مشاهدة النسخة كاملة : المستطرف في كل فن مستظرف
خالد علونى
22-08-2011, 09:01 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الملك العظيم العلي الكبير، الغني اللطيف الخبير، المنفرد بالعز والبقاء، والإرادة والتدبير، الحي العليم الذي ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، تبارك الذي بيده الملك، وهو على كل شيء قدير، أحمده حمد عبد معترف بالعجز والتقصير، وأشكره على ما أعان عليه على قصد ويسر من عسير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا مشير، ولا ظهير له ولا وزير، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله البشير النذير السراج المنير، المبعوث إلى كافة الخلق من غني وفقير، ومأمور وأمير، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه صلاة يفوز قائلها من الله بمغفرة وأجر كبير، وينجو بها في الآخرة من عذاب السعير، وحسبنا الله ونعم الوكيل فنعم المولى ونعم النصير.
أما بعد: فقد رأيت جماعة من ذوي الهمم، جمعوا أشياء كثيرة من الآداب والمواعظ والحكم، وبسطوا مجلدات في التواريخ والنوادر، والأخبار، والحكايات، واللطائف، ورقائق الأشعار، وألفوا في ذلك كتباً كثيرة، وتفرد كل منها بفرائد فوائد لم تكن في غيره من الكتب محصورة، فاستخرت الله تعالى وجمعت من جموعها هذا المجموع اللطيف، وجعلته مشتملاً على كل فن ظريف، وسميته المستطرف، في كل فن مستظرف واستدللت فيه بآيات كثيرة من القرآن العظيم، وأحاديث صحيحة من أحاديث النبي الكريم، وطرزته بحكايات حسنة عن الصالحين الأخيار، ونقلت فيه كثيراً مما أودعه الزمخشري في كتابه ربيع الأبرا وكثيراً مما نقله ابن عبد ربه في كتابه العقد الفريد ورجوت أن يجد مطالعه فيه كل ما يقصد ويريد، وجمعت فيه لطائف وظرائف عديدة، من منتخبات الكتب النفيسة المفيدة، وأودعته من الأحاديث النبوية، والأمثال الشعرية، والألفاظ اللغوية، والحكايات الجدية، والنوادر الهزلية، ومن الغرائب والدقائق، والأشعار والرقائق، ما تشنف بذكره الأسماع وتقر برؤيته العيون، وينشرح بمطالعته كل قلب محزون شعر.
من كل معنى يكاد الميت يفهمه ... حسناً ويعشقه القر طاس والقلم
وجعلته يشتمل على أربعة وثمانين باباً من أحسن الفنون، متوجة بألفاظ كأنها الدر المكنون، كما قال بعضهم شعراً في المعنى:
ففي كل باب منه در مؤلف ... كنظم عقود زينتها الجواهر
فإن نظم العقد الذي فيه جوهر ... على غير تأليف فما الدر فاخر
وضمنته كل لطيفة، ونظمته بكل ظريفة، وقرنت الأصول فيه بالفصول، ورجوت أن يتيسر لي ما رمته من الوصول. وجعلت أبوابه مقدمة، وفصلتها في مواضعها مرتبة منظمة، ليقصد الطالب إلى كل باب منها عند الاحتياج إليه، ويعرف مكانه بالاستدلال عليه، فيجد كل معنى في بابه إن شاء الله تعالى والله المسؤول في تيسير المطلوب، وأن يلهم الناظر فيه سر مما يراه من خلل وعيوب، إنه على ما يشاء قدير، وبالإجابة جدير، وهذه فهرست الكتاب والله سبحانه المهون للصعاب. " الباب الأول " في مباني الإسلام: وفيه خمسة فصول. " الباب الثاني " في العقل والذكاء والحمق والذم وغير ذلك. " الباب الثالث " في القرآن العظيم وفضله وحرمته وما أعد الله تعالى لقارئه من الثواب العظيم، والأجر الجسيم. " الباب الرابع " في العلم والأدب وفضل العالم والمتعلم. " الباب الخامس " في الآداب والحكم وما أشبه ذلك. " الباب السادس " في
الأمثال السائرة وفيه فصول، " الباب السابع " في البيان والبلاغة والفصاحة، وذكر الفصحاء من الرجال والنساء، وفيه فصول. " الباب الثامن " في الأجوبة المسكتة والمستحسنة، ورشقات اللسان وما جرى مجرى ذلك. " الباب التاسع " في ذكر الخطب والخطباء، والشعراء، وسرقاتهم، وكبوات الجياد، وهفوات الأمجاد. " الباب العاشر " في التوكل على الله تعالى، والرضا بما قسم والقناعة، وذم الحرص والطمع، وما أشبه ذلك وفيه فصول. " الباب الحادي عشر " في المشورة والنصيحة، والتجارب، والنظر في العواقب. " الباب الثاني عشر " في الوصايا الحسنة، والمواعظ المستحسنة، وما أشبه ذلك. " الباب الثالث عشر " في الصمت وصون اللسان، والنهي عن الغيبة والسعي بالنميمة، ومدح العزلة وذم الشهرة، وفيه فصول. " الباب الرابع عشر " في الملك والسلطان وطاعة ولاة أمور الإسلام، وما يجب للسلطان على الرعية، وما يجب لهم عليه. " الباب الخامس عشر " فيما يجب على من صحب السلطان والتحذير من صحبته. " الباب السادس عشر " في الوزراء وصفاتهم وأحوالهم، وما أشبه ذلك. " الباب السابع عشر " في ذكر الحجاب والولاية، وما فيها من الغرور والخطر. " الباب الثامن عشر " فيما جاء في القضاء وذكر القضاة، وقبول الرشوة والهدية على الحكم، وما يتعلق بالديون، وذكر القصاص والمتصوفة وفيه فصول. " الباب التاسع عشر " في العدل والإحسان والإنصاف، وغير ذلك. " الباب العشرون " في الظلم وشؤمه وسوء عواقبه، وذكر الظلمة وأحوالهم وغيرذلك. " الباب الحادي والعشرون " في بيان الشروط التي تؤخذ على العمال، وسيرة السلطان في استجباء الخراج وأحكام أهل الذمة وفيه فصلان. " الباب الثاني والعشرون " في اصطناع المعروف، وإغاثة الملهوف، وقضاء الحوائج للمسلمين، وإدخال السرور عليهم. " الباب الثالث والعشرون " في في محاسن الأخلاق ومساويها. " الباب الرابع والعشرون " في حسن المعاشرة، والمودة، والأخوة، والزيارة، وما أشبه ذلك. " الباب الخامس والعشرون " في الشفقة على خلق الله تعالى والرحمة بهم، وفضل الشفاعة وإصلاح ذات البين، وفيه فصلان. " الباب السادس والعشرون " في الحياء والتواضع، ولين الجانب وخفض الجناح، وفيه فصلان. " الباب السابع والعشرون " في العجب والكبر والخيلاء، وما أشبه ذلك. " الباب الثامن والعشرون " في الفخر والمفاخرة والتفاضل والتفاوت. " الباب التاسع والعشرون " في الشرف والسؤدد وعلو الهمة. " الباب الثلاثون " في الخير والصلاح، وذكر السادة الصحابة وذكر الأولياء والصالحين، رضي الله عنهم أجمعين. " الباب الحادي والثلاثون " في مناقب الصالحين وكرامات الأولياء، رضي الله عنهم. " الباب الثاني والثلاثون " في ذكر الأشرار والفجار، وما يرتكبون من الفواحش والوقاحة والسفاهة. " الباب الثالث والثلاثون " في الجود والسخاء والكرم، ومكارم الأخلاق واصطناع المعروف، وذكر الأمجاد وأحاديث الأجواد. " الباب الرابع والثلاثون " في البخل والشح وذكر البخلاء وأخبارهم وما جاء عنهم. " الباب الخامس والثلاثون " في الطعام وآدابه والضيافة وآداب المضيف والضيف، وأخبار الأكلة وما جاء عنهم وغيرذلك. " الباب السادس والثلاثون " في العفو والحلم والصفح، وكظم الغيظ، والاعتذار وقبول المعذرة، والعتاب، وما أشبه ذلك. " لباب السابع والثلاثون " في الوفاء بالوعد وحسن العهد ورعاية الذمم. " الباب الثامن والثلاثون " في كتمان السر وتحصينه، وذم إفشائه. " الباب التاسع والثلاثؤن " في الغدر والخيانة والسرقة والعداوة والبغضاء والحسد، وفيه فصول. " الباب الأربعون " في الشجاعة وثمرتها والحروب وتدبيرها وفضل الجهاد، وشدة البأس والتحريض على القتال، وفيه فصول. " الباب الحادي والأربعون " في ذكر أسماء الشجعان، ذكر الأبطال وطبقاتهم وأخبارهم، وذكر الجبناء وأخبارهم، وذم الجبن. " الباب الثاني والأربعون " في المدح والثناء وشكر النعمة، والمكافأة، وفيه فصول. " الباب الثالث والأربعون " في الهجاء ومقدماته. " الباب الرابع والأربعون " في الصدق والكذب، وفيه فصلان. " الباب الخامس والأربعون " في بر الوالدين وذم العقوق وذكر الأولاد وما يجب لهم وعليهم، وصلة الرحم والقرابات، وذكر الأنساب، وفيه فصول. " الباب السادس والأربعون " في الخلق وصفاتهم وأحوالهم، وذكر الحسن والقبح والطول والقصر والألوان واللباس، وما أشبه ذلك. " الباب السابع
والأربعون " في ذكر الحلى والمصوغ والطيب والتطبيب، وما جاء في التختم. " الباب الثامن والأربعون " في الشباب والشيب والصحة والعافية وأخبار المعمرين، وما أشبه ذلك، وفيه فصول. " الباب التاسع والأربعون " في الأسماء والكنى والألقاب، وما استحسن منهاء " الباب الخمسون " في الأسفار والاغتراب، وما قيل في الوداع والفراق والحث على ترك الإقامة بدار الهوان، وحب الوطن والحنين إلى الأوطان. " الباب الحادي والخمسون " في ذكر الغنى وحب المال والافتخار بجمعه. " الباب الثاني والخمسون " في ذكر الفقر ومدحه. " الباب الثالث والخمسون " في ذكر التلطف في السؤال، وذكر من سئل فجاد. " الباب الرابع والخمسون " في ذكر الهدايا والتحف، وما أشبه ذلك. " الباب الخامس والخمسون " في العمل والكسب والصناكات والحرف، والعجز والتواني وما أشبه ذلك. " الباب السادس والخمسون في شكوى الزمان وانقلابه بأهله، والصبر على المكاره، والتسلي عن نوائب الدهر، وفيه ثلاثة فصول. " الباب السابع والخمسون فيما جاء في اليسر بعد العسر والفرج بعد الشدة، والسرور بعد الحزن، ونحو ذلك. الباب الثامن والخمسون في ذكر العبيد والإماء والخدم، وفيه فصلان. " الباب التاسع والخمسون " في أخبار العرب، وذكر غرائب من عوائدهم وعجائب أمرهم. الباب الستون في الكهانة والقيافة والزجر والعرافة والفأل والطيرة والفراسة والنوم والرؤيا. الباب الحادي والستون في الحيل والخدائع المتوصل بها إلى بلوغ المقاصد، والتيقظ والتبصر، ونحو ذلك. " الباب الثاني والستون " في ذكر الدواب والوحوش والطير والهوام