المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصة طالوت وجالوت وداؤد عليه السلام



امل حياتى
23-08-2006, 11:28 PM
جالوت

حكم جالوت الأرض المقدسة ، و راح يقتل رجال بني إسرائيل و يستعبد نساءهم ، ثم شرّدهم من أرضهم ، و أخذ منهم صندوق العهد .

وفي تلك الفترة بعث الله إليهم نبياً هو " أرميا " ( عليه السلام ) فراح يعظهم ، ويذكرّهم بتعاليم التوراة .

قال لهم : إنكم ضعفتم لأن الأيمان في قلوبكم أصبح ضعيفاً . . انتم تحبون الذهب أكثر من ربّ العالمين ، تخافون من الوثنيين و لا تخافون من الله . .

وندم بنو إسرائيل و عادوا إلى تعاليم الدين فعاد الأيمان إلى قلوبهم .

ذات يوم جاء بعض المؤمنين إلى نبي الله أرميا ( عليه السلام ) و قالوا له :

ـ لقد قهرنا جالوت ، و أذلنا بظلمه . . فاسأل الله أن يبعث لنا قائداً و ملكاً لنقاتل تحت لوائه في سبيل الله .

قال النبي ( عليه السلام ) :

ـ إذا كتب الله عليكم القتال فهل تطيعوه حقاً ؟

قالوا :

ـ بالطبع سنقاتل . . و لماذا لا نقاتل في سليل الله و قد أُخرجنا من ديارنا ؟

قال النبي أرميا ( عليه السلام ) سوف أدعو الله من أجلكم .

و مضت مدّة من الزمن و كان بنوا إسرائيل ينتظرون أمر الله سبحانه .

و ذات يوم جاء النبي أرميا ( عليه السلام ) و أعلن البشرى :

ـ أن الله قد بعث لكم طالوت ملكاً .

فمن هو طالوت و ما هي قصته مع بني إسرائيل ؟

طالوت :

كان طالوت شاباً فقيراً . . انه من ذرية بنيامين . . بنيامين شقيق يوسف . .

كان طالوت يعمل في الحقل مع والده ، عندما انتبه الى إنّ حماريهما قد ذهبا بعيداً .

راح طالوت يبحث عن الحمارين ، فأخذ شاطئ النهر ، كان يمشي و يبتعد عن قريته ، مقترباً من قرية أخرى . . في تلك القرية كان يعيش النبي أرميا ( عليه السلام ) .

لهذا فكّر طالوت أن يذهب إلى النبي ( عليه السلام ) و يسمع موعظته . .

عندما كان النبي يبشر بني إسرائيل بان الله قد اختار لهم طالوت ملكاً رأوا من بعيد رجلاً طويل القامة قادماً نحوهم .

الجميع عرفوه انه طالوت . . طالوت الرجل القوي .

كان طالوت قوياً مفتول العضلات ، و لكنه لم يغترّ بقوته . . عيناه تتألقان بنور سماوي يعكس نورهما ما تموج في قلبه من روح الإيمان و التواضع .

نادى النبي مرحباً به :

ـ مرحباً بك يا طالوت . . لقد بعثك الله إلينا . . لتدفع عن المؤمنين الظلم .

قال طالوت :

ـ يا نبي الله لقد جئت أبحث عن حماري .

قال النبي :

لقد شاء الله أن تأتي إلى هنا . . ان الله قد اختارك ملكاً على بني إسرائيل لتنقذهم من ظلم العدو .

قال طالوت :

ـ إنني رجل فقير كما ترى . . الناس لا يسمعون للفقراء إنهم يطيعون الأثرياء فقط .

قال النبي :

ـ أن القيادة و الملك لا علاقة لها بالمال . . ولقد آتاك الله قوّة في الجسم وسعة من العلم و لقد اختارك الله لهذه المهمّة .

