ود الأصيل
16-07-2013, 10:09 PM
هل يضحك التاريخ من نفسه؟
لقد درجنا على سماع مقولات من قبيل أن التاريخ يعيد كتابة نفسه أو ترتيب أوراقه, التاريخ يسنتسخ نفسه ,و قديغالط التاريخ نفسه أو يسخر،
لا بل و يضحك من نفسه. أما أن ينسى التاريخ نفسه فهذهجديدة أو يلغي نفسه و يشطب مداد ملامحه فمستبعدة فقط و لكن ليست مستحيلة.
جلست الأم الطيبة كعادتها كل صباح على خرقة مصلاة ( تبروقة) بيضاوية صلت عليها الفجر لتوها في قعر خدرها،وراحت تدندن بأوراد محفوظة بالتواتر، وتقول:
أصبحنا وأصبح الملك لله، ثم قامت لتنخرط في دوامة الأعمال البيتية لتنجز كل شيء في لحظات وحراك آلي دؤوب و نشاط محموم. صاحت بأبنائها،
من لم يصحُ بعد لينهض ويجهز متاعة و ليشد رحاله إلى حيث يداوم ، ثم دلفت من هناك إلى مطبخنا الذي لا يشكو قلة من فئران. هنالك، حيث تقبع عجينة من حنطة,
معدة سلفاً للخبيز فصنعت الأم منها أنواعاً و أشكالاً من فطائر مشلتتة و محمرة و مشمرة و حشوات مملحة و مسكرة لتناسب كل الأذواق.
تداعى الجمع إلى قصعاتهم لتناولزاد الإفطار. ما أروعك يا هذه ولا أدري أي الأسماء أحب إليك كي نناديك به فأنت الكلفي الكل يا ست الكل..
فيا أماه و يا أختاهو ما أسخاك متى قدمتيه لنا بكل تحنان وقلت (اكلوه خير).
أما أنت الآخ رفكفاك نداء "يا أبتاه" ذاك الجندي المطحون و الكم الهائل شبه المهمل والتقريباً آخر من يذكر. تجلس ساكناً مثل الضيف و الباقين أصحاب الدار؛
تتناول حظك من الخبز الأسمر مع كويب من إقط محلول به دسم قليلأ و منزوع أصلاً، و له طعم ماسخ أو لا طعم ؛ تتجرعه ولا تكاد تسيغه مع ثلاثة أقراص بالألوان،
مسخرة كل منها لتسكين نوبات من ألم مدفون, أو كي تمنع جلطة محتومة ظلت تتربص بصاحبها صباح مطاح.
وقبل أن يهم الأبالمسكين بترك مكانه صوب الباب ليلهث خلف الرزق المقسوم. لقمة عيش تأتينا مشبعة بعرقجبينك المرفوع و رغم الجوع،
و ممرغة بتراب من زعفران شموخ الآباء والأسلاف، و لكن يبدوأن هيهات..
في تلك اللحظات شرد أبي بذهنه وهام بعيداً في أغوار و شعاب الذاكرة المحفورة و المأهولة بخواطر و كمأنات. بدأ بنفسه، يناجي .. يقول :
كم كنت شقياً و سعيداً في آنٍ. ماذا عساي إلا القول:هل ما أشبه البارحة بهذا اليوم؟ أم أين الآن هي تلك الأيام؟ حين كنت أسرج (جحشتي) الصهباء كما الترتار،
مطوعة للتو كي تحملني لسفر قاصد. . حيث كتاتيب الصبيان. ثم أعود على متنها ذات كل مساء قبل أن أدلف بها إلى حقلنا (في النجاض) لترتع ملياً،
ثم تروح خميصاءبحفنة مما يحلو لها من عشب قض أخضر و (كلاليق عدار) أو (سواس ) يابس،, لتجتر عليه مدار الليل (بنكهة محببة من لعوت أو سيال).
ثم سرعان ماعادالأب من سرحان يستعرض مشاهد عارضة عن باقي الأشخاص. أنت أيتها الرفيقة الرقيقة الودودالولود و الأم لأبنائي الرؤوم.
كم كنت في واقع الأمر حنكوشة.. دلوعة, مدللة جداً؛ كونك فلتة دهر بين الأخوات من طرقت باب التعليم. كانت عمتي وأمك إذا خرجت عن طورها ولسعتك بسير من عاشميق،
تأكل أظافرها ندماً و تنحر زوجاً من حمائم البيت المحظورة على كائن منكان، قالت قرباناً وعتبى إرضاء لغرورك المخدوش و برضو معاها عصير شربات,
تهيل عليه تلة سكر و كم ليمونة في لحظات. أما الآن فما أبعد تلك الليلة عن بارحة الأقدار و ما أشبههما في ذات الحين.
