ابراهيم عطية بابكر
11-06-2012, 10:45 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
نمرة القضية:النمرة : م ع / ط م / 421 /1997م المحكمة:/العدد:1998
المبادئ:
قانون الإجراءات المدنية - الأحكام النهائية متي يجوز الطعن فيها.
قانون المحاماة لسنة 1983م - تجاوز المحامي لحدود الوكالة - أثرها.
1- حقوق الصلح وقبول التحكيم أو التنازل لا تنشأ للوكيل القانوني إلا بوكالة خاصة تخوله ذلك.
2- متي أثير نزاع حول صحة أي حكم رضائي أو تحكيم أو تنازل أبرمه المحامي وأنه انبنى علي تصرف من المحامي بدون تفويض أو خارج نطاق شروط وكالته فلا بد من سماع هذه المنازعة إذ لا يجوز أن ينشئ الوكيل حقاً للغير قبل الموكل أو يبرم اتفاقا مع الغير أو تنازلاً أو يوافق علي التحكيم بدون تفويض من موكله ، كما لا يجوز للغير أن يتمسك بحق آل إليه بلا سند قانوني صحيح ومن شخص لا صفة ولا أهلية له في المنح أو الموافقة علي ذلك الحق.
3- وجود الموكل بظهوره أمام المحكمة مع محاميه أثناء إبرام أو إجراء التصرف يعتبر موافقة وإشارة ضمنية منه وتفويض للمحامي في ما آتاه من تصرف حتى ولو لم يفوضه من قبل لأن التصرف تم بحضوره وكان بإمكانه الاعتراض عليه في حينه.
الحكم:
المحكمة العليا
دائرة ولايتي البحر الأحمر وكسلا - ببورتسودان
القضاة :
سعادة السيد/ عبد الرؤوف حسب الله ملاسـي قاضي المحكمة العليا رئيساً.
سعادة السيد/ محمد الأميـــن مختـــار قاضي المحكمة العليا عضواً.
سعادة السيد/ محمد صالـــح محمــــد قاضي المحكمة العليا عضواًَ.
الأطراف :
إدريس علي الخضـــر طاعن
// ضد //
عجيب المليــــح البشير مطعـون ضده
النمرة : م ع / ط م / 421 /1997م
الحكـــم
التاريـخ : 21/7/1998م
هذا طعن بالنقض ضد قضاء الاستئناف في أ س م/51/1997م والقاضي بتأييد قضاء المحكمة الجزئية في ق.م /146/1995م والقاضي (بإصدار حكم رضائي) ويدور محور الطلب في النقاط التالية :
1- أن المدعي طلب الصلح الأهلي في القضية ورفض الطاعن علي أساس أنه الحائز للقطعة منذ (13) سنة وتقوم حياته ورزقه عليها وهي قطعة أرض زراعية بمنطقة ام دقيلات.
2- رغم رفض الطاعن للصلح أصدرت المحكمة حكماً رضائياً في النزاع بدون علم وموافقة الطاعن وتم الحكم في غيابه.
3- إن الطاعن لم يكلف أو يفوض محاميه بالصلح أو التنازل إنابة عنه في النزاع وبالتالي لا صفة له ولم تدقق المحكمة في أهلية المحامي لإبرام هذا الصلح.
4- إن الطاعن لم يعلم بصدور الحكم الغيابي لصدوره في غيابه.
ومن محصلة طلبه يلتمس إلغاء الحكم.
صرح الطعن واخطر المطعون ضده في 25/3/1998م حسب إفادة المعلن للرد علي عريضة الطعن ولم يرد حتى 14/5/1998م .. وعليه أصبح الطلب جاهزاً للفضل فيه.
وفي تقديري أن الطلب يتعين قبوله لما يلي من أسباب :
أولاً : الواضح من المحضر أن قرار الاستئناف بني علي أساس (أن الحكم الصادر حكم رضائي) وأن الطاعن قدم طلبه بعد فوات الموعد وأن الأحكام الرضائية لا يجوز الطعن فيها طالما كان الحكم بموافقة الممثل القانوني للطاعن وهو محاميه.
ثانياً : لا خلاف حول أن الأحكام الرضائية (لا يجوز الطعن فيها) بموجب المادة 175 إجراءات مدنية لسنة 1983م وفي تقديري أن هذا يصح إذا كان الحكم رضائياً صحيحاً وبموافقة الأطراف وبناءً علي ما تراضوا عليه فعلاً وكان صادراً ممن له أهلية الصلح كأصيل أو نائب أو وكيل عن الأصيل مفوض فيما تم التراضي عليه لأنه لا يجوز لطرف في الصلح أو الاتفاق نقض ما تم علي يديه وموافقته لأن سعيه في هذه الحالة مردود عليه كقاعدة شرعية معلومة وهو ما قررته السابقة م ع/ط م/140/88 سيده خليل/ضد/ يس حسن يس - مجلة الأحكام القضائية سنة 1990م ص 150 والتي تقول :
إن نص المادة (175) إجراءات مدنية الذي يمنع الطعن بالنسبة لمن (قبل الحكم "أو رضي به") لا يفهم منه عدم جواز الطعن علي إطلاقه فالقبول المعني لا بد أن يكون بصورة صحيحة ومجرد أن الحكم الرضائي أو الاتفاقي لا يعني بالضرورة أن الحكم لا يطعن فيه متي وجد عيب فيه يخالف ما تراضي عليه وما اتفق عليه الأطراف لإصدار الحكم أو لوجود عيب إجرائي أو قانوني في الحكم يؤثر تأثيراً مباشراً في صحة الحكم وحقوق الأطراف الاتفاقية أو القانونية.
