ود الجعلي
25-09-2011, 08:16 AM
لرأسمالية الطفيلية الاسلامية
الفترة: 1989- 2007
في هذه الفترة هيمنت الفئات الغنية من طفيلية الجبهة الاسلامية علي مفاتيح الاقتصاد الوطني ، وتجمعت لدى هذه الفئة ثروات ضخمة ، ومن المهم ونحن نحلل هذه الفئة أن نتناولها في تطورها التاريخي باعتبارها احد روافد الرأسمالية السودانية التي نشأت وتطورت خلال سنوات نظام مايو ، ويشير د.حيدر طه في كتابه: الاخوان والعسكر (القاهرة 1993)، ص 55 ، الي: (أن الاخوان المسلمين يملكون حوالي 500 شركة، من كبيرة وصغيرة، في عام 1980 ، وتصل حجم روؤس اموالهم لاكثر من 500 مليون دولار متداولة بين هذه الشركات في الداخل).
وترجع اصول اغلب قادة هذه الفئة أو اصحاب الثروات منها الي خريجي الجامعات والمدارس الثانوية ، والذين اسسوا تنظيم الاخوان المسلمين في اوائل الخمسينيات من القرن الماضي في جامعة الخرطوم والمدارس الثانوية وبقية المعاهد التعليمية ، وبعد التخرج عملوا في جهاز الدولة والخدمة المدنية . وبعد انقلاب 25/مايو/1969 ، تم تشريد بعض افرادها ، وهاجر بعضهم الي دول الخليج وولجوا ميدان العمل الاستثماري في التجارة، وتجارة العملات ، كما كدسوا الاموال التي كانت تصلهم وهم في المعارضة في الخارج ، كما اشتركوا في محاولات انقلابية مثل محاولة: انقلاب سبتمبر 1975، واحداث 2/يوليو/1976 ، كما هاجر بعضهم الي امريكا ودول الغرب الرأسمالي وتأهل بعضهم علميا في تلك البلدان(ماجستير، دكتوراة، ..الخ)، وعمل بعضهم في النشاط التجاري في يوغندا وبعض بلدان شرق افريقيا ، واكتسبوا خبرات وتجارب في المهجر والعمل المعارض في الخارج.
وبعد المصالحة الوطنية 1977 عادوا للسودان وشاركوا في مؤسسات وحكومات نظام النميري (مجلس الوزراء ، الاتحاد الاشتراكي ، مجلس الشعب..الخ)، وتوسعوا في ميدان العمل التجاري والاستثماري واسهموا في ادارة البنوك الاسلامية وشركات التامين الاسلامية ومؤسسات الاستثمار الاسلامية ، كما تغير اسم التنظيم تبعا لتطور الحياة السياسية ، واتخذ اسم الاخوان المسلمين في الخمسينيات من القرن الماضي ، وجبهة الميثاق الاسلامي بعد ثورة اكتوبر 1964 ، والجبهة القومية الاسلامية منذ اواخر النظام المايوي ، ثم المؤتمر الوطني الذي انشطر في عام 1999 الي وطني وشعبي.
لقد كانت مؤسسات وبنوك وشركات التنظيم هي التي مولت كل نشاطاته وصرفه الكبير خلال فترة الديمقراطية الثالثة (الانتخابات، شراء الاصوات ، ..الخ)، وكانت تلك المؤسسات وراء تخزين قوت الناس في مجاعة: 1983/1984 ، كما تغلغلوا وسط الجيش باسم دعم القوات المسلحة ومحاربة الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة جون قرنق والطابور الخامس، خلال فترة الديمقراطية الثالثة حتى نفذوا انقلاب يونيو 1989 بالتحالف مع مليشيات الجبهة الاسلامية بعد تكوين الحكومة الموسعة والاقتراب من الحل السلمي لمشكلة الجنوب بعد اتفاق الميرغني – قرنق عام 1989.
