المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شاب سودانى يسرق مليون فى جدة ويحكم عليه بقطع يده ويخرج منها زى القشة من العجين



هشام شيخ الدين
19-07-2006, 01:51 AM
حكى لى صديقى نديم عدوى ، والذى عمل بالمراسم طوال فترة النميرى ، وحتى فى الحكومات التى سبقت نميرى ، وكذا فترة الديمقراطية الثانية ، حتى أحيل للصالح العام فى عهد الإنقاذ ، حكى لى الكثير من الحكايات عن تلكم الفترة من فترات السودان العجيبة ، فنديم يعتبر كنز من كنوز السودان ، فهو يحمل فى مذكراته وفى ذاكرته الكثير المثير الخطر ،

القصة التالية حدثت فى حضرة نديم بمنزل السفير السودانى بجده ، عندما كانت كل السفارات فى جدة وقبل نقلها للعاصمة السعودية الرياض ، كان سفيرنا وقتها المرحوم الفاتح بشارة ، أسأل الله له فسيح جناته ،

قال كنا فى سهرة فى بيت السفير السودانى ، نتجاذب أطراف الحديث حول هموم الوطن ، وكان ذلك فى يوم صادف (الأربعاء) نهاية الأسبوع فى السعودية ، فإذا بضجة كبيرة وجلبة عند الباب الرئيسى كان مبعثها سيارة تاكسى تحمل رجلاً وإمرأة من السودان كبيران فى السن ، وقد أتوا من المطار مباشرة إلى منزل السفير ، فمنعهم البواب من الدخول ، حتى جاء (إبراهيم) سائق السفير وحارسه الخاص ، فهمس فى أذن السفير أن هنالك رجل وإمرأة يركبون تاكسى ويصرون على مقابلة سعادتكم ، فأذن له الفاتح بشارة بأن يدخلهما ، فدخلا عليهم وهم فى حالة يرثى لها من الحزن والبكاء ، وحكيا قصتهما فقالا للسفير ، أن لهم إبن صغير فى السن ومغترب ، وهو وحيدهم وليس لهم إبن سواه ، وقد إتهم هذا الفتى بالسرقة وتمت محاكمته حسب شرع الله ، وكان الحكم أن تقطع يده يوم الجمعة ، أى بعد يومين من حديثهم هذا ، والقصة حدثت حينما كان الفتى يعمل فى الشحن الجوى فى المطار ، وكانت الأموال والبضائع تنقل عن طريق الشحن الجوى ، وكانت الأشياء وقتها تتم فى شىء من الفوضى ، فتمكن الفتى من أخذ (كيس) كبير به مبلغ من المال ، وأخرج الفتى الكيس من المطار ، وذهب به إلى المنزل ، وهناك فى المنزل فتح الكيس ، فإذا المبلغ يقارب المليون ريال سعودى عداً نقداً ، ونسبة لصغر سن الفتى ، فقد فجع فى هذا المبلغ الكبير ، وبهت ، وألجمته الدهشة ، فالمبلغ فوق ما يتصوره الولد ، وبعد تفكير شديد ومحاسبة ضمير قرر الفتى أن يعيد (الكيس) إلى المطار ، فالتجربة بالنسبة إليه رهيبة وأكبر من سنه ، فذهب إلى المسئول فى المطار وأعاد إليه الكيس ، واعترف الولد بأنه أخذ الكيس إلا أن الضمير لديه قد إستيقظ وهاهو يعيده كاملاً غير منقوص ، فقام المسئول بإبلاغ الشرطة ، وتم القبض على الولد ، وحولوه إلى المحاكم الشرعية التى افتت بقطع يده عملاً بشرع الله ، ولم تشفع له مسألة إعادة الكيس إلى السلطات نتيجة الجهل المتفشى وسط السعوديين فى ذلك الزمان ، وسيتم القطع فى وسط البلدة فى جدة بعد صلاة الجمعة مباشرة ،

قام السفير الفاتح بشارة بتهدئة الرجل وزوجته والدى الفتى المتهم بالسرقة والمحكوم عليه بالقطع ، وطلب من (إبراهيم) أن يحسن وفادتهم وأن يهىء لهم غرفة ليبيتوا فيها ، فانصرف الرجل والمرأة مع إبراهيم إلى مكان إضافتهم

