المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صلوات في السويداء



ياسر فقيري
01-02-2005, 02:51 AM
كانت تسير على غير هدى تتجول بين جنبات الجسد .. ذهبت إلى أقدامي ثم صعدت قليلاً إلى سر الديمومة .. دارت ولفت ودخلت القفص الصدري استنشقت قليلاً من الأوكسجين .. ثم دخلت إلى البطين الأيمن حيث وجدت أبوابه مشرعة .. دخلت وكأنها تدخل مشرع الحلم الفسيح .. ثم أخذت تتجول في بقية الغرف وكعادتها أخذت تمازح الصمام والأبهري حتى وصلت السويداء .. وقفت النفس صامته لجلال الموقف .. فهناك كانت تدور صلوات في هيكل الحب .. وقفت نفسي تحملق فيها طويلاً .. وبعد صمت دهري .. قالت وبصوت واهن .. أأنت مرة أخرى ؟؟؟؟!!!!
لم تجبها بل واصلت في صمت جلالها .. أخذت نفسي تحادث نفسها .. قائلة : من المؤكد أن هذا القلب طابور خامس .. ففي آخر محادثات بينه وبين العقل أكد القلب إنه لن يحن إليها بعد اليوم ، ولن يؤويها في أي غرفة من غرفه .. وإنه سوف ينساها إلى الأبد .. ولكن .. كذب من رأى .. فهاهي الآن وكعادتها دائماً تصلي في السويداء وكأنها لم تفعل شيئاً !
ولكن فاليكن .. لابد من القيام بثورة ضد هذا القلب الخائن .. لابد من طرده من هذا الجسد فهو من المؤكد يسعى إلى هلاكنا .. كيف لا وهو يعرف تماماً سر هذه المخلوقة وإنها لن تكون لنا أبداً .. ولكنه على الرغم من ذلك مازال يتعلق بحبال الشمس التي ستنقطع حتماً عندما يأتي الغروب .. سوف يوردنا هذا القلب موارد التهلكة سوف أطالب العقل اليوم بأن ينفي هذا القلب الرقيق الضعيف من هنا ويستبدله بآخر صناعي مهمته فقط الإبقاء علينا أحياء .. هيا إلى العقل .. وفي ثورة خرجت النفس من القلب ثم نظرت إليه شذراً وهي متجهة إلى العقل وفي طريقها جمعت النفس جميع الحواس السمع والبصر والذوق والشم واللمس وصعدوا إلى العرش في عرشه ووقفت النفس أمام العقل وأدت فروض الولاء والطاعة ثم ابتدرت قائلة : نيابة عن أخوتي بقية أعضاء الجسد والحواس الخمس نعرض إليك مشكلتنا .. حيث إن القلب ذلك العضو الخائن يسعى إلى هلاكنا .. فقد آواها مرة أخرى في سويداءه .. إننا نشجب وندين هذا التصرف اللا مسئول ..
ولكن العقل في تلك اللحظة كان في لحظات تخدير عاطفي .. فقبل ذلك التجمهر من النفس والحواس وتلك المظاهرة التي استعملت فيها كريات الدم الحمراء كوسائل نقل وكريات الدم البيضاء كأسلحة مضادة للعواطف والأحاسيس كانت هناك جلسة نقاش بين العقل والقلب ..
يقول العقل : ماذا ؟! هل عاودك الحنين إليها ؟
القلب : وهل غادرني حتى يعود ! أم غادرك أنت ؟ لقد ضبطتك أكثر من مرة متلبس بالتفكير فيها ..
العقل : لم يكن تفكير بل كان بعض من حنين ..
القلب : الحنين والذكريات لا تنتهي بآهة طويلة ..
العقل : فليكن .. ولكن قلي ماذا جنينا من تعلقنا بها ؟
القلب : آ.. العقل مقاطعاً : لقد تعبت من التفكير فيها لقد أصبحت ذات يوم شغلي الشاغل .. جميع الأعضاء تهجع إلى الراحة والنوم .. غير أني أظل مستيقظاً وفي باطني يمر خيالها كل لحظة .. وأنا أعمل فجأة أجد طيفها أمامي أوشكت أن أصاب بلوثة لولا ذلك القرار الشجاع الذي اتخذناه بالإجماع بخروجها من دواخلنا إلى الأبد .. ولكنك تعود مرة أخرى إلى تذكرها واليوم بالذات ..
القلب : كيف لا وهي من هي .. تلك الحديقة الظليلة التي كنت تهجع لها عندما تتمرد النفس علينا فتهدأ .. إلا تذكر تلك الأيام التي كنت فيها تقودنا في أحلك الظروف فتمر علينا المصاعب كما يمر النسيم العليل بين خصلات شعرها .. ألم تحن يوماً إلى وجهها المستدير كما القمر تحفه سحب سوداء .. ألا تذكر عينيها وهي تدعونا إليها لنرتاح بين أجفانها .. ألم تشتاق إلى تلك الجفون الدافئة .. ألم تشتاق إلى رقتها كما خصرها الرقيق .. وإلى وجناتها يكللها الخفر .. ألم تشتاق لها كلها .. إنها هي بكل حسناتها وسيئاتها .. ألم نحبها لنقصها الذي وجد فيها حتى لا تصبح إلهة تعبد .. ألا تذكر عندما أرسلها لك عبر كريات الدم الحمراء فتصلك في زحمة المهام التي تقوم بها .. فتصلك دون أن تعطلك بل تعطيك إحساس بالدفء .. وتمدك بطاقة جديدة .. هي .. هي .. لم تتغير ولن تتغير وأن تغيرت الظروف التي تحيط بنا .. لا تحاول أن تنفيها بعيداً فهي في صدى الذاكرة تتردد ولن يخبو وميضها في غياهبك .. ولا تحاول محوها من ذاكرتك فهي لن تنمحي فقد نقشت صورتها على جدار الذاكرة.
يتبع ..