وبعد انقلاب يونيو 1989 ، تضاعفت ثروات هذه الفئة ، ويمكن تلخيص اهم مصادر التراكم الرأسمالي لهذه الفئة في الآتي:
أ- نهب اصول القطاع العام عن طريق البيع أو الايجار أو المنح باسعار بخسة لاغنياء الجبهة أو لمنظماتها أو الاقمار التابعة لها ، والتي كونت اكثر من 600 شركة تجارية تابعة لها ولمؤسساتها.
ب- اصدار قانون النظام المصرفي في العام 1991 م والذي مكن لتجار الجبهة ولمؤسساتها من الهيمنة علي قمم الاقتصاد الوطني وامتصاص الفائض مما ادي الي فقدان الثقة في النظام المصرفي ، اضافة لاجراءات تبديل العملة وتحميل المودعين التكلفة بخصم 2% من ارصدتهم وحجز 20% من كل رصيد يزيد عن 100 ألف جنية امتدت اكثر من عام وانتهاك قانون واعراف سرية النظام المصرفي وكشف القدرات المالية لكبار رجال الاعمال امام تجار الجبهة الاسلامية( دورة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني، أغسطس 2001).
ت- التسهيلات والرخص التجارية من وزارة التجارة والبنوك التجارية والاعفاء من الضرائب .
ث- الاستيلاء علي شركات التوزيع الاساسية وتمليكها لتجار وشركات الجبهة الاسلامية.
ج- المضاربة في العقارات والاراضي والاستثمار في مشاريع الزراعة الآلية والثروة الحيوانية واستيلاء شركات ومؤسسات الجبهة الاسلامية علي مؤسسات تسويق الماشية.
ح- من مصادر التراكم الرأسمالي لهذه الفئة ايضا عائدات البترول والذهب.
خ- من الامثلة للنهب : طريق الانقاذ الغربي الذي وصل قمة النهب . وافقار المزارعين عن طريق نظام السلم والضرائب والجبايات التي لم يعرفها الشعب السوداني الا في العهد التركي.
د- من مصادر التراكم والدعم لهذه الفئة رأس المال الاسلامي العالمي الذي دخل البلاد في التسعينيات من القرن الماضي والذي قدرته بعض المصادر ب 6 مليار دولار واسهم في دعم النظام ومؤسساته الاقتصادية والمالية.
ذ- وتضيف د.فاطمة بابكر: (الخدمات الصحية والتعلمية التي اصبحت احد مصادر التراكم الرأسمالي في السودان بعد نظام الانقاذ 1989) (د.فاطمة بابكر: الرأسمالية السودانية: أطليعة للتنمية؟ ، الطبعة العربية 2006، ص 23).
والشاهد أن هذه المصادر جاءت نتيجة للنهب الاقتصادي والقمع السياسي ، وعاشت تلك الفئة في ترف وبددت الفائض الاقتصادي في صرف بذخي أو في تحويله للخارج.
ومن الجانب الآخر تدهورت اوضاع الفئات الشعبية نتيجة للفقر والبؤس والضنك، وانتشرت الرشوة والفساد في المجتمع وغير ذلك من التحلل الخلقي الذي فرضه نظام الجبهة الاقتصادي والاجتماعي.
وخلاصة القول أنه رغم المتغيرات في تركيب الرأسمالية السودانية في هذه الفترة ورغم زيادة وزن العناصر المتعلمة وسطها، الا أنها فشلت في قيادة النهضة الصناعية والزراعية والاجتماعية والثقافية ، بل حتى في ادني مستوياتها البورجوازية مثل: قيام دولة المؤسسات وحكم القانون واحترام حقوق الانسان وحرياته الاساسية، ورفع مستويات المعيشية وترقية خدمات التعليم والصحة ودعمها، ودعم خدمات الكهرباء والمياه، وتوفير البنيات الاساسية اللازمة للنهضة والتطور حتي اصبح السودان في ذيل قائمة الدول الاكثر تخلفا في العالم ، رغم امكانياته وموارده الاقتصادية والزراعية والحيوانية والبترولية والمعدنية. مما يتطلب قيادة طبقية جديدة تعبر عن الطبقة العاملة والكادحين، تنجز مهام الثورة الوطنية الديمقراطية.
