المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ونسة العيد طاعمه شديد



أبونبيل
21-09-2009, 11:43 PM
عيدي ان اظل في دواخلكم على الدوام.

دمتم لي عيداً ودمت لكم فرحاً يرفع شارات الابتسام. العيد احساس من الفرح الجميل الذي ينتظره الناس على جمر ايام السخانة في رمضان، والعيد في السودان له طعم آخر يشهد طعمه من هذه البيئة اول ما يظهر العيد في حركة الناس في السوق.. العيد يبدأ من هنا وينتهي كذلك.
نحنا في ونسة حنسبق ناس الافتاء قبال ما يقولوا العيد بكرة ولا بعدوا ونعيد مع الناس، يعني ونسة العيد طاعمة شديد. بنبداها بالحلاق وانت ماشي على بتاع الحلاوة ام كيلو وريحة ايفوسا وسيد الدكان الجهز البارد من حسه. وحنسألكم اها خبزتوا؟؟ وحنختما بالكلاش والطبنجات والركشات، وتعالوا نفرح الشفع وكل سنة وانتو طيبين ولامين ومعرسين وخاشين الجامعة وشغالين كمان.


في احدى زوايا سوق ام درمان العتيق وفي زقاق ضيق موسعنو بالونسة والتواصل والحميمية خش اخوكم، وقال يحلق رأسين بموس واحدة، يعني اشيل شعري واتونس مع الشاب الجذاب ده، اولا عرفني بروحه وقال هو حسين عباس 12 سنة شغال في ريسين الناس، واضاف ضاحكاً انو اتعلم الشغلة دي في رؤوس اليتامى ناس الداخليات ومن دييك وعييك، ولما سألتو عن أنو في فرق ما بين حلاقة الملح والقروش، قال انو المسألة هي ضمير قبل اي حاجة تانية. وفي اجابة على مقومات الحلاق الناجح اجاب ضاحكاً قائلاً هن اتنين عصرة دنيا وطولة بال، وبعداك تعامل جميل مع الزبائن عشان يجوا راجعين، قلت ليهو شباب الشجر والاعمدة ديل كيف معاك ما اي زول شايل مقص حلاق يا حبة، المسألة دائرة عرفة، الحلاقة دي زي السواقة ذوق وفن. قلت ليهو البجيك منو هنا.. كتار اطباء ومهندسين واحمد ابراهيم الطاهر رئيس البرلمان بجيني هنا.. وبالمناسبة انا كل الريسين عندي واحد.. سألتو عن انواع العدة الشغال بيها، فاجاب انو التطور ده وصل الى حاجة ونحنا زمان كنا شغالين بالمكنة القديمة الكرباكة، هسة بقينا شغالين بالموسر الالمانية.
سألتو عن موضة الحلاقة، فاجاب انو الناس رجعت من تاني للصلعة، يعني جوردان، وبالمناسبة انا عندي رأي في حلاقة الصياعة المالية البلد دي، ومن اعداء البوب لانو ما قاعد يعبر عن قيمنا ولا عاداتنا وتقاليدنا وعندنا مكنة بتاكل الزلط، وفي نفس الوقت عندنا الثقافة البنحمي بيها انفسنا والزبائن من الامراض وشعارنا موس واحدة لكل رأس، وفي اجابة عن طبيعة العمل في يوم التاسوعة قال بكون واقف من ثمانية لحدي ثمانية، وبشتغل على طريقة السرعة والاتقان لكن بوقف الونسة لانو الوقت للعمل.
وفي ختام حديثه اكد علي ان مهنة الحلاقة مهنة نبيلة ولقى فيها نفسه وكون ذاتو. وما بين صوت المكنة التي تجز الشعر ودعته وسط ابتسامته وطلابه الذين ينهلون المهنة من المعلم.. وبرفعوا شعار استمراريتها من أجل زول انيق وجميل.


وسط مجموعة من الأكياس والميزان ظهرت من خلفهم ابتسامة داؤود الذي وجدته يحاجج في واحد من الزبائن حول الحلاوة انواعها. وظنني احد الزبائن وعندما اخبرته بخلفيتي زدادت ابتسامته، واضاف العيد حلاوة يا حبة عشان كده نحنا بنجيبا ونعيد تشكيلها يعني شركات وكده، والامور سالكة والسعر حلاوة، بس بنلم المستورد والسوداني في كيلو واحد شفت العولمة دي. وبعداك الامور لحدي حسه ظابطة وحنعيد نحنا والتانين.


