المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الملائكه الي مثواها الاخير



مثني ودالعيكوره
21-06-2007, 03:06 AM
تعتبر نازك الملائكة من أهم رواد الشعر العربي الحديث وعلما من أعلامه
توفيت يوم الأربعاء بمستشفى في العاصمة المصرية الشاعرة العراقية الرائدة نازك الملائكة عن 84 عاما إثر هبوط حاد في الدورة الدموية.

ولدت نازك صادق الملائكة في بغداد يوم 23 أغسطس/آب عام 1923 في أسرة تحتفي بالثقافة والشعر فكانت أمها تنشر الشعر في المجلات والصحف العراقية باسم أدبي هو (أم نزار الملائكة) أما أبوها صادق الملائكة فترك مؤلفات أهمها موسوعة (دائرة معارف الناس) في عشرين مجلدا.

ودرست الشاعرة الراحلة اللغة العربية في دار المعلمين العالية وتخرجت فيها عام 1944 كما درست الموسيقى بمعهد الفنون الجميلة.

ثم درست اللغات اللاتينية والانجليزية والفرنسية وأكملت دراستها في الولايات المتحدة عام 1954 حيث حصلت بعد عامين على شهادة الماجستير في الأدب المقارن من جامعة وسكنسن.

والملائكة لقب أطلقه على عائلة الشاعرة بعض الجيران بسبب ما كان يسود البيت من هدوء ثم انتشر اللقب وشاع وحملته الأجيال التالية.

وعملت الملائكة بالتدريس في كلية التربية ببغداد ثم بجامعة البصرة ثم بجامعة الكويت وتعد من أبرز رواد الشعر العربي الحديث الذين تمردوا على الشعر العمودي التقليدي وجددوا في شكل القصيدة حين كتبوا شعر التفعيلة متخلين عن القافية لأول مرة في تاريخ الشعر العربي.


توفت نازك في القاهرة، المدينة التي عاشت فيها سنواتها الأخيرة وشهدت تكريمها
ونشرت الشاعرة قصيدتها الشهيرة (الكوليرا) عام 1947 فسجلت اسمها في مقدمة مجددي الشعر مع الشاعر العراقي الراحل بدر شاكر السياب (1926- 1964) الذي نشر في العام نفسه قصيدته (هل كان حبا؟) واعتبر النقاد هاتين القصيدتين بداية ما عرف فيما بعد بالشعر الحر.

وصدر ديوانها الأول (عاشقة الليل) عام 1947 ببغداد ثم توالت دواوينها التالية ومنها (شظايا ورماد) عام 1949 و(قرارة الموجة) عام 1957 و(شجرة القمر) عام 1968 و (يغير ألوانه البحر) عام 1970. كما صدرت لها عام 1997 بالقاهرة مجموعة قصصية عنوانها (الشمس التي وراء القمة).

ومن بين دراساتها الأدبية: (قضايا الشعر الحديث) عام 1962 و(سايكولوجية الشعر) عام 1992 فضلا عن دراسة في علم الاجتماع عنوانها (التجزيئية في المجتمع العربي) عام 1974.

كما أقامت دار الأوبرا المصرية يوم 26 مايو/أيار 1999 احتفالا لتكريمها "بمناسبة مرور نصف قرن على انطلاقة الشعر الحر في الوطن العربي" وشارك في الاحتفال الذي لم تشهده نازك الملائكة لمرضها شعراء ونقاد مصريون وعرب بارزون إضافة إلى زوجها الدكتور عبد الهادي محبوبة الذي أنجبت منه ابنها الوحيد، البراق.

وتعتبر من رواد شعر التفعيله والشعر الحر كما ذكرنا

لها الرحمه والمغفره...

نقلاً عن BBC
مع حازن مودتي....

samar_taha
21-06-2007, 03:29 AM
رحم الله فقيدة الأدب العربي
ولك الشكر على تزويدنا تلك المعلومات القيمة
شكرا جزيلا

