zahid
29-05-2010, 06:07 AM
كتبه فضيلة الشيخ محمد مصطفى عبدالقادر:
بسم الله الرحمن الرحيم
حوار هاديء مع الشيخ البرعي
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فإن الشيخ عبد الرحيم البرعي من الشعراء الذين اشتهروا في كثير من المجتمعات بكثرة شعره الذي يردده مجموعات من أهل الفن عبر أشرطة الكاسيت والفيديو وذلك في أجهزة الإعلام المختلفة والمركبات العامة والمطاعم والمقاهي، ولما كان الأمر خطيراً في منظور الشرع الإسلامي حسب ما نعلم كان لابد من الرد عليه في هذا المنشور، وذلك عملاً بواجب النصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر استناداً لقوله صلى الله عليه وسلم: ( الدين النصيحة قلنا لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) رواه مسلم، وقوله تعالى: (( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ))[آل عمران:110]
وإن أول مسألة في حوارنا مع الشيخ البرعي نقول بأن أحكام الشرعية قد كفلت لنا هذا الحق في الجرح والتعديل ما يتقول به الشعراء وهو واحد منهم، وذلك في قوله تعالى: (( وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ ))[الشعراء:224-227].
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعرض لأقوال الشعراء فيحق الحق ويبطل الباطل، وقد جاء في مسند الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أصدق كلمة قالها لبيد الشاعر: ألا كل شيء ما خلا الله باطل) ولكنه كذب فقال: وكل نعيم لا محالة زائل، فإن نعيم الجنة لا يزول.
وعلى هذا نفهم أن الشعر هو عبارة عن كلام فقط حسنه حسن وقبيحه قبيح، وبهذا جاء الحديث عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الشعر بمنزلة الكلام ما كان منه حسن فهو حسن وما كان قبيح فهو قبيح) رواه النسائي.
ومن هذا يتضح أنه ينظر في كلام الشاعر مهما ارتفعت مكانته لإحقاق الحق ولإبطال الباطل.
المسألة الثانية: إن حوارنا مع الشيخ البرعي على النهج الذي سوف نتعرض له لبعض شعره الذي حواه ديوانه المسمى: رياض الجنة ونور الدجنة، وبيان ما فيه من مخالفات شنيعة قد يرقى بعضها إلى الشرك الأكبر والعياذ بالله، هذا كما سوف نذكر الأدلة من القرآن الكريم والسنة على بطلانها.
المخالفة الأولى :
من شعر البرعي في كتابه رياض الجنة ونور الدجنة –الشيخ يزعم أن هنالك رجالاً إذا شاءوا كانت مشيئة الله تابعة لمشيئتهم وذلك في قصيدة العارفون بالله حيث يقول:
ألا يا رجال الغيب أنتم حصوننا فما زال مسبولاً على الناس ستركم
إذا شئتم شاء الإله وإنكم تشاءون ما قد شاء الله لله دركم.
والسؤال: هنا للشيخ من هم هؤلاء الرجال؟ إن هذا مجرد أوهام وكيف يشاء الله ما يشاءون والله تعالى يقول: (( وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ))[التكوير:29].
وقد جاء في الحديث الذي رواه أحمد عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إلا أدلك على كنز من كنوز الجنة قل لا حول ولا قوة إلا بالله).
المخالفة الثانية :
الشيخ يزعم أنه إذا حل بالبلاد خطب أن تدعو غير الله ممن يرى الشيخ أنه ولي الله!!! حيث يقول في كتابه ديوان رياض الجنة في قصيدة الشيخ إسماعيل الولي ص119:
إذا ناب خطب في البلاد نزيل قل يا ولي الله إسماعيل
والسؤال الذي نوجهه للشيخ: ألا يرى أن هنالك خطوباً نزلت بالبلاد وفي مقدمتها الحرب الدائرة بين الجنوب والشمال، فماذا ينتظر فليقل هو يا ولي إسماعيل حتى يزول هذا الخطب، وهل ولي الله إسماعيل قادر على إزالة الكرب؟ ثم هل يجوز دعاءه من دون الله؟ إن الأدلة من الكتاب والسنة على أباطيل ذلك الضلال واضحة كوضوح الشمس في رابعة النهار، وذلك أن الله أمرنا في كتابه أن لا ندعو غيره، وأن لا يلتجأ لسواه، واقرأ إن شئت قوله تعالى: (( وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ ))[الأحقاف:5]، وقوله تعالى: (( إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ))[الأعراف:194]، وقوله تعالى: ((لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ))[الرعد:14]^، وقوله تعالى: ((وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ))[غافر:60]، وقوله تعالى: (( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ))[البقرة:186]، وقد جاء في الحديث عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف) رواه الترمذي.