قال لى نديم ، قام السفير بعد ذلك مباشرة بالإتصال بمدينه الرياض بسمو الأمير / محمد بن عبدالعزيز آل سعود ، رحمة الله تتغشى قبره الشريف ، وكان ذلك الأمير رجلاً مهاباً ذا كلمة مسموعة ، فهو الشقيق الأكبر للملك خالد بن عبدالعزيز ، ملك المملكة العربية السعودية فى ذلك العهد (رحمه الله) ، وكان الأولى أن يكون الأمير محمد هو الملك الحقيقى ، إلا أن الروايات تقول أنه تنازل عن حكم البلاد بمحض رغبته ، وكان له ذلك ، على أن تكون كلمته مسموعة حتى على الملك خالد نفسه ، وقد كان ذلك الأمر فعلاً ، حتى إنتقل سموه إلى الدار الآخرة عليه رحمة الله ورضوانه ، وكانت تربطه صلات مميزة ورائعة بإخوانه السودانيين ، وقد سمعت عنه عشرات الحكاوى التى تؤيد ذلك

فشرح السفير لصديقه الأمير حكاية الولد ، وعن الظلم الذى حاق به ، وعن كيف ان والد الفتى وأمه موجودان لديه فى الدار وأن حالهم يرثى لها خصوصا وهو وحيدهم وفلذة كبدهم الذى يعتمدون عليه من بعد الله ، فتفهم الأمير للإشكال ، وإنتهت المكالمة بين الرجلين ، وقفلا الخط ، وواصل الجماعة سهرهم وهم يتحدثون عن أخلاق السودانيين وعن كرم الأمراء

قال لى نديم ، لم يمض وقت طويل ، حتى أتاهم عدد من سيارات النجدة لمنزل السفير ، وقال الفاتح بشارة ربنا يستر ويعدى الليلة على خير ، ماذا يحدث فى الخارج يا إبراهيم ، فجاء الرد من إبراهيم أن هنالك سيارتان من سيارات الشرطة ومعهم ضباط برتب كبيرة يودون مقابلتك ، فأذن لهم السفير ، وكانت المفاجأة إذ أن الولد المحكوم عليه كان بمعيتهم ، وأخبروا السفير أن التعليمات الملكية الصادرة إليهم هو الحجز للولد وأمه وأبيه لمغادرة البلاد بأول طائرة تغادر المملكة العربية السعودية ، وبالفعل إلتقى الولد بأمه وأبيه وراحوا يأخذون أحضان بعضهم البعض ويبكون ، حتى نهرهم الفاتح مباشرة ، خلاص يا حاج مافى وقت روح مع الجماعة ديل ، وهم لا يدرون إلى أين يروحون ، وأمر السفير (إبراهيم) بالذهاب معهم للمطار ، وركب الجميع فى سيارة الشرطة تتبعهم السيارة الأخرى وإتجهوا صوب المطار

قال لى نديم لم يمض وقت طويل حتى عاد إبراهيم من المطار ، ودخل علينا ليخبرنا أن التذاكر تم تجهيزها بواسطة الشرطة ، وأنهم لما ذهبوا للمطار كانت أول طائرة مغادرة متجهة لجمهورية مصر العربية ، فقامت الشرطة بالحجز لهم بتذاكر سفر مدفوعة بالكامل لثلاثتهم الولد وأمه وأبيه ، جدة القاهرة ، ثم ترانزيت القاهرة الخرطوم ، وقد أقلعت الطائرة فعلا تحملهم جميعا إلى أرض الوطن ومعم فلذة كبدهم سالماً معافى ، بأمر ملكى منصف أعاد العدالة إلى مجاريها وحفظ ماء وجه الولد وجبر خاطر أمه وأبيه ، بشفاعة من أمير إنسانى شهم كريم إلى أخيه وصديقه السفير السودانى الإنسان المفعم بإنسانية بلاد السودان

فما أعجب قصصك وحكاويك يا نديم ، وما أكرمك يا امير الإنسانية ، وما أعظمك يا حامل هموم المواطن السودانى الإنسان الفاتح بشارة رحمة ربى تتغشى قبرك فى الوقت الذى يشفع فيه لك عملك ويغفر لك ربك هناتك وأخطاءك لو كان لك اخطاء يا ايها الإنسان

امل حياتى
19-07-2006, 04:07 AM
يعطيك الف عافية هشام الدين على القصة الرائعة التى تتمثل فى نبل والكرم بالنسبة للسودانيين نرجو منك المزيد والمميز

هشام شيخ الدين
19-07-2006, 04:17 AM
أمل حياتى

ويديك العافية إنت كمان واشكرك على الحضور والمشاركة ، وربنا يقدرنا نزيدكم من مثل هذه الحكاوى

تحياتى

معتز حمدتو
20-07-2006, 12:18 AM
اصبحت ابحث كل يوم بين كتابات المنتدي عن ود الشيخ وعن سرده المتمكن ادام الله عليك جميع النعم .
وين الزمن ده بالياخد 10 درهم ما برجعها خليك من مليون .
وتبقي ذكري كان وكنا وكان زمان .
دوما ود الشيخ مع البوستات الرائعة .