والواضح أن الطعن يثير مسألة قانونية هامة وجديرة بالنظر حوله :
س 1 مدى وحدود وكالة المحامي وفقاً لقانون المحاماة كوكالة خصومة وهل تعطي المحامي حق قبول التحكيم أو الصلح أو التنازل إنابة عن موكله بموجب هذه الوكالة القانونية العامة كوكيل للخصومة ؟ أو أن الحق في الصلح أو التحكيم أو قبوله أو التنازل عن الحق لا ينشأ للمحامي إلاّ بعقد وكالة خاصة صريحة بينه وبين موكله تخول له هذا الأمر ؟
س 2 إذا ثبت في المنازعة أن المحامي لم يوكل أو يفوض من موكله في إبرام عقد الصلح أو التراضي الذي أبرمه أو قبوله نتيجة التحكيم أو التنازل عن أي من حقوق موكله فهل يعتبر الحكم الذي انبنى علي ذلك صحيحاً رغم صدوره من شخص ليس بذي صفة تخول له ذلك.
س3 هل ينشأ أي تصرف من المحامي في هذه الحالة حق للغير قبل أو في مواجهة الموكل بدون إجازته أو الموافقة عليه ؟
وفي تقديري أن مهنة المحاماة كمهنة تحكمها نصوص القانون الخاص وهو قانون المحاماة والقواعد العامة للوكالة والإنابة وبالتالي يجب أن نفرق بين ثلاث مسائل قانونيه :
(أ ) مخالفة المحامي لشروط الوكالة المكتوبة أو غير ذلك.
(ب) تجاوز المحامي لحدود وكالته.
(ج) الخطأ المهني الجسيم.
ولكل حالة من تلك الحالات أسبابها وملابساتها والنتائج المترتبة عليها والذي يهمنا في هذا المقام هو التزام المحامي لواجبه طبقاً لشروط التوكيل ) وفقاً لما عرفتها المادة (29) من قانون المحاماة لسنة 1983م والتي تقرر: (يجب علي المحامي أن يبذل أقصي جهده لمصلحة موكله وهو مسئول عن أداء ما عهد إليه طبقاً لشروط التوكيل وعن تجاوزه لحدود وكالته وخطئه الجسيم ..) وبالتالي فباستقراء هذا الواجب القانوني وهو (الالتزام بشروط الوكالة ، فإن وكالة المحامي في الخصومة ليس وكالة مطلقة ما لم يحدد عقد الوكالة ذلك وبالتالي لا بد أن يحدد في عقد الوكالة الشروط والواجبات الموكل بها المحامي وبالتالي فكل ما يصدر (خارج نطاق هذه الشروط) لا يلزم به الموكل ولا ينشئ في ذات الوقت حقاً أو التزاماً للموكل قبل الغير لأنه صدر ممن لا يملك سلطة الالتزام قبل الغير لأنه لم يفوض في ذلك وحق الغير قبل الموكل ينحصر فيما يصدر منه كأصيل أو وكيله القانوني المفوض بذلك التصرف ومن ثم فإن (الصلح وقبول التحكيم أو التنازل) لا تنشأ للوكيل القانوني إلاّ بوكالة خاصة تخوله ذلك حتى يكون مستحقاً لأتعابه عن أي جهد بذل منها وينشئ حقاً للغير في التمسك بها باعتبارها تصرفات صادرة من الأصيل .. ومن ثم ففي تقديري أن وكالة التقاضي في الخصومة كوكالة عامة أو خاصة لا بد أن تكون محددة الشروط والصلاحيات والسلطات والواجبات وبالتالي فإذا ثار نزاع حول (عقود الصلح أو التنازل أو قبول التحكيم التي أبرمها المحامي ونازع الموكل في أنه لم يفوضه بالقيام بها يجب علي المحكمة سماع البينة حول ذلك للتأكد من صحته أما باستمرار التصرف أو اعتباره باطلاً لأنه صدر بلا مسوغ قانوني ، والملاحظ في قانون المحاماة أنه جعل الأصل في وكالــة المحامي وجوب الكتابة التي تحدد كل التصرفات القانونية التي فوضه موكله للقيام بها إذ تنص المادة (42) فقرة (2) من قانون المحاماة لسنة 1983م في الفقرة (1) علي :
أي اتفاق يبرم بين المحامي وموكله لا يكون ملزماً لأي من الطرفين إلاّ إذا كان ذلك الاتفاق :
أولاً : مكتوباً ومبيناً به تاريخ الاتفاق.
ثانياً : موقعاً عليه من الطرفين.
ثالثاً : موضحاً جميع الخدمات أو الأعمال المطلوب من المحامي القيام بها.
رابعاً : مبيناً له إجمالي المبلغ المطلوب من الموكل دفعه للمحامي عن تلك الخدمات.
وبقراءة هذا النص (بوجوب الكتابة) واستقرائه مع مقارنة التشريع الوارد في المادة (29) التي تحدد (قيام المحامي بأداء واجبه القانوني المناط به طبقاً لشروط التوكيل).
نستنبط مسألة جوهرية هامة وهي أن المحامي لا يستحق أتعابه إلاّ عن الخدمات القانونية المكلف بها أو التي تتبع لها من خلال أداء هذه الخدمة بصورة لصيقة ولا تتم هذه الخدمات إلاّ بالقيام بها بالتبعية ويمكن استنباطها من طبيعة ونوع الخدمة القانونية كما أنه يستنبط من النص أن أي تصرف من المحامي (مخالف لشروط الوكالة) لا ينشئ حقاً للغير قبل الموكل لأنه كما أسلفنا صدر من جهة لا صفة لها ولا أهلية لها من الوجهة القانونية لإبرام تلك التصرفات وبالتالي من حق الموكل طلب إبطال أي حق أو تصرف نشأ للغير في مواجهته من جراء مخالفة شروط الوكالة .. كما له حق المطالبة المباشرة بأي أضرار أخري تترتب في مواجهة محاميه لمخالفته عقد الوكالة . وفي تقديري أن مقاصد التشريع تفرض ذلك وهنا أشير إلي نص المادة 42(2) الذي يقول : إذا ما أنهي المحامي الدعوى صلحاً أو تحكيماً أو لأي سبب آخر وفق ما فوضه به موكله ... الخ .. ومفهوم النص ومقاصد التشريع التي يرمي إليها (أي الصلح أو التحكيم) وإنهاء الدعوى صلحاً أو تحكيماً لا يكون للمحامي حق في إبرامه إلاّ إذا تم تفويضه في ذلك وبالتالي فإن أبرم (صلحاً أو تحكيماً أو تنازلاً) ترتب عليه إنهاء الدعوى بدون تفويض من موكله وكان ذلك في إطار خارج شروط الوكالة المكتوبة أو الشفهية فإن السند الذي انبنى عليه إصدار الحكم يكون باطلاً وبالتالي يكون الحكم قد انبنى علي سند غير صحيح ويتعين إلغاؤه تبعاً لذلك ولا يحق للغير أن يتمسك به لأن بطلان سند الحكم والسبب الذي انبنى عليه مبرر كاف لإلغائه وليس بقائه.
