المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لغة الارقام



الساهر
05-08-2004, 06:36 AM
قصة قصيرة

للرقم في حياة الإنسان أهمية بالغة ، و كذلك بعد موته… فتاريخ ميلاده هو مجموعة من الأرقام ، و كذلك تاريخ وفاته… و قد يظل بعد الموت مجموعة من الأرقام أو الحسابات إذا ترك وراءه ما يورث .
غير أن للأرقام في حياة مسعود الذي منح يوم مولده مجموعة من الأرقـام هي 10ـ7ـ 1948 وضعاً خاصاً …



فقد كان أثناء دراسته الإبتدائية يكره مادة الحساب بسبب مدرس الرياضيات ... و رسب مرتين في امتحان الشهادة الإعدادية بسبب مدرس الرياضيات أيضاً ... و عندما نجح في المرة الثالثة كان ذلك في عام 1965 السنة التي توفيت فيه أخته إلى رحمة الله .

و بعد أن نجح مسعود في السنة الأولى من المرحلة الثانوية ألحقته إدارة مدرسته بالقسم العلمي لكنه رفض ذلك بشدة و انتقل الي مدرسة أخرى ليلتحق بقسمها الأدبي خوفاً من الأرقام .
أراد مسعود أن ينتقم مما يذكره دائما برسوبه مرتين متتاليتين في امتحان الشهادة الإعدادية فأخذ يتلاعب بالأرقام… يجمعها ؛ يقسمها ؛ وهو يود أن يطرحها أرضا ليطأها بقدميه ليذلها ... غير أن الأرقام هي التي تلاعبت به وأذلته … فقد اكتشف أن مجموع أرقام تاريخ ميلاده 10+7+1948 = 1965 …عام وفاة أخته !

حدث ذلك في يوم 20ـ2ـ1965 … تجرأ مسعود مرة أخرى و جمع أرقام تاريخ وفاة أخته 20+2+1965 فوجد الناتج 1987 … ذهل ؛ انكسرت نفسه … فقد كان هذا الرقم يمثل العام الذى توفي فيه والده الي رحمة الله عن 61 عاما في يوم 20ـ2ـ1987 لا قبله ولا بعده … بعد 22 سنة من وفاة أخته !

وبدون وعي أخذ مسعود يجمع أرقام كل التواريخ التى يعرفها … جمع أرقام تاريخ وفاة والده 20+2+1987 … وجد المجموع 2009 … ارتعب … فسوف يكون عمره في هذا التاريخ لو استمر علي قيد الحياة 61 عاماً … السن الذي توفي فيها والده ، و هو أيضا العام الذى سيأتى بعد 22 عاما من هذه الوفاة ؛ التى جاءت بعد 22 سنة من وفاة أخته !

استمر مسعود في عناده مع الأرقام … جمع أرقام تاريخ ميلاد ابنته الوحيدة والأخيرة لأنه لم ينجب بعد وفاتها فوجد المجموع 2009 … حيث ولدت في يوم 26ـ7ـ 1976 ؛ أدرك حينئذ أن عام 2009 لن يكون عاما عاديا بالنسبة له .

في غمرة يأسه جمع مسعود أرقام تاريخ وفاة ابنته في عيد الأم 21ـ3ـ1977 فوجد الناتج 2001 … أحس ببعض التفاؤل ، حيث كان يأمل أن يظل علي قيد الحياة حتي حلول عام 2000 ليصبح من شهود القرن الـ 21 .

ـ لاتدري نفس ماذا تكسب غدا ولا تدري نفس بأي أرض تموت…
ذلك ما علق به الشيخ عبد الهادي زوج أخته بعد أن عرض عليه مسعود ما توصل اليه من استنتاجات … كان الشيخ يعمل محاسباً يتعامل مع الأرقام بصورة يومية ، لكنه كان متدينا بدرجة كبيرة لذا لقب بالشيخ
ـ صدق الله العظيم …
عقب مسعود علي رد زوج أخته
ـ ولكن ألا تري يا شيخ وأنت محاسب أن هناك شيئا ما يجمع بين هذه الأرقام ؟
ـ استعذ بالله واقرأ القرآن يجعل الله لك مخرجاً .
استعاذ مسعود بالله ونسي موضوع الأرقام .

و في يوم 12ـ7ـ 2008 تسلم قرار إحالته للمعاش … غيّر هذه المرة من طريقة تعامله مع الأرقام ؛ استخرج الجذر التربيعي لمجوع أرقام تاريخ الإحالة وهو 2027 فوجد الناتج 45 … تذكر أن هذا الرقم يشير الى عمره عندما قام بكل هذه العمليات الحسابية في عام 1993 .

وفي يوم 10ـ7ـ2009 احتفل أفراد أسرة مسعود بعيد ميلاده الـ 61 … وفي الحفل ذكّر مسعود زوج أخته بحكاية الأرقام وبمجموع أرقام تاريخ إحالته للمعاش وهو 2027 فذكّره زوج أخته بنصيحته السابقة … استعاذ مسعود بالله كثيراً ؛ نسي الموضوع برمته وذهب الي فراشه بعد انصراف المحتفلين .

هب مسعود من نومه مفزوعاً ، فقد رأى في منامه أباه وأخته وابنته جالسين معاً في صالون منزله وكأنهم يتلقون العزاء ؛ كل منهم ممسك بآلة حاسبة يحرك أصابعه عليها وكأنه يحسب بعض الأرقام … الثلاثة يحسبونها… قال لنفسه… استعاذ بالله ؛ تفل على يساره ؛ قام فتوضأ وصلي ركعتين أذهبتا روعه و … نام مرة أخرى .

وفي اليوم التالي 11ـ7ـ2009 انتظرت زوجتة خروجه من حجرته لتناول طعام الإفطار وقراءة الجريدة اليومية كعادته كل صباح لكنه لم يخرج … طرقت بابه فلم يرد عليها … فتحت الباب فوجدته بلا حراك …
لقد فارق مسعود الحياة وعمره 61 عاما وبجواره آلة حاسبة .

في اليوم التالي ذهب الشيخ عبد الهادى لاستخراج شهادة وفاة مسعود … أثناء استلامها فكر في حكاية الأرقام … ألم يكن مسعود علي حق ؟؟ …تساءل في نفسه…
استعاذ بالله ؛ تفل على شماله … غير أن شيئاً ما دفعه لأن يجمع أرقام تاريخ الوفاة فوجد المجموع 2027 ثم … صعق عندما وجد أن ناتج جمع تاريخ إحالة مسعود للمعاش هو 2027 أيضاً … أطرق الشيخ برأسه … نادى عليه الموظف المسئول ليوقع باستلام الشهادة … تحجرت مقلتاه …
فقد كان الرقم المسلسل لشهادة وفاة مسعود هو 2027/ م !