والحشرات، مرتباً على حروف المعجم. " الباب الثالث والستون " في ذكر نبذة من عجائب المخلوقات وصفاتهم. " الباب الرابع والستون " في خلق الجان وصفاتهم. " الباب الخامس والستون " في ذكر البحار وما فيها من العجائب، وذكر الأنهار والآبار، وفيه فصول. " الباب السادس والستون " في ذكر عجائب الأرض وما فيها من الجبال والبلدان وغرائب البنيان، وفيه فصول. الباب السابع والستون في ذكر المعادن والأحجار وخوا صها. " الباب الثامن والستون " في ذكر الأصوات والألحان وذكر الغناء واختلاف الناس، ومن كرهه واستحسنه. " الباب التاسع والستون " في ذكر المغنين والمطربين وأخبارهم، ونوادر الجلساء في مجالس الخلفاء. " الباب السبعون في ذكر القينات والأغاني. " الباب الحادي والسبعون " في ذكر العشق ومن بلي به، والافتخار به والعفاف، وأخبار من مات بالعشق، وما في معنى ذلك، وفيه فصول. " الباب الثاني والسبعون " في ذكر رقائق الشعر والمواليا والدوبيت، وكان وكان، والموشحات، والزجل، والقومة، والألغاز، ومدح الأسماء والصفات، وفيه فصول. " الباب الثالث والسبعون " في ذكر النساء وصفاتهن ونكاحهن وطلاقهن، وما يمدح وما يذم من عشرتهن، وفيه فصول. " الباب الرابع والسبعون " في ذم الخمر وتحريمها والنهي عنها. " الباب الخامس والسبعون " في المزاح والنهي عنه، وما جاء في الترخيص فيه، والبسط والتنعم، وفيه فصول. " الباب السادس والسبعون " في النوادر والحكايات، وفيه فصول. " الباب السابع والسبعون " في الدعاء وآدابه وشروطه، وفيه فصول. " الباب الثامن والسبعون " في القضاء والقدر وأحكامهما والتوكل على الله تعالى. " الباب التاسع والسبعون " في التوبة وشروطها والندم والاستغفار. " الباب الثمانون " في ذكر الأمراض والعلل والطب والدواء، والسنة والعيادة وثوابها، وما أشبه ذلك، وفيه فصول. " الباب الحادي والثمانون " في ذكر الموت وما يتصل به من القبر وأحواله. " الباب الثاني والثمانون " في الصبر والتأسي والتعازي والمراثي ونحو ذاك، وفيه فصول. " الباب الثالث والثمانون " في ذكر الدنيا وأحوالها وتقلبها بأهلها والزهد فيها، ونحو ذلك. " الباب الرابع والثمانون " في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخر الأبواب، ختمتها بالصلاة على سيد العباد. أرجو بذلك شفاعته صلى الله عليه وسلم يوم المعاد.ون " في ذكر الحلى والمصوغ والطيب والتطبيب، وما جاء في التختم. " الباب الثامن والأربعون " في الشباب والشيب والصحة والعافية وأخبار المعمرين، وما أشبه ذلك، وفيه فصول. " الباب التاسع والأربعون " في الأسماء والكنى والألقاب، وما استحسن منهاء " الباب الخمسون " في الأسفار والاغتراب، وما قيل في الوداع والفراق والحث على ترك الإقامة بدار الهوان، وحب الوطن والحنين إلى الأوطان. " الباب الحادي والخمسون " في ذكر الغنى وحب المال والافتخار بجمعه. " الباب الثاني والخمسون " في ذكر الفقر ومدحه. " الباب الثالث والخمسون " في ذكر التلطف في السؤال، وذكر من سئل فجاد. " الباب الرابع والخمسون " في ذكر الهدايا والتحف، وما أشبه ذلك. " الباب الخامس والخمسون " في العمل والكسب والصناكات والحرف، والعجز والتواني وما أشبه ذلك. " الباب السادس والخمسون في شكوى الزمان وانقلابه بأهله، والصبر على المكاره، والتسلي عن نوائب الدهر، وفيه ثلاثة فصول. " الباب السابع والخمسون فيما جاء في اليسر بعد العسر والفرج بعد الشدة، والسرور بعد الحزن، ونحو ذلك. الباب الثامن والخمسون في ذكر العبيد والإماء والخدم، وفيه فصلان. " الباب التاسع والخمسون " في أخبار العرب، وذكر غرائب من عوائدهم وعجائب أمرهم. الباب الستون في الكهانة والقيافة والزجر والعرافة والفأل والطيرة والفراسة والنوم والرؤيا. الباب الحادي والستون في الحيل والخدائع المتوصل بها إلى بلوغ المقاصد، والتيقظ والتبصر، ونحو ذلك. " الباب الثاني والستون " في ذكر الدواب والوحوش والطير والهوام والحشرات، مرتباً على حروف المعجم. " الباب الثالث والستون " في ذكر نبذة من عجائب المخلوقات وصفاتهم. " الباب الرابع والستون " في خلق الجان وصفاتهم. " الباب الخامس والستون " في ذكر البحار وما فيها من العجائب، وذكر الأنهار والآبار، وفيه فصول. " الباب السادس والستون " في ذكر عجائب الأرض وما فيها من الجبال والبلدان وغرائب البنيان، وفيه فصول. الباب السابع والستون في ذكر المعادن والأحجار وخوا صها. " الباب الثامن والستون " في ذكر الأصوات والألحان وذكر الغناء واختلاف الناس، ومن كرهه واستحسنه. " الباب التاسع والستون " في ذكر المغنين والمطربين وأخبارهم، ونوادر الجلساء في مجالس الخلفاء. " الباب السبعون في ذكر القينات والأغاني. " الباب الحادي والسبعون " في ذكر العشق ومن بلي به، والافتخار به والعفاف، وأخبار من مات بالعشق، وما في معنى ذلك، وفيه فصول. " الباب الثاني والسبعون " في ذكر رقائق الشعر والمواليا والدوبيت، وكان وكان، والموشحات، والزجل، والقومة، والألغاز، ومدح الأسماء والصفات، وفيه فصول. " الباب الثالث والسبعون " في ذكر النساء وصفاتهن ونكاحهن وطلاقهن، وما يمدح وما يذم من عشرتهن، وفيه فصول. " الباب الرابع والسبعون " في ذم الخمر وتحريمها والنهي عنها. " الباب الخامس والسبعون " في المزاح والنهي عنه، وما جاء في الترخيص فيه، والبسط والتنعم، وفيه فصول. " الباب السادس والسبعون " في النوادر والحكايات، وفيه فصول. " الباب السابع والسبعون " في الدعاء وآدابه وشروطه، وفيه فصول. " الباب الثامن والسبعون " في القضاء والقدر وأحكامهما والتوكل على الله تعالى. " الباب التاسع والسبعون " في التوبة وشروطها والندم والاستغفار. " الباب الثمانون " في ذكر الأمراض والعلل والطب والدواء، والسنة والعيادة وثوابها، وما أشبه ذلك، وفيه فصول. " الباب الحادي والثمانون " في ذكر الموت وما يتصل به من القبر وأحواله. " الباب الثاني والثمانون " في الصبر والتأسي والتعازي والمراثي ونحو ذاك، وفيه فصول. " الباب الثالث والثمانون " في ذكر الدنيا وأحوالها وتقلبها بأهلها والزهد فيها، ونحو ذلك. " الباب الرابع والثمانون " في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخر الأبواب، ختمتها بالصلاة على سيد العباد. أرجو بذلك شفاعته صلى الله عليه وسلم يوم المعاد.
خالد علونى
22-08-2011, 09:20 AM
باب في مباني ا لإسلام
وفيه خمسة فصول
الفصل الأول في الإخلاص لله تعالى
والثثاء عليه
وهوأن تعلم أن الله تعالى واحد لا شريك له. فرد لا مثل له. صمد لا ند له. أزلي قائم، أبدي دائم، لا أول لوجوده، ولا آخر لأبديته. قيوم لا يفنيه الأبد، ولا يغيره الأمد، بل هو الأول والآخر، والظاهر والباطن، منزه عن الجسمية ليس كمثله شيء، وهو فوق كل شيء، فوقيته لا تزيده بعداً عن عباده، وهوأقرب إلى العبيد من حبل الوريد، وهو على كل شيء شهيد، وهو معكم أينما كنتم، لا يشابه قربه قرب الأجسام، كما لا يشابه ذاته ذوات الأجرام، منزه عن أن يحده زمان، مقدس عن أن يحيط به مكان، تراه أبصار الأبرار في دار القرار، على ما دلت عليه الآيات والأخبار، حي قادر جبار قاهر لا يعتريه عجز ولا قصور، ولا تأخذه سنة ولا نوم، له الملكوت والعزة والجبروت خلق الخلق وأعمالهم، وقدر أرزاقهم وآجالهم، لا تحصى مقدوراته، ولا تتناهى معلوماته، عالم بجميع المعلومات، لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السموات، يعلم السر وأخفى، ويطلع على هواجس الضمائر وخفيات السرائر، مريد للكائنات، مدبر للحادثات، لا يجري في ملكه قليل ولا كثير، ولا جليل ولا حقير، خير أو شر نفع أو ضر، إلا بقضائه وقدره وحكمه ومشيئته، فما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، فهو المبدىء المعيد الفاعل لما يريد، لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه، ولا مهرب لعبد عن معصيته إلا بتوفيقه ورحمته، ولا قوة له على طاعته إلا بمحبته وإرادته. لو اجتمع الإنس والجن والملائكة والشياطين على أن يحركوا في العالم ذرة أويسكنوها دون إرادته لعجزوا. سميع بصير متكلم بكلام لا يشبه كلام خلقه، وكل ما سواه سبحانه وتعالى، فهو حادث أوجده بقدرته، وما من حركة وسكون إلا وله في ذلك حكمة دالة على وحدانيته، قال الله تعالى: " إن في خلق السموات والأرض " البقرة: - 164 - وقال أبو العتاهية:
فيا عجباً كيف يعصى الإله ... أم كيف يجحده الجاحد
وفي كل شيء له آية ... تدل على أنه الواحد
ولله في كل تحريكة ... وتسكينة في الورى شاهد
وقال غيره:
كل ماترتقي إليه بوهم ... من جلال وقدرة وسناء
فالذي أبدع البرية أعلى ... منه سبحان مبدع الأشياء
وقال علي رضي الله عنه في بعض وصاياه لولده: اعلم يا بني أنه لو كان لربك شريك لأتتك رسله، ولرأيت آثار ملكه وسلطانه، ولعرفت أفعاله وصفاته، ولكنه إله واحد لا يضاده في ملكه أحد. وعنه عليه الصلاة والسلام: " كل ما يتصور في الأذهان فالله سبحانه بخلافه " وقال لبيد بن ربيعة:
ألا كل ما خلا الله باطل ... وكل نعيم لا محالة زائل
وكل ابن أنثى لو تطاول عمره ... إلى الغاية القصوى فللقبر آيل
وكل أناس سوف تدخل بينهم ... دويهية تصفر منها الأنامل
وكل امرىء يوماً سيعرف سعيه ... إذا حصلت عند الإله الحصائل
وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وهوعلى المنبر: " إن أشعر كلمة قالتها العرب: ألا كل شيء ما خلا الله باطل " .
