مشاهدة النسخة كاملة : لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ
ود الأصيل
14-09-2014, 08:41 PM
{لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ
}سلسلة نود بمشيئة الله أن نتتبع فيها بشيء من الإمعان والروية
الوقوف عند غيض من فيض هذا المحيط بلا شطآن و الذي لا تنقضي عجائبه
قوله تعالى:{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}
يخبرنا عز و جل أنه ما خلق الخلق باطلاً و لا عبثاً، و إنما ليعبدوه ويوحّدوه،
ثم يجمعهم يوم الجمع لا ريب فيهفيثيب المؤمن و يعاقب من لا يرى بعثاً ولا معاداً،
وإنما هذه الدار فقط{ وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ}
و الله عزَّ وجلَّ من عدله وحكمته ألَّا يساوي بين متقٍ و فاجر{ أم نجعل المتقين كالفجار}.
استفهام استكاري ، إذلا يستوون عند اللّه، . إذاً، فلا بد من عاقبة يُفْرَق فيها بين هذا و ذاك ،
و عقل الفطرة السليمة لا بد أن يتدبر و تميز. فإنا نرى الظالم الباغي يزداد مالاً وولداً ثم ويموت.
كذلك المطيع المظلوم يموت بكمده، فلابد في حكمة الحكيم العليم العادل، الذي لا يظلم مثقال ذرة
من إنصاف الفرقاء. و إذا لم يقع هذا في هذه الدار فتعين توطئة دار معادٍ آخرةٍ لهذا الجزاء والمواساة،
ولما كان القرآن يرشد إلى المقاصد الصحيحة و المآخذ العقلية الصريحة قال تعالى: { كتاب أنزلناه
إليك مبارك ليدبروا آياته و ليتذكر أولوا الألباب} جمع لب و هو العقل، قال الحسن البصري:
واللّه ما تدبره بحفظ حروفه، و إضاعة حدوده، حتى إن أحدهم ليقول: قرأت القرآن كله
ما يرى له القرآن في خلق ولا عمل" "رواه ابن أبي حاتم عن الحسن البصري.
****************************************
ود الأصيل
14-09-2014, 09:16 PM
الكتاب هو القرآن، بركة الشيء هي
أن يعطي من الخير فوق ما يُتصوَّر منه.
و البركة في القليل تكون بالقناعة و الرضا
ثم يسلب المصارف فلا ينفق منها إلاَّ في المفيد.
قد يظن الكثيرون منا أنَّ الرزق هو المال، و قدلا ندري
أن سَلْبَ المصارف نوع من الرزق. إذاً،هناك الرزق رزقُ إيجابٍ
بأنْ يزيد الدَّخْل، ورزقُ سَلْب بأنْ تقلَّ المصارف.كرجل يعيش من الحلال،
وحين يمرض ولده مثلاً يكفيه كوبٌ من الشاي و قرص أسبرين، أما الذي يعيش
من الحرام ويكثُر المال في يده حين يمرض ولده لا بُدَّ أنْ يجلب له أجدعها طبيب
في البلد وينفق على شفائه بذخاً. وبركة آي القرآن في تربيته النفس على الاستقامة
التي لو نظرتَ إليها مادياً لتبين لك أنها لا تُكلِّفك شيئاً يذكر. نعم الاستقامة لا تكلفك،
أمَّا الانحراف فهو الذي يُكلِّف، فمثلاً كم تلكفك كلمتان خفيفتان على اللسان حبيبتان
للرحمن ثقيلتان في الميزان مقارنة بوعاء خمر يخامرالعقل ويخرم الجيب.لقول النبي
(ص): "المؤمن يأكل في مِعَيً واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء".
