المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ماهى النصيحة



أبوريلان
21-09-2004, 10:59 PM
قال الإمام الخطابي: هي كلمة جامعة معناها حيازة الخير للمنصوح له، وأصل النصح في لغة العرب تقول: نصحت العسل إذا خلّصته من الشمع، وتقول نصحت له المحبة إذا أخلصت له المحبة، فالنصيحة هي إرادة الخير بإخلاص للمنصوح له.

والنصيحة هي أعظم صفات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فقد كانوا أخلص الناس نصحاً لأقوامهم، يخوّفونهم من عذاب الله إن هم عصوه، ويبشرونهم بالجنات والرضوان إن هم أطاعوه، فهذا نوح عليه السلام يقول لقومه: قال الملأ من قومه إنا لنراك في ضلال مبين 5 قال يا قوم ليس بي ضلالة ولكني رسول من رب العالمين أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون وهذا هود عليه السلام يقول لقومه: قال يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين، وهذا النبي صالح عليه السلام يقول: فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين.

وهذا شعيب عليه السلام يقول: فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم فكيف آسى على قوم كافرين. ولكن هل قبل هؤلاء الكفار نصيحة أنبيائهم لا والله، لقد استكبروا استكباراً وآذوا أنبياءهم، بل أكثر من ذلك استعجلوا عذاب الله من السماء سخرية بالأنبياء كما قال تعالى: ويستعجلونك بالعذاب ولو لا أجل مسمى لجاءهم العذاب وليأتينّهم بغتة وهم لا يشعرون.

معاشر المسلمين: وقد تكون النصيحة خدّاعة وكذّابة فلا يغرنك صاحبها، واعرف عدّوك تنجو منه، وقد ذكر القرآن الكريم أمثلة عن النصيحة الكاذبة، فإخوة يوسف ادعوا النصيحة ليوسف وهم يريدون قتله، كما قال تعالى: قالوا يا أبانا مالك لا تأمنا على يوسف وإنا له لناصحون.

وأعظم مثال على النصيحة الخدّاعة ما حكاه الله تعالى عن عدوه إبليس اللعين الذي أقسم بعزة الله أن يغوي البشرية إلا المخلصين قال تعالى: فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين.

فهاهو إبليس يقسم كاذباً مدعيا النصح لأبوينا آدم وحواء ليأكلا من الشجرة حتى يقعا في الإثم قال تعالى: وقاسمهما أني لكما لمن الناصحين فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين.

نعم، إنه إبليس عدو الإنسان يشوّه الحق في صفة الباطل، ويزين الباطل في صفة الحق، فيوقع أكثر البشر في المعاصي: فتراه يزين الخمر ويسميها بالمشروبات الروحية، والربا بالفوائد، والتبرج بالتحررية، والقمار بالألعاب الرياضية، والغناء الفاحش بالثقافة العالمية إلى آخره، وصدق الله إذ قال: إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً.

فالحذر الحذر يا عباد الله من نصائح شياطين الإنس والجن قال : ((الدين النصيحة ثلاثاً)). فسمى الدين بالنصيحة، والدين هو الإسلام قال تعالى: إن الدين عند الله الإسلام الآية، فالإسلام هو النصيحة وكل مسلم لا ينصح لأمته فهو ناقص في إسلامه ودينه، قال : ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير)) قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: ((لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين عامتهم)).

1- فالنصيحة لله تعالى: تكون بالإيمان به وإخلاص العبادة له وعدم الشرك به، ووصفه بصفات الكمال ونعوت الجلال والجمال، وأنه لا إله إلا هو في ذاته وصفاته وأفعاله وعبادته، وتجنب معصيته والإقبال على طاعته وحبه والحب فيه والبغض فيه، والجهاد في سبيله والتحاكم لشريعته، قال تعالى: قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد.

2- والنصيحة لكتابه: تكون بالإيمان به وتعظيمه وتنزيهه تلاوته حق التلاوة والوقوف مع أوامره وعند نواهيه، وتدبر آياته والدعوة إليه، وعدم هجرانه والحكم به في كل أمر، والاعتقاد الجازم أنه كلام الله غير مخلوق.

قال الإمام الطحاوي: "وإن القرآن كلام الله منه بدأ بلا كيفية قولاً، وأنزله وحياً وصدّقه المؤمنون على ذلك حقاً، وأيقنوا أنه كلام الله تعالى بالحقيقة، وليس لمخلوق ككلام البرية، فمن سمعه فزعم أنه كلام البشر فقد كفر" أهـ.

فهل عظمنا كتاب الله أم هجرناه، فلا نقرؤه إلا على الأموات أو في الحفلات ولا حول ولا قوة إلا بالله؟!

3- والنصيحة لرسوله : قال الإمام القرطبي: "هي التصديق بنبوته والتزام طاعته في أمره ونهيه، وموالاة من والاه ومعاداة من عاداه، وتوقيره ومحبته ومحبة آل بيته وإحياء سنته بعد موته ونشرها والدعاء إليها وإماتة كل بدعة تخالفها، فمن أحيا سنة فقد أمات بدعة ومن أحيا بدعة فقد أمات سنة، قال تعالى: وإن تطيعوه تهتدوا وقال أيضا: فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم" أهـ

aborawan
21-09-2004, 11:24 PM
نسال الله يوفقنا لعمل كل ما هو طيب وفيه فائدة لنا
جزاك الله عنا كل خير

أبوريلان
21-09-2004, 11:45 PM
مشكور أبو روان على المرور