ثم بعد هذا الاعتقاد الإقرار بالشهادة بأن محمدا رسول الله بعثه برسالته إلى الخلائق كافة وجعله خاتم الأنبياء، ونسخ بشريعته الشرائع وجعله سيد البشر والشفيع المشفع في المحشر، أوجب على الخلق تصديقه فيما أخبر عنه من أمور الدنيا والأخرة، فلا يصح إيمان عبد حتى يؤمن بما أخبر به بعد الموت، من سؤال منكر ونكير، وهما ملكان من ملائكة الله تعالى يسألان العبد في قبره عن التوحيد والرسالة، ويقولان له: من ربك وما دينك ومن نبيك. ويؤمن بعذاب القبر وأنه حق، وأن الميزان حق، والصراط حق، والحساب حق، وأن الجنة حق، والنار حق، وأن الله تعالى يدخل الجنة من يشاء بغير حساب وهم المقربون، وأنه يخرج عصاة الموحدين من النار بعد الانتقام، حتى لا يبقى في جهنم من في قلبه مثقال ذرة من الإيمان. ويؤمن بشفاعة الأنبياء ثم بشفاعة العلماء ثم بشفاعة الشهداء، وأن يعتقد فضل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، ويحسن الظن بجميعهم على ما وردت به الأخبار وشهدت به الأثار. فمن اعتقد جميع ذلك مؤمناً به موقناً فهو من أهل الحق والسنة، مفارق لعصابة الضلال والبدعة، رزقنا الله الثبات على هذه العقيدة، وجعلنا من أهلها، ووفقنا للدوام إلى الممات على التمسك والاعتصام بحبلها، إنه سميع مجيب. فهذه العقيدة قد اشتملت على أحد أركان الإسلام الخمسة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بني الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً.
الفصل الثاني في الصلاة وفضلها
قال الله تعالى: " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين " البقرة 238. وقال تعالى: " وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة " البقرة: 43، وقال تعالى: " إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً النساء 103. واختلفوا في اشتقاق اسم الصلاة مم هو، فقيل هو من الدعاء، وتسمية الصلاة دعاء، معروفة في كلام العرب، فسميت الصلاة صلاة لما فيها من الدعاء. وقيل: سميت بذلك من الرحمة. قال الله تعالى: " إن الله وملائكته يصلون على النبي " الأحزاب: 56، فهي من الله رحمة ومن الملائكة استغفار، ومن الناس دعاء. قال صلى الله عليه وسلم: " اللهم صل على آل أبي أوفى أي ارحمهم. وقيل: سميت بذلك من الاستقامة من قولهم صليت العود على النار إذا قومته، والصلاة تقيم العبد على طاعة اللة وخدمته وتنهاه عن خلافه، قال الله تعالى: " إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر " العنكبوت: 45، وقيل لأنها صلة بين العبد وربه. وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " علم الإيمان الصلاة، فمن فرغ لها قلبه وحافظ عليها بحدودها فهو مؤمن وعن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أنه قال وهو على المنبر: " إن الرجل ليشيب عارضاه في الإسلام وما أكمل لله تعالى صلاة قيل: وكيف ذلك؟ قال: لا يتم ركوعها وسجودها وخشوعها وتواضعه وإقباله على الله فيها. وقالت عائشة رضي الله تعالى عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثنا ونحدثه فإذا حضرت الصلاة فكأنه لم يعرفنا ولم نعرفه. وقيل للحسن: ما بال المتهجدين من أحسن الناس وجوها. فقال: لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم نوراً من نوره. وقال بعضهم: لا تفوت أحداً صلاة في جماعة إلا بذنب. وكانت رابعة العدوية تصلي في اليوم والليلة ألف ركعة، وتقول: والله ما أريد بها ثواباً ولكن ليسر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويقول للأنبياء عليهم الصلاة والسلام: انظروا إلى امرأة من أمتي هذا عملها في اليوم والليلة. وقال بعضهم: صليت خلف ذي النون المصري، فلما أراد أن يكبر رفع يديه وقال: الله ثم بهت وبقي كأنه جسد لا روح فيه إعظاماً لربه جل وعلا، ثم قال: الله أكبر فظننت أن قلبي انخلع من هيبة تكبيره. وقيل: أوحى الله تعالى إلى داود عليه السلام: " يا داود كذب من ادعى محبتي. وإذا جن عليه الليل نام عني، أليس كل محب يحب الخلوة بحبيبه " . ولعبد الله بن المبارك رضي الله تعالى عنه:
إذا ما الليل أظلم كابدوه ... فيسفر عنهم وهم ركوع
أطار الخوف نومهم فقاموا ... وأهل الأمن في الدنيا هجوع
وكان سيدي الشيخ الإمام العلامة فتح الدين بن أمين الدين الحكم التحريري رحمه الله، كثيراً ما يتمثل بهذه الأبيات:
يا أيها الراكد كم ترقد ... قم ياحبيبي قد دنا الموعد
وخذ من الليل ولو ساعة ... تحظى إذا ما هجع الرقد
من نام حتى ينقضي ليلة ... لم يبلغ المنزل لو يجهد
وكان سيدي أويس القرني لا ينام ليلة ويقول: " ما بال الملائكة لا يفترون ونحن نفتر " وقال حذيفة رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة وقال هشام بن عروة: كان أبي يطيل المكتوبة ويقول هي رأس المال . وقال أبو الطفيل: سمعت أبا بكر الصديق رضي الله تعالى عنه يقول: يا أيها الناس قوموا إلى نيرانكم فأطفئوها، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " الصلاة إلى الصلاة كفارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر. وجزأ محمد بن المنكدر، عليه وعلى أمه وعلى أخته، الليل أثلاثاً، فماتت أخته. فجزأه عليه وعلى أمه، فماتت أمه. فقام الليل كله. وكان مسلم بن بشار إذا أراد أن يصلي في بيته يقول لأهله: تحدثوا فلست أسمع حديثكم. وكان إذا دخل البيت سكت أهله فلا يسمع لهم كلام. فإذا قام إلى الصلاة تحدثوا وضحكوا ووقع حريق إلى جنبه وهو في الصلاة فما شعر به حتى أطفىء، وكان الحمام يقع على رأس ابن الزبير في المسجد الحرام يحسبه جذعاً منصوباً لطول انتصابه في الصلاة. وكانت العصافير تقع على ظهر إبراهيم بن شريك وهو ساجد كما تقع على الحائط. وختم القرآن في ركعة واحدة، أربعة من الأئمة عثمان بن عفان وتميم الداري، وسعبد بن جبير وأبو حنيفة رضي الله تعالى عنهم. ورأى الأوزاعي شاباً بين القبر والمنبر، فلما طلع الفجر استلقى ثم قال: عند الصباح يحمد القوم السرى. فقال: يا ابن أخي لك ولأصحابك لا للجمالين. وكان خلف بن أيوب لا يطرد الذباب عن وجهه في الصلاة، فقيل له: كيف تصبر. فقال: بلغني أن الفساق يتصبرون تحت السياط ليقال فلان صبور. وأنا بين يدي ربي أفلا أصبر على ذباب يقع علي. وقال أبو صفوان بن عوانة: " ما من منظر أحسن من رجل عليه ثياب بيض وهو قائم يصلي في القمر كأنه يشبه الملائكة وقال الحسن: ما كان في هفه الأمة أعبد من فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت تقوم بالأسحار حتى تورمت قدماها. وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه، وهو المغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وكانت دموعه تقع في مصلاه كوكف المطر، وكان إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام يسمع لقلبه خفقان وغليان، هذا خوف الحبيب والخليل مع ما أعطيا من الإجلال والإكرام وشرف المقام. فالعجب كيف يطمئن قلب من أزعجته الآثام. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل قال له: " ادع الله أن يجعلني رفيقك في الجنة. فقال: أعني على نفسك بكثرة السجود. وقال حاتم الأصم رحمه الله تعالى: فاتتني صلاة الجماعة مرة فعزاني أبو إسحاق البخاري وحده، ولو مات لي ولد لعزاني أكثر من عشرة آلاف لأن مصيبة الدين عندهم أهون من مصيبة الدنيا. وكان السلف رضي الله تعالى عنهم يعزون أنفسهم ثلاثة أيام إذا فاتتهم التكبيرة الأولى، وسبعاً إذا فاتتهم الجماعة. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: " ركعتان مقتصدتان في تفكر، خير من قيام ليلة والقلب ساه " .
وأنشد بعضهم:
خسر الذي ترك الصلاة وخابا ... وأبى معاداً صالحاً ومآبا
إن كان يجحدها فحسبك أنه ... أضحى بربك كافراً مرتابا
أو كان يتركها لنوع تكاسل ... غطى على وجه الصواب حجابا
فالشافعي ومالك رأياً له ... إن لم يتب حد الحسام عقابا
والرأي عندي للإمام عذابه ... بجميع تأديب يراه صوابا
اللهم أعنا على الصلاة وتقبلها منا بكرمك ولا تجعلنا من الغافلين برحمتك يا أرحم الراحمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.
ومما يستحسن إلحاقه بهذا الفصل ذكر شيء من فضل السواك والأذان.
أما السواك: فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة " . وقال أيضاً: " صلاة على أثر سواك أفضل من خمس وسبعين صلاة على غير سواك " . وقال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام ليتهجد شاص فاه بالسواك " . وقال صلى الله عليه وسلم: " السواك مطهرة للفم مرضاة للرب " . وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لو يعلم الناس ما في السواك لبات مع الرجل في لحافه. وقال أيضاً: " أفواهكم طرق لكلام ربكم فنظفوها. والاختيار في السواك أن يكون بعود الأراك ويجزي بغيره من العيدان وبالسعد والإشنان، والخرقة الخشنة وغير ذلك مما ينظف. ويستاك عرضاً مبتدئاً بالجانب الأيمن من فيه، وينوي به الإتيان بالسنة. والسواك بعود الزيتون يزيل الحفر من الأسنان. وقال الأصحاب يقول عند السواك: " اللهم بارك لي فيه يا أرحم الراحمين " . ويستاك في ظاهر الأسنان وباطنها، ويمر السواك على أطراف أسنانه وأضراسه وسقف حلقه إمراراً لطيفاً، ويستاك بعود متوسط لا شديد اليبوسة ولا شديد اللين، فإن اشتد يبسه لينه بالماء، وقد قيل: إن من فضائل السواك أنه يذكر الشهادة عند الموت ويسهل خروج الروح.
وأما الأذان فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " يد الرحمن على رأس المؤذن حتى يفرغ من أذانه " . قيل في قوله تعالى: " ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحا " . نزلت في المؤذنين. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يغفر الله للمؤذن مدى صوته، ويشهد له ما سمعه من رطب ويابس. وعن معاوية رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " المؤذنون أطول الناس أعناقا " يوم القيامة. رواه مسلم، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين " . رواه البخاري، ومسلم، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم يقول: " لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة رواه البخاري. والأحاديث في فضله كثيرة مشهورة والله سبحانه وتعالى أعلم.
