عزيز عيسى
17-03-2005, 10:51 AM
خلال احتفالات اليوبيل الذهبي لمدرسة حنتوب العريقة على ما اعتقد حوالى عام 1973 كان هناك حشد كبير من الحضور من خريجي مدرسة حنتوب الثانوية و اعداد غفيرة من الزوار الذين قدموا من مناطق مختلفة في انحاء السودان بالأضافة الى أهل مدني للمشاركة في الاحتفالات حيث كانت من أروع وأعظم الاحتفالات التي شهدتها مدينة ودمدني خلال تلك الفترة. وأذكر انه خلال أيام الاحتفالات كانت هنالك أشياء كثيره توزع مجانا على الجمهور مثل المأكولات والمرطبات والحلويات وحتى ركوب "البنطون" المعدية بين حنتوب ومدني كان مجانا و وجدنا متعه عظيمة في ركوب البنطون والاستمتاع بهواء النيل الازرق العليل الطلق "يا لها من أيام". ولقد كانت هناك مبارة في كرة القدم اقيمت على ميدان الحرية جمعت بين منتخبي الوزراء العسكرين بقيادة كابتن الفريق الرئيس الاسبق النميري والوزراء المدنيين في الحكومة، حيث استمتع الجمهور بمباراة شيقة وممتعة بالمفاجآت المضحكة سجل فيها الريس عددا من الاهداف طبعا بعد مخالفات وفاولات عديدة لم يحتسبها الحكم ربما خوفا من "اعتقاله".
في اليوم التالى للاحتفال أقيم معرض كبير جدا في ميدان الحرية استعرضت فيه الشركات منتجاتها وبعض الفرق الفنية عروضها وقد اتيحت لي الفرصة أن ألتقي وأشاهد عن قرب العم عباس الملقب بـ "عباس بنك" "الله يطول في عمره ان كان على قيد الحياة" حيث احتل ركن خاص به في المعرض يجيب فيه على أسئلة زوار المعرض عن سفره ومغامراته في تكساس. ونظرا لكثرة الحضور وصغر سنى لم استطع أن أسأل العم عباس عن سر تسميته "عباس بنك".
رأيت أن أتطرق الى موضوع هذه الشخصية الهامة في تاريخ مدني والتي يعرفها العديد من أهل السودان لما اشتهر به اسمه، حيث يعتبر من القلائل و أوائل السودانييون الذين هاجروا الى امريكا في زمن لايعرف الكثير من أبناء بلدي أي شيء عن أمريكا سواء افلام الكاوبوي ، ونظرا لعدم معرفتي بتاريخ هذا الرجل حيث كان يحكي لنا فقط عن مغامراته التي قام بها في امريكا وداخل السودان، ولأهتمامى بالموضوع، وددت أن يدلنا أحد الاخوة القراء من يعرف عن تاريخه شيء ولو بالقليل عن هذه الشخصية الهامة لأحد أبناء مدني، وكيف و متى وأين استقر به الحال في امريكا وأي مدينة عاش فيها بولاية تكساس حيث عاوده الحنين الى مدني ورجع ليعيش في فيها لأنه لم يجد مثيل لها.
في العام 1987سافرت من السعودية مع عائلتي لزيارة امريكا لأول مرة، مكثنا في نيويورك لمدة يومين ثم اتجهنا الى مدينة هيوستن بولاية تكساس حيث استقر حاليا أنا وعائلتي. كنت في البداية مترددا قبل أن تهبط بنا الطائرة في مطار هيوستن الدولي حيث بدأت تدور في خاطري العديد من التساؤلات عن كيفية حال ولاية تكساس، وهل ينطبق عليها الحال تماما كما هو في أفلام الكاوبويز التى كنا نشاهدها في سينما "الخواجة" و"السينما الوطنية" مثل أفلام "ترنتي الجبار" و "النجمة السوداء" وهل ناس "منقوجا" و"ترنتي" و"ترسانه الذي لايرحم" وخلافهم يسيرون في الطرقات وتبارزون بأطلاق الرصاص من مسدساتهم الأنيقة دون تدخل من "الشريف" وكذلك كانت تدور في خاطري أيضا صورة "عباس بنك" وأسائل نفسي يا ترى في أي منطقة كان يستقر فيها بولاية تكساس .