وليعلم الشيخ أن الأولياء لا يستطيعون كشف الضر عن أنفسهم ناهيك عن غيرهم، وليقرأ الشيخ البرعي قوله تعالى: (( قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ نَفْعًا وَلا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ))[الرعد:16]، وقوله تعالى: (( قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلا تَحْوِيلًا ))[الإسراء:56]، وهذا يكفي في بطلان ما قاله الشيخ في بيت شعره المتقدم آنفاً.
المخالفة الثالثة :
يزعم الشيخ البرعي أن الأولياء يعلمون الغيب باطناً وظاهراً وذلك في قصيدة (قوماك نزاور) بديوانه رياض الجنة، ص296-297 حيث يقول:
قوماك نزاور الأولياء الأقطاب ليهم نشاور
منهم خفي الحال منهم مجاهر منهم عليم الغيب باطن وظاهر
سبحانك اللهم هذا افتراء عظيم، والأدلة من الكتاب والسنة تبطل هذا وتجعله في دائرة الشرك الأكبر والعياذ بالله.
ومن الأدلة على ذلك أنه لا يعلم الغيب في السموات والأرض إلا الله وحده، وذلك لقوله تعالى: (( قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ))[النمل:65]، وقوله تعالى: (( وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ))[الأنعام:59]، وقوله تعالى في مخاطبته لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم في بيانه أنه لا يعلم الغيب إلا الله وذلك في قوله تعالى: (( قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ ))[الأنعام:50]، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من ادعى علم الغيب فهو كاهن أو عراف، وأن من صدقه فقد كفر، وذلك في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد) رواه أبو داود
وقد جاء في صحيح الإمام البخاري (أن جارية مدحت النبي صلى الله عليه وسلم بشعر فقالت: وفينا نبي يعلم ما في غد فنهاها عن ذلك وقال لها لا تقولي هذا )فإنه لا يعلم الغيب إلا الله.
وقد جاء عن عائشة أنها قالت: (من حدثك بأن محمداً صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب فقد أعظم على الله الفرية فإن الله تعالى يقول: (( قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ))[النمل:65] ) رواه البخاري.
فهل يعقل أن نكذب الله ورسوله وأصحابه ونصدق ما قال الشيخ البرعي؟ سبحانك هذا بهتان عظيم.
المخالفة الرابعة :
يزعم الشيخ البرعي أن شيخ طريقته أحمد الطيب البشير يحيي الموتى، ويقلب الأنثى ذكرا، وذلك في قصيدة الشيخ أحمد الطيب البشير ص111 في كتابه ديوان رياض الجنة ونور الدجنة حيث يقول البرعي
عن الطيب الغوث المبارك منهجي ومشورتي في الناس أن يطيبوا
إلى أن يقول:
ألم تر أن الله أيده بما يقوم مقام المعجزات يناسب
كإحيائه ميتا وكالبنت بعدما أتت وهي أنثى للذكورة تقلب
وهذا افتراء واضح فكيف يحي الأولياء والموتى وهم يموتون؟
إن إحياء الموتى معجزة خص الله بها عيسى عليه السلام، والمعجزة لا يقاس عليها، وكما أيد الله بها موسى أيضاً في سورة البقرة وهي أيضاً معجزة وما يرد في مقام المعجزات عن الأنبياء لا يقاس عليه كما هو مقرر عند الفقهاء.
وليقرأ الشيخ في إنكار هذا قوله تعالى في سورة يس (( أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ ))[يس:31]، وليقرأ قوله تعالى: (( أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ المَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ))[الشورى:9].
أما عن زعمه في أن شيخه قد أتاه رجل وطلب منه أن يعطيه مولوداً ذكراً فقال له: هل عندك بنات؟ قال: نعم. قال: كم؟ قال: ستة. فقال: أحضر منهن واحدة فأحضرها فمسح الشيخ عليها بيده فانقلبت ذكراً، وهذا في كتاب روائع البرعي الجزء الثاني أجازه البرعي –طبعة دار البينية للنشر والتوزيع ص40- فإن هذا أكبر الافتراء فكيف يجوز للولي أن يغير خلق الله وقد خلقها الله أنثى فكيف يحولها إلى ذكر؟ وهل يقدر؟ وذلك الافتراء يكذبه قوله تعالى: ((لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ))[الروم:30]، وقد صرحت الآية فإنه لا يستطيع أحد أن يرد هبة الله أو يغيرها حيث يقول الله تعالى: (( لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ))[الشورى:49-50]
ثم إنه قد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن مجرد تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال فكيف يحولها؟ وهذا في حديث ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال ) رواه الترمذي.
