الطيب علي فرح
29-10-2009, 01:52 AM
كان الأستاذ الجليل والمربي الفاضل عبد المجيد مصطفى من أكثر الأساتذة الذين يتقنون كيفية استخدام خرطوش ( الدقو شين ) ..وهو للذين لا يعرفونه خرطوش أسود ( شين ) يعتبر من أسوأ إختراعات الإخوة في شعب الصين .. فبسبب هذا الخرطوش .. ياااما في ناس خلت القراية .. وبسببه ياااما ( دكينا ) الكثير من الحصص التي كان من الممكن أن تضيف الى رؤوسنا الكثير من المعلومات .. ونحمد الله ان عقوبة الجلد في المدارس قد تم إلغاؤها تماما .. أصلا طلاب ( الزمن دا ) ماشة معاهم ( بااسطة ) ..!! على الرغم من فرحتى بإلغاء عقوبة الجلد في المدارس .. إلا أنني أخشى جدا أن ينقلب هذا القرار الى صالح الفوضى والتسيب .. أصلا في ناس ما بتمشي إلا بالسوط ..!!
كان الأستاذ عبد المجيد من المشهورين أيضا بشطارتهم في تدريس مادة الرياضيات .. إضافة الى إشتهار طريقته المميزة في جلد التلاميذ .. فلم يكن الأستاذ عبد المجيد من الذين يرفعون السوط عاليا ثم ينزلون به ( طااااخ ) على ظهر التلاميذ .. فمثل هؤلاء يعتبر الطلاب جلدهم ( موية ساكت ) .. الأستاذ عبد المجيد كان مشهورا بالجلد (العصابي) حيث يضع كل قوته في ساعده دون الحاجة الى رفع اليد التي تحمل الصوت عاليا .. وكان طعم الألم عندما ينزل سوط الأستاذ عبد المجيد على الأجساد أشد قسوة من بقية سيطان الأساتذة على جلود التلاميذ .. وأسوأ ما في الأمر أن الألم يظل باقيا أثره ليومين أو أكثر .. وربما يعود تميز الأستاذ عبد المجيد في عقوبة الجلد الى خلفيته وعرقيته ( الجعلية ) الحامية .. ومن من لا يعلم ( بطان ) الجعلية وقسوته .. لذلك فقد كان العقاب بسوط الأستاذ عبد المجيد في أحايين كثيرة أصدق أنباء من الكتب ..
في تلك الأيام كانت مدرسة ( دردق ) المتوسطة هي المسيطرة تماما على البطولات المدرسية .. تحديدا في منشط كرة القدم .. وتعود أسباب هذه السيطرة الى عدة عوامل أولها أن مدير المدرسة في ذلك الوقت كان هو الأستاذ عبد الرحمن ( جكسا ) الإداري و ( الكورنجي ) الكبير وأستاذ الجغرافيا المدجج بالمعلومات الكثيفة.. وهو للذين لا يعرفونه من صناع نهضة كرة القدم في منطقة مدني شرق وتحديدا أحياء دردق .. حي ناصر وجزيرة الفيل وقد تخرج على يديه العديد من النجوم والإداريين الذين قادوا أمر كرة القدم في تلك المنطقة .. المهم نعود لمدرسة دردق المتوسطة وسيطرتها المطلقة على بطولات الدورة المدرسية .. حيث كانت المدرسة إضافة الى خبرة جكسا تضم مواهبا شاهدها كل السودان تقريبا .. لؤي عوض لاعب الإتحاد مدني السابق .. هشام الصيني .. محمد على عوض .. يوسف دورية .. وغيرهم من الشباب الذين غابت نجومهم سريعا .. تماما كما أفل نجم كرة القدم في مدني ..!!