بعد أن نزلنا من الطائرة طبعا وجدنا مطار هيوستن روعه في الهندسة المعمارية و التقدم الحضاري مطار ضخم جدا مقارنة بما لدينا في السودان، استقبلنا موظفو الطيران بكل أدب وترحاب والكل يحمل بسمة مرسومة على وجه. وبكل أدب واحترام أيضا أشاروا الينا ووجهوننا الى الطرق المؤدية ناحية الخروج وطلبوا منا الخيار اذا أردنا أن نركب القطارالخاص بالتنقل المحلي داخل المطار أو المشي على السير المتحرك. طبعا ركبنا القطار للسرعة.
لما شاهدت الناس في المطار والاحترام في تقديم المساعدة والله أطمأنيت قليلا وقلت بالله شوف الكاوبويات ديل آخر تكنولوجيا معنى ذلك موضوع المسدسات و"الخبط" اللى بنشوفه في الافلام مجرد تمثيل في تمثيل وانه الزمن اللي كان "بيقرضوا فيه الناس في الشارع" انتهى وولى عهده.
دخلنا مدينة هيوستن وأنا كلي حرص وأخذنا صاحب التاكسي الى فندق هوليداي ان وسط المدينة وكانت الساعة حوالي السابعة والنصف مساء،لاحظت خلو الشوارع من المارة و الكل راكب على السيارة. دخلنا الفندق وبعد أن انتهينا من مسألة الـتسجيل دخلنا المصعد لينقلنا الى الغرف التي خصصت لي مع عائلتي، وقبل أن يتحرك المصعد فجأة دخل علينا أثنان من الـ "تكسان" وهم في ملابس كابويات حتى أحذيتهم كانت من النوع اللي فيه الترس. على الفور قلت أعوذ بالله واللي كنت خايف منه ظهر لى في المصعد يعني "مافيش مفر بعد ما تحرك المصعد وقلت في نفسى انه الجماعه ديل عرفوا انه انحنا أجانب وخلاص الليله حيقرضونا ليك" وبدأت أقرأ في سورة الكرسي والمعوذات قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس وكمان زدت عليها شوية دعاء، لكن لاحظت انهم ما كانوا حاملين مسدسات قلت الحمد لله ربك ستر لو نزلوا في اخوكم ضرب بالبنية يمكن يكون فيه باقي روح على بال ما يصل المصعد الى الطابق الذي نقصده.
طبعا الشخصين عرفوا أننا من خارج البلد وبادروا علي بالتحية والابتسامة وسألوني من أين أنتم، قلت لهم وبكل جرأة "من السودان"، طبعا هم ما عرفين السودان ده فين في أوروبا ولا في آسيا ولا في السما. قلت لهم السودان في شمال شرق أفريقيا، طبعا أخوكم شويه اتشجع وقمت سألتهم انتو في هيوستن دائما بتلبسوا بالطريقة هذه. رد على واحد منهم والابتسامة مرتسمة على وجهه قائلا "لا انحنا ما بنلبس دائما هكذا، ولكن نحن الآن في موسم احتفالات اسمه "الروديو" نجتمع فيه نحن الكاوبويات في شهر فبرايرمن كل عام لابراز مهاراتنا في التحكم على رعي الابقار وركوب الخيول المتوحشة والثيران". وبكل لطافه قدم لي الدعوة لمشاهدة احدى العروض اليومية. شكرت الخواجه على حسن لطفه وبنفس الطريقة اعتذرت له عن عدم امكانية ذلك نظرا لأرتباطي ببرنامج معين و السفر الى مدينة أورلاندو في ولاية فلوريدا. من المعلوم أن الروديو من أكبر احتفالات الكاوبويز في العالم التي تقام في مدينة هيوستن بولاية تكساس ويفد اليه العديد من الكاوبويز من اوروبا واستراليا وامريكا الجنوبية وجنوب افريقيا فقط كما يجتمع فيه أكبر فناني الموسيقى الشعبية الامريكية وكذلك اكبر نجوم الفن والغناء الامريكي المشهورين، ومن خلال اقامتي في مدينة هيوستن اقوم من وقت لآخر بزيارة "الروديو" وحتى الآن استطعت أن أشاهد عروض لكبار الفنانين كنت دائما أحلم بمشاهدتهم مثل المغنية السمرا ديانا روس وكيني روجرز والمغني العظيم راي جارلس وخلافهم.