الفصل الثالث في الزكاة وفضلها
قرن الله سبحانه وتعالى الزكاة بالصلاة في مواضع شتى من كتابه. قال الله تعالى: " وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة " البقرة: 43،. وقال تعالى: " رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة " النور: 37،. وقال تعالى: " ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة البينة:5،. وعن بريدة رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما حبس قوم الزكاة إلا حبس الله عنهم القطر، وعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما خالطت الزكاة مالاً قط إلا أهلكته. وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من كان عنده ما يزكي ولم يزك ومن كان عنده ما يحج ولم يحج سأل الرجعة " . يعني قوله تعالى: " رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت " لمؤمنون 99 - 100.
ولنلحق بهذا الفصل ذكر شيء من الصدقة وفضلها وما جاء فيها وما أعد الله تعالى للمتصدقين من الأجر والثواب، ودفع البلاء. قال الله تعالى: " إن الله يجزي المتصدقين " . وقال تعالى: " و والمتصدقين والمتصدقات " الآية. والآيات الكريمة في ذلك كثيرة، والأحاديث الصحيحة فيه مشهورة، وروى الترمذي في جامعه بسنده، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره " . وفي صحيح مسلم، وموطأ مالك، وجامع الترمذي، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما نقص مال من صدقة " . أو قال: ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزا، وما تواضع عبد إلا رفعه الله تعالى " .
ودخلت امرأة شلاء على عائشة رضي الله عنها فقالت: كان أبي يحب الصدقة وأمي تبغضها، لم تتصدق في عمرها إلا بقطعة شحم وخلقة، فرأيت في المنام كأن القيامة قد قامت، وكأن أمي قد غطت عورتها بالخلقة وفي يدها الشحمة تلحسها من العطش، فذهبت إلى أبي وهو على حافة حوض يسقي الناس، فطلبت منه قدحاً من ماء فسقيت أمي، فنوديت من فوقي ألا من سقاها، فشل الله يدها فانتبهت كما ترين لما.
ووقف سائل على امرأة وهي تتعشى فقامت فوضعت لقمة في فيه، ثم بكرت إلى زوجها في مزرعته، فوضعت ولدها عنده وقامت لحاجة تريد قضاءها، فاختلسه الذئب، فوقفت وقالت: يا رب ولدي، فأتاها آت فأخذ بعنق الذئب، فاستخرجت ولدها من غير أذى ولا ضرر، فقال لها: " هذه اللقمة بتلك اللقمة التي وضعتها في فم السائل " .
وعشش ورشان في شجرة في دار رجل، فلما همت أفراخه بالطيران زينت امرأة ذلك الرجل له، أخذ أفراخ ذلك الورشان، ففعل ذلك مراراً، وكلما فرخ الورشان أخذوا أفراخه، فشكا الورشان ذلك إلى سليمان عليه السلام وقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أردت أن يكون لي أولاد يذكرون الله تعالى من بعدي، فأخذها الرجل بأمر امرأته، ثم أعاد الورشان الشكوى، فقال سليمان لشيطانين: إذا رأيتماه يصعد الشجرة فشقاه نصفين، فلما أراد الرجل أن يصعد الشجرة اعترضه سائل فأطعمه كسرة من خبز شعير، ثم صعد وأخذ الأفراخ على عادته. فشكا الورشان ذلك إلى سليمان عليه السلام، فقال للشيطانين: " ألم تفعلا ما أمرتكما به؟ فقالا: اعترضنا ملكان فطرحانا في الخافقين.
وقال النخعي: كانوا يرون أن الرجل المظلوم إذا تصدق بشيء دفع عنه البلاء. وكان الرجل يضع الصدقة في يد الفقير ويتمثل قائماً بين يديه ويسأله قبولها حتى يكون هو في صورة السائل، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الصدقة تسد سبعين باباً من الشر. وعنه صلى الله عليه وسلم قال: " ردوا صدقة البلاء ولو بمثل رأس الطائر من طعام " . وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ردوا مذمة السائل ولو بظلف محرق " . وعنه أيضاً صلى الله عليه وسلم: " اتقوا النار ولو بشق تمرة " . وقال عيسى صلوات الله وسلامه عليه: " من رد سائلاً خائباً لم تغش الملائكة ذلك البيت سبعة أيام . وكان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يناول المسكين بيده، وعنه صلى الله عليه وسلم: " ما من مسلم يكسو مسلماً ثوباً إلا كان في حفظ الله ما كانت عليه منه رقعة " . وقال عبد العزيز بن عمير: " الصلاة تبلغك نصف الطريق والصوم يبلغك باب الملك والصدقة تدخلك عليه. وعن الربيع بن خيثم أنه خرج في ليلة شاتية وعليه برنس خز، فرأى سائلاً فأعطاه إياه، وتلا قوله تعالى: " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون " آل عمران: 92. وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا يرد القضاء إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر وإن سوء الخلق شؤم وحسن الملكة نماه، والصدقة تدفع ميتة السوء " . وقال يحيى بن معاذ: " ما أعرف حبة تزن جبال الدنيا إلا من الصدقة، وعن عمر رضي الله عنه: " أن الأعمال تباهت فقالت الصدقة: أنا أفضلكن، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " تداركوا الهموم والغموم بالصدقات يدفع الله ضركم وينصركم على عدوكم " ، وعن عبيد بن عمير قال: يحشر الناس يوم القيامة أجوع ما كانوا قط، وأعطش ما كانوا قط، فمن أطعم لله أشبعه الله، ومن سقى لله سقاه الله، ومن كسا لله كساه الله. وقال الشعبي: من لم ير نفسه إلى ثواب الصدقة أحوج من الفقير إلى صدقته فقد أبطل صدقته وضرب بها وجهه. وكان الحسن بن صالح إذا جاءه سائل، فإن كان عنده ذهب أو فضة أو طعام أعطاه، فإن لم يكن عنده من ذلك شيء أعطاه دهناً أو غيره مما ينتفع به، فإن لم يكن عنده شيء أعطاه كحلاً أو أخرج إبرة وخيطاً فرقع بهما ثوب السائل.
ووجه رجل ابنه في تجارة فمضت أشهر ولم يقع له على خبر، فتصدق برغيفين وأرخ ذلك اليوم، فلما كان بعد سنة رجع ابنه سالماً رابحاً، فسأله أبوه: هل أصابك في سفرك بلاء. قال: نعم غرقت السفينة بنا في وسط البحر، وغرقت في جملة الناس، وإذا بشابين أخذاني فطرحاني على الشط، وقالا لي: قل لوالدك هذا برغيفين فكيف لو تصدقت بأكثر من ذلك؟! وقال علي رضي الله تعالى عنه وكرم الله وجهه: " إذا وجدت من أهل الفاقة من يحمل لك زادك فيوافيك به حيث تحتاج إليه، فاغتنم حمله إياه. ولله در القائل حيث قال:
يبكي على الذاهب من ماله ... وإنما يبقى الذي يذهب
وحكي أن رجلاً عبد الله سبعين سنة، فبينما هو في معبده ذات ليلة إذ وقفت به امرأة جميلة فسألته أن يفتح لها، وكانت ليلة شاتية فلم يلتفت إليها، وأقبل على عبادته، فولت المرأة، فنظر إليها، فأعجبته فملكت قلبه وسلبت لبه، فترك العبادة وتبعها وقال: إلى أين؟ فقالت: إلى حيث أريد. فقال: هيهات صار المراد مريداً والأحرار عبيداً. ثم جذبها فأدخلها مكانه، فأقامت عنده سبعة أيام، فعند ذلك تذكر ما كان فيه من العبادة، وكيف باع عبادة سبعين سنة بمعصية سبعة أيام، فبكى حتى غشي عليه، فلما أفاق قالت له: يا هذا والله أنت ما عصيت الله مع غيري، وأنا ما عصيت الله مع غيرك، وإني أرى في وجهك أثر الصلاح، فبالله عليك إذا صالحك مولاك فاذكرني. قال: فخرج هائماً على وجهه، فأواه الليل إلى خربة فيها عشره عميان، وكان بالقرب منهم راهب يبعث إليهم في كل ليلة بعشرة أرغفة، فجاء غلام الراهب على عادته بالخبز، فمد ذلك الرجل العاصي يده، فأخذ رغيفاً، فبقي منهم رجلاً لم يأخذ شيئاً، فقال: أين رغيفي؟ فقال الغلام: قد فرقت عليكم العشرة. فقال: أبيت طاوياً، فبكى الرجل العاصي وناول الرغيف لصاحبه وقال لنفسه: أنا أحق أن أبيت طاوياً لأنني عاص، وهذا مطيع، فنام واشتد به الجوع حتى أشرف على الهلاك. فأمر الله تعالى ملك الموت بقبض روحه فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب. فقالت ملائكة الرحمة: هذا رجل فر من ذنبه، وجاء طائعاً. وقالت ملائكة العذاب: بل هو رجل عاص، فأوحى الله تعالى إليهم أن زنوا عبادة السبعين سنة بمعصية السبع ليال، فوزنوها فرجحت المعصية على عبادة السبعين سنة، فأوحى الله إليهم أن زنوا معصية السبع ليال بالرغيف الذي آثر به على نفسه. فوزنوا ذلك، فرجح الرغيف فتوفته ملائكة الرحمة، وقبل الله توبته.
وحكي ن رجلاً جلس يوماً يأكل هو وزوجته وبين أيديهما دجاجة مشوية، فوقف سائل ببابه، فخرج إليه وانتهره، فذهب، فاتفق بعد ذلك أن الرجل افتقر وزالت نعمته، وطلق زوجته، وتزوجت بعده برجل آخر، فجلس يأكل معها في بعض الأيام وبين يديهما دجاجة مشوية، وإذا بسائل يطرق الباب، فقال الرجل لزوجته: ادفعي إليه هذه الدجاجة، فخرجت بها إليه فإذا هو زوجها الأول، فدفعت إليه الدجاجة ورجعت وهي باكية، فسألها زوجها عن بكائها، فأخبرته أن السائل كان زوجها، وذكرت له قصتها مع ذلك السائل الذي انتهره زوجها الأول، فقال لها زوجها: أنا والله ذلك السائل. وذكر عن مكحول أن رجلاً أتى إلى أبي هريرة رضي الله عنه فقال: ادع الله لابني فقد وقع في نفسي الخوف من هلاكه.
فقال له: ألا أدلك على ما هو أنفع من دعائي وأنجع وأسرع إجابة؟ قال: بلى قال: تصدق عنه بصدفة تنوي بها نجاة ولدك ولسلامة ما معه، فخرج الرجل من عنده، وتصدق على سائل بدرهم وقال: هذا خلاص ولدي وسلامته وما معه، فنادى في تلك الساعة مناد في البحر: ألا إن الفداء مقبول وزيد مغاث. فلما قدم سأله أبوه عن حاله فقال: يا أبت لقد رأيت في البحر عجباً يوم كذا وكذا في وقت كذا وكذا، وهو اليوم الذي تصدق فيه والده عنه بالدرهم، وذلك أننا أشرفنا على الهلاك والتلف، فسمعنا صوتاً من الهواء: " ألا إن الفداء مقبول وزيد مغاث. وجاءنا رجال عليهم ثياب بيض فقدموا السفينة إلى جزيرة كانت بالقرب منا وسلمنا وصرنا بخير أجمعين. والأثار والحكايات في ذلك كثيرة وفيما أشرت إليه كفاية لمن وعى وأن ليس للإنسان إلا ما سعى والله أعلم.
