مشاهدة النسخة كاملة : رحــــــــيق الأزمنــــة ..
ود الضو
14-07-2011, 09:17 AM
يالجمال النخيل عندنا نهُزُّ عليه فيأتينا بخيره الوفير ( عجوةً وقنديلي ) وايضاً ذلك العجيب ( السَّعَف ) الذي صُنِعت منه تلك الرهيبة ( المُقشاشة ) ..
وأنا أرضخ بإسترخاء لذيذ لذلك الكسل الذي يزور الواحد منّا في تلك الاوقات ولا أكلـِّف نفسي الكثير من العناء حين أمسك وسط السرير محاولاً ( جَرَّه ) الي داخل الضـُّل بعد ان وصلتني اشعة الشمس .. وتنفجر تلك التي تعزف بمُقشاشتها غضباً حين تجد آثار ( الجَّرْ ) ( حفـَّرْت لي الواطة كلها ) .. وترجع من جديد تعيد ترتيب الارض التي فعلت فيها انا مافعلت من حُفَرْ ..
ود الضو
14-07-2011, 09:20 AM
كثيراً ماتقودني الذكري الي تلك المدعوّة بـ ( المُقـْشَاشَة ) يا آآآه وصوت ذلك العزف الذي يصدر منها عند تحريكها علي الارض .. أستذكر ذلك الحوش الوسيع الفسيح الممتد وضل الضحي يمتد كغطاء عَلـَيْ وانا لم أزل متمدداً علي السرير وكأنّ الليل لم ينتهي بعد .. وكالعادة ذلك الرّاديو الـ ( national ) ببيته القماشي ذو الصُّنع المحلي ظلَّ يُوقظني بصوته العالي جداً رغم بعد المسافة التي تفصل بيني وبين موضعه في ذلك ( الشـُّبَّاك ) وهو دائماً مايتم وضعه ( مُستقبلاً للقِبْلة ) حتي يأتيهم صوت نقي خالي من ( الشـَّخْشخة ) .. حتماً هو والدي أطال الله في عمره وكعادته في هذا التوقيت يفتح الراديو كي يسمع تلك المدائح التي تُزاع صباحاً ..
ود الضو
14-07-2011, 09:25 AM
وأنا في نفس وضعي الذي كنت عليه وبعد ان تنتهي صاحبة العزف من الحوش تكون قد دخلت الي داخل البيت لتُعطيه حقه من العزف .. أحسب أنّ الخريف قد قرُب وقت دخوله وهذه هي رياح ( الصَّعيد ) بدأت تهب وأتتني تحمل معها صوت راديو ( جارتنا ) ( أمُّونة ) عليها رحمة الله وهو يغني ( أحبابنا أهل الهواء رحلوا وماتركوا خبر ) .. يصلني الصوت ممزوج بنشيجها وهي تردد ( حليل موسي ياحليل موسي ........ ) كم هي مسكينة وحَنينة فقد أثارت فيها تلك الاغنية الشجون وهي تنبش ذكري أبنها الكبير الذي فارقها منذ عشرات السنين حينما هاجر الي ليبيا ( ذلك البحر الوسيع ) وظلـَّت تبكيه بدموع الدّم الي أن فارقت هذه الدنيا أم قدود ..
كم هي طويلة اوقات الحزن عندنا وغيرها من الافراح مايتبخـَّر دون ان ( نفرح ) كما ينبغي , نكون حضوراً انيقاً في كل تلك المُفرحات ولكن احسب أننا نفرح ( لحظياً ) بزوال المؤثر , ويظل الحزن هو مايُشكل كل شيئ عندنا ونظل نتكئ عليه ..
ود الضو
14-07-2011, 09:26 AM
وفي نفس ذاك الظل بعد أن اكون قد غيَّرت من شكل ( قعدتي ) فذاك السرير قد حُمِلَ الي الداخل .. أخلع نعلي وأجلس عليهما في وضعٍ قرفصائي وأرمي بنظري الي البعيد .. يأتيني صوتها المعهود بت الجيران ودائماً ماكانت تظهر وفي يديها ( صحن أو كُورِيّة ) مليئة أو فارغة .. كانت تقف عند الحوش بعد أن تفصل بثمارها فصلاً تامّاً بين جسدها الممشوق وذلك الحوش حتي لايلتصقان .. ياللغيرة التي اصابت ذلك ( الأسطي وصبيانه ) حينما قام ببناء هذا الحوش ولم يترك لتلك الانثي حق أن تظهر بكامل تفاصيلها .. فقط ترك لها أن تُظهر وجهها المتدفق جمالاً .. كان يُطلق عليها أسم دلعٍ جميل ( هبُّوية ) ولكن إن رأيت تلك الـ ( هَبُّوية ) تحلف تقول انّ ستة أو خمسة ( هبُّويات ) قد إجتمعن وشكَّلن تلك الـ ( هبُّوية ) الواحدة .. دقائق معدودة كانت تقفها ملتصقة بذلك الحوش ( العارِضْ ) ترميني بتحية الصباح وتناولني ماتحمل وتدخل الي بيتهم وتتركني أقترح علي نفسي خيارات عدّة أوّلها ( لو الواحد بقي حوش ياخ ) .. دنيا غريبة جداً ..