بخاري الذي يجلس جوه دكانو في انتظار بواكير العيد وقد جهز جميع المشروبات الغازية التي ضاعت تحت نكهة الحلو مر، وتراجع الاقبال عليها، قال لي انو نحن جاهزين موية ونور وملينا التلاجات خصوصاً وانو خلاص بقت كلها يوم واحد والناس تشرب المويه بعد رمضان، وفي المقابل اكد انو السوق اليومين دي جاري كويس خصوصاً حاجات الخبيز. وختم حديثه تفطروا على خير عشان ندور القدرة دي شهر قاعدة في الانتظار.


الفاتح الضو القادم من كردفان وجدته يضع أمامه مجموعة من الأشياء المتناقضة يعني دبابة وركشة وجيم 3 ومسدس موية وكلاش ليزر مع بنية حلاة الدنيا بي عيونا الخضر.. سألتوا عن العاب الاطفال قال انو ده عيد الشفع وفرحهم هو الاساس، عشان كدي انا بجلب الحاجات دي، وبالمناسبة الكلاشات هي الاكثر مبيعاً، عشان كدي قفلوا اضنيكم من حسه، وانا ما مسؤول عن أي ازعاج. وسألتو قلت ليه انت شغال بتبيع من دموع الشفع، قال بالعكس نحنا اسعارنا بتفرح الشفع وبتمسح دموع الكحل.


ابتسامته تبرز فيها براءة الطفولة، وهو يتوسد الارض على انقاض كرتونة بالية والفقر الذي مد حباله ويقيد بها اسرته التي ربما توجد في مكان آخر، وجعلته يمد يديه يطالب الناس بفرحة العيد عبر حق الفطرة في شهراً يمتد خيره حتى بعد ان ينتهي - ياسر ورفاقه ايضاً من الرعية.

? حافظ عبد الله - عطرتي كل الدنيا وانتي مارة
قادتني له أنفي وجدته يضع امامه مجموعة من القوارير قزازات ما تفهمونا غلط، وينادي عليها بصوته. وقطع نداءه صوت احد الهلالاب وهو يمازحه عندك ريحة ايفوسا.. كان هذا مدخلي. وقال لي ريحة ايفوسا دي لسه ما وصلت، وسرعان ما بدا يعدد انواع الريحة الباريسية والتركية وغيرها، وبعيداً عن توجهاته الحمراء انزلقت منه كلمة في ريحة البرنس وهي الاكثر مبيعاً والسوق ماشي كويس، خصوصاً انو نحنا قاعدين نبيع بأسعار في متناول الجميع.

اتونسها الزين عثمان

أبونبيل
21-09-2009, 11:53 PM
دنيا الناس ... غرائب ..!!