خالد علونى
22-08-2011, 09:23 AM
الفصل الرابع في الصوم وفضله
وما أعد الله للصائم من الأجر والثواب
قال الله تعالى: " يا أيها الذين أمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون " البقرة: 183قيل: الصوم عموم وخصوص وخصوص الخصوص: فصوم العموم هو كف البطن والفرج وسائر الجوارح عن قصد الشهوة، وصوم الخصوص هو كف السمع والبصر واللسان واليد والرجل وسائر الجوارح عن الأثام، وصوم خصوص الخصوص هو صوم القلب عن الهمم الدنية وكفه عما سوى الله بالكلية. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " زكاة الجسد الصيام " . وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " للصائم فرحتان: فرحة عند إفطاره، وفرحة عند لقاء ربه. وقال وكيع في قوله تعالى: " كلوا وأشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية " الحاقة - 24 - إنها أيام الصوم تركوا فيها الأكل والشرب. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من أفطر يوماً في رمضان من غير رخصة رخصها الله له، لم يقض عنه صيام الدهر " . وروي في صحيح النسائي عنه أيضاً أنه أنه قال: " إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين " ، وروى الزهري أن تسبيحة واحدة في شهر رمضان أفضل من ألف تسبيحة في غيره. وروي عن قتادة أنه كان يقول: " من لم يغفر له في شهر رمضان فلن يغفر له في غيره " . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لويعلم الناس ما في شهر رمضان من الخير لتمنت أمتي أن يكون رمضان السنة كلها، ولو أذن الله للسموات والأرض أن تتكلما لشهدتا لمن صام رمضان بالجنة. وقال صلى الله عليه وسلم: " ليس من عبد يصلي في ليلة من شهر رمضان إلا كتب الله له بكل ركعة ألفاً وخمسمائة حسنة، وبنى له بيتاً في الجنة من ياقوتة حمراء لها سبعون ألف باب، لكل باب منها مصراعان من ذهب، وله بكل سجدة يسجدها شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام " . وقال صلى الله عليه وسلم: " إن لكل صائم دعوة فإذا أراد أن تقبل، فليقل في كل ليلة عند فطره: " يا واسع المغفرة اغفر لي " . وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: " من صام يوماً من رمضان خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، فإذا انسلخ عنه الشهر وهو حي لم يكتب عليه خطيئة حتى الحول، ومن عطش نفسه لله في يوم شديد الحر من أيام الدنيا كان حقاً على الله أن يرويه يوم القيامة. وقال بعضهم: الصيام زكاة البدن ومن صام الدهر فقد وهب نفسه لله تعالى. وروي في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر. وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " صيام ثلاثة أيام من كل شهر كصيام الدهر وهي الأيام البيض وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر. وفي صحيح البخاري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه " .
وفضل الصوم غزير لأنه خصه الله تعالى بالإضافة إليه كما ثبت في الصحيح من الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال مخبراً عن ربه عز وجل: " كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به " . وقد يكتفى في فضله بهذا الحديث الجليل، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
الفصل الخامس في الحج وفضله
قال الله تعالى: " ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً " آل عمران: 97،. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من خرج من بيته حاجاً أو معتمراً فمات. أجرى الله له أجر الحاج والمعتمر إلى يوم القيامة. وقال صلى الله عليه وسلم: " من استطاع الحج ولم يحج فليمت إن شاء يهودياً وإن شاء نصرانياً. وفي الحديث: " أن من الذنوب ذنوباً لا يكفرها إلا الوقوف بعرفة " . وفيه: أعظم الناس ذنوباً من وقف بعرفة فظن أن الله لم يغفر له وهو أفضل يوم في الدنيا. وفي الخبر: أن الحجر الأسود ياقوتة من يواقيت الجنة، وأنه يبعثه الله يوم القيامة وله عينان ولسان ينطق به يشهد لمن استلمه بحق وصدق. وجاء في الحديث الصحيح: " أن آدم عليه الصلاة والسلام لما قضى مناسكه لقيته الملائكة. فقالوا: " يا آدم لقد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام. وقال مجاهد: إن الحجاج إذا قدموا مكة لحقتهم الملائكة فسلموا على ركبان الإبل، وصافحوا ركبان الحمر، واعتنقوا المشاة اعتناقاً. وكان من سنة السلف رضي الله عنهم أن يشيعوا الغزاة، ويستقبلوا الحجاج ويقبلوهم بين أعينهم، ويسألوهم الدعاء لهم، ويبادروا ذلك قبل أن يتدنسوا بالآثام. وعن النبي صلى الله عليه وسلم: " أن الله قد وعد هذا البيت أن يحجه كل سنة ستمائة ألف، فإن نقصوا كملهم الله تعالى من الملائكة، وأن الكعبة تحشر كالعروس المزفوفة فكل من حجها يتعلق بأستارها ويسعى حولها حتى تدخل الجنة فيدخل معها.
وحكي أن جميلة الموصلية بنت ناصر الدولة أبي محمد بن حمدان حجت سنة ست وثمانين وثلاثمائة فصارت تاريخاً مذكوراً. قيل: إنها سقت أهل الموسم كلهم السويق بالطبرزد والثلج، واستصحبت البقول المزروعة في المراكن على الجمال، وأعدت خمسمائة راحلة للمنقطعين، ونثرت على الكعبة عشرة آلاف دينار، ولم تستصبح فيها وعندها إلا بشموع العنبر، وأعتقت ثلاثمائة عبد ومائتي جارية، وأغنت الفقراء والمجاورين. ولما بنى آدم عليه الصلاة والسلام البيت وقال: يا رب إن لكل عامل أجراً، فما أجر عملي؟ قال: إذا طفت به غفرت لك ذنوبك. قال: زدني. قال: جعلته قبلة لك ولأولادك، قال: يا رب زدني. قال: أغفر لكل من استغفرني من الطائفين به من أهل التوحيد من أولادك. قال: يا رب حسبي. وفي الحديث: الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة. وقيل للحسن: ما الحج المبرور. قال: أن ترجع زاهداً في الدنيا راغباً في الآخرة.
وأول من كسا الكعبة الديباج عبد الله بن الزبير، وكانت كسوتها المسوح والإنطاع وكان يطيبها حتى يوجد ريحها من خارج الحرم. وكان حكيم بن حزام يقيم عشية عرفة مائة بدنة ومائة رقبة، فيعتق الرقاب عشية عرفة وينحر البدن يوم النحر، وكان يطوف بالبيت فيقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له نعم الرب ونعم الإله أحبه وأخشاه " .
ورؤي الحسن بن علي رضي الله عنهما يطوف بالبيت، ثم صار إلى المقام فصلى ركعتين، ثم وضع خده على المقام فجعل يبكي ويقول: عبيدك ببابك خويدمك ببابك سائلك ببابك مسيكينك ببابك. يردد ذلك مراراً ثم انصرف رضي الله عنه، فمر بمساكين معهم فلق خبز يأكلون، فسلم عليهم فدعوه إلى الطعام، فجلس معهم، وقال: لولا أنه صدقة لأكلت معكم. ثم قال: قوموا بنا إلى منزلي. فتوجهوا معه، فأطعمهم وكساهم وأمر لهم بدراهم.
وحج عبد الله بن جعفر رضي الله عنه ومعه ثلاثون راحلة وهو يمشي على رجليه حتى وقف بعرفات فأعتق ثلاثين مملوكاً وحملهم على ثلاثين راحلة وأمر لهم بثلاثين ألفاً، وقال: أعتقهم لله تعالى لعله يعتقني من النار. وقال الحسن بن علي رضي الله عنهما: إني لأستحي من ربي أن ألقاه ولم أمش إلى بيته، فمشى من المدينة إلى مكة عشرين مرة.
ومن لطيف ما أنشد عمرو بن حبان الضرير حين لم يهد إليه الحجاج شيئاً:
كأن الحجيج الآن لم يقربوا منىً ... ولم يحملوا منها سواكاً ولا نعلا
أتونا فما جادوا بعود أراكة ... ولا وضعوا في كف طفل لنا نقلا
وقال غيره:
يحجون بالمال الذي يجمعونه ... حراماً إلى البيت العتيق المحرم
ويزعم كل منهم أن وزره ... يحط ولكن فوقه في جهنم
وقال آخر:
حج في الدهر حجة ... حج فيها وأحرما
وأتانا من الحجا ... ز كما راح محرما
فهو ذو الحجة الذي ... ما توقى محرما
وتخاصم بدوي مع حاج عند منصرف الناس فقيل له أتخاصم رجلاً من الحجاج فقال:
يحج لكيما يغفر الله ذنبه ... ويرجع قد حطت عليه ذنوب
وقال أبو الشمقمق:
إذا حججت بمال أصله دنس ... فما حجت ولكن حجت العير
ما يقبل الله إلا كل طيبة ... ما كل من حج بيت الله مبرور
والله سبحانه وتعالى أعلم.
باب في العقل والذكاء والحمق
وذمه وغير ذلك
نص الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز ومنزل خطابه الوجيز على شرف العقل، وقد ضرب الله سبحانه وتعالى الأمثال وأوضحها، وبين بدائع مصنوعاته وشرحها، فقال تعالى: " وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون " النحل 12. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أول ما خلق الله تعالى العقل فقال له: أقبل، فأقبل ثم قال له: أدبر، فأدبر، فقال عز من قائل: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقاً أعز علي منك. بك آخذ وبك أعطي وبك أحاسب وبك أعاقب " . وقال أهل المعرفة والعلم: العقل جوهر مضيء خلقه الله عز وجل في الدماغ، وجعل نوره في القلب يدرك به المعلومات بالوسائط والمحسوسات بالمشاهدة.
خالد علونى
22-08-2011, 09:23 AM
واعلم أن العقل ينقسم إلى قسمين: قسم لا يقبل الزيادة والنقصان، وقسم يقبلهما. فأما الأول فهو العقل الغريزي المشترك بين العقلاء. وأما الثاني فهو العقل التجريبي وهومكتسب، وتحصل زيادته بكثرة التجارب والوقائع، وباعتبار هذه الحالة يقال إن الشيخ أكمل عقلاً وأتم دراية، وإن صاحب التجارب أكثر فهماً وأرجح معرفة، ولهذا قيل: من بيضت الحوادث سواد لمته، وأخلقت التجارب لباس جدته، وأراه الله تعالى لكثرة ممارسته، تصاريف أقداره وأقضيته. كان جديراً برزانة العقل ورجاحة الدراية، وقد يخص الله تعالى بألطافه الخفية من يشاء من عباده، فيفيض عليه من خزائن مواهبه رزانة عقل وزيادة معرفة تخرجه عن حد الاكتساب ويصير بها راجحاً على ذوي التجارب والآداب، ويدل على ذلك قصة يحيى بن زكريا عليهما السلام فيما أخبر الله تعالى به في محكم كتابه العزيز حيث يقول: " وآتيناه الحكم صبياً مريم: 12،. فمن سبقت له سابقة من الله تعالى في قسم السعادة، وأدركته عناية أزلية، أشرقت على باطنه أنوار ملكوتية وهداية ربانية، فاتصف بالذكاء والفطنة قلبه، وأسفر عن وجه الإصابة ظنه، وإن كان حديث السن قليل التجربة، كما نقل في قصة سليمان بن داود عليهما السلام وهو صبي حيث رد حكم أبيه داود عليه السلام في أمر الغنم والحرث.
