المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أحكام المادة 16(3) من قانون هيئات الشباب والرياضة لسنة 2003 بقلم د. - صلاح الدين حسين



نجيب عبدالرحيم
11-06-2010, 01:42 PM
أحكام المادة 16(3) من قانون هيئات الشباب والرياضة لسنة 2003 بقلم د. - صلاح الدين حسين معروف المحامي

دراسة قانونية لأحكام المادة 16(3) من قانون هيئات الشباب والرياضة لسنة 2003 د. صلاح الدين حسين معروف المحامي
هذه دراسة قانونية لنص المادة 16(3) من قانون هيئات الشباب والرياضة لسنة 2003 والتي تتعلق بمنح الإذن للترشيح للعضو الذي أنهى دورة عمله المقررة لدورتين للترشح لدورة أخرى فما هي أسس وضوابط هذا الإذن؟
أشار السيد وزير الشباب والرياضة في لقاء معه في أحد الصحف اليومية إلى أن عدد من الاتحادات الرياضية قد تقدم بطلب لاستثناء بعض القيادات التي أكملت دورة عملها المنصوص عليها في القانون، والتي قررتها المادة16(2) و 16(3) من قانون هيئات الشباب والرياضة لسنة 2003. ولعله من المناسب أن نوضح للقارئ ماهو حكم القانون أو تنظيمه لهذه الحالة.
المادة 16(2) من القانون التي تحدد مدة عمل مجالس الإدارات حيث تنص: "تكون دورة عمل مجالس إدارات هيئات الشباب والرياضة الأخرى ثلاث سنوات"، وتكرر ذات الحكم المادة 44 من اللائحة العامة للهيئات الشبابية والرياضية لسنة 2003.
أما البند (3) من ذات المادة فقد حدد دورة عمل عضوية الأشخاص بدورتين متتاليتين ونصها: (تكون دورة العمل لعضوية مجالس إدارات هيئات الشباب والرياضة دورتين متتاليتين كحد أقصى في الهيئة الواحدة والمنصب الواحد...).
بهذا النص القاطع فإن المشرع قد حدد بصورة مجردة، فالشخص مهما كان منصبه وموقعه ووضعه في الهيئة الشبابية والرياضية وأتم هذه المدة فلا يجوز له أن يترشح لأي دورة أخرى، هذا النص قصد منه المشرع تحقيق أهداف معينة في المجال الشبابي والرياضي حددتها المادة 6 من القانون ونصها: "تسعى هيئات الشباب والرياضة إلى تحقيق الأهداف الآتية:-
( أ) تعميق مفهوم النشاط الشبابي والرياضي بأنه عبادة الله سبحانه وتعالى وغرس وترقية القيم الفاضلة والأخلاق الحميدة في ممارسته.
(ب) إعداد المواطن الصالح جسدياً وعقليا وروحياً وثقافياً ورعاية المصالح القومية للبلاد في مجال الشباب والرياضة.
(ج) تعميق المفهوم الرسالي للنشاط الشبابي والرياضي وتيسير ممارسته بين المواطنين دون تفرقة أو تمييز.
(د) تحقيق رسالة الشباب والرياضة تخطيطاً وتنفيذاً في إطار السياسات العامة للدولة ومتطلبات المجتمع.
(هـ) توطيد العلاقات الخارجية مع الدول الشقيقة والصديقة وتوثيق الروابط وعرى التعاون مع المنظمات والهيئات الدولية بما يخدم مصالح الدولة.
(و) الارتقاء بممارسة النشاط الشبابي والرياضي بما يؤكد حضوراً إقليمياً وقارياً ودولياً للسودان بصورة مشرفة وذلك في إطار القوانين الدولية.
وإلى جانب تلك الأهداف فإن المشرع سعى إلى تحقيق أهداف أخرى هي:-
( أ) تجديد الدماء في الهيئات الشبابية والرياضية بما يؤدي إلى الإبداع والتطور وذلك باعتبار أن هذه الهيئات جزء هام من فعاليات تحقيق التنمية البشرية.
(ب) إكساب الخبرة والتمرن على ممارسة المسئوليات حيث يستوجب التنظيم القانوني للعمل الرياضي على التعاون والمثابرة في تحقيق الأهداف بالمثابرة وإنكار الذات وإعلاء الصالح العام على مستوى القيادة وإكساب خبرة التبعية في المستوى الأدنى، وهذا يعني المشرع أراد منها أن تكون أداة للتعليم وبناء القدرات.
(ج) الارتقاء بالانسجام والتعاون بين الأفراد في المجتمع الشبابي والرياضي باعتبار أن هذه الهيئات أداة قيادية تؤثر في التفاعل البشري والعلاقات الاجتماعية مما يعني منع احتكار المناصب.
(د) بناء العلاقات الثابتة والرياضية مع الهيئات الإقليمية والقارية والدولية بناء على أسس قانونية فهي ليست علاقة مطلقة وإنما علاقة نسبية محددة في إطار مصلحة البلاد وليس بالخصم من المفاهيم والقيم الوطنية، لذا حدد المشرع إطار ملزم لا يخرج ولا يحاد عنه.