وعليه فإن إنهاء الدعوى (صلحاً) أو تحكيما أو تنازلاً تحتاج إلي وكالة خاصة يفوض المحامي للقيام بها أسوة بحالة ( القبض للأموال التي نصت عليها المادة 624 معاملات مدنية لسنة 1984م .. (الوكيل بالقبض لا يملك الخصومة والوكيل بالخصومة لا يملك القبض إلا بإذن خاص من الموكل).
وهنا لا بد لنا من الإشارة إلي السابقة م ع/ط م/36/1997م أعمال أخوان بيومي /ضد/ ورثة السيد محمد البربري والتي تقرر :
لا خلاف في أنه يجوز للخصم أن يطعن في الحكم الرضائي إذا لم يكن رضائياً في حقيقته وفقاً للقاعدة التي تقررت في السابقة التي أشار إليها المحامي العالم غير أن الحكم الذي نحن بصدده يعد حكماً رضائياً في حقيقته وذلك لأن الأستاذ/ صلاح مرحوم ظهر نيابة عن (اسم عمل) (أعمال أخوان بيومي) ولم يكن تمثيله لأحد الورثة أو أحد الشركاء وفق ما يبين من المحضر وأعمال أخوان بيومي مسجلة بموجب قانون الشركات لسنة 1936م وشهادة التسجيل المرفقة تكشف ذلك بموجب المادة 23(د) من القانون نفسه ولها حق التقاضي بموجب المادة 24(5) ج ويكون له من يمثله وفقاً لأحكام القوانين الخاصة به عملاً بالفقرة الثالثة من المادة المشار إليها والأستاذ /صلاح مرحوم مثل أمام المحكمة نيابة عن (أعمال أخوان بيومي) باعتباره وكيلاً عنها ولم يعترض الطاعن بأن توكيله لم يكن بتكليف من ممثل (أعمال بيومي) لأن ظهوره من تلقاء نفسه لا يتفق مع المجري العادي للأمور ولم يدع الطاعن أمام المحكمة الجزئية والمراحل التي بعدها بأن من كلفه كان غير مفوض بذلك أي لم يكن ممثلاً (لأعمال أخوان بيومي) ولو فعل ذلك لربما اختلف وجه الرأي وحيث أن الأستاذ المحامي أقر بسبب الدعوى وبطلبات المدعي عليها (لا المطعون ضدها) وبصفته تلك فإن الحكم يعد رضائياً في حقيقته ولا سبيل إلي الطعن فيه.
وأيضاً لا بد من الإشارة إلي السابقة م ع/ط م/فؤاد الأمين /ضد/ عبد الخالق عباس مجلة الأحكام سنة 1975م ص 113 (يجوز للمحامي الظهور لتمثيل أحد الخصوم دون إبراز توكيل كتابي وللمحكمة سلطة جوازية أن تطلب من المحامي ما يثبت بأنه وكيل لأحد الخصوم) .. وواضح من السابقة أعلاه (أن هنالك فرقاً بين تمثيل المحامي لشخص اعتباري أو اسم عمل وكلف من قبل ممثل أو المسئول عن الشخص الاعتباري أو قانوني) فإن الأفراد أو الأشخاص المنضوين تحته كشركاء أو مساهمين يمثلهم المحامي بالتبعية ولا حق لهم في الاعتراض طالما كان التفويض صحيحاً ومن المسئول أو المكلف بإدارة ذلك الشخص الاعتباري أو اسم العمل كما يتضح من السابقة الأخرى أن ظهور المحامي يفترض فيه صحة ظهوره وعلي مدعي العكس إثباته كما أن المحاكم تملك سلطة طلب التوكيل أو التفويض الذي يخول للمحامي حق الظهور في إجراء أو تصرف أو قبول الصلح أو التنازل أو خلافه مع مراعاة أن وجود الموكل بظهوره أمام المحكمة مع محاميه أثناء إبرام أو إجراء التصرف يعتبر موافقة وإجازة ضمنيه منه وتفويضاً للمحامي في ما أتاه من تصرف حتى ولو لم يفوضه من قبل لأن التصرف تم بحضوره وكان بإمكانه الاعتراض عليه في حينه وبالتالي فإذا صدر حكم رضائي أو تنازل بحضور الموكل فإن وجوده وحضوره وسكوته يؤكد صحة الإجراء والحكم.
وعلي ضوء كل ما تقدم أري أنه متي أثير نزاع حول صحة أي حكم رضائي أو تحكيم أو تنازل أبرمه المحامي وأنة انبنى علي تصرف من المحامي بلا تفويض أو خارج نطاق شروط وكالته فلابد من سماع هذه المنازعة للتأكد من صحة الادعاء إذ لا يجوز أن ينشئ الوكيل حقاً للغير قبل الموكل أو يبرم اتفاقاً مع الغير أو تنازلاً أو يوافق علي التحكيم بدون تفويض من موكله كما أنه لا يحق للغير أن يتمسك بحق آل إليه بلا سنـد قانوني صحيح ومـن شخص لا صفة ولا أهلية له في المنح والموافقة علي ذلك الحق.