وشرح ذلك فيما نقله المفسرون أن رجلين دخلا على داود عليه السلام أحدهما صاحب غنم، والآخر صاحب حرث. فقال أحدهما: إن هذا دخلت غنمه بالليل إلى حرثي فأهلكته وأكلته ولم تبق لي فيه شيئاً، فقال داود عليه السلام: الغنم لصاحب الحرث عوضاً عن حرثه، فلما خرجا من عنده مرا على سليمان عليه السلام، وكان عمره إذ ذاك على ما نقله أئمة التفسير إحدى عشرة سنة، فقال لهما: ما حكم بينكما الملك؟ فذكرا له ذلك. فقال: غير هذا أرفق بالفريقين. فعادا إلى داود عليه السلام وقالا له ما قاله ولده سليمان عليه السلام فدعاه داود عليه السلام وقال له: ما هو الأرفق بالفريقين؟ فقال سليمان: تسلم الغنم إلى صاحب الحرث. - وكان الحرث كرماً قد تدلت عناقيده في قول أكثر المفسرين - فيأخذ صاحب الكرم الأغنام يأكل لبنها وينتفع بدرها ونسلها، ويسلم الكرم إلى صاحب الأغنام ليقوم به، فإذا عاد الكرم إلى هيئته وصورته التي كان عليها ليلة دخلت الغنم إليه سلم صاحب الكرم الغنم إلى صاحبها وتسلم كرمه كما كان بعناقيده وصورته، فقال له داود: القضاء كما قلت. وحكم به كما قال سليمان عليه السلام. وفي هذه القصة نزل قوله تعالى: " وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنئم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان وكلا أتينا حكماً وعلماً " الأنبياء 78، 79،. فهذه المعرفة والدراية لم تحصل لسليمان بكثرة التجربة وطول المدة، بل حصلت بعناية ربانيه وألطاف إلهية، وإذا قذف الله تعالى شيئاً من أنوار مواهبه في قلب من يشاء من خلقه اهتدى إلى مواقع الصواب، ورجح على ذوي التجارب والاكتساب في كثير من الأسباب، ويستدل على حصول كمال العقل في الرجل بما يوجد منه وما يصدر عنه، فإن العقل معنى لا يمكن مشاهدته، فإن المشاهدة من خصائص الأجسام. فأقول: يستدل على عقل الرجل بأمور متعددة منها: ميله إلى محاسن الأخلاق وإعراضه عن رذائل الأعمال، ورغبته في إسداء صنائع المعروف وتجنبه ما يكسبه عاراً ويورثه سوء السمعة. وقد قيل لبعض الحكماء: بم يعرف عقل الرجل؟ فقال: بقلة سقطه في الكلام، وكثرة إصابته فيه. فقيل له: فإن كان غائباً، فقال: بإحدى ثلاث إما برسوله وإما بكتابه وإما بهديته، فإن رسوله قائم مقام نفسه، وكتابه يصف نطق لسانه، وهديته عنوان همته، فبقدر ما يكون فيها من نقص يحكم به على صاحبها. وقيل: من أكبر الأشياء شهادة على عقل الرجل حسن مداراته للناس، ويكفي أن حسن المداراة يشهد لصاحبه بتوفيق الله تعالى إياه. فإنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من حرم مداراة الناس فقد حرم التوفيق فمقتضاه أن من رزق المداراة لم يحرم التوفيق. وقالوا: العاقل الذي يحسن المداراة مع أهل زمانه. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الجنة مائة درجة تسعة وتسعون منها لأهل العقل وواحدة لسائر الناس وقال علي بن عبيدة، العقل ملك والخصال رعية، فإذا ضعف عن القيام عليها وصل الخلل إليها. فسمعه أعرابي فقال: هذا كلام يقطر عسله. وقيل: بأيدي العقول تمسك أعنة النفوس، وكل شيء إذا كثر رخص إلا العقل فإنه كلما كثرغلا. وقيل: لكل شيء غاية وحد، والعقل لا غاية له ولا حد، ولكن الناس يتفاوتون فيه تفاوت الأزهار في المروج. واختلف الحكماء في ماهيته فقال قوم: هو نور وضعه الله طبعاً وغريزة في القلب كالنور في العين. وهو يزيد وينقص ويذهب ويعود وكما يدرك بالبصر شواهد الأمور كذلك يدرك بنور القلب المحجوب والمستور، وعمى القلب كعمى البصر. قال الله تعالى: " فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور " الحج: 46،. وقيل محل العقل الدماغ وهو قول أبو حنيفة رحمه الله تعالى. وذهب جماعة إلى أنه في القلب كما روي عن الشافعي رحمه الله تعالى واستدلوا بقوله تعالى: " فتكون لهم قلوب يعقلون بها " الحج: 46. وبقوله تعالى: " إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب " ق:37،. أي عقل، وقالوا: التجربة مرآة العقل، ولذلك حمدت آراء المشايخ حتى قالوا: المشايخ أشجار الوقار لا يطيش لهم سهم ولا يسقط لهم فهم وعليكم بآراء الشيوخ فإنهم إن عدموا ذكاء الطبع فقد أفادتهم الأيام حيلة وتجربة. قال الشاعر:
ألم تر أن العقل زين لأهله ... ولكن تمام العقل طول التجارب
وقال آخر:
إذا طال عمر المرء في غير آفة ... أفادت له الأيام في كرها عقلا
وقال عامر بن عبد قيس: إذا عقلك عقلك عما لا يعنيك فأنت عاقل. ويقال: لا شرف إلا شرف العقل ولا غنى إلا غنى النفس. وقيل: يعيش العاقل بعقله حيث كان كما يعيش الأسد بقوته حيث كان. قال الشاعر:
إذا لم يكن للمرء عقل فإنه ... وإن كان ذا بيت على الناس هين
ومن كان ذا عقل أجل لعقله ... وأفضل عقل من يتدين
وقالوا: العاقل لا تبطره المنزلة السنية، كالجبل لا يزعزع وإن اشتدت عليه الريح، والجاهل تبطره أنى منزلة كالحشيش يحركه أدنى ريح. وقيل لعلي رضي الله عنه: صف لنا العاقل؟ قال: هوالذي يضع الشيء مواضعه. قيل: فصف لنا الجاهل؟ قال: قد فعلت. يعني الذي لا يضع الشيء مواضعه. وقال المنصور لولده: خذ عني ثنتين: لا تقل من غير تفكير ولا تعمل بغير تدبير. وقال أردشير: أربعة تحتاج إلى أربعة: الحسب إلى الأدب، والسرور إلى الأمن، والقرابة إلى المودة، والعقل إلى التجربة. وقال كسرى أنوشروان: أربعة تؤدي إلى أربعة: العقل إلى الرياسة، والرأي إلى السياسة، واعلم إلى التصدير، والحلم إلى التوقير. وقال القاسم بن محمد: من لم يكن عقله أغلب الخصال عليه كان حتفه من أغلب الخصال عليه. وقيل: أفضل العقل معرفة العاقل بنفسه. وقيل: ثلاثة هن رأس العقل: مداراة الناس، والاقتصاد في المعيشة، والتحبب إلى الناس. وقيل: من أعجب برأي نفسه بطل رأيه، ومن ترك الاستماع من ذوي العقول مات عقله. وعن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه أنه قال: أهل مصر أعقل الناس صغاراً، وأرحمهم كباراً. وقيل: العاقل المحروم خير من الأحمق المرزوق. وقيل: لا ينبغي للعاقل أن يمدح امرأة حتى تموت، ولا طعاماً حتى يستمرئه، ولا يثق بخليل حتى يستقرضه، وقيل: طول اللحية أمان من العقل. وسئل بعضهم: أيما أحمد في الصبا الحياء أم الخوف؟ قال: الحياء لأن الحياء يدل على العقل، والخوف يدل على الخبن. وقيل: غضب العاقل على فعله وغضب الجاهل على قوله. وقال أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا عويمر ازدد عقلاً تزدد من الله تعالى قرباً قلت: بأبي وأمي ومن لي بالعقل؟ قال: " اجتنب محارم الله تعالى وأد فرائض الله تعالى تكن عاقلاً، ثم تنقل إلى صالح الأعمال تزدد في الدنيا عقلاً، وتزدد من الله قرباً وعزاً. وحكى بعض أهل المعرفة قال: حياة النفس بالروح، وحياة الروح بالذكر، وحياة القلب بالعقل، وحياة العقل بالعلم. ويروى عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أنه كان ينشد هذه الأييات ويترنم بها:
إن المكارم أخلاق مطهرة ... فالعقل أولها والدين ثانيها
والعلم ثالثها والحلم رابعها ... والجود خامسها والعرف ساديها
والبر سابعها والصبر ثامنها ... والشكر تاسعها واللين عاشيها
والعين تعلم من عيني محدثها ... إن كان من حزبها أومن أعاديها
والنفس تعلم أني لا أصدقها ... ولست أرشد إلا حين أعصيها
وقال بعض الحكماء: العاقل من عقله في إرشاد، ورأيه في إمداد، فقوله سديد، وفعله ذميم. والجاهل من جهله في إغراء، فقوله سقيم، وفعله ذميم. ولا يكتفى في الدلالة على عقل الرجل الاغترار بحسن ملبسه وملاحة سمته وتسريح لحيته وكثرة صلفته ونظافة بزته، إذ كم من كنيف مبيض، وجلد مفضض. وقد قال الأصمعي: رأيت بالبصرة شيخاً له منظر حسن وعليه ثياب فاخرة، وحوله حاشية وهرج، وعنده دخل وخرج، فأردت أن أختبر عقله، فسلمت عليه وقلت: ما كنية سيدنا؟ فقال: أبو عبد الرحمن الرحيم مالك يوم الدين، قال الأصمعي: فضحكت منه وعلمت قلة عقله وكثرة جهله، ولم يدفع ذلك عنه غرارة خرجه ودخله. وقد يكون الرجل موسوماً بالعقل مرموقاً بعين الفضل، فيصدر منه حالة تكشف عن حقيقة حاله وتشهد عليه بقلة عقله واختلاله. وقيل: إن إياس بن معاوية القاضي كان من أكابر العقلاء، وكان عقله يهديه إلى سلوك طرق لا يكاد يسلكها من لم يهتد إليها، فكان من جملة الوقائع التي صدرت منه وشهدت له بالعقل الراجح والفكر القادح أنه كان في زمانه رجل مشهور بين الناس بالأمانة، فاتفق أن رجلاً أراد أن يحج، فأودع عند ذلك الرجل الأمين كيساً فيه جملة من الذهب، ثم حج فلما عاد من حجه جاء إلى ذلك الرجل وطلب كيسه منه فأنكره وجحده، فجاء إلى القاضي إياس وقص عليه القصة، فقال القاضي: هل أخبرت بذلك أحداً غيري؟ قال: لا. قال: فهل علم الرجل أنك أتيت إلي؟ قال: لا. قال: انصرف واكتم أمرك، ئم عد إلي بعد غد. فانصرف. ثم إن القاضي دعا ذلك الرجل المستودع فقال: قد حصل عندي أموال كثيرة ورأيت أن أودعها عندك فاذهب وهيىء لها موضعاً حصيناً. فمضى ذلك الرجل وحضر صاحب الوديعة بعد ذهاب الرجل، فقال له القاضي إياس: امض إلى خصمك واطلب منه وديعتك، فإن جحدك فقل له امض معي إلى القاضي إياس أتحاكم أنا وأنت عنده، فلما جاء إليه دفع إليه وديعته فجاء إلى القاضي وأعلمه بذلك. ثم إن ذلك الرجل المستودع جاء إلى القاضي طامعاً في تسليم المال، فسبه القاضي وطرده. وكانت هذه الواقعة مما تدل على عقله وصحة فكره. ولما مات بعض الخلفاء اختلفت الروم واجتمعت ملوكها. فقال: الآن يشتغل المسلمون بعضهم ببعض، فتمكننا الغرة منهم والوثبة عليهم، وعقدوا لذلك المشوراث، وتراجعوا فيه بالمناظرات، وأجمعوا على أنه فرصة الدهر. وكان رجل منهم من ذوي العقل والمعرفة والرأي غائباً عنهم، فقالوا: من الحزم عرض الرأي عليه. فلما أخبروه بما أجمعوا عليه قال: لا أرى ذلك صواباً. فسألوه عن علة ذلك فقال: في غد أخبركم إن شاء الله تعالى. فلما أصبحوا أتوا إليه وقالوا: قد وعدتنا أن تخبرنا في هذا اليوم بما عولنا عليه، فقال: سمعاً وطاعة. وأمر بإحضار كلبين عظيمين كان قد أعدهما، ثم حرض بينهما وحرض كل واحد منهما على الآخر، فتواثبا وتهارشا حتى سالت دماؤهما، فلما بلغا الغاية فتح باب بيت عنده وأرسل على الكلبين ذئباً كان قد أعده لذلك، فلما أبصراه تركا ما كانا عليه وتألفت قلوبهما ووثبا جميعاً على الذئب فقتلاه. فأقبل الرجل على أهل الجمع فقال: مثلكم مع المسلمين مثل هذا الذئب مع الكلاب، لا يزال الهرج بين المسلمين ما لم يظهر لهم عدو من غيرهم، فإذا ظهر تركوا العداوة بينهم وتألفوا على العدو فاستحسنوا قوله واستصوبوا رأيه فهذه صفة العقلاء.