عم صالح وزوجته سكينة وإبنهما محمد ، أسرة سودانية كانت تقيم بمصر إبان عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر .. حيث الأب صالح كان يعمل عند أسرة يهودية بالقاهرة ..وعندما تعرضت مصر للعدوان الثلاثي طرد نظامها كل الأسر اليهودية بما فيها تلك الأسرة التي يعمل عندها العم صالح ..أختارت الأسرة الهجرة إلي فرنسا ، وأقترحت لعم صالح بأن يرافقها في تلك الهجرة بصحبة إبنه الذي لم يكن قد تجاوز الست سنوات عمرا ..فوافق طمعا في رغد العيش وأملا في توفير مستقبل زاه لإبنه في فرنسا ، تعليما وتأهيلا ..وقد كان ..حيث غادر مصر - بصحبة إبنه - مع تلك الأسرة إلي فرنسا بعد أن أرسل زوجته سكينة إلي السودان لتقيم مع أهلها بالخرطوم بحري ..!!
** بعد خمس سنوات من الهجرة ، مرض عم صالح هناك ولم يعد قادرا على العمل ، فأقنعته الأسرة اليهودية بالعودة إلي وطنه، ولكن وحده بلا إبنه محمد ، حيث إلتزمت له ذات الأسرة بتحمل كل أعباء تربية إبنه وتعليمه هناك .. فوافق عم صالح للمرة الثانية ، وعاد وحيدا ، تاركا طفله مع تلك الأسرة اليهودية ..وإستقر به المقام حيث زوجته التي تكبدت رهق رعايته حتى إسترد عافيته ، وظل معها حينا من الزمن حتى إنتقل إلي الرفيق الأعلى ، رحمة الله عليه ..ولكن منذ عودته وحتى وفاته لم يتم أي نوع من أنواع التواصل مع إبنه الذي تركه مع الأسرة اليهودية بفرنسا ..وكذلك لم تبذل تلك الأسرة أي جهد لمد حبل التواصل بين الطفل ووالديه .. وهكذا ظل حال التواصل مقطوعا بين الطفل وأمه وأبيه وأهله .. !!
** وعلى ذاك الحال تجاوز الإبن داخل تلك الأسرة اليهودية مرحلة الطفولة ثم الصبا والمراهقة ، حتى تجاوز الخمسين عمرا ..حيث لم يعد بذاكرته أى شئ عن أمه وأبيه و بلده وأصله وحسبه وإسمه ، وحتى عقيدته التي كانت إسلامية بالفطرة وعند الطفولة حلت محلها اليهودية ..نعم نجحت الأسرة اليهودية في نزع كل تلك الأشياء من ذاكرة الطفل وقلبه ، حيث شب وشاب يهوديا .. وتزوج بممرضة فرنسية تعمل بأحد مشافي باريس و أنجب منها إبنه دانيال وإبنة لا أذكر إسمها حاليا.. والممرضة الفرنسية هذه هى التي تعرفت بأحد قساوسة الخرطوم بحري قبل أربع سنوات عندما ذهب الي باريس مستشفيا ، ودار بينهما الحديث عن السودان ، وهنا تذكرت الفرنسية بأن زوجها كان قد حدثها ذات يوم بأن أصوله من دولة إفريقية إسمها السودان ، ولكنه لايعرف أي شئ عن تلك الأصول ..ونجح القس في تطوير هذه المحادثة إلي عملية بحث عن أية معلومة تخص هذا السوداني المنسي .. !!
** ونجح .. قبل عامين وبواسطة موظفة بوزارة الزراعة نجح القس فى مد حبل التواصل بين الإبن وأمه التي لا تزال على قيد الحياة .. وفيما بعد نجح في إحضار الإبن من فرنسا .. حيث جاء يحمل الخمسين ونيف عمرا .. وكم كان محزنا عندما لم يستطع أن يتعرف على أمه التي إستقبلته عند صالة الوصول بصحبة أهلها و إبنها الثاني والذي هو شقيق هذا القادم الغريب الوجه واليد واللسان والثقافة والدين .. لحظة التلاقي كانت مؤلمة ، حيث الأم ذات السبعين ونيف إنتظرت تلك اللحظة بحنان الأم وإشتياقها لإبن فارقها طفلا وها هو يعود رجلا .. ولكن لحظة التلاقي عند الإبن لم تكن مشبعة بتلك الأحاسيس ، بل كانت مجرد لحظة إستكشاف ومعرفة هذه المرأة التي أنجبته، بدليل إبداء رغبته في أن يستضيفه القس بمنزله لحين عودته إلي فرنسا سالما .. ولكن بالطريقة السودانية أقنعوه بأن منزل الأب والأم هو المكان الأفضل للابن .. وقد كان بعد توسط وموافقة القس ..المهم ، التقيا ومكث معها عشرين يوما ، وكانت لغة العيون هي لغة التفاهم بينهما طوال العشرين يوما ، ما لم يزرهما مترجم ..قبل رمضان بشهرين ، غادر إلي فرنسا حيث أسرته الصغيرة وتلك الأخرى التي نزعت منه عقيدته وهويته ولغته وثقافته ..هكذا القصة الواقعية لعم صالح وزوجته وإبنهما .. سردت بعض تفاصيلها ، تاركا كل المغزى لفطنة القارئ وفطرته السليمة .. !!

الطاهر ساتى

مدنيّة
21-09-2009, 11:57 PM
هسي ياعمو عصام في داااعي لايفوسا دا :cool:



كل سنة وانت والاسرة بالف خير يارب
وعقبال ما تعرس لنبيل وتشوف اولاد اولاده


العيد احساس جميل

ابوخالد
22-09-2009, 01:09 AM
ما أطعم وأشهى طعم العيد فى بلادى .... ما أروعه ...

حرمتنا الأغدار من تذوق هذه المتعة ....

ولكن تذوقناها وعشناها ...

كأحلى ماتكون .... من خلال سردك الجميل للأحداث ...

التى تحكى الواقع والمعمول ....

فلك الشكر .... مساحات من الود والإخاء ....

ولنا الصبر .... ومرارة الغربة .... وبُعد الشلة واللمة ...

والأهل الحُنان ...

ولك ولجميع الأهل ... نقول ...


http://farm1.static.flickr.com/126/333854963_6b37dd2669.jpg


قصة الضياع هذه ألمتنى أشد الإئلام .....

فله العزر ... ولأهله كل العتب ....

ولك كل الود والإحترام ..

محمد ابراهيم خليفه
22-09-2009, 01:20 AM
ابو نبيل

كل سنه وانت طيب

نستمتع ونزداد دائما بما تكتب

ربنا يخليك