Amreky
30-08-2007, 11:11 AM
حماد الحانوتي.....
من أشهر الشخصيات في قريتنا المهمشة الصغيرة التي لا وجود لها في خارطة السودان.
نذكره في مخيلتنا دايما بعصاة التي علي ابطه دايما لاتفارقه ابدا والتي يتباها بانها مصنوعة من شجرة اللعوت التي تتوسط المقابر ودايما مايحكي كيف انه تحصل عليها في ليلة مظلمة كان يصارع في ثلاثة من اعتي البعاعيت وكيف انه اقتلع الفرع من الشجره وهزم البعاعيت ومن يومها لم تفارقه لا في منامه ولا قيامة واثناء تلك الحكاية يخرج الحقة من جيبة ويضع جبل من الصعوط علي شفته السفلي ويقمض عينية كانه يبحث عن جديد يجعل من قصته بطولة حقيقية ليس لها وجود....
قصة حماد الحانوتي واحدة من القصص التي اصبح جميع اهل المنطقة يتحدثون بها وتحكيه الحبوبات للابناء متخذات من حماد ألحانوتي نموزجا للرجل الفارس في القريه..
وبعض الحبوبات يخفن بها الابناء ليخلدوا للنوم سريعا.
كنا انذاك صغارا ورغم كل ذلك نتذكره جيدا فهو رجل طويل القامة فارع الصدر توجد لديه انحناة علي ظهره ورغم ذلك تراه في حركته رشيقا كانه رياضيا من الدرجة الاولي.
كان ينظر لنا علي اننا مستقبل هذه القرية الواعد وهو لايدري بان المستقبل سيكون العكس تماما ويعطينا الكثير من التقدير والاحترام والذي لانجده من اهل القريه االكبار فقد كانوا يحسبونا صغارا..الا هو... فقد كان ينادينا أستاذ فلان , دكتور فلان , مهندس فلان.....وهكذا.
وهذا الاهتمام بدا بنا بشكل واضح عندما دخلنا الي الوسطي كان يجلس بالقرب منا في دكان ابوكرششش (وذلك لبطنه الكبيرة)..وكنت اسرق النظر الية خلسة فااراه احيانا ينظر باهتمام واحيانا ينظر بامل واحيانا بتحسر واحيانا بتفاؤل...
وقد علمت لاحقا سر هذه النظرات التي لازمتني طول حياتي منه شخصيا وهو يصارع سكرات الموت واين تحت ظل اللعوته التي لا ظل لها....
كنا اثناء جلساتنا في دكان ابوكرششش نتحدث عن الفضاء والعلم والسياسة والرياضة واكثر شي كان يثير انتباهه عندما نتحدث عن مستقبل القريه... فكان لا يشارك وانما يعتدل في جلسته ويستمع باهتمام كانه يريد ان يري شيئا لن يراه او ربما كان يحس بذلك....
وتمر الايام ونذهب لدراسة الثانوي خارج القرية ويتفرق الشمل....ولم نعد نجتمع سويا الا ما ندر ولكن كنا عندما ناتي في الاجازه السنوية او ياتي بعضنا يقوم بدعوتنا في منزله ...شاي معه زلابية... ويسالنا عن البندر وكيف حيات الناس والي اي مدي وصل العالم من التطور واين قريتنا من هذا التطور وكنا نتسابق في الرد علية وكاننا نريد ان نثبت له باننا لن نخيب ظنه بنا وكنا ندرس ونتصفح المجلات وندخرها في زاكرتنا له لنحكي له عن كل تطور وازدهار في العالم...وكانه شي من رد الجميل لاحترامه لنا.
وكان يحفظ مانقوله له عن ظهر قلب ويظل ينتظر الجديد بفارق الصبر..وكان اهلنا يذكرون لنا ماقلناه لحماد الحانوتي ويقولون لنا حماد الحانوتي قال كده وكده وكده فهل هذا صحيح....
واصبح جميع اهل البلد يذهبون اليه في المنزل ويسالوه عن كل صغيره وكبيره في العالم وخصوصا انه الوحيد الذي يمتلك راديو وكان يدعي بانه هدية من غردون شخصيا لوالد والدة تقديرا لدورة في التعليم حيث ان جدة كان معلم في كلية غردون.
وكنا نتسال بعضنا البعض عن الاستاذ حماد كما لقبناه... وكانت الاخبار تاتي متقطعة عنه خصوصا بعد ان ذهب اقلبنا الي دار المهجر..حتي انقطعت تماما سبع سنوات تماما.
وفي السنه الثامنه تماما قررنا ان نعود الي القريه ونعطيها بعض الاهتمام ونعتزر للقرية عن هذا الجفاء..
وعدنا الي القريه وعند وصولنا ذهب كل الي ديارة مازلت اذكر ذلك اليوم يوم عودة المقتربين..