وأما ذم الأحمق: فقد قال ابن الأعرابي: الحماقة مأخوذة من حمقت السوق إذا كسدت فكأنه كاسد العقل والرأي، فلا يشاور ولا يلتفت إليه في أمر من الأمور. والحق غريزة لا تنفع فيها الحيلة وهو داء دواؤه الموت. قال الشاعر:
لكل داء دواء يستطب به ... إلا الحماقة أعيت من يداويها
والحمق مذموم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الأحمق أبغض الخلق إلى الله تعالى إذ حرمه أعز الأشياء عليه وهو العقل ويستدل على صفة الأحمق من حيث الصورة بطول اللحية لأن مخرجها من الدماغ، فمن أفرط طول لحيته قل دماغه، ومن قل دماغه قل عقله، ومن قل عقله فهو أحمق. وأما صفته من حيث الأفعال فترك نظره في العواقب وثقته بمن لا يعرفه، والعجب وكثرة الكلام وسرعة الجواب، وكثرة الالتفات والخلو من العلم، والعجلة والخفة والسفه والظلم والغفلة والسهو والخيلاء، إن استغنى بطر وإن افتقر قنط، وإن قال أفحش، وإن سئل بخل، وإن سأل ألح، وإن قال لم يحسن، وإن قيل له لم يفقه، وإن ضحك قهقه، وإن بكى صرخ، وإن اعتبرنا هذه الخلال وجدناها في كثيرمن الناس، فلا يكاد يعرف العاقل من الأحمق. قال عيسى عليه السلام: عالجت الأبرص والأكمه فأبرأتهما، وعالجت الأحمق فأعياني والسكوت عند الأحمق جوابه. ونظر بعض الحكماء إلى أحمق على حجر فقال: حجر على حجره.
وحكي أن أحمقين اصطحبا في طريق، فقال أحدهما للآخر: تعال نتمن على الله فإن الطريق تقطع بالحديث. فقال أحدهما: أنا أتمنى قطائع غنم أنتفع بلبنها ولحمها وصوفها. وقال الأخر: أنا أتمنى قطائع ذئاب أرسلها على غنمك حتى لا تترك منها شيئاً. قال: ويحك أهذا من حق الصحبة وحرمة العشرة. فتصايحا وتخاصما، واشتدت الخصومة بينهما حتى تماسكا بالأطواق، ثم تراضيا من أن أول من يطلع عليهما يكون حكماً بينهما، فطلع عليهما شيخ بحمار عليه زقان من عسل، فحدثاه بحديثهما، فنزل بالزقين وفتحهما حتى سال العسل على التراب، قال: صب الله دمي مثل هذا العسل إن لم تكونا أحمقين.
خالد علونى
22-08-2011, 09:25 AM
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: كان رجل يتعبد في صومعة فأمطرت السماء، وأعشبت الأرض، فرأى حماره يرعى في ذلك العشب فقال: يا رب لو كان لك حمار لرعيته مع حماري هذا، فبلغ ذلك بعض الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فهم أن يدعو عليه، فأوحى الله إليه: لا تدع عليه فإني أجازي العباد على قدر عقولهم. ويقال فلان ذو حمق وافر وعقل نافر ليس معه من العقل إلا ما يوجب حجة الله علمه. وخطب سهل هند الله عتبة فحمقته فقال:
وما هوجي يا هند إلا سجية ... أجر لها ذيلي بحسن الخلائق
ولو شئت خادعت الفتى عن قلوصه ... ولاطمت في البطحاء من كل طارق
ويقال للأبله السليم القلب هو من بقر الجنة لا ينطح ولا يرمح، والأحمق المؤذي هو من بقر سقر والله سبحانه وتعالى أعلم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
باب في القرآن وفضله
وحرمته ما أعد الله تعالى لقارئه من الثواب العظيم والأجر الجسيم
قال الله تعالى: " ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر " القمر: 17، 22، 32، 40،. وسمى الله تعالى القرآن كريماً فقال تعالى: " إنه لقرآن كريم " وسماه حكيماً، فقال تعالى: " يس والقرآن الحكيم " يس: ا،. وسماه مجيداً فقال تعالى: " ق والقرآن المجيد ق:1. أنزله الله تعالى على سيد الأنام وخاتم الأنبياء الكرام عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام، فكان من أعظم معجزاته أن أعجز الله الفصحاء عن معارضته وعن الإتيان بآية من مثله، قال تعالى: " قل فأتوا بسورة من مثله " البقرة: 23،. وقال تعالى: " قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً " الإسراء: 88، فهو النور المبين والحق المستبين لا شيء أسطع من أعلامه ولا أصدع من أحكامه ولا أفصح من بلاغته ولا أرجح من فصاحته ولا أكثر من إفادته ولا ألذ من تلاوته، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: القرآن فيه خبر من قبلكم ونبأ من بعدكم وحكم ما بينكم. وقال أيضاً: أصغر البيوت بيت صغر من كتاب الله تعالى " . وقال الشعبي: الذي يقرأ القرآن إنما يحدث عن ربه عز وجل، ووفد غالب بن صعصعة على علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، ومعه ابنه الفرزدق فقال له: من أنت. قال: غالب بن صعصعة. قال: ذو الإبل الكثيرة؟ قال: نعم. قال: فما فعلت بإبلك. قال: أذهبتها النوائب وزعزعتها الحقوق. قال: ذلك خير سبلها. ثم قال له: يا أبا الأخطل من هذا الذي معك. قال: ابني وهو شاعر. قال: علمه القرآن فهو خير له من الشعر. فكان ذلك في نفس الفرزدق حتى قيد نفسه وآلى على نفسه أن لا يحل قيده حتى يحفظ القرآن فحفظه في سنة وفي ذلك قال:
وما صب رجلي في حديد مجاشع ... مع القيد إلا حاجة لي أريدها
وقال أنس، رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا بني لا تغفل عن قراءة القرآن إذا أصبحت وإذا أمسيت، فإن القرآن يحيي القلب الميت، وينهى عن الفحشاء والمنكر " .
وحكى الزمخشري في كتابه ربيع الأبرار قال: ومن حكايات الحشوية ما قيل إن إبراهيم الخواص مر بمصروع فأذن في أذنه فناداه الشيطان من جوفه دعني أقتله فإنه يقول القرآن مخلوق. وكان سفيان الثوري رحمه الله تعالى إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة، وأقبل على قراءة القرآن. وكان الإمام مالك بن أنس رحمه الله تعالى إذا دخل شهر رمضان يفر من مذاكرة الحديث ومجالسة أهل العلم، ويقبل على القراءة في المصحف. وكان أبو حنيفة والشعبي رحمهما الله تعالى يختمان في رمضان ستين ختمة. وقال علي رضي الله تعالى عنه: " من قرأ القرآن فمات فدخل النار فهو ممن كان يتخذ آيات الله هزواً. وقال الشعبي: اللسان عدل على الأذن والقلب فاقرأ قراءة تسمعها أذنك ويفهمها قلبك. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قرأ القرآن ثم رأى أن أحداً أوتي فقد استصغر ما عظم الله. وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن القلوب لتصدأ كما يصدأ الحديد. قيل يا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما جلاؤها. قال: قراءة القرآن وذكر الموت " . وقال عمر بن ميمون: من نشر مصحفاً حين يصلي الصبح فقرأ مائة آية رفع الله له مثل عمل جميع أهل الدنيا. وقال علي كرم الله وجهه: " من قرأ القرآن وهو قائم في الصلاة كان له بكل حرف مائة حسنة، ومن قرأه وهو جالس في الصلاة فله بكل حرف خمسون حسنة، ومن قرأه في غير صلاة وهوعلى وضوء فخمسة وعشرون حسنة، ومن قرأه على غير وضوء فعشر حسنات. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: " لأن أقرأ البقرة وآل عمران أرتلهما وأتدبرهما أحب إلي من أن أقرأ القرآن كله هذرمة. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اقرؤا القرآن وابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا " . وعن صالح المزني قال: قرأت القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقال لي: يا صالح هذه القراءة فأين البكاء؟ وكان عثمان رضي الله عنه يفتتح ليلة الجمعة بالبقرة إلى المائدة وليلة السبت بالأنعام إلى هود وليلة الأحد بيوسف إلى مريم وليلة الاثنين بطه إلى طسم نبأ موسى وفرعون وليلة الثلاثاء بالعنكبوت إلى ص وليلة الأربعاء بتنزيل إلى الرحمن ويختم ليلة الخميس. وعن علي رضي الله عنه: لا خير في عبادة لا فقه فيها، ولا خير في قراءة لا تدبر فيها. وكان عكرمة بن أبي جهل رضي الله تعالى عنه ولعن أباه، إذا نشر المصحف أغمي عليه ويقول: هو كلام ربي. وأبطأت عائشة رضي الله عنها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة، فقال: " ما حبسك " ؟ قالت: قراءة رجل ما سمعت أحسن صوتاً منه فقام فاستمع إليه طويلاً ثم قال: هذا سالم مولى أبي حذيفة، الحمد لله الذي جعل في أمتي مثله " ، وقال ابن عيينة، رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اختلفت علي القراءات فعلى قراءة من تأمرني فقال: على قراءة أبي عمرو. وعن أبي عمرو أني لم أزل أطلب أن أقرأه كما قرأه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكما أنزل عليه فقدمت مكة فلقيت بهما عدة من التابعين ممن قرأ على الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، فقرأت عليهم فاشدد بها يدك. فينبغي للإنسان أن يحافظ على تلاوة القرآن ليلاً ونهاراً سفراً وحضراً.