ود الضو
14-07-2011, 09:28 AM
ذكريات رغم بساطتها إلاّ أنها لم تزل باقية في الدواخل وحلوة الإجترار .. أمام ناظري تقف صورة تلك ( الغنماية ) الشـَّلِيقة بعد أن مارست الدخول الي ( التـُّكُل ) بطريقةٍ غير مشروعة وهي تدفع بـ ( قِرُونها ) الباب الذي تم ربطه بالحبل مع ( الشـِّبْعَة ) في تلك الرّاكوبة .. وتدلف الي الداخل وليس في رأسها شيئ غير ان تصَل الي ( شوَّال ) الدقيق أو ( خـُمَّارة ) العجين لتأكل وتطلع كما دخلت .. دوماً احسب انها تفضِل خُمّارة العجين علي شوّال الدقيق لأنّ الآخر يكون مربوط رأسه ويصعب عليها إدخال رأسها داخله ولكن تلك الخُمَّارة بكل يُسر يمكنها إزاحة غطاءها وإدخال رأسها .. أضحك لشلاقِتها وشفقتها عندما أسمع صوتها وهي تصيح عالياً وكأنها تطلب النجدة بعد أن تشبع وتحاول إخراج رأسها من الخُمّارة تتعلـَّق يد تلك الخُمّارة وهي غالباً ماتكون من ( جركانة ) تم فتح أعلاها فتحاً تاماً .. فيعلق رأسها بالخُمّارة التي تظل تلازمها كظلها وتأبي أن تنفكّ من عليها ممّا يجعلها تجري وتصيح بصوت عالي الي ان تجد من يزيح عنها تلك الخُمّارة ورغم كل هذا تجد تلك الغنماية لاتعرف ( التحريم ) فحالما تجد الفرصة المناسبة تمارس نفس ذلك الدّور من جديد وتضع في حساباتها أنها سوف تتشعلق بتلك الخُمّارة والأمل باقي بوفرة أنّ احدهم سوف يقوم بنجدتها وإفلاتها من تلك التشعلقة ..
ومن علي البعيد كلب يلهث ويأتي مسرعاً لايلتفت لشيئ وقتها فقط يقصد تلك ( المزيرة ) حتي يريح جسمه قليلاً من هجير الشمس ووعثاء الجَّرِي المتواصل .. يُخرِج لسانه كاملاً ويرمي ببقية جسده ( الرأس في جهة , الأرجل الامامية في جهة أخري وكذلك الخلفية ) وكأنه يسبح في الفضاء الفوقاني .. ويظل تحت تلك الازيار و ( نقـَّاعها ) بكل تلك البرودة وينااام حتي يحلم .. كلها ذكريات بسيطة وجميلة لتلك الأزمنة ستظل في البعيد نقشاً يتعشـَّق إستمرارية البقاء ..
ود الضو
14-07-2011, 09:30 AM
ياشافع تشفع ماتنفع ؟؟
كثيراً ماسمعت هذه ( الدَّعوة ) وخاصة من الجانب النسائي ( أم , أخت , خالة , عمه , جارة , .........الخ ) .. دا كان ايام الطفولة أو بالأصح أيام ( الشفعنة ) ..
رغم أنَّ الواحد كان ( طفل ) ومليان براءة كما بقية أطفال العالم ولكن لي حدِّي ماكمَّل الواحد مرحلة طفولته يوم واحد ماسِمِع واحد يناديه بـ ( طفل ) بس ( شافع ) وحتي بعد مفارقة مرحلة ( الطفولة ) هناك من يذكره بشافع وكأنه أبن خمسة سنين ( ديك الجامعه البقرأ فيها شافع الضو ) أو ( ديك البقالة البشتغل فيها شافع الضو ) .. حتي يمكنك أن تجد من يُتبعك هذه الشفعنة إلي أن تصل إلي مرحلة الرجولة الكاملة بعد أن تخطيت مرحلة الطفولة والشبشبة ومابعدها .. لا أدري هل البيئة هي التي تتحكَّم في مثل هذه مسميات ؟ أم أنَّ نطق شافع أجمل وأحلي عندهم من نطق طفل ؟ لا أدري ولكن ما أدريه تماماً لم أسمع يوماً واحداً قال لي ( طفل ) ولكن من تلك الـ شافع فقد شبعت شبع .. وكأني كنت أري أنَّ ذلك الطفل فقط يسكن المدن والحضر وهذا الريف يوجد به الشـُّفع ( نحن ) .. لم ينقصهم وقتها إلاَّ أن نقرأ في الصحف اليومية في مربع صغير اسفل الصفحة ( رزقنا صباح اليوم بـ شافع جميل أسميناه العوض ) ولو فعلوها لأيقنت تماماً أنَّ المدعو شافع موجود بكثرة حتي قرأناه في قلب الصحف الكبيرة .. حليل ايام الطفلنة والشفعنة .. شتـَّان مابين ( شفعنة ) الأمس و( طفلنة ) اليوم إن صحَّ التعبير .. كُنَّ يقلن وهنَّ يُوصين الاصغر منهنَّ سناً ( الشافع دا ختيه في التراب عشان يتدرْدّحْ ويقوي ضد مرض التـِّتـْوار ) ويتعلم الحَبيان والمشي سريع سريع .. فقد أصبح ذاك التراب وتلك ( المرْمغاغة ) بكل قساوتها ( لشفع الامس ) يساوي ( العربات المتحركة ) ذات الاصوات والالوان المختلفة ( لأطفال اليوم ) التي يتعلم بها الاطفال الحبو والمشي .. كنت كثيراً ما أري ( فلـْقـَة أو ظلـْطة وبها بعض الدم ) للشـُّفع عندنا ولكني لم أري يوماً تلك الاشياء عند طفل من اطفال المدينة والاسباب بالجملة ( السيراميك الناعم والموكيتات والمهد ) .. ولكن ذلك الشافع الذي حالما يشعر بأنَّ أرجله تحمله تجده يُمسك بالعنقريب رغم علوِّه ويحاول الوقوف وفجأة تخزله قوَّته ويضرب ( برأسه كُراع العنقريب ) بكل ما أوتي من قوة وينتج عنها ( الفـَلـْقة ) ويظل يصرخ ويصرخ حتي تأتيه أمّه وأوَّل ماتقوله ( أجَيْ آآآشافع ) متين بقيت للوقوف بالعنقريب .. أمّا هناك فالطفل له آله تقف مستقيمة وثابته يقف عليها دون أن ( يجرح نفسه ) .. هذا غير لعب الطين والموية ولايكفيه ذلك ( العرَّاقي ) أو تلك الفنيلة لساعات ولكنها تظل معه حتي ( تقول الروب زاتو ) ..
فقل لي ياود الضو لماذا لايقولون لك يا ( شافع ) دون ( طفل )وأنت لم تري ( الحضانة والروضة والشيكولا والدَّادات ) ..
ود الضو
14-07-2011, 09:38 AM
كل هذه الافرازات ماهي إلاَّ إشتعال للدواخل والذواكر ونبش ذكريات ذات زمان , وكم من امنيات .. وعلي الشرفات كثيراً من الوجع المقيم .. تشابه الاشياء وتكرار الزمن أيّاً كان , سنة , شهر , اسبوع , يوم , ساعة , سيّان ليلها ونهارها .. مساءات الجمال وروعة المعالم هناك ونهارات الحبيبة الانثي الشجن .. عصريات القهوة وامتداد خيوط الشمس علي جدران الطين وذاك ظلُُ ظليل إفترش عندهـ شيخ كبير مفترشاً له وأخذ يرهف السمع الي ( هـــنا ام درمان ) الاذاعـــة الســودانية ..
ود الضو
14-07-2011, 09:41 AM
شمس دافئة وبعضاً من المطـــر .. غيم مسالم يعرف كيف يستر الشمس لحظة التعب .. بسمة صادقة بلا تمن تجدها في تلك الازمـان .. ليلات السمر والانس الجميل .. ضحكات الاصحاب وامسيات القمر .. التـّمشي بمتعة في الازقة والدروب تلك التي تـُشير الي نفسها فتعرف ان هنا توجد ( حفرة ) وهناك توجد ( لفة ) حالما تقارب بيت شيخ عبد الله الشيخ الورع حقاً ويأتيك همسه مردداً ( لا الشمس ينبغي لها ان تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون ) تجد نفسك منصت لتلاوته المرتبه وتصطدم قدمك بقطعة طوب خضراء , استغفر الله , تقولها وتبطئُ الخطي وها انت قد وصلت بيت ابيك الباب مشرع مقابل الطريق العام , السبحة اللالوبة وابريق النحاس , التـّبروقة , وبعضاً من بقايا عطر ..
