أبونبيل
15-02-2013, 11:48 AM
ود مدني الفضائية
تقف عملاقة فوق تراث اجتماعي عميق وتاريخ وطني خالد تسندها الإرادة السياسية والتفاعلات الفئوية والشعبية والقدرات الإعلامية
يروي تاريخ الاجتماع البشرى عن نهضة اقتصادية زراعية تجسدت في مشروع الجزيرة الذي كان الرافد الأساسي والرئيسي للدخل القومي في السودان، وقد سبقت هذه النهضة الاقتصادية والزراعية نهضة فكرية وثقافية واسعة عبرت عنها نار القرآن الكريم التي ظلت جذوتها متقدة حتى اليوم في ربوع الجزيرة الفيحاء، لتحفظ بذرة الدين الحنيف والعقيدة الإسلامية، ولتحمي رحاب الوطن العزيز من التدخل الأجنبي والاستعماري، وهكذا ظلت ولاية الجزيرة ذات إرث تاريخي واجتماعي وسياسي وثقافي وتربوي وهذا الموروث مجالاته كثيرة ومتعددة كانت ملامحها في تقابات القرآن الكريم وأنماط المدارس والمؤسسات التعليمية والتجارب البحثية والأسواق التجارية والمناطق الصناعية والصوفية بكل أمجادها وتأثيرها على الكيانات المختلفة، وقد ظلت ذراعاً أصيلاً في نشر العلم والقيم والفضيلة وأدب السلوك وإنسان هذه الولاية بمكوناته من الزراع، والصناع والعمال والرعاة والمجاهدون والإدارة الأهلية، النظار والعمد والمشائخ، وقد ظلوا شموعاً يكرمونا الضيف، ويغيثون الملهوف ويدافعون عن الأرض والعرض بأسلوبهم في حل المشاكل والقضايا الاجتماعية، المعلمون وأثرهم على المجتمع تحضراً وحضارة .. المبدعون في مجالات الفن والأدب والشعر والغناء والمسرح والسياسة والقيادة الاجتماعية، وتبقى ولاية الجزيرة بهذا التنوع والإرث الأوفر استقراراً والأكثر وعياً والتي تنصهر فيها ثقافات ومميزات كل المجتمعات الصغيرة في السودان وهي بهذا تكتسب أهمية اجتماعية وثقافية لا تنكر، وهي تحتضن معظم الموارد الاقتصادية والمائية ومصادر الطاقة والمعادن والغابات والبنيات الأساسية من طرق وكباري وغيرها من مقومات النهضة وكان من نتيجة كل هذا أن ضمت الولاية في أعطافها معظم المؤسسات الإنتاجية القومية والخدمية والتي يمتد عائدها للوطن كله مشروع الجزيرة والمناقل.
هيئة البحوث الزراعية، جامعة الجزيرة، مشروع الرهد، القاعدة الصناعية الأولى لمصانع السكر بالسودان (مصنع الجنيد) وتأتي جياد طفرة صناعية حديثة متفوقة والمجموعات الوافرة من العلماء والباحثين والخبراء والأدباء والمثقفين والمبدعين الذي أعطوا للحركة السياسية بعدها المعبر عنها إلى غير ذلك مما تزخر به الولاية في مجالات التنمية الشعبية للقطاع الخاص في كافة محليات الولاية .. وفي هذا الكم الهائل من النهوض الاقتصادي والزراعي والاجتماعي تضيف حكومة ولاية الجزيرة بقيادة البروفيسور الزبير بشير طه إلى كل منجزاتها على أرض الواقع من خدمات التعليم والصحة والكهرباء والمياه والتمويل الأصغر، والمنجزات الأخرى في المجالات الاجتماعية والاستثمار إلى غير ذلك مما يطول شرحه يتوج كل ذلك بالافتتاحات الكبرى التي أعلنها الأخ الوالي البروفيسور الزبير بشير طه والي ولاية الجزيرة بتشريف السيد رئيس الجمهورية في احتفالات العيد (57) لاستقلال السودان والتي تشمل (270) مشروعاً خدمياً وتنموياً بتكلفة (420 مليون جنيه + 392 مليون دولار).