وقد جاء في معجم الطبراني أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أن ينزو فرس على حمار فنهى عن ذلك حتى لا تبدل فطرة الله.
المخالفة الخامسة :
يزعم الشيخ أن أحد المشايخ خلق من قطعة خشب امرأة لكي تخدم زوجته، وذلك في الكتاب الذي في خاتمته أجازه الشيخ البرعي وعليه صورته، وعنوانه من روائع برعي السودان الجزء الثاني حيث يقول في ص42
أن الحاج تت الفلاني كان رحمه الله جليلاً في عالم الأسرار، ومن كراماته ما أخبر به عبد المحمود بن أحمد الشبلي أن أحد نسائه طلبت منه أن يشتري لها خادمة تخدمها فأخذ منها ثوباً وفأساً وذهب إلى الغابة فقطع من شجرة قطعة مثل قامة الإنسان وأخذ سبحته وصار يذكر الله فتحركت الشجرة وانقلبت إلى امرأة. فقال لها الشيخ: بخيته؟ فقالت: نعم سيدي فذهب بها إلى زوجته فعاشت عندها زمناً ثم ماتت.
والرد على ذلك الافتراء والشرك الجلي تبطله وتكذبه صريح الآيات التي تثبت وحدانية الخالق حيث يقول الله تعالى: (( أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ ))[النحل:17] وقوله تعالى: ((أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ))[الرعد:16] هذا وقد تحدى الله أهل الشرك وأصحاب العقائد الفاسدة في أن يخلق ممن جعلوا أنداداً لله أن يخلقوا ذباباً وذلك في قوله تعالى: (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ * مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ))[الحج:73-74].
وقد جاء حديث قدسي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله تعالى: (ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا ذرة وليخلقوا شعيرة) رواه البخاري.
بسم الله الرحمن الرحيم
حوار هاديء مع الشيخ البرعي
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فإن الشيخ عبد الرحيم البرعي من الشعراء الذين اشتهروا في كثير من المجتمعات بكثرة شعره الذي يردده مجموعات من أهل الفن عبر أشرطة الكاسيت والفيديو وذلك في أجهزة الإعلام المختلفة والمركبات العامة والمطاعم والمقاهي، ولما كان الأمر خطيراً في منظور الشرع الإسلامي حسب ما نعلم كان لابد من الرد عليه في هذا المنشور، وذلك عملاً بواجب النصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر استناداً لقوله صلى الله عليه وسلم: ( الدين النصيحة قلنا لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) رواه مسلم، وقوله تعالى: (( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ))[آل عمران:110]
وإن أول مسألة في حوارنا مع الشيخ البرعي نقول بأن أحكام الشرعية قد كفلت لنا هذا الحق في الجرح والتعديل ما يتقول به الشعراء وهو واحد منهم، وذلك في قوله تعالى: (( وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ ))[الشعراء:224-227].
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعرض لأقوال الشعراء فيحق الحق ويبطل الباطل، وقد جاء في مسند الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أصدق كلمة قالها لبيد الشاعر: ألا كل شيء ما خلا الله باطل) ولكنه كذب فقال: وكل نعيم لا محالة زائل، فإن نعيم الجنة لا يزول.
وعلى هذا نفهم أن الشعر هو عبارة عن كلام فقط حسنه حسن وقبيحه قبيح، وبهذا جاء الحديث عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الشعر بمنزلة الكلام ما كان منه حسن فهو حسن وما كان قبيح فهو قبيح) رواه النسائي.
ومن هذا يتضح أنه ينظر في كلام الشاعر مهما ارتفعت مكانته لإحقاق الحق ولإبطال الباطل.
المسألة الثانية: إن حوارنا مع الشيخ البرعي على النهج الذي سوف نتعرض له لبعض شعره الذي حواه ديوانه المسمى: رياض الجنة ونور الدجنة، وبيان ما فيه من مخالفات شنيعة قد يرقى بعضها إلى الشرك الأكبر والعياذ بالله، هذا كما سوف نذكر الأدلة من القرآن الكريم والسنة على بطلانها.