الا انا لم اذهب الي منزلي بل ذهبت الي منزل الاستاذ مباشرة فلم اجده سالت عنه اخبروني بان زوجته وابنه قد توفيا معا عندما سقط عليهما المنزل في فصل الخريف الفايت ترحمت علي روحيهما ثم سالت عنه فاجابوني بانه في المقابر قد حفر قبرا تحت اللعوته وينتظر يومه فيها قلت لهم لما لم تحاولو ان تثنوه عن هذا الراي قالو انه رفض كل المحاولات حتي من اعز اصدقائه (ابوكرششش)...
انطلقت الي المقابر وانا اعتزم ان ااتي به الي القرية حيث يعيش وسط القريه ويساهم معنا في ما اعتزمنا عليه .... فوجدت جثة بها القليل من الروح بكيت كثيرا وهو ينظر الي مبتسما ثم دنوت منه وجلست معه بداخل منزله وازلت عنه الغبار من عينيه وفمه وسلمت عليه....
: كيفك يا استاذ
: اخيرا عدتو
: ايوه انا وكل الشباب
:جبتو معاكم شي
(وكنت افهم مايقصد تماما من خلال الوصاياء التي كان يرسلها مع القادمين الي ارض المهجر.)
: ايوه
: كنت عارف انكم جايين الليله لانو انا الليله مسافر بس بوصيكم علي الشي الكنتو بتفكرو
فيهو وانتوا صغار ابدوهوا والجايين وراكم بتموا....
انا كلمت ناس الحله وقلت ليهم الحانوتي بتدفنوا الملايكة لانوا دفن الحله دي كلها ... طلبي
الوحيد تدفنوني انتو بس.
: تسلم يا استاذ
: الموت ما منو سلامه.... تعرف يا Amreky (ودا اللقب) لمان كت بقعد جمبكم في دكان
ابوكرششش كتو بتقولو كلام بخليني اهتم فيه انو الشباب ديل مهتمين بي القريه ولا لا
ومشاريعهم شنو للقريه وكيف حاتطور وتبقي مدينه.
ومرات بعاين ليكم بتحسر لانو حاتبدو من الصفر لو نحن بدينا كان جيتو كملتو البديناهو
نحن.
مرات بعاين ليكم بامل انو انتو تبدو ولو ما كملتو الوراكم بجو يتموا...
ومرات لمان اشوف الحماس في عينيكم بكون مطمن انكم حاتبدوا وحتواصلوا وحاتنجحوا
ودا املي الوحيد فيكم ابدوا وخلو الدنياء تعرف انوا هنا في ناس عايشه بحق وحقيقة.
وصممممممممت الححححححححانوتي وصممممممممت الححححححححانوتي...........
>>>>>>> Amreky <<<<<<<<
من أشهر الشخصيات في قريتنا المهمشة الصغيرة التي لا وجود لها في خارطة السودان.
نذكره في مخيلتنا دايما بعصاة التي علي ابطه دايما لاتفارقه ابدا والتي يتباها بانها مصنوعة من شجرة اللعوت التي تتوسط المقابر ودايما مايحكي كيف انه تحصل عليها في ليلة مظلمة كان يصارع في ثلاثة من اعتي البعاعيت وكيف انه اقتلع الفرع من الشجره وهزم البعاعيت ومن يومها لم تفارقه لا في منامه ولا قيامة واثناء تلك الحكاية يخرج الحقة من جيبة ويضع جبل من الصعوط علي شفته السفلي ويقمض عينية كانه يبحث عن جديد يجعل من قصته بطولة حقيقية ليس لها وجود....
قصة حماد الحانوتي واحدة من القصص التي اصبح جميع اهل المنطقة يتحدثون بها وتحكيه الحبوبات للابناء متخذات من حماد ألحانوتي نموزجا للرجل الفارس في القريه..
وبعض الحبوبات يخفن بها الابناء ليخلدوا للنوم سريعا.
كنا انذاك صغارا ورغم كل ذلك نتذكره جيدا فهو رجل طويل القامة فارع الصدر توجد لديه انحناة علي ظهره ورغم ذلك تراه في حركته رشيقا كانه رياضيا من الدرجة الاولي.
كان ينظر لنا علي اننا مستقبل هذه القرية الواعد وهو لايدري بان المستقبل سيكون العكس تماما ويعطينا الكثير من التقدير والاحترام والذي لانجده من اهل القريه االكبار فقد كانوا يحسبونا صغارا..الا هو... فقد كان ينادينا أستاذ فلان , دكتور فلان , مهندس فلان.....وهكذا.
وهذا الاهتمام بدا بنا بشكل واضح عندما دخلنا الي الوسطي كان يجلس بالقرب منا في دكان ابوكرششش (وذلك لبطنه الكبيرة)..وكنت اسرق النظر الية خلسة فااراه احيانا ينظر باهتمام واحيانا ينظر بامل واحيانا بتحسر واحيانا بتفاؤل...
وقد علمت لاحقا سر هذه النظرات التي لازمتني طول حياتي منه شخصيا وهو يصارع سكرات الموت واين تحت ظل اللعوته التي لا ظل لها....