وفي نطاق تحقيق هذه الأهداف أورد المشرع في ذات البند (3) من المادة الاستثناء الذي أباح فيه لمن أكمل دورة عمله أن يترشح وذلك بشرط أن "يحقق العضو منصباً قارياً أو دولياً تعتمده الوزارة يمنح الحق في الترشح لدورة أخرى"، وكأنما المشرع قد منح العضو مدة أخرى وفق الشروط التي حددها من أجل تحقيق المصلحة العامة، وبالنظر في المادة 16 نجد أن الأمر قد خوله المشرع للوزارة ولم يخوله لأي جهة أخرى.
والوزارة وفق قواعد التفسير تعني أجهزة الوزارة المختصة، ولا تعني الوزير، فالقانون في هذا المجال قد خول الوزير وفق المادة 7(2) من قانون هيئات الشباب والرياضة لسنة 2003 سلطة زيادة عدد دورات العمل وليس الأشخاص "على الرغم من أحكام المادة 16(2) يجوز للوزير أن يزيد في عدد دورات العمل في مجالس إدارات هيئات الشباب والرياضة إذا رأى أن المصلحة العامة تقتضي ذلك"، فهذا النص مربوط بالمصلحة العامة التي يتطلب استمرار المجلس، كما أن مفهوم النص يعني التمديد لدورة واحدة أو لجزء من دورة، وإذا تعدد لدورات فهذا يعني إهدار لمبدأ دورية الانتخابات والحق في المشاركة، حقيقة وواقعاً أن القرار باستثناء أي عضو يصدر من الوزير باعتباره الرئيس الأعلى للوزارة. ولكن المشرع كان يستشرف طبيعة هذا القرار وخطورته، لذا نص على ضرورة أن يأتي القرار بناء على دراسة ووقائع وحقائق، أي لا يصدر القرار تلقائياً من الوزير باعتباره الرئيس الأعلى، ويتضح لنا ذلك مما جاء في اللائحة العامة لهيئات الشباب والرياضة لسنة 2003 حيث نصت المادة 9(1) على الآتي:-
"الترشيح للمواقع أو المناصب الإقليمية أو القارية أو الدولية لأي من هيئات الشباب والرياضة يجب أن يتم بالتنسيق مع الوزارة والجهات المختصة بعد الحصول عل موافقة الوزير".
هذا النص التنظيمي يعني أن الشخص قبل البدء في الترشح للمنصب عليه أن يخاطب الوزارة مسبقاً، أي الإدارات المختصة بنيته في الترشح لمنصب ما وأن يورد معلومات عن طبيعة المنصب والمردود الفعلي للدولة منه، وبناء على المعلومات التي يوردها في طلبه تتولى الأجهزة الدراسة ومنح الإذن بقرار من الوزير بعد أن تكون الأجهزة المعنية قد نسقت مع العديد من الجهات مثل وزارة الخارجية، أجهزة الأمن المختلفة، وذلك للوقوف على حقيقة المنصب والمردود الفعلي الذي يأتي منه للسودان، من هنا يتضح أن هناك معلومات وملف للموضوع لدى الوزارة أي الإدارات المختصة منذ البداية، وعندما يتقدم الشخص بطلب للاستثناء يتم دراسة طلبه من خلال ذلك الملف وذلك لبيان الآتي:-
هل أتم الشخص دورة العضوية في الهيئة الشبابية والرياضة،
هل شغل العضو المنصب الإقليمي أو القاري أو الدولي بناء على إذن مسبق من الوزير؟
إن كان الإذن قد صدر للعضو فعلاً وشغل المنصب بموجبه هل حقق المردود الفعلي للبلاد وفق ما قرر في الملف الذي صدر بناء عليه التصديق؟
فإذا تحققت كل هذه الشروط تقوم الأجهزة برفع الأمر للوزير لاتخاذ قرار الاستثناء، أما إذا لم يكن هناك تصديق مسبقاً منذ البداية، فلا يجوز منح الاستثناء لعدم توفر علم الوزارة بحقيقة المردود الفعلي للسودان من شغل المنصب، أما إذا صدر التصديق والإذن بشغل المنصب من قبل الوزير منذ البداية، إلا أنه عند تقديم طلب الاستثناء للترشيح اتضح بعد الدراسة أن المردود الفعلي الذي أنبنى عليه التصديق لم يتحقق فلا يجوز التوصية للوزير بمنح الاستثناء، وهذا يعني أن قرار الوزير يكون مبني على حقائق ثابتة لدى أجهزة الإدارة، فالاستثناء بخلاف هذا يهدر أهداف القانون وغايات المشرع، وأن أي تفسير بخلاف هذا يعتبر تجاوز للقيود، وللسلطات وخروجاً على المشروعية في دولة القانون التي قررها الدستور، كما أن قانون تفسير القوانين والنصوص العامة لسنة 1974 قد أشار في المادة 6(1) ضرورة تفسير النصوص دائماً بما يحقق الغرض الذي شرعت من أجله.
"تُفسَّر نصوص أي قانون بما يحقق الغرض الذي شرع من أجله ويفضل في جميع الحالات التفسير الذي يحقق هذا الغرض على سواه".
لعل هذا فيه توضيح تام لحقيقة موضوع الاستثناء للترشيح بعد إكمال مدة العضوية الذي أشار إليه قانون هيئات الشباب والرياضة، وحدد الطرق والإجراءات للحصول عليه وذلك لخطورته وآثاره الواضحة على المصلحة العامة.
والواضح أن القرار الصادر بالاستثناء تحت كل الظروف يخضع لرقابة العديد من الأجهزة السياسية والإدارية، وللرقابة القضائية بمختلف درجاتها حتى المحكمة الدستورية