أبونبيل
22-06-2007, 05:08 AM
رحلت عن عمر ناهز 84 عاماً
شمس نازك الملائكة تغيب
القاهرة - “الخليج”:
شيع جثمان الشاعرة العراقية نازك الملائكة ظهر أمس من مسجد الحياة بحي حدائق القبة بالقاهرة، حيث كانت تعالج منذ فترة طويلة في مستشفى سنابل، وقد حضر الجنازة عدد قليل من أفراد السفارة العراقية بالقاهرة وبعض الإعلاميين وغاب عنها المثقفون والشعراء المصريون، وقد دفنت الشاعرة بمقابر خصصت للأسرة في مدينة السادس من أكتوبر.
غيب الموت الشاعرة نازك الملائكة بعد صراع مع المرض دام سنوات طويلة عاشت خلالها الملائكة في عزلة كبيرة، حالت دون ظهورها في أي من منتديات القاهرة التي قضت فيها سنواتها الأخيرة عقب الحصار المضروب على العراق إبان التسعينات من القرن الماضي.
تربت نازك الملائكة المولودة في بغداد عام 1923 في بيت كانت الثقافة والفنون مفردة يومية تتردد بين جنباته فالأم هي الشاعرة سلمى عبد الرازق والأب صادق الملائكة أديب وباحث كبير.
تخرجت الشاعرة الكبيرة عام 1944 في دار المعلمين العليا، ثم توجهت إلى أمريكا بعد ذلك بعامين لدراسة الإنجليزية وآدابها، وبعد عودتها عملت أستاذة مساعدة في كلية التربية بجامعة البصرة.
نشرت ديوانها الأول “عاشقة الليل” عام ،1947 وارتبط ديوانها الثاني (شظايا ورماد) بضجة كبيرة، إذ أثيرت معه قضية الأسبقية في كتابة الشعر الحر، بقصيدتها “الكوليرا”، إذ إن بدر شاكر السياب كان قد كتب آنذاك قصيدته “هل كان حبا”.
شكلت نازك الملائكة مع بدر شاكر السياب عبر تجربة كل منهما المنفصلة غير المتماثلة، ملامح الشعر العربي الحديث المتحرر من العمود التقليدي، والذي اصطلح على تسميته بشعر التفعيلة. ولم يكن دور نازك مقصورا على إضافاتها الريادية الباهرة للقصيدة العربية، بل شاركت بمنجز تنظيري منذ وقت مبكر أسهم في ترسيخ الشعر الحديث وتقعيده من خلال دراساتها وأعمالها النقدية المتميزة في حقل كان بكرا لا يزال، بل وكان يتعرض لهجوم المحافظين الذين كانوا لا يزالون يحتلون مقاعد النقد والتنظير على السواء.
يضم أعمالها النثرية الكاملة كتابها الشهير “قضايا الشعر المعاصر” الذي صدرت طبعته الأولى عام ،1962 وآخر طبعاته هي الرابعة عام 1974. وإذا كانت نازك والسياب قد بدآ مغامرتهما الكبرى بكتابة أولى قصائد الشعر الحديثة الناضجة عام ،1947 ثم تدفق نهر الشعر الحديث من بعدهما، فإن السنوات التي أعقبت ذلك وحتى صدور كتابها “قضايا الشعر الحديث” أتاحت لها أن تستكمل قواعد الشعر الحر وتستخرج قوانينه الجديدة مبكرا، وذلك من خلال بحثها لأربع قضايا مترابطة: علاقة الشعر الحر بالتراث العربي، بدايات حركة الشعر الحر، البحور التي يصح استخدامها في كتابة الشعر الحر، وأخيرا قضية التشكيلات المستعملة في القصيدة الحرة.
ومن جانب آخر تؤكد نازك أن القضايا السابقة على قصائدها وقصائد السياب كانت إرهاصات تتنبأ بقرب ظهور حركة الشعر الحر، وتضيف أنها اندفعت إلى التجديد بتأثير من درايتها بالعروض العربي وقراءتها للشعر الإنجليزي، بل تذكر بالنص: “إنني لو لم أبدأ حركة الشعر الحر، لبدأها بدر شاكر السياب رحمه الله، ولو لم نبدأها أنا وبدر لبدأها شاعر عربي آخر غيري وغيره، فالشعر الحر قد أصبح في تلك السنين ثمرة ناضجة حلوة على دوحة الشعر العربي بحيث حان قطافها، ولابد من أن يحصدها حاصد ما في أي بقعة من بقاع الوطن العربي، لأنه قد حان لروض الشعر أن تنبثق فيه سنابل جديدة باهرة تغير النمط الشائع وتبتدئ عصرا أدبيا جديدا كله حيوية وخصب وانطلاق”.
كما يضم كتابها تقديم زوجها الناقد الراحل د. عبد الهادي محبوبة في الطبعة الصادرة عام ،1962 ويشير في هذا التقديم إلى الظروف التي أحاطت بكتابة قصيدتها الشهيرة “الكوليرا” عندما اجتاح الوباء اللعين مصر، فانفعلت الشاعرة، وكان هذا كما يذكر بدقة يوم الثلاثاء 27 تشرين الأول سنة 1947. وطبقا لما نقله عن دفتر الذكريات المخطوط بقلم نازك نفسها، فإن والدها الأديب والباحث صادق الملائكة، وأمها الشاعرة المعروفة أم نزار، وأشقاءها.. ما إن سمعوا قصيدتها حتى أعلنوا عدم رضائهم عنها بسبب تخليها عن عمود الشعر التقليدي!
ويلي هذا الكتاب طبقا لطبعة المجلس الأعلى للثقافة كتابها “سيكولوجية الشعر ومقالات أخرى” وتشير فيه نازك إلى أنه يكاد يكون الجزء الثاني من كتابها الأول لأنها تتناول فيه القضايا التي لم ترد في الكتاب الأول مثل علاقة الشعر باللغة، والجانب السيكولوجي من القافية وارتباط الشعر الحديث بالمأثورات وما إلى ذلك، كما ألحقت بالكتاب بابا في النقد التطبيقي تناولت فيه شاعرين أحدهما قديم وهو عمر بن الفارض والثاني حديث هو إيليا أبو ماضي.
تاريخ مقدمة هذا الكتاب هو 17/6/،1979 بينما تاريخ كتابها الثالث طبقا لترتيب هذه الطبعة “الصومعة والشرفة الحمراء” هو عام ،1965 لكن محرر الطبعة وهو الناقد د. عبده بدوي لم ينتبه لهذا الأمر، فهل مقدمة سيكولوجية الشعر يعود تاريخها إلى إحدى طبعات الكتاب فقط، أم انتظرت سبعة عشر عاما وهو الفارق بين كتابيها الأول والثاني الذي تعتبره جزءا ثانيا للأول حتى تكتب الجزء الثاني؟
والمثير للدهشة، أن “الصومعة والشرفة الحمراء” يكاد يكون مجهولا كما تشير هي بنفسها في المقدمة، لأن طبعته الأولى الصادرة عن معهد الدراسات العربية كانت طبعة محدودة لأنها مخصصة أصلا لطلاب المعهد، حتى إنها عندما أهدت إحدى نسخه لخالد محيي الدين البرادعي بعد صدور طبعته الأولى بعدة سنوات فوجئ به، بل وكتب مقالا عنه بعنوان “كتاب مجهول لنازك الملائكة”.
كتابها التالي “التجزيئية في المجتمع العربي” يضم عددا من الدراسات المتفرقة كتبت بين عامي 1953 و1969 ونشرت أيضا متفرقة في الدوريات والمجلات العربية. وفكرة التجزيئية تسري في دراسات الكتاب على نحو يؤكد أنها ظاهرة اجتماعية عامة وتسيطر على الفكر العربي والحياة العربية فعلى سبيل المثال تشير في دراستها “المرأة بين الطرفين.. السلبية والأخلاق” إلى هذه التجزيئية في فكرة الحرية، حيث يعتقد الكثيرون أنه من الممكن أن يكون الرجل حرا كامل الحرية بينما المرأة أسيرة القيود.
ويرتبط بهذه الدراسة، حتى يتبين القارئ الفكرة الأساسية التي تسري في دراسات الكتاب، ما أشارت إليه في دراستها “مآخذ اجتماعية على حياة المرأة العربية” من أن المرأة تقول “إنها حرة كاملة الحرية ثم لا تلاحظ أن دور الأزياء تستعبدها وتسلبها كل حرية ممكنة، لأنها مضطرة شاءت أم أبت أن تلبس ما يريده مصمم الأزياء العابث الذي يفرض ما يشاء من دون منطق هنا نجد تجزيئية واضحة تفصل ملبس الإنسان عن حريته الفكرية فكان من الممكن أن تكون المرأة الحرة وهي قد استحالت إلى دمية يلبسها مصمم الأزياء ما يشاء دون أن تسأله: لماذا؟ وما المبرر الفكري لهذا الصنف من اللباس؟

“أكاديمية الشعر”: رحيل الملائكة خسارة للأدب العربي
أبوظبي “الخليج”:
تنعى “أكاديمية الشعر” في هيئة أبوظبي للثقافة والتراث الشاعرة العراقية الكبيرة نازك الملائكة الراحلة، التي وافتها المنية أمس الأول في القاهرة بعد صراع طويل مع المرض، وتعتبر الشاعرة الراحلة من الأسماء ذات الريادة في تجربة الشعر العربي الحديث، حيث تعد قصيدتها “الكوليرا” التي كتبتها في عام 1947 أحد نصوص التفعيلة التي شكلت منعطفا مهماً في تاريخ الشعر العربي، كما كان لدراساتها وآثارها النقدية إضافة مهمة للمكتبة العربية.
إنه مما لا شك فيه أن الشاعرة الراحلة أخذت وهجها الشعري منذ قصيدتها الأولى، واستمرت بالوهج ذاته حتى سنواتها الأخيرة من ريادتها الإبداعية في الشعر، كما شكلت تجربة مهمة في مسيرة الشعر العربي، وتناولتها مختلف دراسات الشعر العربي في العصر الحديث.
إن رحيل الشاعرة الكبيرة نازك الملائكة يشكل خسارة كبيرة للعرب وللأدب العربي، فقد كانت علما أدبيا وثقافيا وفكريا مهما، وأكاديمية الشعر إذ تنعى الفقيدة الراحلة، فإنها تتوجه بأحر تعازيها إلى أسرة الفقيدة، وجميع الأدباء في وطننا العربي، داعية الله أن يلهم أهلها وذويها الصبر والسلوان.

