المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تاجوج كسلا ... إسم إرتـبط به معنى الجمال



abomazeen
23-01-2010, 04:13 AM
تاجوج اجمل قصص التراث الانساني في شرق السودان وفي منطقة كسلا تحديداً وحتي ارتبط اسم الجمال بالمنطقة وذللك للبيئة الجميلة ولجمال تاجوج ...

في قرية عنـاتر بين سفوح التاكا ورباه وعلى ضفة نهر سيتيت الشرقية وفي ادغال واحراش السنط والسدر والأندراب واللالوب واشجار البان التي تغنى بها الشعراء في اعتدال القوام وبين قبائل الضباينة وبني عامر والشكرية والأحباش عاشت قبيلة الحمران ردحاً من الزمن هادئة البال مرتاحة بمقرها الحديث بعد ان فارقت أرض وطنها في ميناء سواكن ملتقى البر والبحر والسحاب والجبال ...

وكانت قبيلة الحمران لا تخشى مطامع جيرانها حتى الأحباش لانها قد أعدت لهم رباط الخيل وصمدت لنزالهم إلى اليوم بشجاعة فتيانها وشيوخها الذين اقتنوا الخيول لصد كل غاز وقد ذكر المؤلف السوداني ود ضيف الله واوضح قيمة الخيل عند الحمران ...

في أواسط القرن الثامن عشر للميلاد تقريباً أنجبت قبيلة الحمران عدة شبان برزّوا كغيرهم في ضروب البسالة والشهامة وأختصهم الله بحب الطبيعة وجمالها فأوحت إليهم بالشعر فنظموا أعمالهم وما أوتوه من مفاخرة فمن بين هؤلاء الشبان الذين سمعنا بشعرهم على بن محمد شقيق تاجوج والمحلّق بن علي زوجها وغيرهما من شباب وشيوخ ....

ونشأت في القبيلة أيضاً فتاة بزت أترابها في الجمال والجاه ناهيك بمن تنشأ في بيت العز والترف ونعيم الحياة وسعدها : لها والد هو عميد القوم وأخ نال نصيبه من الشجاعة ووالدة من ام بني عامراوية فتانة القوام عريضة بيت الملك إذ يمتد ملك أهلها من أقصى نهر سيتيت حتى سواحل البحر الاحمر ...

وما هذه الفتاة إلا تاجوج بنت الشيخ محمد بن علي بن محلق بن محمد بن علي التي دوت أخبارها في أكثر الافاق وتناقل الناس حديث جمالها وسارت الركبان تتغنى بما أختصت به من أدب وذكاء وتسامر الفتيان بشهي حديثها ولذيذ خطابها ...

فتقدم المحلق إلى والدته يطلب منها أن تخطبها له من خاله فأمتثلت الأم وطلبت من أخيها ابنته " تاجوج " لأبنها المحلق فرضي الخال ولكن بعد أن طلب مهراً غالياً من أبن أخيه فأستعان المحلق بوالده وأوجده لأصهاره وكل عاشق لا يعوقه غلاء المهر وتم القِِِران بين الزغاريد والدفوف والرقص ...

عاشت تاجوج تحت سقف الزوجية يرفرف فوقهما ملاك الحب المتبادل وكانا أسعد زوجين عرفتهما أرض القبيلة ولم يكن المحلق معصوماً من الاتصال ببعض الفتيات حبيبات الى نفسه قبل قرانه بتاجوج كدأب أغلب الفتيان في البوادي والمدن وخاصة أولئك الذين يتبعون الكلأ بمواشيهم ...

فمن ذلك ما بلغنا من رواة ثقات حادثة جرت لهذين الزوجين كانت فاتحة الشر بينهما ولا بأس من أن نذكرها هنا بحذافيرها لأن حياتهم لم تهنأ بعدها قيل أن المحلق خرج من خبائه في ليلة شديدة المطر وقد اكتنفها الرعد والبرق وحملق ببصره ليرى اتجاه المطر والأنحاء التي ستحظى بأغزرها فكان وميض البرق على سهول قوز رجب ...

