المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حكم قضائي يوضح متي يستحق السمسار عمولته



ابراهيم عطية بابكر
11-05-2012, 08:22 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

حكم : تكييف عقد السمسرة
المبادئ:
• قانون المعاملات المدنية لسنة 1984م السمسرة – المقابل ( العمولة ) – كيفية تحديدها.
• قانون المعاملات المدنية 1984م – السمسـرة – عمل السمسار قبل تمام الصفقة – يعتبر وكالة خاصة المادة 418(2) من القانون.
• قانون المعاملات المدنية سنة 1984م السمسرة في المنافع الحيوية للمواطنين– ضرورة الترخيص من سلطة شرعية مختصة قانوناً - المال المتحصل عليه بالسمسرة يعتبر ثراءً حراماً 165(1) د – من القانون.
• مبادئ الشريعة الإسلامية - عقد السمسرة - جائز فقها وقانوناً المادة 165(1) من قانون المعاملات المدنية 1984م.
4- يستحق السمسار مقابلاً لما بذله من جهد في عمله يحدد وفق الاتفاق أو ما جرى عليه العرف.

3- لا يشترط في عقد السمسرة إتمام الصفقة لأن دور السمسار ينحصر في تقريب وجهات النظر بين طرفين أو أكثر وقد يمتد ليشمل البحث عن الطرف الثاني بائعاً أو مشترياً وعمل السمسار في هذه الحالة يكون وكالة خاصة وفقاً لنص المادة 418(2) من قانون المعاملات المدنية سنة 1984م.

2- على الرغم من أن قانون المعاملات المدنية سنة 1984م لم يتناول عقد السمسرة إلا أنه اعتبر أي مال متحصل عليه بالسمسرة في المنافع الحيوية للمواطنين دون ترخيص مسبق من سلطة شرعية مختصة قانوناً ثراءً حراماً في معنى المادة 165(1) د – منه.

1- إنّ عقد السمسرة في المعاملات التجارية من العقود التي يجيزها القانون والفقه الإسلامي.
الحكم:
القاضي: محمد صالح علي
التاريخ: 9/1/2001م
ادعى الطاعن بأنه يعمل سمساراً في مجال بيع العقارات والعربات وخلافها وأنه في 6/5/2000م طلب منه المطعون عليه الثاني البحث عن مشتر لشراء ( الحوش ) الكائن بمنطقة الشاحنات وأنه في أكتوبر 2000م عثر على مشتر هو المطعون عليه الأول وبالفعل تم بيع الحوش المذكور بمبلغ 000/000/250 جنيه وأنه طالب بعمولته البالغ قدرها 000/500/12 جنيه بواقع 5% من قيمة الشراء ، وقد التزم المطعون عليه الثاني بدفع هذه العمولة على ألا يطالب الطاعن بها من المطعون عليه الأول . إلا أنه فشل في دفعها له ولذلك لجأ للاثنين معاً إلا أنهما لم يدفعا له ومن ثم فهو يطالب بالحكم له بذلك المبلغ في مواجهة الطرفين بالإضافة إلى الرسوم وأتعاب المحاماة البالغ قدرها 000/250/1 جنيه.
تغيب المطعون عليه الثاني عن الجلسة الأولى فاحتفظت المحكمة للطاعن بالحق بإصدار الأمر المناسب في مواجهته عند صدور الحكم وفقاً لنص المادة (64) من قانون الإجراءات المدنية واستمعت لقضية الادعاء حيث تم سماع الطاعن وشاهده ثم أصدرت حكمها بشطب الدعوى تأسيساً على أن الطاعن لم يثبت الجهد الذي بذله كما وأنه ليس هنالك ما يعرف قانوناً بعقد السمسرة وقد تأيد هذا الحكم بوساطة محكمة الاستئناف الموقرة ومن ثم لجأ إلينا الطاعن بهذا الطعن عن طريق محاميه الأستاذ/ المحترم محمد فضل الله جماع يكرر فيه ما قال به الطاعن أمام المحكمة من أنه هو الذي بذل الجهد للعثور على مشتر وقد تم العثور عليه وقدمه للبائع (المطعون عليه الثاني) إلا أنهما أي المطعون عليهما استبعداه وأكملا البيع بعيداً عنه.
