المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وأصبح لابني أماً..



أبونبيل
26-06-2007, 10:38 AM
من الواقع ... وأصبح لابني أماً..

عدني يا زوجي الحبيب بأن تكون لسعيد الأب والأم، عدني بألا تدع أي إنسانة أخرى تهينه أو تضربه حتى ولو كانت زوجتك وتحبها، قال ما هذا الكلام الله يهديك فأنت سوف تشفين بإذن الله ونربيه سوياً إن شاء الله فقالت لا. أنا أشعر بأن أيامي معدودة حتى لو أخفيت الأمر عني يجب ان تعدني حتى أرتاح قبل أن أموت فأنت يجب ان تتزوج وترزق بأطفال لكن احرص على ان تختار إنسانة طيبة تحب ابني وتعامله كابنها فهو سوف يكون بحاجة لمن ترعاه وتحبه، تزوج من فتاة تكون مؤمنة وتخاف الله لأن من مثلها تعرف كلمة يتيم ماذا تعني، فقال بحزن لن يحصل هذا ولا تزيدي كلمة أخرى على هذا الموضوع فأنت كنت وستبقين الوحيدة التي أحببت في حياتي لن يأخذ أحد مكانك، أرادت ان تعلق فوضع يده على شفتيها بلطف وحزن كبير بعينيه وقال أرجوك كفى لكنها كانت كلماتها الأخيرة لتترك طفلها الذي لم يتعد الأيام ووالده يعيشان مرارة الحرمان، أخذ بو سعيد طفله ليعيش مع جدته التي من كثرة تعلقها به أفسدته، كانت طلباته أوامر بالنسبة لها ولوالده، وعرف الحبيب مقامه فتدلل، كان منذ طفولته يكره المدرسة حيث يشعر بأنه محروم من اهتمامها وعطفها كان لا يصدق كيف يصل إلى المنزل ليرتمي بين أحضانها ويقول لها لن اذهب غدا وأتركك، كان الصباح بالنسبة للجميع كارثة فصراخ سعيد يملأ المنزل ويجرونه جرا إلى المدرسة حيث يزيد صراخه وبكاؤه، لم ينفع معه أي شيء لا الصراخ ولا التهديد.. لا الكلام الطيب ولا الوعود بالهدايا التي طلبها. احتار الأب المسكين وقال لأمه ما العمل مستحيل ان ادعه هكذا إذ يجب ان يتعلم فقالت له لا بأس يا بني فهو لا يزال صغيرا دعه هذا العام وسوف نرسله في العام المقبل يكون قد أصبح أوعى لا عليك، فقال لا حول ولا قوة إلا بالله حسنا يا أمي كما تشائين، لكنها وبعد فترة بدأت تمرض وتتعب فأخذت تحثه على الزواج مرة ثانية وتقول له يا ولدي يجب ان يكون لديك زوجة تراعيك وتهتم بك يجب ان يحظى ولدك بإخوة وأخوات وامرأة تهتم به فأنا سني لم يعد يسمح لي بالاهتمام به فأنا كما تعلم مريضة ومتى يأتي أجلي لا اعلم لكنني أريد ان أواجه ربي وانا مطمئنة عليك وعليه قال لها الله لا يحرمني منك يا أمي فقالت إذن اسمع كلامي وتزوج، يكفيك حزناً على الراحلة فليرحمها الله لكن الحياة تستمر وأنت رجل مؤمن وقد وعدتها قبل موتها، قال صعب علي ان أفي بوعدي لها بأن أتزوج غيرها لست مستعداً بعد فهي لا تزال في رأسي وقلبي ولا أظن بأنني أستطيع ان أحب غيرها لا سيما إنني لن أجد مثلها أبداً. قالت: مثلها لن تجد لكن من الممكن ان تكون التي برأسي قريبة منها، وبعد إقناع دام أشهراً وعند إلحاحها وافق بو سعيد على ان يرى التي قالت عنها والدته بأنها انسانة طيبة ومن عائلة محترمة بعدما رأتها في إحدى الجلسات فسألها ابنة من هي وماذا تفعل أجابته انها مدّرسة حضانة وظروفها تشبه ظروفك لقد توفي زوجها في حادث سيارة منذ ما يزيد على العامين ولديها ولد بسن سعيد فما رأيك؟ قال حسناً كما تريدين يا أمي فلنتوكل على الله ونحدد موعدا مع أهلها، وما هي إلا اشهر حتى تزوج سعيد وسارة. كان ولدها مؤدباً مجتهداً لم يشعر بو سعيد بوجوده في المنزل وأصبح يحبه جداً، كان عندما يحين موعد نومه يأتي ويتمنى لهم ليلة سعيدة يقبل أمه على رأسها ويذهب إلى غرفته، أما سعيد فحدث ولا حرج، كان يقوم بضرب الخادمة كلما أرادت ان تضعه في الفراش ويشتمها ويركلها، يمسكها من شعرها ويشدها فيركض والده لينقذها من بين يديه. كانت زوجته المسكينة تحاول ان تربيه كما تربي ولدها، لكنه كان دائماً يصرخ بوجهها ويقول لها اغربي عن وجهي فأنت لست أمي ولا يحق لك ان تقولي لي شيئا، كانت تفهم معاناته وبأنه يحزن لوجودها جنب ولدها بينما هو قد فقد والدته وحنانها لا بل لم يشعر بهما ولم يعرفهما اطلاقاً. كان عندما ينظر اليها عندما تحتضن ولدها بنظرة كانت كفيلة بأن تفهم معاناته وكانت تحاول ان تفعل معه مثلما تفعل مع ابنها لكنه كان يرفض ان يتقرب منها بردة فعل طبيعية لأن الفكرة بأنها ليست أمه هي التي تعذبه وتحزنه لكنها لم تيأس فكانت تكرر محاولاتها معه ودائما تصل إلى طريق مسدود، حتى ولدها محمد كان يحاول ان يصادقه. كان يقف على باب غرفته ويستأذنه بالدخول فكان يطرده ويقفل الباب بوجهه، إلى ان أتى يوم وكرر محمد المحاولة بطلب من والدته وقف مثل عادته على باب الغرفة وقال لسعيد هل أستطيع ان العب معك فلم يجاوبه، خطى خطوة إلى الأمام بحركة من يد والدته التي كان ينظر إليها فشجعته على ان يتقدم وما هي إلا بضع خطوات حتى أصبح وراءه فقد كان سعيد جالساً يلعب على الكمبيوتر فسأله محمد: أتمانع ان أجلس معك؟ فما كان من سعيد إلا ان استدار وضرب محمد على رأسه بزجاجة العطر الكبيرة فوقع الأخير على الأرض والدماء تسيل من رأسه. صرخت أمه وركضت نحوه لتحمله وتتوجه به إلى أقرب مستشفى.

