عزيز عيسى
01-10-2007, 06:22 AM
هذه قصة واقعية حدثت الأسبوع الماضي..
تلقى جارنا العزيز في الحي الذي نقطنه رسالة عاجلة من شقيقه في بلدهم يفيده فيها بأن والدتهم مريضة جدا وأن حالتها الصحية خطيرة مما إستدعى نقلها الى المستشفى وإدخلها غرفة العناية المركزة وهي في حالة إغماء تام منذ يومين..
قرر هذا الجار السفر الى بلده لعل وعسى أن يلحق بأمه قبل فوات الآوان ويشاهدها قبل أن تفارق الحياة وتمضى الى الأبد حتى لا يصيبه الندم خاصة وأنه لم يشاهدها منذ فترة طويلة بسبب الحرب الأهلية الطاحنة التي إستمرت ردحا من الزمن ودمرت البلاد وفرقتها ومزقتها.. وهرب العديد من المواطنين من نيران جحيمها طلبا للأمان ورحل عنها نهائيا الى ديار الغربة مجبرين..
في اليوم التالي قام هذا الجار بطلب إجازته السنوية وتجهيز جواز سفره بالإضافة الى عمل الحجوزات اللازمة وقطع تذكرة السفر الذهاب والإياب بالطائرة وسافر على الفور الى بلده.
بعد رحلة إستغرقت 17 ساعة وصل الى بلده وبمجرد هبوط الطائرة في المطار والإنتهاء من إجراءات الجوازات كان هناك أحد أشقاؤه في إنتظارة.. وبعد أن رحب به الترحيب اللازم ركبا سيارة تاكسي.. وفي الطريق طلب من سائق التاكسي أن يقلهما الى المستشفى حيث ترقد والدتهم وفي رأسه تدور صورة والدته في مخيلته وهو يتوق شوقا وحنينا لمشاهدتها دون أن يعطي أي إهتمام بالتعليق على التغيرات التي حدثت في ملامح البلد ولكنه ظل صامتا يجول بخاطره حول أمه دون التحدث في أي موضوع آخر.
عندما وصل الى المستشفى ذهب مباشرة الى غرفة العناية المركزة حيث ترقد والدته.. وجد جمع من أفراد العائلة محيط بسرير والدته.. قام بإلقاء تحية واحدة لتشمل جميع من كان داخل الغرفة ثم تقدم نحو والدته وشاهد عليها أجهزة التنفس المساعدة والدربات مركبة على جسمها وهي مازالت في حالة إغماء إمتد لليوم الخامس الى حين موعد وصوله..
هنا حدث شيء غريب.. أمسك جاري بيد والدته اليمنى ووضع كف يده على كفها ثم طبع على رأسها قبلة طويلة.. بعد أن رفع رأسه فجأة أحست الأم بحرارة كف أبنها وفتحت عينها وبدأت تحركهما ناحية إبنها الغائب منذ فترة طويلة وهي تنظر إليه بتمعن ممزوج بشوق اللقاء وسط دهشة وإستغراب الحاضرين.. ثم نطقت قائلة له يا إبني إنني سعيدة جدا بإني شاهدتك الآن بعدة فترة من الزمن قبل أن أفارق هذه الدنيا.. ويجب أن تعلم يا بني أن قلبي دائما عليك وكنت في كل يوم أدعو الله لك أن يحفظك ويوفقك في دنياك.. ياه لم أنسى أيام طفولتك وشقاوتك.. والآن أصبحت رجلا تعتمد على نفسك ولك زوجتك.. كم تمنيت أن أشاهد أحفادي وأنا في حالة أحسن من هذا الوضع.. قالتها وهي تحلق بأعينها أعلى الغرفة..
قال لها: أنت أيضا دائما في بالي يا أمي وكنت أدعو لك بأستمرار بأن يعطيك الله الصحة وطولة العمر حتى أستطيع أن ألتقي بك وأسمع صوتك ودعواتك..
مدت الأم يديها الى إبنها وطلبت منه أن يقترب منها قليلا .. عندما إنحنى إبنها جذبته نحاية صدرها وحضنته بقوة وسلمت عليه وهي مازالت ملقاة على سريرها.. ثم نظرت إليه نظرة الوداع الأخيرة وطلبت منه أن لا ينساها من الدعاء.. لم تعد لحظات حتى أغمضت عينيها وعلى وجهها إرتسمت إبتسامة صافية تدل على الرضاء لترحل في هدوء وسلام.