“اتحاد الكتاب” ينعى الراحلة
الشارقة “الخليج”:
نعى اتحاد كتاب وأدباء الامارات في الشارقة رحيل رائدة الشعر العربي الحديث نازك الملائكة، وفي ذلك يقول الأديب ابراهيم مبارك نائب رئيس اتحاد كتاب وأدباء الامارات: عندما يرحل أحد الأدباء والكتاب عن الساحة الثقافية العربية نشعر بفداحة الخسارة للجميع، وخصوصاً إذا كان الراحل من رواد وأعمدة الشعر العربي الحر، ناهيك عن أنها امرأة عربية قررت في ذلك الوقت، أي في نهاية الاربعينات من القرن الفائت، أن يكون لها وللمرأة العربية دورها في نهضة الشعر العربي، وتقدم مجتمعها فكرياً وثقافياً وحضارياً.
ان رحيل نازك الملائكة وفي هذا الوقت الذي يعاني فيه وطنها الكبير من هذه الأحداث المؤسفة من تمزق واختلاف ووطنها الأم العراق من هذا النزف الدموي اللامعقول، يبدو وكأنه يكمل هذا المشهد التراجيدي الذي نعيشه اليوم في وطننا العربي.
لقد تركت نازك الملائكة بصمتها الابداعية ورحلت كرائدة وعلم من أعلام الأدب والشعر عبر تاريخها ونتاجها وحياتها المديدة التي عاصرت من خلالها عدة أجيال شعرية عربية منذ ديوانها الأول “عاشقة القمر” في نهاية الاربعينات وحتى بداية الثمانينات من القرن الفائت.
ونحن في اتحاد الكتاب والأدباء في الامارات نعزي أنفسنا ونرفع التعازي الى أهلها والى الساحة الثقافية العربية ونشاركهم هذا الفقد الكبير الممثل في هذه القامة الشعرية الجليلة.

آراء الشعراء والنقاد في رحيلها
الشارقة، القاهرة “الخليج”:
أحمد عبد المعطي حجازي:
نازك الملائكة شاعرة عظيمة بحق لأنها صاحبة لغة شعرية خاصة وتجربة شعرية متميزة، لأنها شاعرة مجددة بل هي رائدة من رواد التجديد في الصف الأول وربما سبقت الجميع.
وهي أيضا شاعرة ناقدة، وتجديدها ليس مجرد تجديد عفوي ينقصه الوعي وليس مجرد سليقة وإنما هو أيضا ثقافة ولذلك من خلال هذه الثقافة وما قدمته في دواوينها من مقدمات شرحت فيها الأسس الذي قامت عليه التجديد.
وعن أهم المحطات في مسيرتها الأدبية يقول حجازي إن كتاب “قضايا الشعر المعاصر” يعطيها مكانة فريدة في تاريخ الشعر العربي المعاصر، بالإضافة إلى قصيدتها الأشهر “الكوليرا” ومقدمة ديوانها “شظايا ورماد”.
وانتقد حجازي تجاهل الحركة الأدبية العربية لمرضها وقال إنها حركة تنقصها الأسس التي تقوم عليها وتنظمها وتجعلها حركة فاعلة، بمعنى آخر ان الأدباء والشعراء العرب الآن أفراد، لأن الشعراء والأدباء في معظم البلاد العربية مشغولون بكسب الرزق أو كلهم مشغول بالدفاع عن نفسه وإعلان اسمه ولا توجد غايات معروفة أو مفهومة أو جامعة تجمع هؤلاء الشعراء، فالحركة الأدبية العربية الآن حركة عشوائية وأستطيع أن أقول إنها بلا أخلاق.
ونازك مقيمة في مصر منذ أكثر من عشرين عاما وقررت العزوف عن الاتصال بالحياة الأدبية بأي صورة من الصور وقد اقترحت في مؤتمر الشعر في فبراير/شباط الماضي منح الجائزة إلى نازك الملائكة لكنهم لم يتصرفوا بالطريقة اللائقة التي تدل على الشعور بالمسؤولية، نازك الملائكة موجودة بشعرها وبدورها الخطير المؤثر والفعال في الشعر العربي المعاصر.
عبد الرحمن الأبنودي:
لقد رحلت بعد أن احتلت مكانتها البارزة في حركة تجديد الشعر العربي فهي أحد أعمدة مؤسسي صرح الشعر الحديث مع صلاح عبد الصبور وبدر شاكر السياب والبياتي وسعدي يوسف وهذه الكوكبة من الشعراء العظام شعرا ودراسة بقدر ما أعطت من قصائد تحتفي بالتجديد فإنها أيضا نظرت لهذا الشعر وساهمت في إضفاء الشرعية على الخروج عن القوالب القديمة وفكرة القافية الموحدة وبشرت باعتماد التفعيلة مما حرر الشعر وأعطاه فضاءات جديدة للتحليق فهي قيمة أدبية كبيرة.
وفي ما يتعلق بتجاهل الأدباء لها أكد الأبنودي أن هذه ظاهرة لا تنطبق فقط على السيدة نازك الملائكة ولكن على من يطول عمره أكثر من اللازم من وجهة نظر المثقفين لقد تجاوز الشعر نفسه بصورة كبيرة لكني لا أراه قد تجاوز عبد الصبور أو السياب أو نازك الملائكة، وعموما ففي هذه الفترة التي نعيشها لم نعد قادرين على الاحتفاء ببعضنا بعضاً فالهموم أكبر والبحث عن المطامح الشخصية يستغرق كل الوقت.
د. محمد عبد المطلب:
تربعت نازك الملائكة على قمتين في آن في تاريخ الثقافة العربية والشعر العربي هما قمة النقد والتنظير وقمة الإبداع الشعري، وإذا كان جيل الريادة لا يتجاوز خمسة أو ستة أشخاص فإن نازك بينهم تحتل القمة، وذلك لأنها من القلائل الذين فهموا الحداثة الإبداعية فهماً صحيحا حيث فهمتها على أنها احترام لقديمها بالدرجة الأولى ثم توافق مع الحاضر على نحو يلائم بين الإبداع وتطوراته ثم إن لها نظرة مستقبلية حتى إنها تناولت ما يسمى الآن بقصيدة النثر، وأظن أن كتابها “الشعر العربي المعاصر” يظل علامة بارزة في مسيرة الشعر العربي وأنا من هنا أدعو كل المؤسسات الثقافية في العالم العربي إلى أن تقيم المؤتمرات والندوات التي تفحص ما تركته هذه الرائدة من نقد ومن إبداع وأن تعيد تقديمه إلى الأجيال الحاضرة حتى تتحرك هذه الأجيال حركة تواصلية على نحو ما فعلت نازك، والذي يهمني الآن أن جيل الريادة قد رحل معظم أعضائه ولم يتبق لنا الآن إلا رائدان كبيران هما أدونيس وحجازي وعلينا أن نهتم بهما اهتماما بالغا حتى نتخلص من هذا الموروث الثقافي الذي يدفعنا دائما إلى البكاء على الموتى، نحن نريد أن نحتفي بالأحياء قبل أن نبكي على موتانا، ورحم الله نازك الملائكة التي ماتت منذ سنوات طويلة موتا تقديريا واليوم ترتفع روحها إلى السماء لأنها قصيدة جميلة لكنها قصيدة خالدة لن تغيب.
الشاعر حميد قاسم:
هكذا، أخذ الموت (بوصفه حقيقة مطلقة)، نازك الملائكة، واستُردت الوديعة، ليتوارى طائر آخر، على حد وصف الشاعر العراقي الراحل “عقيل علي” بل توارى آخر الطيور في سرب أنجز مفصلاً مهماً في تاريخ الشعر العربي، ان لم أقل المفصل الأهم منذ أبي تمام وأبي نواس، ضمن مشروع التحديث في شعرنا العربي. اذ كانت هذه الشاعرة أكثر رواد حركة الشعر الحر “التفعيلة” جرأة، وموهبة، و”التباساً” كذلك، واعني الالتباس الذي سيفسر للدارسين مواقفها اللاحقة من جوهر التحديث، ومما اسهمت هي في تأسيسه وريادته، والتنظير له تظل نازك الملائكة في تقديري الرائد الأهم في الحركة التجديدية التي شهدها شعرنا منتصف اربعينات القرن الماضي، غير أن انشغالها بالدرس الأكاديمي، وتراجعاتها الخطيرة عن هذه الحركة واساسياتها بروح “محافظة” لم تمنح الملائكة حقها من الشهرة والدراسة قياساً بزميلها بدر شاكر السياب، انها موهبة ظلمت كثيراً، ولم تنل ما تستحق من الاهتمام.
الشاعر كريم معتوق: أول ما أذكر من الراحلة الكبيرة نازك الملائكة بعيداً عن الصراعات التي قرأناها حول ريادة الشعر العربي الحر، هو عندما قرأتها في الجامعة كشاعرة تخصصت بلغة الموت اسماً ومعنى، حتى انك تستطيع أن تشم رائحة الموت في أسماء قصائدها ودواوينها، بدءاً من أول قصيدة لها في العام 1947 وهي “الكوليرا” مروراً ببقية نتاجها الشعري الذي امتد لأكثر من أربعين عاماً.
بحق هي الشاعرة العربية الاستثناء بين الشاعرات العربيات في العصر الحديث، حيث لم يختلف النقاد ولا الشعراء والباحثين والدارسين في الشعر العربي حول أهميتها ومكانتها الشعرية، وأتذكر أيضاً كيف أطلق على عائلتها لقب الملائكة، حين أقامت مع والديها واخواتها سعاد ولبنى وسها في بغداد، وأطلق عليهم أهل الحي عائلة الملائكة، لأنهم لم يسمعوا لهم صوتاً ولا ضجيجاً أو ازعاجاً أو شكوى، فلقبوهم بعائلة الملائكة.
أما نازك بشعرها فقد كانت دائماً قريبة من ملك الموت حيث حاورته وعاتبته طوال الثمانين عاماً ونيف التي عاشتها، ولكنه أمهلها ليزيد من غربتها عن بغداد، ولتعيش حزينة على ما آل إليه الحال في العراق من مآس وتمزق واختلاف واحتلال. ونسأل الله الرحمة لشاعرة الأمة العربية في العصر الحديث.
الناقد د. صالح هويدي: “يأتي حادث وفاة الشاعرة الرائدة نازك الملائكة ليضيف مبدعة جديدة إلى قائمة المبدعين العراقيين الذين يموتون في هذه الأيام إما قتلاً أو إهمالاً أو كمداً في الداخل والخارج. وعلى النحو نفسه من المصير التراجيدي المذل الذي حاق بمبدع رائد كبير كبدر شاكر السياب حين مات خارج أرضه مخذولاً مهملاً معزولاً، لم يشيع جثمانه إلا نفر لا يتعدى عددهم أصابع اليد الواحدة، تموت زميلته في الريادة الشعرية واجتراح طريق جديد للشعر العربي، بعد أن ظلت تصارع الموت سنوات طويلة من دون أن ينتشلها أحد أو يمد لها يد العون في أزمتها لترسم بذلك صورة محزنة لهذا الثنائي الاستثنائي الذي تحتفي أمم العالم المتقدم برموز ربما أقل منهما شأناً وتأثيراً في مسيرة الأدب والإبداع العربي. في مثل هذا الحدث الفاجع لا يملك المثقف إلا أن يوجه الدعوة الصادقة للمثقفين والمفكرين والأدباء العرب لتأمل ما وصلت إليه حال الأمة من تدهور وخراب. وما آل إليه حاضرها من تأزم وتراجع، وموقفها من بنيها ولا سيما المثقفين منهم الذين يدفعون الثمن مضاعفاً لفرط حساسيتهم وعمق إدراكهم ولتطلعهم الدائم إلى تجاوز واقعهم وامتلاك إرادتهم لتحقيق غد يليق بالإنسان العربي ويحقق للمبدع الكرامة التي تليق بمنجزه ودوره وطموحاته.
رحم الله الفقيدة الرائدة، فقد كانت شاعرة وناقدة مثقفة شغلت الوسط الثقافي بمواقفها وأفكارها، وأسعدت نفوس قرائها بنصوصها الشعرية ذات المسحة الرومانتيكية الشجية”.