سكت طالوت ، أن النبي لا يتحدّث من نفسه أن الله قد أوحى إليه . . ولا بدّ من طاعة النبي .

لهذا سكت طالوت . . رضي بالقيام بهذه المسؤولية .

البعض فرحوا بذلك ، ولكن كثيراً من بني إسرائيل كانوا ينظرون إلى طالوت بحقد .

أن طالوت رجل فقير وأن الأثرياء هم وحدهم الذين يحكمون .

قال الأثرياء :

ـ كيف يكون ملكاً علينا ؟! إننا أحق بالملك منه . .

قال أرميا ( عليه السلام ) :

ـ أن الله قد اختاره للملك لأنه أقوى منكم و أعلم .

قالوا :

ـ إذا كان الله قد اختاره ، فإننا نريد علامة على ذلك . . نريد آية :

قال النبي ( عليه السلام ) :

ـ إن آيته أن يأتيكم صندوق العهد الذي فيه ميراث موسى وهارون .

قالوا :

ـ كيف ؟!

قال النبي :

ـ اذهبوا إلى الصحراء و سوف ترون ذلك بأعينكم .

سكت بنو إسرائيل ، لم يبق أمامهم إلاّ أن يسلّموا لإرادة الله ، ولكن كيف سيأتي صندوق العهد ؟!

هكذا راحوا يتساءلون .

قال النبي ( عليه السلام ) :

ـ سيأتيكم الصندوق تحمله الملائكة . . فهل تريدون آية أكبر من ذلك ؟!

وخرج بنو إسرائيل إلى الصحراء يترقبون المشهد المثير .

وجاءت اللحظة المرتقبة و رأى بنو إسرائيل صندوق العهد و قد غمرته أنوار الملائكة .

وهبط الصندوق المقدس برفق ، وشعر بنو إسرائيل بالسكينة والإيمان يملأ قلوبهم . . ها هو صندوق العهد رمز عزتهم يعود إليهم مرّة أُخرى .

وهكذا أصبح طالوت ملكاً على بني إسرائيل و ساد النظام حياتهم .

الامتحان :

أعلن طالوت انه يستعد للجهاد في سبيل الله ، وأن على بني إسرائيل ، أن يتهيئوا للحرب ضد جالوت الظالم .

مرّة أخرى تناسى بنو إسرائيل العهد الذي قطعوه على أنفسهم لقد طلبوا من النبي أن يبعث الله لهم ملكاً ليقاتلون معه في سبيل الله سبحانه و استجاب لهم واختار لهم طالوت .

عندما أعلن طالوت انه سيجاهد في سبيل الله ، تراجع بنو إسرائيل و خانوا العهد .

القليلون فقط استجابوا لطالوت . . كانوا مؤمنين بالله مطيعين لنبيهم و ملكهم .

أمّا الأكثر فقد كانت تميل إلى حياة الذل والعبودية . و لكن طالوت والمؤمنين استطاعوا أن يؤلفوا جيشاً من بني إسرائيل .

وأعلن طالوت انه سيزحف بالجيش في الصباح . عندما أشرقت الشمس كان الجنود يستعدون للتحرك ، والإيمان يملأ قلوبهم باستعادة أرضهم و بلادهم وقهر الكفار .

في الطريق أعلن طالوت بياناً هاماً .

ـ أيها الجنود سوف يصادفنا نهر . . أن الله سبحانه يريد امتحانكم . .

سأل جندي :

ـ وما هو الامتحان أيها القائد ؟

قال طالوت :

ـ لا تشربوا من النهر ، إن من يشرب منه فليس مني ، ومن لم يشرب منه فانه مني . . إلاّ من اغترف غرفة واحدة بيده .

واستأنف الجيش طريقه إلى أن وصل النهر .

كثير من الجنود ركضوا باتجاه النهر بعضهم اغترف منه غرفة واحدة و البعض الآخر ألقى نفسه في النهر وراح يشرب ويشرب قليلون جداً الذين وقفوا مع طالوت ولم يذوقوا الماء .

وعبر الجيش النهر يقودهم طالوت .

من بعيد رأى الجنود جيش جالوت . .

كان جالوت راكباً فوق فيل كبير ، و وراءه مئات الجنود في صفوف منظمة .

كان جيش جالوت كبيراً و مجهّزاً بأحسن الأسلحة .

وكان جالوت مخيفاً ، كأنه يرتدى درعاً حديدياً وعلى رأسه خوذة ، كان كتلة من الحديد والبأس !

الذين شربوا من النهر قالوا خائفين :

لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده !

أما الذين لم يشربوا من النهر فقالوا بثقة :

ـ كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله . . والله مع الصابرين .

وعرف الجميع أن الله قد امتحن إرادتهم بالنهر .

ضعفاء الإرادة شربوا منه فأصبحت معنوياتهم ضعيفة ، أما أقوياء الإرادة فقد امتنعوا عن شرب الماء ، كانت إرادتهم قوية وإيمانهم قوياً ، فكانت معنوياتهم عالية .

وتقابل الجيشان و كان جالوت يعتقد انه سوف يسحق جيش طالوت ، فماذا حصل ؟

حجارة الانتصار :

في قرية بيت لحم كان شيخ يعيش مع أولاده الأربعة .

عندما أعلن طالوت الجهاد في سبيل الله ، أرسل الشيخ أولاده الكبار الثلاثة و قال لولده الصغير :

أما أنت يا داود فستبقى معي .

قال داود :

ـ لماذا يا أبي أنني أُحب الجهاد في سبيل الله .

قال الأب .

ـ انك لم تتمرن بعد على الحرب . . ولكني سأكلفك ، بمهمة تحمل الطعام الى إخوتك و تأتيني بأخبار المعركة .

فرح داود بذلك لأنه سيشهد المعركة ، لهذا انطلق وراء جيش طالوت وهو يشكر الله .

درع موسى :

أوحى الله إلى طالوت أن الذي يقتل جالوت من يرتدي درع موسى ( عليه السلام ) فتستوي عليه .

أعلن طالوت ذلك فجاء جنود كثيرون و ارتدوا درع موسى ( عليه السلام ) ولكن لم يوجد أحد ينطبق عليه الشرط . في الأثناء وصل الفتى داود .

و رأى جيش الأيمان بقيادة طالوت يواجه جيش الكفر بقيادة جالوت .

كان جالوت مغروراً بقوته لقد قتل الكثير من الإبطال . .

ها هو يطلب المبارزة و لكن أحداً لا يخرج إليه .

سأل داود عن جالوت ، قال أحد الجنود :

ـ انظر انه هناك .

ورأى داود رجلاً طويل القامة يرتدي درعاً من الحديد و خوذة من الحديد ، تغطي رأسه كله و وجه باستثناء عينيه .

كان بيده رمح و سيف !

قال داود :

ـ لو يسمح لي طالوت بالاشتراك في المعركة فإنني سأقتل جالوت الكافر .

ضحك بعض الجنود :

ـ كيف تقتله و أنت لا تملك سلاحاً . . أنت الفتى الصغير تقتل جالوت الكبير ؟!

قال داود :

ـ أنا لا أخاف أحداً إلاّ الله سبحانه . . إنني مؤمن بالله .

كان جالوت يسخر من طالوت و جنوده لأن أحداً لا يريد مبارزته .

في تلك اللحظة تقدم داود إلى طالوت و قال :

ـ إنني مستعدّ لمواجهة جالوت :

قال طالوت :

ـ ولكنك ما تزال فتى صغيراً لم تشترك في حرب من قبل و لم تبارز أحداً .

قال داود :

ـ لقد قتلت ذئباً أراد أن يفتك بغنمي و لم يكن معي سلاح . . ثم انك لم تلبسني درع موسى ( عليه السلام ) .

أعجب طالوت بشجاعة داود وإيمانه لهذا أخرج درع موسى من صندوق العهد وألبسه داود .



ودهش طالوت رأى الدرع يستوي عليه فعرف أن الله قد اختار داود الفتى المؤمن لمواجهة جالوت الكافر .

تقدم داود إلى ساحة المعركة بقلب مملوء إيمانا و شجاعة و ليس معه سوى مقلاع وحجارة .

دهش جالوت لمنظر ذلك الفتى و هو يتقدم إليه دون سيف ولا رمح .

قال جالوت :

ـ انك ولا شك تريد أن تموت أيها الفتى . . أم انك تظن أننا نلعب مع الصبيان ؟!

ـ من قال ذلك ؟ إنني جئت لقتالك .

ـ فأين سيفك إذن ورمحك و معدّاتك الحربية ؟

قال داود :

ـ إن سلاحي الإيمان وأقاتلك باسم الله .

قال داود ذلك ثم وضع حجراً في المقلاع و استعد للمواجهة .

كان جالوت مغطى بالحديد و كان يتحرك فتهتز الأرض تحت الإقدام .

ولكن داود لم يخف و ظل ثابتاً كالجبل ، و كان جالوت يتقدّم ، وكان داود يستعد لإطلاق الحجر . لم يكن هناك مكان مكشوف من جسم جالوت سوى قسم من جبينه وعينيه .

الجنود كانوا يراقبون صراعاً مثيراً ، وكان المؤمنون يدعون الله أن ينصر داود . . أن ينصر الإيمان على الكفر .

وانطلق الحجر ، لم يرى أحد الحجر وهو يشق الهواء و لكن الجميع سمعوا صوتاً عجيباً ، و اصطدم الحجر برأس جالوت . . لقد أصاب الهدف بدقة .

مرّت لحظات رهيبة توقف جالوت عن التقدّم ثم ترنّح ليسقط فوق الأرض .

وأحدث ارتطام الحديد صوتاً رهيباً انخلعت له قلوب الكافرين .

أحدث سقوط جالوت هزيمة نفسية في جيشه و قد انتصر الفتى المؤمن على القائد العسكري . إنها قوّة الإيمان هي التي هزمت السلاح المتطور .

وهكذا هزم جيش جالوت و انتصر طالوت و جنوده .

وعاد السلام يرفرف بأجنحته البيضاء فوق الأرض ، وعاد الإيمان يملأ القلوب .

وعندما شعر طالوت بوفاته أوصى بالملك إلى داود ( عليه السلام ) .

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

( وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ * وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاء وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ) .البقرة 247/215

zoolfrda
23-08-2006, 11:39 PM
لك الشكر يا أمل حياتي وبارك الله فيك

امل حياتى
26-08-2006, 12:49 AM
مشكور اخوى زول فرده على مرورك الرائع يعطيك الف عافية

abu_ola
26-08-2006, 12:56 AM
مشكور أمل حياتي على هذه القصة اللطيفة ، و أتمني أن تواصل في سرد قصص القرآن الكريم ما أمكن لنأخذ العبرة و العظة و تعم الفائدة الجميع

بارك الله فيك أخي الكريم و جزاك عن الإسلام و المسلمين خيرا

HaSsOoN
26-08-2006, 01:24 PM
يديك العافيه ياامل حياتي وواصل في سرد هذه القصص

الزبير محمد عبدالفضيل
26-08-2006, 08:14 PM
أمل حياتي لك التحيه وفعلا دي قصه تذكر المسلمين بالصبر والقتال والشكر موصول

مدنيّة
26-08-2006, 09:51 PM
جزاك الله خير اخوي

ياريت تواصل لينا في هذه القصص

امل حياتى
29-08-2006, 11:30 PM
الاخوان ابو علا السفير حسوووووووووووون مدنية تسلموا على المرور الغالى يعطيكم الف عافية