في إحدى البطولات المدرسية وبعد أن وصلت الى المباراة النهائية في منشط كرة القدم ( كالعادة ) قام الأستاذ ماجد مدرس اللغة العربية المشرف على فريق كرة القدم والذي كان يمتلك لمسات ومهارات كروية عالية جدا إضافة الى خبرته في كيفية رعاية الفريق وإعداده معنويا .. قام بإعداد معسكرا إعداديا للفريق داخل مباني المدرسة .. حضر الجميع الى المعسكر استعدادا للمباراة التي كانت سوف تقام في ميدان رابطة حي ناصر .. حضر الجميع وغاب عنهم فقط اللاعب هشام الصيني .. كان الأستاذ ماجد قلقا للغاية من تأخر هشام الصيني الذي يعول عليه كثيرا نسبة لمهاراته العالية جدا وحساسيته المفرطة مع الشباك .. وبينما كان الأستاذ ماجد متكئا على نجيل المدرسة وهو في غاية القلق .. دخل هشام الصيني من بوابة المدرسة .. ولعلمي بقلق الأستاذ ماجد الذي حاول أن يخفيه عن بقية اللاعبين قمت سريعا بزف النبأ السعيد لحضرته .. يا أستاذ .. هشام الصيني وصل .. فنهض الأستاذ ماجد من ( نجيلته ) كمن أفزعه حلم مزعج فهرب سريعا الى( الصحيان ) وتوجه بنظره الى بوابة المدرسة فشاهد هشام الصيني وهو يتقدم مسرعا في إتجاهنا .. فهتف الأستاذ ماجد أستاذ ( اللغة العربية ) بعالي صوته قائلا « وكأنما أمسكت قمرا بين يدي «
بالفعل .. إستطاعت مدرسة دردق أن تتفوق .. في تلك المباراة واستطاع الصيني أن يسجل فيها .. تماما كما توقع الأستاذ ماجد .. وأعتقد ان لم تخني الذاكرة أن يوسف دورية قد أفلح أيضا في تسجيل هدف في هذه المباراة .. وليوسف هذا حكاية معي أنا شخصيا عندما كنت لاعبا بفريق الأمل .. حيث كانت هنالك مباراة بين فريق الأمل وفريق البكري .. وللأسف الشديد وقبل بداية المباراة بدقائق تعرض حارس مرمى الفريق لصداع مفاجئ فتبرعت أنا بأن أكون البديل لهذا الحارس .. وكان يوسف دورية في ذلك الوقت نجم الرابطة بلا منازع .. كان مشهورا جدا بتسديداته القوية الصاروخية .. وأذكر أنني في تلك المباراة قد لعنت اللحظة التي قررت أن أحرس فيها هذا المرمى فقد سدد دورية أكثر من ثلاث كرات من مسافة أقرب الى دائرة السنتر .. جميعها اصطدمت بعارضة المرمى مرة وبقوائمها مرات .. الطريف في الأمر أن الحديد المكون للمرمى كان يصدر أصواتا مخيفة تستمر لفترة طويلة بعد التسديدة .. !! مسئولين من الخير أن يوسف دورية الآن .. لم أسمع عنه أي خبر بعد ذهابه من فريق الهلال العاصمي ..!! ضاااااع في الزحام أيضا ؟؟