الكوليرا
كانت قصيدتها “الكوليرا” التي نشرت في العام ،1947 أول قصيدة تنتمي الى الشعر الحر في الأدب العربي، والتي استكملت بعدها مشروعها كرائدة للشعر الحر من خلال ديوانها الأول “عاشقة القمر” الذي صدر في العام 1947. وفي ما يلي نص القصيدة:
سكن الليل،
اصغ إلى وقع صدى الأنات
في عمق الظلمة، تحت الصمت على الأموات
صرخات تعلو، تضطرب
حزن يتدفق، يلتهب
يتعثّر فيه صدى الآهات
في كل فؤاد غليان
في الكوخ الساكن أحزان
في كل مكان روح تصرخ في الظلمات
في كل مكان يبكي صوت
هذا ما قد مزقه الموت
الموت الموت الموت
يا حزن النيل الصارخ مما فعل الموت
طلع الفجر.
أصغ إلى وقع خطى الماشين
في صمت الفجر، اصغ، انظر ركب الباكين
عشرة أموات، عشرونا
لا تحص اصخْ للباكينا
اسمع صوت الطفل المسكين
موتى، موتى، ضاع العدد
موتى، موتى، لم يبق غد
في كل مكان جسد يندبه محزون
لا لحظة إخلاد لا صمت
هذا ما فعلت كف الموت
الموت الموت الموت
تشكو البشرية تشكو ما يرتكب الموت
الكوليرا
في كهف الرعب مع الأشلاء
في صمت الأبد القاسي حيث الموت دواء
استيقظ داء الكوليرا
حقداً يتدفق موتورا
هبط الوادي المرح الوضاء
يصرخ مضطرباً مجنونا
لا يسمع صوت الباكينا
في كل مكان خلف مخلبه أصداء
في كوخ الفلاحة في البيت
لا شيء سوى صرخات الموت
الموت الموت الموت
في شخص الكوليرا القاسي ينتقم الموت
الصمت مرير
لا شيء سوى رجع التكبير
حتى حفار القبر ثوى لم يبق نصير
الجامع مات مؤذنه
الميت من سيؤبنه
لم يبق سوى نوح وزفير
الطفل بلا أم وأب
يبكي من قلب ملتهب
وغداً لا شك سيلقفه الداء الشرير
يا شبح الهيضة ما أبقيت
لا شيء سوى أحزان الموت
الموت، الموت، الموت
يا مصر شعوري مزقه ما فعل الموت

اميمه عشريه
22-06-2007, 04:33 PM
وهذا نجم قد هوي .........
الا رحم الله مبدعتنا واسكنها فسيح الجنان

مثني ودالعيكوره
23-06-2007, 01:05 AM
رحم الله فقيدة الأدب العربي
ولك الشكر على تزويدنا تلك المعلومات القيمة
شكرا جزيلا

لك الشكر انت علي المرور الانيق

وما لي غيرترديد قولك : رحم الله فقيدة الادب العربي

مع صافي مودتي....

