المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الرمال والعنكبوت/ قصة قصيرة لصلاح الدين سرالختم علي



صلاح سر الختم علي
28-03-2011, 12:03 AM
الرمال والعنكبوت

قصة/ صلاح الدين سر الختم علي

كان مشهدا وحيدا متكررا في ذاكرته يحاكي في قسوته لسعة السوط علي ظهر عار،كانت الصورة التي تبقت من أخيه هي صورة غائمة لرجل ينتزع أقدامه بصعوبة من براثن الرمال محاولا الوقوف والسير ثم ينكفئ علي وجهه بشفاه متشققة علي الرمال ، يسكن الجسد النحيل قليلا ثم ينهض من جديد مترنحا مصرا علي المسير ثم يسقط من جديد،وفي المرة الاخيرة طال السقوط وهمود الجسد وهو يوغل في سيره إلي الامام خوف ان يدركه ما أدرك أخيه قبل الوصول إلي ملاذ آمن. كانت الصحراء مترامية الاطراف أمام الأعين وليس ثمة أثرللحياة في كل الاتجاهات... فقط تلال من الرمال الذهبيةالمتعرجة وأزيز رياح عاتيات يصرخن كأنهن مردة من الجن تلهو باجساد الضحايا الصغيرة وتصب علي وجوههم وشفاههم جام غضبها.ليس أمامهم سوي المسير إلي أمام ليسوا واثقين انه أمام أم خلف...كانت تلك الرحلة قد بدأت بالبحث عن الحياة الأفضل وانتهت إلي التشبث بأمل ضئيل في البقاء علي قيد الحياة والرجوع من الغنيمة بالأياب. بدأ كل شئ حين تحدث مفرح معه عن ضرورة الهجرة حين كانا في بادية كردفان حيث مراتع الطفولةوالصبا، قال له مفرح وعيونه تلتمع ان ثمة حياة أخري غير حياة امتطاء النوق والبحث عن طعامها عبر مسارات باتت ملئية بالمخاطر والموت الكامن في بنادق النهابة وعصابات القبائل المسلحةوبنادق المتمردين علي الحكومة،كان هو أكثر حذرا وأقل رغبة في المخاطرة ولكن حسب الله سمسار المهاجرين الذي افرغ القري من شبابها ظل يطاردهما بمعسول الكلام والوعود حتي ألفيا نفسيهما علي ظهر عربة لاند كروزر عتيقة تنهب الطريق بهم إلي (نيالا) بعد ان حصل حسب الله منهما علي خمسمائة جنيه عن كل رأس واقنعهما بأن الرحلة إلي ليبيا عبر الصحراء اسهل من شراب الماء، كانت العربة تكركر وهي تتوقف في القري عبر الطريق لتجمع المزيد من النقود والحالمين بالهجرة. في (نيالا) استلمهم رجال اشداء حملوهم عبر الصحراء إلي غابة تقع بالقرب من (كتم) حيث انزلوهم في حراسة مشددة وبعد يومين من المبيت في العراء اشرفوا علي حشرهم بالمئات علي ظهر شاحنة مرسيدس ضخمة فاضت بحمولتها وضاقت فاجبروهم علي صناعة طايق ثاني للعربة بقطع جذوع الاشجار ورصها فوق حواف العربة فوق رؤوس من بداخلها لكي تحتمل حمولة اخري فوق السطوح المصنوعة ومن ثم انطلقت العربة بحمولتها صوب الصحراء تتبعها عربة لاندكروزر صغيرة بها مجموعة مسلحة. بعد مسيرة طويلة في الصحراء توقفت الشاحنة تماما نتيجة عطل ما وتدلي السائق منها وبعد عدة محاولات اعلن انه سيعود بالعربة الصغيرة لاحضار اسبير للشاحنة واختفت العربة الصغيرة .وبقي ركاب الشاحنة وحدهم ليواجهوا مصيرهم... مئتان وخمسون رجلا بحوزتهم ماء قليل وزاد شحيح في صحراء قاحلة بجوار عربة متعطلة.
تناقص الماء والزاد والسائق لم يجئ كما وعد والطريق ليس مطروقا ولا يوجد أثر للحياة، المتشائمون قرروا ان الافضل هو التحرك بلا ابطاء لان الواضح انهم تركوا للموت ولن يأتيهم أحد، البعض قال ان الحكمة أن يبقوا حيث هم حتي لايتعذر أنقاذهم، وفي الاخير وبعد ان لم يبق سوي الماء الموجود بالسيارة نفسها لتبريد الماكينة بدأت مجموعات تتحرك للنجاة بنفسها...كان علي ومفرح في أحدي المجموعات الباحثة عن النجاة،ساروا بجنون وحماس دون اكتراث بالزمن والمسافات او بمن تساقطوا في الطريق فلم يكن ثمة مجال للتوقف، فقط حين سقط مفرح لم يستطع علي ان يتركه فعاد اليه واسنده علي كتفه وعاونه علي المسير وحين وهنت قدماه وسقط أرضاحمله علي ظهره وسار به اقصي ما أستطاع ثم لم يعد الجسد قادرا علي السير بما يحمل، أخذ هو نفسه في الترنح ولكنه صم أذنيه عن صوت أخيه الخافت الذي يطلب منه ان ينجو سعد فقد هلك سعيد، لم يتخيل أبدا ان ذلك ممكن الجدوث، وظل يحمله ويسقط وينهض وهو عازم علي عدم التخلي عنه،ولكنه أيقن في النهاية ان من المستحيل ان ينجوا سوية فاذعن لهمس اخيه وواتته شجاعة التقدم علي أمل ان يلحق اخيه به كما وعده....ولكنه ظل يسقط وينهض
يسقط وينهض.... ثم سقط ولم ينهض مرة أخري..... ظل هو يلتفت إلي الخلف والمسافة بينه وبين أخيه تتسع حتي لم يعد ير سوي الرمال ولم يعد يسمع سوي صوت عويل بداخله يمده بطاقة خارقة تعينه علي المسير قدما.

صلاح الدين سر الختم علي

28/ مارس/2011
قصة واقعية من السودان
كردفان: اقليم كردفان في السودان يقع في غرب السودان بين دارفور ووسط السودان.وعاصمة الاقليم الابيض ويشتهر الاقليم بحرفة الرعي وبه ثروة حيوانية ضخمةوقبائل رعويةمشهورة برعي المواشي والابل.
النهابة: يقصد بذلك محترفي النهب المسلح من اللصوص وهم منتشرين في دارفوروكردفان.
نيالا: حاضرةوعاصمة اقليم جنوب دارفوراحد اقسام دارفور.
كتم: مدينة كتم تقع في ولاية شمال دارفور وهي قريبةمن الحدود الليبية السودانيةوالتشادية السودانية.

سوباوي
28-03-2011, 03:44 AM
الموقر الأستاذ/ صلاح سر الختم

شكراً جميلاً لهذه القصة القصيرة العميقة .. أدخلتني أبواب هذه الحكاية لعوالم كثيرة حيث أن بروز

الخصائص الفنية في العرض حلقت بي في عوالم سيد قطب وتصويره الفني لمشهد القصة ..

تجرف الصحراء برمالها وصفير رياحها ذاكرتي نواحي كتابات إبراهيم الكوني وظلت متشبثة

بمخيلتي إلى أن أسلمتني إلى تفاصيل عبد الرحمن منيف في مدن الملح فتاكثف في ذائقتي

طعم ملحه وهوائل صحرائه في الجزء الأول من تلك السلسلة ..

فقط ما وددت قوله أن هذا الذي نثرته ثري جداً بالمعاني وبه تصاوير بديعة .. وصادقة لدرجة أنها

تدخل بعض الرعب بالقلب أثناء القرأءة

فتحس أنه ما أحوجك لجرعات ماء بعد الانتهاء من القراءة.

مؤكد تحياتي وكن بخير .. بخير أبداً،،

مصطفى هاتريك
28-03-2011, 04:04 AM
الموقر الأستاذ/ صلاح سر الختم

شكراً جميلاً لهذه القصة القصيرة العميقة .. أدخلتني أبواب هذه الحكاية لعوالم كثيرة حيث أن بروز

الخصائص الفنية في العرض حلقت بي في عوالم سيد قطب وتصويره الفني لمشهد القصة ..

تجرف الصحراء برمالها وصفير رياحها ذاكرتي نواحي كتابات إبراهيم الكوني وظلت متشبثة

بمخيلتي إلى أن أسلمتني إلى تفاصيل عبد الرحمن منيف في مدن الملح فتاكثف في ذائقتي

طعم ملحه وهوائل صحرائه في الجزء الأول من تلك السلسلة ..

فقط ما وددت قوله أن هذا الذي نثرته ثري جداً بالمعاني وبه تصاوير بديعة .. وصادقة لدرجة أنها

تدخل بعض الرعب بالقلب أثناء القرأءة

فتحس أنه ما أحوجك لجرعات ماء بعد الانتهاء من القراءة.

