المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصة قصيرة بعنوان ( عيد الفرح )



الزمن المريح
18-02-2005, 10:23 PM
القصة مهداة لكل اعضاء المنتدى و خصوصا الاخوة ضياء الدين بابكر و ابوبكر حامد و الاخ نيازى كشك

جلس المهندس طارق على كرسيه فى ساحة المنزل امام الصالة التى بناها بمنزل الحاجة روضة العتيق يتنفس لفافته بعمق و استكانة و هو يجر شريط الزكريات بألامها و مرارتها و روعتها ،، كم تمنى ان يكون قد اوفى ما وعـد ،،
وحانت منه التفاته مبتسما لابنه يوسف الذى لم يكمل عامه الاول ،، كان يحاول النهوض و السير بخطوات بريئة و تساعدة هتافات جدته الحاجة روضة بنت مسك و والدته هالة زوجت طارق التى احبها حتى النخاع .. ولمس منها كل وفاءً و مودةً صادقة و حياءً ، و طاعة وصفاء .
,,,,
,,,


سافر طارق وهو فى ريعان شبابه طلبا للعلم مع صديقه و رفيق صباه و ابن حيَه ، يوسف، و كان عمه المهندس الذى يعمل بالخليج قد تكفل بنفقات سفره و دراسته كيف لا و الحاج مصطفى والد طارق هو الذى رباه و صرف عليه ايام الدراسة بعد وفاة و الدهم الحاج ابو القاسم الروى ،

يوسف هو الابن الوحيد لوالديه الذين تقدم بهم العمر و رزقاه فى آخر صباهما و كانا يحباه بعنف و شغف و قد حاولا ان يثنياه عن الذهاب للدراسة فهما لا يحتملان فراقه خصوصا والدته الحاجة روضة بنت الشيخ مسك و لكن اصراره و عناده ان يذهب مع صديقه الغالى طارق كان اقوى من رجأات و الديه ، و الحاجة روضة تحب طارق و تثق فى رجاحة عقله و سلوكه و طالما ان ابنها سوف يرافق فى غربته طارق ابن جارتها و صديقتها العزيزة امونة اذا فلا مانع و الحافظ الله .

بعد حفل ودع فاخر ليوسف جلست والدته دامعة العينين مقبوضة القلب على فراق فلذت كبدها و هى ناصحة له و راجية له كل التوفيق و السداس و اتحفته بكم هائل من الدعاء و الرجاء
سافر الصديقان الى بلاد الغربة و هما يمنيان النفس بدراسة جامعية متميزة و كلهما جد و رغبة فى التحصيل العلمى
و المثابرة من اجله خصوصا ان جامعات الخارج توفر اجواء ممتازة للدراسة و التحصيل حسب اعتقادهما.
بعد ان تحصل الصديقان على مقاعد الدراسة التى لم تكن سهلة المنال و التى تحصلا عليها بعد جهدٍ جهيد و بمساعدة الطلاب السودانين القدامة فى تلك البلاد التى لا ترحم ، حصل طارق على مقعد الهندسة التى يعشقها فقط لاسمها وان كان متميزا فى مادة الرياضيات ، و اما يوسف فقد حصل على مقعد لدراسة الطب البشرى فى احدى الجامعات المرموقة و لم توفر الجامعة السكن لكل طلابها فكان عليهما ان يظلا معا فى غرفة بسطوح احدى البنايات الشاهقة و هو مايستطيان ان يستاجرا فى تلك المدينة الصاخبة و كان اساس تلك الغرفة يتكون من فراشين على ارضية الغرفة دون اسرة و طاولتين للدراسة إضافة الى خزانة الملابس المثبة بجدران الغرفة و التى تبدو عليها اثار القدم و الاهتراء من اثار الرطوبة التى كانت تبلل الجدران و لم يكن بها مدفأة و كان عليهما الذهاب الى كلياتهما فى الصباح الباكر لتحصيل الدروس و بعد ذلك العودة الى غرفة السطح المهترية و قد بلغ بهما التعب مابلغ و كان عليهما اعدا الطعام او الاكل فى اى من المطاعم الرخيصة الثمن لقمة تسد الرمق من طعام غريب على معدتيهما و التى كانت قلما تستجيب لهضمه و لذلك كنا يحاولان جل الوقت ان يعدا طامهم بانفسهم و ان كان فى كثير من الاحيان تفشل الطبخة و يصعب تسميتها باسم معين لكثرة الاختبارات و خلط الخدروات مع بعضها البعض ،،

