صديق بلال
23-07-2007, 07:28 AM
________________________________________
أخواني ،،، وزملائي الكرام ،،،،
هذه واقعة حقيقية 100 % حصلت مع زميلنا وأحببت أن أنقلها لكم لنستفيد جميعا ،،،،
وهي أقرب للخيال في وقتنا هذا ،،،،
وإليكم الواقعة ..
*************
مكة المكرمة 45 كلم
كنا في جدة في بيت الوالدة حفظها الله في صباح الجمعة ... وعند الضحى سألت خالي...
ما رأيك نذهب إلى مكة لنصلي الجمعة هناك و نرجع مباشرة بعد أداء الصلاة إلى جدة...
قال: فكرة طيبة ... نشرب الشاهي أولا ثم نتوكل على الله للذهاب إلى مكة المكرمة...
قلت: الآن .. قبل ما يجعل الشيطان الكسل يدب في نفوسنا .. وأوعدك بأنني سوف أشتري لك شاهي عدني ما حصل من البوفيهات المتوفرة على طول الطريق.. لكي لا نتأخر ونصل إلى الحرم قبل الإزدحام لأنه معروف في يوم الجمعة يزدحم المسجد الحرام بالمصلين .. فكل أهل مكة يصلوا هناك وأيضا من يأتوا من خارج مكة المكرمة...
وحينما كنا في الطريق السريع الذي يربط بين مدينة جدة ومكة المكرمة ... لفت نظري قبل مكة المكرمة بحوالي خمسة وأربعين كيلومتر أو تزيد قليلا في الناحية الأخرى من الطريق .. بيت أبيض من بيوت الله .... مسجد .. ولفت نظري لعدة أشياء
لونه أبيض رائع ... و مئذنته جميلة و عالية نسبيا
مبني على أسفل سفح جبل أو على تلة تقريبا .. مما يجعل الوصول إليه يبدو صعبا قليلا ... خاصة على كبار السن .. وإن كان واضح أن من بنى المسجد بناه على هذه الصورة ليكون ظاهرا للناس من بعيد ... إن في هذا المكان مسجد
المسجد كان مهدم .. أو بمعنى أصح .. كان عبارة عن ثلثي مسجد فقط ... و الجزء الخلفي مهدوم تماما .. و لا يوجد أبواب أو حتى شبابيك .. وليس أكثر من مسجد مهجور مرتفع عن الأرض
لا أدري لماذا بقى منظر هذا المسجد في قلبي؟ ... وصورته ما فارقت خيالي أبدا .. يمكن لشموخه ووقوفه ضد السنين ...
الله أعلم
***
وصلنا مكة ولله الحمد ... ووقفنا السيارة خارجها نظرا لشدة الزحام وصلينا وسمعنا الخطبة
بعد الصلاة .. ركبنا سيارتنا وأخذنا طريق العودة
للمرة الثانية ... لا أدري لماذا ... ظهرت صورة نفس المسجد في نفسي؟
المسجد الأبيض المهجور
جلست أكلم نفسي ... بعد قليل من الوقت أشتقت لرؤية ذلك المسجد المهجور..
جلست ألتفت لليمين وأنا أبحث عنه
اذكر أن بجانبه مبنى المعهد السعودي الياباني بحوالي خمسمائة متر و كل من يمر بالطريق السريع يستطيع أن يراه
مررت بجانب المسجد ونظرت فيه.. ولكن لفت إنتباهي شيئا ما ألا وهو...
سيارة .. فورد زرقاء اللون تقف بجانبه
ثواني مرت وأنا أفكر ..لماذا وقفت هذه السيارة هنا؟ وماذا يفعل صاحب السيارة في هذا المكان؟
هديت السرعة ودرت لليمين على الطريق الترابي ناحية المسجد ... ليقضي الله أمرا كان مفعولا ... وسط ذهول خالي وهو يسألني
خير ماذا حصل؟؟؟
خير أهناك شئ؟؟؟
إتجهت لليمين من عند المعهد السعودي الياباني في طريق ترابي بحوالي خمسمائة متر .. ثم درت يمينا مرة أخرى ... ثم دخلت داخل أسوار لمزرعة قديمة ... حتى توجهت للمسجد مباشرة
سألني خالي خير .. ماذا حصل رد علي يابني...
