المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وسائل النقلx غناء البنات



سمل الحلفاوى
28-08-2006, 10:24 PM
وسائل النقلx غناء البنات


تعنت النساء قديماً فقلن:
انا يا حناني .. وانا يا بلالي
قول للمسافر ليك عودة تاني
انا ما كلمتو وانا ما المتو
ده وليد السادة .. وده درب عجلتو..
ككل الاشياء ليس هناك تاريخ بعينه أو شاغرة لهذا الاغنية.. ولحسها النسوي: تعم الفائدة كل النساء في بلادي فيطلق عليها أغانى البنات. لست هنا بصدد الكلام عن الشعر أو بحوره أ, غيره لكنني يصدد تناول الظاهرة الاجتماعية والاقتصادية الكامنة وراءه.. وذلك وصولاً لفهم المجتمع السوداني..
واضح انه كان في ذلك الرمان الغابر السودان يعيش انقي الاجواء وان بيئته كانت تضاهي بيئة اليابان من حيث قلة استعمال المحروقات والضوضاء . كما ان الدراجة ارتبطت بفئة ترفل في النعيم. ورؤية اثر أي دراجة علي الارض في المنطقة الفلانية ، تنبئك بأنها دراجة فلان بن فلان الفلاني. للدراجة اثر وربما سجل مثلها مثل البصمة ، أو ان شاعرتنا من النساء المشهود لهن بالبراعة في اقتفاء الأثر(الدرب).
غير ان الوجه الآخر لوليد السادة ، لا يبدو وجهاً طيباً حسب الاغنية ، حيث يحتاج ذلك السيد الذي لم تسمه الاغنية، إلي قواعد وبروتوكولات لمخاطبته، وذلك لرقته وربما هشاشة بنيته والذليل من الاغنية عبارة : انا ما كلمتو وانا ما ألمتو. يعني سي السيد حنكوش من زمان!!! وان ظاهرة " الحنكشة في ال main road في جامعة الخرطوم، ليست البداية وانما هي امتداد لارث ثقافي في الزمن الغابر .
مثل هذا السيد ينطبق عليه مقطع الشعر الذي يقول:
يا ستار علي زولن خليقتو دقاقة
يحفي من التري ويورد من الرقراقة
والتري في العامية السودانية هي الارض المبتلة، والرقراقة هي الضوء الخفيف الذي يتسرب عبر سقف المنزلأو النافذة او الراكوبة او سقف المنزل الذي يوجد ضعف في بعض اجزائه.
اما المرأة التي يكثر اهلها او زوجها من الاهتمام بها ، يقال انهم او انه يعملون لها في "يا زبيدة ما تموعي" والزبيدة تصغير لكلمة زبدة. و تموع بمعني تذوب. أي انهم شديدو الحرص عليها، الامر الذي قد تكون له انعكاسات سلبية. كما انها شديدة الهشاشة.
أغنية اخري، لا تستسمح العربة التي يقودها ، احد عامة الناس، والا لمجد :
سائق الهنتر وعامل فيها عنتر
بس لكن ما عنتر ، دي حركات في دفتر.
يعني ان العربة ليست قدر المقام ، كما انه يبدو انه يخطط لكي ينضم الي تلك الفئة، مظهراً وليس محتوي، ولكن هيهات. " بعيد يا سما الما بتنطلع بسلم." كما يقول المثل العامي.
الغريب ان البنات تغنين لمعظم وسائل المواصلات الحديثة و لكنهن لم يتنازلن للغناء للوسائل لوسائل النقل الجماعي ورديفتها الوسائل التقليدية. ليس هناك ذكر للحمار او الجمل او الحصان او الثور ...الخ.
باستثناء القصيدة التي قيلت في رثاء موسي ود جلي ، فارس بني جرار. الذي قالت فيه شغبة المرغومابية:
يوم جانا الحصان مجلوب
وفوق ضهرو السرج مقلوب
ابكنو يا بنات حيي ووب.
