المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لماذا سميت أغاني الحقيبة بذلك الاسم؟



سلاوي
08-09-2004, 04:17 AM
حقيبة الفن إسم راسخ في وجدان الشعب السوداني كمفهوم لأغاني حقبة معينة وثرة من تاريخ الغناء واستمرت من العقد الثاني الى بداية العقد الخامس من القرن الماضي بالسودان.
وإنداح الأسم ليشمل شعراء وفناني الحقيبة من رواد الفن الأوائل فأصبحنا نقول في عفوية شعراء الحقيبة أنفسهم فأرتضوا هذا الاسم فنجد في ديوان الشاعر عبدالرحمن الريح قصيدة بعنوان ( شعراء الحقيبة ) يقول في مطلعها :


يـاحقيـبة الفـن الأصيـــل
أنت راقية وشعرك جميل


وفي البداية لابد من تعريف جامع ومانع لما يعرف بأسم حقيبة الفن وللوصول الى ذلك فلا بد من الإجابة على بعض الاسئلة التي تفرض نفسها .


.اولها هل تعني أغنية الحقيبة تلك الأغاني التي صاغ كلماتها شعراء الحقيبة الذين ذكرهم الشاعر عبيد عبدالرحمن في قصيدة أمثال صالح عبدالسيد ابو صلاح وسيد عبدالعزيز وخليل فرح ومصطفى بطران ولى المساح وابراهيم العبادي ومحمد ود الرضى وعبيد عبدالرحمن ومحمد بشير عتيق وغيرهم الذين اعتذر لهم لعدم تمكنه من صياغة أسمائهم في القصيدة .


الأجابة على هذا السؤال بالايجاب ليست بشافية ذلك أن بعض هؤلاء الشعراء قد أمتدت بهم العمر فتغنى بكلماتهم فنانون حديثون أمثال ابراهيم الكاشف وعبدالحميد يوسف وحسن عطية وعثمان الشفيع والتاج مصطفى وعثمان حسين وابراهيم عوض وعمر احمد واحمد الجابري ورمضان حسن ومنى الخير ومحجوب عثمان وصالح سعد وغيرهم .



والسؤال الثاني الذي يطرح نفسه هو هل نعني بأغاني الحقيبة تلك الاغاني التي قام بتلحينها وأدائها وتسجيلها على اسطوانات مايعرف بفناني الحقيبة أمثال الحاج محمد أحمد سرور وعبدالله الماحي والأمين برهان وعمر البنا وخليل فرح وعبدالكريم عبدالله مختار وغيرهم.



والإجابة بالإيجاب تعجز مرة أخرى عن تحديد أغنية الحقيبة لنفس السبب المذكور أعلاه .وقد أتفق النقاد على أن أغاني الحقيبة تبدأ بتلك النقلة التي أحدثها الحاج محم أحمد سرور عام 1920 م عندما إستغنى عن الطنابرة وأعتمد على الكورس ثم أدخل ألة الرق والمثلث وتنتهي بالنقلة للغناء الحديث بمصاحبة الفرق الموسيقية وادخال اللزمة الموسيقية التي ادخلها الفنان العبقري ابراهيم الكاشف في مطلع الاربعينات ولذلك فأنها تعرف بأغنية مابين الحربين العالميتين الأولى والثانية وتعرف أيضاً بأغنية أمدرمان العريقة وكانت بيوت الافراح بأمدرمان هي مسرح تلك الاغاني وبالطبع فأن أغاني الحقيبة لاتمثل بداية الغناء في السودان ومن قبلها كانت أغاني السيرات والدوبيت والحداء وأغاني التراث كالمناحات والحماسة وأهازيج العمل الجماعي والحصاد وأغاني المهد للأطفال ونغمات المديح وإنشاد الذكر وإيقاعات الطار والدلوكة والنوبة و تقول الجدات والحبوبات عند المبالغة في القدم أن هذا الشئ أقدم من العديل والزين .