بدر الدين محمد
23-06-2007, 01:16 AM
رحمها الله .. الهم ابدلها دارا خيرا من دارها واهلا خيرا من اهلها .. آمين

مثني ودالعيكوره
23-06-2007, 01:28 AM
[size="5"]
ان رحيل نازك الملائكة وفي هذا الوقت الذي يعاني فيه وطنها الكبير من هذه الأحداث المؤسفة من تمزق واختلاف ووطنها الأم العراق من هذا النزف الدموي اللامعقول، يبدو وكأنه يكمل هذا المشهد التراجيدي الذي نعيشه اليوم في وطننا العربي.
لقد تركت نازك الملائكة بصمتها الابداعية ورحلت كرائدة وعلم من أعلام الأدب والشعر عبر تاريخها ونتاجها وحياتها المديدة التي عاصرت من خلالها عدة أجيال شعرية عربية منذ ديوانها الأول “عاشقة القمر” في نهاية الاربعينات وحتى بداية الثمانينات من القرن الفائت.

بحق هي الشاعرة العربية الاستثناء بين الشاعرات العربيات في العصر الحديث، حيث لم يختلف النقاد ولا الشعراء والباحثين والدارسين في الشعر العربي حول أهميتها ومكانتها الشعرية،

الناقد د. صالح هويدي: “يأتي حادث وفاة الشاعرة الرائدة نازك الملائكة ليضيف مبدعة جديدة إلى قائمة المبدعين العراقيين الذين يموتون في هذه الأيام إما قتلاً أو إهمالاً أو كمداً في الداخل والخارج. وعلى النحو نفسه من المصير التراجيدي المذل الذي حاق بمبدع رائد كبير كبدر شاكر السياب حين مات خارج أرضه مخذولاً مهملاً معزولاً، لم يشيع جثمانه إلا نفر لا يتعدى عددهم أصابع اليد الواحدة، تموت زميلته في الريادة الشعرية واجتراح طريق جديد للشعر العربي،

مشكور ايها الفخر "ابو نبيل " علي هذا الثراء من المعلومات وهذا "الكوكتيل" من اراء
النقاد والشعراء والادباء والمهتمين بالادب ...
ونتمني ان لا تصبح الامه العربيه بعد نازك عقيماً ... وان تنجب "النوازك" والبدور "بدر شاكر"

الا رحم الله نازك ....

مره آخر لك التجله والتقدير والفخر يا "فخر"...

مع عاكر مودتي....

أبونبيل
23-06-2007, 02:48 AM
مشكور ايها الفخر "ابو نبيل " علي هذا الثراء من المعلومات وهذا "الكوكتيل" من اراء
النقاد والشعراء والادباء والمهتمين بالادب ...
ونتمني ان لا تصبح الامه العربيه بعد نازك عقيماً ... وان تنجب "النوازك" والبدور "بدر شاكر"

الا رحم الله نازك ....

مره آخر لك التجله والتقدير والفخر يا "فخر"...

مع عاكر مودتي....

التجلة والتقدير لك الأبن العزيز مثنى ودالعيكورة العضو الجديد القادم بقوة وثبات
ونحن فى انتظار مساهماتك التى با لتاكيد ستثرى المنتدى وتضيف الية

مثني ودالعيكوره
25-06-2007, 03:30 AM
التجلة والتقدير لك الأبن العزيز مثنى ودالعيكورة العضو الجديد القادم بقوة وثبات
ونحن فى انتظار مساهماتك التى با لتاكيد ستثرى المنتدى وتضيف الية


اتمني ان اكون عند حسن ظنكم ايها "الفخر"....

واقترح ان نجمع بعض القصائد للاستاذه نازك الملائكه

ونلقي الضوء علي رائدة الشعر الحر"شعر التفعيله" ونقيف علي تجربه جرئيه

تحدت الصعاب واسكتت المنتقدين اضحت فيما بعد واحده من مدارس الشعر

ولها رواد ومؤايدين ومجددين ،

مع عاكر مودتي.....

أبونبيل
25-06-2007, 09:35 AM
رحم الله نازك الملائكة
د. عارف الشيخ***** الخليج

في يوم الأربعاء الموافق 20/6/2007 غادرت نازك الملائكة دار فرارها إلى دار قرارها عن عمر بلغ 84 عاما.

- توفيت الشاعرة الكبيرة في مصر، بعيدة عن وطنها العراق الذي يشكو اليوم من فوضى الدخلاء، وظلم المعتدين.

- شاعرتنا الكبيرة التي ولدت في بغداد عام 1923 انتقلت من بغداد إلى بيروت والكويت قبل أن تستقر في القاهرة.

وقاهرة المعز تستحق أن يعيش ويموت الشعراء في ثراها، فهي أرض العلم والعلماء والشعر والشعراء، ويكفي أنها الأرض التي أنجبت أحمد شوقي وحافظ ابراهيم ومحمود سامي البارودي والمنفلوطي والعقاد والرافعي والمازني.

واليوم أقول: هم القوم لا يشقى بهم جليسهم، والشاعرة الرقيقة نازك صادق الملائكة رحمها الله من أولئك الرواد ومن ذلك الجيل في نظري، فهي وإن كانت من مؤسسي الشعر الحر، إلا أنها نبغت في الشعر العمودي المقفى الموزون أولاً.

وشتان بين من يولد ويكتب كلمات منثورة هنا وهناك ويسمي نفسه شاعراً، وبين من يولد شاعراً ينظم الشعر على أصوله التي خلق الله عليها الشعر منذ الجاهلية الأولى.

- نعم شاعرتنا رقيقة، وإذا كان لكل انسان نصيب من اسمه، فإن لنازك من نصيبها من اسمها أيضا.

يقول هزاع بن عيد الشمري في كتابه جمهرة أسماء النساء وأعلامهن: النازك فارسية معناها المرأة الرقيقة، معرب، والنازك بالتركية معناه الناهم الهش واللطيف، ويقال نازكة أيضا.

وممن تسمت بهذا الاسم نازكة بنت ابراهيم محدثة كما ورد في معجم أعلام النساء لعمر رضا كحالة.

- والملائكة لقب أطلقه الناس والجيران على هذه العائلة لما لها من سمعة طيبة واتسمت بالهدوء في الحي.

- ونازك الملائكة من خريجي دار المعلمين العالمية في بغداد، وكلية التربية، فحملت ليسانس اللغة العربية منها، وبعدها سافرت إلى أمريكا فنالت الماجستير من جامعة وسكونسن في الأدب المقارن.

- أجل من حقها ان تكون شاعرة ومثقفة، لأنها من عائلة مثقفة، فوالدها صادق الملائكة شاعر من رواد المجالس الأدبية، ومن أبرز مؤلفاته دائرة معارف الناس التي تقع في عشرين جزءاً، كما أن أمها شاعرة ولها ديوان اسمه أنشودة المجد، كما أن خالها كان شاعراً.

- إذن فشاعرتنا التي كتبت الشعر وهي ما زالت طفلة في العاشرة من عمرها، ما انتقلت إلى جوار ربها، إلا بعد أن أثرت مكتباتنا بالعديد من دواوينها وكتبها التي منها:

- عاشقة الليل.

- شظايا ورماد.

- قرارة الموجة

- شجرة القمر.

- يغير ألوان البحر.

- الشمس التي وراء القمة.

- قضايا الشعر الحديث.

- سيكيولوجية الشعر.

- التجزيئية في المجتمع العربي.

- ويتضح أن الشاعرة والمؤلفة جمعت بين حضورها المجتمعي كشاعرة لها دواوينها ومشاركاتها، وبين كونها أكاديمية لها محاضراتها في كلية التربية في بغداد وجامعة البصرة ثم جامعة الكويت.

- ورغم أنها غابت عن المنتديات الثقافية في السنوات الأخيرة إلا أن جمهورها ومحبيها لم تغب عنهم صورة الشاعرة نازك الملائكة المخلصة للغتها العربية والبارة بأمتها، فكانت جائزة البابطين من نصيبها عام ،1996 تقديرا لدورها في التجديد والابداع في المجال الشعري.

- كما أنها كرمت من قبل دار الأوبرا المصرية عام 1999 بمناسبة مرور نصف قرن على انطلاقة الشعر الحر في الوطن العربي.

- أقول ونازك الملائكة عندما أعلنت الخروج على المألوف من أوزان الخليل، بررت ذلك بأنه يطلق جناح الشاعر من ألف قيد، وهي تضرب لذلك مثلا فتقول:

يداك للمس النجوم

ونسج الغيوم

يداك لجمع الظلال

وتشييد يوتوبيا في الرمال

أتراني لو كنت استعملت أسلوب الخليل حيث أن هذه الأبيات تنتمى إلى البحر الذي سماه الخليل المتقارب الذي يرتكز على تفعيلة واحدة هي فعولن.

أتراني كنت أستطيع التعبير عن المعنى بهذا الايجاز وهذه السهولة؟

ألف لا، لأني اضطر إلى أن أتم بيتاً له شطران، فأتكلف معاني أخرى غير هذه أملأ بها المكان، فأقول مثلا:

يداك للمس النجوم الوضاء

ونسج الغمائم ملء السماء

وهي صورة جنى عليها نظام الشطرين جناية كبيرة، لأننا ألصقنا لفظ الوضاء بالنجوم دونما حاجة، ووضعنا عبارة طائشة مثل ملء السماء لنرقع بها المعنى.

- أقول مع احترامي لرأي الشاعرة نازك الملائكة، إن الإيجاز والاطناب صفتان تلازمان العربية، شعرا كان أم نثرا، والشعر عمودياً كان أم شعر تفعيلة أم ما يسمى اليوم الشعر الحر.

- فمتى وجدنا شاعرا لا يستطيع أن يعبر بالايجاز في المقام الذي يتطلب الايجاز، فذلك عيب الشاعر نفسه وليس عيب الشعر.

- ولا تعاب أوزان الخليل أيضا، لأنه لم يأت بشيء من عند نفسه، بل تأمل في عيون الشعر العربي، فوجد أنها ما تخرج من تلك الايقاعات الجميلة التي تولدت عن حس عربي مرهف.

- إن مثل من لا يتذوق الشعر القديم، ويلقي اللوم على أوزان الخليل، مثل من يفضل البنطلون على البشت والعقال، ثم يتغنى بالعروبة ويعتز بدمه العربي.

ولا يدري أن الدم العربي ذاب فيه كما ذاب في الأندلس بعد أن سميت اسبانيا، وتخلى أهلها عن اللغة العربية وتراثها، حتى أن الواحدة منهن تقول كما عبر على لسانها نزار قباني في قصيدته الجميلة عن غرناطة:

قالت هنا الحمراء زهو جدودنا

فاقرأ على جدرانها أمجادي

أمجادها؟ ومسحت جرحا نازفا

ومسحت جرحا ثانيا بفؤادي

يا ليت وارثتي الجميلة أدركت

رجلا يسمى “طارق بن زياد”

- أعود إلى تبريرات الشاعرة نازك، فهناك من يرفض الخروج على المألوف خروجاً فاحشاً، وكيف نبيح لأنفسنا مثل هذا الخروج، في الوقت الذي نعترف بأن القديم هو الأصل الذي نستند إليه عندما نتحدث عن تراثنا.

- فالدكتور طه حسين عندما وقف من القرآن ومن الشعر الجاهلي موقفه الغريب، كان يدرك في قرارة نفسه بأنه لا يستطيع أن ينفذ من أقطار السموات والأرض فيما يريد أن يصل إليه، وقد قام عليه الناس من كل صوب.

- إذن فالقرآن يبقى أصلا بلاغيا في النثر، والشعر الجاهلي يبقى أصلا بلاغيا في النظم، ولا يجوز أن نحرف شيئا فيه بحجة أنه لا يتماشى مع زماننا، لأن العيب عيبنا، وصدق أبو تمام عندما قيل له لم تقول ما لا يفهم، فقال لم لا يفهم ما أقول.

- وهكذا فإن الشعر الحر اليوم لا يجوز أن يكون بديلاً عن الشعر المقفى الموزون، وإن كنا أجزناه بحكم المعاصرة والمماشاة، فليس لأنه البديل بل من باب جواز تداول اللؤلؤ الصناعي بجانب اللؤلؤ الطبيعي، ومعلوم أن اللؤلؤ الطبيعي هو الأغلى في العالم إلى هذا اليوم.

- إذن رحم الله نازك الملائكة، وجزاها الله خيرا على ما اجتهدت فأصابت، أما رحيلها فلا شك أنه رحيل لرمز شعري كبير بعد شوقي وحافظ وأبي القاسم الشابي ومحمد الجواهري.

أبونبيل
25-06-2007, 09:51 AM
من أنا
نازك الملائكة
****************
الليلُ يسألُ مَن أنا

أنا سرُّهُ القلقُ العميقُ الأسودُ

أنا صمتُهُ المتمرِّدُ

قنّعتُ كنهي بالسكونْ

ولففتُ قلبي بالظنونْ

وبقيتُ ساهمةً هنا

أرنو وتسألني القرونْ

أنا من أكون ؟

الريحُ تسألُ مَنْ أنا

أنا روحُهَا الحيرانُ أنكرني الزمانْ

أنا مثلها في لا مكان

نبقى نسيرُ ولا انتهاءْ

نبقى نمرُّ ولا بقاءْ

فإذا بلغنا المُنْحَنَى

خلناهُ خاتمةَ الشقاءْ

فإذا فضاءْ !

والدهرُ يسألُ مَنْ أنا

أنا مثله جبارةٌ أطوي عُصورْ

وأعودُ أمنحُها النشورْ

أنا أخلقُ الماضيْ البعيدْ

من فتنةِ الأملِ الرغيدْ

وأعودُ أدفنُهُ أنا

لأصوغَ لي أمساً جديدْ

غَدُهُ جليد

والذاتُ تسألُ مَنْ أنا

أنا مثلها حيرَى أحدّقُ في الظلام

لا شيءَ يمنحُني السلامْ

أبقى أسائلُ والجوابْ

سيظَلّ يحجُبُه سرابْ

وأظلّ أحسبُهُ دَنَا

فإذا وصلتُ إليه ذابْ

وخبا وغابْ

مثني ودالعيكوره
26-06-2007, 05:06 AM
أنا مثلها حيرَى أحدّقُ في الظلام

لا شيءَ يمنحُني السلامْ

أبقى أسائلُ والجوابْ

سيظَلّ يحجُبُه سرابْ

وأظلّ أحسبُهُ دَنَا

فإذا وصلتُ إليه ذابْ

وخبا وغابْ

مشكور ايها الفخر .... والكبرياء

ونتمني ان لا تغيب ولا تخيب ....

وان ندنو منك دائماً لنستشف منك العبق والرحيق

نحن متلهفين للمذيد....

