خـيـــال جـــامح

[ولدمارنجان]

حين يجرك العنت ويشدك الطمع ، ويسكنك الجشع ، وتسحبك اسلاك الحلم بعيداً جداً ، وتصارع أوهام النصر الكاذبة ، ويهمس إبليس في اذنيك يغريك بالمجد ملاذاً وبالقصر مثوى وبالكنز ثوابا ، وحين تمتلك قلباً قاصراً وتتقمص فكراً غادراً وتروج حديثاً ملوثاً وتحكى تاريخاً مزيفاً من تكون ؟ وحين تنقض بمخالبك على الرؤى فتخونك لذة المجد وتخذلك شهية النصر .. من تكون ؟ .. ابق انساناً ،، ابق انساناً يركب قارباً ويصيد سمكاً .. ويسكن كوخاً ويمتطى جواداً .. ابق انساناً يصافح الغصن صباحاً .. ويصادق البحر غروباً مرافقاً للمرافئ اينما تسير ،، ابق انساناً يسمع الطيور تغرد ،، ويلهو من النسيم طرباً ،، ابق انساناً وحلق في الفضاء الكون نسراً ،، واشرب من كاس الحقول حياة ،، واطلب صفاء الهواء مراداً ،، وامتص رحيق النقاء ، ثم اصعد فوق جبال النصر فخراً واصرخ ،، انا انسان ،،، انا انسان . تخيلت ان نيزكاً ضرب الارض ، وبرقاً ورعداً وومضاً زقت السماء فأصابها خلل ، وانتشرت في الجو وباء ، فمخزون الاخلاق خرم وتسرب محتواه ، وضمير الانسان ثغب ونزف وبات محتضراً يصارع الموت ، وحل قحط بكوكبنا ، وتلوث وكارثة قد دمرت كرتنا الارضية ، وتجردت الطبيعة من الوانها ، والورود من جمالها ، وودعت مراسم الربيع فصولها ، والطيور أعشاشها ، وهجر القمر ارضنا ، وهربت النجوم من سمائنا ، وانقرضت فصيلة الانسان ، تئن الارض بعد بكاء وترفع راية الحداد وتشهد ولادة فصيلة جديدة من البشر يتذكرون بعد حين ان كائناً اسمه الانسان كان يعيش على الارض ... مجرد خيال جامح لرأس اصابه الوجع من كثره التجاوزات .