faqatar007
08-11-2009, 10:25 PM
الجرح الثلاثي
بين الإنفتاح والضياع
عقول تاهت عن قيمها وتناست معاييرها
طالما نحن فى امرة متصهينون اكثر من الصهاينه
تعيش المجتمعات العربية تخلفا حضاريا جد مركب جعلها في وضع
بين الأمم و الحضارات الأخرى لا تحسد عليه. تخبطت فيه منذ قرون
عديدة وقد ظهر هذا التخلف بصور و أشكال مختلفة بحسب طبيعة
و خصوصية كل فترة تاريخية من فترات هذه الحقبة الطويلة المظلمة
كان أبرزها دخول هذه المجتمعات منذ الاستقلال حتى الآن في مسلسل
تحديث للبنيات العتيقة السياسية والاقتصادية و الثقافية و الاجتماعية التي
تتسم بها حاولت فيه تطبيق نماذج حضارية غربية شملت مختلف مظاهر
الحياة العصرية ( إدارة عسكر تعليم) بشكل تعسفي جعل في النهاية
التعايش ما بين “العصري” و “التقليدي” العتيق يتسم بالمفارقة و جعل
بالتالي المشهد الحضاري العربي الآني يبدو قاتما يثير السخرية و الشفقة
في نفس الوقت.
فمنذ أن استفاق العرب من ” كومتهم العميقة ” التي سببتها ضربات
” الغزو المغولي ” الموجعة وما أعقب ذلك من قضاء نهائي على الإمبراطورية
العربية و الإسلامية انتهجوا طرقا و سياسات و استراتيجيات مختلفة بغية
التقليص من هذه المسافات و التباعدات الحضارية بينهم وبين المجتمعات
المتحضرة فمنهم من فتح شرفات الوطن لتهب نسمات الغرب بنكهة ليبرالية
و رأسمالية و منهم من أوصد كل المنافذ و سد جميع الثغرات و اكتفى بمغازلة
الحاضر على إيقاعات نوستالجية ماركسوية و منهم من توسد ” عقائديات ” خالدة
و افترش أمجاد و بطولات الأجداد و راح في نومة ” دوغماتية ” عميقة لم
يستفيق بعد منها إلى حد هذه الساعة .
كل هذه الأصناف تمثلت لها صورة الغرب على أنه ذلك”الآخر المزعج ” الذي
تغلغل في النسيج الثقافي و فجره تفجيرا و استباح المعايير والنظم الأخلاقية
والمقدسات المصونة بعيدا عن كل التصورات الواقعية و الحقيقية التي
ستخرجها من مأزق تنمية غير محسوبة النتائج و العواقب لم تقدها إلى السبل
الحقيقية للتحديث الحقيقي المستدام و لم تكلف نفسها عناء النظر إلى مختلف
تمثلانها عن ذاتها ..
وقد ازدادت حدة مفعولات هذه “الإستيهامات ” الرافضة لا شعوريا للغرب
و عصرنته مع بداية هذه الألفية الثالثة نتيجة ما عرفته الحضارة الغربية الرأسمالية
من طفرات و فجوات رقمية استجابة للتطورات التي شهدتها الثورات العلمية في
مجال الاتصالات و التكنولوجيات الرقمية .
فالعدد الكثير من الدراسات العربية التي قامت برصد تقاطعات هذا التخلف مع
الحداثة الغربية فد انصب جهدها على المستويين الموضوعي و المنهجي لفهم
البنية النفسية و الذهنية الحالية التي تشكل عليها الإنسان العربي المعاصر
انطلاقا من رصد أهم ميكانيزمات هذه الأزمة الحضارية .