الطعن مقبول من حيث الشكل وقد تم تصريحه وإعلان الطرف الآخر به ولم يرد أي من المطعون عليهما وبذلك يكون الطعن قد اكتملت له جوانب قبوله الشكلية وأصبح جاهزاً الآن للفصل فيه موضوعاً.
لم يتناول قانون المعاملات المدنية عقد السمسرة على الرغم من أنه أشار إليه إشارات عارضة بمناسبة تناوله لأحكام الثراء الحرام المادة 165(1) مما يعني تطبيقه نص المادة السادسة من قانون الإجراءات المدنية وذلك يتلمس هذا النوع من العقود في أحكام الشريعة الإسلامية والمبادئ التي استقرت قضاءً في السودان والعدالة والوجدان السليم . وقد قررت محكمة الاستئناف الموقرة أن السمسرة مشروعة وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية إلا أنها ذهبت إلى أن الطاعن (السمسار) لم يكمل الصفقة ، ونحن نتفق معها في أن الفقه الإسلامي قد تعرض للسمسرة وأجازها (راجع فقه السنة للسيد سابق الجزء الثالث ص 74) على أننا نتوقف قليلاً عند قولها بعدم استحقاق السمسار للعمولة إذا لم تتم الصفقة فهل يشترط ذلك ؟؟؟ أن دور السمسار ينحصر في تقريب وجهات النظر بين طرفين أو أكثر وقد يمتد ليشمل البحث عن الطرف الثاني بائعاً أو مشترياً كما هو الحال في هذه الدعوى إذ أن السمسار لم يقتصر دوره على تقريب وجهات النظر بين الطرفين وإنما سبقه البحث عن مشتر فهل يشترط أن يتبع ذلك تمام الصفقة؟ في تقديري أن تمام الصفقة يجعل من وضع السمسار أفضل عما إذا لم تتم إذ أنه حينئذ مستحق ما استقر عليه العرف من تقدير لاستحقاقه وقد استقر العرف في السودان على تحديد نسبة عمولة معينة من قيمة الصفقة لتكون في صالح السمسار إلا أنه كثيراً ما ينازع الأطراف في هذه النسبة ويخرج السمسار بمبلغ محدد قد يقوم على تقدير نسبة أقل أو على تقدير عام دون نظر إلى قيمة الصفقة . إذا كان الأمر كذلك وكان السمسار يستحق مبلغاً معينا عند تمام الصفقة وذلك استناداً إلى ما يمكن أن يسمى بعقد السمسرة الذي يعرفه كثير من الدول أو العرف فكيف يمكن أن نصف مطالبته بمقابل الجهد الذي بذله في البحث عن بائع أو مشتر بناء على طلب أحد الأطراف؟
يقيني أنه يمكن أن يوصف عمل السمسار قبل تمام الصفقة بأنه وكالة خاصة وفقاً لنص المادة 418(2) من قانون المعاملات المدنية . إذ أن قيام السمسار بالبحث عن بائع أو مشتر إنما تم بناء على طلب ممن يرغب في البيع أو الشراء ولذلك فإن السمسار يقوم مقام ذلك الشخص في البحث عن البائع أو المشتري وقد يذهب إلى أبعد من ذلك عندما يكشف السمسار عن السعر المطلوب . وهنا لابد من القول بأن دور السمسار قد لا يصل إلى إتمام الصفقة ومع ذلك يستحق مقابلاً طالما أنه بذل الجهد المطلوب وأثمر جهده عن العثور على بائع أو مشتر . ويمكن أن نقول بأن الوكالة هنا كانت بأمر إذ أن إرادة الطرفين ذهبت إلى ذلك بدليل اختيار البائع أو المشتري لسمسار على وجه الخصوص وليس وسيطا آخر وبدليل أن العرف قد كشف أن اللجوء إلى السمسار يعني أن يكون توسطه بمقابل ما لم يقولا بغير ذلك شفاهة أو كتابة أو تكشف البينة عن ذلك.
ولما كانت قضية الإدعاء قد بنيت على أن الوكالة كانت بمقابل بدليل رفع هذه الدعوى وبدليل توسط شاهد الادعاء الأول بين الطاعن والمطعون عليه الثاني وإقناع الطاعن بعدم مطالبة المطعون عليه الأول وسحب الإنذار الذي أرسل إليه لدفع ما يستحقه فإنه يكون من حقه المطالبة بمقابل لما بذله من جهد إلى أن تم العثور على مشتر وهو الشخص نفسه الذي قام بالشراء بالفعل سواء تمت الصفقة مع المطعون عليه الثاني نفسه أم مع شقيقه.