ود الضو
14-07-2011, 09:43 AM
كل شيئ صار إنتظار .. قطارات الامنيات تمر حولنا ولانجد الا ان نلوّح لها بإشارات الوداع ونجدد الانتظار لموعد آت فهو لايعرف العقود والاوراق للضمان .. ونغني للقمراء , ياقمراء ياقمراء اقلبي السنسة الحمراء .. شوق وحنين متقد الي تلك الازمنة المليانة طيبة ومحنة وإلفة وصفاء .. إلي جلسة في ضل ضحوية ممتد لساعات .. قهقهة من الدواخل .. تخميسة سيجارة ..
محمد الواثق
15-07-2011, 09:48 PM
رائع ياود الضو
ود الضو
16-07-2011, 06:15 AM
رائع ياود الضو
------------------
يديك الف عافية
يامحمد الواثق ..
شكراً جميلاً ..
mahagoub
16-07-2011, 08:18 AM
انعشت فينا شقاوة شفع
لا تزال فى دواخلنا
بحلوها لانها طفوله لم يكن فيها مر
سواء علقه من هنا او من هنالك
ما تفك التخميسه
ود الضو
16-07-2011, 08:42 AM
ما تفك التخميسه
--------------------
ماتنسي ترجعها
لك التحايا بالكوم ..
مايسة
17-07-2011, 06:06 AM
وفي نفس ذاك الظل بعد أن اكون قد غيَّرت من شكل ( قعدتي ) فذاك السرير قد حُمِلَ الي الداخل .. أخلع نعلي وأجلس عليهما في وضعٍ قرفصائي وأرمي بنظري الي البعيد .. يأتيني صوتها المعهود بت الجيران ودائماً ماكانت تظهر وفي يديها ( صحن أو كُورِيّة ) مليئة أو فارغة .. كانت تقف عند الحوش بعد أن تفصل بثمارها فصلاً تامّاً بين جسدها الممشوق وذلك الحوش حتي لايلتصقان .. ياللغيرة التي اصابت ذلك ( الأسطي وصبيانه ) حينما قام ببناء هذا الحوش ولم يترك لتلك الانثي حق أن تظهر بكامل تفاصيلها .. فقط ترك لها أن تُظهر وجهها المتدفق جمالاً .. كان يُطلق عليها أسم دلعٍ جميل ( هبُّوية ) ولكن إن رأيت تلك الـ ( هَبُّوية ) تحلف تقول انّ ستة أو خمسة ( هبُّويات ) قد إجتمعن وشكَّلن تلك الـ ( هبُّوية ) الواحدة .. دقائق معدودة كانت تقفها ملتصقة بذلك الحوش ( العارِضْ ) ترميني بتحية الصباح وتناولني ماتحمل وتدخل الي بيتهم وتتركني أقترح علي نفسي خيارات عدّة أوّلها ( لو الواحد بقي حوش ياخ ) .. دنيا غريبة جداً ..
وصف مبالغ فيهو ود الضو -
اللون الاحمر دا ضحكتني فيهو - ربنا يديك العافية غايتو ولسى متابعين رحيق الازمنة
ود الضو
17-07-2011, 07:26 AM
وصف مبالغ فيهو ود الضو -
اللون الاحمر دا ضحكتني فيهو - ربنا يديك العافية غايتو ولسى متابعين رحيق الازمنة
--------------------
اختنا مايسة
يسعد مساءاتك
سعيد بمرورك
دمتِ بالف خير ..
بحيرى
17-07-2011, 09:53 PM
تحيه لك ود الضو ....
وانت ترسم لوحه رائعه تعيدنا للريف وللصبا ....
بمناسبة قش الحوش ....
اتذكرت اغنية جانى وما لقانى ...جيتو وما لقيتو ....
وبهديا للاهل بكفر الشيخ .... والخاله حنان لُبط بديم كشنكلو .... والعم محجوب بالمانيا الشرقيه ...
هاهاهاهاهاها .....
ود الضو
18-07-2011, 07:42 AM
[QUOTE=بحيرى;618128][RIGHT][SIZE="5"][COLOR="blue"]تحيه لك ود الضو ....
وانت ترسم لوحه رائعه تعيدنا للريف وللصبا ....
--------------------------
حبيبنا بحيري
كيف أمسيت آآآالحبيب ؟
شكرا علي الطلة الانيقة
مشاققة :
ماتنسي تهدي الاغنية لي ناس ام طرَقاً عُراااض ..
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir