المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التوثيق لمدينة ودمدني ... سيدة المدائن



الصفحات : 1 [2]

أبونبيل
03-09-2011, 10:29 AM
خلال سهرة عن ود مدني بخيمة الصحفيين

مؤتمر الخريجين هو الذي صنع السودان الحديث



نظمت طيبة للإعلام «طيبة برس» ضمن برنامجها الرمضاني في خيمة الصحافيين بنادي الضباط بالخرطوم، سهرة رمضانية حول مدينة ود مدني، في مستهل برنامج يتناول المدن في عطائها للسودان، ويتقصي اهم ملامحها، وما اضافته.
وأدار الندوة الصحافي محمد غلامابي الذي تناول في المقدمة ما امتازت به ود مدني من عطاء وتفوق في كثير من مناحي الحياة.
وقد تناول مجذوب عيدروس نشأة المدينة على يد الشيخ محمد بن مدني بن دشين قاضي العدالة، والذي يقول عنه صاحب كتاب الطبقات محمد النورين ضيف الله الجعلي «كان واحد زمانه في الورع والزهد والصدق مع الله، وعلى ذلك يعقد إجماع الأمة. وإن الكلام عليه في فصلين، الأول في ثناء العارفين عليه، وانه من اهل هذا الشأن، والثاني في بدء أمره واخلاقه واتباعه للكتاب والسنة». وقد قال الشيخ فرح ود تكتوك:
وين دشين قاضي العدالة
الما بميل بالضلالة
نســـله نعـم الســـلالة
الاوقدوا نار الرسالة
ولعل هذا يفسر الذي يجري في مدني التي يتعطر ليلها باريج حلقات القرآن، وحلقات المديح والذكر المنتشرة في الزوايا والمساجد والدور مما يلقي ضوءاً على هذه النشأة الدينية للمدينة.
واستمرت مدني التي نشأت في حوالي 9841م، وكنا قد دعونا في عام 9891م إلى الاحتفال بمرور خمسة قرون على المدينة، الا ان هذا لم يحدث للتعقيدات المعروفة في تاريخ السودان التي حدثت في ذلك العام. ولما جاء اسماعيل باشا ابن محمد علي باشا غازياً، واستولى على سنار قرر اتخاذ ود مدني عاصمة للسودان، وهذا يفسر وجود عدد كبير من ذوي الأصول المغربية والكردية والالبانية «الأرناؤوط» والمصريين والاتراك والشراكسة والشوام وغيرهم. وقد استقر الكثيرون من هؤلاء في المدينة وما حولها. ولعل هذا يفسر ما حدث من تمازج بين هذه الجماعات والسكان المحليين في الجزيرة.
واستمر هذا التفاعل في ظل الحكم التركي المصري، وفي فترة المهدية كان أحمد السني مسؤولا عن توفير المؤن لجيوش المهدية المقاتلة في مختلف أنحاء السودان، وحتى معركة كرري، وهناك تفاصيل منتشرة في عدد من المراجع تحتاج إلى من يلملم اطرافها.. ورغم جهود التوثيق التي قام بها نفر كريم من العلماء والكتاب نذكر منهم الشيخ مبارك شاطوط.. ود. عبد الرحيم سالم الحسن عميد كلية الهندسة بجامعة الخرطوم سابقاً.. ود. محمد التيجاني أحمد الجعلي، والأستاذ أحمد جبارة في كتيبه تاريخ ود مدني ومشروع الجزيرة، إلا أن الأمر يتطلب أولاً تيسير الكتب التي ذكرناها، وإعادة طباعة ما نفد منها، ونشر المخطوطات التي تحتوي على مذكرات رجال ساهموا في صنع التاريخ السوداني.. وكذلك لا بد من الإشارة إلى المقالات التي كتبها الاستاذ أحمد الفضل أحمد في التوثيق لحركة الفن في ود مدني في صحيفة «الصحافة» وفي إذاعة ود مدني.
ثم طاف مجذوب عيدروس على ما كتبه المؤرخ محمد عبد الرحيم في كتابه «الصراع المسلح على الوحدة في السودان» من أن علي عبد اللطيف قد كون جمعية اللواء الأبيض في ود مدني عام 2291م، وان من اوائل من انضموا اليها الشاعر علي المساح الذي تم اعتقاله من قبل سلطات الاستعمار البريطاني لأشعاره الساخرة من الحكام الإنجليز.. وهذا موقف متميز لشاعر بقامة علي المساح.
وفي عام 5291م قامت في ود مدني حملة لجمع التبرعات لثورة الريف المغربي بقيادة الأمير عبد الكريم الخطابي ضد الاستعمار الفرنسي والاسباني في المغرب.
ومن جمعية ود مدني الأدبية انبثقت فكرة قيام مؤتمر الخريجين في عام 6391م التي تولى الدعوة اليها الأستاذ أحمد خير المحامي، وقد خرجت مبادرات عديدة من هذه الجمعية منها فكرة المهرجان الادبي الاول الذي اقيم عام 9391 في مدني، ثم انتقلت الشعلة إلى الخرطوم وام درمان وحواضر السودان الاخرى.. وفكرة يوم التعليم التي تبناها المؤتمر، ومن خلالها قامت المدارس الأهلية التي استطاع بها المؤتمر نشر التعليم والوعي في ربوع السودان اضعاف ما فعل المستعمر.. وكذلك يوم السودان الرياضي الذي كان أشبه ما يكون بأولمبياد مصغر.
ومن مؤتمر الخريجين انبثقت الأحزاب السياسية، وقامت الحركة الوطنية التي قادت البلاد الى الحرب والاستقلال.
وتطرق مجذوب إلى مدرسة ود مدني الاميرية المتوسطة، وهي المدرسة التي تعلم فيها الرئيس إسماعيل الأزهري، والرئيس اللواء محمد نجيب وميخائيل عندوم رئيس مجلس الثورة في إثيوبيا والمشير جعفر نميري. والفريق علي علي عامر قائد القيادة العربية المتحدة الذي زار المدرسة في عام 6691م. ومن طلابها ايضاً مأمون بحيري. وتناول دور مدرسة حنتوب الثانوية التي احتضنت قيادات العمل السياسي بالسودان وخارجه.
وأشار إلى أن قيادات الأحزاب في ود مدني كانت دائماً على مستوى المسؤولية، فكان في حزب الامة الامير محمد عبد الرحمن نقد الله وكان شخصية محترمة ومقدرة من الجميع، وكان هناك في الحركة الاتحادية الطيب عبد الرحيم أبو عيسى والمهندس خضر عمر وهو الذي دعا عند الاستقلال الى تسمية الجمهورية الوليدة بجمهورية سنار.. ومن أبناء ود مدني المفكر والسياسي بابكر كرار خاصة في مجال الدعوة الى الاشتراكية الإسلامية والتضامن مع حركة المد القومي في المنطقة العربية.. وكذلك كان هناك وجود مميز للإخوان الجمهوريين.. سعيد شائب وجلال الطيب والمهندس عبد الرحمن عساكر وأمين صديق، وغيرهم.. وكذلك كانت في الجزيرة حركة يسارية نشطة. ولا يمكن عزل ود مدني عن محيطها المتمثل في مشروع الجزيرة، والجزيرة هي العمود الفقري للسودان، ومن خلال جهود المزارعين تمت عمليات التنمية في السودان، وتم الصرف على التعليم والصحة وإقامة المؤسسات والمشاريع الاخرى.
وتناول الحديث بعد ذلك الأستاذ صلاح الباشا الذي أشار إلى الفقر الذي تعيشه ود مدني والجزيرة الآن نتيجة لبعض السياسات وما أصاب المشروع من تدهور.. وقال إنهم من أسرة نزحت من الزيداب الى الجزيرة لأن الانجليز قد بدأوا في زراعة القطن هناك، ولما شعروا بأن الرقعة الزراعية في الزيداب غير كافية انتقلوا الى الجزيرة، وكانت الفكرة ان مصانع النسيج في ليڤربول ولانكشير في حاجة الى القطن الذي كانت انجلترار تستورده من اماكن اخرى.. وقامت بانشاء الشركة الزراعية التي تحولت فيما بعد الى مجلس ادارة مشروع الجزيرة.
وتحدث صلاح الباشا عن الفن والفنانين في مدني، وأشار إلى شعراء الغناء: علي المساح، كباشي حسونة، بدوي بانقا، والى ان الاستاذ فضل الله محمد قد كتب الاغنيات الاولى للفنان محمد الامين وهو بعد طالب في مدني الثانوية، ثم بعد اكتوبر كتب اناشيده: المجد للآلاف تهدر في الشوارع كالسيول، والمتاريس، الأمر الذي ألهم شاعراً شاباً آنذاك هو الاستاذ هاشم صديق ليكتب ملحمة أكتوبر الخالدة، وقال إن محمد الأمين قد اقنعه الشاعر محمد علي جبارة بالانتقال الى الخرطوم وهو صاحب اغنياته الاولى.
وتطرق الحديث إلى دور الفنان حسن الباشا رئيس اتحاد فناني الجزيرة الذي دافع عن حقوق اهل الفن في مدني.
وعاد مجذوب عيدروس مرة أخرى لتقديم بعض الاضاءات حول رابطة أدباء الجزيرة «9591م» التي ضمت عدداً من الاسماء منهم الشاعر والناقد محمد عبد الحي، والناقد صديق محيسي، والبروفيسور عصام البوشي، والراحلان عمر محمد الحاج وعبد الرحيم زيادة.. وجاءت رابطة الجزيرة للآداب والفنون في عام 3791م وكانت برئاسة الاستاذ محمد الحاج محمد صالح وضمت عدداً من الكتاب والفنانين منهم: عبد الحليم سر الختم، بابكر صديق، محمد محيي الدين، عبد العظيم عبد القادر، المترجم السر خضر سيد أحمد، ومن شهود هذه الأمسية: علي مؤمن ومحمد الفاتح يوسف أبو عاقلة.
وأشار أيضاً الى ان الكاتب رؤوف مسعد «المقيم الآن في هولندا» قد كتب روايات ضمنها رؤيته لمدينة ود مدني التي درس في مدرستها المصرية مدرسة «الاتحاد»، وقد زار المدينة قبل خمس سنوات تقريباً وتحدث عن التدهور الذي اصاب المدينة التي كانت آية في الجمال والنظافة والحضارة. وتطرق أيضاً الى ان عبقرية الكاشف غذتها معرفة موسيقية استقاها من اصدقائه الذين كانوا بمثابة الفرقة الموسيقية، وهم المهندس محمود جادين وكيل وزارة الري، فيما بعد، وأستاذنا الأمين محمد احمد كعورة «مدير مدني الثانوية ثم حنتوب وأمين عام الجامعة الاسلامية وعالم الفلك المعروف»، والمهندس عبد الرحمن أحمد عساكر والمهندس عثمان أبو بكر رجب، وقد كانوا أعضاءً في جمعية الموسيقى بكلية غردون.. وأشار إلى قائد فرقة موسيقى بوليس النيل الأزرق كودي الذي تتلمذ على يديه الاستاذ محمد آدم المنصوري والراحل الأستاذ جمعة جابر، ومحمد قسم الله المليجي.
وفي هذا المناخ جاء محمد الأمين الذي تعلم العود على يد الأستاذ السر محمد فضل، وكان هناك ايضاً المعلم الفنان علي إبراهيم علي الذي التحق فيما بعد بمعهد الموسيقى والمسرح.. وأشار الى ريادة الفنان احمد سالم في مجال التشكيل، وقد نظم اول معارضه في بدايات الخمسينيات من القرن الماضي.
كما اشار الى نبوغ الفنان الراحل ابراهيم خان من حي الدباغة حتى انطلاقته في السينما والمسلسلات التلفزيونية من العاصمة المصرية القاهرة التي استقر بها منذ بدايات ستينيات القرن العشرين. والفنان محمد مسكين وأغنيته المشهورة «من أرض المحنة».
وتحدث صلاح الباشا عن ضرورة هجرة الفنانين من مدني إلى الخرطوم باعتبارها مركزاً للاضواء وصناعة النجوم، وان ابراهيم الكاشف قد ادرك هذا منذ عام 9391م وقبل انشاء الاذاعة السودانية، وان بدايات الخمسينيات قد شهدت ظهور عدد من الفنانين المميزين: محجوب عثمان، ورمضان حسن، والشاب عمر أحمد صاحب أغنية «كان بدري عليك»، والطاؤوس، والأغنيتان لعبد الرحمن الريح. وكذلك هجرة محمد الأمين وأبو عركي البخيت، وان الفنان عمر جعفر قد تأخر في القدوم الى الخرطوم رغم امكانياته بوصفه مطرباً.
وقد جرت مناقشات وإضافات لما قيل، وتحدث الاستاذ علي مؤمن عن ضرورة التوثيق لمدارس كالنهر والبندر، وأفاض في الحديث عن رابطة الجزيرة للآداب والفنون وما قدمته في خدمة الثقافة السودانية. وتحدث الأستاذ محمد أحمد الطيب شيخ العرب عن الرياضة في مدني وعبقرية بعض لاعبيها كبادي وبابكر سانتو، وقد تناول عدد من المتحدثين هذا التميز الكروي في مدينة أنجبت ابراهومة الكبير وأبناء سانتو «عبده، بابكر، الفاضل»، وحموري أخوان، وكوري أخوان، وسمير صالح والإسيد وقلة أخوان وغيرهم.
كما تطرقت الأحاديث والمداخلات إلى نبذ سكان ود مدني للعنصرية والتعصب، وانها ظلت مدينة مفتوحة للآخرين دون عقد أو حساسيات، ويميزها هذا التماسك الاجتماعي والتمازج بين روح العصر وقيم الريف. وكانت الخلاصة ان هذا المزيج البشري قد تجانس في هذا المكان ليقدم تجربة إنسانية رفيعة.
وتخللت الأمسية فواصل غنائية للفنان عمر جعفر الذي يسير على خطى هادئة ووئيدة في درب التأليف.
وخلصت الندوة إلى أن الجزيرة ومشروعها وإنسانها وعطاءه ضروري لكي يبقى السودان قوياً متماسكاً، وأن عطاء الجزيرة ظل بلا حدود للسودان كله طيلة عقود، وأن مجتمعها لم يعرف التعصب والعنصرية.

أبونبيل
06-09-2011, 10:58 AM
التأصيل والكرامة عند بابكر كرار

مسيرة مفكر سودانى استثنائى !! ..


بقلم: يحيى العوض

الأحد: 04 أيلول/سبتمبر 2011



يعطى ضؤه، يبدده فى كل مكان ... مع ذلك لا ينقص، بل يزيد!..
لا يمتلىء فكره الا بالغيب، ولا يمتلىء قلبه الا بالواقع! ..
صفات يطلقھا الشاعر أودنيس على نماذج من الرجال الاستثنائيين.
واذا سألت فى الخمسينيات والستينيات والسبعينييات من القرن
الماضى، عن مفكر سودانى شغل الساحة الفكرية والسياسية، يسارا
ويمينا، لن يختلف اثنان فى التأكيد بان الاستاذ/ بابكر كرار، تنطبق عليه
ھذه الصفات.

وھو ينتمى الى فصائل يطلق عليھا "خمائير انسانية"، "اشبه بقطعة
صغيرة من الخميرة، مھما كان صغر حجمھا تخمر العجين وفضائھا كله".
تعرفت عليه بفضل زميلى الاستاذ صديق محيسى، كنا نعمل معا فى
مشروع لتطوير جريدة "السودان الجديد" عام 1963 م واخترنا الاستاذ/
بابكر كرار ليكون فى مقدمة كتاب صفحة الرأى، وكانت الوشائج بين
صديق والاستاذ/بابكر ممتدة بحكم الانتماء الى عاصمة الجزيرة مدنى.
كانت المدن فى ذلك العھد تشكل اقوى الروابط بين الناس، بعيدا عن
التعصب العرقى والقبلى، كما ھو سائد الآن.

ورحب الاستاذ/بابكر بالكتابة اسبوعيا فى "السودان الجديد"، وتوطدت
صلاتنا به وتھيأت لنا العديد من اللقاءات والحوارات الممتعة، وھو رجل
موسوعى متنوع الثقافة، يتابع كل الاصدارات الجديدة باللغتين العربية
والانجليزية، متميزا فى الحديث والكتابة، بأسلوبه الموشى بالسخرية
ونحت مصطلحات جديدة، يفاجئنا احيانا بتعليقات لاذعة: صاحبكم ھذا
يمتلك ثروة قارون من الجھل، او الصحفى فلان لم يفطم بعد من صدر
الدولة!!! ودائما يردد: لايكفى ان تقول الصحيفة انھا خاصة ومستقلة
لتقنعنا بانھا حرة. ومن سؤ حظنا تداخلت بعض الحروف اثناء طبع مقاله
الاسبوعى وعلق على ذلك بانه من الافضل طباعة المقال القادم (بالرونيو
او البالوظة) وھما من وسائل طبع المنشورات السياسية السرية فى ذلك
الزمان (عصر الفريق عبود)، وينطوى تعليقه على اشارة مھذبة بانه
يخشى ان يكون ھناك من تعمد طمس بعض الحروف لسخونة المقال!!!.
ومن المفارقات عندما نتحدث عن المنشورات السرية التى تحتوى على
اخبار او تحليلات لا يمكن نشرھا علنا، نفاجأ بانجاز غير مسبوق للصحافة
السودانية، التى تمكنت من نشر خبر انقلاب مايو 1969 م ثم يونيو
1989 م واسمى قائديھما، جعفرمحمد نميرى وعمر احمد البشير، قبل
شھور من وقوعھما، فى صحيفتين سودانيتين وليس عبر منشورات
سرية!!!.

خبر انقلاب مايو 1969 م نشره الاستاذ/يسن عمر الامام رئيس تحرير
صحيفة "الميثاق الاسلامى" قبل شھر من وقوعه، وانقلاب يونيو نشرته
صحيفة "الدستور" السودانية وكانت تصدر من لندن وتعبر عن تحالف بين
الجبھة الوطنية وحزب البعث فى القطر السودانى، ويرأس تحريرھا
الاستاذ/محمد عبد الجواد، وحرر الخبر الاستاذ/يوسف الشنبلى مدير
مكتب الصحيفة بالخرطوم، قبل اسبوعبن من الانقلاب واكد ان قائده
العميد/عمر حسن البشير (كتاب صحافى بلا حدود: الاستاذ/الشنبلى
2010 م ).

ونوه الاستاذ/يسن عمر الامام، فى مقاله بجريدة الميثاق فى ابريل
1969 م الى "الحركة الدائبة فى القوات المسلحة لتجميع قوى اليسار
باتجاه الاطاحة بالنظام الديمقراطى وذكر ان ھذه الجھود ينسقھا عقيد
اسمه جعفر محمد نميرى. واقام الضابط جعفر نميرى وكان فى الخدمة
العسكرية آنذاك، دعوى قضائية ضد يسن عمر الامام، رفعھا نيابة عنه
الاستاذ/بابكر كرار، وكانا صديقين منذ دراستھما معا فى حنتوب الثانوية،
ولم تستمر القضية طويلا امام القضاء لان الانقلاب وقع بالفعل بقيادة
جعفر نميري!!!، (الدكتور/امين حسن عمر: صحيفة الانباء 1996 م ثم
صحيفة آخر لحظة) وكان الاستاذ/يسن عمر الامام، فى القائمة الاولى
التى ذھبت الى سجن كوبر فى مايو 1969 م، وكذلك الاستاذ/يوسف
الشمبلى، فى يونيو 1989 م.

ظن الرئيس/نميرى انه يكافىء، او بعبارة اخرى يتقى شر لذعات
وسخريات صديقه بابكر كرار والذى يعرفه جيدا، بان عينه رئيسا لمجلس
ادارة شركة "اخوان مراد" التى اممھا، وقبل اكمال اسبوع من تعيينه
سجل أمن نميرى محادثة ھاتفية بين بابكر كرار واحد اصدقائه، يسخر
فيھا بابكر كرار من قرارات التأميم، ويقول ضاحكا ان نميرى دخل تاريخ
الاشتراكية الدولية، بتأميمه لمقھى "كوبا كوبانا" ومطعم "سانت
جيمس"!!!، وكان الصديق على الطرف الاخر (يموت من الضحك) ويقھقه
فى صخب، فما كان من نميرى الا ان امر باعتقال الرجل الضاحك اولا،
ووصفه بنعوت من قاموسه الخاص الذى اشتھر به، وبعد يومين من
الحادث أعفى نميرى، بابكر كرار من منصبه. واعتقله بعد حادث ايلول
الاسود فى السودان، عندما ھاجم ثمانية من الفلسطينيين منزل السفير
السعودى بالخرطوم، عبد لله الملحوق، عميد السلك البلوماسى آنذاك،
اثناء حفل تكريم اقامه فى الاول من مارس عام 1973 بمناسبة وداع
القائم بالاعمال الامريكى فى الخرطوم، كيرتس مور، واعتقل المھاجمون
القائم بالاعمال الامريكى والبلجيكى والاردنى اضافة الى السفير
السعودى وزوجته واطفاله الاربعة.

وطلب الخاطفون بالافراج عن الاف الفلسطينيين من السجون الاسرائيلية
فى سجون اسرائيل والاردن، اضافة الى سرحان سرحان الفلسطينى
المسجون مدى الحياة بعد ادانته فى قضية اغتيال السنتور روبرت كنيدى
عام 1968 م. وبعد رفض حكومة الرئيس الامريكى نيكسون التفاوض، وبعد
ثلاثة ايام، قتل الخاطفون الدبلوماسيين الغربيين الثلاث واطلقوا سراح
العرب واستسلموا للشرطة السودانية، وبدأت محاكمتھم وسط اجواء
متوترة وغضب عارم من نميرى، باعتبار ان ما حدث اطاح بھيبة الدولة
وسمعته شخصيا.

وعندما بدأت محاكمة المتھمين تطوع العديد من المحامين السودانيين
والعرب للدفاع، وفى مقدمتھم بابكر كرار وبالطبع كانت ساحة المحكمة
فرصة نادرة للاستاذ/بابكر للھجوم على نظام نميرى، وقبل صدور الحكم
اعتقل الاستاذ/بابكر ورفيقه ميرغنى النصرى والصحفى/سيد احمد خليفة
والذى كان يعمل فى قسم الاعلام بالسفارة الليبية بالخرطوم، وكان أمن
نميرى يتھم السفارة الليبية بدور اساسى فى الھجوم، وقال نميرى فى
تصريح مشھور: سأجعل كل عامھم اسود. (جريدة الوطن: ذكريات سيد
2007 ) وحكم على الفلسطينيين بالسجن مدى -8- احمد خليفة: 25
الحياة "ولكن خوفا من اجراءات انتقامية قرر نظام نميرى تسليمھم
للرئيس/ياسر عرفات، رئيس منظمة التحرير الفلسطينية وكان مقره
بالقاھرة واودعوا السجن ھناك الا ان ثلاثة منھم تمكنوا من الھروب
والاختفاء."

مع تعدد مھارات الاستاذ/بابكر كرار مفكرا وسياسيا وقانونيا، كان ايضا
صحفيا ومن رؤساء تحرير الصحف، اصدر ھاويا صحيفة "الرسالة" كصحيفة
حائط فى حنتوب ثم جامعة الخرطوم، واصبحت صحيفة مطبوعة اسبوعية
يشغل رئيس مجلس ادارتھا ورئاسة تحريرھا والناطقة باسم الحزب
الاشتراكى الاسلامى، ولم يشملھا قرار الحظر ضمن الصحف الحزبية فى
عھد الرئيس عبود، وكان صدورھا غير منتظم، لضعف امكانياتھا المالية،
لكنھا شكلت حضورا مستمرا للاستاذ/بابكر، وكان كدأبه فى كل المواقف
العصيبة، تجده فى المقدمة، يثير حنق خصومه واشفاق اصدقائه وزملائه،

ويروى الاستاذ/عبد الرحمن مختار مؤسس ورئيس تحرير جريدة
"الصحافة"، تفاصيل الاجتماع التاريخى الذى دعا له وزيرا الاعلام
والداخلية فى حكومة الفريق عبود يوم 23 اكتوبر 1964 م وحضره رؤساء
تحرير الصحف ومن بينھم الاستاذ/بابكر كرار. وھدد الوزير باتخاذ اجراءات
رادعة اذا نشرت الصحف بيانات الاحزاب والمظاھرات التى اندلعت فى
العاصمة والاقاليم لاسقاط النظام. ويقول الاستاذ/عبد الرحمن مختار فى
مذكراته "خريف الفرح"، ساد صمت بيننا بدده الاستاذ/بابكر كرار بكلمات
داوية منددا بسياسة قمع المتظاھرين ومطالبا بعودة الجيش الى ثكناته
وتسليم السلطة الى حكومة انتقالية، وقد تحقق ذلك بعد ايام وتشكلت
حكومة ثورة اكتوبر 1964 م.

بدأ الاستاذ/بابكر كرار مسيرته فى الحزب الشيوعى وكان وثيق الصلة
بقياداته التاريخية وفى مقدمتھم الاستاذ/عوض عبد الرازق والدكتور/عبد
الوھاب زين العابدين عبد التام وميرغنى على مصطفى، ورغم تركه
للحزب الشيوعى وتاسيسه اول حزب اسلامى، ظلت علاقاته وطيدة مع
الاستاذ/عوض عبد الرازق واكثر تميزا مع الاستاذ/عبد الخالق محجوب،
وكان بينھما ود حميم ولقاءات منتظمة ومشاورات وتنسيق فى العديد من
القضايا السياسية.

بعد تأسيسه للحزب الاسلامى استقطب رموزا من المثقفين
الاسلاميين، فھو من اوصى ووجه باستقطاب وتجنيد الصادق المھدى
والدكتور/حسن الترابى والرشيد الطاھر والدكتورة/سعاد الفاتح، الا انه
انشق منه فى مؤتمره الاول، عندما تقرر تحويله الى تنظيم الاخوان
المسلمين!!!، ليؤسس من جديد الحزب الاشتراكى الاسلامى، منفتحا
على التوجه القومى الناصرى، داعما لروافده فى ليبيا والسودان
وفلسطين، وقلما يعترف الدكتور/ الترابى بأفضال احد عليه، الا انه يعترف
باستاذية الاستاذ/بابكر كرار، ويوثق الدكتور/امين حسن عمر، الوزير
والمسؤل عن ملف دارفور، (عمل مديرا لمكتب الترابى فى النائب العام
وسكرتيرا خاصا له)،

فى دراسته: تاريخ الحركة الاسلامية فى السودان 2009 م، "كان
الاستاذ/بابكر كرار يبحث عن شخص ينھض بالجانب التربوى والايدولوجى
للحركة الاسلامية وكان مھتما للغاية بھذا الجانب، ولذلك نشأت علاقة
خاصة بينه وبين حسن الترابى. ويضيف: سألت الدكتور/ الترابى فيما بعد
عن ھذه العلاقة الخاصة مع بابكر كرار "فأثبتھا وحفظ حق الاستاذية
للاستاذ/ بابكر كرار" ويؤكد الدكتور/امين حسن عمر، فى ذكر مناقب
الاستاذ بابكر كرار، ان الحركة الاسلامية كانت بحاجة الى عقل كبير الى
محرض جريء، وكان الاستاذ/بابكر ھو ذلك العقل الكبير والمحرض
الجريء، كان يتمتع بعقل كبير وبحيوية مدھشة وحماسة لارائه وافكاره،
على الرغم مما لاقى من نكسات فى جھوده لتاسيس حركة اسلامية،
قومية المنطلق، اسلامية المحتوى، اشتراكية السياسة. ويضيف قائلا ان
الاستاذ/بابكر كان ميالا للايدولوجية وكان عروبيا متطرفا، وكان اشتراكيا،
اكثر من دھاقنة الاشتراكية الماركسية وكان مترھبا فى محراب العروبة
والاشتراكية، ولكنه كان يريد ذلك فى قالب اسلامى، ولعله اول من نادى
بالدمج بين الدعوة للبعث العربى والبعث الاسلامى لانھما وجھان لعملة
واحدة.

moh_alnour
13-10-2011, 02:55 AM
كتابات
بحيري - مدني - كلمة!!

احمد الشريف
كُتب في: 2009-04-01

* أن نؤكد ملكية الإبداع لصاحبها.. فهذا تحصيل حاصل.. فالمبدع يضع أسمه على عمله ويمشي.. فالزميل الإعلامي خالد صديق بحيري طاقة إبداعية تنداح في سيولة في شارع الإبداع بمدني.. كتلة من القلق الإبداعي تنساب كخيوط النور ساعة السحر.. فحين يدفع خالد بإصدارته الجديدة (كلمة) التي أهداني نسخة منها.. فإنه كعادته يتخلص من الحالة الابداعية التي تعتريه وتلازمه.. واستطيع ان أقول إنها حالة المخاض... فمجلة (كلمة) التي بذل فيها بحيري جهداً خلاقاً.. ماهي إلا عملية تنفيس داخلي لخالد.. هذا الإنسان المسكون بمفردات الإبداع.. فهذه الإصدارة الوليدة.. أرادها خالد بحيري (سحارة) أو مستودع لتوثيق سر الجمال المدفون في مفاصل وأعماق ود مدني مدينة الفن والثقافة والجمال.. ولأن كل سحر يحتاج إلى من يفكك طلاسمه - عمد بحيري (الميكانيكي) في إصدارته (كلمة) إلى تفكيك سحر ود مدني.. فدار في مواقع شتى كما النحلة تلثم أكمام الزهر يجول في كل نواحي ود مدني.. فوقف في محراب الصوفية كالدرويش المتحلق في نوبة شيخ عبد السيد.. والمجذوب في حلقة شاطوط.. والغرقان في بحور العشق عند سعدابي ومدني السني. بلغة الأدب.. لا لغة الصحافة.. تحلق عند شيخ عبد السيد وهو يرطن بالانجليزية مع الحاكم الانجليزي.. يزيد ضربات الطبل رغم أنف الانجليزي.. ويدلف بالقاريء إلى الجمعية الأدبية بنادي الخريجين.. الجمعية الحبل السري لثورة اللواء الأبيض.. وتسجل موقفاً بطولياً لقائد الثورة علي عبد اللطف ومواقف لرواد الجهاد الوطني.. البوش.. الأزهري.. محجوب.. وأيام بود مدني للطالب اسماعيل الأزهري.. ولحظات من الزمان للسيد عبد الرحمن المهدي في جزيرة الفيل في رعاية المجاهد شقدي.. وأحمد خير جذوره الجهاد الوطني.. وحسين الهندي وزين العابدين وأيام في ربوع مدني.. وشخصيات صنعت التاريخ.. كانت بمدني.. حضوراً واقامه اللواء محمد نجيب رئيس مجلس الثورة المصرية.. والدراسة الأولية والوسطى.. بمدني.. والمدرسة الأميرية الوسطى التي خرجت الزعيم اسماعيل الأزهري.
الرئيس جعفر نميري الذي درس الوسطى بمدني والثانوي بحنتوب وأمان عندوم.. رئيس مجلس الثورة بأثيوبيا.. الثورة التي قضت على النظام الأمبراطوري.. ولكن فات على الأستاذ بحيري.. أن قحطان الشعبي وأول رئيس لجمهورية اليمن الجنوبية.. درس بحنتوب.. وكانت له في مدني أيام وحضور.. وحنتوب لم تكن جزءاً منفصلاً عن مدني.. وفات عليه ذكر الراحل المقيم الدكتور محمد يحيى الشرفي الوزير باليمن وابن مدينة ود مدني.. وان استرسل صاحب (الكلمة) في توثيق الحياة السياسية في مدني.. في فترة الحركة الوطنية.. لكنه بذكاء المبدع.. حاول أن يخرج بالقاريء من الرتابة.. فتغشى مواقع لها موقع في خريطة ذاكرة ود مدني.. حيث دلف إلى القهاوي.. قهوة الصاروخ لصاحبها كمال علي وقهوة ود العود.. وقهوة (أبو لبدة) وقهوة عبد الرحمن الخضر وقهاوي الهلال وحسين توتا وغيرها.. وحكى مواقف وطنية لفتوات هذه القهاوي - أمثال عوض حلاوة ونضاله السياسي.. وفتوات آخرين.. ود سالم.. ود فاسه وبريقع. وأبو فتلة وعوض بصبيص.. وانعاشاً للذاكرة.. حلقت الاصدارة إلى فضاءات الفن والابداع.. ولا يشك أحد ان تاريخ الفن الغنائي.. بدأ.. من مدني.. فمنها انداحت أوتار الفن.. الحاج محمد أحمد سرور رائد أغنية الحقيبة.. فمنها كان البوح بفن غنائي حمل كل مفردات الإبداع إلى العاصمة.. سرور رائد الحقيبة.. وإبراهيم الكاشف رائد الأغنية الحديثة.. ومبدعون كتبوا تاريخ الفن السوداني.. الخير عثمان.. محجوب عثمان.. رمضان حسن.. ولم يفت على الإصدارة أن توثق لفنان الحقيبة محمد سليمان الشبلي.. صاحب المدرسة الغنائية التي تلقى فيها الكاشف علم الغناء والتطريب.
وطافت الاصدارة إلى فضاءات الشعر.. فتحلقت حول مبدعي ود مدني الذين أثروا ساحة الغناء.. فكانت محطتها عند المساح.. وفلق الصباح والشاغلين فؤادي.. وزمانك والهوى أعانك.. أحكمي فينا هذا أوانك.. وكباشي حسونة وأغنية (معذرة) وبدوي بانقا.. بجيد القول في البنات التي غناها سيد خليفة.. وتوقفت (كلمة) عند حميدة أبو عشر.. النجار بمدرسة حنتوب.. وهو يودع مدني.. منقولاً إلى الأبيض.. وداعاً روضتي الغناء.. وداعاً معبدي القدسي.. ومدني التي تحلق بها شعراء افذاذ.. كانت لهم أيام جميلة قضوها في مدني التي احتضنتهم.. خليل فرح الذي جاءها منقولاً من الخرطوم.. والعبادي.. ومحمد عوض الكريم القرشي.. المسكون بحب مدني.. وفيها كان ميلاد أغنية في الشاطيء يا حبان.. والتي اكتمل نظمها في شندي.. وقافلة من الموسيقين وحكاية أول فرقة موسيقية بود مدني.. كان على قيادتها محمود جادين أول وكيل لوزارة الري.. وكعودة.. وعبد الرحمن عساكر وصغيرون الزين وعثمان أبو بكر وبدر التهامي وآخرون وأصطحبها أحمد خير غازياً بها الخرطوم.. وتنقل من موقع لآخر.. بحثاً عن مخزون ود مدني.. ووقفة عند رائدات العمل الاجتماعي والانساني والسياسي.. حاجة خضرة وعائشة فضل.. وحاجة صبيحة وبيت الخياطة.. وست الدون ومدرسة الدايات.. وعنبر ست الدون.. واليوم مستشفى ست الدون للتوليد.. والانجيلية وأول مدرسة للبنات في عام 1925.. والأستاذة فاطمة حشاش وست عيشة وأخريات.. وافردت الاصدارة التوثيقية مساحة كبيرة للحركة الرياضية بود مدني.. باعتبار ان مدني وتر.. وكفر.. فحامت حول تاريخ الرياضة بود مدني.. وتأسيس أندية النيل.. الأهلي.. الاتحاد.. ودور هذه الأندية في الحراك الثقافي والاجتماعي والسياسي وقيام أول اتحاد للكرة في عام 1928.. ويوسف أمين أول سكرتير لاتحاد الكرة بمدني.. واستعرضت المساحة ما قام به محمد كرار النور.. ذلك العبقري الذي كان له الفضل في تأسيس اتحاد مدني واتحاد عطبرة واتحاد كسلا وكوستي والأبيض.. ومن ثم الاتحاد العام للكرة.. وحكايات عن أيام الرياضة.. في مدني.. وطرائف ونوادر ورجال قامت على اكتافهم الحركة الرياضية بود مدني.. وان اغفلت (كلمة).. بعض الرموز التي كان لها دور في نهضة ود مدني.. أمثال الحاج أبو زيد أحمد.. هذه القامة التي يصعب تجاوزها.. فإنه سيظل حضوراً في مدني.. كما النيل الذي يلف خصرها.. فالراحل مقيم في الأرض التي وهبها لتقام عليها جامعة الجزيرة.. والجامعة مقطوعة الطاري.. استكثرت ان تسمي قاعة باسمه.. وفي الأرض التي وهبها لمدرسة حنتوب.. وحاضر في مسجده بود أزرق.. ومدرسة أبو زيد الأهلية.. وعمارة بسوق ود مدني.. وقف لله.. اعتقد ان التاريخ يستوجب التوثيق لهذا الانسان الذي اعطى مدني.. وما استبقى شيئاً.. فمن حقه على (كلمة).. ان تقول كلمتها.. وفي حقه.. وأما الإخراج والتكنيك الخاص بالإصدارة.. فإنه بحاجة إلى التجويد.. ومراعاة النواحي الفنية التي لو لا المادة الغزيرة والقيمة.. لفقدت الاصدارة ملامحها.. فالتبويب والخطوط بحاجة إلى مراجعة كلية.. والغلاف الذي جاء مزحوماً بالصور.. ما كان موفقاً.. لكن يبقى الاستمرار مهماً.. فالعمل الذي قُدم في غاية الجودة ولا سيما عندما يكون العمل بفعل أديب يعرف كيف يصنع من الخسيس النفيس

صحيفة الوطن

التشكيلي صفوان
13-10-2011, 05:50 AM
مااروعكم ياابناء مدني

مصطفى الشلبى
13-10-2011, 07:33 PM
من فضلكم لى صديق قديم من واد مدنى اسمه فيصل عثمان الطيب واخوه عوض واخت اسمها عهود لا اعرف لهم عنوان او اى دليل للسكن ف المرجو من الاخوه الكرام المساعده فى العسور عليهم ويشكر الله لمن يتعب معى فى اليحث عنهم والوصول اليهم ام التواصل معى عن طريق الايميلmsh5966@yahoo.com وايضا عن طريق الفيس بوك بنفس العنوان البريدى ولكم جزيل الشكر من الله

أبونبيل
20-12-2011, 11:12 AM
ملهمة قصيدة (جناين الشاطيء) استقرت بمدينة ود مدني


ذكر الأستاذ (الطريفي) في بحثه المنشور في كتاب مجنون عزة - جمع (فرح خليل فرح والتجاني حسين) الصادر من دار الأشقاء - أن خليل فرح تخرج من ورشة البرادة في كلية غردون والتحق بالبوستة والتلغراف بورشة التلفونات 1913.. وكان وقتها معلوماً ان (خليل فرح) لم يكن مهتماً بإثبات نظم وجمع ايداعه في كتاب .. ! فحاول المرحوم كاشف حسن بدري جمع بعض الاغاني ثم جاء عبداللطيف التُرَبي وكان من اصدقاء خليل المقُربين واجهد نفسه في جمع ما استطاع جمعه وقد قارب ان ينتهي من اكثر مما نظمه خليل غير ان الوفاة عاجلته... وكان ذلك في يوم الجمعة 30 يونيو 1932 فعاش ثمانية وثلاثين عاماً فقط.