كانت مدني جميلة جدا في تلك الأيام .. ( ولله ) لم يكن أهلها ليشغلوا أنفسهم أبدا بمباريات هلال مريخ إذا ما صادف في نفس التوقيت قيام مباراة بين ألأمل وحي ناصر ..أو الإسماعيلي وجزيرة الفيل .. أو الربيع والشباب .. وهي في ذلك الوقت أندية روابط ليس إلا .. فتخيلوا معي كيف يكون الحال في منافسات أندية الدرجة الأولى الأهلي والإتحاد والنيل وغيرها ..!! إفتقدت مدني لمثل الإنضباط الذي كان يفرضه الأستاذ عبد المجيد و ( دقو شينه ) .. والخبرة والحنكة الإدارية التي كان يدرسها للجميع الأستاذ عبد الرحمن جكسا .. وافتقدت الى من يعتني بمواهبها مثلما كان يفعل الأستاذ ماجد مدرس اللغة العربية .. فضاعت من بين أيدي مدني العشرات والعشرات من الأقمار
أتحاشى كثيرا الكتابة عن مدينتي الحبيبة الى قلبي مدني .. فأنا لا أقوى على تصورها مهزومة ومتراجعة .. أخشى كثيرا التفكير في الحال الذي آلت اليه هذه المدينة حتى لا تطاردني وساوس إستحالة عودتها مرة أخرى .. مدني أضحت كألم مزمن في كبدنا .. والله على ما نقول شهيد
قف :
يااا قمر غايب
كان الأستاذ عبد المجيد من المشهورين أيضا بشطارتهم في تدريس مادة الرياضيات .. إضافة الى إشتهار طريقته المميزة في جلد التلاميذ .. فلم يكن الأستاذ عبد المجيد من الذين يرفعون السوط عاليا ثم ينزلون به ( طااااخ ) على ظهر التلاميذ .. فمثل هؤلاء يعتبر الطلاب جلدهم ( موية ساكت ) .. الأستاذ عبد المجيد كان مشهورا بالجلد (العصابي) حيث يضع كل قوته في ساعده دون الحاجة الى رفع اليد التي تحمل الصوت عاليا .. وكان طعم الألم عندما ينزل سوط الأستاذ عبد المجيد على الأجساد أشد قسوة من بقية سيطان الأساتذة على جلود التلاميذ .. وأسوأ ما في الأمر أن الألم يظل باقيا أثره ليومين أو أكثر .. وربما يعود تميز الأستاذ عبد المجيد في عقوبة الجلد الى خلفيته وعرقيته ( الجعلية ) الحامية .. ومن من لا يعلم ( بطان ) الجعلية وقسوته .. لذلك فقد كان العقاب بسوط الأستاذ عبد المجيد في أحايين كثيرة أصدق أنباء من الكتب ..
في تلك الأيام كانت مدرسة ( دردق ) المتوسطة هي المسيطرة تماما على البطولات المدرسية .. تحديدا في منشط كرة القدم .. وتعود أسباب هذه السيطرة الى عدة عوامل أولها أن مدير المدرسة في ذلك الوقت كان هو الأستاذ عبد الرحمن ( جكسا ) الإداري و ( الكورنجي ) الكبير وأستاذ الجغرافيا المدجج بالمعلومات الكثيفة.. وهو للذين لا يعرفونه من صناع نهضة كرة القدم في منطقة مدني شرق وتحديدا أحياء دردق .. حي ناصر وجزيرة الفيل وقد تخرج على يديه العديد من النجوم والإداريين الذين قادوا أمر كرة القدم في تلك المنطقة .. المهم نعود لمدرسة دردق المتوسطة وسيطرتها المطلقة على بطولات الدورة المدرسية .. حيث كانت المدرسة إضافة الى خبرة جكسا تضم مواهبا شاهدها كل السودان تقريبا .. لؤي عوض لاعب الإتحاد مدني السابق .. هشام الصيني .. محمد على عوض .. يوسف دورية .. وغيرهم من الشباب الذين غابت نجومهم سريعا .. تماما كما أفل نجم كرة القدم في مدني ..!!