وقال الشيخ محيي الدين النووي رحمه الله تعالى في كتابه الأذكار: قد كان للسلف رضي الله عنهم عادات مختلفة في القدر الذي يختمون فيه، فكانت جماعة منهم يختمون في كل شهر ختمة وآخرون في كل شهر عشر ليال ختمة، وآخرون في كل ثلاث ليال ختمة، وكان كثيرون في كل يوم وليلة ختمة، وختم جماعة في كل يوم وليلة ختمتين، وختم بعضهم في اليوم والليلة ثمان ختمات، أربعاً في الليل، وأربعاً في النهار، وروي أن مجاهداً رحمه الله تعالى كان يختم القرآن في شهر رمضان فيما بين المغرب والعشاء. وأما الذين ختموا القرآن في ركعة فلا يحصون لكثرتهم، فمنهم عثمان بن عفان، وتميم الداري، وسعيد بن جبير رضي الله تعالى عنهم، وروينا في مسند الإمام المجمع على حفظه وجلاله وإتقانه وبراعته أبي محمد الدارمي رحمه الله، عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، قال: " إذا وافق ختم القرآن أول الليل، صلت عليه الملائكة حتى يصبح، وإذا وافق أول النهار، صلت عليه الملائكة حتى يمسي، قال الدارمي: هذا حديث حسن عن سعد، وأفضل القراءة ما كان في الصلاة وأما في غير الصلاة فأفضلها قراءة الليل، والنصف الأخير منه أفضل من الأول، والقراءة بين المغرب والعشاء محبوبة، وأما قراءة النهار فأفضلها بعد الصبح، ولا كراهة في وقت من الأوقات، ولا في أوقات النهي عن الصلاة، ويستحب الاجتماع عند الختم لحصول البركة، وقيل: إن الدعا: يستجاب عند ختم القرآن، وإن الرحمة تنزل عند ختمه، ويستحب الدعاء عقب الختم استحباباً مؤكداً تأكيداً شديداً، ويجب على القارىء الإخلاص في قراءته، وأن يريد بها وجه الله تعالى وأن لا يقصد بها توصلاً إلى شيء سوى ذلك، وأن يتأدب مع القرآن ويستحضر في ذهنه أنه يناجي ربه سبحانه وتعالى، ويتلو كتابه فيقرأ على حالة من يرى الله تعالى، فإنه إن لم يكن يراه فإن الله يراه، وينبغي للقارىء إذا أراد القراءة أن ينظف فمه بالسواك وأن يكون شأنه الخشوع والتدبر والخضوع فهذا هو المقصود المطلوب وبه تنشرح الصدور ويتيسر المرغوب، ودلائله أكثر من أن تحصر وأشهر من أن تذكر، وقد كان الواحد من السلف رضي الله عنهم يتلو آية واحدة ليلة كاملة يتدبرها ويستحب البكاء والتباكي لمن لا يقدرعلى البكاء فإن البكاء عند القراءة صفة العارفين، وشعارعباد الله الصالحين، قال الله تعالى: " ويخر ون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا " الإسراء: 109، وقال السيد الجليل صاحب الكرامات والمعارف والمواهب واللطائف إبراهيم الخواص رضي الله تعالى عنه: " دواء القلب خمسة أشياء، قراءة القرآن بالتدبر وخلو البطن، وقيام الليل، والتضرع عند السحر، ومجالسة الصالحين، وقد جاءت آثار بفضيلة رفع الصوت بالقراءة، وآثار بفضيلة الإسرار، قال العلماء: إن أراد القارىء بالإسرار بعد الرياء فهو أفضل في حق من يخاف ذلك، فإن لم يخف الرياء فالجهر أفضل بشرط أن لا يؤذي غيره، من مصل أو نائم أو غيرهما، والأحاديث في فضل القراءة وآداب حملة القرآن كثيرة غير محصورة، من أراد الزيادة فلينظر في كتاب التبيان في آداب حملة القرآن لشيخ مشايخ الإسلام محيي الدين النووي قدس الله روحه ونور ضريحه، وقد جاء في فضل القرآن أحاديث كثيرة. وروي في فضل قراءة سور من القرآن في اليوم والليلة فضل كبير، منها يس، وتبارك الملك، والواقعة، والدخان، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من قرأ يس في يوم وليلة ابتغاء وجه الله تعالى غفر له، وفي رواية له، من قرأ سورة الدخان في ليلة أصبح مغفوراً له، وفي رواية عن ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من قرأ سورة الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقة " ، وعن جابر رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينام كل ليلة حتى يقرأ ألم تنزيل الكتاب، وتبارك الملك، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: " من قرأ في ليلة إذا زلزلت الأرض كانت له كعدل نصف القرآن، ومن قرأ قل يا أيها الكافرون كانت له كعدل ربع القرآن، ومن قرأ قل هو الله أحد كانت له كعدل الثلث، والأحاديث بنحو ما ذكرناه كثيرة، وقد أشرنا إلى المقاصد منها، والله تعالى أعلم بالصواب وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
خالد علونى
22-08-2011, 09:31 AM
رابط تحميل الكتاب نسخة pdf
http://www.4shared.com/document/Euk91LgC/____-.html
او
http://www.google.com/url?sa=t&source=web&cd=9&ved=0CGUQFjAI&url=http%3A%2F%2Fthiqaruni.org%2Farabic%2F56.pdf&ei=0Z9STpy1IMOrrAes0eGsAg&usg=AFQjCNH2ZSkpULAAbFMO0vKzPfCbtyYDCg&sig2=xuoqhNnD53CgPUkry-le3w
moh_alnour
22-08-2011, 10:33 AM
قبل فترة قليلة أشتريت جهاز لاب توب من مكتبة جرير بمدينة جدة
و قد أهدوني قسائم شرائية بمبلغ 200 ريال سعودي و قد أليت على نفسي بأن أشتري
بها كُتب ثقافية و كان من بينهم هذا السِفر الظريف ( المستطرف في كل فن مستظرف )
و أيضا ً كتاب ( البخلاء ) للجاحظ فهو أيضا ً يحوي قصص شيقة و ظريفة
شكرا ً خالد علوني على هذا البوست في زمن لم يعُد الكتاب خير جليس في هذا الزمان
بعد أن طغى اللاب توب و البلاك بيري و الأيفون على الساحة
مصطفى هاتريك
22-08-2011, 10:41 AM
أجمل هدية .. وعيدية مقبولة .. يا علوني
Amin Idries
22-08-2011, 08:00 PM
مشكور أخ خالد على التحفة الغالية
جزاك الله كل خير
محمد الجزولى
22-08-2011, 10:51 PM
تمام يا علوني
سلمت الأيادي
ساريه
23-08-2011, 09:13 PM
انا طبعاً يا خالد الرابط ما فتح معاى والى أن يفتح .... لك الف شكر.........
............
إحتمال احتاج ليك
خليك قريب
خالد علونى
24-08-2011, 09:12 AM
قبل فترة قليلة أشتريت جهاز لاب توب من مكتبة جرير بمدينة جدة
و قد أهدوني قسائم شرائية بمبلغ 200 ريال سعودي و قد أليت على نفسي بأن أشتري
بها كُتب ثقافية و كان من بينهم هذا السِفر الظريف ( المستطرف في كل فن مستظرف )
و أيضا ً كتاب ( البخلاء ) للجاحظ فهو أيضا ً يحوي قصص شيقة و ظريفة
شكرا ً خالد علوني على هذا البوست في زمن لم يعُد الكتاب خير جليس في هذا الزمان
بعد أن طغى اللاب توب و البلاك بيري و الأيفون على الساحة
الحبيب محمد
رمضان كريم
رحم الله زمان كان فيه الكتاب خير جليس
ولكن كما قلت أنت التهي الناس عنه بالمستجد في عالم الاتصالات وصارت الصفحات الاسفيرية هي الشغل الشاغل وقلما تجد من يبحث داخلها عن ما هو مفيد،،،، فالناس تبحث عن ما يرفه عنها أكثر من بحثها عما يغذي عقلها
أسعدني مرورك جدا
فكن دوما بكل الخير
خالد علونى
24-08-2011, 09:17 AM
أجمل هدية .. وعيدية مقبولة .. يا علوني
الغالي هاتريك
ربما هي دعوة لإعادة المكتبة المدرسية ومكتبة البيت والمجلات الجميلة
كن دوماً كما تحب
خالد علونى
24-08-2011, 09:20 AM
مشكور أخ خالد على التحفة الغالية
جزاك الله كل خير
أمين أدريس
العلوم نتاج معالجات فكرية وتوثيق وفهرسة كتابات عديدة
فليسهم كل منا بما يملك من معلومة أو قصاصة أو كتاب لنكون مجموعة ثرة من العلوم وفي مختلف المجالات
لك مني دوماً خالص الود والتقدير
خالد علونى
24-08-2011, 09:24 AM
تمام يا علوني
سلمت الأيادي
بالرغم من عتبي عليك لغيابك عنا
لكني أكثر سعادة برؤية حروفك تعود للثقافي من جديد لعلمي التام بما تملك
دعني أقول أنها مبادرة لإنشاء مكتبة ود مدني لنضع فيها كل ما يهم الثقافة والمثقفين وكل ما يوثق لهذه المدينة المعطاءة
,,,,,,,,
الله يسلمك من كل شر
مولانا جلال
24-08-2011, 09:34 AM
الاخ خالد ... تحياتى اليك ... وشكرا كثير على هذا السفر الرائع وهو من الكتب التى تزين مكتبتى بطبعته القديمة وقددمررت قبل فترة على طبعة جديدة منه وسوف اقوم بتنزيله على جهازى وشكرا مره اخرى
خالد علونى
24-08-2011, 09:35 AM
انا طبعاً يا خالد الرابط ما فتح معاى والى أن يفتح .... لك الف شكر.........
............
إحتمال احتاج ليك
خليك قريب
سارية ،،،،،،،
الرابط الأول من موقع فورشيرد واكثر ما يحيرني أنه محجوب في السودان
لذلك وضعت الرابط الآخر وهو يعمل بدون مشاكل
لو لقيت إمكانية رفع الملف في رابط في المنتدى بكون أفضل لي الجميع
كوني دوما بكل الخير
خالد علونى
24-08-2011, 09:41 AM
الاخ خالد ... تحياتى اليك ... وشكرا كثير على هذا السفر الرائع وهو من الكتب التى تزين مكتبتى بطبعته القديمة وقددمررت قبل فترة على طبعة جديدة منه وسوف اقوم بتنزيله على جهازى وشكرا مره اخرى
مولانا جلال
أكثر ما يحزنني في مثل هذه الكتب النادرة والجميلة أن شركات الطباعة لا تسح بالنشر الدفتري لها أو لجزء منها بالرغم من ندرتها وإحجام الشركات عن إصدار طبعات جديدة منها فلا يستطيع معظم الناس الإطلاع عليها بالرغم من سماعهم بها ورغبتهم الأكيدة في قراءتها
فهذه محاولة لنشرها بالرغم من صعوبة القراءة من جهاز الكمبيوتر أو اللابتوب فللكتاب نكهة خاصة ومحببة
كن دوماً بكل الخير
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir