المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أولياء الله



zahid
25-05-2010, 09:06 PM
معنى الولي:

قال ابن تيمية رحمه الله في "أهل الصفة وأحوالهم": " الولي مشتق من الولاء، وهو القرب، كما أن العدو مشتق من العدو وهو البعد، فولي الله من والاه بالموافقة له في محبوباته ومرضياته، وتقرب إليه بما أمر به من طاعته ".

" وقد بين سبحانه وتعالى في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أن لله أولياء من الناس، وللشيطان أولياء، ففرق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، فقال تعالى: "الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون"[البقرة257]، وقال تعالى: "الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا" [النساء 76]، وقال تعالى: "ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، الذين آمنوا وكانوا يتقون، لهم البشرى في الحياة الدنيا والآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم" [يونس 62-64]، وقال تعالى: "هنالك الولاية للحق الحق هو خير ثوابا وخير عقبا" [الكهف 44]، وقال تعال: "وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم" [الأنعام 121]، وقال الخليل عليه السلام: "يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا" [مريم].

وفي الحديث الصحيح الذي رواه البخاري وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يقول الله من عادى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة –أو- فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبد بمثل أداء ما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشى بها، فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشي، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت من شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأكره مساءته، ولابد له منه".

وأفضل أولياء الله هم أنبياؤه وأفضل أنبيائه المرسلون منهم، وأفضل المرسلين أولو العزم منهم، نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم.



من ادعى محبة الله ولم يتبع الرسول فليس من أولياء الله


قال الحسن البصري رحمه الله: "ادعى قوم أنهم يحبون الله فأنزل الله هذه الآية محنة لهم" (يتكلم عن آية سبقت وهي قوله عز وجل: "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله" [آل عمران 31]).
وقد بين الله فيها أن من اتبع الرسول فإن الله يحبه، ومن ادعى محبة الله ولم يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم فليس من أولياء الله وإن كان كثير من الناس يخطئون في أنفسهم أو في غيرهم أنهم من أولياء الله، ولا يكنون من أولياء الله، فاليهود والنصارى يدعون أنهم أولياء الله وأنه لا يدخل الجنة إلا من كان منهم، بل يدعون أنهم أبناؤه وأحباؤه، قال تعالى: "قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق" [المائدة 18]، وقال تعالى: "وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين، بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون"[البقرة111-113].

وكان مشركوا العرب يدعون أنهم أهل الله لسكناهم مكة وجاورتهم البيت، وكانوا يتكبرون به على غيرهم، قال تعالى: "ومالهم ألا يعذبهم وهم يصدون عن المسجد الحرام وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون ولكن أكثرهم لا يعلمون" [الأنفال 34]. فبين سبحانه أن المشركين ليسوا أولياءه وأولياء بيته ، غنما أولياؤه المتقون.

وثبت في الصحيحين عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول جهارا من غير سر: "إن آل فلان ليسوا بأوليائي –يعني طائفة من أقاربه- إنما وليي الله وصالح المؤمنين". وهذا موافق لقوله تعالى: "فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين" [التحريم 4]، وصالح المؤمنين هو من كان صالحا من المؤمنين.

وليس لأولياء الله شيء يتميزون به عن الناس في الظاهر من الأمور المباحات، فلا يتميزون بلباس دون لباس إذا كان كلاهما مباحا، كما قيل "كم من صديق في قباء، وكم من زنديق في عباء"، بل يوجدون في جميع أصناف أمة محمد صلى الله عليه وسلم إذا لم يكونوا من أهل البدع الظاهرة والفجور، فيوجدون في أهل القرآن وأهل العلم، ويوجدون في أهل الجهاد والسيف، ويوجدون في النجار والصناع والزراع، وقد ذكر أصناف محمد صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: "إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك، والله يقدر الليل والنهار علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرؤوا ما تيسر من القرآن علم أن سيكون منك مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله، وآخرون يقاتلون في سبيل الله فاقرؤوا ما تيسر منه" [المزمل20] "
اهـ من كتاب الفرقان بين أولاء الرحمن وأولياء الشيطان.