نيازى كشك
01-02-2005, 09:24 AM
عمل رائع


فى ربيع العمر كنا نتساقى ونغنى ..... نتناجى ونناجى الطير من غصن لغصن
ثم ضاع الامس منى ...... وانطوت فى القلب حسرة

نونا
01-02-2005, 10:49 AM
عمل جميل جدا

ياسر فقيري
14-02-2005, 05:19 AM
لكم الشكر أخوي نيازي وأختي نونا

الزمن المريح
14-02-2005, 06:07 AM
يا سلام يا ياسر و الله ابداع و عمل جد يستحق الاشادة و الى الامام وربنا يوفقك
مع و افر التقدير

ياسر فقيري
15-02-2005, 03:21 AM
لك الشكر أخي الزمن المريح ..

أبوبكرحامد
16-02-2005, 05:01 AM
الأخ ياسر فقيرى .....................................سلامات

هنيئاً لك بليلاك التى خلبت العقل والقلب.

مع مودتى

ود الماذون

ياسر فقيري
16-02-2005, 05:33 AM
أخي ود المأذون ..
أين من عيني حبيب ساحر فيه نبل وجلال وحياء
واثق الخطوة يمشي ملكاً ظالم الحسن، شهي الكبرياء
عبق السحر كأنفاس الربى ساهم الطرف كأحلام المساء
مشرق الطلعة، في منطقه لغة النور، وتعبير السماء..

لك الشكر على المرور

114
16-02-2005, 07:51 AM
يا ياسر
أيها الأديب العلمي
لقد مزجت مادة العلوم بالأدب القصصي الرفيع، فخرجت قطعة نادرة
يللا مستنين التكملة

ياسر فقيري
17-02-2005, 05:23 AM
أخي العزيز 114 لك الشكر على هذا الإطراء والثناء .. والتكملة موجودة في الصفحة الثانية ويا ليت أخونا المشرف ينقل الجزء الثاني منها على نفس الصفحة اللي فيها الجزء الأول .. مع شكري وتقديري لكم جميعاً