وذكر أحمد الطريفي الزبير في نفس الكتاب، ان قصيدة ود مدني.. قيلت بمناسبة زيارة ادريس عبدالحي، الى مصر وهو من تلاميذ الكلية الحربية الذين سُجنوا في ثورة 1924 وقصد خليل وهو طريح الفراش هناك وكانت معه فتاتان سودانيتان من مدينة ودمدني، ومعلوم شعر خليل الذي يرمز فيه بين النضال والعاطفة ، في كثير من قصائده المغناة.. ما هو عارف قدمه المفارق... الشرف الباذخ.. فلق الصباح.. عزة في هواك .. إلخ.

نظم في مدينة ودمدني هذه الاغنية المغناة حديثاً :

ما لو أعياه النضال بدني ?? روحي ليه مشتهيه ود مدني
ليت حظي سمع واسعدني ?? طوفه فَدْ يوم بي ربوع مدني
كنت أزورو أبويا ود مدني ?? واشكي ليه الحضري والمدني
آه على حشاشتي ود جني ?? وحنيني ولوعتي وشجني
دار ابويا ومتعتي وعجني ?? يا سعادتي وثروتي ومجني

الى ان يقول:
الكنانة أكرمت نُزلي ?? واغدقت من خيره كل زلي
إن حييت او متَ في الأزل ?? ده مقدّر طبعو في الأزل
غايتو بختم نفثتي الخطرت ?? بي تحية من حشاي شطرت
للتدور والطايرة والما طارت?? وسلاماً ما الغصون خطرت ?? ??

وفي عِلمنا ان خليل فرح جاء في وقت بابكر لمدينة ود مدني وغنى في احد بيوتها في حي من احيائها القديمة وذكر لنا ذلك المرحوم عازف الكمان (بدر التهامي) ، وكان وقتها التهامي يعمل صبي نجار مع خاله في احدى الورش فخرج من الورشة وغاب زمناً طويلاً وقد صادف في طريقه تلك الحفلة التي كان يُغني فيها الخليل فوقف يستمع ...! ووصف لنا خليل بطربوشه الاحمر على رأسه وكان يرتدي جلباباً فوقه بدلة.

استغرق بدر مع الاغاني وطلب من خليل ان يغني له أغنية (صباحك مالو...) وتبسّم الخليل ثم لبّى طلب الصبي الصغير...!.. واسهب التهامي في وصفه بجسده النحيل وقامته العالية.. واستمعنا لتلك الافادة وكان معنا الاستاذ الصحفي - فيصل أحمل المكي - وحين استغرق الطفل بدر التهامي وهو طيلة اليوم في بيت العُرس يستمع للخليل .. ما حدا بخاله ان يُعاقبه ويطرده من الورشة ..! وهذا بدر التهامي قد اجتذبه الفن فالتحق بالاذاعة فيما بعد 1942 ، وكان معه من عطبرة عازف الكمان حسن خواض وايضاً إبراهيم الجاك من كوستي.....

ويقول بدر التهامي ان خليل فرح عمل لفترة قصيرة في البريد والبرق بودمدني ثم نقل للخرطوم.. وخليل فرح ليس بعيدا عن ودمدني بحكم زيارة الأصدقاء من فنانين وشعراء .. ولم يكن غريبا نظم القصيدة في ودمدني ... التي عرفها الشاعر في كل الاحوال (زيارة ، مجاملة، ترفيه، عمل..!)

للمرحوم البروفيسر علي المك كتاب محقق عن ديوان خليل فرح .. نفدت طبعته الاولى. ولم يجد صاحبه نسخة منه لإعادة طبعها من جديد .. ذكر لنا ذلك والى ان فارق الحياة.. افتقدنا الكتاب وكان مرجعا وفيه حتى مكاتبات - مصلحة البريد - استجوابات... تقارير... ارانيك مرضية.. الخ وعطلات مأذون بها ، واخرى غير مسببة..

ومن عجب ان ملهمة قصيدة (جناين الشاطيء) استقرت بمدينة ود مدني وقد جاء بها من الخرطوم الطبيب الاغريقي (هازي ميخالي كما يسميه عامة الناس في مدني ولعله ميخاليدس) بعد طلاقها من زوجها الاول.. وكانت (زهرة روما) مشهورة في المدينة بجمالها اللاتيني الفاخر الأرُستقراطي وكان زوجها (ميخالي) طبيباً ارستقراطياً ومتعالياً يغشى عيادته وجهاء المدينة أو يذهب لهم في بيوتهم يعالج العوائل من سُراة القوم ..! بعكس زميله الآخر الطبيب المتواضع الذي يتعامل مع المرضى من اصقاع الجزيرة وفقراء المدينة.. (مترو بولس) .. قريباً من العامة وقد ألحق بعيادته مبنى صغيراً كاستراحة للغرباء وغير القادرين .. يقصدونه ولا يتحرجون..!

(زهرة روما) اثيره ومُدلله لدى زوجها تخرج مع ميخالي وقت العصاري يتنزهان على شاطىء النيل الازرق وحدائقه بعربته (الكاديلاك الامريكية) المكشوفة تستقبل النسائم الطرية... يتأمل في خلقتها العاشقون. الوجه الابيض شفق الصباح وشعرها الاثيث المسكوب وقامتها المربوعة . لدنة وضامرة الحشا.. وصدرها طامح كالنهر الازرق وقت اعتكاره وفيضه الداوي المتدفق منذ الأزل.. والقصيدة في الاصل نظمها خليل في الخرطوم وذلك قبل ان تنتقل لمدينة ود مدني فيما بعد... ولكن ... فإن نفس المشاهد تنتقل هنا من حيث مرأى عبقرية الجمال الماثل بكل نضارته ولم تبدله السنوات .. يتبعها الناس أينما حلّت يتحاومون حولها.. الصافية اللامعة كالدينار الذهبي.. يجحظون نحوها .. تحرق القريب منها او حتى البعيد منها...! ومع حارسها وامينها المفتون بها حتى الممات يلاصقها يذهب ويجيء معها..!
الى ان جاءت نهاية خمسينات القرن الماضي وكانا بالمدينة ... فتوفى ميخالي وقامت خليلته من بعده بتصفية وبيع ممتلكاته .. المنزل والعيادة في القسم الاول، وهو من الاحياء الكبيرة والراقية .. وذهبت لبلادها كأنضر وابهى ما تكون في غلالتها السوداء كالقمر يظهر ويبين من تحت ركام السحاب الداكن..
فأين اشواطك على شاطيء النيل وحتى الى (الكلوب الاغريقي) المطل على النهر الازرق العاتي سراي اسكندر، المعلومة حتى اليوم والتي اصبحت فندقا جاذبا للعرائس والعرسان والمبنى ما زال علي حاله من الطراز الاول للهندسة الاغريقية كان ناديا فاخرا يغشاه الاغاريق..
واما المنزل فقد آل لاحدى عوائل ودمدني العريقة وهو كما هو لم يتغير في بنائه شيء ولم يزد في ملحقاته شيء .. يتوسط حي القسم الاول . في اصله المشهور..
وكأثر خالد وعزيز يعتز بقيمته الجمالية والفنية والتاريخية الاستاذ المحامي حاليا (سنهوري محمد الامين)، والقاضي النزيه في تلك الايام المتولية النبيلة بكل زخمها المجيد المطوي في الذاكرة ..! ويقول الاستاذ (سنهوري) ان مولد القصيدة كان هنا في دائرة ودمدني .. فانظر حواليك تجد هذا القصر ولم يكن له بالمدينة شبيه او مثيل وما فكر الناس في بناء طابق اول..! وهنا مكتبي اشغل مساحته التي كانت مرقد وحجرة نوم ( الزهرة الاغريقية) وكما هي الحجرة بنمنمتها وزخرفتها ونفس لون طلاء حيطانها ولوحاتها المعلقة وابوابها ونوافذها وبنائها الذي لم يتصدع ثم مدخل البيت والحديقة الخارجية ومثيلاتها في البيوت المجاورة والاشجار ذات العصافير والنخيل الاخضر الذي بدا عليه الاصفرار والكدر والاهمال من بعد تلك السنوات المستقرة الجميلة.. انفاسها ما زالت باقية هنا...
تخطر بموسيقاها تملأ القصر بكيانها فائض الانوثة... ويقطع الاستاذ سنهوري بتوكيد جازم ان كل الظروف الطبيعية في لوحة القصيدة ماثلة هنا .. والنهر والشاطيء والرياض والاعناب .. تأمل ذلك بتمهل وامعان...!
فأين ذلك من شاطيء نهر الخرطوم الذي تطل عليه الدوائر الحكومية المتراصة تحت اشجار اللبخ الغليظ...؟!

ويصدق هنا الاستاذ سنهوري صدقاً فنياً ومقنعاً ويجيء الاختلاف عن الزمان وترتيبه في مجيء (الزهرة) وحواه رحالها بين ظهرانينا كفتاة مدنية سقطت عنها صفة الخرطومية وجعلت الخلائق تتحاوم تحج نحوها في المدينتين في توفر الذائقة الجمالية العالية والانبهار بالموضوع الماثل لدى شعب شفاف وصدوق مع الغريب تغلب عليه النوازع الروحية فيتسامى بالفكر والشعور والتنغيم الذي ارسله خليل فرح حتى اصبحت زهرة روما تاريخا بين الطوائف العديدة التي دخلت السودان في ذلك الحين ويبقى خليل فرح موضوعا كبيرا بذاته ولذاته وما زال معاصرا بيننا كشخصية جمالية باهرة..
واستمع له دام فضلك وعزّك وهو يغني ما بين ودمدني والخرطوم..

بين جناين الشاطيء وبين قصور الروم
حيّ زهرة روما وأبكي يا مغروم
دُرة سالبة عقولنا لبّسوها طقوم
ملكة باسطة قلوبنا تبيت عليها تقوم
في الطريق إن مرت بالخُلوق مزحوم
كالهلال الهلّ الناس عليها تحوم
شوف عناقيد دِيسَها تقول عنب في كروم
شوف وريدا الماثل زي زجاجة روم
القوام اللادِن والحَشا المبروم
والصِدير الطامح زي خليج الروم
خِلِي جاتْ متبوعة الصافية كالدينار
في القوام مربوعة شوفه عالية مَنار
موضة آخر موضة هَيْفا غير زِنار
روضة داخل روضة غنّى فيها كَنار
شوف جبينها الهلَّ ضوَّ فوقه فَنَار
مِنه هلَّ الشارع منه بقَّ ونار
طالعة ما بتتقابَل زيْ لِهيب النار
تحرِق البتهابل والبعيد في نار.





(منقول:- صحيفة الصحافة)

أبونبيل
20-12-2011, 11:31 AM
فنانو الزمن الجميل

الخير عثمان



نتناول بالحديث هذه المرة جانب من سيرة عملاق من عمالقة الفن في هذه المدينة المسكونة بالإبداع .. وواحد من جيل الرواد .. ذلكم هو الفنان " الخير عثمان".. والخير ولد في عام 1928 م بحي الدباغة بود مدني.. وبمربع كنا نسميه بالمربع الذهبي .. ففيه منزل رائد الحركة الوطنية في السودان الأستاذ "أحمد خير المحامي "(تجمعه صلة قرابة بالفنان "الخير عثمان") .. وفيه منزل لأعب سيد الأتيام الموهوب الراحل " صلاح الأمين " والاسيد .. ومهاجم الأهلي الخطير احمد حامد .. وفريق الشعلة ومنزل أسرة الرياضي المطبوع الأستاذ عبد المنعم عبد العال ، الرئيس الأسبق لاتحاد الكرة بود مدني .. وفيه منزل الفنان المبدع " محجوب عثمان " وعلى فكره هو خال اللاعب " صلاح الأمين " .. ولا تجمعه صلة قرابة بالفنان " الخير عثمان " كما يردد البعض .. وفي هذا المربع أيضا المبدع " أبوعركي البخيت " ..ومنزل الفنان " رمضان حسن " ومنزل حارس النيل الشهير وابن أخ الفنان الخير عثمان" عصام محجوب " .. وفيه أيضا منزل الدكتور " بدر الدين حسن جاد الله " .. ومنزل اللواء " جعفر محمد مختار " الحرس الخاص للرئيس الأسبق " جعفر نميري " .

وقد ظهرت موهبة " الخير عثمان " الغنائية في وقت مُبكر .. فكان يغني في الحفلات الخاصة والأعراس .. إلى أن هيأت له الأقدار لقاءً بالشاعر المبدع الأستاذ "مبارك المغربي" .. وكانت نتيجة هذا اللقاء الأغنية الرائعة " سحرتني الجزيرة " .. والتي فتحت له أبواب الشهرة .. وتعرف الناس من خلالها على جمال صوته .. ثم كانت رائعة "عبد المنعم عبد الحي" أغنية " أهوى الدنيا " .. وهي من الحان الموسيقار "برعي محمد دفع الله" .. وقد أضافت له هذه الأغنية الكثير .. وجعلته أكثر شهرة .. فله صوت رخيم ممتلك لكل مقومات الجمال والرقة والعذوبة .. ثم أنه كان يحسن اختيار كلمات أغانيه .. ساعده على ذلك علاقة حميمة ربطته ببعض كبار الشعراء أمثال مبارك المغربيوعبد المنعم عبد الحي .. إضافة لاستعانته بفرقة موسيقية تستخدم الالآت الموسيقية الحديثة .. على عكس ما كان سائداً في تلك الفترة من الغناء باستخدام الرق والطبل فقط .. ويعتبر " الخير عثمان "من الرواد في هذا المجال ..والذي كان يُعرف بـ "المدرسة الوترية"..وعندما انتشر صيته في خمسينيات القرن الماضي .. ُلقّب بــ " فنان الجزيرة " .. وصار القاصي والداني يعرف " الخير عثمان " .. وكان وقتها لم يتجاوز العشرين من عمره .. ومع صغر سنه إلاَّ أنه يعتبر من أوائل الفنانين السودانيين الذين غنوا بعد : ( الحاج محمد أحمد سرور .. والكاشف .. وحسن عطية .. وأحمد المصطفى .. وعائشة الفلاتية ) .


ولفناننا الجميل " الخير عثمان " باقة رائعة من الأغاني .. وهى نسمات تمر على كل من عرف الخير عثمان .. وعرف " ودمدني " أيام الفن الأصيل الذي تلاشى وضاع .. وضاعت معه أجمل وأحلى الأيام .. فقدم " الخير عثمان " : " عيوني وعيونك أسباب لوعتي " كلمات وألحان "أحمد إبراهيم فلاح" .. وهذه الأغنية غناها " الخير عثمان " قبل أن يشدو بها الفنان " إبراهيم الكاشف " .. وأغنية " أمل " التي مطلعها " عايز أنسى آلامي وأحقق أحلامي ونسعد هوانا " وهي من كلمات الشاعر " إسماعيل خورشيد " .. وألحان " التجاني السيوفي ".. كما تغنى للشاعر "محمد عوض الكريم القرشي" بأغنية " حنتوب الجميلة " التي جعلته من فناني الصف الأول .. وكان ذلك في عام 1945م .. وقتها كان شاعرنا المجيد " ود القرشي " يتردد على مدينة ودمدني بحكم طبيعة عمله كتاجر مواشي وكانت محطته الرئيسية بالمدينة منزل عمنا " النور البشير " وهو من تجار المواشي ومن الجزارين الكبار بالمدينة .. وعمنا " النور البشير " هو خال للفنان " الخير عثمان " .. ويقال أن من دبر اللقاء بينهما هو العم " عوض سوار " وكان صديقاً للطرفين .. وامتدت العلاقة بين الشاعر " ود القرشي " والفنان " الخير عثمان " .. حيث قدم له كلمات أغنية " صباح الهنا " .. وكلمات أغنية "يا حبيبي دمعي الغزير فيضانه فاق الغدير " وكلمات أغنية " غزال النيل أحب محبك ".. والرائعة " الحب الحلال " ... و"طريت هوانا " . وغيرها .. وأظن أنها تزيد عن عشرة أغنيات .



كان فناننا المبدع " الخير عثمان " يقصد الإذاعة السودانية بام درمان للغناء لتلبية طلبات المستمعين .. فقد كان له حضور قوي خصوصاً في برنامج ما يطلبه المستمعون فالناس قد أحبوه وأحبوا صوته الذي يفيض رقة وعذوبة .. كما سجل للإذاعة السودانية العديد من الأغنيات .


لم يتهيأ للفنان " الخير عثمان " دراسة الموسيقى أو بعض الطرائق الغنائية إذلم يكن في الأربعينيات و ما تلاها مدارس غنائية .. و إنما هناك الموهبة والممارسة مع من سبقه من مطربين .. والفنان " الخير عثمان " كان يحب الغناء ويشتري العديد من الاسطوانات .. و كان يستمع لبعض الفنانين العرب أمثال فريد الأطرش و أسمهان و أم كلثوم .. والشاعر " محمد عوض الكريم القرشي " هو الذي انتبه لحلاوة صوت " الخير عثمان ".. وهو أول من شجعه على الغناء .


و يذكر ابن خالة زوجته الأستاذ "عوض سعيد سعد" أن منزله بحي " الدباغة " كان ملتقى ومنتدى لكثير من أهل الفن والسياسة والاقتصاد .. فكثيراً ما كان يزوره الأدباء والشعراء والمذيعين الكبار أمثال حمدي بدر الدين .. وإبراهيم الكاشف .. وعائشة الفلاتية .. ومنى الخير .. وبروفسير على المك وفناني الجيل الذي تلاهم مثل زيدان إبراهيم .. وعبد العزيز المبارك .. وابوعركى البخيت حيث يناقش المنتدى ويتناول القضايا المتصلة بالفن والشعر والغناء في ودمدني .. وكان الأستاذ" الخير عثمان " رجلاً شفيفاً وواضحاً وصريحاً في نقده لبعض الجوانب السلبية حتى لبعض الحاضرين .. وأن الجميع كان يتقبل منه ذلك بروح عالية .. لما عرفوه من صدق الرجل وتجرده .. وأنه يستهدف دائماً تقويم ما هو معوج لما فيه المصلحة .


والفنان " الخير عثمان " يتميز عن سواه من المطربين بأنه يغني بإحساس صادق .. مبتعدا عن النمطية و لا يتصنع في أدائه .. و كذلك صوته قوي لا توجد فيه حشرجة و هويغني بشكل غير مفتعل .. ويندمج بأجواء الأغنيـة كأنه يغني لنفســه .. و لذلك اقبل الناس على سماع صوته الجميل .. كما كانت له قدرة كبيرة على الحفظ .. والكثيرين ممن لحنوا له أكدوا ذلك الأمر .. وليس أدل على ذلك من أغنيه " حنتوب الجميلة " .. التي ألفها الأستاذ " محمد عوض الكريم القرشي " بليل .. وقدمها مُلحنة "للخير عثمان" الذي كان يجلس إلى جانبه .. وفي اليوم التالي مباشرة كان الخير يغنيها في حفل المدرسة مع فرقته الموسيقية .. تقول كلمات هذه الأغنية :


بهدبك تحياتي ويهديك وجداني
الجميلة الجميلة
حنتوب الجميلة
منظرها البديع
ياروعة جلالو
تعجب حين تزورو
وتجلس على تلالو
الجميلة الجميلة
حنتوب الجميلة
هنا فيها الأدب
وهنا فيها الشباب
الشباب الشباب
العامل لي وطنو
وما داير ثواب
الجميلة الجميلة
حنتوب الجميلة
ليك أعظم رسالة
تعليم الجهالة
تنتشر المعارف
وبلدي تنيل منالا
الجميلة الجميلة
حنتوب الجميلة
للنيل باقية شامة
والهدهد علامة
ومنسق نظاما
وفي تقدم دواما
الجميلة الجميلة
حنتوب الجميلة


وعلاقة الفنان " الخير عثمان " بحنتوب ( إدارة وطلاباً ) .. كانت علاقة ممُيزة .. حيث كان يخصص لهم يوم الخميس من كل أسبوع لإحياء حفلات غنائية خاصة بمسرح المدرسة للترويح والترفيه عن الطلاب .. وكانت حفلاته تلك تجد تجاوباً كبيراً من الطلاب .. بل ويشارك فيها بالحضور أساتذة المدرسة يتقدمهم مدير المدرسة في ذلك الوقت" مستر براون " .. وكان يبدأ الحفل دائما بأغنية حنتوب الجميلة .. فيهتز لها الطلاب طرباً.



ويعد الفنان " الخير عثمان " واحداً من المع نجوم الغناءفي الزمن الجميل .. وكان رصيده من تسجيلات تلفزيون الجزيرة بمدني عالياً .. وله رصيد عال ومجموعة جميلة ومختارة من الأغاني المسجلة في أرشيف تلفزيون الجزيرة .. وأمل صادقاً أن تكون في حرزٍ أمين .. ( وهى كذلك إن شاء الله ) .. وإذا قدر أن تلفت أو تم مسح أشرطتها لتسجل عليها مادة أخرى فعلى الدنيا السلام !! .. إذ أنها المكان الوحيد الذي توجد فيه تسجيلات بهذا الحجم للفنان " الخير عثمان " .

ومن أغانيه الرائعة قصيدة الشاعر المبدع الأستاذ " محمد عثمان عبد الرحيم "( الندامى ) .. والشاعر محمد عثمان عبد الرحيم من أبناء رفاعة .. وهو من نظم كلمات الأغنية الوطنية الرائعة " أنا سوداني " للفنان " العطبراوي " .. وقد تم منحه " الوسام الذهبي " في مهرجان الثقافة الأول بود مدني .. وقد كرمته وزارة الري بود مدني في عهد الوكيل الأسبق للوزارة دكتور أحمد محمد آدم .. كما كرمه الوالي السابق "عبد الرحمن سرالختم" في عام 2004م .. وهى من الحان " التجاني السيوفي " .. وتقول كلماتها :

أدر الكأس على العشاق صفواً ومدامه

يا حبيب القلب والروح .. ويا روح الندامى


أيها الرافل في مجد من الحسن دواما

ماست الأغصان لما عشقت منك القواما

تتحدى البان ميلاً واعتدالاً وانقساما

وتفوق البدر حسناً وضياءً وابتساما

يا سقيم اللحظ .. يا من أورث القلب سقاما

إن في تيهك إرهاباً وقصة انتقاما

سل أناس درسوا في معهد الحب الغراما

أيبيح القتل عمداً .. من يرى القتل حراما

إن طعم الحب كالصبر .. وفي الصبر حداقه

غير أني يا حبيب الروح استحلي مذاقا

أنت ممن أفسحوا للحسن في الدنيا نطاقا

خلقوا شتى البشاشات وأنواع الطلاقه

أنا في محرابك الطاهر أستوحي الرشاقه

منطقي الصمت من أروع أيات اللباقه

وللروح يا ملاكي وصمه الروح المشتاقه

كالذي يقطف في مختلف الأزهار باقه


وأخرى للشاعر " عبد المنعم عبد الحي "باسم " أنا أهوى ".. ولديه أغنيه من كلمات الشاعر " كمال محيسي " والحان " علي مكي " هي" أدونا أدونا يا الجننتونا " .. و أغنية " يا ليالي وأنا مالي " كلمات " عبد القادر أبو الصديق " .. والحان " علي مكي " .. وأغنية" آلام الحب " للراحل " إسماعيل خورشيد " .. والحان " علي مكي" ومن أشهر أغانيه : يا فاتن الجزيرة .. و " الرزينة "كلمات الشاعر عبد العزيز عبد الله والحان " الخير عثمان " .. "الناس بتلوم" .. وأغنية "أنت حبيبي"للشاعر " كمال محيسي " والحان " الخير عثمان " .. "الزول العيونو كحيلة" .. و " منى " للشاعر " جبر الله الشريف " وقد لحنها الفنان الخير عثمان بنفسه .. و " هوى المحبوب " للشاعر " أحمد إبراهيم فلاح " ..



كان للفنان " الخير عثمان " حضوراً واسماً لامعاً خارج السودان ، إذ يحظى بجهور واسع بالشقيقة أثيوبيا .. وأرتيريا وقد سبق له أن أحيا فيها حفلاً غنائيا كبيراً في أواخر عام 1958 .. وتنتشر أغنائية هناك بصورة واسعة .. كما شارك في العديد من البعثات الفنية للعديد من الدول .. نذكر منها الشقيقة مصر .. ولبنان .. وأثيوبيا .


أسرته : ـ

والده هو الشيخ " عثمان سمل " .. وهو شايقي وتربطه صلة القرابة بالأستاذ " أحمد خير " المحامي .. ووالدته هي الحاجة " حسينة بت البشير " وهى أخت شقيقة للحاج " النور البشير " تاجر المواشي والجزار الشهير بود مدني .. وهى إمرأة عَلَم يعرفها كل أهل الدباغة .. أما أخوانه فهم محجوب عثمان" الجنيه " والد عصام محجوب حارس مرمى النيل مدني الشهير وهاشم محجوب بالرياض .. وأخ لأحمد عثمان" البوب " .. ومحمد عثمان" حميدة " .. وله أثنين من الأخوات : " فاطمة عثمان " .. و " أمنه عثمان " .


أما أسرته الصغيرة فزوجه هي " أمنه الياس بابكر " .. وقد رزقه الله منها : " إخلاص الخير عثمان .. وسلوى الخير عثمان .. ونجوى الخير عثمان .. ومشاعر الخير عثمان .. وزهير الخير عثمان .. وعبد العزيز الخير عثمان " .

الأخ من الرضاعة :

وفق ما أشرنا من قبل فمنزل الفنان " الخير عثمان " يقع في ما أسميناه (بالمربع الذهبي) .. حيث جمع هذا المربع سلة من المشاهير .. ومن هؤلاء المبدع " رمضان حسن " .. والذي شاءت إرادة المولى الكريم أن تتوفى والدته .. وهو مازال رضيعاً .. وقد حكت لنا شقيقة الفنان " الخير " ، " فاطمة عثمان " أن والدتهم الحاجة " حسينة بت البشير " قد ضمت هذا الطفل الرضيع لحضنها .. ورضع من ثديها .. وتولت تربيته وتقويمه .. وعلى هذا يكون الفنان " رمضان حسن "أخ بالرضاعة للفنان " الخير عثمان " .. وذكرت الأخت " فاطمة " أنه في حفل زفاف الفنان " الخير عثمان " والذي شارك في إحيائه عدد كبير من الفنانين .. أصر الفنان " رمضان حسن " على أن يكون هو أول المغنيين باعتباره أخ العريس .. وقد بدأ بأغنيته الجميلة " الزهور صاحية وأنت نايم .. داعبت شعرك النسايم .. وأيقظك صوت الحمايم .. الزهور صاحية في الخميل .. وأنت في نشوي يا جميل ".. فتفاعل معه الحضور وكأنهم يسمعونها للمرة الأولى .. وبالمجمل كان حفلاً رائعاً وظل حديث الناس لفترة طويلة .



خاتمة :

رحل هذه الفنان الكبير وهو في قمة عطائه .. إلى عالم الخلود في عام 1995م .. وودع هذه الدنيا الفانية بعد حياة حافلة بالجد والعطاء والإبداع ..كما كانت له صداقات حميمة وعلاقات ودية مع جل أهل وأعيان ودمدني ورؤساء الدوائر الحكومية سواء من رحل قبله أو من بقي بعده ..بخاصة من درس منهم بمدرسة حنتوب الثانوية .. وقد خلف من ورائه ثروة غنائية من الدرر ، ستبقى ذخراً في الغناء السوداني.. ومع ذلك مات فقيراً .. فهو بالكاد كان يعول أسرته ويصرف على عياله من عائد سيارة الأجرة التي كان يقودها بنفسه إلى أن فارق هذه الفانيـة .. وجزى الله خيراً الراحل المقيم اللواء " الزبير محمد صالح " نائب رئيس الجمهورية الأسبق .. فقد حضر خصيصاً من الخرطوم ، وشارك في تشييع جثمانه الطاهر .. وكذلك فعل الأخ والي الولاية وقتها .. والمسؤولين في الولاية ..كما أن المدينة خرجت عن بكرة أبيها لوداع هذا الرجل الخلوق ..ومع ذلك نقول أنه لم يلقى قبلها .. ولا بعدها التكريم الذي يستحقه .. نسيناه .. كما نسينا العديد من المبدعين .. هل هو الجحود ؟!! من منا سأل عن أحوال أسرته ؟ .. ماذا فعلنا للمحافظة على التراث الثر الذي خلفه لنا .. وهذه المدينــة التي تفخر به .. كان يحبها بل ويعشقها .. هل تطوع المسؤولون بمحلية ودمدني الكبرى بتسمية حتى شارع باسمه ؟!! شئ مُحزن .

ثم نتوجه بالنداء للأخوة في وزارة الثقافة والإعلام الاتحادية والولائية ونخص بالحديث البروفسير إبراهيم القرشي .. وهو شخص نعبر أولاً عن ارتياحنا الكبير من تعيينه وزيرا للثقافة والإعلام بولاية الجزيرة.. فالرجل خلوق ومثقف ومؤهل لذلك المنصب ..ولديه نظرة موضوعية للأمور .. ونحن نراهن عليه في إصلاح البيت الثقافي والفني بالولاية .. وفي النهوض بهذه الوزارة الهامة لتضطلع بدورها على النحو المطلوب .. ونأمل منه العمل على جمع ارث هذا الفنان الوطني المبدع .. والتوثيق لسيرته الذاتية .. وأغانيه .. فالفنان " الخير عثمان " له بصمة وخصوصية لم تذوب ولم تتوه في خضم الأعمال الغنائية رغم كثرتها وتعدد المطربين السودانيين .. وقد ترك من ورائه أرثاً فنياً لا يستهان به .. لطالما تمنيت تدوين تاريخ حياته .. لطالما تمنيت تسجيل تاريخه في منتج فكري موثق ومدعوم من جهات عليا تحافظ على ثقافة وطننا الغالي..لمبدع يستحق منا جميعاً لفتات وفاء تقديراً لخصوصية البدايات .. والتميز في الأداء والأسلوب .. ليبقى حياً في ذاكرة محبي وعشاق فنه .


ورحمك الله أيها الحبيب بقدر ما قدمت من خير للناس .. وللسودان . ولئن مت فما ماتت مآثرك وآثارك والكل يشهد لك بالفضل ويشكر سعيك .. وما هذا مني إلا شئ من الوفاء لك .. وما لك من رصيد المحبة في صدور محبيك أكبر .. فلله ما أخذ وله ما أعطى وكل شئ عنده بمقدار .. ولا نقول إلا ما يرضي ربنا جل جلاله

( إنا لله وإنا إليه راجعون) .



عباس الشريف

moh_alnour
21-12-2011, 09:13 PM
متعك الله دوما ً بالصحة و العافية أستاذنا و عمنا أبو نبيل
و أنت تنفحنا من حين لأخر بعبق الماضي الأنيق عبر سيرة رجال
صنعوا تاريخنا الثقافي و الفني و الأدبي فخلدت أسمائهم في الذاكرة المدناوية

أبونبيل
22-12-2011, 11:46 AM
كتابات
بحيري - مدني - كلمة!!

احمد الشريف
كُتب في: 2009-04-01

* أن نؤكد ملكية الإبداع لصاحبها.. فهذا تحصيل حاصل.. فالمبدع يضع أسمه على عمله ويمشي.. فالزميل الإعلامي خالد صديق بحيري طاقة إبداعية تنداح في سيولة في شارع الإبداع بمدني.. كتلة من القلق الإبداعي تنساب كخيوط النور ساعة السحر.. فحين يدفع خالد بإصدارته الجديدة (كلمة) التي أهداني نسخة منها.. فإنه كعادته يتخلص من الحالة الابداعية التي تعتريه وتلازمه.. واستطيع ان أقول إنها حالة المخاض... فمجلة (كلمة) التي بذل فيها بحيري جهداً خلاقاً.. ماهي إلا عملية تنفيس داخلي لخالد.. هذا الإنسان المسكون بمفردات الإبداع.. فهذه الإصدارة الوليدة.. أرادها خالد بحيري (سحارة) أو مستودع لتوثيق سر الجمال المدفون في مفاصل وأعماق ود مدني مدينة الفن والثقافة والجمال.. ولأن كل سحر يحتاج إلى من يفكك طلاسمه - عمد بحيري (الميكانيكي) في إصدارته (كلمة) إلى تفكيك سحر ود مدني.. فدار في مواقع شتى كما النحلة تلثم أكمام الزهر يجول في كل نواحي ود مدني.. فوقف في محراب الصوفية كالدرويش المتحلق في نوبة شيخ عبد السيد.. والمجذوب في حلقة شاطوط.. والغرقان في بحور العشق عند سعدابي ومدني السني. بلغة الأدب.. لا لغة الصحافة.. تحلق عند شيخ عبد السيد وهو يرطن بالانجليزية مع الحاكم الانجليزي.. يزيد ضربات الطبل رغم أنف الانجليزي.. ويدلف بالقاريء إلى الجمعية الأدبية بنادي الخريجين.. الجمعية الحبل السري لثورة اللواء الأبيض.. وتسجل موقفاً بطولياً لقائد الثورة علي عبد اللطف ومواقف لرواد الجهاد الوطني.. البوش.. الأزهري.. محجوب.. وأيام بود مدني للطالب اسماعيل الأزهري.. ولحظات من الزمان للسيد عبد الرحمن المهدي في جزيرة الفيل في رعاية المجاهد شقدي.. وأحمد خير جذوره الجهاد الوطني.. وحسين الهندي وزين العابدين وأيام في ربوع مدني.. وشخصيات صنعت التاريخ.. كانت بمدني.. حضوراً واقامه اللواء محمد نجيب رئيس مجلس الثورة المصرية.. والدراسة الأولية والوسطى.. بمدني.. والمدرسة الأميرية الوسطى التي خرجت الزعيم اسماعيل الأزهري.
الرئيس جعفر نميري الذي درس الوسطى بمدني والثانوي بحنتوب وأمان عندوم.. رئيس مجلس الثورة بأثيوبيا.. الثورة التي قضت على النظام الأمبراطوري.. ولكن فات على الأستاذ بحيري.. أن قحطان الشعبي وأول رئيس لجمهورية اليمن الجنوبية.. درس بحنتوب.. وكانت له في مدني أيام وحضور.. وحنتوب لم تكن جزءاً منفصلاً عن مدني.. وفات عليه ذكر الراحل المقيم الدكتور محمد يحيى الشرفي الوزير باليمن وابن مدينة ود مدني.. وان استرسل صاحب (الكلمة) في توثيق الحياة السياسية في مدني.. في فترة الحركة الوطنية.. لكنه بذكاء المبدع.. حاول أن يخرج بالقاريء من الرتابة.. فتغشى مواقع لها موقع في خريطة ذاكرة ود مدني.. حيث دلف إلى القهاوي.. قهوة الصاروخ لصاحبها كمال علي وقهوة ود العود.. وقهوة (أبو لبدة) وقهوة عبد الرحمن الخضر وقهاوي الهلال وحسين توتا وغيرها.. وحكى مواقف وطنية لفتوات هذه القهاوي - أمثال عوض حلاوة ونضاله السياسي.. وفتوات آخرين.. ود سالم.. ود فاسه وبريقع. وأبو فتلة وعوض بصبيص.. وانعاشاً للذاكرة.. حلقت الاصدارة إلى فضاءات الفن والابداع.. ولا يشك أحد ان تاريخ الفن الغنائي.. بدأ.. من مدني.. فمنها انداحت أوتار الفن.. الحاج محمد أحمد سرور رائد أغنية الحقيبة.. فمنها كان البوح بفن غنائي حمل كل مفردات الإبداع إلى العاصمة.. سرور رائد الحقيبة.. وإبراهيم الكاشف رائد الأغنية الحديثة.. ومبدعون كتبوا تاريخ الفن السوداني.. الخير عثمان.. محجوب عثمان.. رمضان حسن.. ولم يفت على الإصدارة أن توثق لفنان الحقيبة محمد سليمان الشبلي.. صاحب المدرسة الغنائية التي تلقى فيها الكاشف علم الغناء والتطريب.
وطافت الاصدارة إلى فضاءات الشعر.. فتحلقت حول مبدعي ود مدني الذين أثروا ساحة الغناء.. فكانت محطتها عند المساح.. وفلق الصباح والشاغلين فؤادي.. وزمانك والهوى أعانك.. أحكمي فينا هذا أوانك.. وكباشي حسونة وأغنية (معذرة) وبدوي بانقا.. بجيد القول في البنات التي غناها سيد خليفة.. وتوقفت (كلمة) عند حميدة أبو عشر.. النجار بمدرسة حنتوب.. وهو يودع مدني.. منقولاً إلى الأبيض.. وداعاً روضتي الغناء.. وداعاً معبدي القدسي.. ومدني التي تحلق بها شعراء افذاذ.. كانت لهم أيام جميلة قضوها في مدني التي احتضنتهم.. خليل فرح الذي جاءها منقولاً من الخرطوم.. والعبادي.. ومحمد عوض الكريم القرشي.. المسكون بحب مدني.. وفيها كان ميلاد أغنية في الشاطيء يا حبان.. والتي اكتمل نظمها في شندي.. وقافلة من الموسيقين وحكاية أول فرقة موسيقية بود مدني.. كان على قيادتها محمود جادين أول وكيل لوزارة الري.. وكعودة.. وعبد الرحمن عساكر وصغيرون الزين وعثمان أبو بكر وبدر التهامي وآخرون وأصطحبها أحمد خير غازياً بها الخرطوم.. وتنقل من موقع لآخر.. بحثاً عن مخزون ود مدني.. ووقفة عند رائدات العمل الاجتماعي والانساني والسياسي.. حاجة خضرة وعائشة فضل.. وحاجة صبيحة وبيت الخياطة.. وست الدون ومدرسة الدايات.. وعنبر ست الدون.. واليوم مستشفى ست الدون للتوليد.. والانجيلية وأول مدرسة للبنات في عام 1925.. والأستاذة فاطمة حشاش وست عيشة وأخريات.. وافردت الاصدارة التوثيقية مساحة كبيرة للحركة الرياضية بود مدني.. باعتبار ان مدني وتر.. وكفر.. فحامت حول تاريخ الرياضة بود مدني.. وتأسيس أندية النيل.. الأهلي.. الاتحاد.. ودور هذه الأندية في الحراك الثقافي والاجتماعي والسياسي وقيام أول اتحاد للكرة في عام 1928.. ويوسف أمين أول سكرتير لاتحاد الكرة بمدني.. واستعرضت المساحة ما قام به محمد كرار النور.. ذلك العبقري الذي كان له الفضل في تأسيس اتحاد مدني واتحاد عطبرة واتحاد كسلا وكوستي والأبيض.. ومن ثم الاتحاد العام للكرة.. وحكايات عن أيام الرياضة.. في مدني.. وطرائف ونوادر ورجال قامت على اكتافهم الحركة الرياضية بود مدني.. وان اغفلت (كلمة).. بعض الرموز التي كان لها دور في نهضة ود مدني.. أمثال الحاج أبو زيد أحمد.. هذه القامة التي يصعب تجاوزها.. فإنه سيظل حضوراً في مدني.. كما النيل الذي يلف خصرها.. فالراحل مقيم في الأرض التي وهبها لتقام عليها جامعة الجزيرة.. والجامعة مقطوعة الطاري.. استكثرت ان تسمي قاعة باسمه.. وفي الأرض التي وهبها لمدرسة حنتوب.. وحاضر في مسجده بود أزرق.. ومدرسة أبو زيد الأهلية.. وعمارة بسوق ود مدني.. وقف لله.. اعتقد ان التاريخ يستوجب التوثيق لهذا الانسان الذي اعطى مدني.. وما استبقى شيئاً.. فمن حقه على (كلمة).. ان تقول كلمتها.. وفي حقه.. وأما الإخراج والتكنيك الخاص بالإصدارة.. فإنه بحاجة إلى التجويد.. ومراعاة النواحي الفنية التي لو لا المادة الغزيرة والقيمة.. لفقدت الاصدارة ملامحها.. فالتبويب والخطوط بحاجة إلى مراجعة كلية.. والغلاف الذي جاء مزحوماً بالصور.. ما كان موفقاً.. لكن يبقى الاستمرار مهماً.. فالعمل الذي قُدم في غاية الجودة ولا سيما عندما يكون العمل بفعل أديب يعرف كيف يصنع من الخسيس النفيس

صحيفة الوطن


*********

الابن العزيز محمد النور

خالص تحياتى لك ولاسرتك الكريمه

تعودت منك دائما الموازره والتشجيع والمساهمه فى اثراء هذا البوست

وهذا دليل قاطع على حبك وعشقك لسيدة المدائن


كل الناس عندها بلاد تسكن فيها لكن نحن ابناء مدينة ودمدنى بلدنا تسكن فى ارواحنا


ودمت

أبونبيل
03-02-2012, 11:21 AM
صحيفة الأمكنة

سقوط تبلدية قصر الضيافة بودمدني عــن عمر يناهـــز الـ 150 عامــــــا

كتب : مصطفى خواجه



شجرة التبلدي الضخمة بقصر الضيافة بودمدني والتي يزيد عمرها عن الـ 150 عاما سقطت فجاة وبلا مقدمات لتعانق الارض مخلفة وراءها ملايين الذكريات وفراغاً في المكان
والزمان فضلا عن مئات القصص التاريخية التي شهدتها طوال قرن ونصف القرن من الزمان ، وجلس تحتها عدد من الملوك والرؤساء والزعماء منهم الملكة اليزابيث ملكة بريطانيا والرئيس نيكولاي شاوشيسكو رئيس رومانيا والرئيس التنزاني جوليوس نايريري والامبراطور بوكاسا رئيس افريقيا الوسطى والرئيس عبود والرئيس النميري الذي كان يتردد عليها كثيراً والصادق المهدي ود. الترابي والميرغني والرئيس عمر البشير. مدير قصر الضيافة بودمدني الاستاذ ابو شورة يحكي لحظات الوداع الحزين والذي ارتبط ايضا بحكم غريبة فيقول : لحكمة يعلمها الله ان العاملين بالقصر كانوا لحظة سقوط الشجرة يؤدون صلاة العصر بالمصلى الذي يقع خلفها مباشرة ولو انها سقطت غرباً لنزلت على المسجد ولانهار على من فيه. ولكن الشجرة وبطولها الفارع وجسمها الضخم سقطت شرقاً وتوهطت بين المباني. ولم تصب أي منها بأذى موضحاً ان الشجرة كانت قبل دقائق من السقوط لا تبدو عليها أي سمة من السمات او علامة من العلامات التي تشير الى انها ستقع بعد لحظات وبالطبع لم تكن هنالك عاصفة او شي من هذا القبيل ليتسبب في سقوطها والغريب في امر سقوط تبلدية القصر هذه ان مستشار حكومة الولاية الفرد ميثانق اتصل قبل عشر دقائق من موعد السقوط من داخل مبنى تلفزيون ودمدني بسائقه وطلب منه ابعاد عربته الخاصة التي تركها تحت الشجرة. بالقصر من مكانها هذا الى أي موقع اخر. وكأنه أحس بما سيحدث وأفسح لها المجال لترقد في سلام ودون ان تحدث أي خسائر مادية وقال ابوشورة مدير القصر ان والى الولاية البروفسير الزبير بشير طه عندما شاهد المنظر ووقف على الحالة قال: ان الشجرة لم تسقط وإنما خرت ساجدة كما ان من غرائب الأشياء ان التبلدية هذه سقطت خلال الايام التي يتم الاحتفال فيها بعيد الشجرة القومي. ويبدو أن سقوط الشجرة جاء فداء لأشجار بلادى من القطع الجائر

أبونبيل
06-02-2012, 11:01 AM
حنتوب الجميلة الذكريات سمحة وجميلة في كل ليلة يا حليلا



تعتبر مدرسة حنتوب الثانوية قرية جامعية لها رسالة تعليمية وثقافية واجتماعية لتنير الطريق لأجيال الغد لقيادة هذا الوطن الحبيب وفق الأسس والضوابط التي وضعت لها من قادة التعليم بالسودان سواء كانوا من المستعمر البريطاني أو الرعيل الأول من الأساتذة الأجلاء السودانيين.
وقد حظيت مدرسة حنتوب بعد انتقالها إلى قرية حنتوب بواد مدني بعد اكتمال مبانيها في حوالي 1946م، بناظر ومعلم وإداري فذ قل أن تجود به بريطانيا العظمى التي لا تغرب عنها الشمس آنذاك!

كانت حنتوب داخل مديرية النيل الأزرق منارة وإشعاعا للعلم بفضل ناظرها المستر براون، أصبحت مستقلة إدارياً وأمنياً واقتصادياً عن بقية المديرية إذ كان مستر براون هو الذي يدير دفتي التعليم والإدارة بالمدرسة والقرية لذلك الجيش الجرار من الأساتذة البريطانيين والمصريين والسودانيين بعوائلهم وكذلك الطلبة الذين يفوق عددهم الخمسمائة فضلاً عن الموظفين والعمال ومواطني القرية.

وبالفعل قصد المستر براون أن تكون حنتوب التعليمية كنظيراتها في بريطانيا مثالا يحتذى به كمدينة كمبردج الجامعية وكذلك مدينة أكسفورد الجامعية وقصد من حنتوب أن تكون الضلع الأكبر من مثلث التعليم الثانوي الحكومي بالسودان مع الضلعين الآخرين مدرسة وادي سيدنا ومدرسة خور طقت الثانوية.
كانت المدرسة ذات أربعة أنهر ولا يتعدى طلبة الفصل بأي حال من الأحوال خمسة وثلاثين طالباً وكانت تستقبل أبناء مديرية كسلا الكبرى "البحر الأحمر+ كسلا+ القضارف" وكذلك أبناء مديريتي دارفور وكردفان وأبناء المديريات الجنوبية فضلاً عن مديرية النيل الأزرق التي تضم كلا من ولاية النيل الأبيض والجزيرة والنيل الأزرق، كما كانت مدرسة وادي سيدنا الثانوية تستقبل أبناء مديرية الخرطوم والمديرية الشمالية بما فيها مديرية النيل.

أما السكن لهذا الكم الضخم من الطلاب فيتكون من ثماني داخليات أربع شرقية وأربع غربية وكان بكل داخلية أربعة عنابر يستوعب كل عنبر خمسة عشر طالباً ثم هنالك ثلاث حجر إحداها سكن الأستاذ المسؤول والمقيم بالداخلية غالباً ما يكون سودانياً والحجرة الثانية لرئيس الداخلية المنتخب من قبل الطلاب وكذلك نائبه.
والحجرة الثالثة لفراش الداخلية. ثم هناك حجرة كبيرة للاجتماعات والألعاب الداخلية أو الصلاة وتحفها برندة بالنملي بها حوالي عشرة أزيار مياه داخل البرندة ويتوسط مباني الداخلية ميدان نجيلة ومن حوله الزهور.
وعلى بعد عشرين متراً توجد خمسة حمامات وخمس أدبخانات للطلاب بينما هنالك حمام وأدبخانة منفصلين للأستاذ المسؤول والمقيم بالداخلية وكان لكل داخلية رئيس من الأساتذة البيريطانيين يسمي Tutor

تتوسط المدرسة المباني الرئيسية وهي عبارة عن مكاتب الناظر ونائبه وكل رئيس شعبة في حجرة منفصلة ويجاور حجرته أساتذة المادة التي يرأسها كالجغرافية والعربي والعلوم والفنون والدين والتاريخ والرياضيات والإنجليزي، كذلك المعامل وحجر الفنون والرسم ثم يحيط ذلك فصول الدراسة ومن ثم مكاتب الإدارة ويتوسط ذلك ميدان تحفه الخضرة والزهور للاجتماعات اليومية للناظر والأساتذة والطلاب وتمتد الميادين الخضراء لكرة القدم أو السلة أو بقية الألعاب على الاتجاهات الأربعة للمدرسة على مد البصر.

ووسط كل ذلك الكم الهائل من المباني والميادين نجد سفرة الطعام التي يتناول فيها المستر براون والأساتذة الطعام مع الطلاب في السفرة العليا.
يبدأ اليوم الدراسي في تمام الساعة السابعة صباحاً حيث يقرع الصول الجرس إيذاناً بطابور العرض ثم الالتفاف حول الميدان وداخله والجلوس عندما يأذن بذلك الناظر وحوله الأساتذة في مسطبة عالية قبال مكتبه.

ويلقي المستر بروان التعليمات في المناحي المختلفة ثم يليه الأساتذة الذين يتولون قيادة الجمعيات الثقافية والرياضية بالتنبيه للتمارين أو المنافسات بين الداخليات والتحضير للمنافسات الكبرى للدورة التي تضم كلية غردون الجامعية ومدرسة وادي سيدنا في جميع ضروب الرياضة من كرة قدم وسلة وكرة طائرة وسباحة وألعاب قوى والجري حول القرية وعند السابعة والنصف صباحاً تبدأ الدراسة بالحصة الأولى وتليها الثانية ثم فسحة الفطور إذ يتجه هذا الجمع من الأستاذة والطلاب يتقدمهم الناظر إلى السفرة ليتناول طعام الإفطار وغالباً ما يكون فول أو عدس حيث يقف الناظر وحوله الأساتذة في السفرة العليا ثم يدعو الجميع بصوت عال للجلوس وللبدء في تناول الطعام وبعد تناول الإفطار يوزع الشاي الأحمر للجميع ثم بعد الفسحة تبدأ الحصة الثالثة والرابعة ثم فسحة قصيرة ومن ثم الحصة الخامسة ومنها إعلان نهاية اليوم الدراسي إذ يتجه الجميع لتناول وجبة الغداء التي يترأسها المستر براون ثم يخلد الجميع للراحة حتى الساعة الرابعة حيث تبدأ ضروب الرياضة المختلفة في الميادين وكذلك السباحة بالنيل ومنها يذهب الجميع للسفرة لتناول شاي المساء.
وفي السابعة مساءً تبدأ المذاكرة لكل الطلاب كل في فصله حتى الساعة التاسعة مساء حيث يقرع عمنا الصول مصطفى الجرس لنهاية اليوم والتوجه جميعاً إلى سفرة الطعام لتناول وجبة العشاء.

عادة يستيقظ الطلاب من النوم صباحاً في وقت مبكر للاستحمام والوضوء ثم أداء صلاة الصبح وبعدها في تمام الساعة السادسة والنصف يتوجهون نحو السفرة لشرب شاي الصباح باللبن.

إن لم تخني الذاكرة فإن عدد الأساتذة بالمدرسة لم يكن يقل عن ثلاثين أستاذا أذكر منهم الأستاذ السني أبو الريش وكان نائبا للناظر مستر براون بعدما اختير السيد النصري حمزة ناظراً لمدرسة خور طقت الثانوية التي انتقلت إلى مقرها الجديد بكردفان بعد انتهاء المباني في أواخر عام 1950م.
ثم هناك الشيخ الخاتم رئيس شعبة العربي والدين والذين يساعدوه كل من الشيخ حسن الأزهري والشيخ طيب الاسماء وبقية الشعب كان رؤوساؤها من الأساتذة الإنجليز ومعهم مصريون وسودانيون حيث هناك الأستاذ هاشم ضيف الله بشعبة الجغرافيا والأستاذ مأمون بحيري بشعبة التاريخ والأستاذ الأمين السنهوري بشعبة الانجليزي والأستاذ عتباني كان رئيس شعبة الفنون ويعاونه من الأساتذة العريفي وكذلك الأستاذ إبراهيم مصطفى بشعبة الإنجليزي والأستاذ عوض الكريم سنادة بشعبة التاريخ ويشهد الجميع بأن جميع الأساتذة كانوا على مستوى عال من الكفاءة والعلم والخبرة والممارسة مما أكسبهم احترام الآباء والطلاب طوال فترة انتدابهم للتدريس بحنتوب سواء كانوا بريطانيين واسكتلنديين وايرلنديين مصريين وسودانيين، أما عن المستر براون فهو مايسترو الفرقة الذي أحسن قيادتها طوال فترة بقائه بحنتوب التي على ما أظن امتدت حوالي عشر سنوات وقد نهلنا من علمهم وأخلاقهم الحميدة مما أعاننا في مقتبل حياتنا العملية وإلى يومنا هذا ولا يخفى على أحد إسهامات خريجي مدرسة حنتوب الثانوية في جميع مناحي الحياة بالسودان خاصة دفة الحكم والاقتصاد بالزراعة والصناعة والشئون الاجتماعية والدينية والتنمية والتعليم إلى آخره مساهمة فعالة حتى يومنا هذا.

كنا نجزم -أبناء حنتوب- أن مجتمعها كان يمثل وحدة السودان في أزهى معانيه وكذلك يجسد المحبة والغيرة على الوطن وبالطبع حب حنتوب التي كانت في حدقات عيوننا مما حدا بالأخ الرئيس جعفر محمد نميري الاستعانة بأبناء حنتوب لتسيير دفة الحكم في فترة من حكمه البلاد بدءاً باختيار الوزراء والحكام والمحافظين ومروراً برؤوساء المؤسسات العلمية والاقتصادية وختاماً بقيادات الجهاز السياسي (الاتحاد الاشتراكي السوداني) والقضائي.
لقد سميت الداخليات الثماني بأسماء القادة السودانيين الذين كان لهم دور بطولي في مناهضة الظلم والاستعمار وهم الأمير عثمان دقنة- المك نمر- الزبير- أبو لكيلك والنجومي- علي دينار- أبو عنجة.

كما سميت جميع الفصول الدراسية في مراحلها المختلفة بأسماء مشاهير العرب والغرب في ضروب العلم المختلفة أذكر منهم ليوناردو- ابن سينا ابن بطوطة- ماجلان. إلخ.


ولا زلت أذكر اليوم الذي فارقنا فيه حنتوب الحبيبة بعد مضي أربع سنوات من عمرنا بعد أن تزودنا بالمعرفة وبصداقة وعشرة معظم ممثلي مديريات وقبائل السودان المختلفة بحنتوب التي كانت بحق وحقيقة السودان المصغر وكان ذلك يوم 12/12/1952م، الساعة الثانية عشرة ظهراً ومنها تغير بداية العام الدراسي بالسودان من أول يناير إلى شهر يونيو حيث تبدأ الدراسة بجامعة الخرطوم وبقية المعاهد والمدارس على نطاق السودان، لنيل المزيد من العلم ليمكنهم من قيادة سودان الغد المشرق.


كانت الخدمات الصحية بالقرية والمدرسة كانت الوحدة العلاجية الشفخانة وبها مساعد حكيم، أو الوقائية إذ كان هنالك ملاحظ صحة يشرف على العمال خاصة نظافة الادبخانات والمدرسة بداخلياتها وكان كل ذلك تحت الإشراف والإدارة المباشرة للمستر براون ناظر المدرسة دون تدخل من سلطات مديرية مدني.
وللتاريخ أذكر أن الأمن كان مستتباً بالمدرسة والقرية التي يشرف عليها ناظر المدرسة وطوال فترة الأربع السنوات التي قضيتها بالمدرسة لم أشاهد قط ضابطا أو رجل بوليس داخل حدود المدرسة أو قرية حنتوب ولم نسمع بسرقات أو مشاجرات تؤدي إلى الأذى الجسيم أو الموت.
لم يكن الطلاب بمعزل عما يجري في الساحة السياسية بالبلاد بل كانوا يتجاوبون للأحداث بالمظاهرات والهتافات التي ترغم إدارة المدرسة بإغلاقها وترحيل طلابها فترات حتى يهدأ الجو السياسي للعاصمة وبقية مدن السودان كانت هنالك ثلاثة تيارات سياسية تقود النضال بالمدرسة هم اليسار (الشيوعيين) (اليمين) الإخوان المسلمون وأخيراً المستقلون وهم الأغلبية.

هنالك ثلاثة من العمال الفنيين بالمدرسة وهم الجنود المجهولون الذين استمروا أكثر من عشرين عاماً يؤدون واجبهم بالدقة والإخلاص وكانوا موضع إعجاب الجميع هم الصول مصطفى جرس إذ كان عمله الأساسي أن يقرع الجرس للفترات الدراسية المختلفة، كذلك عم عبده سائق البنطون وأخيراً عمنا جانو الحارس الأمين للمدرسة.

الذكريات تطول وتطول في ذكرى حنتوب الجميلة فالتحية والتجلة لكل من أسهم في بناء ذلك الصرح التعليمي العظيم ألا وهو حنتوب الجميلة مصنع الرجال (يا حليلك ويا حليل الهدهد علامها)
مع تحياتي


سليمان عثمان فقيري

أبونبيل
07-02-2012, 09:38 PM
ودمدني تستغيث فهل من مغيث؟؟ ..


بقلم: الرشيد حميدة، الظهران



ودمدني، مسقط رأسي وهي المدينة التي ترعرت فيها ودرست وتعلمت في مدارسها حتى الثانوية، أكن لها كل الحب والتقدير، وقد توجت حبي لها بأن اخترتها موضوعا لبحث التخرج في جامعة الخرطوم في مادة الجغرافيا، التي كانت لها شعبة كبيرة لا يستهان بها، وتضم علماء أجلاء ذكرت بعضهم في احدى كتاباتي السابقة، أذكر منهم استاذي الفاضل البروفسير مهدي أمين التوم الذي بشرني بأن شعبة الجغرافيا ستصبح كلية للجغرافيا وعلوم البيئة. نعود الى مدني التي (كانت) تعتبر ثاني مدن السودان بعد عاصمته المثلثة. مدني لا زالت كما هي رغم السنين الطوال، فرحت لما سمعت أنه سترد لها الروح بإعادة انشاء (مطار) دولي، ولكن الأمر (دفن) كما دفنت الكثير من المشاريع التي سمعنا بأنها ستقام في المدينة الوادعة، مثل مشروع غابة (أم بارونة) السياحي، حيث كان من الممكن أن يكون أحد المشاريع (القومية) التي يمكن ان تسهم في (تنشيط) وازدهار اقتصاد ولاية الجزيرة، بل اقتصاد السودان نفسه، اذا ربط المشروع باستغلال الكورنيش سياحيا ايضا عن طريق فتح الباب للمستثمرين بانشاء فنادق ومنتجعات سياحية هادئة، سيما والمسافة بين مدني والخرطوم قريبة، ويمكن ان يكون مطار ودمدني الدولي توأما لمطار الخرطوم الدولي، ومساندا يقدم خدمات عديدة، ويكون بديلا في الظروف المناخية التي تضطر فيها بعض الرحلات القادمة من الدول المجاورة كالسعودية الى الرجوع الى جدة، ولو كنت المسئول لجعلت من ودمدني (جنة) السودان، فهي مؤهلة لكي تكون (بؤرة) تلتقي عندها (حزمة) من المشاريع السياحية والثقافية، ومؤهلة لتكون (عاصمة) السودان الثقافية وليس الزراعية فحسب، فقد (فرخت) العديد من المتميزين الأفذاذ في مجال الغناء والشعر والثقافة، وبجوارها حنتوب التي (خرجت) المتفوقين أيضا من القادة في شتى الأنشطة والمجالات، وبجوارها (بركات/مارنجان) حيث مقر ادارة وتشغيل أكبر مشروع زراعي في العالم تحت ادارة واحدة، وغير بعيد تقع (التجارب) التي كان فيها أكبر محطة للابحاث الزراعية التي تحتضن رئاسة هيئة البحوث الزراعية، الصرح الزراعي الشامخ، وغير بعيد ايضا ترقد (ابوحراز) ذات القباب التي تحتضن مجموعة من أهل الذكر والأولياء الصالحين، وأكبر كلية زراعية والموارد الطبيعية (مركزا) تشع منه المعارف والعلوم الزراعية. لكن ودمدني لا تزال كما هي لم تطالها يد التغيير، فيا ابناء مدني وما جاورها هلا تناديتم ووضعتم خبراتكم ومعارفكم وعلومكم وأموالكم في (بوتقة) واحدة من أجل انتشال مدينتكم العريقة من (وحل) الإهمال والنسيان الى (عالم) جديد ومستقبل زاهر فريد. تعيدون الى المدينة شبابها ومجدها وحيوتها وقوتها وعظمتها.

أبونبيل
20-02-2012, 11:41 PM
(شجرة الصحفيين) بمدني... السلطة الرابعة على (قارعة الطريق)..!!!



مدني: قذافي عبدالمطلب


رغم أنها لا تختلف لا في حجمها ولا شكلها عن أشجار النيم المنتشرة بكثافة في كل شوارع ودمدني إلا أن شجرة الصحفيين التي تجاور السينما الوطنية تعد من أهم وأشهر أشجار المدينة التى يتقاطر إليها مراسلو الصحف ابتداءً من الحادية عشرة صباحاً ويكتمل عقدهم في مشارف الواحدة ظهراً أو بعيدها ثم يتردد السؤال التقليدي الأكثر شيوعا في أوساط الصحفيين: (البلد فيها شنو) وعلى هدى الإجابات المتبادلة ينطلقون صوب مصادر المعلومات ثم يعودون إلى شجرتهم وأشعة الشمس قد استعارت من الذهب لونه... يعودون مرهقين يعلو الغبار هاماتهم ثم يشرعون في إعداد أخبارهم ويتسابقون نحو مركز خدمات على بعد أمتار تحسب على الأصابع لإرسالها إلى صحفهم وعقب الفراغ من عملية الإرسال التي تتم في أجواء شبيهة بحالات الطوارئ هكذا ينتهي يوم عمل (14) مراسل صحفي يتعاملون مع معظم صحف الخرطوم.

(1)

في صبيحة اليوم التالي يبدأ الجميع بمطالعة الصحف بحثاً عن أخبارهم وموادهم التي أرسلوها بالأمس ويحتفون بها في حال كانت منشورة والعكس حال تجد الرسالة مساحة في الصحيفة وفي كل الأحوال يبدأ يوم عمل جديد للجميع.
ظلال غصون الشجرة المتمددة في الأفق تستقطب أنشطة وفئات أخرى غير المراسلين ومن أهمها منسوبو الأحزاب السياسية الذين يحملون أخبارهم مكتوبة او شفهية إلى حيث الصحفيين أملاً في أن تجد مساحة حتى ولو كانت صغيرة في مكان ما في صحفٍ إحساسُها بما يحدث بعيداً عن محيطها في مقرن النيلين ضعيف.

(2)

الشجرة أيضاً مزار لأصحاب المشاكل من المواطنين الذين يقصدون الموقع لعرض قضاياهم للرأي العام أو إبلاغها للمسئولين عبر الصحف فيأتون متأبطين ما يدعم مظالمهم من المستندات والأوراق وهي عادة قضايا حقوق ما بعد الخدمة أو نزاعات أراضي ورواد الشجرة ليسوا قصراً على ذوي المصالح والحاجات بل هناك أيضاً من يبحث عن الأنس وإزجاء الوقت واحتساء القهوة والشاي الذي تعده ليلى التي تلعب دوراً مهما وسط هذه المجموعات وتتربع صدر المكان كواحدة من أهم شخصيات مسرح هذا العالم الخاص.

(3)

شيخ المراسلين الأستاذ حامد محمد حامد وهو من أقدم رواد الشجرة قال إنهم اتخذوا من الشجرة مركز تجمع منذ أكثر من عامين لعدة اعتبارات لكن أهمها توفر الإمكانيات التقنية التي تساعدهم في إرسال المواد الصحفية والصور بعد تفريغها من الكاميرات (الانترنت، الفاكس، الطباعة، تصوير المستندات...إلخ) ويضيف: "الآن أصبح الموقع عنوانا لنا ويسمى بشجرة الصحفيين ويجاورها من جهة الجنوب شجرة السماسرة."

(4)

وحسب معلومات تحصلت عليها الصحيفة عرضت حكومة الولاية على الصحفيين تأسيس مكتب لهم غير أن خلافا ظهر في وجهات نظرهم بعد أن رفض بعضهم الخطوة بحجة أنها تتقاطع مع استقلالية المهنة والحكومة من جانبها لم تمض قدما في عرضها وبقي المراسلون تحت شجرتهم. أما حسن محمد عبدالرحمن فيرى أن ارتباطهم بالمكان تجاوز توفر المعينات إلى ارتباط وجداني خلق إلفة خاصة وساعد على ذلك أن المنطقة حرة يستقبلون فيها كل من له قضية أو مظلمة يريد إبلاغها للرأي العام لكن البعض يعتقد أن الموقع لا يليق برجال السلطة الرابعة، ويقول: "كثيرون يستنكرون وجودنا هنا غير أنني وكثيرين من زملائي نفضل البقاء فيه إلا في حال أنشأت لنا صحفنا مكاتب ندير منها أعمالنا ولأن إمكانية حدوث ذلك تبدو بعيدة على الأقل الآن فإننا نسعى لتكوين رابطة تضم كل مراسلي الولاية والبحث عن مقر لها".

(5)

من الشخصيات اللافتة في شجرة الصحفيين عبد الوهاب السنجك مراسل صحيفة الجريدة بشاربه الكث وتقاطيع وجهه الصارمة التي تخفي روحاً مرحة سرعان ما تعلن عن نفسها بمجرد الاقتراب منها. السنجك يرى أن الموقع يتميز بالوسطية والقرب من الدوائر التي تستقي منها الصحف المعلومات ويتفق سليمان مع السنجك فيما ذهب إليه غير أنه يبدو ميالا إلى إيجاد مكتب وينظر بعين الرضا إلى ما يسميها بمبادرة الحكومة سالفة الذكر. ويشتكي المراسلون من جملة إشكالات تواجههم منها عدم التزام الصحف باستحقاقاتهم وعدم الالتزام بنشر المواد التي يرسلونها فضلا عما يعتبرونه تهجما على المهنة ممن دخلوا عليها من باب الإعلانات ولا علاقة لهم بها.