مؤكد تحياتي وكن بخير .. بخير أبداً،،


الأخ سوباوي

وجدت في ما كتبته عن هذه الرائعه للأستاذ صلاح الكثير مما كنت

أود قوله , فقط أضيف أن هذه القصة تحتاج قليل مكياج من موسيقى

تصويرية و مؤثرات مكانية ,, وكاميرا ( حريفة ) لتصبح فيلم تسجيلي

حاصد لأجعص الجوائز

صلاح سر الختم علي
28-03-2011, 06:02 AM
الموقر الأستاذ/ صلاح سر الختم

شكراً جميلاً لهذه القصة القصيرة العميقة .. أدخلتني أبواب هذه الحكاية لعوالم كثيرة حيث أن بروز

الخصائص الفنية في العرض حلقت بي في عوالم سيد قطب وتصويره الفني لمشهد القصة ..

تجرف الصحراء برمالها وصفير رياحها ذاكرتي نواحي كتابات إبراهيم الكوني وظلت متشبثة

بمخيلتي إلى أن أسلمتني إلى تفاصيل عبد الرحمن منيف في مدن الملح فتاكثف في ذائقتي

طعم ملحه وهوائل صحرائه في الجزء الأول من تلك السلسلة ..

فقط ما وددت قوله أن هذا الذي نثرته ثري جداً بالمعاني وبه تصاوير بديعة .. وصادقة لدرجة أنها

تدخل بعض الرعب بالقلب أثناء القرأءة

فتحس أنه ما أحوجك لجرعات ماء بعد الانتهاء من القراءة.

مؤكد تحياتي وكن بخير .. بخير أبداً،،

اخي سوباوي
سعدت كطفل بقراءتك العميقة للنص وسعدت ايما سعادة بمقارنتك له باجواء عبد الرحمن منيف وهو احد منابعي الثقافيةواللغويةوالفنية وهو قامة لا أظن مثلي بالغها ابد وسعدت كذلك للاشارة الي الكاتب الكبير الكوني
مرحبا بك دائما

صلاح سر الختم علي
28-03-2011, 06:06 AM
الأخ سوباوي

وجدت في ما كتبته عن هذه الرائعه للأستاذ صلاح الكثير مما كنت

أود قوله , فقط أضيف أن هذه القصة تحتاج قليل مكياج من موسيقى

تصويرية و مؤثرات مكانية ,, وكاميرا ( حريفة ) لتصبح فيلم تسجيلي

حاصد لأجعص الجوائز


اخي مصطفي لن اخفي سعادتي بهذا الاطراء والتفاعل مع النص فكل كاتب يبحث وهو يكتب عن التفاعل مع نصوصه وافكاره
فشكرا لك يا صديقي

انور النور محمد
29-03-2011, 08:27 AM
ولقد اعنتنا استاذ صلاح
بمثل ما اعان علي مفرح
فلا تتركنا لصحراء حروفنا العابسه فقد غرست فيها نبتاً من نار ونور
مفرح مفرح جدا ان تسامر حروفنا حد التشويق في متاهة الرحيل الى حيث ظنون الامل ترابض في عقول المتحفزين للمغامرة

كلما قرات لك ادبتني حروفك ونزعت عني نشاذ التعابير

لك دائما محبتي
اديبنا الجليل

صلاح سر الختم علي
29-03-2011, 10:50 AM
ولقد اعنتنا استاذ صلاح
بمثل ما اعان علي مفرح
فلا تتركنا لصحراء حروفنا العابسه فقد غرست فيها نبتاً من نار ونور
مفرح مفرح جدا ان تسامر حروفنا حد التشويق في متاهة الرحيل الى حيث ظنون الامل ترابض في عقول المتحفزين للمغامرة

كلما قرات لك ادبتني حروفك ونزعت عني نشاذ التعابير

لك دائما محبتي
اديبنا الجليل

المبدع الشفيف انور
مراجيح العيد في القبة كانت جزءا من طفولتي المضئية في مدني
لذلك اتوقف دوما عند المدنيين في بطاقتك
كانت المراجيح الحديدية في العيد والمولد في القبة معلما بارزا مثل خيام المولد في بانت
تحية لك ولتلك الاماكن
كوبري حاجة عشة هل هناك من يذكره وصافيات في ام سويقو هل هناك من يذكرها وود الفتلي وود النقاش وخالد عشرية والحردلو الفنان وقبة ودمدني السني وبصات ابوحراز
ذلك زمن....لا ادري لم تذكرت كل هذا
هو الحنين الغامض الي مدني التي حرمتنا الوظيفةمنها
ولكن منتدي مدني اعادنا اليها بطريقة اخري
تحياتي

بدر الدين احمد الطائف
29-03-2011, 12:36 PM
القصة تحكى واقع مرير عاشه نفركثير من ابناء بلادى الباحثين عن الهجرة للبحث عن سبيل لعيش حياة كريمة ومازالت ماسى الهجرة تحصد العديد من الشباب .بقدر ما تحمله القصة من حزن ومصير مجهول و لكن الاسلوب الواقعى والجميل طغى على كل الحزن الموجود.
تسلم استاذ صلاح ومزيد من الابداع.