كنا اثناء جلساتنا في دكان ابوكرششش نتحدث عن الفضاء والعلم والسياسة والرياضة واكثر شي كان يثير انتباهه عندما نتحدث عن مستقبل القريه... فكان لا يشارك وانما يعتدل في جلسته ويستمع باهتمام كانه يريد ان يري شيئا لن يراه او ربما كان يحس بذلك....
وتمر الايام ونذهب لدراسة الثانوي خارج القرية ويتفرق الشمل....ولم نعد نجتمع سويا الا ما ندر ولكن كنا عندما ناتي في الاجازه السنوية او ياتي بعضنا يقوم بدعوتنا في منزله ...شاي معه زلابية... ويسالنا عن البندر وكيف حيات الناس والي اي مدي وصل العالم من التطور واين قريتنا من هذا التطور وكنا نتسابق في الرد علية وكاننا نريد ان نثبت له باننا لن نخيب ظنه بنا وكنا ندرس ونتصفح المجلات وندخرها في زاكرتنا له لنحكي له عن كل تطور وازدهار في العالم...وكانه شي من رد الجميل لاحترامه لنا.
وكان يحفظ مانقوله له عن ظهر قلب ويظل ينتظر الجديد بفارق الصبر..وكان اهلنا يذكرون لنا ماقلناه لحماد الحانوتي ويقولون لنا حماد الحانوتي قال كده وكده وكده فهل هذا صحيح....
واصبح جميع اهل البلد يذهبون اليه في المنزل ويسالوه عن كل صغيره وكبيره في العالم وخصوصا انه الوحيد الذي يمتلك راديو وكان يدعي بانه هدية من غردون شخصيا لوالد والدة تقديرا لدورة في التعليم حيث ان جدة كان معلم في كلية غردون.
وكنا نتسال بعضنا البعض عن الاستاذ حماد كما لقبناه... وكانت الاخبار تاتي متقطعة عنه خصوصا بعد ان ذهب اقلبنا الي دار المهجر..حتي انقطعت تماما سبع سنوات تماما.
وفي السنه الثامنه تماما قررنا ان نعود الي القريه ونعطيها بعض الاهتمام ونعتزر للقرية عن هذا الجفاء..
وعدنا الي القريه وعند وصولنا ذهب كل الي ديارة مازلت اذكر ذلك اليوم يوم عودة المقتربين..
الا انا لم اذهب الي منزلي بل ذهبت الي منزل الاستاذ مباشرة فلم اجده سالت عنه اخبروني بان زوجته وابنه قد توفيا معا عندما سقط عليهما المنزل في فصل الخريف الفايت ترحمت علي روحيهما ثم سالت عنه فاجابوني بانه في المقابر قد حفر قبرا تحت اللعوته وينتظر يومه فيها قلت لهم لما لم تحاولو ان تثنوه عن هذا الراي قالو انه رفض كل المحاولات حتي من اعز اصدقائه (ابوكرششش)...
انطلقت الي المقابر وانا اعتزم ان ااتي به الي القرية حيث يعيش وسط القريه ويساهم معنا في ما اعتزمنا عليه .... فوجدت جثة بها القليل من الروح بكيت كثيرا وهو ينظر الي مبتسما ثم دنوت منه وجلست معه بداخل منزله وازلت عنه الغبار من عينيه وفمه وسلمت عليه....
: كيفك يا استاذ
: اخيرا عدتو
: ايوه انا وكل الشباب
:جبتو معاكم شي
(وكنت افهم مايقصد تماما من خلال الوصاياء التي كان يرسلها مع القادمين الي ارض المهجر.)
: ايوه
: كنت عارف انكم جايين الليله لانو انا الليله مسافر بس بوصيكم علي الشي الكنتو بتفكرو
فيهو وانتوا صغار ابدوهوا والجايين وراكم بتموا....
انا كلمت ناس الحله وقلت ليهم الحانوتي بتدفنوا الملايكة لانوا دفن الحله دي كلها ... طلبي
الوحيد تدفنوني انتو بس.
: تسلم يا استاذ
: الموت ما منو سلامه.... تعرف يا Amreky (ودا اللقب) لمان كت بقعد جمبكم في دكان
ابوكرششش كتو بتقولو كلام بخليني اهتم فيه انو الشباب ديل مهتمين بي القريه ولا لا
ومشاريعهم شنو للقريه وكيف حاتطور وتبقي مدينه.
ومرات بعاين ليكم بتحسر لانو حاتبدو من الصفر لو نحن بدينا كان جيتو كملتو البديناهو
نحن.
مرات بعاين ليكم بامل انو انتو تبدو ولو ما كملتو الوراكم بجو يتموا...
ومرات لمان اشوف الحماس في عينيكم بكون مطمن انكم حاتبدوا وحتواصلوا وحاتنجحوا
ودا املي الوحيد فيكم ابدوا وخلو الدنياء تعرف انوا هنا في ناس عايشه بحق وحقيقة.
وصممممممممت الححححححححانوتي وصممممممممت الححححححححانوتي...........
>>>>>>> Amreky <<<<<<<<