وعليه وحيث إن ما ذهبنا إليه يخالف النظر في الحكم المطعون فيه وكذا محكمة أول درجة فإني أرى نقض الحكم المطعون فيه وإلغاء حكم محكمة أول درجة وإعادة الأوراق لتقدير ما يستحقه الطاعن مقابل جهده الذي بذله في العثور على المشتري (المطعون عليه الأول).
القاضي: حسب الله محمد توم
التاريخ: 9/2/2001م
أوافق.
القاضي: عبدالرؤوف حسب الله ملاسي
التاريخ: 31/3/2002م
لقد توقفت كثيراً حول النقاط التي أثارها الزميل محمد صالح علي حول (التكييف القانوني) لعمل الوسيط أو المعروف في العرف التجاري بالسمسار وما أثاره من تسأولات حول جواز عقد السمسرة أو معاملات الوسط التجاري من الوجهة الشرعية والقانونية وهو من المعاملات الجائزة شرعاً وهل يعد من قبيل (عقود العمل) ام (من عقود الفضالة)؟ أو من قبيل (عقود الوكالة) ؟ ... وبإطلاعي على المحضر وحكم الاستئناف المطعون فيه أتفق مع وجهة نظر الزملاء في الدائرة على ضوء الأسباب التالية:
أولاً : لا خلاف حول أن قانون المعاملات المدنية سنة 1984 لم ينص صراحة على (عقد السمسرة أو الوسيط) بنص صريح يعرف هذا النوع من المعاملات أو يحدد طبيعته القانونية أو ماهية (عقود الوسيط) ولكن يلاحظ أن المشرع قد أورد هذا النوع من المعاملات في إطار التعامل غير المشروع أو الثراء الحرام في المادة 165 من قانون المعاملات المدنية سنة 1984م بقوله في صياغة المادة بالنسبة لمعاملات (السمسرة) الآتي:
يعتبر ثراءً حراماً كل مال تم الحصول عليه:
(أ ) ……
(ب)……
(ج) ……
(د ) نتيجة لمعاملات وهمية تخالف الأصول الشرعية للمعاملات أو تقوم على الغش أو التدليس أو التحايل لأكل أموال الغير أو مخالفة القانون أو بالسمسرة في المنافع الحيوية للمواطنين دون ترخيص مسبق من سلطة شرعية مختصة قانون (فقرة (2) تعتبر الأراضي ومنافعها منافع حيوية).
ويفهم من صياغة النص الوارد في الفقرة (د) بشأن السمسرة أنها من العقود الجائزة شرعاً وقانوناً والاستثناء الوحيد الذي يجعل من معاملة السمسرة والمال المتحصل منها ثراء حراماً هو أن تمارس معاملة السمسرة أي التوسط في معاملات ، بيع الأراضي ومنافعها بدون ترخيص يخول للمتوسط السمسار القيام بعمل السمسرة بمقابل في مثل هذا النوع من المعاملات وبالتالي فيمكن القول بأن السمسرة :
عقد جائز قانوناً في المعاملات أو معاملة مشروعة يقرها القانون.
إن عقد السمسرة أو معاملات (الوسيط) في المعاملات التجارية من العقود التي يقرها ويجيزها الفقه الإسلامي.
