك اللفتة البارعة

هشام شيخ الدين
16-07-2006, 04:19 AM
ولك الشكر يا السلامى على ردك الواضح الجميل

تحياتى وتجدنى أوافقك الرأى

نزار حسن محمد
04-08-2006, 10:07 PM
الرائع الاخ..هشام شيخ الدين.. اصيل ياهشام .. سعدته جدا بشتراك اشخاص مثلك فى منتدانا الحبيب ودمدنى نتوقع منك المذيد ودمتم ياغالى ... لك الود اخوك نزار حسن

هشام شيخ الدين
12-08-2006, 11:53 PM
تسلم يا نزار وده من زوقك

أبوبكرحامد
14-08-2006, 01:54 AM
لك التحية أخى هشام ... سلمت يداك ... يتملكنى إحساس أن اللوحة التى رسمتها هنا ، تكملها خلفية موسيقية ، بصوت الراحل المقيم أحمد المصطفى وهو يشدو " نحن فى السودان ... نهوى أوطانَّا " ، هى مفاخر وقيم نبيلة نرجو لها الديمومة والنماء لأجل صغارنا ، الذين نخشى عليهم من اسقاطات العولمة ، فنحن بصدق شعب مميز فى قيمه ومثله .
الأخ الحبيب هشام ... لك التحية ، ويازول بطل الخرف ورد علينا ههههه ، أكيد مازعلان لكن غاضب " هسى الفرق شنو ؟ " ههههه ، بس حبيت أشاغلك

مدنيّة
14-08-2006, 03:20 AM
لله عباد اختصهم بقضاء حوائج الناس حببهم في الخير وحبب الخير فيهم وهذه واحدة منهم اخوي يديك العافية يارب وكمان بعد تجي من جدة يسكنك الصافية :d