اللهم أرحم أمهاتنا وأباؤنا الأحياء منهم والأموات وأرزقهم الجنة.
تلقى جارنا العزيز في الحي الذي نقطنه رسالة عاجلة من شقيقه في بلدهم يفيده فيها بأن والدتهم مريضة جدا وأن حالتها الصحية خطيرة مما إستدعى نقلها الى المستشفى وإدخلها غرفة العناية المركزة وهي في حالة إغماء تام منذ يومين..
قرر هذا الجار السفر الى بلده لعل وعسى أن يلحق بأمه قبل فوات الآوان ويشاهدها قبل أن تفارق الحياة وتمضى الى الأبد حتى لا يصيبه الندم خاصة وأنه لم يشاهدها منذ فترة طويلة بسبب الحرب الأهلية الطاحنة التي إستمرت ردحا من الزمن ودمرت البلاد وفرقتها ومزقتها.. وهرب العديد من المواطنين من نيران جحيمها طلبا للأمان ورحل عنها نهائيا الى ديار الغربة مجبرين..
في اليوم التالي قام هذا الجار بطلب إجازته السنوية وتجهيز جواز سفره بالإضافة الى عمل الحجوزات اللازمة وقطع تذكرة السفر الذهاب والإياب بالطائرة وسافر على الفور الى بلده.
بعد رحلة إستغرقت 17 ساعة وصل الى بلده وبمجرد هبوط الطائرة في المطار والإنتهاء من إجراءات الجوازات كان هناك أحد أشقاؤه في إنتظارة.. وبعد أن رحب به الترحيب اللازم ركبا سيارة تاكسي.. وفي الطريق طلب من سائق التاكسي أن يقلهما الى المستشفى حيث ترقد والدتهم وفي رأسه تدور صورة والدته في مخيلته وهو يتوق شوقا وحنينا لمشاهدتها دون أن يعطي أي إهتمام بالتعليق على التغيرات التي حدثت في ملامح البلد ولكنه ظل صامتا يجول بخاطره حول أمه دون التحدث في أي موضوع آخر.
عندما وصل الى المستشفى ذهب مباشرة الى غرفة العناية المركزة حيث ترقد والدته.. وجد جمع من أفراد العائلة محيط بسرير والدته.. قام بإلقاء تحية واحدة لتشمل جميع من كان داخل الغرفة ثم تقدم نحو والدته وشاهد عليها أجهزة التنفس المساعدة والدربات مركبة على جسمها وهي مازالت في حالة إغماء إمتد لليوم الخامس الى حين موعد وصوله..
هنا حدث شيء غريب.. أمسك جاري بيد والدته اليمنى ووضع كف يده على كفها ثم طبع على رأسها قبلة طويلة.. بعد أن رفع رأسه فجأة أحست الأم بحرارة كف أبنها وفتحت عينها وبدأت تحركهما ناحية إبنها الغائب منذ فترة طويلة وهي تنظر إليه بتمعن ممزوج بشوق اللقاء وسط دهشة وإستغراب الحاضرين.. ثم نطقت قائلة له يا إبني إنني سعيدة جدا بإني شاهدتك الآن بعدة فترة من الزمن قبل أن أفارق هذه الدنيا.. ويجب أن تعلم يا بني أن قلبي دائما عليك وكنت في كل يوم أدعو الله لك أن يحفظك ويوفقك في دنياك.. ياه لم أنسى أيام طفولتك وشقاوتك.. والآن أصبحت رجلا تعتمد على نفسك ولك زوجتك.. كم تمنيت أن أشاهد أحفادي وأنا في حالة أحسن من هذا الوضع.. قالتها وهي تحلق بأعينها أعلى الغرفة..
قال لها: أنت أيضا دائما في بالي يا أمي وكنت أدعو لك بأستمرار بأن يعطيك الله الصحة وطولة العمر حتى أستطيع أن ألتقي بك وأسمع صوتك ودعواتك..
مدت الأم يديها الى إبنها وطلبت منه أن يقترب منها قليلا .. عندما إنحنى إبنها جذبته نحاية صدرها وحضنته بقوة وسلمت عليه وهي مازالت ملقاة على سريرها.. ثم نظرت إليه نظرة الوداع الأخيرة وطلبت منه أن لا ينساها من الدعاء.. لم تعد لحظات حتى أغمضت عينيها وعلى وجهها إرتسمت إبتسامة صافية تدل على الرضاء لترحل في هدوء وسلام.
اللهم أرحم أمهاتنا وأباؤنا الأحياء منهم والأموات وأرزقهم الجنة.