المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يــال قســـوة قلــب أبـــي !!!!



madaniboy
25-03-2005, 10:00 AM
.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هذه واحدة من سلسلة من القصص القصيرة لشخصيات حقيقة
أستمعت لمعانتهم وكتبتها بأحساسي




كنت في السادسة من عمري عندما قرر والدي رحمه الله أن يبعث بي للقاهرة عند خالته لأدرس. يال قسوة قلب أبي ، كان يخشى علي من كثرة الدلال وحب جدي وأعمامي وعماتي لي . كان رحمه الله يوصلني للقاهرة في بداية كل عام دراسي ويضع في درج مكتبي خمس وثلاثون رسالة لأمي يخبرها فيها أنني بخير، وكل ما علي كل يوم سبت أن أغلق الرسالة وأضعها في صندوق البريد . حتى الطوابع كانت ملصقة عليها مقدما.

كانت تمر علي ليالي الشتاء طويلة باردة قاسية وأنا في بيت خالة والدي تغرق دموعي وسادتي شوقا لأمي وجدتي ولا أجد من يمسحها لي أو يواسيني بكلمة حب . يال قسوة قلب أبي . قضيت اثنا عشر عاما في مصر بعيدا عن حنان أمي وكل ذنبي أنني قد أكبر في دلالها ولا أنجح في حياتي.

ولكم كانت فرحتي كبيرة أن أنهيت دراستي الثانوية ، وأنني أخيراً سأعود لحضن أغلى الأحبة وأرتشف من حنانها الذي طالما بكوته . لكن فرحتي لم تدم طويلا فمع بداية العام الدراسي كان والدي قد جهز أوراقي وجواز سفري ليبعث بي لآخر الدنيا حيث أكمل في فرجينيا دراستي الجامعية يال قسوة قلب أبي .

وأنهيت دراستي بعد عناء غربة أربع سنوات لم يجد والدي ضرورة فيها لحضوري لرؤية أمي الغالية ولا مرة يال قسوة قلب أبي .وفي يوم حضوري فاجأني بأنه قد خطبك لي يا زوجتي الحبيبة الحنونة . لم أعترض كعادتي خصوصا أنني انبهرت بجمالك ورونقك وبهائك وعلمك وكل صفاتك الرائعة .

وتزوجنا وسافرنا للقاهرة حتى أكمل دراستي وأحصل على درجة الماجستير في الإدارة المالية. هناك ارتبطت بحركة ثورية . ورغم عدم علمي بمكنون دور الحركة والتي لم يعد دوري بها عن مخطط مالي لشؤونهم ،إلا أنني اعتقلت ضمن من اعتقلوا وأودعوا السجن السياسي بالرياض ؛ فور وصولي لبيت أهلي بمكة ووسط فرحة أهلي بعودتي برسالة الماجستير وطفلي الأول. وقضيت هناك خمس سنوات من عمري الضائع بعيدا عن أهلي والذي أصبح أمرا متعودا عليه من قبلي . حتى مات في قلبي معنى الشوق ولوعة الفراق . يال قسوة قلب أبي .

وخرجت من السجن السياسي أحمل هموم وألم ثلاث وعشرون عاما من الحرمان تحقيقا لرغبات والدي وتقديرا لقسوة قلبه . وعادت لي حريتي وطفلنا الوحيد وأنتي وبدأنا حياتنا من جديد . كان طعم الحرية رائعا لم أتذوقه من قبل فسكرت به وكنتِ أول من صفعتهم وسط سكرتي تلك، يوم دخلتي حجرة نومنا لتجديني مع إحداهن في فراشك . وكما كنتِ عند الصدمات صلبة دائما ؛ لم تتفوهي بكلمة واحدة ، واكتفيتي بأن طلبتي من والدي أن يمنحك الطلاق . مؤكد فهو صاحب الأمر والنهي في حياتي . وهو من زوجك بي .

لست أنسى كيف دخل الفيلا هائجا كوحش كاسر ودون أي كلمة توالت صفعاته، ثم سحبني كطفل في السادسة كما سحبني لمعتقلي الأول في القاهرة ليزج بي في غرفة بقبو قصره لثلاثة أيام عقابا لي على ما اقترفته من ذنب تجاهك . ثم راضاك وتعهد لك ولوالدك سيادة السفير بأن أكون زوجا مؤدبا لطيفا من الآن وصاعداً ، يال قسوة قلب أبي .

قرر بعدها والدي أن نذهب للولايات المتحدة حتى أحصل على درجة الدكتوراه فيشير الناس له بفخر وهم ينادونه بوالد الدكتور. وأنجبتي لي أبني الثاني الذي ظل أكبر فرحة وحب في حياتي. وحصلت على الدكتوراه وتقلدت منصبا مرموقا في صندوق النقد الدولي هناك . ثم عدت لوطني لأعمل أستاذا مساعدا بجامعة الملك عبد العزيز . وأفتن بابنة عمي الشابة المذهلة المطلقة والتي تصغرني بعشرين عام . فأعمل على نقلها من كلية البنات بمكة للجامعة بجدة لتكون قريبة مني فأفاتح والدتها برغبتي بها فتصفعني بقولها : زوجتك صديقتي وأنا لا أخون صديقاتي . وكلي ثقة بأنها تخشى فقط قسوة قلب أبي.

وها أنا على مشارف السبعين من عمري أبا لولدين وحيدين وأستاذا مشاركا ورجل دولة كان لوادي طبعا كل الفضل في كل ما وصلت إليه من تفوق ونبوغ ومناصب وآلام وجروح وعذاب . رحم الله والدي الذي أبت دموعي أن تسقط عليه يوم وفاته وإلى يومي هذا .
[

shashi
25-03-2005, 11:04 PM
رائعة جد مشكور اخوي فاقد ايه رأيك اقترح عليك تعملة سلسة من القصص القصيرة .. وتختها تحت عنوان تختاره
مع تحياتي ابو احمد

خالد هاشم علي
26-03-2005, 12:45 AM
حاجة روعة وشدتني القصة جداً جدا ومنتظرين الجديد.

تسلم.


ودمت.....

madaniboy
26-03-2005, 03:19 AM
فكره حلوة اب احمد ومشكووورين شباب على المروررررر

فاقد