المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عُقدة المطبخ



البصري
05-05-2007, 10:34 AM

‏ معلمة كانت وظيفتها فأحبتها وانطوت تعصِرُ فكرها وتطوف به بين ردهات الكتب وحُجر ‏الدراسة فكان رحيقها الذي أمتصه التلاميذ علما ومعرفة وقبلهما خُلقا به كانت حب التلاميذ وتقدير مديرهم ‏واحترام زملائها على الدرب السامي النبيل , حياتها كانت روتين معروف لكل أهل البلدة فيومها في حجر ‏الدراسة احتراقا لتُضئ ظلام الدارسين فإذا كان ليلهُ أمضته تصوب ما دونوه في نهارهم فان كان النهار الذي ‏عاودت برنامج أمسها وهكذا حالها منذ أمد بعيد لم يتغير يوما 0‏
‏ أنقضى اليوم الدراسي وهي في طريق العودة إلي الدار تتوسط عقدا من تلاميذها وتلميذاتها الصغار ‏كانت البلدة على غير عادتها فالحركة الدءوبة للناس رواحا ومجيئا أثارت في نفسها الحيرة فقد اعتاد الناس ‏أن يخلدوا للراحة ( القيلولة ) في مثل هذا الوقت من النهار فما معني هذه الحركة النشطة ( اللهم أجعله خيرا ‏‏) حملت شفتاها هذه الجملة دون أن تعي وأرسلت أحد الصغار لاستطلاع الأمر من المارة فأنبأتها بأنه ( عَبدُه ‏‏)‏
قد أتى من السفر فحمدت الله على الخبر السعيد فإنها كانت تخشى أن قد أحدهم مكروه 0 إذن فهو ( عبده ‏‏) قد جاء من بلاد الغربة والهجرة فقد قضى حقبة من الزمان في سفره بعيدا عن الوطن و البلدة وقد كانت ‏تربطها به صلة رحم ليست بعيدة , أفاقت من شرودها وقالت لنفسها : ‏
‏ حسنا سأدخل لأُبدل ملابسي وأضع الكتب ومن ثم أذهب لأسلم عليه وأبارك عودته وأحمد الله على ‏سلامته وليكن تغييرا لي من هذا الروتين المتكرر .....كانت دارهم تمتلئ وتفرغ بأهل البلدة بين مستأذن لبعض ‏شأنه وآتٍ لتوه يتحرق شوقا لمصافحة غائب السنين العائد كما كان الصغار يكملون المشهد بأهزوجة ــ عبدهُ ‏جا ... عبدهُ جو جو ..ـ0‏
‏ دخلت بقامتها الفارعة وابتسامتها التي لا تتخلي عنها أبدا وعيونها النَعَسى التي توحي لناظرها ‏أنها أفاقت من النوم , سمعت صوت أمه تُرحب بها : أهلا بك يا (( نعمة )) نورتي الدار ألا تكون زيارتك ‏إلا في المناسبات ؟؟؟
‏ ــ مرحبا بك يا خاله حمدا لله على السلامة وقُررتِ عيناٍ برؤية (( عبده )) والله لم تغيبي عن بالي أبدا ‏وغصبا عني التقصير في معاودتكم وأنت أدرى من غيرك بحياتي فالعمل آخذُ كل وقتي ولا استطيع أن أبتعد ‏عن تلاميذي لكأن شهيقي من زفير أنفاسهم 0‏
ــ سلمتي يا حبيبتي .. تفضلي .. أرجو أن تكوني اليوم خالية لتقضي معنا بقية هذا اليوم فسيكون شرفا لم ‏يناله من قبلنا ‏
ــ تكرمي يا خاله ولكن لابد من عودتي للمدرسة عصرا فلدى درسٌ إضافي وقد أبلغت التلاميذ به فسيكونون ‏بانتظاري ولذلك لابد من عودتي للمنزل لأستريح قليلا فأرجو أن تعذريني وسأزوركم فيما بعد أن بدت لي ‏سانحة 0‏
ــ العذرُ لك يا بُنيتي ولكن لا تذهبين حتى يأتي ( عبده ) من مجلسه لتصافحينه 0‏
‏ أرسلت الأم في طلب عبده الذي أتي بخطي تدل لهفة خاطيها لرؤية مناديه ومد إليها يده وعيناهُ على ‏وجهها البشوش فمدت يدها اليه وعيناها منكسرتان وجهة موضع يدها وقالت : حمدا لله على سلامتك وعودا ‏حميدا .. نورت بلدك ودارك 0‏
ــ شكرا لك يا (( نعمة )) والبلد منورة بيك أصلا كيف الصحة والعمل الوالدة؟؟ ‏