على هذا (ود مدني الفضائية) تقوم في مناخ النهوض المتواصل والمتجدد بالمنجزات ما أوردناه تنفرد به ولاية الجزيرة بجعل الفضائية تطلع بالدور المزدوج في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية أحدهما على المستوى القومي والآخر على صعيد الولاية مما يجعل (ود مدني الفضائية) في الموقف المطالب بأداء متفرد يواكب هذا الواقع الذي تعيشه الولاية ويسابق تطلعات إنسانها الواعي المشرئب لآفاق أرحب والمتداخل مع ولايات الوطن المختلفة.
حاضرة ولاية الجزيرة (ود مدني):
وما دامت (ود مدني الفضائية) تحمل هذا الاسم الذي هو تاريخ وعلم وتصوف ومجد وبطولات، استوجب الأمر الوقوف عند حاضرة ولاية الجزيرة (ود مدني) ذلك لآن الحديث عنها حديث عن تاريخ أمة وكفاح جيل، لأنها مدينة في وجدان الوطن .. حبلى بكل جديد في تاريخ الأمة السودانية، أنجبت الأفذاذ وعلّمت الكثيرين من قادة الفكر والسياسة والأدب والشعر والفن، كما كانت صاحبة الفضل عندما بدأ السودان مشواره يبحث عن الاستقلال، ولهذا فكل دارس ومهتم بتتبع التطور السياسي في السودان والنهوض الثقافي والإنماء الاقتصادي لابد أن تأخذ منه ود مدني حيزاً من الاهتمام.
وقد كان من المعلوم بعد سقوط دولة سنار على يد الحكم التركي المصري اتخذها إسماعيل باشا مقراً لقواته ثم أصبحت بعد ذلك عاصمة للسودان لتنتقل منها بعد ذلك إلى الخرطوم عاصمة السودان، وعلى هذا أصبحت ود مدني رقماً مهماً في معادلات السياسة والاقتصاد والفكر والفن والرياضة والشعر والتصوف والأدب، وهي تشكل حضوراً دائماً في دفتر الوطن .. ومن هذا العمق التاريخي وعندما أقرت جامعة الدول العربية فكرة العواصم الثقافية للدول العربية وجاء دور السودان في العام 2005م في قائمة الدول العربية المقترحة بإعلان الخرطوم عاصمة للثقافة العربية، وما كان من اللجنة المركزية في الخرطوم للاحتفال بهذه المناسبة وللدور الثقافي لود مدني في الماضي والحاضر إلا أن تعلن (ود مدني عاصمة مناوبة للخرطوم للثقافة العربية)، وهكذا تأخذ (ود مدني الفضائية) عمق رسالتها من البعد الثقافي من هذه المدينة وهو يحتاج إلى التنقيب والتناول والإبراز كمادة غزيرة تمتد إلى سجلات دار الوثائق السودانية.