ولا تنسي البنات وهن يتغنين للعربات ، من المرور بمحطات الوقود:
شل شل كب لي جالون
شل شل حسب القانون
الوابور جاز خلي يشتغل
الشغل بالجاز
خلي اللي يشتغل
ثم يصلن الي ابدأء المعرفة ببعض امور الصيانة وتحديد مناطق العطل وربما اصلاح العطب في اغنية اخري قد تفبرك لاحقاً:
وفي سنار
خلي اللي يشتغل
انحلج مسمار
خلي اللي يشتغل
انحلج مسمار
خلي اللي يشتغل
بطل العمال
ثم تأتي الفتيات، الي ذكر الماركات والتي يبدو ان لديهن المام كبير بالماركات اليابانية التي تتصدرها التويوتا. فتستعمل الكلاكسون او البوري بالعامية السودانية، اداة للتنبيه وذلك كمدخل للاغنية
تايوتا تيت
مع الالتزام بتكرار صوت الكلكسون:
تيت تيت تيت.
هذه الاغنية من اكثر الاغاني المستهلكة في رقصة العروس. ولها عند شل وتوتال وموبيل ، محطات الوقود المتعارف عليها في السودان، شأن كبير. والحمد لله ان العروس التي تقلد كل الحركات من قيادة الي الوقوف عند المحطات المذكورة انفاً لا تقوم باصدار صوت البوري من حلقها، وإلأ لصادر للحدث حديث آخر. اما محطات توتال وشل فان الذها ب اليها يكون علي طول: لي موبيل نمشي طويل
ولي توتال عزة وراحة بال
اما اغنية المهيرة ، وهي تصغير للمهرة وذلك للتمليح ، فقد توارت كثيراً وصارت في معظم الاحيان تتخذ مدخلاً لاغاني اخري. كيف لا والزمن ليس زمن جياد. ففي الوقت الذي كانت فيه جداتي يتغنين بالمهيرة:
المهيرة مهيرة السبق
يا الطيبك فاح بالحلة وعبق
يا ام كفيلاً صال وجال
يا ضميرا ً لف الشجار
الموت في شانك حلال
علي الرغم من عدم خلو الابيات من الوصف الحسي، الا ان ذلك كان شأن ذلك الزمان . ثم ان الاغنية في شاعرتها إمرأة تصف إمرأة جمال امراة اخري تعيش نفس الواقع الاجتماعي و ليس لها المام بالمفاهيم الحديثة من محاربة اضطهاد المرأة والعمل علي تقويتها، وذلك بتسليحها بالعلم والعمل والارتقاء بفهمها لوضعها الاجتماعي والدور الذي تلعبه والمنوط بها ادائه في المجتمع، والعمل علي محاربة اضطهاد المرأة مع المناداة بكامل الحقوق والحريات والأجر المتساوي للعمل المتساوي ، تلك المطالب التي ينسب الي تيار الفيمينيزم الريادة في رفعها.
هل يعقل ان توصف المرأة بتلك الصورة الكاريكاتورية، كما فعلت رابطة حلمنتيش، وذلك حينما رأي احد افرادها وكان طالباً في جامعة الخرطوم، احدي الفتيات وقد غلب عليها النعاس في المكتبة:
يا سمحة لو تعبت عيونك امشي البركس واجيب معاي المرتبة
وجوزين حمام ومخدة من ريش النعام.
وفاتني ان اذكر انه ابتدر قصيدته تلك:
نعستي يا السمحة ام جضوم
يتجازي عاد دكتور فلان
تتهد كلية العلوم
دبابة تنزل فيها رف
وما تخلي عاد في الكيميا رف
وتلف هناك علي قسم النبات اهل التفف
في أي لاب اهديك من الاشواق قفف
وارسل اسمك للجرايد والصحف
دكتورة من غير امتحان !!
لولا الطرفة التي تضمنتها الابيات لما اوردناها. فالمقام ليس مقامها...
السؤال الذي نود طرحه ، هو : لماذا الاهمال المتعمد لوسائل النقل الاخري؟ تشير اصابع الاتهام الي ان المدينة التي صارت هي الاخري ريفاً ، هي مصدر هذه الانماط الغنائية.