في اليوم التالي من زيارتنا لمدينة هيوستن بدأنا التجول في المدينة وشاهدنا مناظر الطرق و العمران الحضاري الجميل وقمنا بزيارة الى مركز الفضاء الامريكي "ناسا" وبالبطبع تغير المفهوم الذي كان ينتابني حينما قدمت الى مدينة هيوستن، وقد شاءت الاقدار أن استقروأقيم بهذه المدينة العملاقة التي تعتبر رابع أكبر مدينة في امريكا من حيث المساحة حيث تأتي بعد نيويورك اكبر مدينة، ثم شيكاغو اكبر ثاني مدينة ثم لوس انجلس ثالث اكبر مدينة. مدينة هيوستن حقا مدينة رائعة بمعنى الكلمة.
عبدالعزيز عيسى
هيوستن - تكساس - الولايات المتحدة الامريكية
في اليوم التالى للاحتفال أقيم معرض كبير جدا في ميدان الحرية استعرضت فيه الشركات منتجاتها وبعض الفرق الفنية عروضها وقد اتيحت لي الفرصة أن ألتقي وأشاهد عن قرب العم عباس الملقب بـ "عباس بنك" "الله يطول في عمره ان كان على قيد الحياة" حيث احتل ركن خاص به في المعرض يجيب فيه على أسئلة زوار المعرض عن سفره ومغامراته في تكساس. ونظرا لكثرة الحضور وصغر سنى لم استطع أن أسأل العم عباس عن سر تسميته "عباس بنك".
رأيت أن أتطرق الى موضوع هذه الشخصية الهامة في تاريخ مدني والتي يعرفها العديد من أهل السودان لما اشتهر به اسمه، حيث يعتبر من القلائل و أوائل السودانييون الذين هاجروا الى امريكا في زمن لايعرف الكثير من أبناء بلدي أي شيء عن أمريكا سواء افلام الكاوبوي ، ونظرا لعدم معرفتي بتاريخ هذا الرجل حيث كان يحكي لنا فقط عن مغامراته التي قام بها في امريكا وداخل السودان، ولأهتمامى بالموضوع، وددت أن يدلنا أحد الاخوة القراء من يعرف عن تاريخه شيء ولو بالقليل عن هذه الشخصية الهامة لأحد أبناء مدني، وكيف و متى وأين استقر به الحال في امريكا وأي مدينة عاش فيها بولاية تكساس حيث عاوده الحنين الى مدني ورجع ليعيش في فيها لأنه لم يجد مثيل لها.
في العام 1987سافرت من السعودية مع عائلتي لزيارة امريكا لأول مرة، مكثنا في نيويورك لمدة يومين ثم اتجهنا الى مدينة هيوستن بولاية تكساس حيث استقر حاليا أنا وعائلتي. كنت في البداية مترددا قبل أن تهبط بنا الطائرة في مطار هيوستن الدولي حيث بدأت تدور في خاطري العديد من التساؤلات عن كيفية حال ولاية تكساس، وهل ينطبق عليها الحال تماما كما هو في أفلام الكاوبويز التى كنا نشاهدها في سينما "الخواجة" و"السينما الوطنية" مثل أفلام "ترنتي الجبار" و "النجمة السوداء" وهل ناس "منقوجا" و"ترنتي" و"ترسانه الذي لايرحم" وخلافهم يسيرون في الطرقات وتبارزون بأطلاق الرصاص من مسدساتهم الأنيقة دون تدخل من "الشريف" وكذلك كانت تدور في خاطري أيضا صورة "عباس بنك" وأسائل نفسي يا ترى في أي منطقة كان يستقر فيها بولاية تكساس .
بعد أن نزلنا من الطائرة طبعا وجدنا مطار هيوستن روعه في الهندسة المعمارية و التقدم الحضاري مطار ضخم جدا مقارنة بما لدينا في السودان، استقبلنا موظفو الطيران بكل أدب وترحاب والكل يحمل بسمة مرسومة على وجه. وبكل أدب واحترام أيضا أشاروا الينا ووجهوننا الى الطرق المؤدية ناحية الخروج وطلبوا منا الخيار اذا أردنا أن نركب القطارالخاص بالتنقل المحلي داخل المطار أو المشي على السير المتحرك. طبعا ركبنا القطار للسرعة.
لما شاهدت الناس في المطار والاحترام في تقديم المساعدة والله أطمأنيت قليلا وقلت بالله شوف الكاوبويات ديل آخر تكنولوجيا معنى ذلك موضوع المسدسات و"الخبط" اللى بنشوفه في الافلام مجرد تمثيل في تمثيل وانه الزمن اللي كان "بيقرضوا فيه الناس في الشارع" انتهى وولى عهده.
دخلنا مدينة هيوستن وأنا كلي حرص وأخذنا صاحب التاكسي الى فندق هوليداي ان وسط المدينة وكانت الساعة حوالي السابعة والنصف مساء،لاحظت خلو الشوارع من المارة و الكل راكب على السيارة. دخلنا الفندق وبعد أن انتهينا من مسألة الـتسجيل دخلنا المصعد لينقلنا الى الغرف التي خصصت لي مع عائلتي، وقبل أن يتحرك المصعد فجأة دخل علينا أثنان من الـ "تكسان" وهم في ملابس كابويات حتى أحذيتهم كانت من النوع اللي فيه الترس. على الفور قلت أعوذ بالله واللي كنت خايف منه ظهر لى في المصعد يعني "مافيش مفر بعد ما تحرك المصعد وقلت في نفسى انه الجماعه ديل عرفوا انه انحنا أجانب وخلاص الليله حيقرضونا ليك" وبدأت أقرأ في سورة الكرسي والمعوذات قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس وكمان زدت عليها شوية دعاء، لكن لاحظت انهم ما كانوا حاملين مسدسات قلت الحمد لله ربك ستر لو نزلوا في اخوكم ضرب بالبنية يمكن يكون فيه باقي روح على بال ما يصل المصعد الى الطابق الذي نقصده.
طبعا الشخصين عرفوا أننا من خارج البلد وبادروا علي بالتحية والابتسامة وسألوني من أين أنتم، قلت لهم وبكل جرأة "من السودان"، طبعا هم ما عرفين السودان ده فين في أوروبا ولا في آسيا ولا في السما. قلت لهم السودان في شمال شرق أفريقيا، طبعا أخوكم شويه اتشجع وقمت سألتهم انتو في هيوستن دائما بتلبسوا بالطريقة هذه. رد على واحد منهم والابتسامة مرتسمة على وجهه قائلا "لا انحنا ما بنلبس دائما هكذا، ولكن نحن الآن في موسم احتفالات اسمه "الروديو" نجتمع فيه نحن الكاوبويات في شهر فبرايرمن كل عام لابراز مهاراتنا في التحكم على رعي الابقار وركوب الخيول المتوحشة والثيران". وبكل لطافه قدم لي الدعوة لمشاهدة احدى العروض اليومية. شكرت الخواجه على حسن لطفه وبنفس الطريقة اعتذرت له عن عدم امكانية ذلك نظرا لأرتباطي ببرنامج معين و السفر الى مدينة أورلاندو في ولاية فلوريدا. من المعلوم أن الروديو من أكبر احتفالات الكاوبويز في العالم التي تقام في مدينة هيوستن بولاية تكساس ويفد اليه العديد من الكاوبويز من اوروبا واستراليا وامريكا الجنوبية وجنوب افريقيا فقط كما يجتمع فيه أكبر فناني الموسيقى الشعبية الامريكية وكذلك اكبر نجوم الفن والغناء الامريكي المشهورين، ومن خلال اقامتي في مدينة هيوستن اقوم من وقت لآخر بزيارة "الروديو" وحتى الآن استطعت أن أشاهد عروض لكبار الفنانين كنت دائما أحلم بمشاهدتهم مثل المغنية السمرا ديانا روس وكيني روجرز والمغني العظيم راي جارلس وخلافهم.
في اليوم التالي من زيارتنا لمدينة هيوستن بدأنا التجول في المدينة وشاهدنا مناظر الطرق و العمران الحضاري الجميل وقمنا بزيارة الى مركز الفضاء الامريكي "ناسا" وبالبطبع تغير المفهوم الذي كان ينتابني حينما قدمت الى مدينة هيوستن، وقد شاءت الاقدار أن استقروأقيم بهذه المدينة العملاقة التي تعتبر رابع أكبر مدينة في امريكا من حيث المساحة حيث تأتي بعد نيويورك اكبر مدينة، ثم شيكاغو اكبر ثاني مدينة ثم لوس انجلس ثالث اكبر مدينة. مدينة هيوستن حقا مدينة رائعة بمعنى الكلمة.
عبدالعزيز عيسى
هيوستن - تكساس - الولايات المتحدة الامريكية