وتبعاً لكل ما تقدم أعود إلي موضوع الطعن فالواضح أن الصلح قد تم في جلسة السماع ووافق عليه (محامي الطاعن) الأستاذ/ مصطفي الطاهر ويوضح المحضر أن (الطاعن لم يحضر تلك الجلسة) ولم يكن حاضراً الاتفاق أو الحكم الرضائي الذي تم الاتفاق والموافقة عليه ... وطالما أن الاتفاق تم في (غياب الطاعن) وطالما أن الذي طرح للصلح هو محامي المدعي وكان دور المحامي (الموافقة علي إصدار حكم رضائي بما طرحه) بلفظ (أوافق) وطالما أن الطاعن يدعي أنه لم يفوض محاميه في إبرام الصلح أو التسوية أو الموافقة علي الحكم الرضائي فإن الأمر يتطلب سماع البينة حول هذه الواقعة إذ لا مجال لإلزام الموكل بأي اتفاق أو تنازل أو صلح أبرمه المحامي بلا تفويض أو توكيل بذلك ولم تحدث إجازة منه لتصرف محاميه وبالتالي فالسماع لإثارته هو السبيل الوحيـد للتأكــد من صحة الحكم بالتأكـد من صحة السند القانوني الذي انبني عليه.
ونقطة أخيرة أري مناقشتها وهي مسألة (شطب الاستئناف والطعن لفوات المواعيد) بالنسبة لحالة الحكم الرضائي أو الاتفاق والذي قررته محكمة الاستئناف ففي تقديري وكما أسلفنا أن الأصل في الأحكام الرضائية عدم جواز الطعن بموجب المادة (175) إجراءات وبالتالي فلا مجال هنا للحديث عن مسألة المواعيد لأن الحديث عن المواعيد وتقديم الطعن بعد المواعيد يتطلب نشوء حق للطاعن في الطعن تجب علي ضوئه المواعيد والحكم الرضائي أساساً لا يجوز الطعن فيه وبالتالي لا تنشأ ابتداءً مدة للطعن من تاريخ الحكم فمواعيد الطعن المقررة قانوناً وترتبط بنشوء حق الطعن بمجرد صدور الحكم وبالتالي فحالة الحكم الرضائي حالة خاصة وجواز الطعن فيه مسألة تحكمها قواعد العدالة وليس نص م(175) ومواعيد الطعن العامة وبالتالي يجب النظر إلي مسألة قبول الطعن كسلطة وحالة استثنائية تمارسها المحكمة للنظر في إمكانية توافر سند للطعن من عدمه وهذا لا يتأتى إلاّ بنظر الطلب والتأكد من صحة الحكم وطالماً أن المقصد من النظر في صحة الحكم الرضائي سلطة استثنائية فلا يجوز معاملته ( بالمواعيد المحددة بالنسبة للأحكام العادية الجائزة للطعن فيها والتي يجوز فيها لأي محكوم ضده أن يستأنف الحكم الصادر ضده في حين أن حالة الحكم الرضائي حالة لافتراض أنه (محكوم له ومحكوم عليه) لأن ما تم كان برضائه وموافقته وبالتالي فالطاعن في الحكم الرضائي يدعي بأن ما نسب إليه من رضاء أو موافقة غير صحيح ومن هذا المدخل يريد إلغاء الحكم الذي ســـمي ووصف في مواجهته بأنـــه رضائي كما أسلفنــا في السابقة المشار إليها (م ع/ط م/140/1988م) أخلص مما تقدم للطبعة الخاصة للأحكام الرضائية ووجود أصل يمنع الطعن فيها فيجب أن تنظر في الطعن وفقاً لقواعد العدالة بموجب المادة (303) (70) إجراءات وبالتالي فلا تعامل بالنسبة للمواعيد كحالة الأحكام العادية الجائز الطعن فيها بموجب المادة (175،178) وهنا لا بد لي من الإشارة إلي جزئية صغيرة وهي كل محك المناقشة وهي أن محكمة الاستئناف (رأت أنه لا يوجد أمامها سبب لقبول الطعن لأن الطاعن وافق علي الحكم من خلال (رضاء وموافقة ممثله القانوني) وهذا القول يكون صحيحاً لو كان المحامي فعلاً مفوضاً في ذلك .. وبالتالي فطالما هنالك إدعاء بأن المحامي لم يفوض في إبرام الاتفاق الذي انبنى عليه الحكم فيجب التحقق من ذلك حتى لا يفرض علي الموكل تصرفات محاميه التي لم يفوضه فيها أصلاً وفقاً لقانون المحاماة وبالتالي فظهور المحامي كوكيل قانوني طالما وجد نزاع في حـدود وكالته أو تجـــاوزها في أي تصرف فيجب في هذه الحالة سماع البينة حوله ومن ثم أري طالما ادعـي الطاعن (أن رفض الصلح) الذي أبرمه محاميه فإن الأمر يحكمه (عقد الوكالة بين المحامي وموكله) وهي التي تحدد إن كان المحامي . هــو الممثل القانونــي فعــلاً فيما أبرمه واتفق عليه أم لا).
أخلص من كل ما تقدم إلي قبول الطلب وإلغاء الحكم المطعون فيه وتأييد محكمة الاستئناف وإعادة الإجراءات للمحكمة للنظر في صحة سند الحكم بسماع البينة حول صحة وكالة المحامي بالنسبة للصلح الذي تم ثم بعد ذلك للمحكمة إصدار ما تراه من إعادة الحكم أو إلغائه أو بما تراه مناسباً .. ولا أمر برسوم الطعن
القاضي : عبد الرؤوف حسب الله ملاسي
قاضي المحكمة العليا
القاضي : محمد صالح محمد القاضي : محمد الأمين مختار
قاضي المحكمة العليا قاضي المحكمة العليا
نمرة القضية:النمرة : م ع / ط م / 421 /1997م المحكمة:/العدد:1998
المبادئ:
قانون الإجراءات المدنية - الأحكام النهائية متي يجوز الطعن فيها.
قانون المحاماة لسنة 1983م - تجاوز المحامي لحدود الوكالة - أثرها.
1- حقوق الصلح وقبول التحكيم أو التنازل لا تنشأ للوكيل القانوني إلا بوكالة خاصة تخوله ذلك.
2- متي أثير نزاع حول صحة أي حكم رضائي أو تحكيم أو تنازل أبرمه المحامي وأنه انبنى علي تصرف من المحامي بدون تفويض أو خارج نطاق شروط وكالته فلا بد من سماع هذه المنازعة إذ لا يجوز أن ينشئ الوكيل حقاً للغير قبل الموكل أو يبرم اتفاقا مع الغير أو تنازلاً أو يوافق علي التحكيم بدون تفويض من موكله ، كما لا يجوز للغير أن يتمسك بحق آل إليه بلا سند قانوني صحيح ومن شخص لا صفة ولا أهلية له في المنح أو الموافقة علي ذلك الحق.
3- وجود الموكل بظهوره أمام المحكمة مع محاميه أثناء إبرام أو إجراء التصرف يعتبر موافقة وإشارة ضمنية منه وتفويض للمحامي في ما آتاه من تصرف حتى ولو لم يفوضه من قبل لأن التصرف تم بحضوره وكان بإمكانه الاعتراض عليه في حينه.
الحكم:
المحكمة العليا
دائرة ولايتي البحر الأحمر وكسلا - ببورتسودان
القضاة :
سعادة السيد/ عبد الرؤوف حسب الله ملاسـي قاضي المحكمة العليا رئيساً.
سعادة السيد/ محمد الأميـــن مختـــار قاضي المحكمة العليا عضواً.
سعادة السيد/ محمد صالـــح محمــــد قاضي المحكمة العليا عضواًَ.
الأطراف :
إدريس علي الخضـــر طاعن
// ضد //
عجيب المليــــح البشير مطعـون ضده
النمرة : م ع / ط م / 421 /1997م
الحكـــم
التاريـخ : 21/7/1998م
هذا طعن بالنقض ضد قضاء الاستئناف في أ س م/51/1997م والقاضي بتأييد قضاء المحكمة الجزئية في ق.م /146/1995م والقاضي (بإصدار حكم رضائي) ويدور محور الطلب في النقاط التالية :
1- أن المدعي طلب الصلح الأهلي في القضية ورفض الطاعن علي أساس أنه الحائز للقطعة منذ (13) سنة وتقوم حياته ورزقه عليها وهي قطعة أرض زراعية بمنطقة ام دقيلات.
2- رغم رفض الطاعن للصلح أصدرت المحكمة حكماً رضائياً في النزاع بدون علم وموافقة الطاعن وتم الحكم في غيابه.
3- إن الطاعن لم يكلف أو يفوض محاميه بالصلح أو التنازل إنابة عنه في النزاع وبالتالي لا صفة له ولم تدقق المحكمة في أهلية المحامي لإبرام هذا الصلح.
4- إن الطاعن لم يعلم بصدور الحكم الغيابي لصدوره في غيابه.
ومن محصلة طلبه يلتمس إلغاء الحكم.
صرح الطعن واخطر المطعون ضده في 25/3/1998م حسب إفادة المعلن للرد علي عريضة الطعن ولم يرد حتى 14/5/1998م .. وعليه أصبح الطلب جاهزاً للفضل فيه.
وفي تقديري أن الطلب يتعين قبوله لما يلي من أسباب :
أولاً : الواضح من المحضر أن قرار الاستئناف بني علي أساس (أن الحكم الصادر حكم رضائي) وأن الطاعن قدم طلبه بعد فوات الموعد وأن الأحكام الرضائية لا يجوز الطعن فيها طالما كان الحكم بموافقة الممثل القانوني للطاعن وهو محاميه.
ثانياً : لا خلاف حول أن الأحكام الرضائية (لا يجوز الطعن فيها) بموجب المادة 175 إجراءات مدنية لسنة 1983م وفي تقديري أن هذا يصح إذا كان الحكم رضائياً صحيحاً وبموافقة الأطراف وبناءً علي ما تراضوا عليه فعلاً وكان صادراً ممن له أهلية الصلح كأصيل أو نائب أو وكيل عن الأصيل مفوض فيما تم التراضي عليه لأنه لا يجوز لطرف في الصلح أو الاتفاق نقض ما تم علي يديه وموافقته لأن سعيه في هذه الحالة مردود عليه كقاعدة شرعية معلومة وهو ما قررته السابقة م ع/ط م/140/88 سيده خليل/ضد/ يس حسن يس - مجلة الأحكام القضائية سنة 1990م ص 150 والتي تقول :
إن نص المادة (175) إجراءات مدنية الذي يمنع الطعن بالنسبة لمن (قبل الحكم "أو رضي به") لا يفهم منه عدم جواز الطعن علي إطلاقه فالقبول المعني لا بد أن يكون بصورة صحيحة ومجرد أن الحكم الرضائي أو الاتفاقي لا يعني بالضرورة أن الحكم لا يطعن فيه متي وجد عيب فيه يخالف ما تراضي عليه وما اتفق عليه الأطراف لإصدار الحكم أو لوجود عيب إجرائي أو قانوني في الحكم يؤثر تأثيراً مباشراً في صحة الحكم وحقوق الأطراف الاتفاقية أو القانونية.
