المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دراسات في الأدب العربي الحديث



د.عمرأحمدعبدالكريم
18-06-2009, 11:40 AM
قصائد مجنونة جدا
للشاعر قيس قوقزة
دراسة تحليلية في بنية النص (1) /دكتور: عمر احمد عبد الكريم *
************************************************** *********
خمسون عاما والفرار دربنا
إلى المفر
خمسون عاما لا نجيد غير لمسة
التوقيع والتنازل
عفراؤنا تزوجت من فارس الأسطورة
الحمقاء كي يعيد للقبيلة البلهاء (نكتة) يسمونها وثيقة التفاؤل
أطفالنا توارثوا هزائم الآباء قبل أن يقاد روا المنازل …..
حينما أردت الكتابة عن الخطاب الشعري في ديوان قصائد مجنونة جدا للشاعر الأردني قيس قوقزة ….ترددت بين أمرين ـ العكوف على ما كتبه في كل الديوان، أم اختيار نصوص معينة من قصائد الديوان.استوقفتني هذه العبارات :
اسمي على الجدران ينزف واقفا
في الشام في عمان في(بغداد)
استوقفتني لأنها تحمل الهم العربي والنزيف العربي بكل أبعاده المؤلمة ،فهي أشعار تحكى صيرورة ذات في زمن أصبحت الرؤيا الإبداعية مرهونة بالأحدث ،والشعراء الشباب يبدءون هكذا من خلال ذاتهم،يتلون إنتاجهم بالطابع الرومانتيكى الحاد العميق أحيانا والهادي أحيانا أخرى.
وإذا أجرينا ما قلنا على قصائد (مجنونة جدا) لوجدنا أنفسنا أمام شاعر حكم على نفسه بالنضج العاطفي رغم صغر سنه،وبالتوازن السياسي ،والعمق الفني. هذه المجموعة تمثل مرحلة البداية الممتلئة بطابع إنساني حميم.
فإذا سئلت عن الذي
نثر المواجع في الدفاتر
قولي لهم: أنجبته ـ
في زحمة الأموات ـ شاعر!
فميلاد الشاعر كما كان عند الجاهليين يمثل ضجة كبرى عند القبائل وفرحة اكبر للعشيرة، كان ميلاد(قيس) الشاعر يمثل مرحلة جديدة في أروقة الشعر والأدب ، وهو يقدم نفسه من خلال ديوانه (قصائد مجنونة جدا)ـ وتقديم أسلوبه الذي يريد له أن يبدأ من خارج اللغة من فوق الكلمات المستعملة أو التي أجهدها الاستعمال حتى أبعدها عن المعنى وجعل الصمت أكثر قدرة ودلالة على التعبير عنها :
كان بإمكانه أن يصبح مثل جميع
رجال القصر من الشعراء
وكان بإمكانه ….
لكن الشِعر لديه أجل وأسمى
من أن يصبح مثل الأرصفة
الملقاة على الطرقات !!!

ومن هنا نبدأ وقفتنا مع الشاعر،وتحليل نصوصه الشعرية التي أصدرها بعنوان(قصائد مجنونة جدا) جاء في مقدمة الديوان إن هذا الديوان يضم مجموعة من القصائد الحديثة يختلط فيها الحس الوطني بالرؤية الاجتماعية بالمعاناة العاطفية ..ويمتزج فيها الذاتي الخاص بالموضوعي العام..ليضئ تجربة شاب مملوء بمعاناة ناجمة عن إحساس بالقهر والظلم الاجتماعي ويفيض حماسه بقدر ما تملأه الرغبة في أن يكون شاعرا يشار إليه بالبنان …. بهذه الكلمات قدم للديوان الدكتور: محمد ناجى عمايرة . وللقارئ أن يؤيده في رائه أو يخالفه، ولكن يبقى السؤال_ لماذا قصائد مجنون جدا؟
من خلال العنوان – المدهش والمثير يمكننا أن نقف على مجموعة من الأشعار ذات الموضوعات الممتلئة بهموم الآخرين .. عاطفيا واجتماعيا وسياسيا.. وحينما حاولت أن أصنف يلك الإشارات المترامية هن وهناك في خمس وأربعين قصيدة هي جملة قصائد الديوان، وجدت أن أول ما يلفت انتباه القاري الناقد يلك العناوين القصار ذات الملول العميق، الذي تحمله في ثناياها إذا ما أجرينا عليها التحليل البنيوي أو الأسلوبي، ومنها على سبيل المثال:
• بيان عاطفي رقم صفر*
• همسات
• الدخول إلى قاعة العزف
• مابين النكبة والنكبة
• هوس
• هلوسات
• خروج عن النص.
هذه العناوين وما تحمله من رؤية إبداعية لدى الشاعر، تمثل منعطفا لدى شعراء الحداثة ربما يمثل عندهم دلالات رمزية أو إيحاءات نفسية ترتبط بتفكيرهم تارة وبعواطفهم تارة أخرى. فيما يرى الشاعر (قيس قوقزة)( أن غرابة العناوين لديه تشبه إلى حد ما القنبلة المثيرة للأعصاب، عليك أن يلقيها في وجه جمهورك قبل أن تبدأ .. عليك أن تشدهم إليك.. والشعر والجنون لم ينفصلا أبدا، فعبقر والقصيدة أب وابنه والشعر والبطولة هما وليدا لحظة جنون ومغامرة ، تدرك فيها أنك في أشد اللحظات قربا للسماء وأنه لا مجال للعودة والاعتذار.. تكون فيهما في أشد لحظات اتصالك بالأرض والحياة والناس البسطاء الطيبين الواقفين علي العتبات. الشعر يشبه المصابيح في العتمة الحالكة علينا أن نبقيها مشتعلة حتى نستطيع الأبصار.. وبالتالي متابعة السير.. فلو قلت لك لماذا كانت عناويني هكذا ؟وولدت هكذا ؟ لما كنت جديرا بلقب شاعر.. لا أستطيع تفسير هذه الأشياء.. هكذا ولدت وهكذا كتبتها)؟"1" "نواصل"