قال الشيخ الفوزان حفظه الله في كتاب "شرح الدرة المضية في عقد أهل الفرقة المرضية"

" الكرامات: جمع كرامة وهي الأمر الخارق للعادة وليس من صنع البشر، وإنما هو من صنع الله عز وجل، والخارق للعادة إن جرى على يد نبي فهو معجزة ... وإن جرى أمر خارق للعادة على يد رجل صالح، صالح في قوله وعمله وهو من أولياء الله المتقين فإنه يكون كرامة من الله سبحانه له، فهو كرامة للولي ومعجزة للنبي لان ها الولي ما حصل على هذه الكرامة أي بسبب ابتاعه للرسول صلى الله عليه وسلم

وإن حصل الأمر الخارق على يد فاجر أو كذاب فإنه يكون من الأحوال الشيطانية وليست كرامة، وليس معجزة وإنما هو حال شيطانية، فإنه يمكن لأولياء الشيطان أن يطيروا في الهواء، وأن يمشوا على الماء بسبب الشياطين لان الشياطين تحملهم، وليس ذلك بجهودهم هم، ولكنهم يخضعون للشياطين والشياطين تخدمهم لأنهم يكفرون بالله عز وجل، ويخضعون للشيطان، فالشيطان يخدمهم يطير بهم في الهواء ويمشي بهم على الماء إلى آخره، فيظن الجاهل أن هذا كرامة وأنه من أولياء الله.

وقد يكون من التدجيل ويكون من السحر، والسحرة عندهم حيل يعملونها للناس، يخيل للناس أنها حقيقة، وإنما هي في الحقيقة تدجيل وتزييف وحيل خفية وليست كرامة، فهذه ليست معجزة ولا كرامة، وإنما هي إما أحوال شيطانية كما يجري على أيدي الضلال والصوفية وغيرهم مما يموهون به على الناس، فيقول الناس: هذه كرامات، وهؤلاء أولياء. وفي الواقع ليست كرامات وإنما أحوال شيطانية.

فإذا رأيت شيئا يخرج عن العادة مع رجل فانظر إلى حاله، فإن كان تقيا صالحا عبدا لله فهذه كرامة، وإن كان فاجرا فاسقا فهذه حال شيطانية أو تدجيل وتزييف، ومنه ما يأتي مع الدجال في آخر الزمان، وهو من هذا الباب ومن الأحوال الشيطانية ومن السحر التخييلي الذي يروج به على الناس، ولذلك إذا رأى نبي الله المسيح ابن مريم ذاب، وعجز عن المشي، لأنه يبطل ما معه من الكيد والمكر فلا يستطيع حينئذ أن يعمل شيئا.

وكذلك حيل الشياطين إذا جاء ذكر الله بطلت، وإذا جاء الشياطين وذكر الطلاسم والشرك وجدت هذه الأشياء، وهذا من الفارق بين الأحوال الشيطانية والكرامات، إن الكرامات تزيد وتثبت مع ذكر الله، وأما الأحوال الشيطانية والمخاريق الباطلة فإنها تهب مع ذكر الله عز وجل.

ومن كرامات الأولياء ما قصه عن مريم في نشأتها، وأنها اعتزلت عن الناس، تعبد الله عز وجل فكان يأتيها رزقها وهي في مكانها "كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله عن الله يرزق من يشاء بغير حساب" [آل عمران37]، ومثل ما وقع لأصحاب الكهف من نومهم الطويل وبقائهم على قيد الحياة مدة طويلة ثلاث مئة سنة وتسع سنين أو أزيد من ذلك والله أعلم، وبقوا على حالهم وعلى حياتهم، هذا من كرامات الأولياء، ومثل ما حصل على اليد الخضر الذي جاءه موسى عليه السلام مما قصه الله في آخر سورة الكهف هذا من الكرامات، ومن العلماء من يقول: عن الخضر نبي فيكون هذا من المعجزات والله أعلم.



وكل خارق أتى عن صالح من تابع لشرعنا وناصح

هذا ضابط الكرامة وهو ما يجري على يد مؤمن تقي، فما يجري على يديه من الأمور الخارقة يكون كرامة، وليس من لازم الولي أن تجري على يده كرامة لكن قد تقع له كرامة وقد لا تقع، والكرامة إنما تقع لحاجة وإما لحجة، إما لحاجة بالمسلمين وإما لحجة في الدين، وكثير من الأولياء ليس لهم كرامات، ولا يلزم من عدم الكرامة عدم الولاية أبدا، وإنما هذا يجريه الله سبحانه وتعالى لحكمة بحسب الحاجة" اهـ.

