المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشفافية ..............



الجندي المجهول
19-09-2010, 09:10 PM
الشفافية من منظور الإسلام .....

الشفافية كلمة يرددها الكثيرون في يومنا هذا‏,‏ وربما كانت من الكلمات المهجورة قبل الآن‏,‏
والذي استدعي وجودها الواقعي تلك الحيرة التي يحياها مجتمعنا بين تصديق ما يقال في أي أمر من أمور الحياة‏,‏
وبين تكذيبه لفقدان التطابق بين أقوالنا وأفعالنا‏,‏
حتي حق فينا قول الحق سبحانه وتعالي‏:‏
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ‏)
(‏ سورة الصف‏:‏ الآيتان‏3,2).‏
وهذه الكلمة في أبسط معانيها لا تعدو أكثر من الصراحة والوضوح‏,‏
حتي ولو كان فيهما ما يؤلم‏,‏ لأن الإيلام المترتب علي عدمهما أشد وقعا علي النفس‏,
‏بجانب كونه استخفافا بالعقل والفهم‏,
‏ هذا بالإضافة إلي ما يجره علي المتحدث الذي فقد كلامه عنصر الشفافية من عدم الثقة به حتي ولو جاء في حديثه أحيانا ما يكون صدقا‏,‏
وفوق ما ذكرنا فإن الكلمة التي يقولها المتحدث بها ذات مسئولية نفسية واجتماعية وأخلاقية‏,‏
وعدم الإدراك لهذه المسئولية هو الذي يجعلها ليست بذات هدف‏,‏
بل ربما أدت إلي معني عكسي تكون آثاره السلبية ضارة بالمجتمع‏,‏
ويضيع الصدق والثقة بين الناس حينذاك‏.‏
ومن الأمور البدهية أن مسئولية الكلمة تختلف باختلاف قائلها‏,‏ فهي من المسئول ذات خطر عظيم‏,
‏ إن لم يراع فيها الصدق والشفافية‏,‏ وتأخذ طريقها إلي من دونه بنفس درجتهم في السلم القيادي‏,‏
وإذا تجاوزنا تحليل الأثر المترتب علي عدم الشفافية علي كل المستويات إلي الموضوع في ذاته فإنا نقول‏:
‏ إن الحقيقة الموضوعية ستفصح عن نفسها‏,‏ حتي ولو وضع دونها سياج متين‏,‏ بحيث لا يعلمها جمهور الناس‏,‏
وقد صدق الشاعر العربي حين قال‏:‏
ومهما تكن عند امرئ من خليقة
وإن خالها تخفي علي الناس تعلم
ولو فرضنا أنها تخفي علي بعض الناس‏,‏ فهل من المعقول أن تخفي علي جميعهم؟
ولو افترضنا جدلا أنها تخفي علي جميعهم فهل من المعقول أيضا أن تغيب عن علم الله سبحانه‏,
‏ الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور؟
لقد قال عز من قائل‏:‏
( قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير)
(‏ سورة آل عمران‏:‏ آية‏29),‏
والآية الكريمة التي جاءت بعد هذه الآية تكشف عن موقف خير في يوم لا تجدي فيه شفاعة شافع‏,‏ ولا حجة مدافع‏,
‏ يوم يعاين فيه كل إنسان صحائف أعماله في الدنيا علي حقيقتها دون زيادة أو نقصان‏,‏
بظلالها وألوانها من أعمال خيرة‏,‏ وأخري شريرة‏,‏ قال تعالي‏:‏
( يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ )
(‏ سورة آل عمران آية‏30).‏
وقد تعمدت استحضار تلك المشاهد التي ستكون في الآخرة‏,
‏ عسي أن يكون لها أثر في دنيانا فتكون إنذارا لأولئك الذين يتشدقون بكلمة الشفافية‏,‏ وهي منهم براء‏.‏
إنهم بهذا يكونوا قد ظلموها وظلموا أنفسهم أما ظلمهم لها فقد حملوها غير المعني المراد منها‏,‏
حتي أصبحت في عرف الناس مرادفة للكذب والخداع‏,‏ وأما ظلمهم لأنفسهم فإن الواقع يشهد بعكس ما يدعون‏,‏
حتي أصبحوا صنو الكاذبين الذين يتعمدون قلب حقائق الأشياء لأن الكذب في معناه الحقيقي ليس أكثر من ذلك‏,‏
من ثم رأينا التوجيه النبوي الكريم يقرر أن المؤمن قد يكون بخيلا‏,‏ وقد يكون جبانا‏,‏ ويستحيل أن يكون كذابا‏.‏منقووووووووووول للفائدة