أبونبيل
21-02-2012, 01:08 AM
الشيخ عبدالباقى ازرق طيبة


المتتبع لسيرة خلفاء العركيين منذ عهد الشيخ يوسف يجدهم ما بين طيبة وأبى حراز وترقد أجسادهم الطاهرة بابى حراز عدا الشيخ حمد النيل فهو الوحيد المقبور بأم درمان أم بده .وكانت تسمى طيبة في ما مضى باسم الخليفة الموجود فيها إلي أن آلت الخلافة إلي الشيخ عبد الباقي فأصبحت تسمى طيبة الشيخ عبد الباقي لأنه أول من قبر بها ولطول زمن خلافته وهو يعتبر المؤسس الثانى لطيبة بعد جده الشيخ يوسف .سماك طيبة يوسف متيمنـاً بمدينة المختار فهو حمـــاكِوالعابد الباقي يلازم ضيفـه وسط الدخان يحوم بالمِفــراكِخمسون عاماً ناره لم تنطفى في الصبح والآصال في الأحلاك تلقاه يتلو في كتـــاب الله مطالعاً بترتلٍ وتفكُّرٍ وتباكـــىيعتبر الشيخ عبد الباقي بن الشيخ حمد النيل هو المؤسس الثاني لطيبة بعد جده الشيخ يوسف أبو شرأ فارتبطت باسمه لسكنته فيها دون أب حراز ولد الشيخ عبد الباقي سنة 1848م ووالدته هي السيدة فاطمة بنت الشيخ عبد الباقي بن الشيخ يوسف أبو شرأ ودرس القرآن الكريم وختمه ثلاث مرات حفظاً وأتقن العلوم الإسلامية ومذهب الإمام مالك . آلت له الخلافة عام 1900م فأعاد بناء خلوات القرآن بالطوب وأهتم بالتعليم المدرسي فأسس مدرسة من أوائل المدارس في السودان عام 1906م وكان يرسل إلي زعماء العشائر وأهل القرى المجاورة وأولياء الأمور لضرورة إرسال أبنائهم إلي طيبة لإلحاقهم بالمدرسة الأولية كما أهتم بتعليم البنات بتأسيس مدرسة أولية عام 1942م وكان الشيخ عبد الباقي ينفق علي المدارس من حر ماله يطعمهم ويسقيهم ويكسوهم ويسكنهم في منازله تلاميذ ومعلمين كما إهتم بالمجال الصحي فأسس الشفخانة الصحية أما علي المستوى القومي فقد كانت له وقفات حق سجلها له التاريخ أمام مفتشي الإنجليز لرفضه ظلمهم للأهالي ورفضه أن يكون جاسوساً علي أبناء المسلمين .ورغم إختلافه مع سياستهم فقد أهدى حكومة الإنجليز الأراضي التي أقيمت فيها مدرسة حنتوب الثانوية ـ كلية التربية جامعة الجزيرة حالياً ـ أهداهم الأراضي بمزارعها وجنائنها لوجه الله . كما كانت أراضى شيخ عبد الباقي تمثل اللبنات الأولى لمشروع الجزيرة الزراعي فحينما فكر الإنجليز في إنشاء المشروع كانت طيبة محط أنظارهم ويعتبر مكتب طيبة الزراعي الذي أقيم علي أراضى الشيخ عبد الباقي أول المكاتب الزراعية بمشروع الجزيرة .كان الشيخ عبد الباقي متواضعاً يجلس بكتابه مع طلبة العلم في المسجد ويقوم بخدمة ضيوفه بنفسه ويساعد في صنع الطعام بيديه وقد كان الشيخ عبد الباقي زاهداً كريماً سمحاً حتى لقب بأسماء كثيرة أشهرها أزرق طيبة ـ أبوطِرقه ـ أبوخلقاً رضيه ـ الغوث ـ الشايب ـ أبو الطلاب ـ أبو الضيوف ـ أبو الأيتام ـ ود الطريفى .يممت لا ألوح لبرح سقاميوقصدت طيبة مرتع الأقوامِبلد علي التقوى أقيم أساسـه إذا جاده صوب الغمام الهامى فالشيخ كم صنع الطعام بكفـه وحياته وقفٌ علي الإطعــامِ يا عابد الباقي ويا شيخ التقـىأنت الذي في المكرمات إمامييا أيها السآل عـن طلابــه يقظ البصيرة حائـز الأفهــامِويعلّم القرآن نهــج جـدوده يقضى الحوائج واصل الأرحـامِ يا أيها الأعراك هــذا دأبكـم آباؤكم غُرٌ أســــود صِــدامِأسرجت له المطايا من كل أصقاع وفيافي وعتامير وربوع السودان ومن خارجه ملأت شهرته الآفاق قال عنه الشيخ العبيد ود بدر عند زيارته للشيخ حمد النيل بطيبة قال (خيبة هذه الشيبة لو ما الأمانة رجعت طيبة ) . وكان الشيخ المكاشفى يزوره كثيراً كذلك الشريف يوسف الهندي الذي كان يطلب عصيدة التكية وملاح الشيخ الذي يساعد في صنعه . كما كان السيد الزعيم إسماعيل الأزهري يأتيه كثيراً منذ أن كان معلماً بمدرسة حنتوب وقد قال عنه الشيخ عبد الباقي وقتها : ( هذا الرجل فيه خير كثير لأهل السودان ) . كذلك السيد على الميرغني والسيد عبد الرحمن المهدي كانا يأتيانه بطيبة وحضرا وضع حجر أساس مسجده عام 1948م والذي يعتبر من أكبر المساجد في السودان .ارشد الشيخ عبد الباقي الكثير من علماء ومشايخ الطريق القادري فمن منطقة الجزيرة والمناقل نهل منه الفكي موسى ود التلب ـ الشيخ أحمد ود الأمين ـ الشيخ على ود الماحي بالمناقل – الشيخ دفع الله ود أبو نائب بالكريمت – الشيخ احمد ود المنسي – الشيخ محمد ود البحر الفرضي – الشيخ احمد ود الجزولي المسلمي – الشيخ يوسف الحسين بمدني –الشيخ العباس ود راعي بالعزازي وشيخ المشايخ الشيخ الناجي محمد إبراهيم المشهور بالفكي الجاك والحاج احمد محمد دفع الله بالمناقل . ومن الخرطوم : أخيه الشيخ اسحق الشيخ حمد النيل والشيخ بشير محمود المغزلي والشيخ دفع الله الصائم والشيخ الطيب الذاكي والبروفسير الشيخ احمد صافي الدين عوض وشيخنا رئيس مجلس الإفتاء سابقا الشيخ محمد علي الطريفي رضي الله عنهم . كذلك الذين أرشدهم الشيخ عبد الباقي ازرق طيبه من غرب السودان الشيخ دفع الله ود عبود والشيخ الطريفي احمد أبوعاقلة بأم روابه والشيخ الضوء الكناني والشيخ إبراهيم الدسوقي بمنطقة بلوله والشيخ إبراهيم ود كُركُبّه والشيخ احمد البديري بتندلتي والشيخ ناصر أبو قرين والشيخ الجيلي احمد بأم سياله والشيخ محمد مجوك بالفاشر والشيخ عبد الرحيم ادم رشاش بمملكة تقلي التي يعتبر الشيخ عبد الباقي صاحب القدح المعلي في انتشار الدين الإسلامي بمنطقة تقلي . وغيرهم من المشايخ مما لايسع المجال إلي ذكرهم .توفي الشيخ عبد الباقي عام 1952 م بعد أن أسس ملكة دينية ممتدة في ربوع السودان وعاصمتها طيبه وقد حزن الكون لفقده ورثاه أهل العلم وأهل الأدب واشهر ما قيل فيه مرثية الشيخ دفع الله ود فريجون والتي يتغنى بها الفنان محمد الأمين : غرّاره العبوس دار الكمال ونقاص * دوت حليل أبوي للعلوم درّاس يوم الخميس جانا الخبر وإنشاع * في الأربع قِبَل ازرق طويل الباع كم كسيت عرايا وللبطون شبّاع * تبكيك الخلوق بأغزر الدمّاع كذلك من أنفس ما قيل فيه درر الشيخ يوسف الحسين والشيخ يوسف محجوب والشيخ عبد الله محمد يونس .وكذلك من اشهر مارثى به قصيدة الشيخ احمد الشايقي المشهورة :ليش ليش ياشايقي ماتتكلم فوق عبد الباقي البفرج الهم ــــــــبنك سر سوارى في المغاره دكمسرياني سرنكي هكّ لكّ كَدمملكان في كراسي جلس وأتقدمقبل عبد الباقي خاتم ما في ختمكدي قوم أعناه تلقي عندو حِكَملـو كنت مقصرِّ هو بيتّمك تَمْمخّك كان فاضي روح يديك فهمزى عبـد الباقي مافي مافي عدمتوفي الشيخ عبد الباقي أزرق طيبه عام 1952 م وقبر بطيبه وخلفه ابنه الشيخ حمد النيل الذي حفظ القران بأبي حراز ودرس العلوم الإسلامية بها وكان يقوم بشئون مسجد ومسيد أبي حراز عن والده الذي لم يخرج من طيبه إلا مرات معدودة ومحدودة

أبونبيل
27-02-2012, 02:04 AM
مدني يافتية .. الجزيرة أرض الحِنيَّة


ايمان حسن طمبل
آخر لحظة


رغم التغيرات التي طرأت على السودان خلال السنوات الماضية.. تغيرات
سياسية واقتصادية أثقلت كاهل «السوداني» البسيط... إلاّ أنه مازال
صامداً... يكابد العناء.. والفقر.. وارتفاع الأسعار.. وضيق ذات اليد..
ومازال يمد يده لفعل الخير.. ومازال يواصل الأرحام... ويواسي الجيران
والمعارف.. ويلبي دعوات الأفراح.. ويجامل في الأتراح.... وتجده في
كل كبيرة وصغيرة، وكما يقول أهلنا «في الحارة والباردة»... رغم بعد
المسافات إلا أن السودان «بلدي».. كل جزء فيه هو أرضي.. وطني..
رغم المحن وقساوة الزمن.. إلا أن السودان وطني.. «محل ما أقبِّل..
أشرِّق أو أغرِّب.. السودان وطني»..!!


شاءت الأقدار أن أذهب أمس إلى أرض المحنَّة الجزيرة... وهي المرة
الأولى التي أزور فيها الجزيرة.. لم أتصور أنها بهذه الروعة والجمال...
كنت أسمع عنها سمع.. «حكاوي».. أو «ونسه» الصورة التي كنت
أتخيلها لا علاقة لها بالواقع الذي رأيته... لم أتخيل أنها بتلك الحنية...
والطيبة.. والروعة.. مناخ جميل.. و طبيعة ساحرة.. تشعر وأنت داخل
عليها بأنها تحضنك.. تفتح ذراعيها لك لتأخذك روعة اللقاء... يروادك
شعور أن لا تترك حضنها الدافيء... أهلها تكسو وجوههم النيِّرة الطيبة
وسماحة اللقيا... البشاشة والبساطة..مازال الكرم الحاتمي هناك فالكل
يتسابق لاستقبالك، الكل يحاول أن يقدِّم لك العون.. أيضاً نسيم الجروف..
الطين... الخضرة تشعرك بالطمأنينة.. رغم أن بعض الناس يتخوفون
من طريق مدني لكثرة «حوادثه».. لم يراودني ذلك الإحساس حيث كنت
مبسوطة في تلك الرحلة.. كنت أمتع ناظري بتلك المشاهد الرائعة..
مدني يافتية.. مدني ياحنية.. مدني الأصالة.. وذلك رغم أنني لم أمكث
فيها غير ساعات.. وذلك لذهابي في مناسبة «ابن خالي».. إلا أنني
استطعت أن أقرأها تماماً وأن أشاهدها تماماً..
شكراً أهلي في أرض المحنة لا تتركوا ظروف البلد تؤثر على تلك
الطيبة والكرم..
اللهم أعد مشروع الجزيرة سيرته الأولى..
واجعله لهم خيراً وبركة وازدهاراً.. ا
اللهم آمين.

أبونبيل
28-03-2012, 11:58 AM
يوميات من ودمدنى *** هل تعود العصافير الى الجزيرة .

فيصل احمد المكى

سؤال بحاجة الى اجابة علمية تستند الى دراسة فقد مرت بضع سنوات و قد توقفت الدورة الزراعية التقليدية التى استمرت لعشرات السنين كان فيها القطن هو المحصول الرئيسي الذى يحتل مئات الالاف من الافدنه و تستتبع انتاج القطن عمليات رش للمبيدات الكيميائية لمكافحة الحشرات و الافات و ازالة الحشائش و النباتات التى تهدد القطن او تأخذ من نصيبه من عناصر التربة .

و شهدت أرض الجزيرة فى السنوات الاخيرة تغيرات ملحوظة بعد انحسار مساحات القطن – اتسعت مساحات الذرة ، و زرعت محاصيل أخرى متنوعة و بالتالى كانت تنمو حشائش و تتكاثر حشرات و افات و طيور ما كان لها اى فرصة فى السابق .

-و نذكر بهذه المناسبه ان كلمة آفة هى تعبير ( دبلوماسى ) ( اسم الدلع ) للخلل الذى يحدثه البشر بالتدخل الخاطئ فى البيئة فيرتبك توازنها .

إذن هل نعتبر أن الجزيرة خلال هذه السنوات اخذت تعود الى حالتها الاولى قبل مائة عام من ناحية بيئية اليس هذا الامر جدير بالبحث و نحن نعيد النظر فى الخطط و البرامج التى يسير بها مشروع الجزيرة نحو المستقبل و النهضة المأمولة – و ان تفتح العقول لكل الافكار و الابواب على مصاريعها و للإقتداء بتجارب دول أخرى فى تحديث الزراعة خاصة فى هذا العصر الذى تقدمت فيه الثقافة البيئية و ارتفع صوت الجماعات التى تعمل فى المحافظة على البيئة و التنوع الحيوى ( البيولوجى ) و حماية الكائنات الصديقة المهددة بالانقراض و تحكم العالم اليوم قوانين و اتفاقيات دولية فى مجال البيئة لمواجهة الاخطار التى تهدر البيئة و الحياة فى الارض و مهما حققنا من انجازات على المستوى الاقتصادى و الصناعى و التجارى اذا لم تواكبها انجازات على مستوى حماية البيئة و الحفاظ على توازنها فذلك يعنى الخسران و الخيبة .

و لا نقصد هنا ان نضع عوائق و مثبطات فى طريق الخطط الرامية للتوسع فى انتاج القطن و غيره من المحاصيل النقدية و انما ايجاد الحلول البديلة و تفادى إفرازات الممارسات الخاطئة و الخطيرة مثل الاستخدام المكثف و غير المرشد احياناً للمبيدات الكيميائية و قد عانت الجزيرة من التلوث لعشرات السنين و اكدت بحوث ودراسات ارتباط الانتشار الكبير للسرطانات و امراض القلب و الجهاز التنفسى و الفشل الكلوى بالتلوث البيئى فى الجزيرة و هنا نذكر تجارب البروفيسور عاصم على عبدالرحمن فى المكافحة المتكاملة و التى لم تجد حماساً من الجهات المتنفذة فى الانتاج الزراعى فى الجزيرة و المهتمة بانتاج القطن تحديداً – فكان من ضمن البرامج إعادة بعض الكائنات الصديقة الى بيئة الجزيرة و ان يرشد استخدام المبيدات الكيمائيه فى نطاق ضيق مع تجويد العمليات الفلاحية – و ذلك يقود الى زيادة معدلات الانتاج وحماية البيئة و الحفاظ على حياة الناس بنظافة الهواء الذى يتنفسونه و الماء و اللحوم و الخضروات و الالبان – و يصبح الانسان معافى و بكامل طاقته و مؤهل للانتاج بعد ان يعود الى البيئة توازنها و تعود العصافير الى الجزيرة .

أبونبيل
10-04-2012, 10:16 AM
لقاء مع البروفيسور علام النور

البروفيسور علاًم النور :لابد من إنشاء مركز قومي متطور يعمل علي تجميع البحوث وتصنيفها وتبويبها وإتاحتها للعالم الخارجي

أجراه: أشرف الفوال

مقدمة :

أثمر مشروع الشراكة السودانية الذي يتبناه جهاز تنظيم شئون السودانيين العاملين بالخارج بالتواصل المستمر بين الخبراء السودانيين العاملين بالخارج والوطن ، فكانت القوافل الطبية التي طافت خمس ولايات تجسيدا للتعاون بين الجهاز وأبناء الوطن بالخارج الذين وجدوا الطريق ممهدا عبر الجهاز والمجلس القومي السوداني ببريطانيا ليقدموا خدماتهم لأهلهم في المركز والولايات ، وجاء المهندسون والبياطرة والخبراء في تقانة المعلومات والبحث العلمي ، وشهدت قاعة الاجتماعات بالجهاز نهار الاثنين الماضي محاضرات علمية عن التخطيط الاستراتيجي والتطور الإداري قدمها البروفيسور علام النور ضمن سلسلة من المحاضرات العلمية ضمن مشروع الشراكة . وبروفيسور علام النور عثمان أحمد من مواليد ودمدني ، تلقيت تعليمي قبل الجامعي بود مدني ثم جامعة الخرطوم ، اقتصاد زراعي 1992م ثم مساعد تدريس بكلية الزراعة جامعة الخرطوم . عملت مترجما بشركة تركية سعودية للمقاولات لمدة عام ونصف بالمملكة العربية السعودية وتقدمت للدراسة بالجامعات البريطانية من المملكة العربية السعودية وكانت وسيلة التقديم في شكل منافسة علي تقديم بحث متقدم في مجالات عدة وكان بحثي للكلية الملكية الزراعية يجمع بين إدارة الأعمال والتسويق وهي أقدم كلية زراعة في العالم ببريطانيا وترعاها الملكة إليزابيث وتم قبول البحث بدرجة الامتياز وطلبت مني الجامعة كتابة موضوع عن مساعدة الزراعة في تطوير المجتمع ومنحت جائزة الكلية الملكية التي تمنح لأحسن بحث ، ثم ذهبت إلي ادمبرا التي وجدت فيها إعلانا لباحث لمدة ثلاثة أشهر لتحليل معلومات عن مشروع تنموي في موريشيص ثم انتهت الوظيفة بتقييم ممتاز في عام 1998م من جامعة ادمبرا ثم تقدمت إلى الجامعة ليتم استيعابي كأستاذ مساعد ووقف بجانبي الدكتور جون آدم مسئول برنامج الماجستير بالجامعة لثقته الكبيرة بي وتم تكليفي بتدريس مادة الاقتصاد الدولي ، بعد ذلك تقدمت للجامعة بطلب للحصول علي الدكتوراه فوافقت الجامعة بشرط أن أحصل علي الدكتوراه بموجب تنازلي عن مستحقاتي المالية لأن أمر المنحة كان موقوفا وان تكون الدكتوراه بمثابة الحافز لي فبدأت بحثي في موضوع انتقال التكنولوجيا للإنسان البسيط ( التجارة الالكترونية ) ثم العلاقة بين الجامعات ومراكز البحوث ومدى تأثير هذه البحوث علي الإنسان البسيط وكنت على اتصال بالبروفسور عثمان أحمد علي عجيب مدير عام مركز البحوث الزراعية بالسودان وكان بمثابة المشرف الخارجي.
بين التدريس والدكتوراه : نسبة لعدم تمتعي بمزايا المنحة الدراسية بجانبها المالي للظروف التي أوردتها وتمسكي بعدم تقديم طلب للجوء السياسي وخلافه مررت بفترة صعبة جدا فكنت اعمل بعد انتهاء الدوام بالجامعة لمدة ست ساعات يومياً ومحصلة هذا الجهد كانت عبارة عن 20 جنيها إسترلينيا بالكاد تكفي مصروفات السكن والإعاشة فعملت في مطعم للبيتزا ( ديليفري ) ثم غاسلا للصحون ببعض الفنادق واذكر هنا موقفا طريفاً إذ إن بالمدينة مبني ضخماً للمؤتمرات شبيها بقاعة الصداقة هنا في السودان فكنت اعمل فيه عاملا بعد الدوام فكان للعمال باب وإجراءات خاصة لدخول المبني ولكن عندما تبعث بي الجامعة لتقديم محاضرة كنت ادخل بباب الشخصيات المهمة وكان هذا الأمر محيراً لإدارة المبني . وفي الفندق الذي عملت به غاسلا للصحون لي قصة مع ( الشيف ) المشرف على هذا الفندق الذي كان قد تقدم للجلوس لامتحان الماجستير في إدارة الفنادق فإذا به يلقاني مراقبا له في قاعة الامتحانات فالرجل كاد أن يفقد عقله.
الجامعات البريطانية :عملت بجامعة لندن من العام 2001م وحتى 2004م .جامعة سيكس ومسئول عن الإدارة الدولية منذ العام 2004م وحتى الآن .شاركت في إعداد موسوعة التنمية البشرية في الشرق الأوسط - تخصص في مجال العالم العربي ، مستشار ببرنامج التعاون العلمي للإتحاد الأوروبي من العام 2004 وحتى 2006 م .أشرفت علي برنامج تدريب لمقرري القطاع الدولي بالبنك الدولي حول تخطي الفجوة العلمية في إفريقيا من 2006م وحتى 2008م قدمت اكبر مشروع عن العلوم والتقانة والتنمية المستدامة في الشرق الأوسط وإفريقيا برعاية جامعة الدول العربية وكان عبارة عن ( الإدارة التنافسية التطوير ) .
التواصل العلمي مع السودان : ارتبط نشاطي مع السودان والبداية كانت أن توليت منصب رئيس الجالية السودانية باسكتلندا حيث أسسنا المدرسة العربية لأبناء السودانيين المقيمين باسكتلندا ثم تواصل الارتباط بالسودان إذ قمت بإعداد أول دراسة عن السودان تناولت الفجوة ما بين مراكز البحوث والجامعة والعلماء والإنسان البسيط وقد غيرت هذه الدراسة مسيرتها لدراسة أخري عن الفجوة ما بين العالم الأول والثالث .من العام 2006م إلي العام 2008م شاركت مع وزارة الزراعة الاتحادية في إعداد تقرير عن برنامج الغذاء العالمي وإحصاء سياسات الأمن الغذائي في السودان فكان دوري مستشارا لهذا البرنامج الذي كان شراكة بين وزارة الزراعة وكلية الزراعة جامعة الخرطوم وبرنامج الغذاء العالمي .عملنا قاعدة معلومات ضخمة بوزارة العلوم والتقانة .من المؤسسين لبرنامج الشراكة لنقل المعرفة عبر السودانيين العاملين بالخارج
توظيف الخبراء والكفاءات السودانية بالخارج في دعم الإستراتيجية القومية :لتوظيف الخبراء والكفاءات السودانية بالخارج في دعم الإستراتيجية القومية لابد من حصر القضايا والمعوقات في كل مجال ، ثم تحديد الحاجيات في كل مجال من الداخل وعرضها علي الخبراء السودانيين بالخارج حتى تتكامل عملية المعالجة . وتكوين جسم تنسيقي يعين في ترتيب هذا البرنامج . بناء جسور الثقة لإنجاح هذا التوظيف . تكثيف العمل الإعلامي للتعريف بهذا البرنامج لاستقطاب أكبر عدد من الخبراء والكفاءات السودانية بالخارج
البحث العلمي في السودان :
السودان ضمن دول العالم الثالث إلا أنه يتميز بأن به علماء و جامعات سودانية متميزة ولكن العناية بالبحث العلمي ضعيفة ولابد أن يكون هناك مركز قومي متطور يعمل علي تجميع البحوث وتصنيفها وتبويبها وإتاحتها للعالم الخارجي لأن البحث العلمي السوداني غير معروف بالخارج ويوجد انطباع أن الجامعات السودانية لازالت تحتاج الكثير والكثير ، ويمكن تطوير البحث العلمي عن طريق تمويل البحوث شريطة أن يكون مربوطا بنتائج علمية وعملية علي أرض الواقع كذلك توقيع المزيد من الاتفاقيات والشراكات البحثية بين الجامعات السودانية والجامعات العالمية والعودة إلي اتفاقيات المنح الدراسية للطلاب بالخارج لتقريب فجوة البحث العلمي بيننا والعالم ومعالجة مشكلة اللغة الانجليزية التي عزلت السودان علمياً عبر الاهتمام بها بالجامعات السودانية .









البروفيسور علام النور عثمان، استشاري إدارة المعرفة في دائرة الشؤون البلدية، ابوظبى

أبونبيل
16-04-2012, 01:58 AM
موقف (أمجاد) بمدينة ود مدني ، مستودع المثقفين



مدني – معز عوض أبو القاسم


ودمدنى : هذه المدينة البسيطة الدهشة والتفاصيل ، الكبيرة الأحلام والطموح التي تمتد في نفوس سكانها ألقاً ودفئاً .. أجمل مافي هذه المدينة أنها تمتلك القدرة على إنجاب مليون مبدع في كل يوم ... وأسوأ ما فيها أنها لا تمتلك القدرة على إحتضان هؤلاء المبدعين بعد ميلادهم ، بل تكتفي بإرسالهم لتتبناهم مدناً أخرى وعواصم أخرى . فيقبل بهذا التبني من يقبل ، ويرفض الخروج من حضن هذه المدينة من لا يستطيع مبارحتها .. فيعيش مع هذه المدينة تفاصيل صباها وكهولتها ، عافيتها وسقمها ، عوّذها ورخاها ، حياتها وموتها .

وهؤلاء الذين يرفضون مغادرتها ، يعملون في أي مكان يضمن لهم بقائهم بقربها . وفي تطوافي في شوارع مدينتي الجميلة (رغم كل شيئ) لفت إنتباهي هذا (الموقف) المكتظ بالسيارات والمارة والذي يوجد في بداية السوق بالقرب من الموقف العام . وما لفت إنتباهي فيه أولئك السائقون الذين ينتظرون (النِمْرَه) بصحبة صحفهم التي يقلبونها بشغف ليقتلون بها ملل الإنتظار حتي يأتي دورهم في حمل الركاب .. وأحياناً يرتلون القرآن أو يتصفحون أحد الكتب . ونادراً ما تجد يد أحدهم فارغة من صحيفة أو مصحف أو مسبحة أو كتاب .

وهؤلاء الكوكبة المستنيرة هي التي تقود الركاب والمجتمع نحو ديارهم ونحو الأفضل بلا شك ، لأنهم هم الذين تجدهم حاضري البديهة في كل موضوع تناقشهم فيه أثناء ركوبك معهم .. فمتى ما تحدثت عن الرياضة تجدهم أعرف الناس بها وأكثرهم إلماماً بأمورها .. وحينما تتحدث معهم عن الثقافة تجدهم أبلغ الناس في الحديث عنها ولا تغيب عنهم شاردة ولا واردة في هذا الإيطار . وما أكثر إدراكهم في مجال السياسة ، فحين تحادثهم تشعر بإنك تقف في حضرة كبار سياسي هذا الوطن (الملياااان سياسه) .

وكان لابد لنا من إستطلاع بعض السائقين المثقفين في (موقف أمجاد) فماذا كان ردهم :

* جمال علي إدريس – المؤسسة الفرعية للحفريات :

إنضممت للموقف قبل أربعة أعوام ووجدت فيه كل ما ينقصني من الأشياء . فالعلاقات الإجتماعية بين (السواقين) قوية جداً جداً وتكاد تصل إلى مرحلة الأخوة في بعض الأحيان ، وتجدنا في وقت الفراغ نقرأ الصحف لنتزود بأخبار البلد لأننا نكون طوال اليوم بعيدين عن أجهزة التلفاز ولابد لنا من مواكبة الأحداث .

* عصمت عبد المنعم – وكيل مدرسة :

أنا معلم بمرحلة الأساس ووكيل في ذات المدرسة حتى هذه اللحظة ، أعمل في الصباح بالمدرسة وعند نهاية الدوام أعتلي هذه الأمجاد وأدخل للسوق لأن مرتب الحكومة لا يكفي لمواجهة متطلبات العيش . إنضممت للموقف قبل عام من الآن ووجدت هنا عدد من المعلمين القدامي الذين عاصرتهم في بعض مراحل عملهم وكذلك عدد من الأصدقاء المثقفين جداً والذين رمَت بهم ظروف الحياة في هذا الموقف . وعلاقاتنا الإجتماعية قوية جداً جداً ونحن بصدد تكوين صندوق خيري لمساعدة السائقين .

ولعلك لاحظت العبارات التي تُكتب على ظهر (الأمجاد) .. وهي بالضرورة تعبر عن آراء السائقين ومعتقداتهم تجاه هذه العبارات وهنالك بعض الناس يرسِّخ لفكرة معينة يريد إيصالها للآخرين عن طريق كتابتها على زجاج (الأمجاد) .. ولكن يجب أن تكون هذه العبارات عبارات ملتزمة تدعو للخير والحكمة في المجتمع حتي تصحح مساره .

* صلاح الدين عثمان سعيد – فني هندسي - إدارة الري :

إنضممت للموقف حديثاً وكنت جندياً في الشرطة السودانية لمدة أربعة أعوام وتركت هذا المجال وعملت بإدارة الري بوظيفة فني هندسي ، وفي نهاية الدوام أقوم بقيادة (أمجاد) بعد الرابعة عصراً . أنا مهووس جداً بالإستماع إلى الراديو لأنني أجد فيه كلما أرغب من برامج ثقافية ورياضية وسياسية وأنا ضد إستخدام (الإم . بي . ثري) لأنه يزعج الركاب ويحتوي أحياناً على بعض الأغاني الرخيصة التي تتنافي والذوق العام . رغم أن بعض الركاب يهربون من العربة التي لا تحتوي على جهاز (إم . بي . ثري) . إلا أنني لن أوقف المذياع لأي سبب من الأسباب .

* محمد مصطفى الحاردلو – مطرب وملحن :

أنا معلم قديم عملت بالمملكة العربية السعودية لاكثر من (14) عام . ثم رجعت بعد ذلك للسودان وإلى حضن ود مدني من جديد واخترت العمل الحر في (موقف أمجاد) قبل سنه من الآن . كنت وما زلت مطرب وملحن منذ عام 1972م .. والحمد لله أجيد العزف على ثلاث آلات وهي العود والكمان والأورغن وأنا من مؤسسي إتحاد الفنانين بودمدني مع صديقي جمال الشاعر الذي تغنيت بأربعة أعمال من كلماته وهي (جايي راجع ليك تاني – يا عيون ماشفت زيك – حدوتة فاطمه السمحه – غنيه للأطفال) . وكذلك تغنيت بكلمات للشاعر كامل عبد الماجد والشاعر يونس السنوسي . ولدي عدد من التسجيلات في تلفزيون وإذاعة الولاية وكذلك في عدد من الإذاعات القومية والقنوات الفضائية . وما زلت أدندن بالعود في وقت الفراغ . ويطربني كل فناني الزمن الجميل .

* أدهم إبراهيم عوض – كاتب :

أعمل بالموقف منذ أكثر من سنتين ونصف بعد أن قدمت إستقالتي من الشرطة لأن العائد فيها ضعيف جداً ولا يكاد يسد رمق الأسرة . ثم إن (السواقه) في الموقف توفر لي أكثر مما يوفره عملي السابق رغم الجهد الكبير الذي نبذله هنا لأننا نكون طوال اليوم في حالة حركة دائبة من موقف لموقف ومن جهة إلى أخرى بحثاً عن (مقصات) لأنني أمل من الإنتظار لهذا لا تجدني في مكانٍ واحد .

في وقت الفراغ أقوم بكتابة بعض الخواطر والأشعار ولدي عدد من الدفاتر المليئة بأشعاري الخاصة والخواطر والقصص القصيرة التي أتسلى بها وأتناسى بقراءتها هموم المعيشة . ويوجد هنا عدد من (الضُباط) يقومون بنقل الناس من مكان للآخر بكامل سعادتهم عبر (الأمجاد) مثل شهاب – رائد معاش بالجيش السوداني وصالح سنين رائد شرطة .

* طلال عثمان أبو قُرط – شاعر :

أنا صاحب مشتل وشاعر كتبت في عدة صحف سودانية مثل الإنتباهة والأضواء ولدي عدد من القصائد الغنائية التي قرأت بعضها في إذاعة ود مدني وسبق لي الفوز في الخيمة الرمضانية التي أقيمت بمعرض الخرطوم الدولي . كما حصلت على الجائزة الثانية في الشطرنج على مستوى الإقليم الأوسط . وأعمل هنا قرابة الثمان سنوات وأقوم بقراءة أشعاري لبعض الزملاء كما أقوم بسماع قراءات بعض الزملاء هنا من الشعراء والمبدعين ، كما وحصل معنا قبل قليل قبل أن تجري هذا الإستطلاع معنا فقد كنا أنا وصديقي الشاعر علي أحمد الحسن سلطان نتدارس نص جديد قام هو بكتابته وأراد أن يعرف رأيي فيه . وهذا هو حالنا في لحظات الإنتظار . فكراسة الشعر والقلم لا تفارقنا أبداً .

* علي أحمد الحسن سلطان – شاعر :

إنضممت للموقف قبل خمس سنوات وعملت مساعد شرطة قديم . وما زلت أقرض الشعر حتى هذه اللحظة وكذلك أجيد العزف على آلة العود وكنت في أيام الشباب مطرباً شعبياً يتغنى بكل أغاني الحقيبة . وأنا متصفح جيد للصحف السودانية ومستمع (نمره واحد) للمذياع . وأحب قراءة الكتب جداً وكتاب (الشوقيات) هو آخر كتاب قمت بقراءته . وهنالك الكثير من الشعراء هنا ولكنهم (طلعو الدُور) .

* عباس أحمد محمود النقر – رئيس الهيئة الفرعية لعمال النقل الوسيط (أمجاد) :

إستلمت مهامي كرئيس لهذه الهيئة منذ بداية عام 2011م خلفاً للرئيس الأسبق يوسف جماع .. وكنت (سواق) وما زلت . ثم تم ترشيحي لرئاسة الهيئة من قبل النقابة . ولكن لم تلهيني هذه الأشياء عن ممارسة مواهبي الأخرى وهي العزف على الكمان والعود فأنا مازلت ملحناً في إتحاد الفنانين حتى هذه اللحظة . وللهيئة الفرعية نشاطات عدة في المجتمع فقد شاركنا بالحضور في دورة عصى المكفوفين وكذلك المشاركة في إسبوع المرور العربي ونشارك أحياناً بصفات فردية في عدد من الفعاليات الثقافية داخل ود مدني وخارجها ولدينا فكرة ستجد حظها من التنفيذ قريباً وهي تكوين فرقة موسيقية من سائقي (الأمجاد) لأننا لاحظنا وجود عدد من العازفين المميزين في هذا المجال وكذلك عدد من المطربين والشعراء والمثقفين الذين لا يتوقع أحد وجودهم هنا . فهنالك الأستاذ الخير السقيد الموسيقي المطبوع وكذلك شقيقه المطرب المشهور فتاح السقيد سليل أسرة السقيد المشهورة بود مدني . وهنالك عدد من حمَلة الماجستير والشهادات العليا من سائقي الأمجاد وكذلك عدد من قدامى لاعبي الكرة في فرق مشهورة .