مع عاكر وخالص امتناني مودتي

أبونبيل
27-06-2007, 10:58 AM
من "ديوان نازك الملائكة"


قصيدة في وادي العبيد


ضاع عُمْري في دياجيرِ الحياة
وخَبَتْ أحلامُ قلبــي المُغْرَقِ

ها أنا وحدي على شطِّ المماتِ
والأعاصيــرُ تُنادي زورقي

ليس في عينيّ غيـرُ العَبَراتِ
والظلالُ السودُ تحمي مفرقي

ليس في سَمْعيَ غيرُ الصَرَخاتِ
أسفاً للعُمْـــرِ، ماذا قد بَقِي ؟

* * *


سَنَواتُ العُمْر مرّت بي سِراعا
وتوارتْ في دُجَى الماضي البعيدْ

وتبقَّيْتُ على البحْر شِراعـــا
مُغرَقاً في الدمْع والحزنِ المُبيدْ

وحدتـي تقتلُني والعُمْرُ ضاعا
والأَسى لم يُبْقِ لي حُلماً "جديدْ"

وظلامُ العيْش لم يُبْقِ شُعَاعـا
والشَّبابُ الغَضُّ يَذْوي ويَبِيـدْ

* * *


أيُّ مأساةٍ حياتي وصِبايــا
أيّ نارٍ خلفَ صَمْتي وشَكاتي

كتمتْ روحي وباحتْ مُقْلتايا
ليتها ضنّتْ بأسرار حياتـي

ولمن أشكو عذابي وأسَايا ؟
ولمن أُرْسلُ هذي الأغنياتِ ؟

وحوالــيَّ عبيــــدٌ وضحايــا
ووجـودٌ مُغْــرَقٌ فــي الظُلُماتِ

* * *


أيُّ معنــىً لطُموحـي ورجائــي
شَهِدَ الموتُ بضَعْفــــي البَشريِّ

ليس في الأرض لُحزْني مـن عزاءِ
فاحتدامُ الشرِّ طبْعُ الآدمـــــيِّ

مُثُلي العُلْيا وحُلْمـــي وسَمَائـي
كلُّها أوهامُ قلبٍ شاعـــــريِّ

هكذا قالوا ... فما مَعْنـى بَقائـي ؟
رحمةَ الأقدارِ بالقلب الشقــــيِّ

لا أُريدُ العيشَ في وادي العبيـــدِ
بين أَمواتٍ ... وإِن لم يُدْفَنـــوا ...

جُثَثٌ ترسَفُ في أسْرِ القُيـــــودِ
وتماثيلُ اجتــوتْها الأَْعيُــــنُ

آدميّونَ ولكـــنْ كالقُــــرودِ
وضِبَاعٌ شَرْســــةٌ لا تُؤمَــنُ

أبداً أُسْمعُهـم عذْبَ نشيــــدي
وهُمُ نومٌ عميـقٌ مُحْـــــزنُ

* * *

قلبيَ الحُرُّ الــذي لم يَفْهمــوهُ
سوف يلْقَى في أغانيــه العَزَاءَ

لا يَظُنّوا أَنَّهم قــد سحقــوهُ
فهو ما زالَ جَمَالاً ونَقَــاءَ

سوف تمضي في التسابيح سِنوهُ
وهمُ في الشرِّ فجراً ومســاءَ

في حَضيضٍ من أَذاهْم ألفـوهُ
مُظْلمٍ لا حُسْنَ فيه ، لا ضياءَ

* * *
إِن أَكنْ عاشقةَ الليلِ فكأســي
مُشْرِقٌ بالضوءِ والحُبِّ الوَريقِ

وجَمَالُ الليلِ قد طهّرَ نفســي
بالدُجَى والهمس والصمْتِ العميقِ

أبداً يملأ أوهامــي وحسِّــي
بمعاني الرّوحِ والشِعْرِ الرقيـقِ

فدعوا لي ليلَ أحلامي ويأسي
ولكم أنتم تباشيرُ الشُــروقِ

أبونبيل
30-06-2007, 10:46 AM
وقفة أدبية ... نازك الملائكة.. تكريم خجول لما بعد الموت


كان من المتوقع منذ عدة سنوات، أن تموت الشاعرة نازك الملائكة في أي وقت، طالما هي تصارع مرضا عضالا على مدار تلك السنوات الطويلة القاسية. ولكن هذا التوقع الفيزيائي أو البيولوجي البحت من قبل الشاعرة نفسها وأهلها والمحيطين بها، لم يستحضر معه أدنى توقع أخلاقي من قبل المؤسسات العربية الثقافية لتكريم هذه الشاعرة الكبيرة وهي على قيد الحياة.


في غياب هذا الأدنى، غابت هذه المؤسسات عن نازك الملائكة غيابا مخجلا ، فلم تلتفت إليها وهي تخوض معركة الحياة والموت، سنة بعد أخرى، في شقاء الغربة والنسيان، لتكرمها بما يليق بها، وبما ينتشلها من الغربة والنسيان، شاعرة العراق الأولى وشاعرة الأمة العربية كلها، وشاعرة العبقرية البكر في تجديد وتحديث القصيدة العربية، قبل أن تغمض عينيها عن الدنيا وعن الشعر والأوطان والأمم حزينة ومقهورة، وهي التي لم تغمض لها عين في غمار معركة الشعر العربي المعاصر على وجه الخصوص، عبر أكثر من جيل.

الآن، وقد رحلت هذه الشاعرة في القاهرة، بعيدة عن تراب ونخيل بغداد، في غربة القومية العربية وهزيمة القومية العربية، ثمة ما يشبه “التكريم الإخباري” العابر لها أو عنها في موتها الصامت إلى حد الكتمان. تكريم باهت لما بعد الموت، في سياق متواضع جدا، يكاد أن يتوارى هو أيضا، في الهوامش المهملة لمسمى “رفع العتب” عن الضمير الثقافي العربي! أو دون أي مسمى. مجرد خبر عن الموت. أما الحياة، فلا شيء كان، ولا شيء يكون.

صحيح، إن العراق محطم ومذبوح، والعرب كلهم يواجهون انهيارات متلاحقة في ثقافتهم وتراثهم وتاريخهم، في هذه المرحلة التي تموت فيها شاعرتهم المبدعة، فكيف لهم في خرائب الانهيارات أن يرفعوا رؤوسهم من خنادق الحروب والكوارث والجثث المتراكمة، نحو الشعر؟ صحيح هذا كله، من العراق إلى فلسطين إلى لبنان إلى الصومال إلى السودان إلى كل بقايا ومزق الأطلس العربي. غير أن الشعر هو الحياة. فهل فقد العرب رغبتهم بالحياة؟ وهل خسروا في معارك الموت إرادتهم ومخيلتهم وأحاسيسهم من أجل الحياة؟

الواقع أن ما فقده العرب وما خسروه هو ضميرهم الثقافي نفسه. يتخبطون في الفقدان والخسارة، ثم يلقون باللائمة في هذا التخبط، على “السياسة” فحسب! يعني أن “السياسة” التي هي الحروب وهي الكوارث، هي التي صادرت هذا الضمير، واعتقلته في زنازينها، وحشرته ودجّنته في شبكة علاقاتها ومصالحها في الحكم؟ وفي مثل هذا المعنى، لا قيمة للوفاء، ولا حضور للتكريم. ولا فائدة من الذاكرة! أم أن أحدا بين اللائمين، يفكر بالاحتفال بين الجثث وفوقها وتحتها؟