المخالفة الأولى :
من شعر البرعي في كتابه رياض الجنة ونور الدجنة –الشيخ يزعم أن هنالك رجالاً إذا شاءوا كانت مشيئة الله تابعة لمشيئتهم وذلك في قصيدة العارفون بالله حيث يقول:
ألا يا رجال الغيب أنتم حصوننا فما زال مسبولاً على الناس ستركم
إذا شئتم شاء الإله وإنكم تشاءون ما قد شاء الله لله دركم.
والسؤال: هنا للشيخ من هم هؤلاء الرجال؟ إن هذا مجرد أوهام وكيف يشاء الله ما يشاءون والله تعالى يقول: (( وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ))[التكوير:29].
وقد جاء في الحديث الذي رواه أحمد عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إلا أدلك على كنز من كنوز الجنة قل لا حول ولا قوة إلا بالله).
المخالفة الثانية :
الشيخ يزعم أنه إذا حل بالبلاد خطب أن تدعو غير الله ممن يرى الشيخ أنه ولي الله!!! حيث يقول في كتابه ديوان رياض الجنة في قصيدة الشيخ إسماعيل الولي ص119:
إذا ناب خطب في البلاد نزيل قل يا ولي الله إسماعيل
والسؤال الذي نوجهه للشيخ: ألا يرى أن هنالك خطوباً نزلت بالبلاد وفي مقدمتها الحرب الدائرة بين الجنوب والشمال، فماذا ينتظر فليقل هو يا ولي إسماعيل حتى يزول هذا الخطب، وهل ولي الله إسماعيل قادر على إزالة الكرب؟ ثم هل يجوز دعاءه من دون الله؟ إن الأدلة من الكتاب والسنة على أباطيل ذلك الضلال واضحة كوضوح الشمس في رابعة النهار، وذلك أن الله أمرنا في كتابه أن لا ندعو غيره، وأن لا يلتجأ لسواه، واقرأ إن شئت قوله تعالى: (( وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ ))[الأحقاف:5]، وقوله تعالى: (( إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ))[الأعراف:194]، وقوله تعالى: ((لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ))[الرعد:14]^، وقوله تعالى: ((وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ))[غافر:60]، وقوله تعالى: (( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ))[البقرة:186]، وقد جاء في الحديث عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف) رواه الترمذي.
وليعلم الشيخ أن الأولياء لا يستطيعون كشف الضر عن أنفسهم ناهيك عن غيرهم، وليقرأ الشيخ البرعي قوله تعالى: (( قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ نَفْعًا وَلا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ))[الرعد:16]، وقوله تعالى: (( قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلا تَحْوِيلًا ))[الإسراء:56]، وهذا يكفي في بطلان ما قاله الشيخ في بيت شعره المتقدم آنفاً.
المخالفة الثالثة :
يزعم الشيخ البرعي أن الأولياء يعلمون الغيب باطناً وظاهراً وذلك في قصيدة (قوماك نزاور) بديوانه رياض الجنة، ص296-297 حيث يقول:
قوماك نزاور الأولياء الأقطاب ليهم نشاور
منهم خفي الحال منهم مجاهر منهم عليم الغيب باطن وظاهر
سبحانك اللهم هذا افتراء عظيم، والأدلة من الكتاب والسنة تبطل هذا وتجعله في دائرة الشرك الأكبر والعياذ بالله.
ومن الأدلة على ذلك أنه لا يعلم الغيب في السموات والأرض إلا الله وحده، وذلك لقوله تعالى: (( قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ))[النمل:65]، وقوله تعالى: (( وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ))[الأنعام:59]، وقوله تعالى في مخاطبته لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم في بيانه أنه لا يعلم الغيب إلا الله وذلك في قوله تعالى: (( قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ ))[الأنعام:50]، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من ادعى علم الغيب فهو كاهن أو عراف، وأن من صدقه فقد كفر، وذلك في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد) رواه أبو داود
وقد جاء في صحيح الإمام البخاري (أن جارية مدحت النبي صلى الله عليه وسلم بشعر فقالت: وفينا نبي يعلم ما في غد فنهاها عن ذلك وقال لها لا تقولي هذا )فإنه لا يعلم الغيب إلا الله.
وقد جاء عن عائشة أنها قالت: (من حدثك بأن محمداً صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب فقد أعظم على الله الفرية فإن الله تعالى يقول: (( قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ))[النمل:65] ) رواه البخاري.
فهل يعقل أن نكذب الله ورسوله وأصحابه ونصدق ما قال الشيخ البرعي؟ سبحانك هذا بهتان عظيم.
المخالفة الرابعة :
يزعم الشيخ البرعي أن شيخ طريقته أحمد الطيب البشير يحيي الموتى، ويقلب الأنثى ذكرا، وذلك في قصيدة الشيخ أحمد الطيب البشير ص111 في كتابه ديوان رياض الجنة ونور الدجنة حيث يقول البرعي
عن الطيب الغوث المبارك منهجي ومشورتي في الناس أن يطيبوا
إلى أن يقول:
ألم تر أن الله أيده بما يقوم مقام المعجزات يناسب
كإحيائه ميتا وكالبنت بعدما أتت وهي أنثى للذكورة تقلب
وهذا افتراء واضح فكيف يحي الأولياء والموتى وهم يموتون؟
إن إحياء الموتى معجزة خص الله بها عيسى عليه السلام، والمعجزة لا يقاس عليها، وكما أيد الله بها موسى أيضاً في سورة البقرة وهي أيضاً معجزة وما يرد في مقام المعجزات عن الأنبياء لا يقاس عليه كما هو مقرر عند الفقهاء.
وليقرأ الشيخ في إنكار هذا قوله تعالى في سورة يس (( أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ ))[يس:31]، وليقرأ قوله تعالى: (( أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ المَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ))[الشورى:9].
أما عن زعمه في أن شيخه قد أتاه رجل وطلب منه أن يعطيه مولوداً ذكراً فقال له: هل عندك بنات؟ قال: نعم. قال: كم؟ قال: ستة. فقال: أحضر منهن واحدة فأحضرها فمسح الشيخ عليها بيده فانقلبت ذكراً، وهذا في كتاب روائع البرعي الجزء الثاني أجازه البرعي –طبعة دار البينية للنشر والتوزيع ص40- فإن هذا أكبر الافتراء فكيف يجوز للولي أن يغير خلق الله وقد خلقها الله أنثى فكيف يحولها إلى ذكر؟ وهل يقدر؟ وذلك الافتراء يكذبه قوله تعالى: ((لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ))[الروم:30]، وقد صرحت الآية فإنه لا يستطيع أحد أن يرد هبة الله أو يغيرها حيث يقول الله تعالى: (( لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ))[الشورى:49-50]
ثم إنه قد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن مجرد تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال فكيف يحولها؟ وهذا في حديث ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال ) رواه الترمذي.
وقد جاء في معجم الطبراني أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أن ينزو فرس على حمار فنهى عن ذلك حتى لا تبدل فطرة الله.
المخالفة الخامسة :
يزعم الشيخ أن أحد المشايخ خلق من قطعة خشب امرأة لكي تخدم زوجته، وذلك في الكتاب الذي في خاتمته أجازه الشيخ البرعي وعليه صورته، وعنوانه من روائع برعي السودان الجزء الثاني حيث يقول في ص42
أن الحاج تت الفلاني كان رحمه الله جليلاً في عالم الأسرار، ومن كراماته ما أخبر به عبد المحمود بن أحمد الشبلي أن أحد نسائه طلبت منه أن يشتري لها خادمة تخدمها فأخذ منها ثوباً وفأساً وذهب إلى الغابة فقطع من شجرة قطعة مثل قامة الإنسان وأخذ سبحته وصار يذكر الله فتحركت الشجرة وانقلبت إلى امرأة. فقال لها الشيخ: بخيته؟ فقالت: نعم سيدي فذهب بها إلى زوجته فعاشت عندها زمناً ثم ماتت.
والرد على ذلك الافتراء والشرك الجلي تبطله وتكذبه صريح الآيات التي تثبت وحدانية الخالق حيث يقول الله تعالى: (( أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ ))[النحل:17] وقوله تعالى: ((أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ))[الرعد:16] هذا وقد تحدى الله أهل الشرك وأصحاب العقائد الفاسدة في أن يخلق ممن جعلوا أنداداً لله أن يخلقوا ذباباً وذلك في قوله تعالى: (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ * مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ))[الحج:73-74].
وقد جاء حديث قدسي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله تعالى: (ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا ذرة وليخلقوا شعيرة) رواه البخاري.