قال ابن تيمية رحمه الله في هذا الصدد: "ومما ينبغي أن يعرف أن الكرامات قد تكون بحسب حاجة الرجل، فإذا احتاج إليها الضعيف الإيمان أو المحتاج أتاه منها ما يقوي أيمانه ويسد حاجته، ويكون من هو أكمل ولاية منه مستغنيا عن ذلك فلا يأتيه ذلك لعلو درجته وغناه عنها، لا لنقص ولايته، ولهذا كانت هذه الأمور في التابعين أكثر منها في الصحابة، بخلاف من تجري على يديه الخوارق لهدى الخلق ولحاجتهم فهؤلاء أعظم درجة" اهـ.

قال الشيخ الفوازن حفظه الله:


" فإنها من الكرامات التي بها نقول فأقف للأدلة



إذا جرى خرق للعادة على يد مؤمن تقي متبع للكتاب والسنة فإنها كرامة، وهذا من عقيدة أهل السنة والجماعة، قال الله تعالى: "إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون" [يونس62]، ثم بينهم فقال: "الذين آمنوا وكانوا يتقون" [يونس63]، هؤلاء هم أولياء الله عز وجل، وهذه هي علامة الكرامة وإثبات كرامات الأولياء هو مذهب أهل السنة والجماعة بهذا الضابط، ونفي الكرامات الصحيحة مذهب المعتزلة كعادتهم أنهم يصدقون عقولهم فقط، وما لم يتوافق مع عقولهم ينكرونه، هذه قاعدة المعتزلة ومن ذلك الكرامات، فالمعتزلة أنكروا الكرامات، وقالوا: لو أثبتناها لاشتبه الولي بالنبي، نقول لهم: لا يشتبه النبي بالولي، لا يشتبه هذا بهذا لان النبوة لها أدلة كثير غير المعجزات لا توجد عند الولي، وهناك طائفة من الغلاة والقبوريين والصوفية اتخذوا الكرامات دليلا على أن هذا الشخص ينفع ويضر، فيعبدونه من دون الله، ويذبحون له، وينذرون له، يتقربون إليه ويطوفون بقبره، ويقولون: هذا ولي وله كرامات، وكرامة الولي لا تقتضي أن يعبد من دون الله، وإنما تقتضي محبته والاقتداء به في التقوى والصلاح. أما أن يعبد من دون الله، فها مذهب الكفرة والمشركين، فالحاصل أن مسالة الكرامات للناس فيها ثلاثة أقسام:

القسم الأول: الذين غلوا في إثباتها كالصوفية والقبورية، حتى أثبتوها لمن هم ليسوا من أولياء الله وإنما هم من الفسقة والفجار، وعبدوا من جرت على يده من دون الله عز وجل.

القسم الثاني: منهم من غلا في نفيها وهم المعتزلة حيث نفوا الكرامات نهائيا، وخالفوا الكتاب والسنة.

القسم الثالث: وهم الوسط، وهم أهل السنة والجماعة الذين آمنوا بثبوت الكرامات، ولكن لم يغتروا بها ولم يعتقدوا في أصحابها أنهم ينفعون أو يضرون من دون الله عز وجل.



ومن نفاها من ذوي الضلال فقد أتى في ذاك بالمحال

(ومن نفاها من ذوي الضلال) أي من نفى الكرامات فهو ضال وهم المعتزلة.
(أتى بالمحال) لأنه نفى شيئا ثابتا في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحاول أن يعارض ما في كتاب الله وسنة رسوله، وهذا محال.



لأنها شهيرة ولم تزل في كل عصر يا شقا أهل الزلل

يرد عليهم بثلاثة أمور:
الأمر الأول: أنها ثابتة في كتاب الله عز وجل.

الأمر الثاني: أنها ثابتة في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد جرى لبعض أصحابه كرامات في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم.

والثالث: أن هذا الذي ينفي يخالف الواقع، فالواقع أن الكرامات موجودة فإنكارها من إنكار الواقع، ومن إنكار المحسوس وهذا باطل." اهـ.