عمر سعيد
16-06-2007, 05:33 AM
الأخ الحبيب الأستاذ / صالح أبو شوارب ، أتصل بي هاتفياً بالأمس ، يسأل عن الأحوال ، ونقل لي خلالها ـ جزاءه الله خيراً ـ تحيات الآدمن .... وحمد لي السلامة ، ظناً منه أني قد قضيت الإجازة بالسودان !! ، ودهش الرجل حينما علم أنني كنت مجازاً فعلاً ، ولكن لم أسافر للسودان ، وإنما اتجهت شرقاً !! ؟
والرجل له ألف حق في تلك " الاندهاشـة " ، ذلك أنه كان من الواجب أن أسافر للسودان هذه المرة ، حيث كانت زيارتي السابقة ( خاطفة ) لسيدة المدائن ، لم أتمكن معها من مقابلة العديد من الأهل والأصدقاء ، فقد شغلتنا هذه الحياة اللعينة بهمومها ، ليس عن أصدقائنــا ، بل حتى عن الأهل والأقارب ، شغلتنــا بمتطلباتها التي تكاد لا تنتهي ، وكأن ذلك يُغني عن التواصل الحميم مع الغالين ، أكتب ذلك وأنا حقيقةً أشعر بالخجل من نفسي .
أجال في خاطري هذا الحديث ، رسالة رقيقة وصلتني من شقيقتي تعاتبني فيها ، من أنهم كانوا ينتظرون وصولي ، فإذا بهم يتفاجئون بي أتسكع بشواطئ الخليج !! ........ وقد توقفت كثيراً أمام كلمات هذه الرسالة التي تعبر عن مشاعر دافئة ، فما أجمل أن يذكرك شخص حبيب إلى نفسك ، ويدعو لك بظهر الغيب ، ما أعظم النشوة في الاستماع إلى كلمة عذبة وعبارة جميلة ، تنثر أزاهير السعادة في قلبك ، فكلما كان مضمون هذه الرسالة ذا دلالة ، ازدادت متعة القراءة عمقاً وتأثراً .
وكيف لا تكون هذه الرسالة جميلة ، أخوتي .... وهي تعكس كيف يكون الوفاء ، في مقابل غفلة وانشغال عن الأصدقاء والأحباب .... وأسال نفسي : " هل تلك الرحلة التي اتجهت فيها ( شرقاً ) كانت تغني عن التراحم والتواصل مع الأحباب ؟!! " .
صدقوني أنا مثلكم أعشق ( ودمدني ) حتى النخاع ، وأهلي جزء من هذا الكل ، والعشق كلٌّ لا يتجزأ ....... والوفاء "لسيدة المدائن " يندرج تحت الجانب المعنوي والالتزام الأدبي ، بمعنى أنها ليست استحقاقات مالية يحين موعد سدادها بل هي أكبر بكثير ، إذ إنها ترتبط بالنسيج الاجتماعي والتصاقها بالحس الوجداني العميق ، والوفاء لها يشكل بالنسبة لي الظل الوارف والحضن الدافئ وهي البيت الكبير الذي ولدنا وترعرعنا فيه ، هذه المدينة الحالمة أحب نيلها وسماءها وليلها ونهارها ، أعشق أحياءها بكل ما تحمل من ذكريات عزيزة على نفسي ، وكم يؤلمني أن أمضي في الغربة سنوات وأنا بعيد عنها ...... لكن ( المشكلة في لكن هذه !! ) لكن الإنسان بطبعه ينزع إلى تحقيق غاياته بأساليب مرنة تتيح له التعاطي والتفاعل إزاء معطيات يراها ماثلة أمامه ، تجبره إجباراً أن يتجه براحلته ( شرقاً ) .... تقول كلمات أغنية الراحلة أم كلثوم (( غصبت روحي على الهجران ، وأنت هواك يجري في دمي )) .
وربما وجدت في نفسي الشجاعة ـ إن مد الله سبحانه وتعالى في الآجال ـ أن أكشف لكم تلك المعطيات ... أقول ربما !!
عمر سعيد النور
الرياض
والرجل له ألف حق في تلك " الاندهاشـة " ، ذلك أنه كان من الواجب أن أسافر للسودان هذه المرة ، حيث كانت زيارتي السابقة ( خاطفة ) لسيدة المدائن ، لم أتمكن معها من مقابلة العديد من الأهل والأصدقاء ، فقد شغلتنا هذه الحياة اللعينة بهمومها ، ليس عن أصدقائنــا ، بل حتى عن الأهل والأقارب ، شغلتنــا بمتطلباتها التي تكاد لا تنتهي ، وكأن ذلك يُغني عن التواصل الحميم مع الغالين ، أكتب ذلك وأنا حقيقةً أشعر بالخجل من نفسي .
أجال في خاطري هذا الحديث ، رسالة رقيقة وصلتني من شقيقتي تعاتبني فيها ، من أنهم كانوا ينتظرون وصولي ، فإذا بهم يتفاجئون بي أتسكع بشواطئ الخليج !! ........ وقد توقفت كثيراً أمام كلمات هذه الرسالة التي تعبر عن مشاعر دافئة ، فما أجمل أن يذكرك شخص حبيب إلى نفسك ، ويدعو لك بظهر الغيب ، ما أعظم النشوة في الاستماع إلى كلمة عذبة وعبارة جميلة ، تنثر أزاهير السعادة في قلبك ، فكلما كان مضمون هذه الرسالة ذا دلالة ، ازدادت متعة القراءة عمقاً وتأثراً .
وكيف لا تكون هذه الرسالة جميلة ، أخوتي .... وهي تعكس كيف يكون الوفاء ، في مقابل غفلة وانشغال عن الأصدقاء والأحباب .... وأسال نفسي : " هل تلك الرحلة التي اتجهت فيها ( شرقاً ) كانت تغني عن التراحم والتواصل مع الأحباب ؟!! " .
صدقوني أنا مثلكم أعشق ( ودمدني ) حتى النخاع ، وأهلي جزء من هذا الكل ، والعشق كلٌّ لا يتجزأ ....... والوفاء "لسيدة المدائن " يندرج تحت الجانب المعنوي والالتزام الأدبي ، بمعنى أنها ليست استحقاقات مالية يحين موعد سدادها بل هي أكبر بكثير ، إذ إنها ترتبط بالنسيج الاجتماعي والتصاقها بالحس الوجداني العميق ، والوفاء لها يشكل بالنسبة لي الظل الوارف والحضن الدافئ وهي البيت الكبير الذي ولدنا وترعرعنا فيه ، هذه المدينة الحالمة أحب نيلها وسماءها وليلها ونهارها ، أعشق أحياءها بكل ما تحمل من ذكريات عزيزة على نفسي ، وكم يؤلمني أن أمضي في الغربة سنوات وأنا بعيد عنها ...... لكن ( المشكلة في لكن هذه !! ) لكن الإنسان بطبعه ينزع إلى تحقيق غاياته بأساليب مرنة تتيح له التعاطي والتفاعل إزاء معطيات يراها ماثلة أمامه ، تجبره إجباراً أن يتجه براحلته ( شرقاً ) .... تقول كلمات أغنية الراحلة أم كلثوم (( غصبت روحي على الهجران ، وأنت هواك يجري في دمي )) .
وربما وجدت في نفسي الشجاعة ـ إن مد الله سبحانه وتعالى في الآجال ـ أن أكشف لكم تلك المعطيات ... أقول ربما !!
عمر سعيد النور
الرياض