والواضح أن الطعن يثير مسألة قانونية هامة وجديرة بالنظر حوله :
س 1 مدى وحدود وكالة المحامي وفقاً لقانون المحاماة كوكالة خصومة وهل تعطي المحامي حق قبول التحكيم أو الصلح أو التنازل إنابة عن موكله بموجب هذه الوكالة القانونية العامة كوكيل للخصومة ؟ أو أن الحق في الصلح أو التحكيم أو قبوله أو التنازل عن الحق لا ينشأ للمحامي إلاّ بعقد وكالة خاصة صريحة بينه وبين موكله تخول له هذا الأمر ؟
س 2 إذا ثبت في المنازعة أن المحامي لم يوكل أو يفوض من موكله في إبرام عقد الصلح أو التراضي الذي أبرمه أو قبوله نتيجة التحكيم أو التنازل عن أي من حقوق موكله فهل يعتبر الحكم الذي انبنى علي ذلك صحيحاً رغم صدوره من شخص ليس بذي صفة تخول له ذلك.
س3 هل ينشأ أي تصرف من المحامي في هذه الحالة حق للغير قبل أو في مواجهة الموكل بدون إجازته أو الموافقة عليه ؟
وفي تقديري أن مهنة المحاماة كمهنة تحكمها نصوص القانون الخاص وهو قانون المحاماة والقواعد العامة للوكالة والإنابة وبالتالي يجب أن نفرق بين ثلاث مسائل قانونيه :
(أ ) مخالفة المحامي لشروط الوكالة المكتوبة أو غير ذلك.
(ب) تجاوز المحامي لحدود وكالته.
(ج) الخطأ المهني الجسيم.
ولكل حالة من تلك الحالات أسبابها وملابساتها والنتائج المترتبة عليها والذي يهمنا في هذا المقام هو التزام المحامي لواجبه طبقاً لشروط التوكيل ) وفقاً لما عرفتها المادة (29) من قانون المحاماة لسنة 1983م والتي تقرر: (يجب علي المحامي أن يبذل أقصي جهده لمصلحة موكله وهو مسئول عن أداء ما عهد إليه طبقاً لشروط التوكيل وعن تجاوزه لحدود وكالته وخطئه الجسيم ..) وبالتالي فباستقراء هذا الواجب القانوني وهو (الالتزام بشروط الوكالة ، فإن وكالة المحامي في الخصومة ليس وكالة مطلقة ما لم يحدد عقد الوكالة ذلك وبالتالي لا بد أن يحدد في عقد الوكالة الشروط والواجبات الموكل بها المحامي وبالتالي فكل ما يصدر (خارج نطاق هذه الشروط) لا يلزم به الموكل ولا ينشئ في ذات الوقت حقاً أو التزاماً للموكل قبل الغير لأنه صدر ممن لا يملك سلطة الالتزام قبل الغير لأنه لم يفوض في ذلك وحق الغير قبل الموكل ينحصر فيما يصدر منه كأصيل أو وكيله القانوني المفوض بذلك التصرف ومن ثم فإن (الصلح وقبول التحكيم أو التنازل) لا تنشأ للوكيل القانوني إلاّ بوكالة خاصة تخوله ذلك حتى يكون مستحقاً لأتعابه عن أي جهد بذل منها وينشئ حقاً للغير في التمسك بها باعتبارها تصرفات صادرة من الأصيل .. ومن ثم ففي تقديري أن وكالة التقاضي في الخصومة كوكالة عامة أو خاصة لا بد أن تكون محددة الشروط والصلاحيات والسلطات والواجبات وبالتالي فإذا ثار نزاع حول (عقود الصلح أو التنازل أو قبول التحكيم التي أبرمها المحامي ونازع الموكل في أنه لم يفوضه بالقيام بها يجب علي المحكمة سماع البينة حول ذلك للتأكد من صحته أما باستمرار التصرف أو اعتباره باطلاً لأنه صدر بلا مسوغ قانوني ، والملاحظ في قانون المحاماة أنه جعل الأصل في وكالــة المحامي وجوب الكتابة التي تحدد كل التصرفات القانونية التي فوضه موكله للقيام بها إذ تنص المادة (42) فقرة (2) من قانون المحاماة لسنة 1983م في الفقرة (1) علي :
أي اتفاق يبرم بين المحامي وموكله لا يكون ملزماً لأي من الطرفين إلاّ إذا كان ذلك الاتفاق :
أولاً : مكتوباً ومبيناً به تاريخ الاتفاق.
ثانياً : موقعاً عليه من الطرفين.
ثالثاً : موضحاً جميع الخدمات أو الأعمال المطلوب من المحامي القيام بها.
رابعاً : مبيناً له إجمالي المبلغ المطلوب من الموكل دفعه للمحامي عن تلك الخدمات.
وبقراءة هذا النص (بوجوب الكتابة) واستقرائه مع مقارنة التشريع الوارد في المادة (29) التي تحدد (قيام المحامي بأداء واجبه القانوني المناط به طبقاً لشروط التوكيل).
نستنبط مسألة جوهرية هامة وهي أن المحامي لا يستحق أتعابه إلاّ عن الخدمات القانونية المكلف بها أو التي تتبع لها من خلال أداء هذه الخدمة بصورة لصيقة ولا تتم هذه الخدمات إلاّ بالقيام بها بالتبعية ويمكن استنباطها من طبيعة ونوع الخدمة القانونية كما أنه يستنبط من النص أن أي تصرف من المحامي (مخالف لشروط الوكالة) لا ينشئ حقاً للغير قبل الموكل لأنه كما أسلفنا صدر من جهة لا صفة لها ولا أهلية لها من الوجهة القانونية لإبرام تلك التصرفات وبالتالي من حق الموكل طلب إبطال أي حق أو تصرف نشأ للغير في مواجهته من جراء مخالفة شروط الوكالة .. كما له حق المطالبة المباشرة بأي أضرار أخري تترتب في مواجهة محاميه لمخالفته عقد الوكالة . وفي تقديري أن مقاصد التشريع تفرض ذلك وهنا أشير إلي نص المادة 42(2) الذي يقول : إذا ما أنهي المحامي الدعوى صلحاً أو تحكيماً أو لأي سبب آخر وفق ما فوضه به موكله ... الخ .. ومفهوم النص ومقاصد التشريع التي يرمي إليها (أي الصلح أو التحكيم) وإنهاء الدعوى صلحاً أو تحكيماً لا يكون للمحامي حق في إبرامه إلاّ إذا تم تفويضه في ذلك وبالتالي فإن أبرم (صلحاً أو تحكيماً أو تنازلاً) ترتب عليه إنهاء الدعوى بدون تفويض من موكله وكان ذلك في إطار خارج شروط الوكالة المكتوبة أو الشفهية فإن السند الذي انبنى عليه إصدار الحكم يكون باطلاً وبالتالي يكون الحكم قد انبنى علي سند غير صحيح ويتعين إلغاؤه تبعاً لذلك ولا يحق للغير أن يتمسك به لأن بطلان سند الحكم والسبب الذي انبنى عليه مبرر كاف لإلغائه وليس بقائه.
وعليه فإن إنهاء الدعوى (صلحاً) أو تحكيما أو تنازلاً تحتاج إلي وكالة خاصة يفوض المحامي للقيام بها أسوة بحالة ( القبض للأموال التي نصت عليها المادة 624 معاملات مدنية لسنة 1984م .. (الوكيل بالقبض لا يملك الخصومة والوكيل بالخصومة لا يملك القبض إلا بإذن خاص من الموكل).
وهنا لا بد لنا من الإشارة إلي السابقة م ع/ط م/36/1997م أعمال أخوان بيومي /ضد/ ورثة السيد محمد البربري والتي تقرر :
لا خلاف في أنه يجوز للخصم أن يطعن في الحكم الرضائي إذا لم يكن رضائياً في حقيقته وفقاً للقاعدة التي تقررت في السابقة التي أشار إليها المحامي العالم غير أن الحكم الذي نحن بصدده يعد حكماً رضائياً في حقيقته وذلك لأن الأستاذ/ صلاح مرحوم ظهر نيابة عن (اسم عمل) (أعمال أخوان بيومي) ولم يكن تمثيله لأحد الورثة أو أحد الشركاء وفق ما يبين من المحضر وأعمال أخوان بيومي مسجلة بموجب قانون الشركات لسنة 1936م وشهادة التسجيل المرفقة تكشف ذلك بموجب المادة 23(د) من القانون نفسه ولها حق التقاضي بموجب المادة 24(5) ج ويكون له من يمثله وفقاً لأحكام القوانين الخاصة به عملاً بالفقرة الثالثة من المادة المشار إليها والأستاذ /صلاح مرحوم مثل أمام المحكمة نيابة عن (أعمال أخوان بيومي) باعتباره وكيلاً عنها ولم يعترض الطاعن بأن توكيله لم يكن بتكليف من ممثل (أعمال بيومي) لأن ظهوره من تلقاء نفسه لا يتفق مع المجري العادي للأمور ولم يدع الطاعن أمام المحكمة الجزئية والمراحل التي بعدها بأن من كلفه كان غير مفوض بذلك أي لم يكن ممثلاً (لأعمال أخوان بيومي) ولو فعل ذلك لربما اختلف وجه الرأي وحيث أن الأستاذ المحامي أقر بسبب الدعوى وبطلبات المدعي عليها (لا المطعون ضدها) وبصفته تلك فإن الحكم يعد رضائياً في حقيقته ولا سبيل إلي الطعن فيه.
وأيضاً لا بد من الإشارة إلي السابقة م ع/ط م/فؤاد الأمين /ضد/ عبد الخالق عباس مجلة الأحكام سنة 1975م ص 113 (يجوز للمحامي الظهور لتمثيل أحد الخصوم دون إبراز توكيل كتابي وللمحكمة سلطة جوازية أن تطلب من المحامي ما يثبت بأنه وكيل لأحد الخصوم) .. وواضح من السابقة أعلاه (أن هنالك فرقاً بين تمثيل المحامي لشخص اعتباري أو اسم عمل وكلف من قبل ممثل أو المسئول عن الشخص الاعتباري أو قانوني) فإن الأفراد أو الأشخاص المنضوين تحته كشركاء أو مساهمين يمثلهم المحامي بالتبعية ولا حق لهم في الاعتراض طالما كان التفويض صحيحاً ومن المسئول أو المكلف بإدارة ذلك الشخص الاعتباري أو اسم العمل كما يتضح من السابقة الأخرى أن ظهور المحامي يفترض فيه صحة ظهوره وعلي مدعي العكس إثباته كما أن المحاكم تملك سلطة طلب التوكيل أو التفويض الذي يخول للمحامي حق الظهور في إجراء أو تصرف أو قبول الصلح أو التنازل أو خلافه مع مراعاة أن وجود الموكل بظهوره أمام المحكمة مع محاميه أثناء إبرام أو إجراء التصرف يعتبر موافقة وإجازة ضمنيه منه وتفويضاً للمحامي في ما أتاه من تصرف حتى ولو لم يفوضه من قبل لأن التصرف تم بحضوره وكان بإمكانه الاعتراض عليه في حينه وبالتالي فإذا صدر حكم رضائي أو تنازل بحضور الموكل فإن وجوده وحضوره وسكوته يؤكد صحة الإجراء والحكم.
وعلي ضوء كل ما تقدم أري أنه متي أثير نزاع حول صحة أي حكم رضائي أو تحكيم أو تنازل أبرمه المحامي وأنة انبنى علي تصرف من المحامي بلا تفويض أو خارج نطاق شروط وكالته فلابد من سماع هذه المنازعة للتأكد من صحة الادعاء إذ لا يجوز أن ينشئ الوكيل حقاً للغير قبل الموكل أو يبرم اتفاقاً مع الغير أو تنازلاً أو يوافق علي التحكيم بدون تفويض من موكله كما أنه لا يحق للغير أن يتمسك بحق آل إليه بلا سنـد قانوني صحيح ومـن شخص لا صفة ولا أهلية له في المنح والموافقة علي ذلك الحق.
وتبعاً لكل ما تقدم أعود إلي موضوع الطعن فالواضح أن الصلح قد تم في جلسة السماع ووافق عليه (محامي الطاعن) الأستاذ/ مصطفي الطاهر ويوضح المحضر أن (الطاعن لم يحضر تلك الجلسة) ولم يكن حاضراً الاتفاق أو الحكم الرضائي الذي تم الاتفاق والموافقة عليه ... وطالما أن الاتفاق تم في (غياب الطاعن) وطالما أن الذي طرح للصلح هو محامي المدعي وكان دور المحامي (الموافقة علي إصدار حكم رضائي بما طرحه) بلفظ (أوافق) وطالما أن الطاعن يدعي أنه لم يفوض محاميه في إبرام الصلح أو التسوية أو الموافقة علي الحكم الرضائي فإن الأمر يتطلب سماع البينة حول هذه الواقعة إذ لا مجال لإلزام الموكل بأي اتفاق أو تنازل أو صلح أبرمه المحامي بلا تفويض أو توكيل بذلك ولم تحدث إجازة منه لتصرف محاميه وبالتالي فالسماع لإثارته هو السبيل الوحيـد للتأكــد من صحة الحكم بالتأكـد من صحة السند القانوني الذي انبني عليه.
ونقطة أخيرة أري مناقشتها وهي مسألة (شطب الاستئناف والطعن لفوات المواعيد) بالنسبة لحالة الحكم الرضائي أو الاتفاق والذي قررته محكمة الاستئناف ففي تقديري وكما أسلفنا أن الأصل في الأحكام الرضائية عدم جواز الطعن بموجب المادة (175) إجراءات وبالتالي فلا مجال هنا للحديث عن مسألة المواعيد لأن الحديث عن المواعيد وتقديم الطعن بعد المواعيد يتطلب نشوء حق للطاعن في الطعن تجب علي ضوئه المواعيد والحكم الرضائي أساساً لا يجوز الطعن فيه وبالتالي لا تنشأ ابتداءً مدة للطعن من تاريخ الحكم فمواعيد الطعن المقررة قانوناً وترتبط بنشوء حق الطعن بمجرد صدور الحكم وبالتالي فحالة الحكم الرضائي حالة خاصة وجواز الطعن فيه مسألة تحكمها قواعد العدالة وليس نص م(175) ومواعيد الطعن العامة وبالتالي يجب النظر إلي مسألة قبول الطعن كسلطة وحالة استثنائية تمارسها المحكمة للنظر في إمكانية توافر سند للطعن من عدمه وهذا لا يتأتى إلاّ بنظر الطلب والتأكد من صحة الحكم وطالماً أن المقصد من النظر في صحة الحكم الرضائي سلطة استثنائية فلا يجوز معاملته ( بالمواعيد المحددة بالنسبة للأحكام العادية الجائزة للطعن فيها والتي يجوز فيها لأي محكوم ضده أن يستأنف الحكم الصادر ضده في حين أن حالة الحكم الرضائي حالة لافتراض أنه (محكوم له ومحكوم عليه) لأن ما تم كان برضائه وموافقته وبالتالي فالطاعن في الحكم الرضائي يدعي بأن ما نسب إليه من رضاء أو موافقة غير صحيح ومن هذا المدخل يريد إلغاء الحكم الذي ســـمي ووصف في مواجهته بأنـــه رضائي كما أسلفنــا في السابقة المشار إليها (م ع/ط م/140/1988م) أخلص مما تقدم للطبعة الخاصة للأحكام الرضائية ووجود أصل يمنع الطعن فيها فيجب أن تنظر في الطعن وفقاً لقواعد العدالة بموجب المادة (303) (70) إجراءات وبالتالي فلا تعامل بالنسبة للمواعيد كحالة الأحكام العادية الجائز الطعن فيها بموجب المادة (175،178) وهنا لا بد لي من الإشارة إلي جزئية صغيرة وهي كل محك المناقشة وهي أن محكمة الاستئناف (رأت أنه لا يوجد أمامها سبب لقبول الطعن لأن الطاعن وافق علي الحكم من خلال (رضاء وموافقة ممثله القانوني) وهذا القول يكون صحيحاً لو كان المحامي فعلاً مفوضاً في ذلك .. وبالتالي فطالما هنالك إدعاء بأن المحامي لم يفوض في إبرام الاتفاق الذي انبنى عليه الحكم فيجب التحقق من ذلك حتى لا يفرض علي الموكل تصرفات محاميه التي لم يفوضه فيها أصلاً وفقاً لقانون المحاماة وبالتالي فظهور المحامي كوكيل قانوني طالما وجد نزاع في حـدود وكالته أو تجـــاوزها في أي تصرف فيجب في هذه الحالة سماع البينة حوله ومن ثم أري طالما ادعـي الطاعن (أن رفض الصلح) الذي أبرمه محاميه فإن الأمر يحكمه (عقد الوكالة بين المحامي وموكله) وهي التي تحدد إن كان المحامي . هــو الممثل القانونــي فعــلاً فيما أبرمه واتفق عليه أم لا).
أخلص من كل ما تقدم إلي قبول الطلب وإلغاء الحكم المطعون فيه وتأييد محكمة الاستئناف وإعادة الإجراءات للمحكمة للنظر في صحة سند الحكم بسماع البينة حول صحة وكالة المحامي بالنسبة للصلح الذي تم ثم بعد ذلك للمحكمة إصدار ما تراه من إعادة الحكم أو إلغائه أو بما تراه مناسباً .. ولا أمر برسوم الطعن
القاضي : عبد الرؤوف حسب الله ملاسي
قاضي المحكمة العليا
القاضي : محمد صالح محمد القاضي : محمد الأمين مختار
قاضي المحكمة العليا قاضي المحكمة العليا