في إحدى البطولات المدرسية وبعد أن وصلت الى المباراة النهائية في منشط كرة القدم ( كالعادة ) قام الأستاذ ماجد مدرس اللغة العربية المشرف على فريق كرة القدم والذي كان يمتلك لمسات ومهارات كروية عالية جدا إضافة الى خبرته في كيفية رعاية الفريق وإعداده معنويا .. قام بإعداد معسكرا إعداديا للفريق داخل مباني المدرسة .. حضر الجميع الى المعسكر استعدادا للمباراة التي كانت سوف تقام في ميدان رابطة حي ناصر .. حضر الجميع وغاب عنهم فقط اللاعب هشام الصيني .. كان الأستاذ ماجد قلقا للغاية من تأخر هشام الصيني الذي يعول عليه كثيرا نسبة لمهاراته العالية جدا وحساسيته المفرطة مع الشباك .. وبينما كان الأستاذ ماجد متكئا على نجيل المدرسة وهو في غاية القلق .. دخل هشام الصيني من بوابة المدرسة .. ولعلمي بقلق الأستاذ ماجد الذي حاول أن يخفيه عن بقية اللاعبين قمت سريعا بزف النبأ السعيد لحضرته .. يا أستاذ .. هشام الصيني وصل .. فنهض الأستاذ ماجد من ( نجيلته ) كمن أفزعه حلم مزعج فهرب سريعا الى( الصحيان ) وتوجه بنظره الى بوابة المدرسة فشاهد هشام الصيني وهو يتقدم مسرعا في إتجاهنا .. فهتف الأستاذ ماجد أستاذ ( اللغة العربية ) بعالي صوته قائلا « وكأنما أمسكت قمرا بين يدي «
بالفعل .. إستطاعت مدرسة دردق أن تتفوق .. في تلك المباراة واستطاع الصيني أن يسجل فيها .. تماما كما توقع الأستاذ ماجد .. وأعتقد ان لم تخني الذاكرة أن يوسف دورية قد أفلح أيضا في تسجيل هدف في هذه المباراة .. وليوسف هذا حكاية معي أنا شخصيا عندما كنت لاعبا بفريق الأمل .. حيث كانت هنالك مباراة بين فريق الأمل وفريق البكري .. وللأسف الشديد وقبل بداية المباراة بدقائق تعرض حارس مرمى الفريق لصداع مفاجئ فتبرعت أنا بأن أكون البديل لهذا الحارس .. وكان يوسف دورية في ذلك الوقت نجم الرابطة بلا منازع .. كان مشهورا جدا بتسديداته القوية الصاروخية .. وأذكر أنني في تلك المباراة قد لعنت اللحظة التي قررت أن أحرس فيها هذا المرمى فقد سدد دورية أكثر من ثلاث كرات من مسافة أقرب الى دائرة السنتر .. جميعها اصطدمت بعارضة المرمى مرة وبقوائمها مرات .. الطريف في الأمر أن الحديد المكون للمرمى كان يصدر أصواتا مخيفة تستمر لفترة طويلة بعد التسديدة .. !! مسئولين من الخير أن يوسف دورية الآن .. لم أسمع عنه أي خبر بعد ذهابه من فريق الهلال العاصمي ..!! ضاااااع في الزحام أيضا ؟؟
كانت مدني جميلة جدا في تلك الأيام .. ( ولله ) لم يكن أهلها ليشغلوا أنفسهم أبدا بمباريات هلال مريخ إذا ما صادف في نفس التوقيت قيام مباراة بين ألأمل وحي ناصر ..أو الإسماعيلي وجزيرة الفيل .. أو الربيع والشباب .. وهي في ذلك الوقت أندية روابط ليس إلا .. فتخيلوا معي كيف يكون الحال في منافسات أندية الدرجة الأولى الأهلي والإتحاد والنيل وغيرها ..!! إفتقدت مدني لمثل الإنضباط الذي كان يفرضه الأستاذ عبد المجيد و ( دقو شينه ) .. والخبرة والحنكة الإدارية التي كان يدرسها للجميع الأستاذ عبد الرحمن جكسا .. وافتقدت الى من يعتني بمواهبها مثلما كان يفعل الأستاذ ماجد مدرس اللغة العربية .. فضاعت من بين أيدي مدني العشرات والعشرات من الأقمار
أتحاشى كثيرا الكتابة عن مدينتي الحبيبة الى قلبي مدني .. فأنا لا أقوى على تصورها مهزومة ومتراجعة .. أخشى كثيرا التفكير في الحال الذي آلت اليه هذه المدينة حتى لا تطاردني وساوس إستحالة عودتها مرة أخرى .. مدني أضحت كألم مزمن في كبدنا .. والله على ما نقول شهيد
قف :
يااا قمر غايب