هشام شيخ الدين
20-07-2006, 01:46 AM
شكرا يا معتز - حمدتو على الإطراء وإن شاء الله نكون عند حسن ظنكم

تحياتى

عزيز عيسى
21-07-2006, 12:02 PM
الأخ هشام،

الولد السوداني طلع أصيل ونيته سليمة
لذلك ربنا حفظه من قطع اليد..
وتشكر على الموضوع الرائع.

الميرغنابي
21-07-2006, 11:58 PM
اخي هشام
قلمك دائماً يتميز برقة التعبير ورصانة الكلمات وسلاسة السرد
كل تلك الخصال جعلتني اقرأ المقال مرتين وكأنه يتضمن رسالة عشق من الجنس الأخر..
السوداني مهما جزبته الاغراءات الشيطانية لأرتكاب الكبائر
نجد فيه روح الضمير المؤنب صاحية لا تغفل حتي بعد فوات الأوان..
رحمة الله تغشاهم جميعا بقدر ما اعطو من جهد وخلق نبيل لأواطانهم
ولك عاطر التحايا .. يا مكتشف الابداع..

zoolfrda
22-07-2006, 12:17 AM
لك كل الشكر والتقدير أخ هشام شيخ الدين والشكر موصول للعم نديم عدوى
وندعو الله أن يديم عليكما الصحة والعافية وأن يبقيكما زخراً لنا

ورحم الله حامل هموم المواطن السودانى الإنسان الفاتح بشارة وجعل الله الجنة مثواه وجزاه عننا كل خير

ورحم الله سمو الأمير / محمد بن عبدالعزيز آل سعود ، وجعل قبره روضة من رياض الجنة وأدخله الفردوس من الجنة وجزاه عننا كل خير

هشام شيخ الدين
22-07-2006, 01:03 AM
الأخ عزيز عيسى
نعم ، فقد وقى الله الولد من قطع يده لنيته السليمة كما ذكرت ، تحياتى

الميرغنابى
أشكرك لكلامك الجميل ، وكتر خيرك كتير على الإطراء

زول فرده
والتحية لك يازول على إضافتك الثرية

وتحية لجميع القراء

همسة شوق
19-08-2006, 11:56 PM
يديك العافية اخى هشام على تلك القصة الشيقة
نتمنى من كل السودانيين ان يكونوا كما كان اجدادهم
من حيث الامانة والاخلاق وثقة الخليج خاصة فى السودانيين
لانو بصراحة كدة بقينا نحس انها انتهت


ودمتم

التيمان
02-09-2006, 11:54 AM
يعطيك الف عافية هشام الدين على القصة الرائعة التى تتمثل فى نبل والكرم بالنسبة للسودانيين نرجو منك المزيد والمميز

الزبير محمد عبدالفضيل
02-09-2006, 08:21 PM
الأخ هشام،

الولد السوداني طلع أصيل ونيته سليمة
لذلك ربنا حفظه من قطع اليد..
وتشكر على الموضوع الرائع.
__________________

هيثم بابكر
12-09-2006, 10:17 PM
حقيقة قصة رائعة يااخي هشام الرجاء المزيد من ذاكرة الاخ نديم لو امكن

الفارس البنفسجي
08-02-2007, 07:14 AM
دي اسمها القوة في الزمن الصعب
يا حليل السودان
يا حليل كلمة السودان لمن كانت بتنسمع

ربنا يعينا ويعين السودان

وليد عمر سعيد
08-02-2007, 11:27 AM
لك كل الشكر والتقدير أخ هشام شيخ الدين والشكر موصول للعم نديم عدوى
وندعو الله أن يديم عليكما الصحة والعافية وأن يبقيكما زخراً لنا

ورحم الله حامل هموم المواطن السودانى الإنسان الفاتح بشارة وجعل الله الجنة مثواه وجزاه عننا كل خير

ورحم الله سمو الأمير / محمد بن عبدالعزيز آل سعود ، وجعل قبره روضة من رياض الجنة وأدخله الفردوس من الجنة وجزاه عننا كل خير

Bet-alsudan
08-02-2007, 11:45 PM
الامانة ثم الامانة ثم الامانة ....... الحمد الله ان طلع امين

114
12-02-2007, 09:23 AM
شكرا هشام العزيز

ويبدو لي القاضي ده ما سمع بالحديث الشريف: (ادرءوا الحدود بالشبهات)؟


لانو بصراحة كدة بقينا نحس انها انتهت


همسة شوق، ما زالت موجودة، رغم الاستثناءات التي تثبت القاعدة، إذ لك قاعدة استثناء..