يبدو أن السحر انقلب على السحار, خلاس بباح , شليل وين راح..أكلو التمساح.
ذهبت تلك الأيام خوالي كالأحلام وها أنت ذي،كما كانت أمك ربة بيت؛ تعجنين وتخبزين, و تفرعين يومك بالدعوات و تختمينه بسؤال نمطي دوار:
إيش أعوس ليكم وأفرك ليكم من ملحات؟ نفس النغمة. و يا سبحان الله. كأن عقارب الساعة تدور بالعكس سبع لفات و تحاكي تقلد( فات الفات).
هاؤم اليوم تخرج الصبيان و هرعوا إلى حيث بلاد الله. . وهاهن اليوم صبايا الأمس رمين بكل نفيس عرض الحيط، لتأخذهن أحضان رجال أغراب وعلى سنة رسول الله.
طفش الكل يا أبو الأولاد: قالت أمي لأبي الغاطس في ربع أو ثمن هدوم. . كانت من ذي قبل تضيق عليه،, و لكن "لات حين مناص". رد عليها أبي العيان:
أن اتصلي و نادي ولدي فلان: أن أباك مريض حتى الآن و أن الأجل قريب دان. . أخيراً رد الولد العاق بطرف منخار و من كرسيه الدوار في مكتبه الفخم بمقر مركزه الهام ،
رد بصلف و جفاء معهود و بوز ممدود: مشغول يا حاجة مشغول.(أوكي) خلاص.. خلاص سأبعث سائقي على جناح براق. صدم الوالد؛
دخل غيبوبة ثم أفاق ..وناداها : مين جنب الباب. . ترقب قرع نعال آت. قال أبي تعالي خلاس . . دعي الرقراق. لا فائدة؛ وقولي لعيالي أن "هذا فراق"
وددت عناق فلذة كبدي ، لا السواق، كم أشتاق. . وعسى يجمعنا فردوس مفقود في الآفاق.
اللهم آمين. والله بعين.. يافلانة تذكرين؟ كنا سنبلتين، فلما تغشيتك صارت مني و منك سبع حبات و لكنلما (لبنت ثم نجمت) جاء الطير. .
و أديناها الطير! وأم تفة وقعت في البير و صاحبها واحد خنزير،
و أريتا دي عيشة تطير . . واللهم لا اعتراض.
لقد درجنا على سماع مقولات من قبيل أن التاريخ يعيد كتابة نفسه أو ترتيب أوراقه, التاريخ يسنتسخ نفسه ,و قديغالط التاريخ نفسه أو يسخر،
لا بل و يضحك من نفسه. أما أن ينسى التاريخ نفسه فهذهجديدة أو يلغي نفسه و يشطب مداد ملامحه فمستبعدة فقط و لكن ليست مستحيلة.
جلست الأم الطيبة كعادتها كل صباح على خرقة مصلاة ( تبروقة) بيضاوية صلت عليها الفجر لتوها في قعر خدرها،وراحت تدندن بأوراد محفوظة بالتواتر، وتقول:
أصبحنا وأصبح الملك لله، ثم قامت لتنخرط في دوامة الأعمال البيتية لتنجز كل شيء في لحظات وحراك آلي دؤوب و نشاط محموم. صاحت بأبنائها،
من لم يصحُ بعد لينهض ويجهز متاعة و ليشد رحاله إلى حيث يداوم ، ثم دلفت من هناك إلى مطبخنا الذي لا يشكو قلة من فئران. هنالك، حيث تقبع عجينة من حنطة,
معدة سلفاً للخبيز فصنعت الأم منها أنواعاً و أشكالاً من فطائر مشلتتة و محمرة و مشمرة و حشوات مملحة و مسكرة لتناسب كل الأذواق.
تداعى الجمع إلى قصعاتهم لتناولزاد الإفطار. ما أروعك يا هذه ولا أدري أي الأسماء أحب إليك كي نناديك به فأنت الكلفي الكل يا ست الكل..
فيا أماه و يا أختاهو ما أسخاك متى قدمتيه لنا بكل تحنان وقلت (اكلوه خير).
أما أنت الآخ رفكفاك نداء "يا أبتاه" ذاك الجندي المطحون و الكم الهائل شبه المهمل والتقريباً آخر من يذكر. تجلس ساكناً مثل الضيف و الباقين أصحاب الدار؛
تتناول حظك من الخبز الأسمر مع كويب من إقط محلول به دسم قليلأ و منزوع أصلاً، و له طعم ماسخ أو لا طعم ؛ تتجرعه ولا تكاد تسيغه مع ثلاثة أقراص بالألوان،
مسخرة كل منها لتسكين نوبات من ألم مدفون, أو كي تمنع جلطة محتومة ظلت تتربص بصاحبها صباح مطاح.