وأرى لمزيد من الفائدة القانونية والفقهية حول (معاملات السمسرة) أن أفصل كل ذلك في المناقشة التالية على وجه مفصل في الشريعة الإسلامية - والقانون الإنجليزي ) وذلك فيما يلي:
أولاً: يعرف القانون الإنجليزي (السمسرة) بأنها (معاملات الوساطة التجارية) وتعرف باسم السمسار الذي يطلق عليه ( BROKER ) أو ما يعرف في الفقـه العـام (بالتاجـر الوسيط) وتعـرف عملية السمسـرة نفسها بأنها ( BROKING ) وهي في الفقه التجاري (توسط لبيع أو شراء نظير جعالة أو عمولة متفق عليها) أما عقد السمسرةBrokerage contract ) ) فيعرف بأنه عقد إنابة قاصرة أو عقد وكالة خاصة بين أصيل وسمسار يوكل السمسار بموجبه بأن يبرم عقوداً معينة باسم الأصيل ونيابة عنه وذلك لقاء عمولة متفق عليها (تعود على السمسار) وبعبارة أخرى فإن عقد السمسـار هو (عقد منفرد ملزم الطرف واحد يتضمن عرضاً أو تكليفاً يقوم مقام الوعد من قبل الأصيل بأن يدفع السمسار ( الوسيط ) عمولة معينة إذا وجد هذا السمسار شخصاً مستعداً وقادراً على شراء ممتلكات أو أشياء معينة بالشروط التي يريدها الأصيل) وفي اللغة الإنجليزية تستعمل كلمة ( BROKER ) للشخص الذي يخرج باحثاً عـَمَّن يقبل عرضه أو يقبل توسطه وقد ينجح وقد يفشل في مهمته بأنه ( كمن عاد بخفي حنين ) أي ( خرج ولم يعد بشيء ذي فائدة ) أو خرج وعاد ( خالي الوفاض ) ففي القانون الإنجليزي يقال إذا خرجت سفينة للصيد وعادت بخفي حنين أي لم ( تصطد شيئاً ) بأن رحلتها كانت ( فاشلة أي ( BROKER ) وإذا اصطادت سمكاً ولكنها فشلت في بيع حصيلة الصيد في المزاد أو في السوق أو خلا البيع من أي ربح يذكر مقابل ذلك الصيد فإن ذلك البيع أو المزاد أو البيع الخالي من الربح يقال له (BROKER) ولمهنة السمسار أو وظيفة معاملات السمسرة أوجه كثيرة متعددة الجوانب المهنية للسمسار بتعديد المهن التي يمكن للسمسار أن يباشر خلالها عمليات التوسط والسمسرة كمثال : ( سمسار الأوراق المالية أو التجارية ( BILL BROKER) أو ( BROKER NOTES ) أو مرابح أي مرابى ( مداين بالتسليف عن طريق الفائدة الربوية ( PAWN BROKER ) أو سمسار سوق المحاصيل أو الحاصلات الزراعية أو المنتوجات ( PRODUCE BROKER ) أو سمسار أملاك أو أموال عقارية وهو ما يعرف بوسطاء بيع وشراء الأملاك العقارية ( REAL STATE BROKER ) أو سماسرة السفن السماسرة البحريون أو وسطا أي معاملات تأجير السفن واستئجارها أو بيعها أو شراؤها (SHIP BROKER ) أو سماسرة ( البورصة والأوراق المالية وهم الذين يتوسطون لبيع أو شراء الأسهم والسندات والأوراق المالية على أنواعها.
أما عمولة السمسرة فيطلق عليها تارة عمالة أو أتعاب أو أجرة وهي ما يطلق عليها سمسرة – عمولة – نظير التوسط (BROKERAGE ) أو (COMMISSIONS ) وهذا اللفظ الأخير يستعمل عادة فـي (المعاملات التجارية ) التعبير عن( العمولة أو الدلالة أو المقابل للسمسرة أو المقابل والعمولة التي يتقاضها النائب أو الوكيل أو السمسار أو الدلال أو من في حكمهم عيناً أو نقداً نظير ما يبذله من جهد في معاملة بيع أو شراء وتسمى أيضاً بطبيعة الشخص الممارس لها(MERCHANT COMMISSTION ).
ويلاحظ أن السمسرة أو (معاملات التوسط أو الوساطة التجارية) والذي يعرف من يمارسها ( بالتاجر الوسيط ) ومن تعريفات القانون الإنجليزي لمعاملات السمسرة أو عملية السمسرة أو العمولة التي يتقاضاها الوسيط بأنها (سمسرة) نورد التعريف التالي على سبيل المثال:
BROKERS :
Are those that contrive , make and conclude bargains and contracts between merchants and tradesmen in matters of money and merchandise, for which they have a fee or reward.
ويلاحظ أن هنالك أيضاً بعض القيود القانونية على معاملات السمسرة نورد منها.