قلت: أبدا .. أردت فقط أن أعرف صاحب تلك السيارة ماذا يفعل هنا؟؟
قال: ... مالنا ومال الناس
قلت: دعنا نرى.. وبالمرة فرصة لنصلي العصرفي هذا المسجد المهجور.. أعتقد أن وقت الأذان قد حان الآن...
شعر خالي بأنني مصمم ومتجه بقوة ناحية المسجد... فسكت وسلم أمره لله...
***
أوقفنا السيارة في الأسفل ... وطلعنا حتى وصلنا للمسجد ... وإذا بصوت عالي ... يرتل القرآن باكيا .. ويقرأ من سورة الرحمن ... وكان يقرأ هذه الآية بالذات
( كل من عليها فان * ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام )
فكرت أن ننتظر في الخارج نستمع لهذه القراءة .. لكن الفضول قد بلغ بي مبلغه لأرى ماذا يحدث داخل هذا المسجد ... المهدوم ثلثة ... والذي ربما حتى الطير لا يمر عليه...
دخلنا المسجد .. وإذا بشاب وضع سجادة صلاة على الأرض ... في يده مصحف صغيرا يقرأ فيه ... ولم يكن هناك أحدا غيره وأؤكد
لم يكن هناك أحدا غيره
قلت السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نظر إلينا وكأننا افزعناه ... مستغربا من حضورنا .. ثم قال:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
سألته صليت العصر؟
قال:.. لا
قلت: إذا هل أذنت ؟
قال لا... كم الساعة ؟
قلت وجبت صلاة العصر الآن...
فتوليت أنا الآذان فأذنت .. وحينما بدأت بإقامة الصلاة .. وجدت الشاب ينظر ناحية القبلة و يبتسم
غريبة إبتسامته !!!
يبتسم لمن ؟
وما هو السبب الذي دعاه لتلك الإبتسامة!!!
وقفت أصلي ... إلا وأسمع الشاب يقول جملة طيرت عقلي تماما
قال بالحرف الواحد
أبشر ... جماعه مرة وحدة
نظر لي خالي متعجبا ... فتجاهلت ذلك ... ثم كبرت للصلاة وأنا عقلي مشغول بهذه الجملة
( أبشر جماعة مرة وحدة )
يكلم من ياترى؟؟؟ .. لا يوجد أحدا سوانا في المكان!!! .. أنا متأكد إن المسجد كان خاليا من سوانا ...لربما أحدا قد دخل دون أن نراه ... فتبادر سؤال في ذهني... هل هذا الشاب مجنون؟ ... لا أعتقد أبدا ... ولكن كان يحدث أو يخاطب من؟ !!!
صلى خلفى ... وأنا تفكيري منشغل فيه تماما
بعد الصلاة ... أدرت وجهي لهم .. وحين أشار لي خالي للإنصراف.. قلت له .. إنصرف أنت وإنتظرني في السيارة وسوف ألحقك...
نظر إلي ... كأنه خايف علي من هذا الشاب الغريب
الذي يتوقف عند مسجد مهجور
الذي يقرأ القرآن في مسجد مهجور
الذي لا نعلم كان يكلم من ... حين يقول
( أبشر جماعة مرة وحدة )
أشرت إليه أني جالس قليلا
نظرت للشاب وكان مازال مستغرقا في التسبيح ... ثم سألته
كيف حال الشيخ ؟
فقال: بخير ولله الحمد
سألته ما تعرفت عليك
قال: أنا فلان بن فلان
قلت فرصة سعيدة يا أخي ... ولكن الله يسامحك .. أشغلتني عن الصلاة
سألني لماذا ؟
قلت ... وأنا أقيم الصلاة سمعتك تقول
أبشر جماعة مرة وحدة
ضحك ... وقال وماذا فيها؟
قلت ... ما فيها شئ ولكن .. أنت كنت تخاطب من !!!
إبتسم ... ونظر للأرض وسكت لحظات ... وكأنه يفكر .. هل يخبرني أم لا ؟
هل سيقول كلمات أعجب من الخيال
أقرب للمستحيل
تجعلني أشك أنه مجنون
كلمات تهز القلوب
تدمع الأعين
أم يكتفي بالسكوت!!!
قال:لو قلت لك .. سوف تقول بأنني مجنون
تأملته مليا ... وبعد ذلك ... ضممت ركبتي لصدري ... حتى تكون الجلسة أكثر حميمية .. أكثر قربا .. أكثر صدقا .. وكأننا أصحاب من زمان
قلت:.. ما أعتقد أنك مجنون ... شكلك هادئ جدا ... وصليت معانا ولا سمعت لك حرف نشاذ
نظر لي ... ثم قال كلمة نزلت علي كالقنبلة .. جعلتني افكر فعلا .. هل هذا الشخص مجنون !!!
حيث قال: كنت أكلم المسجد
قال:.. نعم !!!
كنت أكلم المسجد
سالته حتى أحسم هذا النقاش مبكرا ... وهل رد عليك المسجد ؟
تبسم ... ثم قال .. ما قلت لك ...سوف تقول بأنني مجنون .. وهل الحجارة ترد .. هذه مجرد حجارة
تبسمت ... وقلت كلامك عين الصواب .. طالما إنها لاترد ... إذا... لماذا تكلمها؟ !!!
هل تنكر .... إن منها ما يهبط من خشية الله
سبحان الله ... كيف أنكر وهذا مذكور في القرآن
إذا ... و قوله تعالى ( وإن من شئ إلا يسبح بحمده )
قلت: لم أفهم ما تعنيه...
قال: سوف أقوم بإفهامك..
نظر للأرض فترة وكأنه مازال يفكر
هل يخبرني ؟؟
هل أستحق أن أعلم ؟؟
ثم قال دون أن يرفع عينيه
انا إنسان أحب المساجد .. كلما رأيت مسجدا قديما أو مهدوما أو مهجورا.. أفكر فيه .
أفكر في تلك الأيام التي كان الناس يصلون فيه...
وأقول في نفسي ..تجد أن المسجد الآن مشتاقا إلى المصلين ليصلوا فيه كما كان سابقا.. تراه يحن لذكر الله تعالى...
أحس ... أحس إنه ولهان على التسبيح والتهليل .. يتمنى لو آية تهز جدرانه .. وأفكر .. وأفكر .. يمكن يمر وقت الآذان وتلقى المئذنة مشتاقة ... و تتمنى تنادي ... حي على الصلاة ... وأحس إن المسجد ... يشعر إنه غريب بين المساجد .. يتمنى ركعة .. سجدة .. أحس بحزن في القبلة ... تتمنى لا إله إلا الله .. ولو عابر سبيل يقول الله أكبر ... وبعد ذلك يقرأ
( الحمدلله رب العالمين )
أقول في نفسي والله لأطفئ شوقك .. والله لأعيد فيك بعض أيامك .. أقوم أنزل ... وأصلي ركعتين لله ... وأقرأ فيه جزء من القرآن
لا تقول غريب فعلي .. لكني والله ... أحب المساجد
أدمعت عيني ... نظرت في الأرض مثله لجل ما يلاحظها .. من كلامه .. من إحساسه .. من أسلوبه .. من فعله العجيب .. من رجل تعلق قلبه بالمساجد
ما وجدت كلمات أن أقولها بعد أن سمعت ما سمعت من ذلك الشاب المؤمن التقي.. وأكتفيت بكلمة الله يجزاك كل خير ويبارك في عمرك وأن يكثر من أمثالك...
بدأ خالي يدق لي بوري سيارتنا يستعجلني .. قمت ... وسلمت على الشاب لتوديعه ... قلت له ... لا تنساني من صالح دعاك ياأخي...