من هذه المدلولات تنادى المدعوون للاجتماع الثاني بقصر الضيافة بود مدني في 22 ديسمبر الجاري بحضور الأخ البروفيسور الزبير بشير طه والي ولاية الجزيرة وكان الاجتماع مميزاً حيث تنادى حضوره بكل ما في نفوسهم من ثقة وما في طاقتهم من جهد وما في خيالهم من سخاء، وقد افتتح الاجتماع الأخ البروفيسور إبراهيم القرشي وزير الثقافة والإعلام متناولاً أهداف الاجتماع وأجندته شاكراً للحضور مشاركتهم الفاعلة واستجابتهم المقدرة مؤكداً على أهمية الإنجاز الكبير لهذه الفضائية التي سيكون لها قبلها وبعدها لتقدم دوراً ثقافياً واجتماعياً طال انتظار أهل الجزيرة له وهم أصحاب السبق والمعرفة دعماً للوحدة الوطنية عملاً وعطاءً في كافة المجالات، محيياً الأخ البروفيسور الزبير بشير طه والي الولاية الذي يقود هذا العمل للوصول إلى غاياته كأكبر إنجاز إعلامي معتبر وهو يعطي هذا الاجتماع بعده ومدلولاته على طريق النتائج المرجوة منه ثم قدم الأخ صلاح أبو القاسم مقرر اللجنة العليا الذي قدم عرضاً موضوعياً ومفصلاً لمطلوبات إنجاز قيام القناة وكان العرض لوحة ناطقة جمعت فأوعت وحددت المقاصد، وأبانت الأهداف والاحتياجات اللازمة على الصورة العملية وبتوفير الاعتمادات المالية المحسوبة بالدقة والتي روعي في توزيعها الجهات المستهدفة التي تم حصرها وإعلانها والفئات المحددة من العاملين والمزارعين والمحليات والدستوريين والمغتربين والقائمة تطول وعند بداية الحوار اتفقت الآراء من المتحدثين على أهمية (ود مدني الفضائية) التي تلبي أشواق أهل الجزيرة ومجتمعاتهم بما تحققه من رباط جديد لأهل الولاية وهم يدخلون الفضاء بكل المفاهيم التي تتعدى الإبداع الفني والأدبي ليشمل كل مناشط الحياة وكل القيم المعرفية التي تشكل سلوك الإنسان، كانت هذه هي مجمل المعاني التي تداولت فيها الآراء التي أكدت على التصور وأبدت استعدادها على المساهمة المطلوبة، مؤكدين دعمهم لهذا الإنجاز الهام. وكان ختام الجلسة حديث الأخ البروفيسور الزبير بشير طه والي الولاية الذي أمن على الشراكة المقترحة في مشروع (ود مدني الفضائية) مشيراً إلى أن مجمل المعطيات في الاجتماع تتضافر لتشكل أهمية (ود مدني الفضائية) وضرورة اتخاذها وسيلة فاعلة لبناء الفرد وتطور المجتمع وتعود لمشارف الحضارة مشيراً إلى أن رسالة القناة لا تقتصر على القائمين على القناة وحدهم وإنما يشارك فيها كل مقتدر من أفراد المجتمع كل حسب قدرته وتخصصه.
ثم تناول الأخ الوالي بالموضوعية التعليق على المتحدثين مشيداً بالوضوح الذي تميزت به المداولات والمقترحات التي استوعبت التصور الشامل المقدم لقيام مشروع (ود مدني الفضائية).
بعد ذلك خلص الأخ الوالي من حديثه الذي غطى كافة الجوانب التي أثيرت في الاجتماع موجهاً بصورة عملية ومحددة بأن يتم الإعداد والتحضير لكل الالتزامات المالية التي شملت الجهات المعنية والمقدمة بالأرقام في التصور الذي حدد القوائم للاتحادات والنقابات والمحليات التي تتطلب إجراءات الاستقطاعات الموافقة المطلوبة لتتولى الجهات المالية إجراء اللازم، كما وجه الجهات الأخرى بأن تعد نفسها أيضاً لما يمكنها من إنفاذ ما أعلنته ووافقت عليه.
في ختام حديثه وضع الأخ الوالي النقاط على الحروف بتحديده لحضور الجهات المعنية لاجتماع مجلس الحكومة في يوم الخميس الموافق 3/1/2013م، وهكذا كانت مخرجات الاجتماع إيجابية وعملية.
ارتكاز (ود مدني الفضائية) على خصائص ومنطلقات الرسالة الإعلامية يدفع بالأداء إلى مراميه وغاياته، فنقول في إشارات الإعلام إمكانٌ هائل لا يجوز الاستهانة به لأنه أساس الحياة البشرية كلها وإن مجال نشاطه هو الإنسان عقله وفكره واتجاهاته وعقائده وحاجاته النفسية والاجتماعية.
في البداية كانت الكلمة، تتداخل بين الناس يبلغ صوتها كل أذن ويسمع خطابها كل إنسان، كانت الحناجر والأصوات والألواح .. تحمل الكلمة، وكان العرب في الجاهلية يهتمون بالكلمة شعراً ونثراً ويقيمون لها الأسواق للتباهي والتعبير لأشهى ثمرات النبوغ العربي.