يحاول المثقفون العرب في هذا التبرير السياسي المفزع ، أو “التسطيح السياسي” على الأصح، أن ينجوا بجلودهم المجرحة، وأن يقنعوا أنفسهم المضطربة بأن هذه النجاة هي ذاتها تعبير عن ضميرهم الثقافي الذي لا يموت رغم المصادرة والاعتقال والتدجين!؟

ولكنها محاول فاشلة إلى درجة الفجيعة. فهل كان ما يمنع مؤسساتهم الكثيرة مثلا،أو بعضها، أو واحدة منها، أن تكرم نازك الملائكة في حياتها، وأن تقف إلى جانبها في صراعها الطويل والمؤلم مع المرض، وأن تجدد طبع ونشر كتبها، وأن تشرح وتوضح للأجيال العربية الجديدة دور هذه الشاعرة وريادتها المبكرة والشُجاعة، في إنهاض الشعرية العربية من سباتها وجمودها؟

كان المانع غياب الضمير الثقافي. غياب هو الموت لهذا الضمير في صفته الأخلاقية. ثم تأخذ الفجيعة مستوى آخر من التراجيديا، حين لا يمشي في جنازة هذه الشاعرة الأكبر على مستوى الأمة، أحد من كبار شعراء هذه الأمة المنكوبة ذاتها. يخافون الموت؟ أم أنهم ينزوون في عتمة الفقدان والخسارة والهزيمة، خجلا من أنفسهم؟

الشعر باق، لا يخاف ولا ينزوي ولا يموت. ولا بد أن قصائد نازك الملائكة كانت في تلك الجنازة التي تشبه سحابة صغيرة مخنوقة بالبكاء على أطراف الصحراء الموحشة، خافقة بأجنحة خفية وراء النعش، على امتداد ستة عقود من الكتابة التي تضيء وإن لم تمسسها نار.

والعراق باق أيضا. وحين ينهض من حطامه وخرابه، سوف يستعيد رميم شاعرته الأولى، ليدفنه في مآقي عيون كل العراقيين، في خصب التراب بين دجلة والفرات، وفي حبة القلب من نسغ الحياة على مدار الكون.


علي الخليلي

مثني ودالعيكوره
05-07-2007, 05:13 AM
مازلت ايها الفخر توزع فينا الدهشه اطناب....

ولعلي عندما اقراء عن الملائكه في كل مره يزداد ايماني

اني لم اكن اعرف عنها شيئاً...

بركت ايها الفخار....

مع عاكر مودتي....

الجيلي حسن يوسف
10-07-2007, 10:57 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
رحم الله نازك
و الشكر الجزيل لهذا المجهود المقدر نسال الله ان يجعله في ميزان حسناتك
و الشكر كل الشكر للاخ العزيز الكاتب المتمرس ابو نبيل

أبونبيل
18-08-2007, 10:36 AM
أحيت الساكن ونمطت المتحرك

نازك الملائكة في ذاكرة الشعرية العربية

د.حاتم الصكَر:ألأتحاد
لم يكن غياب نازك الملائكة (''وأنا هنا أناور الموت وأداوره واستخدم أخف المصادر النحوية تعبيراً عن قسوته التي تمثل مفردة - الغياب- فيها شبحاً لدلالة قاسية هي الموت نفسه بأسمائه القصوى الغليظة!!'' ) مفاجئاً بالمعنى الحدثي والإخباري، فالجميع يعلمون بغيبوبتها الطويلة منذ وصولها مصر واستغراقها في انفصال تام عما حولها من يوميات، لكن انتهاء رحلتها في الحياة جعلت المناسبة ممكنة وواردة لتأمل موقعها البيّن والمهم على خريطة التجديد في الشعرية العربية التي كانت نازك من أوائل المنبهـــــين والمنبهات إلى حاجتها قبل نصف قرن تماماً إلى هزة جذرية وتحول أساسي وحاد في خط سيرها يواكب العصر ويضع شعرنا في القلب منه ويحيي تلك الخلايا المتجمدة في الجسد الشعري.

وبرحيل نازك الملائكة تكون قد طويت صفحة الضلع الثالث في مثلث التجديد الشعري الذي عرفه العراق في النصف الثاني من الأربعينيات ''سبقها إلى الغياب بدرشاكر السياب وعبدالوهاب البياتي وفي أرض بعيدة عن وطنهم مثلها تماما'' فضلا عن مجددين أوائل كبلند الحيدري شاركهم المصير الاغترابي نفسه.

لقد عرفت الشعرية العربية قبل محاولات الرواد العراقيين تجارب لا يستهان بها في هذا المجال اعترف بفضلها السياب ونازك لكنها لم تكن مطّردة ومتتابعة ومستمرة لتخلق الأثر المطلوب، كما أن دوافعها لم تكن بالعمق الذي تلمسه زملاء نازك - والسياب على رأسهم - نظرا لبرامجهم التجديدية ودوافعهم، فمن هؤلاء الذين كتبوا الشعر الحر مبكرين من ألجأته لذلك ضرورة التعبير عند الترجمة إلى العربية، ولم يسحب المقترح إلى ما كان يكتب من قصائد، وهذا ينطبق على حالة الشاعر''علي أحمد باكثير تحديداً'' رغم اعتراف السياب ونازك بأهمية محاولاته في التنبيه على الممكن في الكتابة الشعرية الجديدة، وأثره المباشر في إظهار محاولات التجديد نصياً عبر قصائدهما الأولى، وأحيانا كان التجديد موسميا وطارئاً ولا يتم متابعته كما في شعر محمد فريد أبو حديد ولويس عوض وغيرهما، وحتى عند استمداد الأسانيد من التراث القديم ''الموشح ونظامه الإيقاعي المميز وصورته الكتابية المتحررة بسبب الحاجة للغناء'' ومن التراث القريب ''كالبند والاستمرارية الرجزية'' في بعض النماذج السطرية لا البيتية المنبهة إلى إمكان وجود القصيدة خارج شكل الشطرين والقافية الموحدة، فذلك لم يكن إلا ''دافعا ومؤثرا'' في حال الرواد الذين- وعبرأفقهم الرؤيوي الجديد والمؤثرات التي استوعبوها - أفلحوا رغم ما واجههم من رفض وتخوين ومدافعة أن يفتحوا للقصيدة طرقا جديدة في خط سيرها وشعريتها لم تعرفه من قبل جذرياً ومن حيث اللغة والموضوعات والإيقاعات والشكل عموما. فنازك مشهود لها بالوعي النظري الذي تجسد في كتابها الرائد أيضا ''قضايا الشعر المعاصر'' الذي كانت دراساته المعمقة حول الشعر ''الحر'' كما اصطلحت هي- من أولى الدراسات التي تأملت ظاهرة الشعر الحر اجتماعياً وفنياً وحاولت تأصيلها وتنبهت إلى بعض ما تراءى لها خطرا على الشكل الجديد وفحصت عدداً من نماذجه المنشورة في حينها.

وقد كان قدراً غريباً وتوافقاً عجيباً أن تبدأ نازك تجاربها في الشعر الحر بقصيدة عن مصر التي ضربها وباء الكوليرا عام 1947وتختمها بالقول:

الموت ، الموت ،الموت يامصر شعوري مزّقه ما فعل الموت

وهي القصيدة التي سخرت منها عائلتها المهتمة كلها بالشعر وعدتها كلاما وليس شعرا، كما تقول نازك في مذكراتها وتقول إن القصيدة تسببت في ''ثورة جامحة في البيت'' وسنراها تمتد لتكون ثورة في الشعرية العربية كلها. وكما كانت البداية من مصر ستكون النهاية فيها ووداع الحياة الأبدي.