المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سمن كلبك يأكلك!!



ود الأصيل
11-02-2013, 01:01 AM
"جوع كلبك يتبعك" هذه مقولة شهيرة تختزل لب ما رمت إليه سياسة فرنسا ..طبعاً لا أعني فرنسا بلاد الغال التي أفرزت أفزاز النهضة كفلوتير, لافونتين و جان جاك روسو و رفاقهم.. وإنما فرنسا تلك الإمبراطوية العجوز الشمطاء المستبدة التي أقبلت على شعوب الأرض فغرزت أنيابها ونهبت وعاثت فيها فساداً ولم تجلب إلا ظلماً و خراباً.. ثم لم تدع أحداً وشأنه إلا وقد مسختهم فأحالتهم أشباه أناس.. لا وطن و..لا هوية و لا انتماء.. بل شعور بالضياع والانجذاب المطلق, لابل و عطش شدشد لكل ما هو آت مما تسمى عاصمة الفن والجمال وأنا أقول عن دراية من عاش بها إنها (بؤرة العفن والانحلال) و بجدارة, و امتياز اللهم إلا من رحم ربك من ذوي النفوس الأبية الرخيصة في سبيل ربها و عزة أرضها.
درجت فرنسا كغيرها من الغزاة على انتهاج سياسة (استخرابية) ذات رأسين شيطانيين..هما ما يمكن الاجتهاد في ترجمته ب(1) الامتصاص و(2) الدمج. وكلتاهما ألعن من الأخرى إذ تصبان باختصار في خانة الاستلاب؛ فالحالة الأولى أشبه بعصارة الغذاء المهضوم حين يتم تمثيله فتحويله أحماضاً أمينية ثم دماً قابلاً للجريان في العروق, فهو الذوبان التام بعينه . و أما الدمج الذي , و إن بدا أخف وطأة ، إلا أنه لايرضى بأقل من إرغام الضحية على الانتماء في كل شيء يمت بعلاقة للسيادة و تقرير المصير, وإن عاش الناس على ترابهم.. والأمثلة لا تحتاج ضوءاً في رابعة النهار. فقد وضعت برامج متكاملة لخدمة ذلك الغرض..ففضلاً عن تجييش الجيوش التقليدية، فهناك الغزو الثقافي الذي يستهدف بالدرجة الأولي صفوة المتعلمين من أبناء المستعمرات لتتعهدهم بالعناية وتغريهم بالأضواء فيسيل لعابهم وراء الشهرة. وأن تعذر الاستقطاب فلا بأس بسلبهم من حجورأمهاتم أطفالاً(عراة) يافعين.. ليتم عجنهم هناك وصهرهم في أفران حضارة الشيطان.. إلى أن يعادوا أبطالاً (غزاة) فاتحين لأوطانهم , وليست النخاسة التي مورست بحق 103أطفال تمت سرقتهم من دار فور إلا مثالاً عصرياً على شهوة الثأر التي لم ما زالت تغص في حلوق العلوج .أنشأت فرنسا الجمعية الفرانكفونية كنوع من كومون ويلث الدول الناطق أهلها بالفرنسية. كذلك جعلت العضوية لما يعرف بالأكاديمة الفرنسية ثوب فخار ونوط جدارة تغدق به على من راق لها من أدباء العالم الثالث الذائبين والمندمجين أصلاً والصادحين بمبادي (الحرية, المساوة والإخاء) الزائفة.
شهدنا بأم أعيينا هناك ما يدمي له القلب قبل العين.. رعايانا من الشباب في أعمار الزهور في منتهى الضياع يفتشرون الأرض في أنفاق القطارات و يقتاتون الفتات من موائد القطط السمينة. تسأل أحدهم: من أنت ومن أي البلاد أتيت يا أخ العرب؟ فيرطن لك باسم بالكاد يخطئه لسان حال الضاد, ولكنه يجهل إلي أي قطر ينتمي ومن أي تراب خبزت عجينته. فكيف لا وقد حرف هؤلاء وبدلوا حتى صار حسين حبري (هابري) و جكوني عويضي (وداي) وإدريس الضبعي (دبي).أما الشعب الفرنسي ذاته فجاهل تماماً بنا. إفريقيا لديهم صورة نمطية مطبوعة في إذهان الحمائم كما الصقور: يمثلها أسد بلا أسنان و لا مخالب, أو امرأة غلبانة محروقة السحنة تؤدي عملها في بيادر الفقر في عز الهجير وهي تحمل على ظهرها رضيعاً يلتصق إلى خاصرتها كما القرادة أو لصقة قدة في مخلوفة وهو حاملل لأوبئة الدنيا.. فقط هذا كل ما يعرفونه عنا.
الحقيقة ما دفعني لهذا السرد هو ما ما لمسته مؤخراً فراعني من انجذاب مفزع لدى بعض شبابنا نحو لمعان الحضارة القادمة مما وراء البحار..خصوصاً أن لعرابيها براعة يحسدون عليها في الجذب والإغراء والتلون والتخفي وراء التسميات الأخاذة ..فتارة هي العولمة وأخرى هو لقاح الحضارات وحوار الديانات.. فراحوا يصموننا كما حلا لهم بين منكسرين وأكثر انكساراً..و رحنا نتلو ما يقولونه عن المقاومة و نحفظه عن ظهر قلب ، فنسميها (الحدود الدامية) وأما الانصياع التام كحال الميت بين يدي مغسله فنسميه (دلعاً) بالاعتدال وتشويهاً بوسطية فقه الواقع . فخوفي عليكم يا أخوتي وأبنائي.. وكأني بكم توشكون أن تأكلوا أصابعكم وراء ذلكم العلقم المدسوس في دسم الغرب.
و الآن يجيئ دور الشيطان الأكبر/ العم سام و الذي يطرح بين كل فينة وفينة ، ألوفاً مؤلفة من فتات فرصه الذهبية لأبناء عالمنا الافتراضي الثالث لحصولهم على فتافت بطائقه الخضراء. وهم ينظرون إليها كنظرة طفل غلى شجرة بابا نويل في صبيحة الكرسماث، و يتهافتوت عليها بنهم خرافي كما الكلاب تداهي غلى رمتها،؛ و لا أحد يفطن لأنها إنما يراد بها حشدهم كما يفعل حاطب ليل، وحشرهم هشيماً لنيران الحروب، و ادخارهم وقوداً حيوياً لتقلم بهم فوهات الراجمات على متون البوارج و هي تمخر عرض عباب المحيطات في نوبة سعار فتن و شرور تشتعل ساخنة و باردة ، و يشتد أوارها في أتون بؤر متوهمة مع (المارد الأخضر). فعلت أمريكا ذلك منذ دخولها على الخط في مواجهة ضد الاتحاد السوفياتي المندثر في أفغانستان، كان ذلك عبر بوابة الإغاثة و يا سخرية المفارقة أنه كان جنباً إلى جنب مع نفس الظلاميين من شباب التكفير والهجرة و الذين ما أن قوي عودهم و اشتد ساعدهم رموها وطعنوها في صرة برجيها ولم وسوف لن يكبح جماحها سوى ضيق ذات اليد جراء شبح الكساد العطيم الذي باتت عودته وشيكة وداهمة بعد مائة عام.