الفترة: 1989- 2007
في هذه الفترة هيمنت الفئات الغنية من طفيلية الجبهة الاسلامية علي مفاتيح الاقتصاد الوطني ، وتجمعت لدى هذه الفئة ثروات ضخمة ، ومن المهم ونحن نحلل هذه الفئة أن نتناولها في تطورها التاريخي باعتبارها احد روافد الرأسمالية السودانية التي نشأت وتطورت خلال سنوات نظام مايو ، ويشير د.حيدر طه في كتابه: الاخوان والعسكر (القاهرة 1993)، ص 55 ، الي: (أن الاخوان المسلمين يملكون حوالي 500 شركة، من كبيرة وصغيرة، في عام 1980 ، وتصل حجم روؤس اموالهم لاكثر من 500 مليون دولار متداولة بين هذه الشركات في الداخل).
وترجع اصول اغلب قادة هذه الفئة أو اصحاب الثروات منها الي خريجي الجامعات والمدارس الثانوية ، والذين اسسوا تنظيم الاخوان المسلمين في اوائل الخمسينيات من القرن الماضي في جامعة الخرطوم والمدارس الثانوية وبقية المعاهد التعليمية ، وبعد التخرج عملوا في جهاز الدولة والخدمة المدنية . وبعد انقلاب 25/مايو/1969 ، تم تشريد بعض افرادها ، وهاجر بعضهم الي دول الخليج وولجوا ميدان العمل الاستثماري في التجارة، وتجارة العملات ، كما كدسوا الاموال التي كانت تصلهم وهم في المعارضة في الخارج ، كما اشتركوا في محاولات انقلابية مثل محاولة: انقلاب سبتمبر 1975، واحداث 2/يوليو/1976 ، كما هاجر بعضهم الي امريكا ودول الغرب الرأسمالي وتأهل بعضهم علميا في تلك البلدان(ماجستير، دكتوراة، ..الخ)، وعمل بعضهم في النشاط التجاري في يوغندا وبعض بلدان شرق افريقيا ، واكتسبوا خبرات وتجارب في المهجر والعمل المعارض في الخارج.
وبعد المصالحة الوطنية 1977 عادوا للسودان وشاركوا في مؤسسات وحكومات نظام النميري (مجلس الوزراء ، الاتحاد الاشتراكي ، مجلس الشعب..الخ)، وتوسعوا في ميدان العمل التجاري والاستثماري واسهموا في ادارة البنوك الاسلامية وشركات التامين الاسلامية ومؤسسات الاستثمار الاسلامية ، كما تغير اسم التنظيم تبعا لتطور الحياة السياسية ، واتخذ اسم الاخوان المسلمين في الخمسينيات من القرن الماضي ، وجبهة الميثاق الاسلامي بعد ثورة اكتوبر 1964 ، والجبهة القومية الاسلامية منذ اواخر النظام المايوي ، ثم المؤتمر الوطني الذي انشطر في عام 1999 الي وطني وشعبي.
لقد كانت مؤسسات وبنوك وشركات التنظيم هي التي مولت كل نشاطاته وصرفه الكبير خلال فترة الديمقراطية الثالثة (الانتخابات، شراء الاصوات ، ..الخ)، وكانت تلك المؤسسات وراء تخزين قوت الناس في مجاعة: 1983/1984 ، كما تغلغلوا وسط الجيش باسم دعم القوات المسلحة ومحاربة الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة جون قرنق والطابور الخامس، خلال فترة الديمقراطية الثالثة حتى نفذوا انقلاب يونيو 1989 بالتحالف مع مليشيات الجبهة الاسلامية بعد تكوين الحكومة الموسعة والاقتراب من الحل السلمي لمشكلة الجنوب بعد اتفاق الميرغني – قرنق عام 1989.