وحين هممت للخروج من المسجد... قال الشاب: وعينه مازالت في الأرض
أتعلم .. ماذا كنت أدعو دائما وأنا خارج من المسجد..
نظرت فيه وأنا أفكر .. وتمنيت أن الزمن يطول وأنا ما زلت أنظر فيه .. ويتبادر في ذهني سؤالا...من كان هذا فعله .. فكيف سيكون دعائه ... وما كنت أتوقع أبدا هذا الدعاء الذي أخبرني عنه...
اللهم
اللهم
اللهم
إن كنت تعلم أني آنست هذا المسجد بذكرك العظيم ... وقرآنك الكريم ... لوجهك يا رحيم .. فآنس وحشة أبي في قبره وأنت أرحم الراحمين
حينها تتابع الدمع من عيني .. ولم أستحي أن أخفي ذلك .. أي فتى هذا .. وأي بر بالوالدين هذا
ليتني مثله .. بل ليت لي ولد مثله
كيف رباه أبوه .. أي تربية .. وعلى أي شئ نربي نحن أبناءنا
هزني هذا الدعاء ... إكتشفت إني مقصرا للغاية مع والدي رحمه الله .. كم من المقصرين بيننا مع والديهم سواء كانوا أحياء او أموات
أرى بعض الشباب حين تأتي صلاة الجنازة أو حين دفن الأب ... أراهم يبكون بحرقة ... يرفعون أكفهم بالدعاء بصوت باكي ... يقطع نياط القلوب ... و أتفكر .. هل هم بررة بوالدهم أو والدتهم إلى هذه الدرجة .. أم أن هذا البكاء محاولة لتعويض ما فاتهم من برهم بوالديهم !!! .. أم أنهم الآن فقط .. شعروا بالمعنى الحقيقي ... لكلمة أب .. او كلمة أم...
وفي الختام أسأل الله عزوجل أن يجعلنا بارين بوالدينا ووالد والدينا... آمين يارب العالمين
((المسجد المذكور في هذه القصة معروف، على يسار المتجه من جدة إلى مكة على الطريق السريع))
أخواني ،،، وزملائي الكرام ،،،،
هذه واقعة حقيقية 100 % حصلت مع زميلنا وأحببت أن أنقلها لكم لنستفيد جميعا ،،،،
وهي أقرب للخيال في وقتنا هذا ،،،،
وإليكم الواقعة ..
*************
مكة المكرمة 45 كلم
كنا في جدة في بيت الوالدة حفظها الله في صباح الجمعة ... وعند الضحى سألت خالي...
ما رأيك نذهب إلى مكة لنصلي الجمعة هناك و نرجع مباشرة بعد أداء الصلاة إلى جدة...
قال: فكرة طيبة ... نشرب الشاهي أولا ثم نتوكل على الله للذهاب إلى مكة المكرمة...
قلت: الآن .. قبل ما يجعل الشيطان الكسل يدب في نفوسنا .. وأوعدك بأنني سوف أشتري لك شاهي عدني ما حصل من البوفيهات المتوفرة على طول الطريق.. لكي لا نتأخر ونصل إلى الحرم قبل الإزدحام لأنه معروف في يوم الجمعة يزدحم المسجد الحرام بالمصلين .. فكل أهل مكة يصلوا هناك وأيضا من يأتوا من خارج مكة المكرمة...
وحينما كنا في الطريق السريع الذي يربط بين مدينة جدة ومكة المكرمة ... لفت نظري قبل مكة المكرمة بحوالي خمسة وأربعين كيلومتر أو تزيد قليلا في الناحية الأخرى من الطريق .. بيت أبيض من بيوت الله .... مسجد .. ولفت نظري لعدة أشياء
لونه أبيض رائع ... و مئذنته جميلة و عالية نسبيا
مبني على أسفل سفح جبل أو على تلة تقريبا .. مما يجعل الوصول إليه يبدو صعبا قليلا ... خاصة على كبار السن .. وإن كان واضح أن من بنى المسجد بناه على هذه الصورة ليكون ظاهرا للناس من بعيد ... إن في هذا المكان مسجد
المسجد كان مهدم .. أو بمعنى أصح .. كان عبارة عن ثلثي مسجد فقط ... و الجزء الخلفي مهدوم تماما .. و لا يوجد أبواب أو حتى شبابيك .. وليس أكثر من مسجد مهجور مرتفع عن الأرض
لا أدري لماذا بقى منظر هذا المسجد في قلبي؟ ... وصورته ما فارقت خيالي أبدا .. يمكن لشموخه ووقوفه ضد السنين ...
الله أعلم
***
وصلنا مكة ولله الحمد ... ووقفنا السيارة خارجها نظرا لشدة الزحام وصلينا وسمعنا الخطبة
بعد الصلاة .. ركبنا سيارتنا وأخذنا طريق العودة
للمرة الثانية ... لا أدري لماذا ... ظهرت صورة نفس المسجد في نفسي؟
المسجد الأبيض المهجور
جلست أكلم نفسي ... بعد قليل من الوقت أشتقت لرؤية ذلك المسجد المهجور..
جلست ألتفت لليمين وأنا أبحث عنه
اذكر أن بجانبه مبنى المعهد السعودي الياباني بحوالي خمسمائة متر و كل من يمر بالطريق السريع يستطيع أن يراه
مررت بجانب المسجد ونظرت فيه.. ولكن لفت إنتباهي شيئا ما ألا وهو...
سيارة .. فورد زرقاء اللون تقف بجانبه
ثواني مرت وأنا أفكر ..لماذا وقفت هذه السيارة هنا؟ وماذا يفعل صاحب السيارة في هذا المكان؟
هديت السرعة ودرت لليمين على الطريق الترابي ناحية المسجد ... ليقضي الله أمرا كان مفعولا ... وسط ذهول خالي وهو يسألني
خير ماذا حصل؟؟؟
خير أهناك شئ؟؟؟
إتجهت لليمين من عند المعهد السعودي الياباني في طريق ترابي بحوالي خمسمائة متر .. ثم درت يمينا مرة أخرى ... ثم دخلت داخل أسوار لمزرعة قديمة ... حتى توجهت للمسجد مباشرة
سألني خالي خير .. ماذا حصل رد علي يابني...
قلت: أبدا .. أردت فقط أن أعرف صاحب تلك السيارة ماذا يفعل هنا؟؟
قال: ... مالنا ومال الناس
قلت: دعنا نرى.. وبالمرة فرصة لنصلي العصرفي هذا المسجد المهجور.. أعتقد أن وقت الأذان قد حان الآن...
شعر خالي بأنني مصمم ومتجه بقوة ناحية المسجد... فسكت وسلم أمره لله...
***
أوقفنا السيارة في الأسفل ... وطلعنا حتى وصلنا للمسجد ... وإذا بصوت عالي ... يرتل القرآن باكيا .. ويقرأ من سورة الرحمن ... وكان يقرأ هذه الآية بالذات
( كل من عليها فان * ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام )
فكرت أن ننتظر في الخارج نستمع لهذه القراءة .. لكن الفضول قد بلغ بي مبلغه لأرى ماذا يحدث داخل هذا المسجد ... المهدوم ثلثة ... والذي ربما حتى الطير لا يمر عليه...
دخلنا المسجد .. وإذا بشاب وضع سجادة صلاة على الأرض ... في يده مصحف صغيرا يقرأ فيه ... ولم يكن هناك أحدا غيره وأؤكد
لم يكن هناك أحدا غيره
قلت السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نظر إلينا وكأننا افزعناه ... مستغربا من حضورنا .. ثم قال:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
سألته صليت العصر؟
قال:.. لا
قلت: إذا هل أذنت ؟
قال لا... كم الساعة ؟
قلت وجبت صلاة العصر الآن...
فتوليت أنا الآذان فأذنت .. وحينما بدأت بإقامة الصلاة .. وجدت الشاب ينظر ناحية القبلة و يبتسم
غريبة إبتسامته !!!
يبتسم لمن ؟
وما هو السبب الذي دعاه لتلك الإبتسامة!!!
وقفت أصلي ... إلا وأسمع الشاب يقول جملة طيرت عقلي تماما
قال بالحرف الواحد
أبشر ... جماعه مرة وحدة
نظر لي خالي متعجبا ... فتجاهلت ذلك ... ثم كبرت للصلاة وأنا عقلي مشغول بهذه الجملة
( أبشر جماعة مرة وحدة )
يكلم من ياترى؟؟؟ .. لا يوجد أحدا سوانا في المكان!!! .. أنا متأكد إن المسجد كان خاليا من سوانا ...لربما أحدا قد دخل دون أن نراه ... فتبادر سؤال في ذهني... هل هذا الشاب مجنون؟ ... لا أعتقد أبدا ... ولكن كان يحدث أو يخاطب من؟ !!!
صلى خلفى ... وأنا تفكيري منشغل فيه تماما
بعد الصلاة ... أدرت وجهي لهم .. وحين أشار لي خالي للإنصراف.. قلت له .. إنصرف أنت وإنتظرني في السيارة وسوف ألحقك...
نظر إلي ... كأنه خايف علي من هذا الشاب الغريب
الذي يتوقف عند مسجد مهجور
الذي يقرأ القرآن في مسجد مهجور
الذي لا نعلم كان يكلم من ... حين يقول
( أبشر جماعة مرة وحدة )
أشرت إليه أني جالس قليلا
نظرت للشاب وكان مازال مستغرقا في التسبيح ... ثم سألته
كيف حال الشيخ ؟
فقال: بخير ولله الحمد
سألته ما تعرفت عليك
قال: أنا فلان بن فلان
قلت فرصة سعيدة يا أخي ... ولكن الله يسامحك .. أشغلتني عن الصلاة
سألني لماذا ؟
قلت ... وأنا أقيم الصلاة سمعتك تقول
أبشر جماعة مرة وحدة
ضحك ... وقال وماذا فيها؟
قلت ... ما فيها شئ ولكن .. أنت كنت تخاطب من !!!
إبتسم ... ونظر للأرض وسكت لحظات ... وكأنه يفكر .. هل يخبرني أم لا ؟
هل سيقول كلمات أعجب من الخيال
أقرب للمستحيل
تجعلني أشك أنه مجنون
كلمات تهز القلوب
تدمع الأعين
أم يكتفي بالسكوت!!!
قال:لو قلت لك .. سوف تقول بأنني مجنون
تأملته مليا ... وبعد ذلك ... ضممت ركبتي لصدري ... حتى تكون الجلسة أكثر حميمية .. أكثر قربا .. أكثر صدقا .. وكأننا أصحاب من زمان
قلت:.. ما أعتقد أنك مجنون ... شكلك هادئ جدا ... وصليت معانا ولا سمعت لك حرف نشاذ
نظر لي ... ثم قال كلمة نزلت علي كالقنبلة .. جعلتني افكر فعلا .. هل هذا الشخص مجنون !!!
حيث قال: كنت أكلم المسجد
قال:.. نعم !!!
كنت أكلم المسجد
سالته حتى أحسم هذا النقاش مبكرا ... وهل رد عليك المسجد ؟
تبسم ... ثم قال .. ما قلت لك ...سوف تقول بأنني مجنون .. وهل الحجارة ترد .. هذه مجرد حجارة
تبسمت ... وقلت كلامك عين الصواب .. طالما إنها لاترد ... إذا... لماذا تكلمها؟ !!!
هل تنكر .... إن منها ما يهبط من خشية الله
سبحان الله ... كيف أنكر وهذا مذكور في القرآن
إذا ... و قوله تعالى ( وإن من شئ إلا يسبح بحمده )
قلت: لم أفهم ما تعنيه...
قال: سوف أقوم بإفهامك..
نظر للأرض فترة وكأنه مازال يفكر
هل يخبرني ؟؟
هل أستحق أن أعلم ؟؟
ثم قال دون أن يرفع عينيه
انا إنسان أحب المساجد .. كلما رأيت مسجدا قديما أو مهدوما أو مهجورا.. أفكر فيه .