مرت السنة الاولى على خير و كانت نتيجة الانتحانات مقبولة ، فقد اجتهدا و كانا يذاكران بجد و تحصلا على بعض الدروس الخاصة مقابل حفنة من الدولارات وبحمد الله اجتازا الامتحان ،
استعداء للرجوع للوطن الذى احباه و ظهر و بان حبه بعنفوان و كذلك ظهرة طيبة اهله الشديدة و التى لم يكونا يحسان بها و هم داخله بل كانا متعطشان لرؤية بلاد الخارج و اهلها و كان كل و احد منهم يصبر اخاه على فراق الاهل والاحباب فى تلك السنة ،، حزم المهندس بالسنة الاولى طارق و الدكتور يوسف حقائبهاما و هما يمنيان النفس بلقية الاهل خصوصا يوسف الذى كانت لا تفارقه صورة والدته و ان كان ثوبها الذى كانت قد و ضعته له فى حقيبته ملازا له كلما اشتد به الشوق اليها و كان يدفن و جهه و يشتم رايحتها فيه. لم يكونا يعرفان ما تخفيه الاقدار لهما .
خرج يوسف الى السوق فقد راى من قبل فى احدى المتاجر ثوب حريمى تمنى ان يهديه لوالدته و على لهفته تلك لم يعر الطريق اهتما وفى غفلته تلك كانت فتاة تقود سيارتها بسرعة جنونية حاول يوسف تفاديها و لكن الاجل كان اقرب فدهسته و فرت هاربه و تركته ملطخ بدمائه و عندما اتت سيارة الاسعاف كان قد فارق الحياة.

كان وقع الصدمة كبير جدا على طارق و انهارت اعصابه و مكث اسبوعا فى العناية المركزة فاقدا الوعى .

رجع طارق الى بلاده و مكث مع اهله بضع شهور شارد الذهن كئيب محزون ومهموم طوال الوقت ، و ذهب به الى الفقراء و قراء القرآن و المشايخ دونما فائدة و كان حال الحاجة روضة ام يوسف التى سقطة عن سماعها الخبر لا يبشر بخير فهى فاقدة الوعى و تهزاء باسمه و تضحك فى حالات افاقتها منذ ذلك اليوم و حتى بعد ثلاثة اشهر و لا احد يسطيع ان يواسيها و زوجها حاج صالح اصبح لا يفارقها يوميا فى المستشفى التى الزمتها من الخبر المشؤم ،، و حاول طارق مرارا ان يدخل الى غرفتها بالمستشفى و لكن دوما كانت قوها تنهار ،، ترجل طارق فى ذلك اليوم و دخل على ام يوسف و جهش بالبكاء و العويل و كانت تلك مرحلة انتقال للحاجة روضة من الصدمة فافقتها و ان ظلت حبيست السرير وشل قدميها و اصيبة بجلطة و ضغط دم حاد كادت ان تودى بحياتها ،،

أجبر طارق على العودة الى الدراسة بواسطة و الديه و عمه المهندس و كان الايام تمر بذكريات اليمة و كان دوما شارد الذهن كثير التفكير فى صديقه يوسف و ما حدث له وان كان يترحم عليه و يدعو له ،،

انقضت سنوات و لم يعد طارق الى الوطن و ظل فى بلاد الغربة حتى بعد تخرجه و هو لايحس الزمن و ان العمر قد تقدم به و كان دوما يزكر بنت عمه الطفلة حميراء التى كان يحملها على يديه عندما يزورهم عمه فى اجازاته و بعد ذلك اصبحت ترد على مكالماته عندما يطلب عمه فى الهاتف لارسال الماصاريف فهو الان يتخيلها فتاة فى عمر الزهور

عاد طارق بعد سنوات الغربة و ما ان استقبله اهله بالزبائح و الاشواق الذائدة و و جد فرصة فى الجلوس لوحده فى احدى الغرف بمنزلهم حتى دار براسه حال حاجة روضة والدة المرحوم يوسف ، تسلل خارجا من لمنزلهم الى منزل صديقه المرحوم يوسف ليرى امه الحاجة روضة التى لم يغفل مرة من السؤال عنها فى كل مكالماته لوالديه سائلا عن صحتها و اخبارها و احوالها و دخل عليها و كانت قد ضعف بصرها و ثقل لسانها فحياها وما ان عرفت انه طارق صديق فقيدها حتى احتضنته و هى تصيح يا حليل يوسف و زرفت دمعا غزيرة على ابنها و بكى طارق و ظل فى حضنها و هو يجهش بالبكاء و بسوط يخنقه البكاء قال لها امنا الغالية انا ايضاً ابنك و قد عدت اليك و اقسم لك ان اعيش معك حتى يفرقنا الموت فانتى امى و انا ابنك من اليوم و حتى الفراق ...

لم تعترض ام طارق امونة و ابوه حاج مصطفى الروى ، على ان يستقر مع الحاجة روضة و التى تعنى لهم جميعا الكثير و ربما يخفف وجود طارق معها المها و حزنها و يعوضها بعض الشى عن ابنها الماسوف على شبابه ...

وفى عيد الاضحى بعد عدة سنين تزوج طارق من هالة بنت عبد الله شقيق حاجة روضة التى اخترحتها عليه لانها كانت تمنى نفسها ان تكون زوج ابنها يوسف فلم يعارض طارق بل اظهر الفرح و هو حقيقة يكن للبنت شى من الود و ان كان يود الزواج من بنت عمه حميراء. و لكنه لم يفاتحها بالامر و كان العرس فى بيت ام يوسف روضة بنت مسك التى كانت البشاشة و الفرح لا تفارق وجهها فى ذلك اليوم و بعد كل تلك السنين لبست حاجة روضة ثوب ملون و ترك الثوب الابيض الذى عرفت به بين جيرانها و فى خضم العرضة و الدلوكة و الشتم حاولت حاجة روضة ان تقوم من كرسيها و ان تقف على ساقيها من جديد و كانت يد الخالق القادر لها مساعد فوقفت على قدميها من جديد و اتهى الشلل و انتهى الالم و اصبح عيد الفرح .

انقضى العرس بفرحه عارمة لدى الجميع و ما اسعد طارق اكثر من العرس نفسه ، ان يرى حاجة روضة تقف على قدميها من جديد و كان ذلك حديث كل من حضر الزواج بل اصبح حديث المدينة ، كان طارق يفكرا دائماً هل اوفى ما وعد لروح صديق الصبى ،،،،


انها لمست وفاء نادرة و قل ما يجود بها الزمن

عيد الفرح

أبوبكرحامد
23-02-2005, 06:28 AM
ياسلاااااااااااام يازمن يامريح

قصة فى غاية الجودة ، فقط قصدت شكرك على الإهداء ولنا عودة لمحتواها.

مع حبى

ود الماذون

نيازى كشك
24-02-2005, 10:42 AM
قصة ممعنة ومحزنة بعض الشى

وعيد الفرح حزين شكلو عندك
ولك شكرى وامتنانى
للاهداء الرائع
وتقبل تحياتى
اخى الزمن المريح

الزمن المريح
25-02-2005, 08:57 PM
الشكر كل الشكر لا خوة ابوبكر ود المازون و الاخ نيازى و مروركما افلج صدورنا

madaniboy
26-02-2005, 06:44 AM
جميله جدا

الزمن المريح
28-02-2005, 09:17 PM
يعطيك الحنان ،، و مشكور على المرور يا استاذ فاقد حنان

ضياء الدين احمد
01-03-2005, 08:56 AM
بدون تعليق ايا الزمن المريح وربنا اديك الصحه والعافيه

الزمن المريح
01-03-2005, 09:41 PM
شكرا على مرورك،، اخ ضياء ،، و لك ودى

naz_imam
01-03-2005, 10:03 PM
الرائعون وحدهم هم القادرون على أحداث الدهشة فى زمن الكأبه ... لك منى أسمى ايات الشكر على هذه القصة الرائعة فدوما يؤثر فينا كل مايمتزج بالحزن لا أدرى لماذا ولكنك اثرت فى

اخوك نزار

الزمن المريح
03-03-2005, 04:42 AM
اولا لك الشكر اخى نزار على مرورك و تشجيعك و إنشاء الله ما تشوف حزن و لا تشوف اسى و يجعل كل ايامك سعد وهناء و يختم لنا و لك بخاتمة السعادة آمين