فإذا كان مفهوم” الحضارة ” كما عرفه الأنثروبولوجيون يعني الإنتاج المادي
و الروحي لدى شعب من الشعوب و الذي تأسس انطلاقا من مواجهة الإنسان
لعناصر الطبيعة و السيطرة عليها انطلاقا من اكتشاف قوانينها و العمل على
توريث هذه المكتسبات الثقافية للأجيال اللاحقة . فإن هذا التعريف يقدم فكرة
أساسية ألا وهي أن بناء الحضارة هو من بناء الإنسان. وهنا ينبغي طرح
التساؤلات التالية : هل يمكن الحديث عن حضارة ما و إغفال ذلك الإنسان
الذي قام ببنائها و كلفه ذلك تضحيات جسام في سبيل تجديدها عبر تثوير
عناصرها بغية أن يستفيد منها الجيل اللاحق و ينهل منها كقاعدة تنظيمية
و حياتية تنير له طريقه و تجعله قادرا في النهاية على مجابهة تحديات
العصر ؟ كيف يمكن إذن فهم بناء حضارة دون فهم بناء ال إنسان ؟
وهل يمكن فهم الإنسان دون فهم دقيق لعالم الطفولة ؟
ألا تشكل الخصائص و السمات النفسية التي يكتسبها الأطفال في المراحل
الأولى و المتوسطة و المتأخرة من طفولتهم بنيات تحتية و قاعدة مرجعية
لوجودهم لفكري و الروحي و الأخلاقي الإنساني يصعب مستقبلا تغيير
مواقفها و اتجاهاتها التي تستند عليها ؟
وهل السلوك الإنساني هو ترجمة إجرائيا و عمليا لتلك التصورات الذهنية
التي تتشكل مند الطفولة إلى الرشد, من ثقافة المجتمع .
فبناء على هذه التساؤلات يمكن تحليل وضعية التخلف الحضاري المركب
التي انطلقنا منها في بداية هذا المقال بالقول أن أطفال العالم العربي
يتعرضون لتنشئة اجتماعية قد قلبت موازين و معادلات نسقهم التربوي
الذي كانوا يخضعون له والذي يتجلى في دور كل من الأسرة أو البيت
و المدرسة و الإعلام بحيث أصبحت تستند الآن على وسائل جد متطورة
فرضتها العولمة أثرت في عقولهم و أنظمة إدراكهم , و أدت إلى تذويب
الخصوصيات الثقافية , باسم” التنوع الثقافي ” و” التثاقف “و” المثاقفة “.
وهذا مبعث تساؤلنا التالي : ألا يشكل هذا الإجراء المنهج من قبل العولمة
تهديدا للمقومات الحضارية التي تستند عليها كل حضارة ما تروم التجديد و التجدد
و بالتالي نسفا لتلك التي يسميها “كلود لفي ستر وس ”ب القاعدة الثقافية ”
التي تتأسس عليها هوياتهم و مرجعياتهم الثقافية و الروحية و الحضارية ؟
فإذا كانت العولمة في مظهرها العام هي تعميم للنموذج الثقافي الغربي و جعله
” عالميا ” عبر نقله من مجال “الخصوصية ” إلى مجال “العمومية “و “الكونية “ وإذا
كانت هذه العولمة أيضا تشكل تعبيرا عن ” ما بعد الحداثة ” كمرحلة تعيشها
الدول الغربية على مستويات عدة :
اقتصادية و تكنولوجية و اجتماعية و سياسية و ثقافية هي في انسجام فإنها
لا يمكن أن تبدو لنا ، نحن العرب , المنتمون لثقافة مغايرة لثقافة الغرب إلا
” تسويقا ” لنموذجها الثقافي و الحضاري يتعارض مع ما يرفع من مستوى الفعل
الثقافي الخصوصي لدى الشعوب المستضعفة .
لا يقتضي منا و الحالة هذه لكي نخرج من وضعية التخلف المركبة الاستهانة
و الاستخفاف بثقافة الأطفال. فطابعها البنائي المتجه صوب تنمية مختلف القدرات
و المهارات في الشخصية يعزز الفعل التكويني للثقافة .هذا الأخير الذي لا يمكن
بتاتا رده إلى مجرد مكتسب معرفي , كما دأبت المقررات الدراسية في العالم
العربي على ترسيخه في الفعل الديداكتيكي و البيداغوجي التربوي بل يجب
اعتباره نتاجا لتكثيف ثقافي ينحت الهويات في جسم الطفولة و يِؤصلها .