ثم جاء الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين يحملون كلمة الله سبحانه وتعالى للبشرية جمعاء بالخطاب المباشر للناس وبالولات والمبعوثين الذين يحملونها وبالعلماء الذين أعدوا أنفسهم للبلاغ المبين.
وعلى هذا فلولا الكلمة كانت العزلة المطلقة، ذلك لأن الكلمة الفصيحة البليغة والمتميزة بأدق فنون التعبير هي التي تقوم بتوجيه العقل والذوق لأنها السحر الحلال الذي لا تتشاركه أي أداء في السيطرة على الإنسان.
وعلى ذلك وبنظرة سريعة للتاريخ البشري نجد أن الإنسان قد عرف الإعلام منذ بداية الوجود .. فلم تكن حاجاته تقتصر على الطعام والشراب والمأوى فحسب وإنما تعدت ذلك للاتصال بغيره، وهكذا يكون الإعلام هو التعريف بالشيء وتوسيع نطاقه للإحاطة به مما جعل الإنسان يمارسه في حياته بصورة ممتدة لأنه لم يكن ابن عصر معين أو حقبة من الزمان أو حضارة من الحضارات ذلك لأنه موجود منذ أن فتح الإنسان عينية على حقائق هذه الحياة وهو موجود منذ أن بدأ البشر يتعرفون على بعضهم البعض .. قال الله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (الحجرات : 13).
من هذا العرض تبقى الحقيقة للكلمة والقلم ويظل الإعلام أهم الوسائل لمخاطبة المجتمعات الإنسانية وترجمة هموم المجتمع بمختلف مشاربه الفكرية والسياسية والاجتماعية وتحويلها إلى برامج عمل ويضاعف دور الإعلام وأهميته بتطور وسائله ووسائطه وتقنياته، فمرحباً (بود مدني الفضائية).
بقلم:الأستاذ/ عبدالله الحسن
الامكنه
تقف عملاقة فوق تراث اجتماعي عميق وتاريخ وطني خالد تسندها الإرادة السياسية والتفاعلات الفئوية والشعبية والقدرات الإعلامية
يروي تاريخ الاجتماع البشرى عن نهضة اقتصادية زراعية تجسدت في مشروع الجزيرة الذي كان الرافد الأساسي والرئيسي للدخل القومي في السودان، وقد سبقت هذه النهضة الاقتصادية والزراعية نهضة فكرية وثقافية واسعة عبرت عنها نار القرآن الكريم التي ظلت جذوتها متقدة حتى اليوم في ربوع الجزيرة الفيحاء، لتحفظ بذرة الدين الحنيف والعقيدة الإسلامية، ولتحمي رحاب الوطن العزيز من التدخل الأجنبي والاستعماري، وهكذا ظلت ولاية الجزيرة ذات إرث تاريخي واجتماعي وسياسي وثقافي وتربوي وهذا الموروث مجالاته كثيرة ومتعددة كانت ملامحها في تقابات القرآن الكريم وأنماط المدارس والمؤسسات التعليمية والتجارب البحثية والأسواق التجارية والمناطق الصناعية والصوفية بكل أمجادها وتأثيرها على الكيانات المختلفة، وقد ظلت ذراعاً أصيلاً في نشر العلم والقيم والفضيلة وأدب السلوك وإنسان هذه الولاية بمكوناته من الزراع، والصناع والعمال والرعاة والمجاهدون والإدارة الأهلية، النظار والعمد والمشائخ، وقد ظلوا شموعاً يكرمونا الضيف، ويغيثون الملهوف ويدافعون عن الأرض والعرض بأسلوبهم في حل المشاكل والقضايا الاجتماعية، المعلمون وأثرهم على المجتمع تحضراً وحضارة .. المبدعون في مجالات الفن والأدب والشعر والغناء والمسرح والسياسة والقيادة الاجتماعية، وتبقى ولاية الجزيرة بهذا التنوع والإرث الأوفر استقراراً والأكثر وعياً والتي تنصهر فيها ثقافات ومميزات كل المجتمعات الصغيرة في السودان وهي بهذا تكتسب أهمية اجتماعية وثقافية لا تنكر، وهي تحتضن معظم الموارد الاقتصادية والمائية ومصادر الطاقة والمعادن والغابات والبنيات الأساسية من طرق وكباري وغيرها من مقومات النهضة وكان من نتيجة كل هذا أن ضمت الولاية في أعطافها معظم المؤسسات الإنتاجية القومية والخدمية والتي يمتد عائدها للوطن كله مشروع الجزيرة والمناقل.