وقد تكون أغاني الحقيبة هي بداية الغناء الحديث بأمدرمان . وكان الاستاذ الدبلوماسي والشاعر الإعلامي صلاح احمد محمد صالح قد خشى على هذا التراث من الاندثار فافرد له برنامجاً بإذاعة أمدرمان عام 1945م أطلق عليه اسم ( من حقيبة الفن ) وظل البرنامج يقدم بالإذاعة منذ ذلك التاريخ إلى يومنا هذا وقد تعاقب على تقديمه عدد من الاعلاميين اشهرهم الأستاذ علي محمد شمو والمبارك أبراهيم والسر محمد عوض والأستاذ عوض بابكر الذي لايزال يواصل اعداد وتقديم البرنامج باسم حقيبة الفن .
وجدير بالذكر أن أسم حقيبة الفن ليس تصنيفاً لأغاني تلك الحقبة ولكنه أسم خطر على بال مبتدعه الأستاذ صلاح محمد صالح , أما التصنيف العلمي والفني لأغاني تلك الفترة هو ( المدرسة الفنية الأولى) كما يقول بروفيسور الفاتح طاهر في كتابه ( أن امدرمان تاريخ الموسيقى في السودان ).

سلاوي
08-09-2004, 04:19 AM
خليل فرح بدري:1894-1932

احـد المجددين في شعر الغناءالسوداني .
ولد بقرية دبروسة منطقة حلفا من أب محسي من جهة عبري ونال جزءاً من من تعليمه في خلوة الشيخ أحمــد هاشم بجزيرة صاي ثم أنتقل الى الكتاب اوالاولية بدنقـلا وجـــاء بعـدها الى العاصمة حيث التحق بكلية غوردون القديمة ونال إجازة الهندسة الميكانيكية وعمل بمصلحة البوستة والتلغراف وقد أستعـان الـبروفيسور الـراحـل على المك في تحقيق ديوان خليل فرح بملف خدمته الذي يوضح أنه من موالــــيد 1984م ولقد توفي خليل فرح في الــثلاثين مـن يونـيو 1932م بمستشفى النـهر بالخـرطوم بعـد معــاناة مع المرض . ودفــن بمقــابر أحمــد شـرفي بأمدرمان .

وبرغم أنه قد جـاء الى العاصمة صبياً وبلسان غير فصيح إلا أن عبقريته قد تجلت في إستيعابه المذهل للغة العربية فصيحها وعاميها وصاغ شعراً رائعاً بالفصحى والدارجـة وتضمن شعـره مفـردات دارجة قحة يستعصي فهمها على بعض ابناء المدن ويرجع الفضل لأبنه فرح خليل فرح في جمع وحفظ شعر والده وايضاً للسيد صـالح عكـاشة الذي اودع دار الوثــائق المــركزية مخطوطة كانت مصدراً أساسياً في تحقيق ديوان خليل فرح .

إستطاع خليل ان يرتقي بالذوق العام وأن يلهب الحس الوطني ويزكي روح النضال ضد المستعمر وأن يسهم في قضــايا المجتمــع كالحــث على العمل كقيمة اجتماعية والمناداة بتعليم المرأة , ويعتبر خـليل فــرح الاب الروحي لجميع الشعراء الوطنيين كما جاء في كتاب الاستاذ الدبـــلوماسي عبدالهادي الصديق ( نقـوش على قبـر خلــيل ) وكـان العمل الفـني يصـدر عن خليل متكاملاً كلمات ولحناً وغناء في لحظة أبداع واحدة وخليل فرح هو أول فنان سوداني يلحن الشعر العربي الفصيح ويغنيه فيضيف بذلك ثروة جديدة للغناء السوداني عندما أختار
رائعة عمر بن ابي ربيعة :

أعبـــــدة ماينسى مودتك القلب
ولا هو يسليـه رخـــاء ولاكرب

ورغم أن خليل فرح قد عاصر شعراء وفناني حقيبة الفن إلا أنه كان مدرسة فنية قائمة بذاتها .

سلاوي
08-09-2004, 04:20 AM
سيد عبدالعزيز : 1900 -1976

ولـد بحي العرب بامدرمان عام 1900م وذلك الحي الذي كان يعج بالشعر والفن والأدب فقد كان به عبـــيد عبدالرحمن وعـبدالرحمـن اـلريح وأحمــد عبدالرحيم العمري وهو صاحب مدرسة متميزة في الشعر والجزل الرقــيق فقد قال الشعر صبياً وأكمل تعليمه الأولي ثم عمل مع الأعراب في البيــــــع والشراء بزريبة البهائم ثم هجر الزريبة وسوق العرب وتعلم صنعة الحــديد حتى أصبح ميكانيكياً ماهراً وكان يستقل دراجته ليتعلم اللغة الانجـــليزية في المساء مما أهله ليشق طريقه في مصلحة النقل الميكانيكي بنجاح وأقـــــتدار وكان يغشى مجالس العلم واللغة العربية في حلقات المعهد العـــــلمي وكان كثير الاطلاع وحاد الذكاء فجاء شعره لوحات بارعة من الإتقان اللفــــــظي والمعنوي وتتجلى ثقافته وإطلاعه على التراث في قوله :

مــــابهـــم كــــــــلام النـــــــــاس زيـــــد
قلبـــــــــي الهــــــــــــــــلالي ابزيـــــد


ومن إطلاعه علم أن ملكة جمال اليونان في ذلك الزمان كان اسمها ماتريد فصاغ رائعته :


سيـــــــــدة وجماله فريد
خلقــــــوها زي ماتريد



وهو لايعني هنا المعنى القريب الذي يتبادر الىالذهن إنها خلقت كما تــــريد ولكن يعني أنها خلقت كملكة جمال اليونان ولست أدري كيف علم أن مــــياه البسفور تتدفق على الشاطئ إن زادت السفن سرعتها ليقول:

فـريد حسنــك ودلك موفـــــور
وانا دمعي يجر مجرى البسفور



ويتجلى إطلاعه على التراث في قوله :

لحاظها تخيف قائد المليون
وترهب عنتر ونابليون



والأمثلة على سعة إطلاعه كثيرة ولحلاوة شعره وطلاوته فقد تبارى عباقرة الفنانين في تلحينه وأدائه أمثال عميد الفن الســوداني الحــــاج محــمد أحمد سرور , وكروان السودان كرومة والفنان الكبير أبراهيم الكاشف وغيرهم من المبدعين ولأنه كان مطبوع الشاعرية فقد كان خفيف الظل سريع البديهة فقد روي بصوته بحلقة مع مبارك إبراهيم _ رحمهما الله _ أنــه وصــديقه الشاعر أحمد عبدالرحيم العــمري قد قامــا بزيارة بعض أقرباء من جيرانهم بالحي ولفت نظره منظر فتاة نائمة وهي مفتوحة العينين واتفقا على أن ذلك شئ مألوف ويعرف بنوم الغزلان وقال على الفور :

يجلي النظر ياصاحي منظر الإنسان
الطرفة نائم وصاحي صاحي النعسان



وبرغم أن سيد عبدالعزيز كان في الجناح المناوئ لصالح عبدالسيد عندما انقسم شعراء وفنانوا الحقيبة الى معسكرين إلا أن شعر سيد عبدالعزيز هو الأقرب الى شعر صالح غزارة في الإنتاج وجودة في الصنعة وروعة في التعبير .

وقد أنتقل سيد إلى جوار ربه في اغسطس 1976م فسكت هزار صداح.

سلاوي
08-09-2004, 04:21 AM
عبيد عبدالرحمن 1908 – 1986م

ولد الشاعر المبدع عبيد عبدالرحمن بحي العرب بأمدرمان ذلك الحي الموسوم بالفن والغناء والطرب .

تلقى تعليمه في المرحلة الأولية ولكن ظروفه حالت دون مواصلة تعليمه فعمل والده بعض حين وظل يكثر من الإطلاع على كتب التراث فيهضمها بقريحته المتوقدة وذهنه اللماح وقد برع في قول الشعر صغيراً تماماً صديق عمره سيد عبدالعزيز فقد نشأ في ذات الحي العريق فتوطدت بينهما صداقة خالدة على مر الأيام الى أخر العمر وجمعت بينهما صداقة الشاعر الأديب خالد أدم ( إبن الخياط) فراحوا يتعاطون الادب .
وعبيد عبدالرحمن صاحب مدرسة في الشعر الرصين ..
ولقد سبق معاصريه بالأخيلة المدهشة والصياغة المحكمة والكلمات الرقيقة المهذبة فقد وصفه الشاعر عبدالرحمن الريح بقوله:



كم عبيد في شعره الرصين
كان مثل اللبق الأمين
منه تظهر في كل حين
تحفة تشجى الناس اجمعين



صدر له ديوان شعر بالأشتراك مع صديقه الشاعر سيد عبدالعزيز بعنوان ليالي زمان حوى بعض المختارات ثم صدر له ديوان زمن الصبا وأخيرا صدر له ديوان من جزئين عن دار البلد للطباعة والنشر والتوزيع الأول بعنوان رسائل والثاني بعنوان غزال البر.

ومثل صديقه سيد عبدالعزيز وسائر شعراء الحقيبة فقد كان عف الحب يهتم بجمال الروح والذوق السليم فقد كان الحب العذري عنده سجية ولكنه عندما اضطر الى الوصف الحسي فقد بز جميع الشعراء الذين تنافسوا في وصف فتاة أثناء الرقص في قصيدة منظر شئ بديع ما أحلى الغزل.

سلاوي
08-09-2004, 04:24 AM
الشاعر محمد على عبد الله ( الأمى ) ( 1908-1988م )

ولد بحى الركابية بأمدرمان ويمت بصلة القرابة لفنان الجيل الخالد خليل فرح وعشا معه فترة من حياته وكان من التقاة الذين اعتمد عليهم البروفيسور الراحل على المك فى نحقيق ديوان خليل فرح .. وكان ترزيا أفرنجيا ماهرا وكان شهما كريما وكانت داره منتدى للشعراء والفنانين وصاغ دررا رائعة فى شعر الحقيبة وأنتقل بعمله الى مدينة الأبيض التى قضى بها جزءا كبيرا من حياته ولقد شهدت عاصمة كردفان على أيامه إزدهارا كبيرا فى الشعر والأدب حيث عاصره بها الشاعر الكبير المبدع سيد عبد العزيز وحدباى عبد المطلب ومحمد عوض الكريم القرشى وحميدة أبو عشر.

يوقل أصدقاؤه ومعارفه أنه كان سريع الإنفعال ومع ذلك صاغ شعرا رقيقا للغاية مثال رائعته التى تغني بها أمير العود حسن عطية ( سألته عن فؤادى).

وكان شاعرنا محمد على الأمى يتمتع بروح الدعابة وله الكثير من الاخوانيات ومن قصائده الطريفة وصفه لعربة الأستاذ الفاتح النور رئيس تحرير صحيفة كردفان – ويبدو ان البوكس الخاص به كان فى حالة يرثى لها فقال الأمى له :

بوكس الفاتح أسمع وصفه

شكله جرادة الريح بتخطفه

مرة يجن ومرة يقيف

عندو وأظنه صاحب كيف

موديله قديم وحديده مصدى

واقف ماشى فتيه ينفى و
كان الأمى مواطنا غيورا زاهد يستبد به الفرح فعندما نال السودان استقلاله عام 1956م صاح

زهرالحقول غنى

فى روضته الغنا

ورقصت غصون البان

قوم ودع الالام ماشئت اتمنى

عيدكن صبح عيدين بلقاه اتهنى

وطنك كسوة السود

حرية حرة تسود