There is no doubt a broker cannot sue , he has no authority to sell in his own name, or to receive the money and has nothing to do with goods. Broker is one who makes a bargain for another and receives a commission for so doing. Properly speaking , a broker is a mere negotiator between the other parties, and he never acts to his own name, but in the name of those who employ him when he is employed to buy or to sell goods or possession of them , he is not entrusted to with the custody or possession of them and he is not authorized to buy or to sell them in his own name, so a broker has ordinarily no authority (VIRTUE OFFICLL( to receive payment for property sold by him .
The expression ( COMMISSION ) has no techincal meaning but both in legal and commercial acceptation of the term it has definte signification and is understood as an allowance for service or labour in discharging certain duties such for instance of an agent , factor . broker or any other person who manages the affairs or undertakes to do some work or renders some service to another . Mostly it is a percentage or price or value or upon the amount of money involved in any transaction of sale or service or the quantum of work involved in a transaction , it can be for a variety of services and is of the nature of recompense or reward for such services.
LAW LEXICON LEGAL MAXIMS
(أنظر المرجع القانوني
WORDS AND PHRASES LEGALLY DEFINED
أيضاً المرجع
VOL – (5)- SECOND EDITION
PRINTED IN GREAT BRITAIN
Butter worth a co
PUBLISHERS
ثانياً: يقر الفقه الإسلامي (بمعاملات الوساطة التجارية) باعتبارها من المعاملات الشرعية الجائزة من الوجهة الشرعية وفي ذلك يقول الإمام البخاري رضي الله عنه لم ير ابن سرين وعطاء وإبراهيم والحسن بأمر السمسار بأسا (والسمسار هو المتوسط بين طرفي البائع والمشتري لتسهيل عملية البيع وقال ابن عباس رضي الله عنه (لا بأس بأن يقول بِعْ هذا الثوب فما زاد وما زاد على كذا وكذا فهو لك) وقال ابن سرين : إذا قال بعه فما كان من ربح فهو لك أو بيني وبينك فلا بأس به . وقال الرسول صلى الله عليه وسلم ( المسلمون عند شروطهم ) رواه أحمد وأبو داؤود والحاكم عن أبي هريرة وذكره الإمام البخاري تعليقاً ( أنظر مؤلف سيد سابق فقه السنة من(141) مطبعة دار الفكر– الطبعة الرابعة 1403 هـ – 1983م – الجزء الثالث ).
ثالثاً: المعلوم قانوناً أن أي (مهنة) تمارس على وجه الاحتراف والممارسة بقصد التكسب والربح أو وظيفة تمارس بقصد الكسب والارتزاق فإن قانون الرخص سنة 1993م يتطلب أن تكون لممارسة المهنة رخصة تخول ممارسة أعمال تلك المهنة حتى يمكنه ممارستها أو ممارسة أي أعمال تجارية بقصد الاحتراف والتكسب أما أفعال التوسط التي تمارس لكن على وجه ولغرض محدد فإنها لا تعد من المهن الواجب الحصول على ترخيص من ممارستها لأن مجرد ( التوسط ) في أي معاملة لا يشكل مخالفة للقانون كفعل مادي في حد ذاته إلا إذا كان فعل التوسط نفسه يشكل مخالفة للقانون أو لغرض مخالفة القانون أو التوسط في نطاق (تعامل غير مشروع) أو معاملات غير مشروعة بطبيعتها ، ومن ثم فالأصل أن فعل السمسار أو الوسيط لا يتطلب رخصة للقيام به إلا إذا مورس كمهنة على وجه الاحتراف والتكسب والارتزاق.