هيئة البحوث الزراعية، جامعة الجزيرة، مشروع الرهد، القاعدة الصناعية الأولى لمصانع السكر بالسودان (مصنع الجنيد) وتأتي جياد طفرة صناعية حديثة متفوقة والمجموعات الوافرة من العلماء والباحثين والخبراء والأدباء والمثقفين والمبدعين الذي أعطوا للحركة السياسية بعدها المعبر عنها إلى غير ذلك مما تزخر به الولاية في مجالات التنمية الشعبية للقطاع الخاص في كافة محليات الولاية .. وفي هذا الكم الهائل من النهوض الاقتصادي والزراعي والاجتماعي تضيف حكومة ولاية الجزيرة بقيادة البروفيسور الزبير بشير طه إلى كل منجزاتها على أرض الواقع من خدمات التعليم والصحة والكهرباء والمياه والتمويل الأصغر، والمنجزات الأخرى في المجالات الاجتماعية والاستثمار إلى غير ذلك مما يطول شرحه يتوج كل ذلك بالافتتاحات الكبرى التي أعلنها الأخ الوالي البروفيسور الزبير بشير طه والي ولاية الجزيرة بتشريف السيد رئيس الجمهورية في احتفالات العيد (57) لاستقلال السودان والتي تشمل (270) مشروعاً خدمياً وتنموياً بتكلفة (420 مليون جنيه + 392 مليون دولار).
على هذا (ود مدني الفضائية) تقوم في مناخ النهوض المتواصل والمتجدد بالمنجزات ما أوردناه تنفرد به ولاية الجزيرة بجعل الفضائية تطلع بالدور المزدوج في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية أحدهما على المستوى القومي والآخر على صعيد الولاية مما يجعل (ود مدني الفضائية) في الموقف المطالب بأداء متفرد يواكب هذا الواقع الذي تعيشه الولاية ويسابق تطلعات إنسانها الواعي المشرئب لآفاق أرحب والمتداخل مع ولايات الوطن المختلفة.
حاضرة ولاية الجزيرة (ود مدني):
وما دامت (ود مدني الفضائية) تحمل هذا الاسم الذي هو تاريخ وعلم وتصوف ومجد وبطولات، استوجب الأمر الوقوف عند حاضرة ولاية الجزيرة (ود مدني) ذلك لآن الحديث عنها حديث عن تاريخ أمة وكفاح جيل، لأنها مدينة في وجدان الوطن .. حبلى بكل جديد في تاريخ الأمة السودانية، أنجبت الأفذاذ وعلّمت الكثيرين من قادة الفكر والسياسة والأدب والشعر والفن، كما كانت صاحبة الفضل عندما بدأ السودان مشواره يبحث عن الاستقلال، ولهذا فكل دارس ومهتم بتتبع التطور السياسي في السودان والنهوض الثقافي والإنماء الاقتصادي لابد أن تأخذ منه ود مدني حيزاً من الاهتمام.