كانت هذه بعض الشخصيات المبدعة التي صادفناها هناك ، وقطعاً هنالك عدد من المبدعين والمثقفين في هذه المهنة التي ألزمتهم بها ظروف الحياة القاهرة . وهذا هو شأن ود مدني الرحم الولود الذي ما فتىء يمد هذا الوطن بكل أصناف المبدعين في مختلف المجالات . وما زلنا ننظر عين المسؤولين ورعايتهم لهؤلاء المبدعين الذين كانوا سيثرون ساحة الإباع في هذا البلد الطيب لو أتيحت لهم فرص العيش الرغد ،

أبونبيل
28-04-2012, 12:42 AM
«14» بريطانياً داخل هذا المبنى


مضت مائة وعشر سنوات وهي اكتمال بناء المبنى الرئيسى لمديرية النيل الأزرق إبان الحكم الثنائى البريطاني المصري في اواخر العام 1901م وحالياً مبنى لحكومة ولاية الجزيرة وكان أول مدير لمديرية النيل الأزرق 1904م لمدة عام واحد المستر كول وبعده من العام 1905م الى 1914م ميجر دكنس وتعاقب على منصب مدير المديرية اربعة عشر مديراً بريطانياً مستر بريدن من العام 1941م الى 1948م خلال أصعب مراحل النضال الوطني وكان آخر مدير مديرية مستر ماينورس في العام 1954م ومنها تمت السودنة وكان أول مدير مديرية سوداني هو حسن علي عبدالله الذى اصبح مقرراً للجنة الانتخابات العامة الأولى التي كانت برئاسة مستر سكو مارسن الهندي ثم تقلد حسن علي عبدالله منصب وكيل وزارة الداخلية خلال النظام النوفمبري لابراهيم عبود 58/1964م..
ويذكر هنا من معلومات توثيقية ان العام 1906م كان بداية قيام الخدمة المدنية وفي العام 1915م كانت بداية تعيين السودانيين في الوظائف العليا في السلك الاداري عينوا اولاً نواب مدير.. ونذكر هنا ايضاً ان مستر بريدن كان له نفوذ ساطع في سلك الادارة وكان من رأيه في الجمعية التشريعية 1948م ان ينال السودان تقرير مصيره سواء الاستقلال أو الاتحاد مع مصر، كما كان مستر بريدن رياضياً مطبوعاً بودمدنى وكان له كأس باسمه تتبارى عليه فرق المقدمة الاهلى والاتحاد والنيل ثم جاء فريق الرابطة الذى أفل نجمه أخيراً وأبعد من الخارطة الرياضية..

حامد محمد حامد
الرأي العام

أبونبيل
03-05-2012, 02:02 AM
مدينة ود مدني عاصمة الجزيرة الخضراء وعاصمة الفن والغناء. مدني الجمال جاء منها عدد كبير من المبدعين مثلوا نماذج في حياتنا ووجداننا منهم المساح والفنان الذي غير خريطة الغناء السوداني ابراهيم الكاشف..
وتلاحقت الدرر من مدني العطاء محجوب عثمان والخير عثمان وكانوا أساطين ومن قلب الجزيرة أرض المحنة أطل محمد مسكين وثنائي الجزيرة، وفي مدني ومن مدني صدح أبو عركي البخيت وان مدني كانت ومازالت صاحبة اجواء ثقافية وفنية كبيرة وفيها رابطة الجزيرة للآداب والفنون وهي التي رفدت الحياة السودانية بعد كبير من مبدعي بلادي، ومنها جاء على السقيد ومحمد سلام ومن مدني جاء للخرطوم يحمل الكلمة والنغم هرم من اهرامات الغناء السوداني مخضر طرباً وتمكناً بشخصية غنائية أسطورية جعلت منه أحد الصروح القومية في مجال الغناء، انه الفنان محمد الأمين صاحب الانجاز في الغناء السوداني، وقد شكل ثنائية مبدعة مع الشاعر الصحفي فضل الله محمد وقد غنى له محمد الأمين بأريج الحب ومعاني الهيام زورق الألحان:

عابر طريق فايت .. نام في العيون ارتاح
عيون حبيبي ديار .. تستقبل السواح
بشوشه طول اليوم .. غرقانة في الأفراح
الأسود النشوان .. زورق من الألحان
فوق البحار البيض .. سابح بلا ربان
مكتوبة فوق سطحه .. قصة حياة انسان
أملاكه في العالم.. ريشة وضمير وكمان

ان روح الشاعر الشفيفة تصور أملاك الفنان بالضمير الحي بالكلمات ويضيف لذلك الفنان محمد الأمين عازف العود الماهر وتريات موسيقية تلامس وجدان المستمع الذي أصبح حبه وهيامه بالفنان محمد الأمين من أجل ما يملك محمد الأمين، وقد صار واسع الشهرة بعيد الصيت وصار من الرواد الذين مازالوا يواصلون العطاء الفني الراقي والرصين زاده الشجون كما غنى مع الشاعر فضل الله محمد:

ما هو باين في العيون وين حنهرب منو وين
الهوى البعد الليالي العامره بزاد الشجون
نفتح قلوبنا ديار محبة ديار حياة للعائدين
ما بنقاوم.. وكيف حنقدر وين حنهرب منو وين

فقد اتسمت هذه الأغنية بشاعرية تنساب إلى النفس بيسر وسهولة، وتحمل معاني الشوق للحبيب في تصوير رائع وموسيقى أروع وأداء ممتاز من فنان صاحب مقدرات صوتية وملكات تطريبية عالية، انه من أضاف للشعر بعداً وللغناء ألقاً الفنان محمد الأمين الذي كان جاداً وملتزماً في خياراته الشعرية، وكل أغنياته تحمل الخير والجمال ورسمها في شكل لوحات رائعة الجمال متدرجة الألوان تثير الدهشة والاعجاب منها رائعة الشاعر هاشم صديق:

حروف اسمك.. جمال الفال وراحة البال
وهجعة زول بعد ترحال وتنية حلوة للشبال
دنيتنا ومشاويرنا وغنواتنا الما بتنقال
حروف اسمك نجوم ركت على الياسمين

وما أجمل مشاوير الفنان محمد الأمين في مسيرة الغناء السوداني وهو يقف ويهتف في حروف اسمك:
وأقيف وسط البلد واهتف بريدك يا صباح عمري
فأنت أستاذنا الموسيقار الفنان محمد الأمين صاحب الغناء السوداني الذي اضاءت مجاله دوزنة وايقاعاً وجمالاً وروعة وأنت تغني أنا وحبيبي من كلمات محمد علي جبارة فما اروعك وما أروع لحنك الشجي وان تبحر بنا في سماوات من العشق:
يا حاسدين غرامنا يا قاصدين خصامنا
شوفو غيري وغير حبيبي
يا دايرين تقولوا وما قادرين تقولوا
ايه عاوزين تقولوا في وفي حبيبي

وفي هذه الأغنية يتراءى لنا محمد الامين كالبلبل الشادي على ما في حنجرته من شدو ولحون، وفيها دنيا من الشعور وأفانين من الجمال ويتدفق الجمال من الفنان محمد الأمين شلالات من الابداع مع الشاعر محمد علي جبارة في بعد الشر عليك:

قالوا متألم شويه ياخي بعد الشر عليك
وانت ما شبه الدموع انت ما شبه العذاب
وبعد الشر عليك صورة للمواساة الانسانية بغناء بديع يصور سكب الدموع في نجوى بإحساس صادق في الكلمات والاداء، يبين ملكات فنية في الأداء لدى محمد الأمين في كل كلمة من الأغنية ورغم بساطة كلمات الأغنية لكننا نجد ان الفنان محمد الأمين ابان انه كامل الأدوات الفنية من موسيقى وتطريب صقلته الدربة وجعلته يقدم في هذه الأغنية صورة وجدانية لفنان جميل.

ومحمد الأمين فنان يحمل جينات الاجادة ويحمل ثقافة موسيقية مكنته من أن تكون أغنياته مساحة للجمال ووجها للفن الحقيقي المشرق، وفي ذلك فلنطالع كلمات الدكتور مبارك بشير مع الفنان محمد الأمين في عويناتك:

أقول ليها عويناتك ترع لولي وبحار ياقوت
مناحات ريد حزاينية بغازل فيها مأساتي
وفي شرف العبور ليها بموت وأكسر شراعاتي
تقول تقول لي غناك حزين غنائي حزين
وأنا الواهب قصائدي الباكية للفرحة


وكما وهب الدكتور مبارك بشير قصائده للفرحة فقد منح الفنان محمد الأمين أغنياته للفرح وزف لنا أجمل الأغنيات مع الشاعر اسحق الحلنقي في وعد النوار:

شال النوار ظلل بيتنا من بهجة وعدك وما جيتنا
وفضلنا وحاتك منتظرين شوف وين روحتنا وديتنا
فقد روحتنا وعد النوار إلى بساتين من الخضرة في الغناء السوداني شدا وأطرب بها محمد الأمين وكان صاحب لونية خاصة جعلته متربعاً مع قليلين على هرم الغناء السوداني، وبتتعلم من الأيام مع الشاعر اسحق الحلنقي كانت أيضاً من العلامات البارزة في الغناء:

بتتعلم من الأيام مصيرك بكره تتعلم
وتعرف كيف يكون الريد وليه الناس بتتألم
وأقابلك وكلي حنية وأخاف من نظرتك لي

ونخاف من نظرتنا لأغنيات محمد الأمين وهو صاحب الفهم المعرفي بالألحان عندما يتحدث عن الايقاع وان السلم يتعلق بالنغم،ويشير إلى أن أغانينا السودانية وموسيقنا مميزة للخلط الموجود في شعبنا السوداني العربي الافريقي، ويقول انه قد تطور لأنه منذ بداياته يسعى للتطور ما أروعك الفنان محمد الأمين وأنت تسكن مع فنانين في الملازمين وكانوا مبدعين منهم صالح الضي والحلنقي وخليل اسماعيل وعركي وما أروعك وقد سلكت درباً للغناء تطويراً وتجويداً وأنت تحمل ملمح وملامح الهوية السودانية والشخصية السودانية في الموسيقى والغناء، ويا معاين من الشباك يا أحلى زول شفناك مع الشاعر محمد علي جبارة:

يا كامل الأوصاف يا الكلك جمال وعفاف
عايزين نقول بنخاف تهرب وما تنشاف
ناوين نزور والديك نطلب يا جميل إيديك
نوعد بالعمر نفديك لو العمر يرضيك

وان أردنا أن نشير إلى تجربتك الغنائية فهي تجربة ثقة واعتزاز بالنفس والمقدرات لايمانك بالفن الجميل وانه قدرك الابداع ومسارك المرسوم أن تغني آمالنا وأحلامنا، وتخاطب وجداننا وأذاننا بغنائك وموسيقاك ولحونك التي تهتز لها القلوب طرباً وسحراً وافتتاناً، ونحن نسمعك في قمة التطريب مع الشاعر فضل الله محمد ونحن نطالع الجريدة بحواسنا:

سارحه مالك يا حبيبه ساهية أفكارك بعيده
بقرا في عيونك حياتي وأنت مشغولة بجريده
بتقري في ايه كلميني يا سلام مهتمه عامله
يعني لازم تقري حسه مقال بحاله وقصة كامله

ما أجمل أن نستمر في الاستماع لهذه الأنشودة التي تحمل جمال الصور الشعرية وبها السهل الممتنع في روعة الكلمات وروعة الاداء إلى أن نصل إلى:
بقرا في عيونك حياتي وأنتي مشغولة بجريده

وقد انشغل الشاعر بعد ذلك بالجريدة ،بل الجرائد وانتقل بروعته الشعرية إلى الروعة الصحفية وما أروع صحبك من الشعراء الفنان محمد الأمين.

والفنان محمد الأمين صاحب اضافة وحتى عندما تناول المناحة للشيخ عبد الباقي حمد النيل فقد أضاف لها أبعادا جمالية:

غرار العبوس دار النفار ونقاص
دوب حليل أبوي للعلوم دراس
تبكيك الجوامع الانبنت ضانفيل
لقراية العلم وكلمة التهليل

ونسجل للفنان محمد الأمين ميزة بغزارة الانتاج وتنوعه وليس ذلك من ناحية الكم فقط إنما غناؤه يستأثر بالجودة من ناحية الكيف أو ليس هو من غنى سوف يأتي للشاعر السر كنه وغناها في الأوبرا وأحدثت دهشة واعجابا في أوساط المستمعين والمهتمين العرب والنقاد:

يا نديمي دعك من عثرات قولي
وأترع الكاس تناجي الكون مثلي
لا تظنني أبيد العمر لهواً
إذ أنا جسم به البركان يغلي

وقد أجاد الفنان محمد الأمين في الغناء الوطني وملحمة أكتوبر ما تزال عالقة بأذهان الشعب السوداني رغم تقادم السنين، وقد كانت الملحمة مع عدد من زملائه الفنانين: أم بلينا السنوسي وخليل اسماعيل وعثمان مصطفى، وقد كانت مشاركة وطنية لرسم خريطة للسودان وقد كانت السودان الوطن الواحد ما قد كان وما سيكون بعد الانتفاضة مع الشاعر محجوب شريف من الأغاني الوطنية الرائعة.. وقد يتساءل بعض القراء عن استخدام كلمة الرائع والروعة كثيراً في هذا المقال ولكني أقول ان أبسط ما يقال عن هذا الفنان هو الروعة بدلالتها الجمالية فإنه فنان عطر سماواتنا بالطرب الأصيل والعشق النبيل، وسجل اسمه بأحرف من نور في وجداننا في أحلامنا وآمالنا، وكان ومازال يبدع وقد حباه الله بصوت قل ان يتكرر. متعه الله بالصحة والعافية ليواصل رحلة التألق والتفرد وخمسة سنين وخمسين سنة والفنان محمد الأمين ما شاء الله يا دكتور عمر محمود خالد، يتفرد عزفاً على العود وأداءً وموسيقى، وهو كالنيل يغسل أحزاننا ويسمو بنا لقيم الجمال؛ لأنه سوداني جميل وسفير للغناء السوداني.


محمد سليمان دخيل الله

الصحافة

أبونبيل
07-05-2012, 06:27 PM
خليل فرح روحـو ليه مشتهية ود مـدني ؟!

عندما كتب الخليل ( مالو أعياه النضال بدني وروحي ليه مشتهية ودمدني) عله فعل ذلك من باب الوفاء لتلك المدينة التي كانت لها إسهامات في النضال ضد الانجليز وكل صنوف الظلم حتى هذا اليوم وليس أدل من شيء على ذلك أن كل الأنظمة الشمولية التي تعاقبت على حكم السودان حاولت تهميشها والإساءة إليها وحرقها ونسف استقرارها لتصبح طاردة كما نرى اليوم من هذا النظام الذي استعمل كل الخبث لجعل المدينة عبارة عن قرية كبيرة ..
ولكن الخليل كان يعرف قدر هذه المدينة لأنها كانت هي من تهيئ لهم سبل الراحة والأمن عندما يشتد رقيب الانجليز عليهم في الخرطوم وأم درمان فكانوا يهرعون إليها فليقوا عند ساحاتها ومسيد شيخها مدني السني اليقين والسلوى وفي قراها الأمن والحب والترحاب ..
ولأن الخليل يعرف كيف يعطي الأشياء حقوقها اختار مدني وربطها بالنضال ووفاءً وإخلاصاً ..
كتب الخليل قصيدته ( مالو أعياه النضال بدني) وهو يعاني المرض في أواخر عمره كتبها وهو بالقاهرة التي ذهب إليها مستشفياً لذا تجد أنها جاءت خليطاً من الحنين والذكرى والشجن والبكاء على الأطلال ومراتع الصبا ، وفوق ذلك جاءت مليئة بالأماني بالعودة إليها والتجول في ربوعها فسَّجد الخليل ذلك في اشتهائه لها ، وهنا لا بد من التأكيد على أن الإنسان لا يحن ولا يشتهي العودة إلى خيال وإنما إلى واقع ، فالواقع هو تعدد زيارات الخليل لمدني وارتباطه بأهلها ومسيد شيخها مدني السني الذي ناداه الخليل (بأبوي) وهذا النداء عند أهل الصوفية له دلالات العلاقة ما بين الشيخ والمريد ... فها هو يمني النفس ويرجو أن يكون سعيداً ويسمح له حظه أن يعود إلى ود مدني وعبَّر عن ذلك ب(طوفة) ولو ليوم واحد في ربوعها ، وتظهر علاقة المريد بالشيخ ( مدني السني) عندما يذكر الخليل أن حظه إذا أسعده وعاد إلى ود مدني فإنه سيبادر إلى زيارة شيخه (مدني السني) ليشكو له الحال والمآل في حياة المدن والحضر وما صار إليه من هم وغم وسوء حال ومرض أقعده عن النضال ..
( ماله أعياه النضال بدني
روحي ليه مشتهية ود مدني
ليت حظي سمح وأسعدني
طوفه فد يوم بي ربوع مدني
كنت أزوره ابويا ود مدني
واشكي ليه الحضري والمدني )
الخليل يعرف كيف يغوص في بحار اللغة العربية ويأتي منها بما يناسب ما يريد أن يعبر عنه ، فالخليل يعاني المرض ، يحن إلى ود مدني ، فتراه يتحسر على (حُشاشته) والحُشاشَة لغة هي : رُوح القلب ورَمَقُ حياة النفْس؛ ، وهي بقية الروح في المريض . فهو يتحسر على بقية الروح التي في جسده ويمني النفس أن ينفق باقي العمر في ربوع تلك المدينة التي ربطها بالنضال ، فحن إليها ، وإلى أهلها والى شيخها ، وليت بقية الروح في الجسد تحظى ولو ( بفد طوفة ) وفد تعني ( واحدة ) .. والخليل عندما يذكر الحسرة على حشاشته لا ينسى إقامته بود مدني فيربطها بالحشاشة ( آه علي حشاشتي ودجني ) ولغة (دَجَن بالمكان يَدْجُن دُجوناً: أَقام به وأَلِفَه ) وهذا التوضيح الأخير يوضح أن علاقة الخليل بمدني لم تكن عبارة عن علاقة عابرة بل هي علاقة بقاء واستقرار وإلفة ... فيبكي الحنين وتأخذه لواعج الذكريات إلى ربوعها ، وكيف أنه كان ( معجناً ) فيها من قبل أهلها الذين يرحبون به وإخوانه من شرفاء الوطن في مسيرة التحرير والصراع ضد الانجليز ، فوصف تلك الرعاية بأنها وصلت حد ( العجن ) هو الدلال والاهتمام الفائق ، فأعطاه ذلك الحق في أن يسميها (دار أبيه) وسنين متعه ودلاله وسعادته وأيام فرحه وعزه ، فجعل ود مدني ثروة قومية وملك للجميع ، وذهب أبعد إلى من ذلك عندما أطلق عليها أنها هي ( مجنه ) وإذا أردت أن تدرك حب الخليل لود مدني ومقابلته الوفاء بالوفاء لأهلها ولربوعها أنظر إلى تعريف ( المجن ) في اللغة الذي هو (والمِجَنُّ الوِشاحُ.، والمِجَنُّ التُّرْسُ لأَنه يُواري حاملَه أَي يَسْتُره،)..
فأي علاقة هذه التي جعلت الخليل يبدع كل هذا ويطنب في الوصف ويبدع فيه بغرائب اللغة ، فقول مثل هذا لا يمكن أن يصدر من خيال شاعر دون أن يكون قد عاشه وحس به ، فالخليل أعطى ود مدني حقها بوصف التكريم الذي جعله يربطها بالنضال ، ويمني النفس في أخر أيام حياته أن يُطوف ديارها ويقابل أهلها ويشتكي لأبيه وشيخه مدني السني الحسرة والألم على ضياع السنين وغيابه عن ومدني ...
( وحنيني ولوعتي وشجنى
دار أبويا ومتعتي وعجني
يا سعادتي وثروتي ومجني )
يواصل الخليل بكائه وولعه وشوقه فيبث خواطر النفس الفياضة بالشجون ، ويصف قلبه الذي أحاطت به الهموم من كل حدب وصوب من شدة المرض والخوف على الوطن العزيز ، فصار مسهَّداً ، وحاله ما بين الشكوى والدموع ، ويغشاه الألم مخلوطاً بحنين عندما تحيط به الذكريات فيعيشها بكل تفاصيلها فيمشي معها دمعة دمعة ، ويختلط ألم قلبه بالفراق فتسوء حاله فيتعصره الألم ، فانظر كيف يعبر الخليل عن ذلك (كم تألم بالنوى انعبكا) ، فجعل ذلك شيئاً واحداً عندما أستخدم للدلالة عليه لفظ (انعبك) التي ربما ظنها البعض أنها عامية ولكنها فصحية عالية حيث أن (عبك ) في اللغة اختلط أي صار شيئاً واحداً .. وكذا الحال ( ربك ) حيث تفيد في اللغة (ورَبَك الرجلُ وارْتَبَك إذا اختلط عليه أَمره) من الربكة والحيرة .
( يا لقلبٍ بالهموم حُبكا
طرفه مسهد وعيشته ديمة بكا
كم تألم بالنوى انعبكا
كم ذكركم وفكره كم رُبكا )
يذكر الخليل أن أقرانه قد حكوا له كيف أنهم ذهبوا إلى ود مدني ، فبدأ يسألهم عنها ويسترسل في ذكرياته فيها ، فحكوا له كيف أنهم عندما قابلوا (حاوي الوصب) وسألوه عن طريق قرية القصب ليستدلوا به ، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن جل شعر الخليل عبارة عن حديقة لغوية فسيحة وغنية بكل ألوان اللغة ومفرداتها ، فالحَاوِي لغة: الذي يَرْقِي الحيِّات ويجمعها. ويُطلق كذلك على الساحر، المشعوذ.
فسأل القوم هذا الحاوي ليرشدهم الطريق إلى قرية القصب هي من ضواحي ود مدني بها خمائل كانوا يرتادوها سوياً ، وأظنها هي التي نظم الخليل من أجلها ( في الضواحي وطرف المدائن يلا ننظر شفق الصباح ) ( قوموا خلوا الضيق في الجناين شوفوا عز الصيد في العسائن ) تلك قصة أخرى ..
فذكر له الصحاب أنهم بينما كانوا بين ( الروضة والقصب ) أتت سيرة الخليل وسأل عنه أهل قرية القصب ، و القَصَبُ لغة : كلُّ نَباتٍ ذي أَنابيبَ، واحدتُها قَصَبةٌ؛ وكلُّ نباتٍ كان ساقُه أَنابيبَ وكُعوباً، فهو قَصَبٌ. ) الرَّوْضةُ لغة : الأَرض ذات الخُضْرةِ. ) ولا يفوتني أن أذكر أن هذا التعريف الأخير لهذه الكلمات يعضد ما ذهبت إليه في أن قرية القصب هي الضاحية التي في طرف المدائن !
وجاءت السيرة والتذكر له في مكان يعرفه ، وعلماً بارزاً ومعروف، وله فيه ذكريات هو (قالوا جات سيرتك علي النُصَب) حيث أن النُّصُبُ لغة هو: كلُّ ما نُصِبَ، فجُعِلَ عَلَماً .
فوصف الخليل حال ذلك المكان وكيف أن نباته تفطَّر للإيراق ، وهو في غاية الجمال على مستوى الرؤية ومقدرته على ردم هوة الضيق التي يلاقونها في المدن ..فيقول الخليل : (صنفن بعدها قالن إن تصب ) أي تنال ذلك البهاء ، ولغة (وتَصَنَّفَ النبت إذا تفطر للإيراقِ ) (قال الكميت: ولَسْتَ تَصَبُّ إِلى الظَّاعِـنِـينْ، * إِذا ما صَدِيقُك لَمْ يَصْبَبِ ) .
فذلك المكان يربط الأحلام مع كثرة الزرع اليانع الخضل ، والواكف الأخضر ، حيث إن الخِصْبُ: نَقِيضُ الجَدْبِ، وهو كَثرةُ العُشْبِ ..
وسط هذا الجو المفعم بالحياة والخضرة والخصب ذكره الأحباب ، وأضاف أنه لم يكن متعباً لهم بل كن ودوداً ومحباً (كان حبيبنا وحاشا ما نصبي) ولتعرف معنى كلمة ( نصبي) انظر إلى حديث الرسول الكريم عليه أقضل الصلوات وأتم التسليم: ( فاطمةُ بَضْعَةٌ مِنِّي، يُنْصِـبُني ما أَنْصَبَها أَي يُتْعِـبُني ما أَتْعَبَها. ) .
وأردف السائل / السائلة أنه أي الخليل فارقهم وهو في صباه (ومن زمان فارقنا وهو صبي
تاني ما سمعنا انقطع خبره) .. والخليل أبعد ما يكون عن التفكير الضيق في نفسه وذاته ، فحول الخطاب في البيت الذي جاء بعد ذلك ب (يا حليلم طشوا ما انخبرو ) بصيغة الجمع ليؤكد أن الذكرى تشمل كل من تعود ارتياد تلك الأماكن معه ، وهذا إيثار ومحاولة الهروب من ذاتية النص حتى لا يصبح يدور حوله شخصه ، فأراد خلق الجماعية وتبني روح الصحبة ...فاستخدم الخليل المفردة (حليل) للتأكيد على شوق أهل تلك الأماكن إليهم وحبهم لهم ورغبتهم في أن يعودا إليهم مرة أخرى لما وجدوا فيهم من كريم الخصال ...
ليصف الخليل في نهاية المشهد شظف العيش الي يعيشه أؤلئك القوم الذين دفعتهم حالهم إلى حمل الماء على الكتوف من أجل لقمة العيش التي جبروا عليها لضيق ذات اليد ، وهذا إحساس بالآخر ، ومشهد من المشاهد التي تدفعهم للنضال ضد الانجليز من أجل كرامة أهل هذا البلد الشرفاء وتحقيق رغد العيش إليهم : (واحدة فيهن قالت أنجبرو ... فقر أبونا وخدمة النبرو )
ونَّبْرُ لغة هي : كلُّ شيء رفع شيئاً، فقد نَبَرَه.
يؤكد الخليل أن قصيدة ( مالو أعياه النضال بدني ) كتبها في أرض الكنانة حيث صور لنا في المشهد الأخير كيف أن مصر أكرمت نزله وأغدقت عليه من خيرها (الكنانة أكرمت نزلي
وأغدقت من خيره كل زُلي ) .
ينعي لنا الخليل لنا نفسه رابطاً ذلك بما ذكره في قصيدته ( ما هو عارف قدموا المفارق ) حينما يقول في قصيدتنا هذه (إن حييت أو مت في الأزل ... ده مقدر طبعه في الأزل ) .
فيختم الخليل نفثاته تلك بإرسال التحايا القادمة من حشاه وعمق دواخله ، ويحول الخطاب إلى مناجاة أطياف الأٍنثى التي إليها يحن في تلك الديار فعددها للتي تدور الآن في الخاطر فهي ملئه ، وللتي في ربوعها تطراه وتذكره (يا حليلم طشوا ما انخبرو ) ، وللتي نطأت أي نأت واستعصمت بالبعد عنه إذ أن النَّطْوُ في اللغة : المَدُّ، والبُعْدُ، والسُّكوتُ .
يؤكد الخليل قرب أجله ودنوه عندما يختم لنا ب (سلاماً) ما الغصون خترت أي أن أيام الشباب ذبلت والقدرة على تحمل الصعاب خارت ، وحتى الأمل في معاودة الديار والحظوة بالرفقة مع الأصحاب جعل المرض كل تلك الأماني بعيدة المنال فحق له أن يرثي نفسه لأن بكائه في تلك اللحظات لم يكن من أجل دنيا فانية ، وإنما ربط الخليل عدم قدرته على مواصلة النضال من أجل هذا الوطن بأن جعل ذلك مرتبطاً بود مدني وأكد على أنها هي من كانت تمدهم بالطاقة لمواصلة المسيرة في درب النضال .
( غايتو بختم نفثتي الخطرت
بي تحية من حشاي شُطرت
للتدور والطارية والنطأت النَّطْوُ
سلاما ما الغصون خترت) .
خليل فرح لا يختلف اثنان على مقدرته الفائقة على خلق الصور الجمالية في شعره ، وعلى مقدرته الفذة في غرائب اللغة التي تبدو عامية ولكنها لغة باذخة وعالية وذات دلالات مقصودة لذاتها يختارها الخليل بعناية ، ولا سيما هنا في قصيدته ( مالو أعياه النضال بدني وروحي ليه مشتهية ود مدني ) فقد استخدم من اللغة والصور ما يناسب سمو وعلو ، وجمال هذه المدينة ، وريادتها في النضال والثورة ، وفي الجمال ، وطيب الخصال ، فقد يدهش الكثير لهذا التمييز الذي أراده الخليل لمدني رغم أنه من أقاصي الشمال ، وهذه الوادعة ترقد على ضفاف الأزرق في وسط السودان ، وحتى يستقيم الأمر فقد شارك الخليل المتلقي هذه الدهشة أيضاً عندما تساءل : ( روحي ليه مشتهية ود مدني ) لتصبح تلك الأغنية بعد ذلك ملحمة قُدِّر لها أن يتغنى بها أبناء الجزيرة / مدني : الحاج محمد أحمد سرور ( قام محمد بشر ) وبادي محمد الطيب ، وأخيراً محمد الأمين ...
فأين الخليل مما أصاب ود مدني اليوم من إهمال الحاكمين حتى دفنت أرصفتها في التراب ودكت شوارعها ، وذبلت خضرتها ، وتشرد أهلها ، و وذبح مشروعها العملاق ( مشروع الجزيرة ) فأصبحت الحدائق الغناء في مكاتب وإدارات مشروعها عبارة عن خرابات ينعق بها البوم ..
ولكن رغم كل شيء ما زلنا نغني : (مالو أعياه النضال بدني وروحي ليه مشتهية ود مدني )
( ماله أعياه النضال بدني
روحي ليه مشتهية ود مدني
ليت حظي سمح وأسعدني
طوفه فد يوم بي ربوع مدني
كنت أزوره ابويا ود مدني
واشكي ليه الحضري والمدني
آه علي حشاشتي ودجني
وحنيني ولوعتي وشجنى
دار أبويا ومتعتي وعجني
يا سعادتي وثروتي ومجني
يا لقلبٍ بالهموم حُبكا
طرفه مسهد وعيشته ديمة بكا
كم تألم بالنوى انعبكا
كم ذكركم وفكره كم رُبكا
حين سألنا حاوي الوصب
عن خمايل قرية القصب
قالوا جات سيرتك علي النصب
نحن بين الروضة والقصب
( صنفن ) بعدها قالن إن تصب
تربط الأحلام مع الخصب
كان حبيبنا وحاشا ما نصبي
ومن زمان فارقنا وهو صبي
تاني ما سمعنا انقطع خبره
يا حليلم طشوا ما انخبرو
واحدة فيهن قالت أنجبرو
فقر أبونا وخدمة النبرو
الكنانة أكرمت نزلي
وأغدقت من خيره كل زُلي
إن حييت أو مت في الأزل
ده مقدر طبعه في الأزل
غايتو بختم نفثتي الخطرت
بي تحية من حشاي شُطرت
للتدور والطارية والنطأت
سلاما ما الغصون خترت )
عروة علي موسى

أبونبيل
08-05-2012, 08:25 PM
حديث الأيام ... دراسات وذكريات


محي الدين بابكر أحمد




يروي الشيخ محمد النور ود ضيف الله في كتابه ( الطبقات في خصوص الأولياء والصالحين والعلماء والشعراء في السودان) قائلاً : محمد بن مدني بن دشين قاضي العدالة كان واحد زمانه في الورع والزهد والصدق مع الله وعلى ذلك انعقد إجماع الأمة. وقال الشيخ فرح ود تكتوك في كلامه عن الدنيا وأعيانها في الشيخ دشين وسلالته، والرواية لمحمد النور بن ضيف الله:

وين دشين قاضي العدالة الما بميل بالضلالة

نسله نعم السلالة الأوقدوا نار الرسالة

وقد تقدم أن الشيخ محمد بن مدني قد تخصص في تدريس الفقه المالكي عن (رسالة ابن أبي زيد القيرواني) وقد كان هذا التخصص سمة من سمات (المدنيين) وفي ذلك قصة طريفة فقد نم أحدهم إلى الملكة نصرة بت عدلان آخر أمراء دولة الفونج بمرنجان بأن الشيخ ود كنان في الكريبة وقد كان أحد الذين ورثوا تدريس (الرسالة) قد حرّم (المريسة) فاغتاظت الملكة وأرسلت لود كنان ركباً ليحضروه (بالسوريبة) التي اتخذتها مقراً بعد مرنجان وبعد أن أحضر وأكرمت وفادته سألته : كيف تقول يا ود كنان (المريسة) حرام وهي عيشنا نزرعه ونطحنه بايدينا؟ فأجابها إجابة قطعت حجتها (أنا ما قلت المريسة) حرام، قالت : سمح منو القال (المريسة) حرام؟ فأجابها: قالت (الرسالة) فانشرح صدر الملكة، وقالت : (كان كدى الكلام دا كلام عوين) ظنت الملكة إن (الرسالة) إمرأة !!.

هذه المقدمة في هذه الحلقة أردت أن أستعين بها على تعريف الدرجة العلمية التي بلغها الشيخ محمد ود مدني وسلالته الطيبة والذي يقول عنه المؤرخ الشيخ محمد النور ود ضيف الله : إن حلقة درسه في زمانه كان يؤمها خمسمائة طالب. وأيضاً أريد أن أدلل في هذه المقدمة على أن سمعة الشيخ محمد ود مدني قد بلغت شأواً بعيداً في الانتشار حتى أم هذه الحلقة خلقٌ كثير من أنحاء السودان ومن وسط وغرب أفريقيا وأن سمعة الشيخ قد بلغت مصر وليبيا فقد قيل أن للشيخ مدني أبناء بليبيا ومبلغ علمنا من الجدود أن الشيخ مدني قد خرج من (المندرة) بلدة جده الشيخ محمد الهميم بن عبد الصادق في سفر لجنوب سنار وهناك توفي ولكن لم يؤكد أحد ذلك حق التأكيد فربما مضى إلى ليبيا. ويقول محمد النور ود ضيف الله (وأخبرني جدي موسى بن ريا. قال : أنا في مصر وجدت المصريين يذكرون ود مدني.

كل ما تقدم يدل على أن حلة ود مدني قد بلغت مبلغاً واسعاً من الصيت في السودان والبلدان المجاورة مما جعل كثيراً من الناس يشدون إليها الرحال ومما جعل الكثير يفضلون العيش فيها كيف لا وقد كان سهل الجزيرة المنبسط الخصيب يمدها بالخيرات التي تفيض عن حاجتها وتصدر إلى شمال السودان بالمراكب الشراعية وتمد الكثير من بقاع السودان بخيراتها من الذرة والقطن المطري والبقول والفحم وغيرها، كان ذلك في دولة الفونج أما في عهد التركية والحكم الثنائي فقد أم ود مدني أعداد كبيرة من النازحين وقد تسابقوا على الإقامة فيها بمجاورة (المدنيين) حسب أسبقيتهم في الحضور وقد تكثفت الهجرة في عهد الحكم الثنائي فقد نزح إليها الكثير من الأجانب من أجناس مختلفة: أتراك ويونانيين وأرمن وهنود ومصريين ويمانيين وشاميين وحتى اليهود وعدد غفير من سكان غرب أفريقيا بعضهم رحل برحيل الاستعمار وبعضهم انصهر في مجتمع المدينة وأصبحوا كما قلنا سودانيين خلقة وطبعاً. يحدثنا الشيخ محمد عبد الله محمد الأمين خليفة ود مدني الحالي أطال الله عمره في كتابه (الشيخ محمد مدني السني بين السلف والخلف) عن هذه الهجرة فيقول: إزداد نزوح الأفراد حتى أصبحوا جماعات، يقول بعضهم البعض ( لنستريح مع ود مدني) مما ثبت الاسم واتسعت الرقعة وأخذت شكل القرية مما شجع الشيخ في أن يحي (نار القرآن) وأن يقيم حلقات الدراسة في علوم الفقه والتوحيد والسيرة حتى أصبح المكان آمن بأهله مما شجع الكثيرين للنزوح ومن تلك القبائل على سبيل المثال لا الحصر (العيساب) الذين أتوا من جنوب مصر وكذلك (الدرنية) وهم منسوبون إلى (درنة) بمصر وأيضاً (الحجوز) وهم أبناء عمومة الدرنية والنضيراب وهم أبناء الشيخ سعدابي وهم أيضاً من جنوب مصر ومن القبائل السودانية (السناهير) وهم فرع من الجعليين و(الهواوير) وهم أهل السيد إسماعيل الولي بالأبيض و(الأصولية) من أسوان جنوب مصر و(البحيرية) أحفاد السلطان على دينار والدناقلة والشايقية وكثيرٌ غيرهم من غرب أفريقيا، أما اليوم فإن ود مدني الممتدة أضعاف ما كانت عليه فإن بها كل قبائل السودان والدول المجاورة.

ودالعمدة
09-05-2012, 01:29 PM
[
حديث الأيام ... دراسات وذكريات

وأن سمعة الشيخ قد بلغت مصر وليبيا فقد قيل أن للشيخ مدني أبناء بليبيا ومبلغ علمنا من الجدود أن الشيخ مدني قد خرج من (المندرة) بلدة جده الشيخ محمد الهميم بن عبد الصادق في سفر لجنوب سنار وهناك توفي ولكن لم يؤكد أحد ذلك حق التأكيد فربما مضى إلى ليبيا. ويقول محمد النور ود ضيف الله (وأخبرني جدي موسى بن ريا. قال : أنا في مصر وجدت المصريين يذكرون ود مدني.

.[/SIZE]
أخى العزيز أبونبيل
مشكور للجهد المقدر للتوثيق لأم المدائن
كما هو معلوم أن جدنا الشيخ محمد مدنى السنى جاء للسودان من المدينة المنورة
أما أخوه أبراهيم مدنى السنى استقر به المقام فى ليبيا وهو جد المدنيين فى ليبيا
والله أعلم
ولك تحياتى

أبونبيل
18-05-2012, 12:01 PM
إنتهى به المطاف إلى الإقامة الجبرية والوحدة والعزلة في عِزبَة زينب الوكيل، التي جئتها قادماً من محطة (الترام) في (المطرية). قال الحارس تفضلوا إلى الداخل. دخلت على الرئيس محمد نجيب الذي كان مصاباً بـ (نزلة) برد شديدة، وقد كان بجانبه في سريره البائس (بطانيَّة) قديمة و(مخدّة) قديمة. كانت العتمة والإضاءة المتواضعة والأثاث القديم، وكل ما هو قديم، هو مناخ الغرفة. غير أن روح الرئيس كانت تفيض حناناً وكرماً. عندما دخلنا عليه مدَّ يده مصافحاً، مبتسماً ابتسامة كبيرة ودودة حانية، لم تفارقه طوال المكث معه. كان برفقتي الأخ عبدالمنعم أحمد البشير وبصحبته كاميرا.

الرئيس محمد نجيب يعشق السودان والسودانيين، وعندما دخلنا عليه في وحدته في عامها السابع والعشرين، تدفقت على وجهه أنهار من السعادة. وقال باسماً: جئتم من السودان؟ قلت: نعم، قال باسماً: من أين في السودان؟ قلت: من ودمدني. قال آه... ود مدني السني والقبّة وأم سنط. قال الرئيس نجيب (أنا عشت في مدني ودرست في مدرسة الاميرية، ومنزلنا كان جنوب المدرسة مباشرة في شكل مثلث). أصبح الجو مفعماً بالودِّ وبطريقة مذهلة وحميمياً بطريقة عائلية. أجبته بأن منزلكم الذي في كل مثلث في نفس المكان لم يتغير، وأن مدرسة الأميرية لم تتغير، وتوجد الآن بصورتها التي تركتها بها.
مدرسة وسطى تعني حسب السلم التعليمي حينها، أنها مدرسة من السنة الخامسة مرحلة الأساس حتى نهاية السنة الثامنة مرحلة الأساس.
مدرسة الاميرية الوسطى بودمدني التي تأسست عام 1908م، درس بها أيضا الطالب (على على عامر) القائد البارز في الجيش المصري وقائد قيادة الجيوش العربية الموحَّدة في حقبة الستينات (الفريق على على عامر).
غرب مدرسة الأميرية، مباشرة على بعد خطوات، توجد مدرسة (النهر) الأولية، أى مدرسة مرحلة أساس من أولى إلى رابعة، والتي درس بها عدد من قيادات الإسلاميين مثل الأستاذ الوزير أحمد عبدالرحمن محمد (الأمين العام لمجلس الصداقة الشعبية العالمية). ودرس بها رئيس البرلمان الأستاذ الراحل/محمد يوسف محمد المحامي، كما درس بها (ساسون) أول سفير إسرائيلي في مصر. عائلة (ساسون) وعائلة (صالح باروخ) وعائلة (عدس) من العائلات اليهودية، التي كانت معروفة في مدينة ودمدني، حيث كانت تعمل تلك العائلات في التجارة.



في حرب فلسطين في عام 1948م أصيب محمد نجيب إصابة اقتربت به من الموت. كانت من كلماته في تلك التجربة التي أشرفت به على الموت (تذكروا يا أبنائي أن أباكم مات بشرف). كانت رغبة نجيب الأخيرة أن ينتقم من الهزيمة في فلسطين، وأن يجاهد من أجل وحدة وادى النيل. ظللت أستمع باهتمام إلى الرئيس نجيب يتحدث عن السودان بمعرفة واسعة وتفصيل كبير مدهش شمالاً وجنوباً، مدناً وقرى وجبالاً وأنهاراً. كان يتحدث كما يتحدث زعيم سوداني وطني عميق الدراية ببلاده تاريخاً وجغرافيةً. كان نجيب كما ظهر في حديثه يعرف معرفة شخصية وثيقة، عدداً كبيراً من السياسيين السودانيين، وتخلل حديثه العديد من الأسماء منها الدرديري أحمد إسماعيل. في مارس 1981م، في عِزبَة زينب الوكيل، وفي الحقيقة في أطلال عِزبَة زينب الوكيل، كان الرئيس نجيب يقيم وحيداً سبعة وعشرين عاماً، لا أنيس ولا جليس، سوى الحرس من الجنود المسلَّحين وشاحنة جيش تقف على طرف القصر القديم، غير بعيدة من غرفته، وسوى عدد لا يعد ولايحصى من القطط!. كان يقيم بدون عائلة. كان نجيب يقيم في غرفة يعلوها الغبار، كلّ شئ فيها قديم قديم. فهي تكتظ بأثاث حطام يقارب عمره أربعين عاماً، الأواني والصواني والأكواب والأغطية والمفارش والكراسي كلها قديمة، كلها تعكس الإهمال المريع الذي ضرب البطل المحبوب والشخصية المحترمة الجذابة التي أطلَّت بها ثورة يوليو1952م على العالم.
سألت الرئيس نجيب عن عائلته فأجاب إجابة حزينة، فقد توفيت السيدة عقليته. وذكر أن لديه ولدين، كلاهما توفى. حيث استشهِد ولده الضابط في حرب أكتوبر عام 1973م، وتوفى الثاني في ألمانيا في ظروف غامضة، حسب إفادة الرئيس نجيب. حيث عبَّر عن شكوكه في جهات تسببت في موته. جهات لم يسمِّها.
أمّ نجيب سودانية، ووالد نجيب عمل في السودان. ودرس محمد نجيب في السودان. وتوفى والده في السودان. وقد أوصى الرئيس محمد نجيب بأن يُدفن في السودان، ولكن رغبته لم تتحقق. غير أن عدداً كبيراً من أبناء السودان يحملون اليوم اسم نجيب (محمد نجيب)، وأن أحد شوارع الخرطوم الرئيسية سُمِّي باسم الرئيس الراحل محمد نجيب. ذلك الشارع الممتد من الشمال إلى الجنوب في الخرطوم، من بداية منطقة العمارات وحتى الميناء البري.
حان وداع الرئيس محمد نجيب في عِزبَة زينب الوكيل، حيث ودَّعنا بنفس البشاشة والبسمة الحانية الودودة. عندما خرجنا كان المساء قد بدأ يرخي سدوله. سِرت من العِزبَة إلى محطة (الترام) أصارع بداخلي النقيضين، متلفِّعاً بالليل والصمت، تتبعثر عاطفتي بين مصير الرئيس البطل المحبوب محمد نجيب وحبي الكبير لجمال عبدالناصر الذي قرأت كل ما يمكن عنه واحتفظ بكل تسجيلاته الصوتية. في زيارتي للرئيس نجيب في عِزبَة زينب الوكيل كنت مخططاً للقاء صحفي أجريه مع سيادته، غير أن حالته الصحية حينها و(نزلة) البرد الشديد، جعلتني أتراجع عن الفكرة وأؤجل اللقاء الصحفي إلى زيارة قادمة. عند وداع الرئيس نجيب التقط (عبدالمنعم) صورة له. ولكن ذلك لم يرق للرئيس نجيب نظراً لحالته الصحية والوضع البائس الذي كان يحيط به. فوعدت الرئيس نجيب بإتلاف تلك الصورة. وقد كان.
ثم كان أن رحل الرئيس نجيب بعد عام واحد عن العالم في 1982م. غشى الإهمال كوكب الرئيس نجيب وغيَّب بهاءه ثلاثة وخمسين عاما منذ 1954م - 2007م، حتى ردَّت مصر اعتبار الرئيس نجيب بعد خمسة وعشرين عاماً على رحيله. مصر اليوم ردَّت اعتبار الرئيس نجيب ووضعته على قدم المساواة إلى جانب الرئيس جمال عبدالناصر والرئيس محمد أنور السادات، حيث تمَّ افتتاح متحف محمد نجيب، إلى جانب متحف عبدالناصر ومتحف السادات، وقد تحوَّل افتتاح متحف محمد نجيب إلى مظاهرة حُبٍّ وعرفان للرئيس نجيب. ضمَّ متحف محمد نجيب صوراً لمراحل حياته كلها وشهاداته ومقتنياته الشخصية، وهي عبارة عن جهاز راديو وبدلة عسكرية وعصا وتلفون وشهادات وملابس نوم وإحرام الحج ومصحف، إلى جانب عدد من الوثائق.
التحية لمصر الوفية، مؤرخين وسياسيين، وهي ترد اعتبار الرئيس محمد نجيب إنصافاً ووفاءً. التحية لمصر المجد والوفاء وهي تردّ اعتبار الرئيس محمد نجيب. أماآن لسودان الوفاء أن يردّ اعتبار الرئيس إبراهيم عبود؟.
ردُّ اعتبار الرئيس محمد نجيب أثار كوامن الذكريات. أثار ذكرى زيارة حدثت في مارس عام 1981م، استغرقت ساعة ونصف. تلك كانت زيارة رئيس أم الدنيا وحبيب كل الدنيا. آلا رحمة الله الواسعة على الرئيس محمد نجيب.



الانتباهه

عبد المحمود الكرنكى

الامين عبدالقادر
19-05-2012, 01:04 AM
إنتهى به المطاف إلى الإقامة الجبرية والوحدة والعزلة في عِزبَة زينب الوكيل، التي جئتها قادماً من محطة (الترام) في (المطرية). قال الحارس تفضلوا إلى الداخل. دخلت على الرئيس محمد نجيب الذي كان مصاباً بـ (نزلة) برد شديدة، وقد كان بجانبه في سريره البائس (بطانيَّة) قديمة و(مخدّة) قديمة. كانت العتمة والإضاءة المتواضعة والأثاث القديم، وكل ما هو قديم، هو مناخ الغرفة. غير أن روح الرئيس كانت تفيض حناناً وكرماً. عندما دخلنا عليه مدَّ يده مصافحاً، مبتسماً ابتسامة كبيرة ودودة حانية، لم تفارقه طوال المكث معه. كان برفقتي الأخ عبدالمنعم أحمد البشير وبصحبته كاميرا.

الرئيس محمد نجيب يعشق السودان والسودانيين، وعندما دخلنا عليه في وحدته في عامها السابع والعشرين، تدفقت على وجهه أنهار من السعادة. وقال باسماً: جئتم من السودان؟ قلت: نعم، قال باسماً: من أين في السودان؟ قلت: من ودمدني. قال آه... ود مدني السني والقبّة وأم سنط. قال الرئيس نجيب (أنا عشت في مدني ودرست في مدرسة الاميرية، ومنزلنا كان جنوب المدرسة مباشرة في شكل مثلث). أصبح الجو مفعماً بالودِّ وبطريقة مذهلة وحميمياً بطريقة عائلية. أجبته بأن منزلكم الذي في كل مثلث في نفس المكان لم يتغير، وأن مدرسة الأميرية لم تتغير، وتوجد الآن بصورتها التي تركتها بها.
مدرسة وسطى تعني حسب السلم التعليمي حينها، أنها مدرسة من السنة الخامسة مرحلة الأساس حتى نهاية السنة الثامنة مرحلة الأساس.
مدرسة الاميرية الوسطى بودمدني التي تأسست عام 1908م، درس بها أيضا الطالب (على على عامر) القائد البارز في الجيش المصري وقائد قيادة الجيوش العربية الموحَّدة في حقبة الستينات (الفريق على على عامر).
غرب مدرسة الأميرية، مباشرة على بعد خطوات، توجد مدرسة (النهر) الأولية، أى مدرسة مرحلة أساس من أولى إلى رابعة، والتي درس بها عدد من قيادات الإسلاميين مثل الأستاذ الوزير أحمد عبدالرحمن محمد (الأمين العام لمجلس الصداقة الشعبية العالمية). ودرس بها رئيس البرلمان الأستاذ الراحل/محمد يوسف محمد المحامي، كما درس بها (ساسون) أول سفير إسرائيلي في مصر. عائلة (ساسون) وعائلة (صالح باروخ) وعائلة (عدس) من العائلات اليهودية، التي كانت معروفة في مدينة ودمدني، حيث كانت تعمل تلك العائلات في التجارة.



في حرب فلسطين في عام 1948م أصيب محمد نجيب إصابة اقتربت به من الموت. كانت من كلماته في تلك التجربة التي أشرفت به على الموت (تذكروا يا أبنائي أن أباكم مات بشرف). كانت رغبة نجيب الأخيرة أن ينتقم من الهزيمة في فلسطين، وأن يجاهد من أجل وحدة وادى النيل. ظللت أستمع باهتمام إلى الرئيس نجيب يتحدث عن السودان بمعرفة واسعة وتفصيل كبير مدهش شمالاً وجنوباً، مدناً وقرى وجبالاً وأنهاراً. كان يتحدث كما يتحدث زعيم سوداني وطني عميق الدراية ببلاده تاريخاً وجغرافيةً. كان نجيب كما ظهر في حديثه يعرف معرفة شخصية وثيقة، عدداً كبيراً من السياسيين السودانيين، وتخلل حديثه العديد من الأسماء منها الدرديري أحمد إسماعيل. في مارس 1981م، في عِزبَة زينب الوكيل، وفي الحقيقة في أطلال عِزبَة زينب الوكيل، كان الرئيس نجيب يقيم وحيداً سبعة وعشرين عاماً، لا أنيس ولا جليس، سوى الحرس من الجنود المسلَّحين وشاحنة جيش تقف على طرف القصر القديم، غير بعيدة من غرفته، وسوى عدد لا يعد ولايحصى من القطط!. كان يقيم بدون عائلة. كان نجيب يقيم في غرفة يعلوها الغبار، كلّ شئ فيها قديم قديم. فهي تكتظ بأثاث حطام يقارب عمره أربعين عاماً، الأواني والصواني والأكواب والأغطية والمفارش والكراسي كلها قديمة، كلها تعكس الإهمال المريع الذي ضرب البطل المحبوب والشخصية المحترمة الجذابة التي أطلَّت بها ثورة يوليو1952م على العالم.
سألت الرئيس نجيب عن عائلته فأجاب إجابة حزينة، فقد توفيت السيدة عقليته. وذكر أن لديه ولدين، كلاهما توفى. حيث استشهِد ولده الضابط في حرب أكتوبر عام 1973م، وتوفى الثاني في ألمانيا في ظروف غامضة، حسب إفادة الرئيس نجيب. حيث عبَّر عن شكوكه في جهات تسببت في موته. جهات لم يسمِّها.
أمّ نجيب سودانية، ووالد نجيب عمل في السودان. ودرس محمد نجيب في السودان. وتوفى والده في السودان. وقد أوصى الرئيس محمد نجيب بأن يُدفن في السودان، ولكن رغبته لم تتحقق. غير أن عدداً كبيراً من أبناء السودان يحملون اليوم اسم نجيب (محمد نجيب)، وأن أحد شوارع الخرطوم الرئيسية سُمِّي باسم الرئيس الراحل محمد نجيب. ذلك الشارع الممتد من الشمال إلى الجنوب في الخرطوم، من بداية منطقة العمارات وحتى الميناء البري.
حان وداع الرئيس محمد نجيب في عِزبَة زينب الوكيل، حيث ودَّعنا بنفس البشاشة والبسمة الحانية الودودة. عندما خرجنا كان المساء قد بدأ يرخي سدوله. سِرت من العِزبَة إلى محطة (الترام) أصارع بداخلي النقيضين، متلفِّعاً بالليل والصمت، تتبعثر عاطفتي بين مصير الرئيس البطل المحبوب محمد نجيب وحبي الكبير لجمال عبدالناصر الذي قرأت كل ما يمكن عنه واحتفظ بكل تسجيلاته الصوتية. في زيارتي للرئيس نجيب في عِزبَة زينب الوكيل كنت مخططاً للقاء صحفي أجريه مع سيادته، غير أن حالته الصحية حينها و(نزلة) البرد الشديد، جعلتني أتراجع عن الفكرة وأؤجل اللقاء الصحفي إلى زيارة قادمة. عند وداع الرئيس نجيب التقط (عبدالمنعم) صورة له. ولكن ذلك لم يرق للرئيس نجيب نظراً لحالته الصحية والوضع البائس الذي كان يحيط به. فوعدت الرئيس نجيب بإتلاف تلك الصورة. وقد كان.
ثم كان أن رحل الرئيس نجيب بعد عام واحد عن العالم في 1982م. غشى الإهمال كوكب الرئيس نجيب وغيَّب بهاءه ثلاثة وخمسين عاما منذ 1954م - 2007م، حتى ردَّت مصر اعتبار الرئيس نجيب بعد خمسة وعشرين عاماً على رحيله. مصر اليوم ردَّت اعتبار الرئيس نجيب ووضعته على قدم المساواة إلى جانب الرئيس جمال عبدالناصر والرئيس محمد أنور السادات، حيث تمَّ افتتاح متحف محمد نجيب، إلى جانب متحف عبدالناصر ومتحف السادات، وقد تحوَّل افتتاح متحف محمد نجيب إلى مظاهرة حُبٍّ وعرفان للرئيس نجيب. ضمَّ متحف محمد نجيب صوراً لمراحل حياته كلها وشهاداته ومقتنياته الشخصية، وهي عبارة عن جهاز راديو وبدلة عسكرية وعصا وتلفون وشهادات وملابس نوم وإحرام الحج ومصحف، إلى جانب عدد من الوثائق.
التحية لمصر الوفية، مؤرخين وسياسيين، وهي ترد اعتبار الرئيس محمد نجيب إنصافاً ووفاءً. التحية لمصر المجد والوفاء وهي تردّ اعتبار الرئيس محمد نجيب. أماآن لسودان الوفاء أن يردّ اعتبار الرئيس إبراهيم عبود؟.
ردُّ اعتبار الرئيس محمد نجيب أثار كوامن الذكريات. أثار ذكرى زيارة حدثت في مارس عام 1981م، استغرقت ساعة ونصف. تلك كانت زيارة رئيس أم الدنيا وحبيب كل الدنيا. آلا رحمة الله الواسعة على الرئيس محمد نجيب.



الانتباهه

عبد المحمود الكرنكى
ودى مدنى الحبيبة بلد العلم وبلد الفن وبلد الرياضة وديل اهلى البقيف فى الدارة وسط الدارة واتنبر واقول للدنيا ديل اهلى وكلما اتذكر كلمات مديرنا فى مدرسة النيل الازرق سابقا السنى حاليا شيخ الجيلى فى اجتماع المدرسة الاسبوعى قال اسمها مدنى السنى والسنى جدى الله يرحمة كان بليغا فى اللغة العربية ونتمنى ان يتاخر اى استاذ حتى ياتى ويغطى مكانة ويعطينا من فحول الشعر العربى الذى يحفظ منة كثيرا

أبونبيل
24-05-2012, 02:04 AM
http://illiweb.com/fa/empty.gif حنتوب مدرسة حكمت السودان .. وشكلت تاريخه الحديث..!! (http://wadmadani.com/t5964-topic#35494)
http://illiweb.com/fa/empty.gif


مدرسة حنتوب الثانوية ، وادي سيدنا الثانوية ، وخورطقت الثانوية ، مدارس لها تاريخ تليد ، كان له اكبرالاثر في تشكيل الحياة الساسية ، والاجتماعية ، والثقافية ، والدينية ، وكانت سوداناً مُصغراً جمع الطلاب من مختلف بقاع السودان..

اثناء تصفحي في الشبكة العنكبوتية وجدت هذه المقالة التوثيقية التاريخية الهامة بالصدفة في صحيفة الامارات اليوم ، ودهشت لهذا السرد التاريخي الشيق ، الذي استفدت منه الكثير من المعلومات التي كانت غائبة عني ...

لذلك آثرت نقلها اليكم هنا لتنالوا منها النفع والفائدة ، وكذلك من اجل التوثيق لهذا المرفق الحيوي الهام ، الذي اصبح بصمة في تاريخ السودان الحديث...


هيا بنا معاً لنبحر في قلب هذا المقال الشيق...


مدرسة حنتوب الثانوية لعبت دوراً كبيراً في تاريخ السودان، وشكّل خريجوها ونظيرتاها (وادي سيدنا) و (خورطقت) ، قادة الطيف السياسي، الحاكم والمعارض، وكانت سوداناً مُصغراً جمع الطلاب من أقاليم الشرق والغرب والشمال والجنوب.

في النصف الثاني من أربعينات القرن الماضي أنشأ المستعمر الإنجليزي مدرستي حنتوب في مدينة مدني (وسط السودان) وخورطقت في الأبيض (غرب السودان) وقبلهما مدرسة وادي سيدنا (شمال الخرطوم)


*.. في حنتوب مش حنتوب ..*

إسماعيل الأزهري أول رئيس حكومة وطنية للسودان (1954-1956) بعد الاستقلال، ورئيس مجلس السيادة (1965-1969) ، كان يعمل معلماً ، وأراد المستعمر إبعاده عن بؤرة الضوء في العاصمة لأنه يشكل خطراً سياسياً ، فتم نقله إلى مدرسة حنتوب الوليدة ، فقال الأزهري قولته الشهيرة (في حنتوب مُش حنتوب) إصراراً منه على مواصلة النشاط المناهض للاستعمار..

حنتوب التي بناها المستعمر على نسق معسكرات الجيش في عزلة عن ضجة المدينة وصخبها ، متجذرة في ذاكرة وجدان الشعب السوداني منذ تأسيسها.

خرّجت أغلب القيادات التي قادت السودان في الحقب المختلفة ، وتبوأت الذرى في مجالات السياسة والطب والقانون ، أسماء عريقة وذائعة الصيت ارتبطت بالمدرسة...

حينما تُذكر حنتوب يذكر اسم الرئيس السوداني السابق جعفر نميري الذي حكم السودان 16 عاماً (1969-1985) ، ورئيس حزب المؤتمر الشعبي حسن الترابي ، والسكرتير العام للحزب الشيوعي محمد إبراهيم نقد (أخطر ثلاثة من قادة السياسة والفكر والجدل في السودان) ، وأيضاً رئيس الوزراء في الحكومة الانتقالية بعد انتفاضة 6 أبريل( 1985-1986) الجزولي دفع الله ، والمقدم بابكر النور الذي عين رئيساً في انقلاب الشيوعيين في يوليو 1971م ، وأحمد ابراهيم دريج حاكم إقليم دارفور السابق ، ورئيس التحالف الفيدرالي المعارض ، وميرغني النصري عضو مجلس رأس الدولة السابق ، ومحجوب محمد صالح شيخ الصحافة السودانية ، والصحافي والمفكر عبدالله زكريا ، وغيرهم من القائمة الطويلة.

حنتوب وحدها التي دفعت بثلاثة من طلابها ليصبحوا رؤساء القضاء بالسودان ، هم خلف الله الرشيد وفؤاد الأمين ، وعبيد حاج علي..

ودفعت بأربعة آخرين تقلدوا منصب وزير العدل هم حسن الترابي ، وعبدالسميع عمر ، وعبدالمحمود صالح ، وعبدالعزيز شدو..

ودفعت حنتوب أيضاً بأربعة من خريجيها ليصبحوا مديرين لجامعة الخرطوم ، هم البروفيسور علي فضل ، والبروفيسور عمر بليل ، والبروفيسور التنقاري ، والبروفيسور عبدالملك..


*.. الرئيس والمطارد ..*

في عام 1973 احتفل خريجو حنتوب بالعيد الفضي للمدرسة ، ولبى الدعوة من بريطانيا مديرها الأول وواضع نظامها ، الإنجليزي مستر براون ، وامتلأت ردهات المدرسة بطلابها القدامى يتقدمهم الرئيس نميري في عهد زعامته ، وجاء زميل دفعته القديم وغريمه المطارد ، والمطلوب لدى الأمن محمد إبراهيم نقد من مخبئه مشاركاً في الاحتفال ، بعد أن أعطي الأمان وأدار المباراة الرئيسة مساعداً أول لحكم المبارة التي شارك فيها نميري لاعباً..

وفي واحدة من زيارات نميري الى لندن قدمت له ملكة بريطانيا الملكة إليزابيث ، الدعوة ليتناول معها وجبة الغداء ، وسمحت له بدعوة مواطنين إنجليز ، فدعا نميري ناظر مدرسته المستر براون ، الذي حين جاء ودخل على الملكة في حضور نميري بكى وقال ، (لم أصدق قط ان أدخل الى ملكة بريطانيا وأتناول معها الغداء، وأنا الذي كنت حين أسمع ان الملكة ستطل على الجماهير من فوق شرفتها أقف منذ الصباح حتى يتسنّى لى رؤيتها). واعتبر براون الدعوة بمثابة وفاء من تلميذه.


*.. والد غوردن براون ..*

يقول مؤلف كتاب (حنتوب) الأستاذ النور موسى إن مستر براون صاحب البصمات في الشخصية السياسية السودانية وعاشق حنتوب ، ربى ابناءه فيها ، ومنهم غوردن براون رئيس وزراء بريطانيا السابق ، الذي عاش طفولته بالمدرسة ، وعند تعيينه وزيراً للخزانة في حكومة توني بلير الأولى بعثت رابطة خريجي حنتوب بخطاب تهنئة بالتكليف لغوردن براون..

وكان منزل مستر براون في (حنتوب) هو المنزل رقم (10) وتم ترقيمه هكذا على غرار رقم مقر رئيس الوزراء البريطاني في شارع (داوننج) بلندن..


*.. أغداً القاك ..*

لم تكن حنتوب تخرّج سياسيين ، ومهنيين فقط ، لكنها خرّجت مبدعين أيضاً لعل أبرزهم الشاعر (نجار المدرسة) آنذاك حميدة أبوعشر الذي كتب أجمل أغاني الفنان الراحل إبراهيم الكاشف (وداعاً روضتي الغنّاء وداعاً معبدي القدسي) لحنتوب بعد نقله منها..

ومن الشعراء الذين ارتبطت أسماؤهم بحنتوب الشاعر الهادي آدم الذي عمل فيها أستاذاً للغة العربية وغنت له أم كلثوم قصيدته (أغداً ألقاك) ، وأيضاً محمد عوض الكريم القرشي الذي كتب كلمات (حنتوب الجميلة) ، والشعراء صلاح أحمد ابراهيم والنور عثمان أبكر ومحمد عبدالحي.

حنتوب كانت في زمانها مثل جامعة (أوكسفورد) البريطانية ذيوعاً وصيتاً ، في السودان وخارج السودان ، خرّجت طلاباً من أقاليم الشرق والغرب ، والوسط والشمال ، والجنوب على اختلاف أعراقهم وعاداتهم ، ولم تكن لأبناء السودان وحدهم ، كانت أيضاً لأبناء حضرموت ، واليمن ، والصومال ، وإثيوبيا ، ويكفي ان أول سفير للصومال بالسودان وهو عبدالرحمن محمد كان من خريجي مدرسة حنتوب.

مع خالص تحياتي .. ود..نقد ،،

أبونبيل
27-05-2012, 12:00 PM
وجه من بلادى

رجل الاعمال المعروف على دنقلا واحد من ابناء ودمدنى الذين تفتخر بهم سيدة المدائن

نقدمه هنا فى لمحات سريعه من موقعه فى الفيس بوك

رحمة الله عليه

ايمن عبد الله
28-05-2012, 05:56 AM
تسلم عمنا أبو نبيل .. بالجد اتحفتنا ..

يعطيك الف عافية .. ان شاء الله

محمود (أبو وضاح)
29-05-2012, 07:57 PM
معلومات ثرة وموثقة لحقبة تاريخية هامة من كرماء ونبلاء المدينة .

أبونبيل
10-08-2012, 02:46 AM
قلنا ما ممكن تسافر مابين أبو الأمين وفضل الله ... وودمدني


بقلم صلاح الباشا




كعادتها دائما تطل مقدمة البرامج اللامعة بقناة الشروق ( سلمي سيد ) وبإعداد أكثر روعة وبجهد توثيقي واضح الملامح تقوم به الرائعة رشا إبراهيم ولعدة سنوات خلت في معظم برامج الحوارات الفنية الرماضنية وغيرها والتي تهتم بالتوثيق للأغنية السودانية .

وها نحن الآن نتابع وبإستمتاع شديد الحوارات المتعددة المشارب في المسيرة الفنية للأستاذ الموسيقار ( إبن مديتنا ) محمد الأمين ، وقد كان للحضور الجميل من الأستاذ الشاعر الصحفي العريق فضل الله محمد كضيف علي الحلقات التي يتناول فيها مسيرته مع أبو الأمين ، نكهة خاصة ، علما بأن الأستاذ فضل الله وحسب صلتي اللصيقة به لا يميل كثيرا إلي الظهور الفضائي أو الإذاعي أو حتي تناول مشروعات أغنياته وقصائده الأكتوبرية النضالية كواحد من الطلاب مفجري إنتفاضة أكتوبر بالجامعة في 1964ن وقد أعتقل منذ اليوم الأول للإنتفاضة ولم يخرج من السجن الحربي إلا بعد بيان تنحي الرئيس إبراهيم عبود ، فرجع إلي ودمدني وفي الطريق جاء النشيد الأكتوبري الخالد ( أكتوبر واحد وعشرين .. يا صحو الشعب الجبار ).
و قد شهدنا الآن معظم حلقاتهما مع سلمي ومحمد الأمين ، فتداعت الذكريات تتري ، ذكريات ودمدني وبركات وفناني الجزيرة والنشأة والحراك الثقافي والفني الضخم الذي كانت تذخر به المدينة التي أنجبت عملاق الأغنية السودانية إبراهيم الكاشف وغيره ، والقائمة تطول .
وقد تحدث الإثنان ( محمد وفضل الله ) عن أيتها كانت الأولي في الظهور والإنتشار ، هل هي أغنية الحب والظروف المشهورة تحت عنوان قلنا ما ممكن تسافر أم أغنية بعد الشر عليك ؟ وللمفارقة فإنهما رجحا الكفة الخاطئة في الأسبقية ، وقد قمت بإتصال هاتفي من خارج البلاد في ذات المساء بالأستاذ فضل الله للتحية أولا وللثناء علي الحلقات، وبالتالي فقد قمت بإقناع فضل الله أن إجابتيهما كانت خطأ من ناحية التسلسل الزمني ، وقد رأيته قد إقتنع بعد أن سردت له معايشتي للأغنيتين فضحك الأستاذ وأردف قائلا : إنت مهتم بالتوثيق ، وكلامك صااااح .
حديثي مع الأستاذ فضل الله حول تسلسل ظهور الأغنيتين إستندت فيه إلي ذكريات الصبا الباكر لي بودمدني ، وقد كانت ولا زالت هناك علاقات تاريخية حميمة ما بيننا أهلي والأستاذين ، وكان قوام تلك العلاقة أخي الراحل الكبير الفنان حسن الباشا الذي ترأس إتحاد فناني الجزيرة حتي وفاته في مايو 1997م ، وبالتالي فإنني كنت شاهداً علي العصر لمعظم أو كل مسيرة الأستاذين العظيمين وغيرهما بالطبع . ودليلي علي ذلك أن أغنية الحب والظروف كنا نرددها عقب ثورة أكتوبر بشهور قليلة أي خلال العام 1965م وقد كنا وقتها في السنة الرابعة والنهائية بالمدرسة الوسطي ، أما أغنية بعد الشر ، وهي التي قام بتلحينها الأستاذ محمد الأمين فكانت في العام 1967م تحديداً بعد أن أصيب بكسر في قدمه ، وقد عاد علي إثرها من العاصمة إلي ودمدني حتي شفائه تماما حيث كنت قد سجلت له زيارة برفقة أخي الأكبر الراحل حسن الباشا بمنزلهم في حي ود أزرق بودمدني وقد كنت وقتها في منتصف المرحلة الثانوية بمدرسة ودمدني الثانوية .
كما أن ظهور نشيد ( المباديء ) المشهور بشهر عشرة حبابو عشرة ، قد أتي لاحقا في عيد ثورة أكتوبر 1967م حيث سبقه بعام كامل أي في عيد أكتوبر 1966م نشيد الإنطلاقة وبالتالي فإن محمد الأمين وفضل الله قد ترددا في ذات الحلقة عن أيهما الأقدم من الآخر وإنتهيا علي أن المباديء سبقت الإنطلاقة ، و لكن العكس هو الصحيح .
ونشيد الإنطلاقة هذا من حيث المحتوي يعتبر من أقوي الأناشيد السودانية علي إطلاقها لما فيه من مفردات تعبيرية ثورية عميقة وذات مضامين قوية وقد كان باللغة الفصحي ، وحتي اللحن كانت فيه جرعات عالية من الحماسة ( المجد للآلاف تهدر في الشوارع كالسيول .... يدق زاحفها قلاع الكبت ... والظلم الطويل ) إلخ .
كان أداء محمد الأمين لأغنية الحب والظروف في الحلقة هذه متفوقا فيه علي نفسه ، فبرغم أن الأغنية يتعدي عمرها السبعة وأربعين عاما وقد كان فضل الله وقتها في السنة الثانية بكلية القانون بجامعة الخرطوم ، إلأ أنني قد لمست فيها تجديدا في الأداء من أبو الأمين لم أعهده فيه من قبل ، كما أنه من الملاحظ أن مفردات النص كانت تحتوي علي لونية جديدة من التعبير لم يكن متوفراُ في أغنيات تلك المرحلة ، خاصة وأن معظم أشعار فضل الله محمد تجد فيها الأريحية في المعاني ، حيث تعطيك إنطباعاً بأنه يغزل في كلمات ونسة عاطفية جديدة وليست شعراً ( الغريب الساعة جنبك ... تبدو أكثر من دقيقة ، والدقيقة وإنت مافي ... مـُرة ما بنقدر نطيقها ) وهكذا .
شكرا سلمي ورشا وألف شكر لأبو الأمين وأبو وائل ، ومتعكما الله بنعمة العافية والسعادة بعد أن قمتما سويا بأكبر عملية تحول في مسار الأغنية السودانية نصاً ولحنا .

أبونبيل
05-10-2012, 10:12 AM
مشروع الجزيرة :
الماضي الزاهر والحاضر البائس والمستقبل المجهول ( 1 )

سلسلة مقالات توثيقية: بقلم صلاح الباشا

Barakat.1950@hotmail.com

غني عن الذكر أن الزراعة في هذا البلد هي عمود الإرتكاز الذي قامت عليه نهضة السودان الحديث بكافة مرافقه وخدماته وبنياته التحتيتة .. وقد كان ذلك واضحاً منذ دخول الإنجليز إلي السودان مع بداية القرن العشرين حين تأسست في لندن ما تسمي بشركة السودان الزراعية وهي شركة قطاع خاص بريطانية لتعمل في الإستثمار الزراعي لزراعة القطن تحديداً بالسودان بعد الفتح الإنجليزي المصري . لكن ما يدعو إلي التعجب أن الشركة لم تضع حصصأً لمشاركة الشريك الثاني في حكم السودان وهي الحكومة المصرية في عهد الملك أحمد فؤاد الأول الذي ورث عرش مصر من آخر خديوي ألباني من سلالة محمد علي .. خاصة وأن محمد علي باشا هو وأبناؤه وأحفاده من بعده يعتبرون حتي اللحظة هم واضعو لبنة بناء مصر الحديثة .
و كانت شركة السودان الزراعية المسجلة في لندن قد إكتشفت بواسطة خبرائها أن بلاد السودان تصلح جداً لزراعة وإنتاج القطن بكافة أصنافه ( طويل التيلة وقصيرها والقطن الأكالا ) .. لذلك فقد بدأوا زراعته بمشروع الزيداب - غرب النيل - في العام1901م ( ولاية نهر النيل حالياً ) وإستخدموا فلاحين وخبراء أمريكان ( زنوج) لتأسيس العمل وإدخال زراعة القطن بالزيداب حيث كانوا يستخدمون الطلمبات التي ترفع المياه من النيل لتصب في الترعة الرئيسية التي تنقل المياه إلي داخل الأراضي الزراعية ، كما أقاموا محلجاً لحلج القطن هناك .. ومن ثم يتم نقل بالات القطن بعد حلجه عن طريق مقطورات نهرية إلي محطة السكة الحديد بالضفة الشرقية للنيل ، ومن ثم بالقطار إلي ميناء التصدير ببورتسودان.
ولكن في الزيداب سرعان ما إكتشفت الشركة أن المساحات هناك لا ترضي طموحها نظراً للتمدد الصحراوي غرباً ( عشرة آلاف فدان فقط ) ، حيث أن الشركة الزراعية في بريطانيا كانت ترغب في كميات كبيرة من الأقٌطان بسبب إرتفاع خام القطن عالمياً في بداية القرن الماضي حتي لايحدث كساد في مصانع النسيج الإنجليزية بلانكشير وهو قطاع له مردوده المالي العالي للشركات والبنوك المساهمة في تأسيس تلك الصناعات ، ما حدا بشركة السودان الزراعية للتفكير في نقل التجربة لمنطقة السهول الفيضية الحالية ذات المساحات الشاسعة ، أو بما يسمي منطقة الجزيرة المروية ( ما بين النيلين) . وقد تم نقل محافظ مشروع الزيداب إلي مشروع مشروع الجزيرة وهو ( مستر ماركنتايل ) الذي خدم بالشركة الزراعية لأكثر من خسمة عشر عاماً بالسودان وقد إكتسب خبرة عالية في هذا المجال ثم عاد إلي لندن .
ونحن هنا حين نعود للكتابة في هذا المجال مرة أخري بعد مرور سنوات عديدة في طرقنا لهذا الشأن صحافيا وإليكترونيا حين بدأ الإهمال التنازلي من الدولة للمشرع العملاق، ثم والتوقف التام لمشروع الجزيرة العريق ، وإمتداد المناقل الذي أسسه الفريق إبراهيم عبود إبان فترة حكمه العسكري البحت للسودان للفترة ( 1958- 1964 م ) وقد كانت فكرة إنشاء إمتداد المناقل علي غرار الجزيرة ( مليون فدان ) هي من بنات أفكار الراحل المهندس ميرغني حمزة وزير الأشغال في فترة حكم رئيس الوزرء عبدالله خليل التي سبقت حكم عبود وخلفت حكم الأزهري بعد الإستقلال . نعود هنا للكتابة في هذا الشأن تارة أخري لأننا قد لاحظنا كثرة التصريحات من الحكومة بالخرطوم عن أهمية إهتمام الدولة بالزراعة وعن ضرورة العودة العجلي لها ، أو ما أطلق عليها بالنهضة الزراعية .. وذلك لإيماننا القوي جداً وربما لإيمان معظم المسؤولين بالدولة بأن الثروة النفطية الحالية أو القادمة لن تكون بديلاً للزراعة ، خاصة وهي مهددة بالنضوب ، وليست مثل بترول السواحل الخليجية التي لا تنضب علي عجل ، فالزراعة هي الأبقي ، بل هي الداعمة للوطن ولتطوره حتي تدخل بلادنا مجال الميكنة الزراعية بالكامل والذي يجلب الإكتفاء في كل شيء .. وحتي لاتصاب بلادنا بمرض هولندا الشهير حين أهملت الدولة الزراعة عند ظهور النفط لديهم ، فإذا بها تستورد الغذاء والكساء بأكثر من عائدات النفط ، فأصابها الفقر والحاجة ، فعادت بسرعة البرق إلي الزراعة المتطورة التي يصابحها تطبيقات الحزم التقنية وتوظيف الميكنة الزراعية في كافة مراحل الزراعة ، وبالتالي أصبح الناتج الزراعي والحيواني الآن يدخل لهولندا عائدات سنوية تصل إلي ثلاثمائة مليار دولار في السنة ، برغم أن مساحة هولندا لا تتجاوز نصف مساحة ولاية الجزيرة ... فتأمل !!!!
وهي ذات التطبيقات التي تضمنتها الخطة الخمسية في السنة الأولي لحكم الرئيس جعفر نميري ورفاقه حين طاف الخبراء الروس كل مناطق السودان لإنشاء ما يناسب كل منطقة من حركات تصنيع ، وإدخال الميكنة بالجزيرة ، ولكن الإختلاف السياسي الذي نشب سريعاً بين النظام والشيوعيين السودانيينوما تبع ذلك من حركة إنقلاب ، جعل الرئيس النميري يدير ظهره للتعاون الإقتصادي مع منظومة دول دول المعسكر الإشتراكي كلها بقادة الإتحاد السوفييتي، ما أدي إلي خروج الفكرة وأصحابها من السودان وإلي غير رجعة ، فتوقفت الخطة الخمسية السودانيية التي حددت بالأعوام ( 1970 – 1975م ) وقد كانت تتضمن ميكنة زراعة القطن بمشروع الجزيرة في كامل مراحل زراعته حتي مرحلة جني القطن وحلجه وتجديد المحالج الحالية بأخري حديثة .
وما يحفزنا أكثر علي طرق هذا الشأن الخاص بمشروع الجزيرة بعد أن تناول أمره العاملون بالمشروع وأهل الصحافة مؤخرا وقد أفردت له ( التيار ) العديد من الإستطلاعات الميدانية الناجحة ، هو أننا ننتمي جغرافياً وجذوراً لكل مناطق الزراعة المروية رياً صناعياً منتظماً منذ قديم الزمان ، سواء في منطقة الزيداب حيث موطن الآباء والأجداد ، وقد شهد الزيداب ميلاد الوالد الخليفة علي الباشا ونشأته الأولي وعمله بالشركة الزراعية هناك منذ العام 1904م ، ثم إنتقاله مع إدارة الشركة الإنجليزية لزراعة القطن بالجزيرة في الربع الأول من القرن العشرين ( 1907م ) وهو في فورة الشباب الباكر مع آخرين أتوا أيضا من الزيداب التي تعتبر بمثابة القلب لديار الجعليين ، حيث نشأنا وترعرعنا في تلك البلدة الجميلة ( بركات ) ، ويعتبر الوالد عليه الرحمة ( 1890 – 1987م ) هو المؤسس الأول لمشروع الجزيرة ، أو فلنقل للشركة الزراعية حيث أتي معه الأعمام الراحلين حاج أحمد عواض وحاج بابكر احمد وقد كان والدي أصغرهم لكنه كان يكتنز بذاكرة حديدية جلعت من الإنجليز يطلقون عليه ( قاموس الجزيرة ) ، وقد أجرت الشركة الزراعية المذكورة أعلاه عدة بحوث حول جدوي إمكانية نقل تجربة زراعة القطن إلي االجزيرة ، وذلك لعدة أسباب سنذكرها في حلقاتنا القادمة بإذن الله ،،،،،،،،


نواصل

أبونبيل
07-10-2012, 09:48 AM
مشروع الجزيرة ..
الماضي الزاهر والحاضر البائس والمستقبل المجهول ( 2 )

حلقات توثيقية: يكتبها صلاح الباشا
Barakat.1950@hotmail.com


بلا أدني شك أن إدارة شركة السودان الزراعية المسجلة في لندن في العام 1904م ولحاجتها الماسة إلي الأقطان نظراً لسيطرة بريطانيا علي صناعة النسيج والغزول في العالم القديم كما ذكرنا بالحلقة الأولي هنا ، قد قامت بنقل التجربة من مشروع الزيداب شبه الصحراوي إلي الجزيرة حيث السهل الفيضي المتسع والتربة الطينية الجيدة والمناخ السافنا الذي تحتاجه زراعة القطن وفقاً لدراسة التربة والطقس التي أعدت في ذلك الزمان بلندن والخرطوم ، فقامت الشركة الزراعية بتجهيز كل البنيات التحتية لإنجاح زراعة القطن بالجزيرة بعد أن تمت عدة تجارب أولية لزراعته بمنطقتي طيبة والبيارة طريق سنار حالياً ) وايضا تمت تجارب في أم سنط بوسط الجزيرة ( شرق بركات ) ، حيث تم ري مساحات القطن بالطلمبات من النيل الأزرق . وحين نجحت التجارب بدأ التفكير في الإستثمار الواسع لزراعة القطن تجارياً ، كما بدأ التفكير في توفير وسائل الري والمباني والمحالج والمعدات الأخري بالمشروع ، ما حدا بالحكومة البريطانية الداعمة للشركة المسجلة بلندن بأن تنشيء خزان سنار الحالي بعد أن أقنعت مجلس العموم البريطاني بتديبر تمويل كقرض للشركة بمبلغ ثلاث ملايين جنيه إسترليني لإنشاء الخزان ، لتحقيق غرضين وهما :
أولاً :
حفر ترعة رئيسية من الخزان بسنار تخترق كل مساحات الجزيرة وقد أطلقوا عليها الترعة الرئيسية ( ميجر كانال) كما تم بناء قناطر لحجز المياه فيها عند كل إحدي عشر كيلو متر طولي تقريباً تسمي في كل منطقة بالقنطرة الرئيسية ( تماماً مثل فكرة القناطرالخيرية في شمال القاهرة علي النيل بمنطقة الدلتا ) ثم تتفرع عند كل قنطرة قنوات فرعية تخترق التفاتيش ( الغيط ) ، كما حفروا الترع أبوعشرينات لتخترق الحواشات المخططة تخطيطاً عالي الدقة .. ثم تتحول تلك الترع لتصب في جداول صغيرة ( أبوستة) ثم إلي جداول أصغر لتتوزع داخل الحواشات لري الأرض بهذه الشبكة متناهية الدقة والتنظيم .. كما أقيمت قناطر أصغر في تلك الترع للتحكم في فتح المياه وفي قفلها حسب الحاجة للري وفق الخطط المعروفة في هذا المجال . وقد تم جلب العمالة الماهرة التي أسست تلك الشبكة المائية من صعيد مصر .. وتلعب وزراة الري الدور الأساس هنا .. لذلك ظلت رئاسة وزارة الري الفعلية حتي اللحظة بودمدني حيث يوجد المقر الدائم لوكيل أول وزارة الري .
** ثانياً :
توليد الكهرباء من خزان سنار( 15 ميغاواط ) لأنه من المعروف بأن توليد الكهرباء من الماء هو من أرخص وأسرع وسائل الطاقة. وذلك لإنارة العاصمة من محطة بري والتي سميت بشركة النور حتي وقت قريب قبل أن تتحول إلي الإدارة المركزية ، ثم الهيئة القومية للكهرباء حاليا ، ولإنارة عدة مدن أخري مثل بركات حيث توجد رئاسة المشروع ومارنجان والحصاحيصا حيث أسست محالج القطن ، وودمدني كعاصمة للمديرية الكبيرة القديمة (الأقليم الأوسط ) والتي كانت تشمل الولايات الأربع الحالية : الجزيرة وسنار والنيل الأبيض والنيل الأزرق. وكان يديرها محافظ واحد كان يسمي مدير المديرية ، والآن يدير ذات الإقليم اربع ولاة وأربع مجالس وزراء يبلغ عددهم أربعين وزيرا بلا عمل مهم غير الشجار والملاواة مع بعضهم ومع الولاة والمجالس التشريعية ، وجيوش من المعتمدين والعطالي الآخرين .
إن جدوي زراعة القطن بالجزيرة هو الذي قام بتحفيز الحكومة البريطانية بأن تنفق تلك النفقات الرأسمالية الباهظة لقناعتها بأن العائد من زراعة القطن وغيره من المحاصيل والخضر التي تعود للمزارع سيكون كبيراً وبالتالي يرتفع مستوي الدخل عند المزارعين.. بل أن إنشاء خزان سنار وما تبعه من ترع وقنوات ستظل أصولاً ثابتة مدي الدهر .. كما أن المشروع لايحتاج لبناء محالج في كل مرة أو مخازن أو ورش صيانة أو مكاتب ومنازل للعاملين أو سكك حديد داخلية لنقل الأقطان من الغيط ( الترماي ) . اي أن الشركة لا تحتاج أن تؤسس مرة أخري للزراعة بنيات أساسية تحتية ذات كلفة عالية ، بل تبقي فقط عملية تعميق الترع في كل عام وتطهيرها من الحشائش التي تمنع الماء من الإنسياب نحو الأراضي المزروعة ، وصيانة المحالج والآليات المختلفة الخاصة بالزراعة وبحراثة الأرض قبل بداية كل موسم زراعي جديد ، علماً بأن هذا النوع من الري يسمي بالري الإنسيابي حيث لا تدخل العمليات الزراعية فيه مجازفات الزراعة المطرية التي تعتمد علي نسبة هطول الأمطار الموسمية ،،،،،،
ونواصل

أبونبيل
18-10-2012, 08:58 AM
مشروع الجزيرة ..
الماضي الزاهر والحاضر البائس والمستقبل المجهول ( 3 )



حلقات توثيقة يكتبها صلاح الباشا

*************************************

من المعروف أن سكان السودان ومنذ قديم الزمان كانوا يمارسون مهنتي الزراعة التقليدية ( المطرية ) والرعي بمافي ذلك مساحات الجزيرة بمراعيها الواسعة في فصل الخريف .. ولكن وبقيام شركة السودان الزراعية ( بريطانية مسجلة في لندن ) للإستثمار في زراعة القطن بالسودان لتلبي
ة حاجات مصانع النسيج والغزل في
إنجلترا كما ذكرنا من قبل ، فإن الجزيرة وبعد إكتمال خزان سنار الذي تبنع منه الترعة الرئيسية لري أراضي المشروع والفرعية ، قد أصبحت الجزيرة منطقة جذب للعمالة من كل أنحاء السودان ، الماهرة منها والمتعلمة ، ـأو حتي التي ليست لديها قدرات ، ولكنها تجد التدريب والتأهيل من إدارة الشركة الإنجليزية ، جسب الحاجة للمهن المختلفة سواء في الورش ( نجارة – سباكة – ميكانيكا – قيادة تراكتورات ومحاريث وسيارات .. إلخ ) خاصة من شمال السودان ، حيث كان سكان الشمال يمارسون حرفة الزراعة في جروف نهر النيل بسبب سكناهم علي ضفافه منذ الأزل ، كما توافدت العمالة من غرب السودان ومن خارج السودان أيضاً ( شاد والنيجر ومالي ) وقد إستقروا في السودان منذ اجدادهم وحتي اللحظة حيث صاروا مواطنين من الدرجة الأولي منذ عقود طويلة ، بعد أن وجدوا فرص العمل في مواسم زراعة القطن وجني القطن ( اللقيط ) وفي العمل بالمحالج أيضاً ، ثم في زراعة الذرة والقمح والخضروات من خلال الدورة الزراعية المخصصة للمزارع في حواشات المزارعين المسجلين بالمشروع .
كما قامت الإدارة الإنجليزية بالشركة الزراعية بتدريب الشباب من خريجي المتوسطة علي العمل المحاسبي والكتابي وأعمال الإدارة والمخازن والهندسة الزراعية والميكانيكية.. ثم التدريب لوظائف مفتشي الغيط حين لم تكن تتوفر وقتذاك كليات للزراعة ، بل أن منهم من تم إبتعاثه للتدريب والتأهيل بلندن .
وبسبب توسع زراعة القطن بالجزيرة فإن 80% من صادرات السودان كان يمثلها القطن طويل التيلة هذا ولمدة سبعين عاماً حتي العام 2000م والذي شهد تدفق الثروة البترولية التي بسببها تم إدارة الظهر لمشروع الجزيرة فتركوه في مهب الريح عمداً وقلبوا له ظهر المجن ، حيث تكرر مرض هولندا في قلب أفريقيا هنا بالمسطرة ، فتخلصت منه هولندا ، لكن المرض إستفحل في السودان مثلما رأينا مؤخراً .
وفي الجزيرة في ذلك الزمان ، وبعد إنشاء خزان سنار ، تم إنشاء هيئة البحوث الزراعية بودمدني بعد دخول العلوم الزراعية الحديثة بالجامعة لتقديم الأبحاث الزراعية بالمشروع .. وقد كانت هيئة البحوث هي الجهة المناط بها تنفيذ العمليات الزراعية بالمشروع قبل إنشاء إدارة زراعية خاصة بالشركة الزراعية ببركات الرئاسة ، . ومدينة بركات الصغيرة والجميلة والهادئة في ذات الوقت والتي أقيمت علي نمط الريف الإنجليزي ، تبعد حوالي سبعة كيلومترات جنوب ودمدني العاصمة الإدارية للإقليم الأوسط القديم او لمديرية النيل الأزرق ( الإسم الأسبق ) ، لذلك كان معظم موظفي وعمال الشركة الزراعية يأتون من حاضرة الجزيرة ودمدني إلي بركات ومارنجان حيث توجد محاج القطن الخمس ، زائداً القادمين من القري المجاورة ، وفيما بعد توسع العمل ليجذب كفاءات علمية عديدة من العاصمة وغيرها ، فكانت أمنية كل سوداني متعلم أو نصف متلعم أن يجد وظيفة ما بمشروع الجزيرة .
كما أن نجاح زراعة القطن بالجزيرة قد ساعد في إدخال كافة الخدمات التعليمية والعلاجية والإنارة وتعليم الكبار ونقاط العلاج ( شفخانات ) لمعظم قري الجزيرة ، وتبدل حال المنازل لدي المزارعين ، والتي كانت تقام من الطين ، إلي منازل حديثة بالعقد والطوب الأحمر، وإنتشرت المدارس حتي الثانوية بقري الجزيرة ، وبالتالي أصبحت الجزيرة منطقة وعي تعليمي وثقافي وسياسي أيضاً بفضل ناتج هذا القطن الذي كانوا يطلقون عليه في مناهج وزارة التربية لفظ ( الذهب الأبيض ) ، فضلاً علي المكون الثقافي الناتج من تواجد كل قبائل السودان للعمل بالجزيرة ، فأصبحت الجزيرة بوتقة إنصهار وتزاوج بين كافة القبائل بالجزيرة وأدت إلي هذا التجانس الحالي للسكان بالجزيرة ، ماقاد إلي ذوبان للقبلية تماماً في وسط السودان حتي اللحظة ، مع ملاحظة أن الإنغلاق والعنصرية القبلية قد لاحت خطوطها بقوة الآن خلال العشر سنوات الماضية ، سواء في أطراف السودان أو حتي في قلب الخرطوم ، بل ربما عند أهل السياسة حكماً ومعارضة أيضاً ، فتجد كل قبيلة داخل كل حزب أو حتي منظمة تتكتل ضد الأخريات من القبائل ، ما أدي إلي عدم تطور الأحزاب التاريخية نهائياً ، فلجأ الناس داخل منظومات السياسة إلي الإحتماء بالقبيلة لتحقيق الكثير من المكتسبات ، وهم هنا لايدرون بأنهم في طريقهم إلي إحداث المحرقة الكبري للسودان القديم المتجانس جدا الذي إنصهرت فيه قبائل الشمال كلها منذ بداية القرن العشرين . وسوف يحتاج السودانيون زمناً وجهداً فاعلاً وصبورا لإزالة ظاهرة التشوهات القبلية التي طفت مؤخرا علي سطح الأحداث وإعادة حيادية وطهارة الخدمة المدنية والعسكيرة وحتي الأمنية ، ولإعادة توازن التصالح القبلي الذي كان يطغي علي الحياة السياسة والإجتماعية بالسودان كله ، وقد ينجحون في ذلك ولكن بعد إنقضاء زمن طويل جداً .
وربما لا يعرف أهل الخرطوم ، خاصة بعض أهل الحكم وحتي أهل المعارضة في المركز وبعض أهل السودان الآخرين أن من مميزات زراعة القطن بالجزيرة أنها قد خلقت صناعة سودانية خالصة بعد خروج المستعمر وتأميم الشركة الزراعية في العام 1950 م ليحل محلها ما يسمي الآن ب( مجلس إدارة مشروع الجزيرة ) .. وقد تمثلت التنمية الصناعية التي تعتمد علي خام القطن في قيام العديد من مصانع النسيج ومعاصر الزيوت بالجزيرة وفي السودان كله ، ما أتي بفوائد جمة إجتماعية وتنموية إستراتيجية سنذكرها لاحقاً ، وحتي البنية التحتية للسودان الحديث قد كانت بفضل ناتج بيع القطن هذا ، المدارس والجامعات والمعاهد العليا والسكة الحديد والخطوط الجوية والبحرية السودانية والطرق والاٌنارة داخل المدن والخطط الإسكانية ، وبناء جيش قومي قوي ومتوازن وقوات نظامية عديدة ومراكز بحوث وأجهزة إعلام متطورة ، ومواعين ثقافية وفنية ، وأندية وأستادات رياضية كانت تأتي بالبطولات ، وخدمة مدنية ذات تقاليد قوية وراسخة ، وبعثات للدراسات العليا في كافة التخصصات .. نعم كل ذلك كان بفضل زراعة القطن في الجزيرة وعلي مدي سبعين عاما متواصلة ،،،،
ونواصل

أبونبيل
03-11-2012, 12:26 AM
15149


زيارة مجلس السياده لمدينة ودمدنى

أبونبيل
26-11-2012, 01:58 AM
كلمة عمر الحاج موسى ( رحمه الله ) فى إفتتاح تلفزيون الجزيرة


أهل مدنى ... عيوننا ... أرواحنا ... أيدينا ... سِـرّنا ... جهرنا ... كلها عشاق أحييكم وأسلم عليكم وأتمنى أن لو كان فمى فى يدى .

الأخوة الزملاء ... السيدات والسادة ... من مدنى حسناء الجزيرة وغادتها أحييكم ، من مدنى الـسُّـنـِّى الراقـدة على شاطىء النيل الأزرق مستحمة من مائه ... مستجمة على رماله ... مستدفـئة بحبابه ... مستـكـنة فى رحابه ... متوسـدة تربه وترابه ... حرفه وجرفه ... منها ... من مدنى أحييكم ويحييكم معى المشاهدون لحفلنا الحافـل الحفيل هذا ... إخوانكم وبناتكم وعمّاتكم وبنات عمّاتكم أراهم هناك صامتين مطرقين حامدين شاكرين ... هناك بدءاً بحنتوب التى تجلس بجانب مدنى كالهمزة على سطرها وصدرها ... جنوبـاً إلى سنار فكوستى ... ثم شمالاً لتحتضن المنطقة الرابضة بين ذراعى النيل الخالد ... أبيضه وأزرقه ... هى الجزيرة ... هى المنطقة التى كان وسيظل لها دور الريادة والزيادة .

أنجَـبـتْ ومابَـرحَـتْ ... أعـطـَتْ وما إنـفـَكَّـتْ ... جَـادتْ ومافـَتِـئـتْ .

أنجبت ومابرحت السُّـراى أهل التـُّـقـَّـابـة والمسيد ... محمد ودمدنى ... دشين قاضى العدالة ... الشيخ الجنيد ... الشيخ أبو وداعة ... الشيخ الضرير ... الشيخ حلاوى ... الشيخ عمر ... الشيخ أبو قرون ... الشيخ أبو شيبه ... الجمرى ... بطران ... شـُمُّـو ... القدال ... عبد الباقى ... عوض السيد ... عوض الجـِـيـد ... عوج الدرب ... المسَـلـَّمى ... الكـِشـِّيـف ... المشمر ... تمساح التـُّرُك ... ودعيسى ... ود كـنـَّـان ... ود مضوى ... ود نفيع ... ود الترابى ... ود الشافعى ... ود بساطى ... ود ضيف الله ... ود عويضة ... ود خمجان ... ود نور الدايم ... ود التـِّكِـيـنـة ... فرح ود تكتوك ... دفع الله ود أب إدريس ... عبد الله ود أم مريوم ... برير ود الحسين ... هجو ود البتول ... قرشى ود الزين ... المسَـلـَّمى ود أب ونيسة ... الشاذلية ... السمانية ... القادرية ... الهندية ... الأنصار ... شيوخ الدباسين ... اليعقوباب ... الحسانية ... الركابية ... الحلاوين ... العركيين ... المسلمية ... والأعتذار لمن فاتنى ذكرهم فهو العالِم بعدتهم .

أعطت وماإنفكت الشعراء والأدباء ... الهادى أحمد يوسف ... أبو عركى ... ثنائى الجزيرة ... الكاشف ... أحمد الطيب ... حسين الزهراء ... الـمـَسـَّـاح ... محجوب عثمان ... الخير عثمان ... محمد الأمين ... عوض الجاك ... البنـَّا ... أحمد يوسف نعمة ... البوشى ...أحمد طه الفكى ... أحمد على طه ... جقود ... إبراهيم عمر الأمين ... رمضان زائد ... رمضان حسن ... حِمِّيدة أبو عُشر ... عمر محمد سمباى ... توفيق البكرى ... عمران ... الطيب بابكر ...عشامة ... محمد مسكين ... محمد الأمين القرشى ... حسن عبد اللطيف ... محمد عثمان عبد الرحيم ... حامد العربى ... إبراهيم مدنى ... بابكر صديق ... بابكر بدرى ... أحمد سالم ... عبد الحليم على طه والشريفة بت بلال .

ومن شعراء النومسوه : أبو كساوى ... ود تميم ... القـلـَّـع ... ود عبد الملك ... الشيخ حياتى وود سعد .

الجمعية الأدبية ... المهرجان الثقافى ... الدعوة لمؤتمر الخريجين ... حنتوب ... بخت الرضا ... الأبحاث ... بركات .

جـادت ومافـتـئـت الثـوّار ... الأرباب دفع الله ... أحمد وعامر المكاشفى ... ود الصليحابى ... ود برجوب ... المهدى ... ود حبوبة ... القرشى ... المزارعين ... العمال والطلاب .

وحضنت أجمل الناس ... الشنابلة ... الحضور ... السناهير ... الحلاوين ... العوضية ... العايداب ... الجعافرة ... الدباسين وناس ود اللـِّدِر .

وأهلى فى الجزيرة سيدى الرئيس نايرين وزينين ... طيبين وسمحين ومتسامحين ... حمالين شيل وحلالين شِـبـك وأخوان بنات ... يبشرون للثورة ويبشرون بها ... ويتحزمون لها ... ويغيرون عليها ... فهى لهم القوت والعشم والعَـشـا ... وهى الرجاء والأمان ... هى النجدة والفزعة والنديهة .

لأطفالها : هى اللبن وهى اللبا ... هى الحفيظة وهى القلادة ... هى الحُجـا وهى الحجاب وهى اللوح والشرافة .

لزرّاعها وعمّـالها : هى التاتيبه وهى القِـسِّـيـبـه وهى السويبه ... هى الرخـا وهى التخـا ... هى الدخرى وهى البكرى ... هى المطمورة وهى الشونه ... هى العـد وهى السرف ... هى الجَمَّام وهى المترة ... هى التساب وهى أم رويق ... هى العبادى وهى الدعاش هى الحمله ... هى الشراية هى اللبنه ... هى السُّـقـْدة هى الـلـقـدة ... هى الشايه وهى التايه ... هى القمح وهى القطن ... هى المُـقـُد وهى السمسم .

لشبانها وشاباتها : هى النم هى الدوباى هى الشاشاى ... هى الشوف وهى الشاف ... هى الـحُـق وهى الحَقو ... هى العديلة وهى الجَبيرة وهى الحَريرة وهى الضَريرة وهى الوزيرة .

ولشِـيبها : هى العمار وهى العمار ... هى الودعة وهى الطية وهى العافية ... وأحباؤك هنا فى الجزيرة يكيلون فريك حبهم للثورة بالأردب ... وخضرة أملهم بالحواشة ... وعِـيـنـة خريف رجائهم بالجبهه والطـَرْفـه والخيرصان ... لابُـتـَّاب فى حب حبهم ولابـُور فى خضار أملهم ... ولا رهاب فى حقيقة رجائهم ... وهم لخير السودان يحرثون الأرض ويحلبون الضرع ويجمعون الزرع ويفرعون الفـرع ويلملمون الماء فى أب سته وأب عشرين فهو الحبيب القادم عـبـر الوهاد والنهاد والنهود خلاصة دموع عيون المكاده .

والشكر لك ولجمهورية ألمانيا على كل ماقدمت وستقدم ونحن مدينون لها بتلفزيون أم درمان والجزيرة ... ونريد أن نكون مدينين لها بتلفزيون كسلا وعطبرة وهم فاعلون .

والشكر لأهل مدنى ولأهل مدنى ولأهل مدنى فقد بردت ظلال ذراهم لنا وإحلولى جنى نعماهم لنا وصفا جمام نداهم لنا وموضع السجده والسنده فى الشكر لك سيدى الرئيس .

رجاؤنا أن تكون المحطة خيراً وبركة على الجزيرة ... أن تكون أنسـاً للياليها ... مُثـقـِّفـاً لبنيها ... مُعلمـاً لعُمالها ومُزارعيها ... منبراً لأدبائها ... قيثارة لشعرائها .

السادة المدعوون لنفرح بهذا اليوم فهو تجمعت فيه الرجال والنساء والأطفال ... حضنوا الطنبور ودقوا الدنقر ونقروا الشتم وإستافوا طيب المِسك والجلاد .

يوم يهنىء فيه الصغار الكبار ويهنىء فيه الكبار الصغار ويهنأ فيه الكبار والصغار ... وفيه تـُنـاغِـم العذارى العذارى ... ويستنفر الشباب الشباب وفيه يخرج البشر بشيشه ويهز العطف عطفه ويذر ذر الفرح عطره وفيه يشدو الصفاء ويصفق الهناء ... وترقص البهجة ويبشر البشر وفيه تزغرد السعادة للحاضر الأخضر والغد المعطاء .........
ودامت الأفــــــــــــــــــــــــــراح ..

ودالعمدة
23-02-2013, 09:45 AM
بوست توثيقى لأم المداين كامل الدسم
متعك الله بالصحة والعافية الغالى أبونبيل

أبونبيل
16-03-2013, 05:13 AM
مشروع الجزيرة.. عقود الازدهار تفنيها سنوات الإهمال

(http://www.alsahafa.sd/details.php?articleid=56813#56813)

الخرطوم: ودمدني: محمد سعيد: بدر الدين عمر:الصحافه


على قضبان تراصت في مسافة 300 كلم طولا وعرضا لتغطي 2,2 مليون فدان هي مساحة مشروع الجزيرة اكبر مزرعة مروية تحت ادارة واحدة في افريقيا، كانت القطارات تنقل القطن وتوزع الوقود والمبيدات على اقسام المشروع بعناية فائقة لتشكل المحالج منصة لتصدير القطن السوداني ذائع الصيت واستجلاب العملات الاجنبية.
لكن شبكة سكك حديد الجزيرة اصبحت الان في خبر كان مثلها مثل البنى التحتية الاخرى للمشروع كالمحالج والهندسة الزراعية والورش التي طالتها سنوات من الاهمال وسوء الادارة.
وبعد عقود من عهد حفل بالانتاج الوفير تحاول الحكومة انعاش المشروع الذي تراجع بشكل غير مسبوق في الآونة الاخيرة وسط تحذيرات خبراء بضرورة انتهاج خطط فنية بمعزل عن القرارات السياسية والعمل على نحو عاجل لتأهيل البنيات التحتية لمشروع الجزيرة.
واعرب رئيس لجنة تقييم وتقويم الاداء بمشروع الجزيرة تاج السر مصطفى عن اعتقاده بأن مهمة لجنته، التي لم تسلم من حنق الرأي العام في ولاية الجزيرة، ليست «مستحيلة وصعبة» لانعاش المشروع واعادته كما كان .
وقال الرئيس الاسبق لنقابة عمال السودان تاج السر عبدون لـ»الصحافة» ان عودة بنيات السكك الحديدية امر مستحيل لانها بيعت و»شلعت» من على الارض ولم تعد موجودة كما كانت، واضاف «السكك الحديدية كانت تمتد من سنار وحتى الباقير على تخوم الخرطوم بمسافة تصل الى 300 كلم طولا وعرضا وتشطر المشروع الى نصفين».
لكن عبدون الذي افنى سنين من عمره عاملا في المشروع، يرى ان انعاش المشروع ممكن اذا تمت اعادة علاقة الانتاج بين المزارع والحكومة بتقسيم العائدات كما كانت بنسبة 40% للمزارع و40% للحكومة و10% لادارة المشروع و2% للخدمات الاجتماعية كما نصح بتأهيل المحالج واستقدام جرارات ذات طراز حديث لاعمال الهندسة الزراعية.
وعلى انقاض مصنع انجليزي لحلج الاقطان حكى عامل سابق لـ»الصحافة» ان المحالج كانت منصة رئيسية لتصدير القطن وجلب العملات الاجنبية وتأمين تكاليف معيشة السودانيين.
وقال «كان الجنيه السوداني يساوي 3 دولارات اميركية.. هذا المشروع كان ينعش جيوب السودانيين وكانت العمالة الموسمية تتوافد من الغرب والشرق ودول الجوار» وتابع «لا يمكنك ان تستقدم شركة خاصة لعمليات الري والاستغناء عن مؤسسة الحفريات العملاقة التي كانت تنفذ عمليات على نطاق افريقيا» واضاف «اذا ارادت اللجنة ان تنهض بالمشروع عليها النهوض بالنظام الكلي للمشروع بتطوير المحالج والهندسة الزراعية والورش والمزارع والعامل والسكك الحديدية والزراعة والقنوات واعمال الري».
وقال عبدون ان اللجنة التي تعمل على تقييم القانون تضم عناصر شاركت في عملية تدهور مشروع الجزيرة وبالتالي فإن تعيينهم في اللجنة يعتبر خصما على عملية الاصلاح على الرغم من انها تضم عناصر فاعلة تتمتع بكفاءة عالية وقادرة على اتخاذ القرارات الفنية بشجاعة مطلقة.
وقال رئيس لجنة تقييم الاداء بمشروع الجزيرة تاج السر مصطفي ان اهداف اللجنة التي تصب في تقييم اداء المشروع منذ العام 2000م الى 2012م مع وضع الاجراءات القانونية حول تطبيق وتنفيذ قانون المشروع لسنة 2005م ووضع الرؤية المستقبلية .
وقال مصطفى لاعلاميين بودمدني امس «نريد ان نصل الى تقرير عبر جمع المعلومات ليخدم عمليات الاصلاح في المشروع»، كما قال في لقاء مع بعض المزارعين بمشروع الجزيرة «ان اللجنة حريصة على تلقي مقترحات المزارعين».
وطالب الاعلاميون، اللجنة بمحاسبة المتورطين في دمار مشروع الجزيرة عبر قانون مشروع الجزيرة لسنة 2005م ومضى بعضهم الى ان القانون يخدم اجندة للنيل من مواطن الجزيرة عامة ومواطني ودمدني خاصة للونها السياسي، وقالوا ان دمار البنيات التحتية للمشروع بعد القانون افرز سلبيات اجتماعية وصحية واقتصادية.
وابلغ رئيس اتحاد مزارعي الجزيرة والمناقل عباس عبد الباقي الترابي اعضاء اللجنة عن مشاكل ومعوقات الري في ظل المساحات الشاسعة للمشروع في مساحة تقدر بنحو 2.2 مليون فدان وقال «يجب وضع رؤية تكاملية حول انسياب مياه الري من خزان سنار على القنوات الرئيسية والفرعية» وقال «هناك حوالي 1160 رابطة للمياه في مشروع الجزيرة».
وقال عبدون ان عمليات الري تحتاج الى نظام متسلسل بدءا من خزان سنار لري المشروع بالتدرج والانتقال الانسيابي بسلاسة من القنوات الرئيسية الى الفرعية واضاف «ما يحدث حاليا ان هذه المنظومة انعكست تماما».

الزبير محمد عبدالفضيل
16-03-2013, 11:31 PM
مشكور استاذ نبيل علي هذا التوثيق والله يرحم اكبر مشروع في افريقيا

أبونبيل
18-02-2014, 12:37 AM
الدايات بمدني لعلنا نتذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر حاجة عائشة حمـد (شيخه وكبيرة دايات ودمدني )، امرأة من النوع الذي يزن عشرة رجال .. تلك المرآة العَلَم التي تعتبر رائدة لهذه المهنة بالمدينة تخرجت في مدرسة الدايات بأم درمان في عشرينيات القرن الماضي .. كانت لها شخصية قوية ونافذة .. متمكنة من مهنتها بشكل كبير .. فهي خبيرة و متمرسة .. وتحسن التصرف .. لذلك وفي مرات كثيرة كانوا يستعينون بها بعنبر القانية (عنبر الولادة ) في حالات الولادة المتعسرة ... وإذا دخلت غرفة الولادة .. الكل يقف بعيد ويتفرج فقط ، ويتركونها لتتصرف ، وهى هنا تتصرف بحكمة وتروي .. وتستطيع بهدوء أن تجد مخرجاً لكل مشكلة تقابلها ... وفي كل الحالات فهي تعرف تماماً ما ينبغي عمله ولديها العلاج الناجع لكل ما يطرأ من صعوبات أو طوارئ .. وغالباً ما تكون النتيجة مُفرحة .. وتعم الفرحة بعد الانقباض والتوتر .. لذلك لم يكن مستغرباً أن تضرب شهرتها الأفاق .. وأن يتهافت عليها الناس .. بخاصة علية القوم وكبار موظفي الدولة حتى الخواجات منهم مثل مدير المديرية وباشمفتش المركز وغيرهم .

وكان لهذه المرأة الحديدية مكانة مرموقة في مجتمع المدينة .. تقدم لها الدعوة في المناسبات الرسمية للدولة تراها بمظهرها الأنيق وثوبها ناصع البياض .. ومنديل الدايات الأزرق حول عنقها وهو على فكرة يشبه لحد كبير منديل الكشافة .. ومجلسها في تلك المناسبات الرسمية يكون دائماً في الصفوف الأمامية .. وقد كرمها الرئيس الأسبق نميري بمنحها وسام الجدارة من الطبقة الأولى ـ منزلها مقابل لطلمبة شل محمـد فضل شمال إستاد ودمدني ، وهي جدة التيمان حسن وحسين ميرغني ـ ، والملاحظ أن جميع بنات أســرتها انخرطن في هذه المهنة بنتها صفية وهي بدورها ورثتها لبناتها "حنينة وبخيتة وبثينة وبدرية ميرغني " .

وثاني أهم داية بالمدينة كانت المرحومة ست عرفة ( عرفة حسين محمود صالح ) رئيسة الدايات الشهيرة بود مدني ـ تسكن بحي البان ـ وست عرفة في الأصل حلفاوية .. إذ ولدت بحلفا القديمة في عام 1921م .. ونالت شهادة التدريب Sudan medical serrvice nurses certificate عام1941.. ثم تخرجت في مدرسة الدايات بامدرمان عام 1943م .. وفي عام 1954م نالت شهادة التمريض العالي،نقلت بعدها لود مدني في عام 1955م لتعمل بمكتب حكمباشى صحة المديرية كمفتش للتمريض والدايات... ثم صارت رئيسة للدايات .

وست " عرفة " امرأة قوية الشخصية .. كلمتها نافذة ومسموعة لدى الوزارة وبين الدايات .. ومما اشتهرت به اهتمامها الكبير بأناقتها ومظهرها ، وقد أدارت بكفاءة عالية مدرسة الدايات بحي بانت .. حتى تقاعدها للمعاش لبلوغها السن القانونية في عام 1976 .. وتوفت لرحمة مولاها فيما أذكر في عام 1983م .. ومن الطبيعي أن تأخذ عنها المهنة بنت أختها " ست العيلة " فصارت بعد تخرجها في مدرسة الدايات داية إشلاق البوليس .. وهى والدة عضو المنتدى " محمد عبدالله عبدالقادر " .

ومن الدايات اللاتي كانت لهن شنه ورنه في ذلك الزمان الجميل " ست ستونة " .. باشلاق البوليس .. وكانت تحظى باحترام وتقدير قبيلة الشرطة (من سكن منهم بالاشلاق ، ومن سكن خارجه ) من المدير حتى أصغر مستجد .. وقد ولدت جل نسائهم .. ثم صارت فيما بعد مديرة لدار رعاية الأمومة والطفولة باشلاق البوليس .
" ست ستونة " هي والدة الفنان الجميل الأستاذ " محمد السني دفع الله " .

من الديات اللاتي اكتسبنا شهرة كبيرة أيضاً في ذلك الزمان فاطمة عثمان عبد القادر " بت كُشنه " وتعتبر من الرعيل الأول من الدايات بود مدني ، وأبنتها آسيا عثمان سربل بالقسم الأول .

وآسيا سربل .. أو آسيا بت كوشنة كما يحلو للكثيرين تسميتها بذلك ، والدة قطب النيل مدني " طلال أحمـد ستيبة " .. وكانت متحضرة ومثقفة لدرجة كبيرة .. كما كانت متميزة بين دايات المدينة ، ولذلك كان أغلب عملائها من الطبقات الراقية بالمدينة ، نافستها في ذلك بجدارة الداية " فوزية " بالقسم الأول والدة همري وهود .

وهناك بنات داؤود "عائشة وفاطمة " والأخيرة والدة الأستاذ " طه عابدين " بزقاق الفيوماب بالقسم الأول ، أما فاطمة علي شرف الدين " حنون " فمكان نشاطها حي ود أزرق وهي والدة الأستاذ ياسر أحمد علي البدري المحامي .
واشتهرت كذلك كريمة الداية بالقسم الأول شرق مدرسة البندر ، وبالمزاد فاطمة وشقيقتها المرحومة بثينة التجاني وفوزية سلامة .

وبحي البحيرية كانت الداية الأكثر شهرة هي الحاجة الدون زكريا ـ شغلت منصب رئيسة الدايات ـ وقد ورثت المهنة لابنتها "ميمونة" .. والدة الفنان التشكيلي " خالد صديق بحيري " .. ولأعب الهلال السابق " حداثة " .

وبحي الموظفين غرب المستشفى كانت سستر بتول والتي أتت بتقنية جديدة خاصة في طهور البنات وأمور النساء الأخرى ، ومعها بعنبر الولادة أيضاً سيستر فتحية علي فرح .

وهناك ( حاجة الشول ) ـ والدة السياسي الاتحادي المعروف المرحوم/الأستاذ أحمد إبراهيم حمد ، والأستاذ يوسف إبراهيم حمد المحامي ـ امرأة من النوع النادر ، والناس دائماً يذكرونها بالخير وبالمواقف النبيلة .. ويقال إنها ولدت معظم نساء العشير وأم سويقو ، وهي بدورها ورثت المهنة لابنتها (كتيرة)زوجة عابدين الحاج بحي العشير .

وهناك الداية سعاد محمد الحاج الشهيرة بسعاد ترقاوي ، وكلتوم التهامي ، وبت مليم بحي الهوارة .
أما بجزيرة الفيل فنجد زهرة عبد الحي أول داية بجزيرة الفيل وهي رائدة في هذا المجال من زمن " الولادة بالحبل " وهناك أيضاً أمنه الأمين ، وعائشة الرزيقي،وبحي بانت كانت الداية فاطمة عبد الله ، وحالياً فأن مديرة مدرسة الدايات بود مدني هي فاطمة عثمان " كاكا " بحي ود أزرق . وهناك سيستر فائزة وسيستر شادية عمر .

وذائع صيت زينب خير الله كرئيسة لعنبر الولادة وهي امرأة لها شخصية قوية ، وهناك مستقيمة أحمــد وفاطمة بنت الفكي وخادم الله الفكي ، وعائشة مُسور ، أيضا هنالك كتيرة الكرسني وأسيا سعيد سعد بالدباغة وسيده علي وعوضية يحيى بالحلة الجديدة .

ahmed algam
18-02-2014, 01:17 AM
شكرا الاستاذ والاب عصام الدين عابدين حمدتو


لهذا الابداع في التوثيق لهذة المدينة


ودمدني

أبونبيل
19-03-2015, 12:39 AM
شكرا الاستاذ والاب عصام الدين عابدين حمدتو


لهذا الابداع في التوثيق لهذة المدينة


ودمدني

شكرا لك الابن احمد علقم مع تحياتي

أبونبيل
24-03-2015, 01:24 AM
الفنان ابوعركي البخيت

( نسخة مصححة ) عبد الله محمد عبد الله


الى السرالملك ،

ما كتبت عن عركى هزنى كما اغنياته التى تحوصلت فى اعماقنا مطمئنة فى صدف الذكريات . يا لعينك المبصرة و كاميراك المطيعة .. اخرجت لنا عركينا الذى نعرفه كما عرفناه ، بوضوحه و سهومه و صمته وابتسامته و قبضته المميزة للمايك ....أيقظت فى ذهنى صورا رانت فوقها سنوات طوال ، و سأكتب هنا ما تيسر ايفاء بوعدى لك .

خواطر فى التجربه العركية :

ابو عركى البخيت ، كان رأس الرمح فى حركة للتجديد الموسيقى قوامها فنانون و ملحنون زاوجوا بين دراستهم للموسيقى و موروثهم الغنائى ، استعانوا بعلوم الصوت و التأليف و التوزيع الموسيقى فى اعمالهم ، والتزموا بخماسية المقام مع اضافة هنا و هناك لنغمة سادسة او سابعة ، فاستعذبت الاذن من خلال غنائهم صوتى تحت المسيطر و الحساس ، ( الدرجة الرابعه و السابعة ) دونما تكلف او ابتذال ، ومهدوا لما نستمع اليه الآن من أغان لا تتقيد كثيرا بالخماسية غناء و عزفا .
و حتى لا نظلم الرواد ، فقد احتوت بعض اغنياتهم على احد هذين الصوتين فى بعض أجزائها ، كما فى بعض اعمال الكاشف و التاج مصطفى ، لكننا لا ندرى ان كان ذاك مما اجترحه الكاشف و التاج أو سواهما ، فقد مال البعض الى تغليب الدور الذى لعبه عازف القانون مصطفى كامل فى صنع تلك المقاطع التى لا نوقن ان كان ورودها قصدا او محض صدفة . فقد قدمت السينما و المذياع الى الاذن السودانية موسيقى العالمين العربى و الغربى منذ وقت طويل . و اذا اخذنا بالاعتبار ان العود كان الالة الاولى و ان معلمى العود الاوائل كانوا من المصريين و الشوام ، يصبح من المزايدة الادعاء بأن أوائل العازفين و الفنانين لم يكن لهم من المام بغير المقام الخماسى ، و يظل الجدل قائما ما ان كانت ( انصاف التون ) تلك قد جاءت نتيجة العمل على مقام سباعى أو لمجرد استخدام التتراكود أعلى كان أم أسفل فى اطار اغنية خماسية الاساس ، مما ينتج عنه نغمات عابرة ليست أصلا فى المقام المستخدم . و ما لنا نذهب بعيدا ، فالاقوام الذين احتوتهم العاصمةالمثلثة فى القرن المنصرم ، جاء الكثبرون منهم اثناء المهديه من قبائل ومناطق ما زالت اغانيها تعبر عن مقام يتعدى الخماسى .
يقف عركى على رأس تلك القائمة ، لمما حققته اغنياته من انتشار و ذيوع فقد علت اغنيته ( بخاف ) عند انطلاقها على ما عداها ، كانت ارهاصا بطور جديد فى مسيرته و مسيرةالاغنية عموما و صارت أنشودة للشباب ، فاصطف الناس مع بخاف و ضدها كلاما و لحنا . عمنا المرحوم شيخ ريا قال ( والله الولد ده صوته جميل و لحنه اجمل .. لكين راجل قدر ده يقول بخاف .. ما تكلموه يفير كلامو ده .. ما يقول بدور .. بخاف دى ما مظبوطة ) و شيخ ريا هو من نظمت فى زواجه اغنية سرور ( شيخ ريا حسبك من فخر .. ليك البدور ساجدات تخر ) عاصر الحقيبة منذ بداياتها و كان صديقا لكبار الفنانين . كيف اهتم باغنية عركى وصولا لانتقاد كلماتها ؟ قال : ( والله صوتو قومنى من برش الصلاه ، شدانى ، بقى لى زى صاحبة ابو العتاهيه القال فيها قل للمليحة فى الخمار الاسود) .

و عركى الذى ظهر عبر الاذاعة منتصف الستينات ،لافتا الاسماع بصوته المميز، و أدائه المنضبط ، ولج الساحة واثقا ، بعد أن اجتاز فترة المران و الاختبار فى وادمدنى التى اتحفت العاصمة قبله بمحمد مسكين و محمد الامين امتدادا للكاشف و رمضان حسن و الخير عثمان ، بل ان صداقة العمر التى ربطت بين الراحلين جمعة جابر واسماعيل عبدالرحيم ، و الاستاذ محمد آدم المنصورى قد بدأت بها...و لنزد ودمدنى مدحا على مدح ، فقد قضى بها كرومة بعضا من عمره القصير.
فى صوت عركى نقاء شابته أنفة ، وهو صوت جلى النبرات متسع المدى ، ضاعفت الدراسة و المران من قوته بريقه ، و وثقت من ثقة عركى فيه و وعيه بمكوناته ، وقد أعانه اسلوب حياته المتقشف البسيط فى الحفاظ عليه نقيا قويا ، فظل صوته صوته على مر العقود . ولعركى اسلوبه الخاص، الذى يصبغ به اغانيه ، فيصعب تصورها بصوت آخر ... تأمل ( جبل مرة ) من الحان عبدالكريم الكابى و ( عزة فى هواك ) لخليل فرح ، و ما أضافه اليهما عركى . ألا يدخلنا هذا فى باب ما أطلق عليه الراحل على المك ( الاستعمار الغنائى ) فى وصفه لما يفعله ابوداؤد بأغانى الاخرين اذ يؤديها فتصبح داؤدية صرفا ؟
بذل عركى لنفسه من الالحان النفائس متخيرا من الشعر ما أكسبه بين أقرانه صفة الطليعية و الرياده. هنا ، تلامس تجربة عركى محمد وردى و محمد الامين و مصطفى سيداحمد من حيث انتباههم الى ان الرباط بين الشعر و الموسيقى لا انفصام له صعودا و هبوطا ، و هيهات ان يحتمل قديم الشعر جديد النغم أو أن تعبر الصيغ الموسيقية الموروثة عن مضامين الشعر الجديد. و ما يميز عركى انه شاء ان يسير الى منتهى الشوط ، ومضى يكثف من نسيج موسيقاه حتى خال البعض ان عركى بتداخل خطوطه اللحنية و الهارمونية و تقاطعها و تحاورها قد تجاوز حدود ما يحتمله الغناء ، و انتقل الى مطلق التأليف الموسيقى ، الذى يتوسل الى اذن المستمع بما هو فوق الوضوح و السلاسة و العذوبة ، و أنه يرهق مستمعيه بما لا يطيقون . و هو قول لا يسنده الواقع على اطلاقه ، فقد تنامت قاعدة مستمعى عركى عبر السنين ، مما يدل على ان آذان المستمعين ليست قيد مرحلة من التذوق لا تتعداها ، فالعلاقة بين ما يقدم المبدعون و ما يستحسن الجمهور هى علاقة شائكة بينة التعقيد .
ومن ناحية اخرى فليس بعيدا عن الصواب القول بأن كثافة الخلفية الموسيقية و تعقيدها ، تخلقان صراعا بين عنصرى الاغنية ( الكلمات و الموسيقى ) و تخلان بالتوازن الموضوعى بينهما ، وفى تشبيه استعيره من الصديق التشكيلى الباقر موسى ، فهما ( كالشاى باللبن ) ، تلزم الموازنة بينهما و ليس من قانون ثابت لذلك التوازن الذى صار لتقنيات التسجيل الصوتى فيه دور بارز.
على ان هذا يشير الى ملمح فى ثقافتنا الموسيقة التى تسيطر عليها الاغنية و لم يكن لمطلق الموسيقى فيها من متسع ، ورغم ما بذله رواد من امثال احمد مرجان و محمد اسماعيل بادى و برعى دفع الله و ود الحاوى و بشير عباس ، ظلت المقطوعات الموسيقية فى انزواء ، وما يصفه البعض بالموسيقى البحتة بقى خارج السياق اليومى فى الاذاعة و التلفزيون . فما دخل هذا بعركى ؟ أقول هذا لأن عركى و قلة من أمثاله هم مؤلفون موسيقون عاشوا فى بيئة جبلت على الانشاد الشعرى و الاغنية التى قامت عليه فى اطوارها المختلفة . قدراتهم الابداعية تتجاوز تلحين الاغانى و خيالهم الموسيقى اوسع من ان تحتويه او تعبر عنه مضامينها .. لكن ما العمل ؟
تجارب الموسيقى العسكرية ونزولها الى الشوارع و المنتزهات ، فى المناسبات والوطنية و الاعياد ، توقفت . و المسرح يعيش ازماته المتتالية تحت وطأة الدبابات و الرقابة و الضنك الذى ألم بحياة الناس ، و الفرق الموسيقة ( اوركسترا السمندل بقيادة الفاتح حسين و اوركسترا عزة التى اسسها شاكر عبدالرحيم مطلع التسعينات ) لم تجد من الدعم ما يضمن تماسكها . . و المؤلفون الموسيقيون تناثروا فى الارض، محمد آدم المنصورى الذى الف الموسيقى لأول عمل درامى موسيقى سودانى ( سقوط خط بارليف ) يعيش الآن خارج الوطن ، الى جانب موسى محد ابراهيم وعمر الخزين ...موصلى فى كاليفورنيا و أمثاله كثر ، طيور تغرد خارج السرب. الباشكاتب اكتفى بما اعطى حاجبا عنا كل جديد ، وابوعركى يشبع نزعته نحو الدراما الموسيقية بأغان يسعدك ان تستمع اليها و يرهقك ان تفك خيوطها المتشابكة. و لسان حاله يردد ما قاله الموسيقار الروسى الكبير رحمانينوف : (نحن كموسيقيين نقدم افضل ما يمكن وعلى المستمع ايضا متابعتنا كأفضل ما يمكن !!) و الكل محكومون بالحراك الاجتماعى / الثقافى / السياسى فى بلد تتقاذفه الامواج .

لذا ، و بالطبع ، لا يمكن تناول تجربه عركى بعيدا المؤثرات الفنية و الاجتماعية و السيا سية التى أحاطت به ، مما يقتضى مستوى آخر من الكتابة . فلا يجدر الفصل بين تجربة عركى و تجارب محمد الامين و احمد ربشة من حيث الكتابة لآلة العود وتوظيفها و التمكن منها. أو أخذها بمعزل تجارب عمر الشاعر و يوسف الموصلى من الناحية المقامية و توظيف الالات الموسيقية . كما لايمكن تناسى الظروف السياسية و الاجتماعية التى اسهمت فى تأسيس الحركة الشعرية التى انتقى من خلالها او كتب فى سياقها نصوصه ، والتى الهمته موسيقاه و صموده وصبره و أكسبته جمهوره العريض ، ومكانته الساميه ، و طورت قدرته على التعبير عن مضامين تلك النصوص موسيقيا و عززت من اجتهاده و قدرته على التجاوز. و مثلما تأثر عركى فقد أثر ، و تجربة عركى تقول لمن ولجوا الساحة بعده الكثير ،ادناه ، ان بالامكان - على الدوام - افضل مما كان .



لوحة أولى:

أواسط السبعينات ، و يوسف الموصلى قد بدأ رحلة الانتقال من الغناء الشعبى الى الحديث ، مستبدلا الصحافة بالموصل ، كنا نصاحبه عزفا فى مهرجان نهارى على شارع النيل ،كانت ( بريدك يا حبيبى بريدك ) طازجة آنذاك ، من انامل فرقة مركز شباب السجانه بقيادة حسن رى . فى الجانب المقابل ، عبر شارع النيل و اكثر قربا من النهر، كان أبوعركى البخيت يصدح بنوبية و أغان أخرى . كان فى نهار الخرطوم آنذاك براح للغناء و متسع للسعادة . وفى غناء عركى و أداء فرقته القديرة اغواء بالرقص لا يقاوم . كان عركى و غناؤه البهيج سلطة عليا مزجت الوجوه والالون و السحن و الاعمار و اللهجات فى لوحة مائرة ، انسجمت فيها أجساد الراقصين و ظلال الأشجار العتيقة و انسام النيل الازرق . ما بين موصلى و عركى منذ ذلك الوقت و الى تكريمهما معا فى بنسلفانيا قصة طويلة من الزمالة التواصل الابداعى يجدر بنا تناولها على انفصال لكن من وجد نفسه فى مكان احتواهما معا ، فانه امام اثنين من اكثر الناس تأثيرا فى تجربة جيلنا الموسيقية ، و ليستمع الى ( واحشنى ) من توزيع الموصلى .

لوحة ثانبة :

ها هو عركى ، اكثر الناس فى المعهد شهرة بين الطلاب و الاساتذه أواخر السبعينات ، يتوسط جمعا صغيرا فى شرفة الطابق الثانى بقسم الموسيقى ، يغنى ( لو كنت ناكر للهوى زيك ) مصاحبا نفسه بآلة الكمان... أزهرى عبدالقادر يطل من السلم والاغنية تقارب النهاية ، يتوسل : عليك الله ياعركى خلينى اجيب الاكورديون !! اختفى أزهرى و عاد بالاكورديون و اميجو يطلق احدى قفشاته قائلا (و الله يا عركى تستحق عداد على شغل الكمنجة ) . لم اصادف من فنانينا من يستطيع أداء اغنياته على الكمان بكفاءة عركى ناهيك عن الغناء فى ذات الوقت. و ليس سرا ان اجادة العزف على العود و الكمان و الكيبورد و غيرها هى مما أعان عركى على التميز.


لوحة ثالثة

ها هو عركى ، ذات نهار احتفالى فى قسم الدراما ، ينجز رقصته الاولى مع عفاف الصادق حمدالنيل ، كنا فى عجب من أمر طالبة الدراما التى قدمت من أقاصى أرض السودان لتنهمك فى رقصة عاصمية الطابع و المزاج مع فنان لم نره يوما فى عداد الراقصين .. كنا فى دهشة مما تيسر لهما من اندماج و توافق .. التفت نحوى جعفر نصر غامزا : ( زولك وقع ) .. وقد صدقت نبوءة جعفر نصر تلك ، فما ان مر وقت قصير الا و كانت خطوبتهما حديث الناس.

لوحة رابعة

عركى على مسرح معهد الموسيقى و المسرح فى احتفال تم ترتيبه عفوا ، يتوسط رتلا من المبدعين ، صلاح دهب على الساكس ، اميجو على الكلارينيت ‘ فيصل سيد امام على الباص ، عوض نبقة على الترمبت ، أزهرى على الاكورديون ، احمد حمو ، خليل اسماعيل ، موصلى ، عمر الخزين ، ربشة ، الدرديرى احمد الشيخ ، على الضو ، عمر الشاعر ، تماضر شيخ الدين ، خالده الجنيد ، ، و آخرين و أخريات .. أخفتهم عتمة الخشبة ، و ظلام الذاكرة . تلك هى اللحظات التى شهدت مولد اغنية عركى من كلمات عفاف الصادق ( غنوا معانا غنوة العيد و الفرح .. الليلة عيد ميلاد فرحنا) . وقد غنينا لحظتها احتفالا بالعيد الاول لزواجهما ملء القلوب و الحناجر . كان العام قد مر و عركى و عفاف ما زالا يبحثان من مسكن ملائم فى سودان السبعينات ذاك !!! فظل زواجهما ( مع وقف التنفيذ) .

لوحةخامسة

عركى يحتضن العود منفردا يغنى بمنزل آل صديق ببانت ، احتفالا بتخرج حسن صديق طبيبا من جامعات العراق ... قال عركى خلال استراحته : والله هاشم دخلنى فى مطب ، حكاية الغنا بالعود لعدد قدر ده من الناس ما ساهلة .. أنا ما متعود عليها ياخى !!!هسه الغنا ده كان كيف ؟ رد عليه مصطفى مدثر : و الله يا عركى ما فى احسن دن السويتو ده ، نحن كده احسن لينا ، كان داير راينا كجمهور طبعا . يعنى لو جبت الفرقة كنا حنسمع العود ده كيف ؟ قلت لعركى ان المشكلة ليست فى عدد الناس ، بل فى الجهد الذى يبذله هو ليقوم مقام الفرقة و الفنان . أورد هذا لأقول ان فكرة الكمال الفنى سيطرت على عركى و وجهت مسيرته بما لم يحدث لفنان آخر ، فلم يتوقف عن تطوير أدواته و اغناء تجربته ، ولذا فهو الآن حيث هو . فى المقدمة.

لوحة سادسة

عركى ، فى قصر الشباب و الاطفال ، يصدح فى البرنامج الثقافى لاتحاد خريجى معهد الموسيقى و المسرح فى العام 1984 ، غير هـيـَاب ، يقدم اغنيته الاولى من شعر عماد الدين ابرهيم ( سطر صفحة فى كتاب عزة يا تاريخ ) و يغنى ( ديل اهلى الغبش ) و( أذن الآذان ) لهاشم صديق كان ذلك و دكتاتورية نميرى فى اوج بطشها ، و عملاء الأمن مفضوحون بين الحضور الذين يعرف بعضهم بعضا ، أثارت حركتهم القلق فى نفس على الضو ، فمال نحوى هامسا : حقو نطفى النور قبل عركى ما ينزل عشان يتخارج بالسلامة ، وعندما أفضيت لعركى بما انتوينا ، أطلق ضحكة و قال ، عليك الله ما احسن يسوقونى من هنا بدل ما يتلتلونى من الحتانة ! ياخى نحن بنقول لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا .. و كانت تلك نهاية خطتنا .

لوحة سابعه

كان عركى قد اطلق عبارته الشهيره عندما حاريته الاجهزة الرسميه قائلا : انا اتقاضى اجرى من الشعب السودانى مباشرة !!!! ملخصا علاقة المبدع و السلطة بتركيز قصر عنه الكثيرون . كنا أمام نادى الفنانين ضحى يوم صائف ، عندما ترجل اعلامى انقاذى بارز يطلب من عركى المشاركة فى برنامجه التلفزيونى . بالمناسبة - قال نافخا - سجلت تلاته حلقات مع هذا و تلاته مع ذاك ،و افتكر بيدفعوا ليهم كويس خالص .... نظر اليه عركى هنيهة ثم قال : ياخى اقول ليك باختصار ، انا ما بظهر معاك فى اى برنامج . انت مع الدكتاتورية و انا مع الديمقراطية. انت ضد الشعب السودانى و انا معاهو .. نظهر سوا كيف ؟ يا خى اتلاقينا فى فرح و لا كره زى باقى الناس ما مشكلة .. لكين فى التلفزيون ؟ والله كان تدينى قروش الدنيا و الآخرة ما ممكن أظهر معاك . انصرف الانقاذى يجر اذيال الخيبة ليغوص فى عربته الفارهة... وانا اطيل التحديق فى عربة عركى الصدئة التى لم يعد لها من لون و لا عافيه تعينها على المشاوير اليومية من الحتانة و اليها.

لوحة ثامنه

عركى ، فى القاهرة ، و قد زرته فى الشقة التى كان يقيم بها حين قدم للتسجيل مع شركة حصاد ، أمامه المونات الموسيقية و الاقلام و الكيبورد . حكى لى عن احوال البلد ، تبادلنا الآراء فيما سوف يسجل لحصاد و هو يسمعنى بعض ما سيجرى من التعديل على هذه الجملة أو تلك مستخدما الكيبورد. ثم مضى يستعيد ما حدث يوم وورى مصطفى سيداحمد الثرى ، لا يترك واردة او شارده ... أسال عركى دمعى انهارا ، بصدقه و قدرته على تجسيد المواقف... ثم سخر منى و هو ينصرف الى الكيبورد ليواصل مراجعاته قائلا : ( و الحال ما قلت ليك كل شى !!! لقيتك زول بكاى ساكت ) !

أبونبيل
24-03-2015, 01:39 AM
ابوعركي وزوجته الاستاذه عفاف الصادق

سمل الحلفاوى
06-08-2016, 08:59 PM
كتب عن مسقط الراس لكل قريه كولبن كونج او غيرها من القرى النوبية همسه الى مسقط الراس مابين حنايا الجسد ينبع منه ينابيع الحب والوفاء لمسقط الراس تلك الارض التي عشقتها وتلك الجبال التي تسر ناظري واشجارها وذكريات الطفوله وتلك الاصوات السواقى وصوت الشلال وتغاريد العصافير واشراقت الشمس كل يوم اتذكر طفولتي كل يوم اتذكر على بلادى تاره مابين اللعب تحت الاشجار وتاره لصيد القمرى وروعة صيدها عن الصباح والعصر والمغرب تذكرت الريف الهادئ بعيدا عن صخب المدينه حلفا وانغام سيارتها المزعجه انه اغلى ماتتمناه النفس اليوم قريتي الحبيبه كم انا مشتاق اليكِ وكم انا وفياً اليكِ جزيرة كولب ارض المحنة مابين رمال و والنخيل والنيل اراضيك الخصبة كانت لي هناك وقفات مخلده في خيالي ولن تنتسي ابدا على هامات جبالكِ كنت واقف ابحث عن لاشي ولكني اليوم ابحث عن اين وقفت ولماذا وقفت فقط هي ذكريات طفوله استرجعتها في خيالي وتمنيت ان تعود تلك الايام الجميلة فى ربوع ارضنا الخضراء وموية الدميرة والمراكب قريتي ياحبيبتي سأظل اتذكر تلك الايام واتذكر ماقدمتيه لي لعلي اجازيكِ ولو بنزفه من قلمي قريتي الحبيبه الى اللقاء قريباً ان شاء الله همسه وخاطره وفاء الى مسقط الراس قريتي الحبيبه كولب الخضراء

سمل الحلفاوى
09-01-2020, 05:28 PM
كـن من تكون
فما أنا إلا عابر سبيل
الطريق بيننا ليست واحدة
والصحبة ضرب من المستحيل