رابعاً: الملاحظ أن المشرع في نص المادة 165 من قانون المعاملات سنة 1984م والمتعلقة بتعريف الثراء الحرام والتي ورد فيها في الفقرة (د) لفظ (أو بالسمسرة) لم يورد في (صياغة هذا النص) ما يفيد أن ( مهنة السمسرة أو أعمال أو معاملات الوساطة التجارية أو مهنة معاملات السمسرة في البيوع أو أي تعامل تجاري أو اقتصادي (يكون ثراء حراماً) ولكنه ربط الثراء الحرام بالمال المتحصل من الممارسة بالتوسط وبالتالي فرق بين ممارسة معاملات السمسرة وبين المال المتحصل عليه من ممارسة هذه المعاملات بحيث ربط الثراء الحرام بالمال الذي يتحصله السمسار المتوسط من جراء السمسرة والتوسط وجعل أي مال يتم الحصول عليه من جراء التوسط والسمسرة ثراء حراماً إذ جناه السمسار كثرة من ثمار توسط في تعامل (غير مشروع أو في معاملات مخالفة للقانون) وبالتالي فالقانون لا يحرم أو يمنع ، مهنة السمسرة أو الوساطة في المعاملات التجارية والبيوع على وجه العموم لأن الثراء الحرام يكون متعلقاً ولصيقاً (بالمال الذي يعود على السمسار) بحيث يعد أي مال يتحصل عليه من التوسط في أي معاملات أو بيوع غير مشروعة أو يمنعها القانون أو تخالف أحكام القانون والنظام العام والآداب .. وفي تقديري أن هذه التفرقة بين ( ممارسة المهنة ) وبين ( المال المتحصل من ممارسة المهنة ) أو العمل موضوع التوسط أمر ضروري وهام لفهم النص القانوني والمقصد التشريعي الذي رمى إليه المشرع من تشريع النص حتى لا يختلط الفهم بأن المشرع قصد ( تحريم معاملات الوساطة والسمسرة ) من الوجهة القانونية والمفروض عند تفسير النصوص وتطبيقها على الوقائع أن تفسر تلك النصوص بما يحقق مقاصد التشريع والغرض الذي من أجله وضع النص التشريعي وأن يكون التفسير وبقدر الإمكان محققاً للغرض الذي من أجله وضع المشرع النص وهو ما قررته المادة (6) من قانون تفسير القوانين والنصوص العامة سنة 1974م فالمشرع رمى إلى التفرقة التامة بين ، مشروعية عقود السمسرة والتوسط ومشروعية مهنة أو ممارسة السمسرة والتوسط في الأعمال التجارية والبيوع وبصفة عامة ( وبين ) عدم مشروعية المال المتحصل عليه من هذه المهنة أو الممارسة ومن ثم فمن الوجهة القانونية البحتة يمكن أن نقرر مشروعية ممارسة السمسرة والتوسط في المعاملات التجارية والبيوع على وجه العموم فالسمسار الوسيط يقوم عمله أو مهنته عادة على التوسط بين طرفي العقد أو المعاملة محل التوسط ليقرب وجهتي النظر أو تسهيل توصل طرفي أي عقد إلى التعاقد أو يتوسط لنقل الإيجاب والقبول بين طرفي العقد ونقل وجهة النظر من طرف لآخر بما يحقق التقاء الأطراف للتعاقد أو بغرض المال محل التوسط أو المراد بيعه لأحد أطراف التعاقد أو المعاملة بما يسهل التراضي والتوصل إلى الاتفاق . ومن ثم أتفق مع محكمة الاستئناف في هذه الجزئية في أن مهنة أو عمل السمسرة والتوسط في الأعمال التجارية والبيوع لا تخالف القانون أو ما استقر في الفقه الإسلامي باعتبارها من الأعمال المشروعة ولا تخالف أصلاً من الأصول الشرعية وخاصة أن نص المادة (6) من قانون الإجراءات المدنية سنة 1983م ينص على إتباع قواعد العدالة وأحكام الشريعة الإسلامية في حالة غياب النص الذي يحاكم المسألة المعروضة وهو ما أكده أيضاً قانون أصول الأحكام القضائية سنة 1983م ومن ثم فعلى الرغم من عدم وجود نص ينص على (عقد السمسرة) في قانون المعاملات المدنية بهذا الوصف ( كعقد البيع – الإيجار – العمل – السلم – الخ . فإن ذلك لا يمنع أن عقد السمسرة أو معاملات السمسرة من العقود الجائز شرعاً وقانوناً ما لم يرد نص قطعي الدلالة بالمنع والتحريم أو عدم المشروعية أو مخالف للنظام العام والآداب أو مخالفة أصل من الأصول الشرعية لأن الأصل في المعاملات هو الإباحة والمنع هو الاستثناء ومن ثم أقرر اتفاقي مع الزملاء في نتيجة أن معاملات التوسط التجاري والسمسرة من المعاملات المشروعة في العقود.
وعلى ضوء نتيجة أن عقود معاملات السمسرة أو التوسط في البيوع والمعاملات التجارية وغيرها جائز شرعاً وقانوناً نعود لمناقشة ما أثاره حكم الاستئناف المطعون فيه من تسأولات حول:
متى يستحق السمسار الوسيط أجرة ؟؟؟ وما هي الكيفية التي يتم بموجبها تحديد أجر الوسيط السمسار ؟؟؟ وهل تحدد بالاتفاق فقط أم بموجب العرف التجاري السائد لمثل هذا النوع من المعاملات ؟؟ ؟ أو عن طريق تقدير ما بذله السمسار من جهد وبذل عناية لتحديد المقابل الذي يستحقه ؟؟؟
وأرى الإجابة على ذلك في الآتي:
الواقع أن الزملاء في الدائرة يخالفون وجهة نظر محكمة الاستئناف القائلة بأن السمسار الوسيط لا يستحق مقابلاً لما بذله من جهد وعناية في التوسط إلا إذا تحققت النتيجة وهي توصل طرفي التوسط إلى التعاقد أو إبرام الصفة التي تمت من أجلها الوساطة ويرى الزملاء أن السمسار يستحق أجرة أو المقابل لعمله كوسيط بغض النظر عـن توصل طرفي العقد إلى اتفاق من عدمه باعتبار أن دور الوسيط السمسار هو (بذل جهد وعناية) وليس ضمان تحقق النتيجة.
وفي هذه الجزئية أرى اتفاقي مع ما ذهب إليه الزميل محمد صالح علي من وجهة نظر بأن أجر الوسيط أو السمسار أو المقابل الذي يستحقه ناشئ في الأساس من ( بذل جهد وعناية ) سواء تحقق أو لم يتحقق من هذا الجهد أو العناية الغرض الذي تم التوسط فيه أو لم يتحقق نتيجة من هذا التوسط بأنه لا تؤثر في استحقاقه أجراً عما بذله من جهد وعناية .. ولكن في تقديري أن المسألة التي تستوجب المناقشة حقيقة هي مسألة تكييف طبيعية أجر السمسار وهل يستحق أجرة باعتبار أن عمل التوسط هو وكالة مأجورة أم فضالة مأجورة؟ فإذا اعتبرت وكالة فإن الأصل هو تحديد نوع هذه الوكالة وهل هي وكالة خاصة أم وكالة عامة؟ وكالة مطلقة أم مقيدة؟ أو هي وكالة معلقة على شرط؟ وفقاً للمادة (418) معاملات مدنية سنة 1984م كما أن الوكالة عادة تنتهي بإتمام العمل الموكل به أو انتهاء الأجل المحدد لها … الخ .. وبالتالي فإن اعتبار السمسرة أو التوسط في المعاملات هي من (أعمال الوكالة) يستوجب وفقاً لنص المواد 426( 1 ، 3 ) معاملات مدنية سنة1984م أن على الوكيل أن يبذل فيما وكل به عناية الرجل المعتاد إذا كانت وكالته بأجر ) وإذا اعتبر عمل السمسار الوسيط من عقود أو معاملات ( الفضالة ) أو ما يعرف بعقود ( الفضولي ) فإن الفضالة بموجب المادة 167-168 معاملات مدنية سنة 1984م تتحقق ( ولو كان الفضولي في أثناء توليه شأنا لنفسه قد تولى شأن غيره لما بين الشأنين من ارتباط لا يمكن القيام بأحدهما منفصلاً عن الآخر… والمعلوم قانوناً وبموجب أحكام المادة (170) معاملات مدنية سنة 1984م أن الفضالة تسري عليها قواعد الوكالة إذا أقر رب العمل ما قام به الفضولي كما أو واجب الفضولي عند قيامه بالعمل أن يبذل في القيام بعمله عناية الشخص العادي أنظر المادة (172) معاملات وقد ذهب المشرع في عقود الفضولي الوكيل إلى مذهب واضح يتفق مع وجهة نظر الزملاء في أنه يستحق أجراء من عمله متى كان هذا العمل من أعمال (مهنته) ومتى (بذل في إدارته عناية الشخص العادي) حتى (ولو لم تتحقق النتيجة المرجوه) وبالتالي فيفرض أن عمل الوسيط هو وكالة وفضالة في حكم الوكالة فإن المشرع في نص المادة (175) – معاملات قد نص صراحة على أن ( الفضولي ) يعتبر وكيلاً في إدارته (ولو لم تتحقق النتيجة المرجوه) عـن عمله وبل يستحق أجرا إذا كان ما بذله من جهـد وعناية في نطاق أعمال مهنته والنص يقول : المادة (175) معاملات:
يعتبر الفضولي وكيلاً عن رب العمل متى كان قد بذل في إدارته عناية الشخص العادي ولو لم تتحقق النتيجة المرجوة .. ولا يستحق الفضولي أجر على عمله ما لم يكن من أعمال مهنته.
ويتضح من مجمل هذه النصوص أن (أعمال السمسرة والوسيط السمسار) هي من قبيل (الوكالة) سواء أكانت وكالة خاصة أم عامة أو مارسها الوسيط السمسار ابتداء (كفضالة منه) فتصير وكالة مأجورة عند إجازتها من الأطراف أو الطرف الذي قبلها متى كانت في إطار مهنة السمسرة أو مهنته كسمسار .. فالسمسار الوسيط قد يطلب منه القيام بالعمل المطلوب بقصد التوسط لإبرام أي عقد مع آخر . وهنا تكون وكالة ( صريحة ) سواء أكان العمل برغبة أو موافقة أو طلب أحد طرفي العقد الذي تم التوسط بشأنه أو بطلب الطرفين أو كان برغبة أحد الأطراف وأجاز الطرف الآخر للوسيط القيام بالمهنة المطلوبة لإتمام العقد وأيضاً قد يبدأ الوسيط السمسار عمله (كفضولي) يعرض خدماته أو يتدخل بخدمته من تلقاء نفسه وبصورة مباشرة فيجيز الغير تصرفه أو يجيزه على عمله فيصبح وكيلاً بهذه الإجارة وبالتالي فإن الوسيط الذي يمارس السمسرة كمهنة سواء أكان عمله وممارسته ( كوكيل أو فضولي ) فالمطلوب في عمله أو عقد ممارسته لعمله كوسيط أن يبذل ويعطي جهد وعناية الرجل العادي ويستحق كوكيل الأجر المتفق عليه أو أجر المثل أو الأجر التقديري حتى ولو لم تتحقق النتيجة المرجوه من توسطه أو ممارسته للتوسط وفقاً للمقصد الذي نص عليه المشرع وأفرغه صراحة في نص المادة (175) معاملات .. وعليه يمكن القول بأن عمل الوسيط السمسار في عقود المعاملات وغيرها يتطلب أن يبذل فيها عناية الوكالة المأجورة أو عناية الفضالة المأجورة .. وبالتالي تسري عليها نفس أحكام الوكالة المأجورة وفقاً لما نص عليه القانون لارتباط أعمال الوكالة ببذل جهد وعناية وليس تحقق النتيجة المرجوة وإن كان تحقق النتيجة هو الأمل إلا أنه متى ثبت بذل الجهد والعناية المطلوبة تتحقق وظيفته كوكيل ويتحقق الأداء المطلوب منه وبغض النظر عن وصول عمله إلى نتيجة مرجوه لأن كل ما هو مطلوب منه البذل والجهد والعناية ولو لم يؤدى ذلك إلى الوصول إلى النتيجة التي يرجوها من أوكله وطالما أن الأجر يتحدد بالبذل والجهد والعناية فإن الأجر يتأكد بالقيام به ويمكن القول أن تقدير الأجر قد يزيد أو يقل تقديره بحسب الجهد والبذل والعناية كما أن التقدير في الأجر يتأثر مقداره في الزيادة متى تحققت النتيجة المرجوه فعلاً عن عمله كوسيط.
وعليه أتفق مع الزملاء في النتيجة
الأمر النهائي:
1- ينقض الحكم الابتدائي وينقض حكم الاستئناف المطعون فيه المؤيد له.
2- تعاد الإجراءات لمحكمة الموضوع للنظر في تقدير أجر المدعى على ضوء ما بذل من جهد وفقاً للحكم أعلاه.
3- لا أمر بشأن رسوم الطعن.
عبد الرؤوف حسب الله ملاسي
قاضي المحكمة العليــا
ورئيس الدائـرة
ببورتسودان

ahmed algam
11-05-2012, 08:27 AM
شكرا استاذنا ابراهيم عطية


علي هذة المعلومات القانونية


واصل بدون فواصل