وبعد انقلاب يونيو 1989 ، تضاعفت ثروات هذه الفئة ، ويمكن تلخيص اهم مصادر التراكم الرأسمالي لهذه الفئة في الآتي:
أ- نهب اصول القطاع العام عن طريق البيع أو الايجار أو المنح باسعار بخسة لاغنياء الجبهة أو لمنظماتها أو الاقمار التابعة لها ، والتي كونت اكثر من 600 شركة تجارية تابعة لها ولمؤسساتها.
ب- اصدار قانون النظام المصرفي في العام 1991 م والذي مكن لتجار الجبهة ولمؤسساتها من الهيمنة علي قمم الاقتصاد الوطني وامتصاص الفائض مما ادي الي فقدان الثقة في النظام المصرفي ، اضافة لاجراءات تبديل العملة وتحميل المودعين التكلفة بخصم 2% من ارصدتهم وحجز 20% من كل رصيد يزيد عن 100 ألف جنية امتدت اكثر من عام وانتهاك قانون واعراف سرية النظام المصرفي وكشف القدرات المالية لكبار رجال الاعمال امام تجار الجبهة الاسلامية( دورة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني، أغسطس 2001).
ت- التسهيلات والرخص التجارية من وزارة التجارة والبنوك التجارية والاعفاء من الضرائب .
ث- الاستيلاء علي شركات التوزيع الاساسية وتمليكها لتجار وشركات الجبهة الاسلامية.
ج- المضاربة في العقارات والاراضي والاستثمار في مشاريع الزراعة الآلية والثروة الحيوانية واستيلاء شركات ومؤسسات الجبهة الاسلامية علي مؤسسات تسويق الماشية.
ح- من مصادر التراكم الرأسمالي لهذه الفئة ايضا عائدات البترول والذهب.
خ- من الامثلة للنهب : طريق الانقاذ الغربي الذي وصل قمة النهب . وافقار المزارعين عن طريق نظام السلم والضرائب والجبايات التي لم يعرفها الشعب السوداني الا في العهد التركي.
د- من مصادر التراكم والدعم لهذه الفئة رأس المال الاسلامي العالمي الذي دخل البلاد في التسعينيات من القرن الماضي والذي قدرته بعض المصادر ب 6 مليار دولار واسهم في دعم النظام ومؤسساته الاقتصادية والمالية.
ذ- وتضيف د.فاطمة بابكر: (الخدمات الصحية والتعلمية التي اصبحت احد مصادر التراكم الرأسمالي في السودان بعد نظام الانقاذ 1989) (د.فاطمة بابكر: الرأسمالية السودانية: أطليعة للتنمية؟ ، الطبعة العربية 2006، ص 23).
والشاهد أن هذه المصادر جاءت نتيجة للنهب الاقتصادي والقمع السياسي ، وعاشت تلك الفئة في ترف وبددت الفائض الاقتصادي في صرف بذخي أو في تحويله للخارج.
ومن الجانب الآخر تدهورت اوضاع الفئات الشعبية نتيجة للفقر والبؤس والضنك، وانتشرت الرشوة والفساد في المجتمع وغير ذلك من التحلل الخلقي الذي فرضه نظام الجبهة الاقتصادي والاجتماعي.
وخلاصة القول أنه رغم المتغيرات في تركيب الرأسمالية السودانية في هذه الفترة ورغم زيادة وزن العناصر المتعلمة وسطها، الا أنها فشلت في قيادة النهضة الصناعية والزراعية والاجتماعية والثقافية ، بل حتى في ادني مستوياتها البورجوازية مثل: قيام دولة المؤسسات وحكم القانون واحترام حقوق الانسان وحرياته الاساسية، ورفع مستويات المعيشية وترقية خدمات التعليم والصحة ودعمها، ودعم خدمات الكهرباء والمياه، وتوفير البنيات الاساسية اللازمة للنهضة والتطور حتي اصبح السودان في ذيل قائمة الدول الاكثر تخلفا في العالم ، رغم امكانياته وموارده الاقتصادية والزراعية والحيوانية والبترولية والمعدنية. مما يتطلب قيادة طبقية جديدة تعبر عن الطبقة العاملة والكادحين، تنجز مهام الثورة الوطنية الديمقراطية.