ــ الحمد لله كل شئ على ما يُرام وإن تُوجد العافية يهون كل ماسِوا ها 0‏
ــ يا إلهي !! لم أتصور أن أجدك بهذا القدر من الرقةِ والجمال فقد وضعت لك تصورا زاهيا في خيالي ولكني ‏وجدتك أسمى وأجمل من ذلك بكثير0‏
‏ أخفضت طرفها قليلا وابتسمت ثم نظرت في عينيه فرأت فيها وميضا جعلها ترتبك فغضت الطرف ‏وقالت:ـ لابد أن أعود إلي المدرسة فإلي اللقاء‏
‏ تابع خطواتها حتى خرجت وتنهد طويلا ثم قفل راجعا إلي مجلسه 0 أما ( نعمة ) فقد تساءلت ما معني ‏الحنان الزائد من الأُم وماذا يحمل الوميض الذي رأته في عَيْنى ( عبده ) ؟؟؟ ربما كان في النصيب زواجها منه ‏؟ أم أنها واهمة في كل هذا أعارت الأمور أكثر مما تستحق وفسرتها بغير ما تعني ؟! .. عموما الأيام لن ‏تنطوي على نفسها لتخفي الحقائق فلتصبر على الحيرة حتى تأتي الأيام بيقين الأمور 0‏
‏ تعاقبت الأيام و مضت حتى كان يوما كانت تجلس فيه وحيدة إلي نفسها تسألها لماذا لا تذهب لزيارتهم ‏فاليوم ليس لديها درس مسائي ! وقبل أن تجيب سمعت قرعا على الباب وفتحت والدتها التي كانت قريبة ‏منه وسمعتها تقول :‏
ــ مرحبا يا ( عبده ) تفضل بالدخول 0‏
‏ دخلت إلي غرفتها وارتدت ثوبها وخرجت إليهم وقالت : ـ أهلا ( عبده)‏
ــ مرحبا ( نعمة ) ما هي أخباركِ؟
ــ حمدا لله , كيف حالك عساك تأقلمت مع هواء البلدة بعد أن غبت عنها وكيف وجدتها بعد هذا الغياب ‏الطويل؟؟؟؟
ــ تغيرت كثيرا ولكن أهلها لم يتغيروا بل ازدادوا طيبا وسماحا 0‏
ــ لو سمعوك أهلها لحملوك على أكتافهم من اجل هذا الثناء والذي هو من أصالتك0‏
ــ شكرا على هذه المجاملة وأصالتي تشربتها من أهلي وخُلقهم 0‏
وهذه كريمةٌ أخري تُحمد عليها فالعرفان بالجميل قلَ من يُدرِكَهُ0‏
ــ هذا عن أهل القرية وماذا عنك أنتِ؟ ما رأيك ؟؟
ـ أنا ...ماذا عني... وما عسى أن يكون رأيي؟ ..أجابت بارتباك فقد السؤال مباغتا وذو معني0‏
وهُنا رأت الأم أن تفسح المجال فنهضت واستأذنت لتعود لهم بقهوة المساء ... صمت ( عبده ) قليلا ثم قال ‏‏:‏
ــ بما أننا بقينا لوجدنا فلدى ما أود الإستوثاق منه لذا سأطرح عليك أمرا وأود فيه الصراحة والوضوح 0‏
ــ خيرا إنشاء الله ؟؟
ــ خير .. بلا مقدمات وشروح أود أن يجمعني الله بك تحت سقف من حلال فتكوني بإذنه شريكةً لحياتي ‏وسأبذل كل جهدي لإسعادك0‏
‏ أرسلت ناظريها إلي الأرض وتدفق الدم حارا في شرايينها فتشربت خداها بالحُمرة خجلا و حياء 0 ‏فأستطرد وقال : ـ
ـ لا أريد منك إجابة الآن وسأمهلك إلي الغدِ مساءاً 0‏
‏ عادت والدتها بالقهوة وقالت:ـ تفضل وأظنك مشتاقا لقهوتي 0‏
ــ شكرا والله اشتقت لها كثيرا0‏
‏ تناول تلك القهوة وتجاذب جميعهم أطراف الحديث ثم استأذن ومضى ..استلقت على ظهرها وأرسلت ‏نظراتها إلي السماء الزرقاء الصافية وهامت في التفكير فكيف ستجيب وبما ينبغي أن تجيب فهي حائرة لا ‏تدري ماذا تفعل صحيح أنها أُعجبت به ولكنها لم تتوقع تتابع الأحداث هكذا.!! ‏
‏ جلست والدتها برفق إلي جانبها والابتسامة واضحة على شفتيها تنظر إليها بعيون مليئة بالفرح والسرور ‏كأنها ملكت الدنيا أو أنها بُشرت بالجنة ... اعتدلت ( نعمة ) وجلست قُبالة والدتها وقالت : ما الأمر يا ‏أماه أراك سعيدة مبتهجة ؟؟‏
ــ كيف لا أفرح يا بُيتي هل أُهنيك الآن ؟؟
ــ إلام ترمين يا أمي العزيزة؟‏
ـ ألم يبلغك بالزواج منك؟
ـ أتتصنتين يا أمي . هل سمعتي حديثهُ معي ؟؟؟؟
ــ لا ولكني سمعت بعض أقاربك يتناقلونه فيما بينهم قبل يوم أو أثنين ‏
ــ ولما لم تخبرينني من قبل ؟؟
ــ أردت أن أتبين حقيقة الأمر وهاهو قد أعلمك الآن فما هو رائك ؟؟‏
ـ لا أدري يا أمي!‏
ــ كيف لا تدرين هل هناك من يتقدم إليها (( عبده )) ولا توافق دون تفكير ؟ فأنت يا أبنتي لا تخفى عليك ‏أخلاق ( عبده ) ومكانته بين الناس 0‏
ــ الرأي متروك لكم يا أمي ولن أخالفكم وأنا أعلم حرصكم علي سعادتي على ألا يكون زواجي قبل نهاية ‏العام فيصعُب على ترك تلاميذي في هذه الظروف والفترة الحرجة 0‏
ــ ربنا يسعدك ويجبر بخاطرك يا أبنتي سأناقش معه الأمر وظني ألا يرفض خصوصا وأن عطلته طويلة كما ‏علمت 0‏
‏ لم تطق نفس ( عبده ) ووالديه أحبابه الفرح وفاضت روحه سرورا وبهجة ومضى مع الأيام يعد ‏العدة للزواج وحَسَب الأيام حتى كان يوما طال انتظاره فأتم زواجه بين فرحة الأحباب وسرور الأهل ‏والأصدقاء 0‏
‏ جرجرت الأيام أذيالها ومضت وانقضت أيام العطلة فقرر العودة إلي أرض المهجر مصطحبا إياها ‏معه , ووصلا ديار الغُربة وهاهم عند باب منزلهم وأولج (عبده ) المفتاح ودخل ثم قال لها وهو يبتسم : ‏تفضلي نورتي بيتك يا حبيبتي 0‏
ــ البيت منور بأهله يا عزيزي0‏
‏ أنهمك ( عبده ) في إفراغ محتويات الشنط في خزانة الملابس بينما تجولت هي بأرجاء المنزل , غرفتان للنوم ـ ‏صالة استقبال ـ غرفة للضيوف ـ مطبخ واحد و( مرحاضٌ وحمام ) في غرفة واحدة وتساءلت إن هذا المنزل كثير ‏الوسع , هل كل المنازل على هذه الشاكلة ؟؟
أجابها : ـ إن هناك ما هو أكبر من هذا وسعا ولكن هناك أحد الأخوان الأعزاء سيشاركنا هذا المنزل عند ‏وصول زوجته فهل تمانعين على ذلك؟؟؟
ــ لا بل سأكون سعيدة جدا لأنني سأجد من آنس إليه عند ذهابك للعمل وأكون وحيدة فمرحبا بهما 0‏
ــ لا أستغرب صدور هذا منك لأنني واثق من رجاحة عقلك وكبر قلبك 0‏
ــ دعك من المجاملة ودعني أُحضر ما يسد رمقنا من جوع .. وضحكا ثم مضت إلي المطبخ ‏
‏ دار دولاب الزمان وعاشا كأسعد زوجين وزاد حبهم لبعض مع مرور الأيام والمعاشرة وكم كانت أمانيهم ‏بان يتوج هذا الحب بثاني زينات الحياة الدنيا وأن يُرزقا بطفلٍ يُضفي على حياتهم لونا آخر من البهجة ‏ولكن ليس كل ما يتمنى المرء مدركه فالبنون من عند الله تعالى ولا يعلم بأمر مجيئهم سواهُ فأستمر الحال على ‏هذا المنوال إلي كان يوما قُرِعَ فيه الباب وفتح الباب ليجد صديقه وزوجته اللذان سيشاركانهم السكن فرحب ‏بهما كثيرا وحمل عنهما أمتعتهما إلي الداخل وأعلم ( نعمة ) بمجيئهما فأتت مسرعة وصافحتهما بحرارة ‏وحفاوة واضحة ابتهاجا بقدومهما فقال ( عبده ) : ‏
ــ هذا ( سالم ) و زوجته ( منى ) اللذين حدثتك عنهما من قبل 0‏
ـ مرحبا بكما وحللتما سهلا لقد طال انتظارنا لكما وكيف حال الأهل والوطن ؟؟
‏ بادلاها التحايا ونقلا لها أخبار الوطن في جلسة أُنس طويلة ثم تفرقوا جميعا كل منهم للنوم 0‏
‏ توالت الأيام تسير على نهج واحد ولكنه لاحظ حزنا مكبوتا في داخلها قد أباحت به العيون فأستوضح ‏منها عل بها ألم أو شئ يضايقها ولكنها نفت عنها الحزن ولم تكن صادقة فقد كانت تنالها المضايقات وشئ ‏من الاستهزاء من ( مني ) ولكنها لم تود الفصح عنها ( لعبده ) حتى تحافظ على ربيع الود بينهم فإنها كانت ‏تأمل أن ترجع ( منى ) لصوبها حينما تدرك أفعالها وستكون حالة عابرة حين تخطيها 0‏
وفي يوم طفح الكيل وأستبد بها الألم أنكفت داخل غرفتها تغسل أحزانها بالدموع وجاء ( عبده ) فوجد عيناها ‏قد صبغهما احمرار فيضان خريف دمعها الماطر فلاطفها وقال لها :‏
ــ وددت لو تفضي إلي أحزانك من البداية وقبل أن يصل بك الأمر إلي هذا المقام وقد كنت واثق من ذلك ولم ‏أشأ أن أُضيق عليك فتركتك وأنا أقرأ الأحزان يوم في عينيك تزداد والآن ألا يحقُ لي أن أعرف ما أضني أجمل ‏عيون وأدماها ؟؟...تنهدت بحرقة وروت له كل ما لاقته من سوء معاملة وقسوة من ( منى ) وما يثير شجونها ‏أنها لا تدري سببا لذلك ولم تفعل ما يسلط سخطها عليها .. فهون عليها وطلب منها أن تتحمل فكلها أيام ‏وتسافر الي الوطن لقضار العطلة السنوية وتنسى همومها هناك 0‏
‏ أخذت تعد الأيام حتى انقضت تلك الفترة القاسية برغم قصرها وحان موعد الرحيل فسافرت لموطنها ‏لتقضي أجمل الأيام بين أهلها وعشيرتها ثم عادت إلي بلاد المهجر لتجد أن ( مني ) قد سافرت ألي أرض ‏الموطن لقضاء العطلة و ( الإنجاب ) معا 0‏
‏ قضت أياما طوالا قبل أن رجع ( منى ) من الوطن فكانت تتمنى مجيئها ولكنها كانت تخاف أن ترجع ‏علي سجيتها الأولي فتكون أيامها كالتي قضتها وإياها قبل سفرها كلها نكد وأحزان وتمنت أن تكون قد ‏تبدلت فيعشن كأختين متحابتين إلي أن يفترقن 0 هكذا أمضت الأيام بين المُنى والمخاوف إلي أن وصلت إلي ‏الدار ( منى ) عائدةً من الوطن حاملةً بين يديها وليدها ( سامي ) فرحبت بها ( نعمة ) أشد الترحاب علها ‏تنسى ما مضى وتفتح صفحة جديدة كلها وئام وإلفه فحملت (سامي ) وغمرته بالقُبلات والحنان ووجدت فيه ‏تعويضا عن حرمانها من الأطفال ولكنها لم تحسدها عليه أبدا بل أحسته ابنا لها فأحبته محبة الأم لوَلِيدها ‏ولكن ( منى ) جعلت منه سلاحا جديدا لحربها الجائرة ضدها والتي كانت بغير ذنب جنت غير أنها فارعة ‏وجميلة وأنها أحبتها وعاملتها بكل رُقي واحترام فكان بالطفل تُثار الشجون وتذكيرٌ بالحرمان من الخِلفَةِ ‏والأولاد وحلاوتهم فازدادت الأمور تعقيدا وحسَاسِية وهذه هي عُقدة المطبخ المشــــــــــــــــــــــترك ففرقوا ‏بينهم في المطابخ .....,,,,......‏

سواااح
06-05-2007, 05:41 AM
عزيزي عبده

التفريق والخصوصية مطلوبة
حتي لا تكون هناك مشاحنة وبغضاء

دمــــــــــــــــــــتت ،،

البصري
06-05-2007, 10:56 AM
يا سواح كتر خيرك بزيارتك بيتنا ( موضوعنا ) نور ياما نور كلو زينة .........و شكرا على جبر الخاطر ويبدو اني بلملم ما تبقى لي من ماء وجه وأرحل لمنتدي تاني اجد فيه النقد والتشجيع والدعم المعنوي أو حتى النقد الحار اللاذع حتى أقدر أقيم ما أكتب ولأعلم ما إذ كنت جديرا بالكتابة ولا لا ؟؟ ويبدو هنا إن المشاركات والردود للأسماء المعروفة والمعلومة والتي داخل الدائرة ولا مكان لجديد يبدو ........ رجاءا عدم المؤاخذة فالعتب على النظــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــر....,,,,,,,,,,,,.....