وقبل أن يهم الأبالمسكين بترك مكانه صوب الباب ليلهث خلف الرزق المقسوم. لقمة عيش تأتينا مشبعة بعرقجبينك المرفوع و رغم الجوع،
و ممرغة بتراب من زعفران شموخ الآباء والأسلاف، و لكن يبدوأن هيهات..
في تلك اللحظات شرد أبي بذهنه وهام بعيداً في أغوار و شعاب الذاكرة المحفورة و المأهولة بخواطر و كمأنات. بدأ بنفسه، يناجي .. يقول :
كم كنت شقياً و سعيداً في آنٍ. ماذا عساي إلا القول:هل ما أشبه البارحة بهذا اليوم؟ أم أين الآن هي تلك الأيام؟ حين كنت أسرج (جحشتي) الصهباء كما الترتار،
مطوعة للتو كي تحملني لسفر قاصد. . حيث كتاتيب الصبيان. ثم أعود على متنها ذات كل مساء قبل أن أدلف بها إلى حقلنا (في النجاض) لترتع ملياً،
ثم تروح خميصاءبحفنة مما يحلو لها من عشب قض أخضر و (كلاليق عدار) أو (سواس ) يابس،, لتجتر عليه مدار الليل (بنكهة محببة من لعوت أو سيال).
ثم سرعان ماعادالأب من سرحان يستعرض مشاهد عارضة عن باقي الأشخاص. أنت أيتها الرفيقة الرقيقة الودودالولود و الأم لأبنائي الرؤوم.
كم كنت في واقع الأمر حنكوشة.. دلوعة, مدللة جداً؛ كونك فلتة دهر بين الأخوات من طرقت باب التعليم. كانت عمتي وأمك إذا خرجت عن طورها ولسعتك بسير من عاشميق،
تأكل أظافرها ندماً و تنحر زوجاً من حمائم البيت المحظورة على كائن منكان، قالت قرباناً وعتبى إرضاء لغرورك المخدوش و برضو معاها عصير شربات,
تهيل عليه تلة سكر و كم ليمونة في لحظات. أما الآن فما أبعد تلك الليلة عن بارحة الأقدار و ما أشبههما في ذات الحين.
يبدو أن السحر انقلب على السحار, خلاس بباح , شليل وين راح..أكلو التمساح.
ذهبت تلك الأيام خوالي كالأحلام وها أنت ذي،كما كانت أمك ربة بيت؛ تعجنين وتخبزين, و تفرعين يومك بالدعوات و تختمينه بسؤال نمطي دوار:
إيش أعوس ليكم وأفرك ليكم من ملحات؟ نفس النغمة. و يا سبحان الله. كأن عقارب الساعة تدور بالعكس سبع لفات و تحاكي تقلد( فات الفات).
هاؤم اليوم تخرج الصبيان و هرعوا إلى حيث بلاد الله. . وهاهن اليوم صبايا الأمس رمين بكل نفيس عرض الحيط، لتأخذهن أحضان رجال أغراب وعلى سنة رسول الله.
طفش الكل يا أبو الأولاد: قالت أمي لأبي الغاطس في ربع أو ثمن هدوم. . كانت من ذي قبل تضيق عليه،, و لكن "لات حين مناص". رد عليها أبي العيان:
أن اتصلي و نادي ولدي فلان: أن أباك مريض حتى الآن و أن الأجل قريب دان. . أخيراً رد الولد العاق بطرف منخار و من كرسيه الدوار في مكتبه الفخم بمقر مركزه الهام ،
رد بصلف و جفاء معهود و بوز ممدود: مشغول يا حاجة مشغول.(أوكي) خلاص.. خلاص سأبعث سائقي على جناح براق. صدم الوالد؛
دخل غيبوبة ثم أفاق ..وناداها : مين جنب الباب. . ترقب قرع نعال آت. قال أبي تعالي خلاس . . دعي الرقراق. لا فائدة؛ وقولي لعيالي أن "هذا فراق"
وددت عناق فلذة كبدي ، لا السواق، كم أشتاق. . وعسى يجمعنا فردوس مفقود في الآفاق.
اللهم آمين. والله بعين.. يافلانة تذكرين؟ كنا سنبلتين، فلما تغشيتك صارت مني و منك سبع حبات و لكنلما (لبنت ثم نجمت) جاء الطير. .
و أديناها الطير! وأم تفة وقعت في البير و صاحبها واحد خنزير،
و أريتا دي عيشة تطير . . واللهم لا اعتراض.