فالإنسان هو صانع الحضارة و العكس أيضا صحيح.
بين الإنفتاح والضياع
عقول تاهت عن قيمها وتناست معاييرها
طالما نحن فى امرة متصهينون اكثر من الصهاينه
تعيش المجتمعات العربية تخلفا حضاريا جد مركب جعلها في وضع
بين الأمم و الحضارات الأخرى لا تحسد عليه. تخبطت فيه منذ قرون
عديدة وقد ظهر هذا التخلف بصور و أشكال مختلفة بحسب طبيعة
و خصوصية كل فترة تاريخية من فترات هذه الحقبة الطويلة المظلمة
كان أبرزها دخول هذه المجتمعات منذ الاستقلال حتى الآن في مسلسل
تحديث للبنيات العتيقة السياسية والاقتصادية و الثقافية و الاجتماعية التي
تتسم بها حاولت فيه تطبيق نماذج حضارية غربية شملت مختلف مظاهر
الحياة العصرية ( إدارة عسكر تعليم) بشكل تعسفي جعل في النهاية
التعايش ما بين “العصري” و “التقليدي” العتيق يتسم بالمفارقة و جعل
بالتالي المشهد الحضاري العربي الآني يبدو قاتما يثير السخرية و الشفقة
في نفس الوقت.
فمنذ أن استفاق العرب من ” كومتهم العميقة ” التي سببتها ضربات
” الغزو المغولي ” الموجعة وما أعقب ذلك من قضاء نهائي على الإمبراطورية
العربية و الإسلامية انتهجوا طرقا و سياسات و استراتيجيات مختلفة بغية
التقليص من هذه المسافات و التباعدات الحضارية بينهم وبين المجتمعات
المتحضرة فمنهم من فتح شرفات الوطن لتهب نسمات الغرب بنكهة ليبرالية
و رأسمالية و منهم من أوصد كل المنافذ و سد جميع الثغرات و اكتفى بمغازلة
الحاضر على إيقاعات نوستالجية ماركسوية و منهم من توسد ” عقائديات ” خالدة
و افترش أمجاد و بطولات الأجداد و راح في نومة ” دوغماتية ” عميقة لم
يستفيق بعد منها إلى حد هذه الساعة .
كل هذه الأصناف تمثلت لها صورة الغرب على أنه ذلك”الآخر المزعج ” الذي
تغلغل في النسيج الثقافي و فجره تفجيرا و استباح المعايير والنظم الأخلاقية
والمقدسات المصونة بعيدا عن كل التصورات الواقعية و الحقيقية التي
ستخرجها من مأزق تنمية غير محسوبة النتائج و العواقب لم تقدها إلى السبل
الحقيقية للتحديث الحقيقي المستدام و لم تكلف نفسها عناء النظر إلى مختلف
تمثلانها عن ذاتها ..
وقد ازدادت حدة مفعولات هذه “الإستيهامات ” الرافضة لا شعوريا للغرب
و عصرنته مع بداية هذه الألفية الثالثة نتيجة ما عرفته الحضارة الغربية الرأسمالية
من طفرات و فجوات رقمية استجابة للتطورات التي شهدتها الثورات العلمية في
مجال الاتصالات و التكنولوجيات الرقمية .
فالعدد الكثير من الدراسات العربية التي قامت برصد تقاطعات هذا التخلف مع
الحداثة الغربية فد انصب جهدها على المستويين الموضوعي و المنهجي لفهم
البنية النفسية و الذهنية الحالية التي تشكل عليها الإنسان العربي المعاصر
انطلاقا من رصد أهم ميكانيزمات هذه الأزمة الحضارية .