عدة غرز احتاجها محمد للجرح الذي أحدثه سعيد في رأسه، وعندما اطمأنت سارة على سلامته اصطحبته إلى المنزل. في هذا الوقت عندما رأى سعيد محمد على الأرض شعر بخوف شديد وعندما أخذته والدته إلى المستشفى أخذ يبكي ويرتجف، شعر بذنب كبير ولام نفسه على الذي فعله، أتت الخادمة وعندما رآها ارتمى بين ذراعيها وهو يقول لم أكن أقصد انا آسف لا أريده ان يموت، اتصلت الخادمة بوالده فأتى مسرعاً إلى المنزل حيث كانت سارة قد وصلت قبله وكان سعيد خائفاً جداً من ردة فعل والده على ما قام به، وصل بو سعيد والخوف باد على وجهه وسأل زوجته ما الذي جرى ولماذا لم تتصلي بي فقالت لم أكن أريد ان اشغل بالك فهذا أمر بسيط. أخبريني ما الذي جرى وعندما لم ترد عليه نادى على ولده لأنه علم من الخادمة بأنه الفاعل قائلاً سعيد انزل إلى هنا الآن، خاف سعيد جداً انها المرة الأولى التي يخاف فيها من والده فهو لم يسمعه يصرخ قبل ذلك فنزل السلم ودموعه تسيل على خديه ولدهشته سمع سارة تقول: لماذا تصرخ عليه يا بو سعيد ما ذنبه هو؟ نظر إليها قائلا كيف تقولين هكذا ألم يكن هو من ضربه؟ قالت له وهي تبتسم ابتسامة عريضة كلا يا بو سعيد هو لم يفعل له أي شيء محمد وقع على السلم وجرح رأسه جرحاً بسيطاً والحوادث تقع مع الأولاد أليس كذلك يا محمد فقال له نعم يا عمي هذا ما حصل فعلا فقد تعثرت ووقعت، نظر سعيد بدهشة اليهما أما بو سعيد فقد أخذ الصغير بين يديه وقبل زوجته على رأسها قائلا لم أكن أعلم إنكما تجيدان الكذب لهذه الدرجة، ارتاح سعيد وشكر زوجة والده وابنها بابتسامة كانت كافية بالنسبة لهما ليسامحاه على ما فعل ويبدأوا بداية جديدة في منزلهم الجديد.

أصبح سعيد ومحمد أكثر من شقيقين خاصة بعد ان أنجبت سارة فتاة جميلة أحبها الاثنان كثيرا. صار محمد ينادي بو سعيد أبي وسعيد ينادي سارة أمي، كما انهما تقريبا لا يفترقان وسعيد أصبح متفوقاً في المدرسة ويتنافس مع محمد. كانت فرحة بو سعيد كبيرة في منزله الذي تركه منذ وفاة زوجته فكان يجلس في المساء خارجاً وهو يراقب الأولاد ويسمع ضحكهم فينظر إلى السماء وكأنه يقول لها هل انت مطمئنة وراضية الآن فقد وفيت بوعدي لك وها هو ابنك قد كبر وزوجتي تحبه وتهتم به كابنها، تماماً كما طلبت، وانا أصلي دائماً لك بأن تكوني إلى جوار ربك راضية مرضية.

مريم راشد***** الخليج

Mrim_r@yahoo.com