عوض صقير
28-06-2009, 08:29 PM
سلمت يداك

دكتور / عمر

أوفيت وكفيت وفى إنتظار البقية

ابوخالد
29-06-2009, 08:09 AM
عمق الكلمات بعق الجرح الذى ماذال ينزف

فتأمل فيها رويدآ .. رويدآ وتأمل ولا تنصرف

شكرى وتقديرى د / عمر لهذا التحليل الرائع

وإمتنانى العميق لصاحب الأحرف الشاعر / قيس قوقزة

وفى إنتظار المزيد والمزيد

وأهلآ بك وسهلآ د /عمر .. فى المنتدى (ده لو كنت جديد ) وإذا كنت ممن جرفهم الطوفان

فنقول الآتى أحلى

د.عمرأحمدعبدالكريم
30-06-2009, 08:49 AM
فالقصيدة التي كتبها (قيس) كما يقول :كأجمل امرأة تتاح له فرصة لقاءها لمرة واحدة .. ومعنى هذا أن الشاعر تربطه علاقة عاطفية بكل قصائده.. جعلت القصيدة تأخذ المظهر الإنساني القادر على مساعدة القارئ لاكتشاف ما وراء اللغة حينما يريد الشاعر نقل التجربة الحداثة إلى مستواها الإنساني الجوهري من مستواها الشخصي.. ففي قصيدة(هوس) يقول:
• هل أنجبت عيناك مثلي شاعرا
• صلبا يموت.. ولا يبوح؟؟
• ظلي هناك قصيدة منفية
• عنى ….فصوت قصائدي مبحوح
• فلربما حمل الحمام رسائلي
• ولربما حملت غرامي الريح
• فإذا عجزت عن الكلام حبيبتي
• يكفى عيوني الصمت والتلميح !
وهنا يشير إلى ميلاده كشاعر لا يبوح بكل أسراره لما يحس به من موت معنوي.فبح صوته ، وتنفى قصائده وحينها يكتفي بالتلميح والإشارات والصمت المتحدث عنه بلغة العيون وما ذلك إلا أن القصيدة (هوس) تمثل هوسا داخليا يحمل عاطفة مضطربة بين الإفصاح والتلميح، وماذا ننتظر من الشاعر أن يقول إذا أحس بأنه مبحوح الصوت في زمن تعد فيه الكلمة قنبلة، وأن قصائده منفية مصادرة في زمن تعد فيه اللغة المباشرة قذيفة .. هكذا تعامل الشاعر مع قصيدته (هوس). فالعنوان كلم ولفظة لها مدلوله العميق في النفس، وربما يكون الهوس شيئا من الجنون يعمق الدلالات التي أشار إليها الشاعر في عنوان ديوانه . فالرمز هنا له قيمة إبداعية عالية جدا، وإن لم نقل له قيمة فلسفية يرمى إليها الشاعر في معظم عناوينه، فهو رمز له صلة بالذات الشاعرة والأشياء المترامية حين يقول:
• فلربما حمل الحمام رسائلي
• ولربما حملت غرامي الريح
• وهنا تداعى يلجأ الشاعر به إلى نقل صوته عبر وسائل ناطقة , ولكنه استفاد من دلالاتها . فالحمام ____ رمز للسلام
• والريح ______ وسيلة لإخبار المحبين
• هكذا عرفت عند المحبين ،فكان العزريون يقولون:
• ريح الصبا تهدى إلىً نسيم" من بلدة فيها الحبيب مقيم
• يا ريح فيك من الحبيب علامة" أفتعلمين متى يكون قدوم؟
• أو كما قال عباس بن الأحنفشش:
• وأني لاستهدى الرياح سلامكم إذا أقبلت من نحوكم بهبوب
• وأسألها حمل السلام إليكم فإن هي يوما بلغت فأجيبي
• والقصيدة تشكل صورا كلية للمستوى البلاغي.
• عيناك تسألني وكحل رموشها
• ثمل"…
• كمنديل الوداع يلوح !
• فعبارة (وكحل رموشها ثمل) استعارة مكنية / كمنديل الوداع يلوح..تشبيه.
• ونلاحظ أن الاستعمال البلاغي في الاستعارة ذو دلالة معنوية قوية حينما فسرت بالتشبيه (كمنديل….) رغم أن الاستعارة أبلغ من التشبيه إلا أن الشاعر وظَف موهبته أولا ، ثم ثقافته ثانيا لإخراج النص من إطاره الضيق (لفظا) إلى رحاب الدلالات العميقة (معنا).
• فإذا عجزت عن الكلام حبيبتي
• يكفى عيوني الصًمت والتلميح,
لا ترحلي فالنار حولي أحرقت ثوب
البنفسج …
ضيعت جرحى فصاح بداخلي وجع
السماء وأيقظ الأرض التي لم تبك..
خوفا من بكاء الياسمين..
مدى يديك
تكلمي
لاتصمتى …
مدى يديك وقايضيني رعشة
كحي أكمل
الدرب التي لن تنتهي الإ بموتى
فالقرار الآن في كفى أنا..
إما نكون
أو لا نكون