أفكر في تلك الأيام التي كان الناس يصلون فيه...
وأقول في نفسي ..تجد أن المسجد الآن مشتاقا إلى المصلين ليصلوا فيه كما كان سابقا.. تراه يحن لذكر الله تعالى...
أحس ... أحس إنه ولهان على التسبيح والتهليل .. يتمنى لو آية تهز جدرانه .. وأفكر .. وأفكر .. يمكن يمر وقت الآذان وتلقى المئذنة مشتاقة ... و تتمنى تنادي ... حي على الصلاة ... وأحس إن المسجد ... يشعر إنه غريب بين المساجد .. يتمنى ركعة .. سجدة .. أحس بحزن في القبلة ... تتمنى لا إله إلا الله .. ولو عابر سبيل يقول الله أكبر ... وبعد ذلك يقرأ
( الحمدلله رب العالمين )
أقول في نفسي والله لأطفئ شوقك .. والله لأعيد فيك بعض أيامك .. أقوم أنزل ... وأصلي ركعتين لله ... وأقرأ فيه جزء من القرآن
لا تقول غريب فعلي .. لكني والله ... أحب المساجد
أدمعت عيني ... نظرت في الأرض مثله لجل ما يلاحظها .. من كلامه .. من إحساسه .. من أسلوبه .. من فعله العجيب .. من رجل تعلق قلبه بالمساجد
ما وجدت كلمات أن أقولها بعد أن سمعت ما سمعت من ذلك الشاب المؤمن التقي.. وأكتفيت بكلمة الله يجزاك كل خير ويبارك في عمرك وأن يكثر من أمثالك...
بدأ خالي يدق لي بوري سيارتنا يستعجلني .. قمت ... وسلمت على الشاب لتوديعه ... قلت له ... لا تنساني من صالح دعاك ياأخي...
وحين هممت للخروج من المسجد... قال الشاب: وعينه مازالت في الأرض
أتعلم .. ماذا كنت أدعو دائما وأنا خارج من المسجد..
نظرت فيه وأنا أفكر .. وتمنيت أن الزمن يطول وأنا ما زلت أنظر فيه .. ويتبادر في ذهني سؤالا...من كان هذا فعله .. فكيف سيكون دعائه ... وما كنت أتوقع أبدا هذا الدعاء الذي أخبرني عنه...
اللهم
اللهم
اللهم
إن كنت تعلم أني آنست هذا المسجد بذكرك العظيم ... وقرآنك الكريم ... لوجهك يا رحيم .. فآنس وحشة أبي في قبره وأنت أرحم الراحمين
حينها تتابع الدمع من عيني .. ولم أستحي أن أخفي ذلك .. أي فتى هذا .. وأي بر بالوالدين هذا
ليتني مثله .. بل ليت لي ولد مثله
كيف رباه أبوه .. أي تربية .. وعلى أي شئ نربي نحن أبناءنا
هزني هذا الدعاء ... إكتشفت إني مقصرا للغاية مع والدي رحمه الله .. كم من المقصرين بيننا مع والديهم سواء كانوا أحياء او أموات
أرى بعض الشباب حين تأتي صلاة الجنازة أو حين دفن الأب ... أراهم يبكون بحرقة ... يرفعون أكفهم بالدعاء بصوت باكي ... يقطع نياط القلوب ... و أتفكر .. هل هم بررة بوالدهم أو والدتهم إلى هذه الدرجة .. أم أن هذا البكاء محاولة لتعويض ما فاتهم من برهم بوالديهم !!! .. أم أنهم الآن فقط .. شعروا بالمعنى الحقيقي ... لكلمة أب .. او كلمة أم...
وفي الختام أسأل الله عزوجل أن يجعلنا بارين بوالدينا ووالد والدينا... آمين يارب العالمين
((المسجد المذكور في هذه القصة معروف، على يسار المتجه من جدة إلى مكة على الطريق السريع))