ثم هبت عليه رياح الأمطار من تلك الديار . فتذكر اياماً لذيذة قضاها مع صديقة له نائية الخباء بعيدة الديار ماله من يبعث اليه بشوقه وذكرياته الحلوة وأحلامه اللذيذة إلا لمعان البرق وقصف الرعد وهطول المطر وهبوب الريح وجالت في مخيلته هواجس الاحبة فملكت عليه مشاعره وأنسته موقفه الذي فيه فأنشد :


بَشِِدْ واركبْ على الياخُذ لُه عَنّه فِريوْةَ الرّيفْ مَعَ الّتوبْ المِتِنّى
يَتِبْ عجلانْ قِبُل ما نْلمْ رَسَنّا بيوتْ نُورَة أمْ شِليْخ وين من أَهَلْنَا


فلاح له إيماض البرق ثانية من نفس الجهة فودّ لو أستطاع أن يرب جمله البشاري السريف الذي يثب قبل ان تتمكن أفخاذ المحلق من السيطرة عليه فقال يصف حالته تلك :


بشد وأركب على ودّ البشارى فريق الريف من المحزم تجارى
يتبْ عجلان قبُل ما لم حكارى بلِيدْ نُورَة أم شِلِْيخ اللّيِلة طاري ثم قال :
بَشِدْ واركبْ على أب زرداَ مدانَةْ مِتِل وَدّ الأرايلْ في البطانَةْ
نَِضوهو من كريكر اليوم ترانا نساري الليل على الخدّيرْ فلانة


وبينما هو ساهم في تأملاته وأسفاره الوجدانية ناسياً كل ما حوله وينشد ذلك بصوته المرتفع إذ سمعت تاجوج تلك النفثة الشعرية التي اوحت بها ذكرى الصبا إلى روح الشاعر الحساسة فخرجت من الخباء لترى ما أعترى هذا العاشق المتيم الولهان الذي حرك البرق ولمعانه هذه الزكريات فأنبعثت الأشعار من صميم فؤاده ...

فوجدت نفسها أمام بعلها وجهاً لوجه فأخذت تحرق الأرم من الغيظ والغيرة , وأنقلبت أسارير ذلك الوجه النضير إلى الكآبة والعبوس وكاد يقضي عليها من الحسرة والأسى لولا بقية تعلة وتصبّر وما أهاج ثورة غضبها إلا الخوف والجزع على من وهبت قلبها له وأحبت الحياة لأجله فلن تسمح لقلبه أن يميل مع الهوى أو ترضى أن تنزعه من إحدى بنات حواء فتنغّص عليها عيشها وتجعل حياتها كلها نكداً وبؤسا فقالت له : أعدْ الابيات التي قلتها الأن . فأجابها , قلــت :


أمكْ دَبَاسَة وفُوقْ الفُروعْ وأنتِ بتشبهي المُقْد الفُروعْ
سخلة مصنة الطيب ما فيك ضلوع ليلة فَرِدْ يوم تازن سبوع
فقالت له : أعدْ الأبيات التي قلتها الأن . فأجابها قلت :
أمك دباسة وفوق الشَدر وانتِ بتشبهي المقد الكجَرْ
سخلة مصنة الطيب مافيك فِقَرْ ليلة فَِردْ يوم تازنْ شهرْ
فقالت : ما هكذا قلت . فأجابها , قلت :
أمك دباسة وفوق القنا وانتِ بتشبهي المقد اللي انحنى
سخلة مصنة الطيب ما فيك جَنى ليلة فرد يوم تازن سنة


فقالت بغضب : والله ما هكذا قلت نسيبتك تعيد لي ما قلت فحار المسكين في أمره وعلم أن كل ثناء سكبه لأستدرار عطفها لم يجد نفعاً ولم يخفف من غضبها وشدة أنفعالها فخضع أمام الحلف العظيم وجلاله وهو قسم لا يمكنه أن يتريث في تنفيذه والتغاضي عنه والاستهتار به ... فقال له وأنفه راغم قلت " بشد واكرب .. الخ ..." ولكن قال ذلك في صوت كسير يشوبه الخجل والحرج الشديد ...


فأنفجرت تاجوج صاخبة باكية , وذهبت الى منزل أبيها لا تلوى على شئ تشكو حليلها الذي لم يخص لها وحدها وده وحبه بل ما زال شرك معا في قلبه صويحباته أيام طيشة ونزقه ولكن كم كان ابوها الشيخ محمد حكيماً ويعلم من طبائع الجنس اللطيف ما ليس بالقليل ...

فردها الى بعلها بعد أن أقنعها بنبالة زوجها وطهره وعفافه فعلمت تاجوج أن عطف أبيها وحنانه شملا أبن أخته فقالت : لن أعود الى منزل المحلق مالم يقصرشعَره عليَ دون أن يشرك معي خليلة أخرى فرضي المحلق بالشرط مسرورا وعاهدها على ذلك ثم تدفقت قريحته وتمكن منه الحب والكلف بها فملاً البوادي كلها بمنظوم شعره يتغزل في تاجوج ويتعز بحبه لها . ومما قاله فيها متغزلاً :



فصّْ الماظ مركب فوق مجمّرْ
فصّْ عينيك يا أم خشماً مجمّرْ
فوقْ بستان تحت سالك مضمّرْ
جليدك طاقة الكيدي المنمّرْ


وقال ايضاً :


ما بِتْجيكْ تَمشِي وتخبْ وما دنقرت حلبت شخبْ وريقاتك الفوق الصلبْ جَرّحَنّي داخل القلبْ ....




