المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جدلية في أزمة الشعر و الهوية!



ود الأصيل
02-11-2013, 11:28 PM
جدلية في أزمة الشعر و الهوية
يقال إن لكل سجين قصة فما هي قصة الشعر مع الهوية؟ هل هما صنوان أم ضدان؟
الجواب عندي نصف"نعم" ونصف"لا"
فالهوية قالب انغلاق ملموس , والشعر يوتوبيا انعتاق محسوس بامتياز ,
وهو سجين الهوية . والشاعر خلاف المتلمس وشتان بين حقيقة وحلم.
لكن الشعر وأخواته لا ينبغي له أن يترسخ أو يتفرد إلا على خلفية توتره
وتمرده ضد إكراهات الهوية بحواكيرها المرسمة وأحكامها المسبقة
على أفراد وجماعات، تخط لهم مساراتهم و تملي مصائر كثر منهم.

الهوية إذاً, برنامج محنط.. فهي عندما تشغل حيزا من الشعر فإنها تجازف بأن تكدر عليه صفوه,
وتئد روحه و تجهض مخاضه للفكاك إلى حيث فضليات المدن المأهولة أبداً بأحلام غير منجزة,
بعيداً عن أرق الهوية وإمكاناتها المرئية. هنالكضروب من الشعر وألوان من الإبداع الإنساني,
منها الشعر الطافحبشوفينيات التفاقم الكاذبة و طبقات عرق و لون ليس معني بها حديثنا هنا.
ومنه كذلك الأدب الرفيع و الشعر النقي المتجرد الراكب لأشرعة الخيال ليشق عباب
جمال الروح الراحلة إلى أبعد من سجالات قوم وحدود أملاكإلى ما وراء سحابات المثال.

لعل الاستثناء الأوحد للهوية كي تتسلل إلى ناموس الشعرهو حالة أن تكون فصلاً
من مشروع نضال لنيل حرية أو صرخة حلم بوطن مغصوب.
وهو استثناء لا يعني بحال أن يتنازل الشعر للهوية عن كبريائه فيمنحها قبولاً أبدياً.
ربما فقط إقراراً عفوياً بالتقاء وقتي و زواج عرفي عابر ،
لكنه متحوط ضد ثقافة البقاء على حال. فالهوية لو تركت لتعبث
في معاني الوجود الإنساني هكذا بلا رقيب للوثت على الشعر عقله
و لعبثت بعذريته البراء ولضحكت على سذاجته بهتاف فضفاض تارات
من أبواب السياسة و الاقتصاد وعلوم الأرض و الأجناس.

ود الأصيل
02-11-2013, 11:39 PM
لندلف من هنا إلى سؤال آخر:أين هي الواقعية من كل هذا؟
ومن أي قمقم يخرج لنا قرين الشعر و قبائل الشعراء؟

أليسوا من بيئات تسوسها السياسة و يشكلها الاقتصاد و يحكمها الدين
و تسودها علاقات إنسانية هي مد وجزر مع الآخر أو ضده؟.
و لعل نتاج كل ذلك هويات أو أنصاف هويات و صنوف أعراق و شظايا ملل و أهواء .
لا شك أن محاولة التعالي بشأن الشعر إلى حد ذاك الغلو ليس إلا مثالية تدنو من الهذيان.
إذا سلمنا بأن الهوية والشعر صنوان وضدان في آن. فأين يلتقيان إذا, ثم أين يفترقان؟
إذ إن الهوية قراراً لا مفر منه و هي حالة من "الأنا" فقط بلون وطعم أن"تكون أو لا تكون"،
أما الشعر فهو فرار لا مقر له و حالات من"الأنا" وضدها أنت و هو , بألوان جلباب الدراويش.
فحينما تلغ الهوية في إناء الشعر العريض و تبعثر صحو كلماته المنسية بلا رقيب ولا حسيب؛
ثم حينما يلج الشعر في سم الهويات المجهولة ليعتنق طقوسها المهووسة ليلطخ يديه بدماء غيره؛
حينئذ تشوه الأمور و تتماسخ الأشياء,لكون الهوية شيء و الشعر أشياء.

ود الأصيل
02-11-2013, 11:48 PM
من ديدن الشاعر المرهف أنه يضيق ذرعاً ببشاعة مجموعته
و يلفظ و اقعها المرير و يدأب على الخلاص من نيرالهوية؛
لكنه رغم تمرده يبقى لسان حالها الناقد ومجساً فردانياً،
يلامس نبض سربها الذي- و إن |أصر على الجروج عنه-
غير أنه ماكث على مقربة ليغرد بجواره وي حوم حول حماه.
لعمري إنها علاقة تنطوي على مفارقة و سخرية،
تلك التي تتجاوز الالتحام بين الشاعر وقومه،
و تبدو أعقد من مجرد تبعية آلية نمطية.
فكأن صوت الشعر نأي مبحوح و تعبير أقرب إلى الإيحائي ،
عن فشل جماعته في الانتقال إلى حالة أمثل من الأمرالقائم؛
حالة علها تكمن فقط في و جدان و جوده الداخلي،
تتأبط لفافات من المجهول و هي تدنو من جماليتها العليا ،
كجنازةلقتيل مجهول يحمولها رهط مشبوحة بين ضفتي نهر.

ود الأصيل
02-11-2013, 11:53 PM
مع كل ماسبق فلا أصدق و لا أبلغ مما قيل في حق الشعراء:
إنه يتبعهم الغاوون،وتراهم في كل وادٍ يهيمون،و يقولون ما لايفعلون.
فلو أن الدنيا حيزت لشاعر بحذافيرها لوجدته تواقاً
يندب حظه و يهمهم باكياً على أطلال فردوس آخر مفقود.
لعل من نافلة القول إنه لا يجوز ذكر الشعر و لا يذكر المتنبيء، ذاك القائل :-
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي
وأسمعت كلماتي من به صمم!!
ترى من قصد ب(أنا) و أي أدب يريد ذاك الذي أورده قرين شعره مهالك التنبؤ؟؟؟
ربما لسبب كهذا قررت أنني استطيع أن أظل"هاوياً" لا أن أغدو "شاعراً"ذات يوم!