وقد كان من المعلوم بعد سقوط دولة سنار على يد الحكم التركي المصري اتخذها إسماعيل باشا مقراً لقواته ثم أصبحت بعد ذلك عاصمة للسودان لتنتقل منها بعد ذلك إلى الخرطوم عاصمة السودان، وعلى هذا أصبحت ود مدني رقماً مهماً في معادلات السياسة والاقتصاد والفكر والفن والرياضة والشعر والتصوف والأدب، وهي تشكل حضوراً دائماً في دفتر الوطن .. ومن هذا العمق التاريخي وعندما أقرت جامعة الدول العربية فكرة العواصم الثقافية للدول العربية وجاء دور السودان في العام 2005م في قائمة الدول العربية المقترحة بإعلان الخرطوم عاصمة للثقافة العربية، وما كان من اللجنة المركزية في الخرطوم للاحتفال بهذه المناسبة وللدور الثقافي لود مدني في الماضي والحاضر إلا أن تعلن (ود مدني عاصمة مناوبة للخرطوم للثقافة العربية)، وهكذا تأخذ (ود مدني الفضائية) عمق رسالتها من البعد الثقافي من هذه المدينة وهو يحتاج إلى التنقيب والتناول والإبراز كمادة غزيرة تمتد إلى سجلات دار الوثائق السودانية.
من هذه المدلولات تنادى المدعوون للاجتماع الثاني بقصر الضيافة بود مدني في 22 ديسمبر الجاري بحضور الأخ البروفيسور الزبير بشير طه والي ولاية الجزيرة وكان الاجتماع مميزاً حيث تنادى حضوره بكل ما في نفوسهم من ثقة وما في طاقتهم من جهد وما في خيالهم من سخاء، وقد افتتح الاجتماع الأخ البروفيسور إبراهيم القرشي وزير الثقافة والإعلام متناولاً أهداف الاجتماع وأجندته شاكراً للحضور مشاركتهم الفاعلة واستجابتهم المقدرة مؤكداً على أهمية الإنجاز الكبير لهذه الفضائية التي سيكون لها قبلها وبعدها لتقدم دوراً ثقافياً واجتماعياً طال انتظار أهل الجزيرة له وهم أصحاب السبق والمعرفة دعماً للوحدة الوطنية عملاً وعطاءً في كافة المجالات، محيياً الأخ البروفيسور الزبير بشير طه والي الولاية الذي يقود هذا العمل للوصول إلى غاياته كأكبر إنجاز إعلامي معتبر وهو يعطي هذا الاجتماع بعده ومدلولاته على طريق النتائج المرجوة منه ثم قدم الأخ صلاح أبو القاسم مقرر اللجنة العليا الذي قدم عرضاً موضوعياً ومفصلاً لمطلوبات إنجاز قيام القناة وكان العرض لوحة ناطقة جمعت فأوعت وحددت المقاصد، وأبانت الأهداف والاحتياجات اللازمة على الصورة العملية وبتوفير الاعتمادات المالية المحسوبة بالدقة والتي روعي في توزيعها الجهات المستهدفة التي تم حصرها وإعلانها والفئات المحددة من العاملين والمزارعين والمحليات والدستوريين والمغتربين والقائمة تطول وعند بداية الحوار اتفقت الآراء من المتحدثين على أهمية (ود مدني الفضائية) التي تلبي أشواق أهل الجزيرة ومجتمعاتهم بما تحققه من رباط جديد لأهل الولاية وهم يدخلون الفضاء بكل المفاهيم التي تتعدى الإبداع الفني والأدبي ليشمل كل مناشط الحياة وكل القيم المعرفية التي تشكل سلوك الإنسان، كانت هذه هي مجمل المعاني التي تداولت فيها الآراء التي أكدت على التصور وأبدت استعدادها على المساهمة المطلوبة، مؤكدين دعمهم لهذا الإنجاز الهام. وكان ختام الجلسة حديث الأخ البروفيسور الزبير بشير طه والي الولاية الذي أمن على الشراكة المقترحة في مشروع (ود مدني الفضائية) مشيراً إلى أن مجمل المعطيات في الاجتماع تتضافر لتشكل أهمية (ود مدني الفضائية) وضرورة اتخاذها وسيلة فاعلة لبناء الفرد وتطور المجتمع وتعود لمشارف الحضارة مشيراً إلى أن رسالة القناة لا تقتصر على القائمين على القناة وحدهم وإنما يشارك فيها كل مقتدر من أفراد المجتمع كل حسب قدرته وتخصصه.