صلاح سر الختم علي
29-03-2011, 12:48 PM
القصة تحكى واقع مرير عاشه نفركثير من ابناء بلادى الباحثين عن الهجرة للبحث عن سبيل لعيش حياة كريمة ومازالت ماسى الهجرة تحصد العديد من الشباب .بقدر ما تحمله القصة من حزن ومصير مجهول و لكن الاسلوب الواقعى والجميل طغى على كل الحزن الموجود.
تسلم استاذ صلاح ومزيد من الابداع.

شكرا اخي صاحب المرور الجميل بدر الدين

mahagoub
31-03-2011, 04:06 AM
http://i55.tinypic.com/16c8m89.gif

صلاح سر الختم علي
01-04-2011, 12:57 AM
مشكوووووووووووووووووووووووور اخي محجوب

خالد علونى
01-04-2011, 04:21 AM
استاذنا الفاضل صلاح

تحياتي لك لا تحدها حدود


لا أجد ما أقول


إلا أني تهت بخيالي في تلك الصحراء أسير مع الشخوص واتحاور معهم اكاد أسمع نقاشهم بين الإنتظار أو البحث عن مخرج


واستمتعت جداًُ بالسرد الوصفي خلال هذه القصة


لك مني خالص الود
وكن دوماً بكل الخير

صلاح سر الختم علي
01-04-2011, 09:35 AM
استاذنا الفاضل صلاح

تحياتي لك لا تحدها حدود


لا أجد ما أقول


إلا أني تهت بخيالي في تلك الصحراء أسير مع الشخوص واتحاور معهم اكاد أسمع نقاشهم بين الإنتظار أو البحث عن مخرج


واستمتعت جداًُ بالسرد الوصفي خلال هذه القصة


لك مني خالص الود
وكن دوماً بكل الخير

اخي خالد علوني اسعد دوما بقراءتك العميقةوافتقدك حين لايغشاني خريفك بدعاشه الجميل وفراشه الملون

محمد الجزولى
02-04-2011, 03:57 AM
أستاذي صلاح
أمر كثيرا على قصصك القصيرة .....مرة... ومرتان ... وثلاثة... واجد متعتي في كل مرة في ما أقرأ
استغرب لطالبي الثراء السريع حتى ولو على أشلاء بشرية... دون رحمة او شفقة
مناظر صارت تتكرر كثيرا وان تعددت أساب الهروب من شظف العيش والحلم بحياة ارغد
عودتنا أن تأتي بالحبكة القصصية التي تشدنا حتى ( قيام النفس ) أحيانا
أنت قلم لا يحتاج إلى تعليق مثلي استأذنا القامة صلاح سرالختم
يكفيني متعة الإبحار عبر عالمك الملئ بالإبداع...

صلاح سر الختم علي
03-04-2011, 03:47 AM
أستاذي صلاح
أمر كثيرا على قصصك القصيرة .....مرة... ومرتان ... وثلاثة... واجد متعتي في كل مرة في ما أقرأ
استغرب لطالبي الثراء السريع حتى ولو على أشلاء بشرية... دون رحمة او شفقة
مناظر صارت تتكرر كثيرا وان تعددت أساب الهروب من شظف العيش والحلم بحياة ارغد
عودتنا أن تأتي بالحبكة القصصية التي تشدنا حتى ( قيام النفس ) أحيانا
أنت قلم لا يحتاج إلى تعليق مثلي استأذنا القامة صلاح سرالختم
يكفيني متعة الإبحار عبر عالمك الملئ بالإبداع...

اخي المبدع المكبل بالاشراف ود الجزولي
سعدت بكل كلمة خطها يراعك المميز

نزار احمد كوارتي
03-04-2011, 04:10 AM
عن جد تعجز الكلمات
فقط كُن دوماً بخير مُبدِعنا صلاح

صلاح سر الختم علي
03-04-2011, 11:51 AM
عن جد تعجز الكلمات
فقط كُن دوماً بخير مُبدِعنا صلاح

تحياتي لشخصك الكريم اخي نزار