ياسرالشيخ
31-03-2007, 11:10 AM
[iقال لى :
اخوتى جميعهم موتى , انا وحدى الذى ابقانى الله لاشقى . ونموذجا لتجربتى الشقاء والبؤس , ولدت فى بيت ينتصب فى الارض كمكوك فضاء ,, الا انه من القش .. كومة من القش مجوفة ونحن بداخله يا صديقى كالفئران , انا وامى وابى ... لا اظن انه يوجد فى هذا العالم افقر منا .. وما يحيرنى انه حتى فى بيتنا تستمر سلسلة الحياة والموت , فابى لايريد ان ينسى انه رجل . ولا امى تستطيع ان تتنازل عن انوثتها. ولولا ان الموت يحوم حولنا .. لا استطيع ابدا ان اتصور حالنا ,, فعندما يموت اجدنا , احس بان الله ياخذه رحمة بنا , وبالرغم من ذلك اجد ان امى وابى يغرقان فى بحار من الدموع .. وانا لا استطيع البكاء , لانى اعرف ان السماء خير لاخى من بيتنا , واعرف ايضا انه غدا صباحا سيشرق لنا اخ جديد. وصدقنى لا اذكر انه طال انتظارى , فسلسلة الحياة والموت كما قلت لك فى بيتنا بخير.
كنت حينها صغيرا .. ضئيلا .. كجرو , ولا اذكر اننى لبست حذاءا او سروال , كانت امى تقول لى ان الهواء يساعد على نمو اجهزة الاطفال التناسلية ,, فالبس هذا القميص .. قميص ابيك واخرج لتلعب .
ولابى قميصين نتبادلهما انا وهو .. كان ابى نحيفا شاحبا وكان دائما يرتد احد القميصين وبنطالا اسود .
وكنت دائما اسال نفسى هل يرتدى ابى سروالا تحت البنطلون ؟ هذه الحقيقة لا يعرفها احد سواهما .
رايت امى ذات مرة وهى تحلب شاتنا الوحيدة مثلى, تحاول ان تثير رجولة ابى , فهى لم تزل جميلة وبها
ما يكفينى انا وابى من لحم .. وعندما تحركت الشاة رايت مايوها الاحمر. فتنفست الصعداء فانه بالرغم من كوخ فئراننا لابد ان تكون لنا كرامة .
اذكر ان ابى قطع على حبل افكارى عندما ارسلنى لاشترى له التمباك ,وعندما يرسلنى والدى او يسرحنى لالعب لا اعود سريعا وهو دائما لا يوبخنى .
وبعد شهور رايت ان بطن امى بدات تمارس هوايتها فى التكوير .
مرة اخرى يا امى ..؟ مرة اخرى تبحثين عن الحياة بين ثنايا الفقر والموت ..؟ تعلمين انك انما تلدين للقبر. وانها ساقية جحا بينك والموت , فلماذا تصرين على هذا الجنون ؟ لماذا تصنعين الاطفال من عصير احشائك ,, وانت تدركين ان غول الحياة لا يحب فئرانك الجوعى ..؟ وانا انام فى كثير من الايام رابطا بطنى من شدة الجوع ,,فلماذا تزيدين البلوة بلاءا جديدا ؟ ام تتصورينى ساتنازل عن حليب شاتى ؟
اقسم .. لو فعلتيها وحرمتينى حليب الشاة , حينها سالحق بفئرانك المهاجرة , فانى احس ان حليب الشاة هو الذى اعطانى الحياة يا امى ,واكثر من ذلك اشعر لو ان اخوتى شربوا من هذا الحليب ..لكانوا
الان بيننا , يملاؤن علينا كومة القش هذه سعادة , ولا اجد انا مكانا انام فيه .
ايها الفار الجديد .. ايها الاتى الينا من اين لا ادرى , من قال لك ان فى الحياة حلوى ؟ هل قالت لك امى ساخذك الى الجنة ؟ الجنة التى تعنيها لك يا اخى .. كومة من القش وعنزة واحدة .. وقميصين لا ثالث لهما .. قميصين الا تفهم ..؟ هذه جنتنا يا اخى انا وانت .. لا قدر الله .. وامى وابى .. ولكن جنة شيخ الحلة اجمل من جنتنا مليون مرة , وان زوجته اجمل من امى .. لكنها تحب سعيد الجزار كما قيل .
راتنى امى ابحلق فى بطنها .. فاستدارت سريعا وقالت لى :
_ الليلى ماك ماش تلعب مع صلاح ؟
صلاح ...؟ ومن لى غير صلاح لالعب معه ؟؟ انه مثلى فى كل شئ .. الا انه له اخت تبيع الشاى .. وتضحك مع شباب القرية , وفى المساء تاتى بسلة من الخضار ودائما قطعة بسكويت لصلاح .
_ قلت لها ما ماش
احسست بانه يجب على ان لا اغادر المنزل مرة اخرى .. او على الاقل اعود سريعا اذا حاول ابى تسريحى او ارسالى لموسى الحمال زميل والدى فى المهنة .. حتى لا اعود واجد ان البيت قد امتلا بالضفادع الصغيرة .. وان الموتى قد عادوا .
قالت لى :
_ابوك قال بدور يوديك المدرسة ..
شعرت لاول مرة بمامرة تحاك ضدى , حاولت ان ادافع عن نفسى , لكن امى قالت لى :
_ ماك داير تبقى دكتور ..؟
دكتور..؟ طبيب..؟ انا اتوقع ان اصبح ترابا وتقولين لى طبيب ؟ ثم كيف لابن الحمال الا ان يكون حمالا,
كما ليس لشجرة الهجليج الا ان تعطينا هجليجا , واذا انا اصبحت طبيبا ,.. اذن ان ابن شيخ الحلة سيصنع انسانا من لحم ودم .
كفانى يا امى ان اكون حمالا للحطب كما ابى , احمل لعنة الفقر فى عنقى وفى دواخلى .. كفانى ان احمل شقوتى واهيم بها من شارع الى شارع .. ومن مدينة الى مدينة .. واعيش حمالا لماساتى التى ولدت تمشى على اربع .
قال لى :
دخلت المدرسة الابتدائية فى اليم الذى ولدت فيه اختى تمرة .. اذكر كانه الان .. عندما ارسلت لى امى صلاح صاحبى , وكنت حينها اناجى معزتى لشعورى بقرب سلبها منى , قالت لى امى :
_شوف أأألعوض .. جبت ليك شنو ؟ بتا زى القمر, تعال ادنو منها , شوفها بتشبهك كيفن ؟ شيلها ,شيلها انى جبتها ليك هدية .
_ لى انى ؟؟
_ أأأأى أأأأعشاى .
تملكنى الخجل كما لم يتملكنى من قبل ,.. شعرت بان امى كانت تعلم بما يدور فى داخلى .. فبين قلب الام
وعقل ابنها جسرا تصنعه بمشاعرها واحساس امومتها , قلت لها :
_انا بريدة أأأمى وبلعب معاها .. وكمان بديها حليب شاتى شان ما تموت .
ضحكت كزهرة تتفنح .. لاول مرة احس بانى قريب منك يا امى ,.. لاول مرة اشعر بانك تصنعين الحياة فى جمال وروعة تمرة .. ولاول مرة يزدهر القش فى عينى حديقة .
تمرة يا بنت امى وابى .. ساحملك فى عينى كاغلى امنية تتحقق .. ساحرسك بتمائم امى .. واكون بينك والموت حاجزا لا يهد .. وسوف لا ياتيك الموت ياتمرة ما دمت حيأ ..وما دامت عنزتى تحلب .
قلت له :
_ واين تمرة الان ؟
قال : انها تدرس الطب فى خارج البلاد ..وسوف تعود قريبا لمداواة جراح الشوق فى قلبى .
ثم حمل دفاتره وقل لى :
ان تلاميذى ينتظرونى لاعيد لهم الدرس السابق . وخرج .
اخوتى جميعهم موتى , انا وحدى الذى ابقانى الله لاشقى . ونموذجا لتجربتى الشقاء والبؤس , ولدت فى بيت ينتصب فى الارض كمكوك فضاء ,, الا انه من القش .. كومة من القش مجوفة ونحن بداخله يا صديقى كالفئران , انا وامى وابى ... لا اظن انه يوجد فى هذا العالم افقر منا .. وما يحيرنى انه حتى فى بيتنا تستمر سلسلة الحياة والموت , فابى لايريد ان ينسى انه رجل . ولا امى تستطيع ان تتنازل عن انوثتها. ولولا ان الموت يحوم حولنا .. لا استطيع ابدا ان اتصور حالنا ,, فعندما يموت اجدنا , احس بان الله ياخذه رحمة بنا , وبالرغم من ذلك اجد ان امى وابى يغرقان فى بحار من الدموع .. وانا لا استطيع البكاء , لانى اعرف ان السماء خير لاخى من بيتنا , واعرف ايضا انه غدا صباحا سيشرق لنا اخ جديد. وصدقنى لا اذكر انه طال انتظارى , فسلسلة الحياة والموت كما قلت لك فى بيتنا بخير.
كنت حينها صغيرا .. ضئيلا .. كجرو , ولا اذكر اننى لبست حذاءا او سروال , كانت امى تقول لى ان الهواء يساعد على نمو اجهزة الاطفال التناسلية ,, فالبس هذا القميص .. قميص ابيك واخرج لتلعب .
ولابى قميصين نتبادلهما انا وهو .. كان ابى نحيفا شاحبا وكان دائما يرتد احد القميصين وبنطالا اسود .
وكنت دائما اسال نفسى هل يرتدى ابى سروالا تحت البنطلون ؟ هذه الحقيقة لا يعرفها احد سواهما .
رايت امى ذات مرة وهى تحلب شاتنا الوحيدة مثلى, تحاول ان تثير رجولة ابى , فهى لم تزل جميلة وبها
ما يكفينى انا وابى من لحم .. وعندما تحركت الشاة رايت مايوها الاحمر. فتنفست الصعداء فانه بالرغم من كوخ فئراننا لابد ان تكون لنا كرامة .
اذكر ان ابى قطع على حبل افكارى عندما ارسلنى لاشترى له التمباك ,وعندما يرسلنى والدى او يسرحنى لالعب لا اعود سريعا وهو دائما لا يوبخنى .
وبعد شهور رايت ان بطن امى بدات تمارس هوايتها فى التكوير .
مرة اخرى يا امى ..؟ مرة اخرى تبحثين عن الحياة بين ثنايا الفقر والموت ..؟ تعلمين انك انما تلدين للقبر. وانها ساقية جحا بينك والموت , فلماذا تصرين على هذا الجنون ؟ لماذا تصنعين الاطفال من عصير احشائك ,, وانت تدركين ان غول الحياة لا يحب فئرانك الجوعى ..؟ وانا انام فى كثير من الايام رابطا بطنى من شدة الجوع ,,فلماذا تزيدين البلوة بلاءا جديدا ؟ ام تتصورينى ساتنازل عن حليب شاتى ؟
اقسم .. لو فعلتيها وحرمتينى حليب الشاة , حينها سالحق بفئرانك المهاجرة , فانى احس ان حليب الشاة هو الذى اعطانى الحياة يا امى ,واكثر من ذلك اشعر لو ان اخوتى شربوا من هذا الحليب ..لكانوا
الان بيننا , يملاؤن علينا كومة القش هذه سعادة , ولا اجد انا مكانا انام فيه .
ايها الفار الجديد .. ايها الاتى الينا من اين لا ادرى , من قال لك ان فى الحياة حلوى ؟ هل قالت لك امى ساخذك الى الجنة ؟ الجنة التى تعنيها لك يا اخى .. كومة من القش وعنزة واحدة .. وقميصين لا ثالث لهما .. قميصين الا تفهم ..؟ هذه جنتنا يا اخى انا وانت .. لا قدر الله .. وامى وابى .. ولكن جنة شيخ الحلة اجمل من جنتنا مليون مرة , وان زوجته اجمل من امى .. لكنها تحب سعيد الجزار كما قيل .
راتنى امى ابحلق فى بطنها .. فاستدارت سريعا وقالت لى :
_ الليلى ماك ماش تلعب مع صلاح ؟
صلاح ...؟ ومن لى غير صلاح لالعب معه ؟؟ انه مثلى فى كل شئ .. الا انه له اخت تبيع الشاى .. وتضحك مع شباب القرية , وفى المساء تاتى بسلة من الخضار ودائما قطعة بسكويت لصلاح .
_ قلت لها ما ماش
احسست بانه يجب على ان لا اغادر المنزل مرة اخرى .. او على الاقل اعود سريعا اذا حاول ابى تسريحى او ارسالى لموسى الحمال زميل والدى فى المهنة .. حتى لا اعود واجد ان البيت قد امتلا بالضفادع الصغيرة .. وان الموتى قد عادوا .
قالت لى :
_ابوك قال بدور يوديك المدرسة ..
شعرت لاول مرة بمامرة تحاك ضدى , حاولت ان ادافع عن نفسى , لكن امى قالت لى :
_ ماك داير تبقى دكتور ..؟
دكتور..؟ طبيب..؟ انا اتوقع ان اصبح ترابا وتقولين لى طبيب ؟ ثم كيف لابن الحمال الا ان يكون حمالا,
كما ليس لشجرة الهجليج الا ان تعطينا هجليجا , واذا انا اصبحت طبيبا ,.. اذن ان ابن شيخ الحلة سيصنع انسانا من لحم ودم .
كفانى يا امى ان اكون حمالا للحطب كما ابى , احمل لعنة الفقر فى عنقى وفى دواخلى .. كفانى ان احمل شقوتى واهيم بها من شارع الى شارع .. ومن مدينة الى مدينة .. واعيش حمالا لماساتى التى ولدت تمشى على اربع .
قال لى :
دخلت المدرسة الابتدائية فى اليم الذى ولدت فيه اختى تمرة .. اذكر كانه الان .. عندما ارسلت لى امى صلاح صاحبى , وكنت حينها اناجى معزتى لشعورى بقرب سلبها منى , قالت لى امى :
_شوف أأألعوض .. جبت ليك شنو ؟ بتا زى القمر, تعال ادنو منها , شوفها بتشبهك كيفن ؟ شيلها ,شيلها انى جبتها ليك هدية .
_ لى انى ؟؟
_ أأأأى أأأأعشاى .
تملكنى الخجل كما لم يتملكنى من قبل ,.. شعرت بان امى كانت تعلم بما يدور فى داخلى .. فبين قلب الام
وعقل ابنها جسرا تصنعه بمشاعرها واحساس امومتها , قلت لها :
_انا بريدة أأأمى وبلعب معاها .. وكمان بديها حليب شاتى شان ما تموت .
ضحكت كزهرة تتفنح .. لاول مرة احس بانى قريب منك يا امى ,.. لاول مرة اشعر بانك تصنعين الحياة فى جمال وروعة تمرة .. ولاول مرة يزدهر القش فى عينى حديقة .
تمرة يا بنت امى وابى .. ساحملك فى عينى كاغلى امنية تتحقق .. ساحرسك بتمائم امى .. واكون بينك والموت حاجزا لا يهد .. وسوف لا ياتيك الموت ياتمرة ما دمت حيأ ..وما دامت عنزتى تحلب .
قلت له :
_ واين تمرة الان ؟
قال : انها تدرس الطب فى خارج البلاد ..وسوف تعود قريبا لمداواة جراح الشوق فى قلبى .
ثم حمل دفاتره وقل لى :
ان تلاميذى ينتظرونى لاعيد لهم الدرس السابق . وخرج .