ثم تناول الأخ الوالي بالموضوعية التعليق على المتحدثين مشيداً بالوضوح الذي تميزت به المداولات والمقترحات التي استوعبت التصور الشامل المقدم لقيام مشروع (ود مدني الفضائية).
بعد ذلك خلص الأخ الوالي من حديثه الذي غطى كافة الجوانب التي أثيرت في الاجتماع موجهاً بصورة عملية ومحددة بأن يتم الإعداد والتحضير لكل الالتزامات المالية التي شملت الجهات المعنية والمقدمة بالأرقام في التصور الذي حدد القوائم للاتحادات والنقابات والمحليات التي تتطلب إجراءات الاستقطاعات الموافقة المطلوبة لتتولى الجهات المالية إجراء اللازم، كما وجه الجهات الأخرى بأن تعد نفسها أيضاً لما يمكنها من إنفاذ ما أعلنته ووافقت عليه.
في ختام حديثه وضع الأخ الوالي النقاط على الحروف بتحديده لحضور الجهات المعنية لاجتماع مجلس الحكومة في يوم الخميس الموافق 3/1/2013م، وهكذا كانت مخرجات الاجتماع إيجابية وعملية.
ارتكاز (ود مدني الفضائية) على خصائص ومنطلقات الرسالة الإعلامية يدفع بالأداء إلى مراميه وغاياته، فنقول في إشارات الإعلام إمكانٌ هائل لا يجوز الاستهانة به لأنه أساس الحياة البشرية كلها وإن مجال نشاطه هو الإنسان عقله وفكره واتجاهاته وعقائده وحاجاته النفسية والاجتماعية.
في البداية كانت الكلمة، تتداخل بين الناس يبلغ صوتها كل أذن ويسمع خطابها كل إنسان، كانت الحناجر والأصوات والألواح .. تحمل الكلمة، وكان العرب في الجاهلية يهتمون بالكلمة شعراً ونثراً ويقيمون لها الأسواق للتباهي والتعبير لأشهى ثمرات النبوغ العربي.
ثم جاء الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين يحملون كلمة الله سبحانه وتعالى للبشرية جمعاء بالخطاب المباشر للناس وبالولات والمبعوثين الذين يحملونها وبالعلماء الذين أعدوا أنفسهم للبلاغ المبين.
وعلى هذا فلولا الكلمة كانت العزلة المطلقة، ذلك لأن الكلمة الفصيحة البليغة والمتميزة بأدق فنون التعبير هي التي تقوم بتوجيه العقل والذوق لأنها السحر الحلال الذي لا تتشاركه أي أداء في السيطرة على الإنسان.
وعلى ذلك وبنظرة سريعة للتاريخ البشري نجد أن الإنسان قد عرف الإعلام منذ بداية الوجود .. فلم تكن حاجاته تقتصر على الطعام والشراب والمأوى فحسب وإنما تعدت ذلك للاتصال بغيره، وهكذا يكون الإعلام هو التعريف بالشيء وتوسيع نطاقه للإحاطة به مما جعل الإنسان يمارسه في حياته بصورة ممتدة لأنه لم يكن ابن عصر معين أو حقبة من الزمان أو حضارة من الحضارات ذلك لأنه موجود منذ أن فتح الإنسان عينية على حقائق هذه الحياة وهو موجود منذ أن بدأ البشر يتعرفون على بعضهم البعض .. قال الله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (الحجرات : 13).
من هذا العرض تبقى الحقيقة للكلمة والقلم ويظل الإعلام أهم الوسائل لمخاطبة المجتمعات الإنسانية وترجمة هموم المجتمع بمختلف مشاربه الفكرية والسياسية والاجتماعية وتحويلها إلى برامج عمل ويضاعف دور الإعلام وأهميته بتطور وسائله ووسائطه وتقنياته، فمرحباً (بود مدني الفضائية).
بقلم:الأستاذ/ عبدالله الحسن
الامكنه