مقـتبـس ...

تغريد
23-01-2010, 11:14 AM
للعشق والهوي في سوداني الحبيب مكانا نتفردا لا يقل بهاؤه عن حب روميو و وجوليت ولا عن وله قيس بن الملوح بليلي العامرية

فتاجوج قد تفوقت عليهم جميعا بجمال وافر نفخر به كثيرا وتفخر به كسلا التي ارتبط أسمها بالجمال منذ ذلك الحين

شكرا أبومازن علي تزيينك هذه المساحة بقصة لا يعرف كثيرا منا حقيقتها

مع فائق الاحترام

ودتابر
23-01-2010, 11:59 PM
استاذنا .. وشيخنا .. أبومازن



دع يراعك يسطر لنا من مكامن الجمال .. ومن مرافيء الروعة .. فنحن بحاجة لمثل هذه الاطلالات الراقية التي تدفعنا للأمام وتشعل روح الجمال بين جوانحنا .. وتدفع أقلامنا للإنطلاق والتعبير .. علنا بهم نتشبه أو نصل لمبدأهم المنير



استاذي .. مازن


لقد افتقدنا قلمك كثيراً .. فلا تحرمني من هكذا درر .. وتقبل مروري وتقديري .

abomazeen
25-01-2010, 04:27 AM
للعشق والهوي في سوداني الحبيب مكانا نتفردا لا يقل بهاؤه عن حب روميو و وجوليت ولا عن وله قيس بن الملوح بليلي العامرية

فتاجوج قد تفوقت عليهم جميعا بجمال وافر نفخر به كثيرا وتفخر به كسلا التي ارتبط أسمها بالجمال منذ ذلك الحين

شكرا أبومازن علي تزيينك هذه المساحة بقصة لا يعرف كثيرا منا حقيقتها

مع فائق الاحترام


أختنا الفاضلة تغريد ... وكما تفضلتي بالإايماء إشارة إلى أن للعشق والهوى مكان في دواخلنا
ترسمت خطاوي روميو العاشق صبابة في عشقة لجوليت فكانت تلكم القصة المعروفة
ومثيلها كان في تاجوج كسلا لا تقل مكانة عن قصة ليلي وإن الملوح في الهيــام
بيد أننا نعيب بشيء من الغلظة أعلامنا الثقافي فلم يفرد لها المكانة الحقيقة
الاّ تتفقيــن معي في ذلك أختي تغريد مقارنة من احداث تلك القصة ...؟

abomazeen
25-01-2010, 04:40 AM
استاذنا .. وشيخنا .. أبومازن



دع يراعك يسطر لنا من مكامن الجمال .. ومن مرافيء الروعة .. فنحن بحاجة لمثل هذه الاطلالات الراقية التي تدفعنا للأمام وتشعل روح الجمال بين جوانحنا .. وتدفع أقلامنا للإنطلاق والتعبير .. علنا بهم نتشبه أو نصل لمبدأهم المنير


الرجل القامة البحر أخي واستاذي الغالي عصام ودتابر
عندما أجد موضوع لكم أو مداخلة في بوست يخصني تجدني اسرع الخطى إلى قاموس مفــردات الجمال

اولاً : لافك هذه الشفرة البسيطة الممتزجة بقوة العبارة والتعليق واخيراً عرفت معنى السهل الممتنع عندكم

ثانياً : قد اغامر بسرعة الرد عليكم فجد لي العذر في تأخري عليكم فقد حجبت عنا جماليات اللغة إلاّ قليلاً ...



استاذي .. مازن

لقد افتقدنا قلمك كثيراً .. فلا تحرمني من هكذا درر .. وتقبل مروري وتقديري .


مثل هذا الكلام يجعلني ازهو بين اقراني مختالاً لاقدم شيء يرضي تطلعاتكم أستاذ ودتابر

بالحب والشوق وقبله احترام أكيد لشخصكم الكريم تجدني أجلس في ترقب لمشاركاتكــم

* همسة : لم أنسى ما قد جرى سابقاً وسوف نرى قريباً شيء من كتابات ودتابر ماثلة هنا