سروية
31-07-2009, 11:06 PM
ميتة وخراب ديار
في ذات خريف (شديد اللهجة)، زمان أيام كان الخريف .. خريف بالجد، كانت (النقناقة - لا تتوقف عن التنقيط ليل نهار حتى سقّت اساسات البيوت والحيطان، فتهدم منها ضعيف الجالوص وترنّح بسببها سمين المسلّح .. كان هطول الأمطار يستمر لأيام متوالية دون توقف، ولكن في ذلك الجو البديع الذي يحض على فعل الطاعات والتأمل في عظمة الخالق، كانت نسوة من الحي والأحياء المجاورة يتسللن لواذا، نحو بيت جالوص ( آيل للسقوط) في طرف حيّنا يسكنه (ضابط إيقاع ) برتبة (فكي)، ذاع صيته واشتهر بأنه يعمل على قضاء حوائج النساوين بالكتمان، فـ يربط السايب ويفك المربوط ويجلب الغايب و(يغيب) الحاضر ويقلب الهزبر عتود ..
في ذات عصرية ورغم أن السماء وقتها كانت مثقلة بالغيوم والطين والخبوب في الدروب حدّو الركب، إلا أن هذا الجو لم يمنع صاحبات الحرقة والحاجات والكُرب من التكأكؤ على راكوبة (الفكي)، فاجتمعن جلوسا على عناقريب مصفوفة بجوار حائط قديم، في إنتظار ان يأتيهن الدور للدخول على (الفكي)، ولكن – حكمة الله - ما لبث أن ناء الحائط القديم بما يحملنه من هموم، فمال وانتكا ثم تهايت فوق رؤوسهن وطمرهن تحته ..
طار الشمار وعمّ القرى والحضر، وتسامعنا خبر هلاك شرذمة من النسوة تحت حائط الفكي المنهار ، وتكسر ضلع ومخاريق البقية الباقية منهن، مما أستدعى حضور النجدة والإسعاف لإنتشال الجثث ونقل المصابات للمستشفى، ثم تطايرت الحكايا عن شماتة الشامتات في الناجيات من المصابات، خاصة وإن من نجت من الموت منهن، لم تنجو من خطر الإصابة بـ (طلقة) ثلاثية التحريم رماها على وجهها (سيد بيتها)، وانطلق غير مبالي بإجتماع مصيبتي (الميتة وخراب الديار) فوق أم رأسها المفلوق !
تذكرت هذه الحادثة القديمة عندما طالعت خبر على صدر حكايات، يفيد بالقبض على أحد المشعوذين ومعه (٣٠) متهما ومتهمة كانوا ينتظروا دورهم لمقابلته .. متهم ومتهمة يعني ذكور وأناث – يا أخواتي ما ملاحظين إنو الرجال ديل بقو يزاحموا النسوان حتى على جري الفقرا ؟! شيء عجيب يا زول !!
المهم سألوهم عن سبب الريد الوداهم الحفلة، فتفاوتت الأسباب ما بين جلب منفعة ورغبة في المضرّة، إلا أن ما لفت نظري هو إجابة احداهن بأنها ترغب في (تدمير) زوجها لانه تزوج من أخرى وسافر لاحدى الولايات معها، وترك لها خمسة أطفال تشقى بتربيتهم وحدها، فهي لم ترغب في إستعادة ودّه القديم ولا حتى التفريق بينه وبين زوجته الجديدة .. بل تدميره مرة واحدة .. غايتو ده نوع جديد لنج من أنواع المغصة !!
(لا يفلح الساحر حيث أتى) و(ما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله) آيتان من الذكر الحكيم تؤكدان على أن الضار والنافع هو الله سبحانه وتعالى، وتدعوان للإيمان بأن الله يدافع عن الذين آمنوا والأبرياء والمظلومين حتى يرد الظلم عنهم، ويسلط في سبيل تلك المهمة جنود لا ترونها قد تكون في صورة (حائط قديم) ينهار فوق رؤوس الساعين للأذية فيفضح نواياهم السيئة في الدنيا قبل الآخرة، أو يكون الجنود بـ لباس البوليس ساعة (كشة) يقطع بها الله سبحانه وتعالى نوايا الغل والتدمير ..
يؤمن أهلنا بمقولة (ود الحلال ربنا بيوقف ليهو أولاد الحلال)، فقد يسخّر الله واحد من أولاد الحلال ليدفع الأذى عن بريء غافل، فقد حكت لي أحدى جاراتي بأنها عادت من مشوار مع سائق رقشة تبدو عليه سيماء أولاد الحلال، فأخبرها بأنه حمل في ذات مشوارسيدة كبارية إلى المقابر، حيث نزلت وهي تحمل شيئا ملفوفا حرصت على دسه بين طيات ثوبها وطلبت منه أن ينتظرها حتى تعود .. شعر الشاب بالشك فظل يراقب السيدة من بعيد فوجدها تجلس بجانب (قبر) فترة قبل أن تعود للرقشة وعلى يديها آثار غبار وتراب .. عاد الشاب بالسيدة للمكان الذي حملها منه ثم رجع مسرعا للمقابر، وتوجه مباشرة للقبر الذي كانت تجلس عليه السيدة فوجد فيه كوم تراب مكوم بصورة توحي بأن تحته شيء مدفون فعمل الشاب بيديه حفرا حتى اخرج من جانب القبر علبة (لبن بدرة)، فحملها وذهب بها إلى أحد الشيوخ الصالحين الذي فتح العلبة وتعوّذ مما فيها وطلب منه أن يرميها في البحر حتى يفسد ما بها من شر، وأخبره بأن المقصود بهذا العمل امرأة بريئة غافلة عن ما يدبر لها، ولكن الله الذي لا يغفل ولا ينام جنّد ذلك الشاب (ود الحلال) لدفع الأذى عن تلك المسكينة ..
تعالوا ندعوا ربنا يوقّّف لينا وليكم أولاد الحلال .. آمين يا رب
لطائف - صحيفة حكايات
في ذات خريف (شديد اللهجة)، زمان أيام كان الخريف .. خريف بالجد، كانت (النقناقة - لا تتوقف عن التنقيط ليل نهار حتى سقّت اساسات البيوت والحيطان، فتهدم منها ضعيف الجالوص وترنّح بسببها سمين المسلّح .. كان هطول الأمطار يستمر لأيام متوالية دون توقف، ولكن في ذلك الجو البديع الذي يحض على فعل الطاعات والتأمل في عظمة الخالق، كانت نسوة من الحي والأحياء المجاورة يتسللن لواذا، نحو بيت جالوص ( آيل للسقوط) في طرف حيّنا يسكنه (ضابط إيقاع ) برتبة (فكي)، ذاع صيته واشتهر بأنه يعمل على قضاء حوائج النساوين بالكتمان، فـ يربط السايب ويفك المربوط ويجلب الغايب و(يغيب) الحاضر ويقلب الهزبر عتود ..
في ذات عصرية ورغم أن السماء وقتها كانت مثقلة بالغيوم والطين والخبوب في الدروب حدّو الركب، إلا أن هذا الجو لم يمنع صاحبات الحرقة والحاجات والكُرب من التكأكؤ على راكوبة (الفكي)، فاجتمعن جلوسا على عناقريب مصفوفة بجوار حائط قديم، في إنتظار ان يأتيهن الدور للدخول على (الفكي)، ولكن – حكمة الله - ما لبث أن ناء الحائط القديم بما يحملنه من هموم، فمال وانتكا ثم تهايت فوق رؤوسهن وطمرهن تحته ..
طار الشمار وعمّ القرى والحضر، وتسامعنا خبر هلاك شرذمة من النسوة تحت حائط الفكي المنهار ، وتكسر ضلع ومخاريق البقية الباقية منهن، مما أستدعى حضور النجدة والإسعاف لإنتشال الجثث ونقل المصابات للمستشفى، ثم تطايرت الحكايا عن شماتة الشامتات في الناجيات من المصابات، خاصة وإن من نجت من الموت منهن، لم تنجو من خطر الإصابة بـ (طلقة) ثلاثية التحريم رماها على وجهها (سيد بيتها)، وانطلق غير مبالي بإجتماع مصيبتي (الميتة وخراب الديار) فوق أم رأسها المفلوق !
تذكرت هذه الحادثة القديمة عندما طالعت خبر على صدر حكايات، يفيد بالقبض على أحد المشعوذين ومعه (٣٠) متهما ومتهمة كانوا ينتظروا دورهم لمقابلته .. متهم ومتهمة يعني ذكور وأناث – يا أخواتي ما ملاحظين إنو الرجال ديل بقو يزاحموا النسوان حتى على جري الفقرا ؟! شيء عجيب يا زول !!
المهم سألوهم عن سبب الريد الوداهم الحفلة، فتفاوتت الأسباب ما بين جلب منفعة ورغبة في المضرّة، إلا أن ما لفت نظري هو إجابة احداهن بأنها ترغب في (تدمير) زوجها لانه تزوج من أخرى وسافر لاحدى الولايات معها، وترك لها خمسة أطفال تشقى بتربيتهم وحدها، فهي لم ترغب في إستعادة ودّه القديم ولا حتى التفريق بينه وبين زوجته الجديدة .. بل تدميره مرة واحدة .. غايتو ده نوع جديد لنج من أنواع المغصة !!
(لا يفلح الساحر حيث أتى) و(ما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله) آيتان من الذكر الحكيم تؤكدان على أن الضار والنافع هو الله سبحانه وتعالى، وتدعوان للإيمان بأن الله يدافع عن الذين آمنوا والأبرياء والمظلومين حتى يرد الظلم عنهم، ويسلط في سبيل تلك المهمة جنود لا ترونها قد تكون في صورة (حائط قديم) ينهار فوق رؤوس الساعين للأذية فيفضح نواياهم السيئة في الدنيا قبل الآخرة، أو يكون الجنود بـ لباس البوليس ساعة (كشة) يقطع بها الله سبحانه وتعالى نوايا الغل والتدمير ..
يؤمن أهلنا بمقولة (ود الحلال ربنا بيوقف ليهو أولاد الحلال)، فقد يسخّر الله واحد من أولاد الحلال ليدفع الأذى عن بريء غافل، فقد حكت لي أحدى جاراتي بأنها عادت من مشوار مع سائق رقشة تبدو عليه سيماء أولاد الحلال، فأخبرها بأنه حمل في ذات مشوارسيدة كبارية إلى المقابر، حيث نزلت وهي تحمل شيئا ملفوفا حرصت على دسه بين طيات ثوبها وطلبت منه أن ينتظرها حتى تعود .. شعر الشاب بالشك فظل يراقب السيدة من بعيد فوجدها تجلس بجانب (قبر) فترة قبل أن تعود للرقشة وعلى يديها آثار غبار وتراب .. عاد الشاب بالسيدة للمكان الذي حملها منه ثم رجع مسرعا للمقابر، وتوجه مباشرة للقبر الذي كانت تجلس عليه السيدة فوجد فيه كوم تراب مكوم بصورة توحي بأن تحته شيء مدفون فعمل الشاب بيديه حفرا حتى اخرج من جانب القبر علبة (لبن بدرة)، فحملها وذهب بها إلى أحد الشيوخ الصالحين الذي فتح العلبة وتعوّذ مما فيها وطلب منه أن يرميها في البحر حتى يفسد ما بها من شر، وأخبره بأن المقصود بهذا العمل امرأة بريئة غافلة عن ما يدبر لها، ولكن الله الذي لا يغفل ولا ينام جنّد ذلك الشاب (ود الحلال) لدفع الأذى عن تلك المسكينة ..
تعالوا ندعوا ربنا يوقّّف لينا وليكم أولاد الحلال .. آمين يا رب
لطائف - صحيفة حكايات