فإذا كان مفهوم” الحضارة ” كما عرفه الأنثروبولوجيون يعني الإنتاج المادي
و الروحي لدى شعب من الشعوب و الذي تأسس انطلاقا من مواجهة الإنسان
لعناصر الطبيعة و السيطرة عليها انطلاقا من اكتشاف قوانينها و العمل على
توريث هذه المكتسبات الثقافية للأجيال اللاحقة . فإن هذا التعريف يقدم فكرة
أساسية ألا وهي أن بناء الحضارة هو من بناء الإنسان. وهنا ينبغي طرح
التساؤلات التالية : هل يمكن الحديث عن حضارة ما و إغفال ذلك الإنسان
الذي قام ببنائها و كلفه ذلك تضحيات جسام في سبيل تجديدها عبر تثوير
عناصرها بغية أن يستفيد منها الجيل اللاحق و ينهل منها كقاعدة تنظيمية
و حياتية تنير له طريقه و تجعله قادرا في النهاية على مجابهة تحديات
العصر ؟ كيف يمكن إذن فهم بناء حضارة دون فهم بناء ال إنسان ؟
وهل يمكن فهم الإنسان دون فهم دقيق لعالم الطفولة ؟
ألا تشكل الخصائص و السمات النفسية التي يكتسبها الأطفال في المراحل
الأولى و المتوسطة و المتأخرة من طفولتهم بنيات تحتية و قاعدة مرجعية
لوجودهم لفكري و الروحي و الأخلاقي الإنساني يصعب مستقبلا تغيير
مواقفها و اتجاهاتها التي تستند عليها ؟
وهل السلوك الإنساني هو ترجمة إجرائيا و عمليا لتلك التصورات الذهنية
التي تتشكل مند الطفولة إلى الرشد, من ثقافة المجتمع .
فبناء على هذه التساؤلات يمكن تحليل وضعية التخلف الحضاري المركب
التي انطلقنا منها في بداية هذا المقال بالقول أن أطفال العالم العربي
يتعرضون لتنشئة اجتماعية قد قلبت موازين و معادلات نسقهم التربوي
الذي كانوا يخضعون له والذي يتجلى في دور كل من الأسرة أو البيت
و المدرسة و الإعلام بحيث أصبحت تستند الآن على وسائل جد متطورة
فرضتها العولمة أثرت في عقولهم و أنظمة إدراكهم , و أدت إلى تذويب
الخصوصيات الثقافية , باسم” التنوع الثقافي ” و” التثاقف “و” المثاقفة “.
وهذا مبعث تساؤلنا التالي : ألا يشكل هذا الإجراء المنهج من قبل العولمة
تهديدا للمقومات الحضارية التي تستند عليها كل حضارة ما تروم التجديد و التجدد
و بالتالي نسفا لتلك التي يسميها “كلود لفي ستر وس ”ب القاعدة الثقافية ”
التي تتأسس عليها هوياتهم و مرجعياتهم الثقافية و الروحية و الحضارية ؟
فإذا كانت العولمة في مظهرها العام هي تعميم للنموذج الثقافي الغربي و جعله
” عالميا ” عبر نقله من مجال “الخصوصية ” إلى مجال “العمومية “و “الكونية “ وإذا
كانت هذه العولمة أيضا تشكل تعبيرا عن ” ما بعد الحداثة ” كمرحلة تعيشها
الدول الغربية على مستويات عدة :
اقتصادية و تكنولوجية و اجتماعية و سياسية و ثقافية هي في انسجام فإنها
لا يمكن أن تبدو لنا ، نحن العرب , المنتمون لثقافة مغايرة لثقافة الغرب إلا
” تسويقا ” لنموذجها الثقافي و الحضاري يتعارض مع ما يرفع من مستوى الفعل
الثقافي الخصوصي لدى الشعوب المستضعفة .
لا يقتضي منا و الحالة هذه لكي نخرج من وضعية التخلف المركبة الاستهانة
و الاستخفاف بثقافة الأطفال. فطابعها البنائي المتجه صوب تنمية مختلف القدرات
و المهارات في الشخصية يعزز الفعل التكويني للثقافة .هذا الأخير الذي لا يمكن
بتاتا رده إلى مجرد مكتسب معرفي , كما دأبت المقررات الدراسية في العالم
العربي على ترسيخه في الفعل الديداكتيكي و البيداغوجي التربوي بل يجب
اعتباره نتاجا لتكثيف ثقافي ينحت الهويات في جسم الطفولة و يِؤصلها .
فالإنسان هو صانع الحضارة و العكس أيضا صحيح.