المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دراسات في الأدب العربي الحديث2



د.عمرأحمدعبدالكريم
19-06-2009, 06:58 AM
فالقصيدة التي كتبها (قيس) كما يقول :كأجمل امرأة تتاح له فرصة لقاءها لمرة واحدة .. ومعنى هذا أن الشاعر تربطه علاقة عاطفية بكل قصائده.. جعلت القصيدة تأخذ المظهر الإنساني القادر على مساعدة القارئ لاكتشاف ما وراء اللغة حينما يريد الشاعر نقل التجربة الحداثة إلى مستواها الإنساني الجوهري من مستواها الشخصي.. ففي قصيدة(هوس) يقول:
• هل أنجبت عيناك مثلي شاعرا
• صلبا يموت.. ولا يبوح؟؟
• ظلي هناك قصيدة منفية
• عنى ….فصوت قصائدي مبحوح
• فلربما حمل الحمام رسائلي
• ولربما حملت غرامي الريح
• فإذا عجزت عن الكلام حبيبتي
• يكفى عيوني الصمت والتلميح !
وهنا يشير إلى ميلاده كشاعر لا يبوح بكل أسراره لما يحس به من موت معنوي.فبح صوته ، وتنفى قصائده وحينها يكتفي بالتلميح والإشارات والصمت المتحدث عنه بلغة العيون وما ذلك إلا أن القصيدة (هوس) تمثل هوسا داخليا يحمل عاطفة مضطربة بين الإفصاح والتلميح، وماذا ننتظر من الشاعر أن يقول إذا أحس بأنه مبحوح الصوت في زمن تعد فيه الكلمة قنبلة، وأن قصائده منفية مصادرة في زمن تعد فيه اللغة المباشرة قذيفة .. هكذا تعامل الشاعر مع قصيدته (هوس). فالعنوان كلم ولفظة لها مدلوله العميق في النفس، وربما يكون الهوس شيئا من الجنون يعمق الدلالات التي أشار إليها الشاعر في عنوان ديوانه . فالرمز هنا له قيمة إبداعية عالية جدا، وإن لم نقل له قيمة فلسفية يرمى إليها الشاعر في معظم عناوينه، فهو رمز له صلة بالذات الشاعرة والأشياء المترامية حين يقول:
• فلربما حمل الحمام رسائلي
• ولربما حملت غرامي الريح
• وهنا تداعى يلجأ الشاعر به إلى نقل صوته عبر وسائل ناطقة , ولكنه استفاد من دلالاتها . فالحمام ____ رمز للسلام
• والريح ______ وسيلة لإخبار المحبين
• هكذا عرفت عند المحبين ،فكان العزريون يقولون:
• ريح الصبا تهدى إلىً نسيم" من بلدة فيها الحبيب مقيم
• يا ريح فيك من الحبيب علامة" أفتعلمين متى يكون قدوم؟
• أو كما قال عباس بن الأحنفشش:
• وأني لاستهدى الرياح سلامكم إذا أقبلت من نحوكم بهبوب
• وأسألها حمل السلام إليكم فإن هي يوما بلغت فأجيبي
• والقصيدة تشكل صورا كلية للمستوى البلاغي.
• عيناك تسألني وكحل رموشها
• ثمل"…
• كمنديل الوداع يلوح !
• فعبارة (وكحل رموشها ثمل) استعارة مكنية / كمنديل الوداع يلوح..تشبيه.
• ونلاحظ أن الاستعمال البلاغي في الاستعارة ذو دلالة معنوية قوية حينما فسرت بالتشبيه (كمنديل….) رغم أن الاستعارة أبلغ من التشبيه إلا أن الشاعر وظَف موهبته أولا ، ثم ثقافته ثانيا لإخراج النص من إطاره الضيق (لفظا) إلى رحاب الدلالات العميقة (معنا).
• فإذا عجزت عن الكلام حبيبتي
• يكفى عيوني الصًمت والتلميح,
لا ترحلي فالنار حولي أحرقت ثوب
البنفسج …
ضيعت جرحى فصاح بداخلي وجع
السماء وأيقظ الأرض التي لم تبك..
خوفا من بكاء الياسمين..
مدى يديك
تكلمي
لاتصمتى …
مدى يديك وقايضيني رعشة
كحي أكمل
الدرب التي لن تنتهي الإ بموتى
فالقرار الآن في كفى أنا..
إما نكون
أو لا نكون