نعم الكافر يأكل كثيراً ليشبع، أما المؤمن فتكفيه لُقيمات يُقمْنَ صُلْبه،
و" نحن قوم لا نأكل حتى نجوع، وإذا أكلنا لا نشبع "
فيا له من منهج فطري سليم يعرف أقصر الطرق
إلى قلوبنا عبر المعدة! فهو يراعينا اقتصادياً،
مادياً و معنوياص و بدون تكلفة تذكر
*******************
ود الأصيل
14-09-2014, 09:38 PM
ثم إن القرآن مُبَاركٌ من ناحية أخرى (معنوية)،
فحين تتفاعل مع المنهج بقلبك يفتح المولى عليك بأسرار عجيبة،
{ يِٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوۤاْ إِن تَتَّقُواْ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً... }كحال موسى
- عليه السلام - وهو نبيّ الله مع عبد صالح من أتباعه وم ع ذلك فقد
ذهب وراءه ليتعلَّم منه، فلما اتبعه موسى بتوجه و إخلاص تعلُّم منه الأعاجيب،
و{ لِّيَدَّبَّرُوۤاْ آيَاتِه.. }ألاَّ ننظر إلى الوسيلة نظرةً سطحية، إنما ننظر للعاقبة بتفكُّر وتمعُّن
للخلفيات واللوازم لنستنبط ما في الشيء من العِبَر، لذلك لما خُرقت السفينة اعترض موسى؛
لأنه نظر إلى سطحية المسألة والمنطق. يقول: إن السفينة السليمة أفضل من المعيبة, إنما للعبد
الصالح مقياسٌ آخر، فهو لا يقارن بين سفينة سليمة وأخرى مخروقة، إنما يُقارن بين سفينة مخروقة
ولا سفينة أصلاً أيهما أفضل؟ لأن الرجل الظالم كان سيأخذ السفينة، وإنْ كانت سليمة فَخُرقها هو الذي
نجَّاها من هذا الظالم، وبقيتْ السفينةُ لأصحابها، هذا هو علم الملكوتيات والغيبيات التي يفيض الله بها
على مَنْ يشاء من عباده الذين أخلصوا له سبحانه.
**************************
وقوله: { وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ }
أي: أصحاب العقول النيرة، و تأمل هنا
أن الحق سبحانه يُنبِّه الذهن، و يُحرِّك الفهم إلى
تأمُّل ناموسه الكوني، و لله المثل الأعلى، أنظر بالمقابل:
إلى رجل بينك وبينه صفقة بيع لسلعة جيدة تراه يشرح لك مزاياها،
ويدعوك إلى اختبارها، والتأكد من جودتها و يُنبِّه عقلك ويحرص على
إلى ما خَفِي عنك منها.لثقته بأنك ستُقبل عليها.وإلا لكان راوغ اودلَّسَعليك،
و ليس كالذي يبيع لك سلعة الرديئة فإنه يصرف نظرك عن عيوبها، و يشغل
عقلك بأمور أخرى، حتى لا تتنبهإلى عيوب سلعته، فمثلاً تدخل المحل لشراء
حذاء مثلاً، فإنْ كان ضيقاً يقول لك البائع: إنه يتسع بالمشي فيه، وإنْ كان
واسعاً سبقك هو بقول:أنا أرى أنه ضيق عليك قليلاً، المهم عنده أن (يلف)
عقلك حتى تشتريه.فالحق - سبحانه وتعالى - يدعونا إلى تأمُّل آياته و
تدبُّرها والبحث فيها، لسابق علمه سبحانه أنها أقصر السبل لهدايتنا
إلى الحق و الصواب. ومع أن كثيراً من المسائل نجدها فوق
البحث ولا سبيل لإعمال العقل فيها، لكن أمرنا بالتدبُّر
والتفكّر والتأمّل في الكون، فلا مانع أنْ نبحث.]
ود الأصيل
17-09-2014, 01:16 AM
في قوله تعالى:
{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}
قال جبريل عليه السلام: إن الله
قد أحسن الثناء عليك (يا محمد) وعلى
أمتك فسل تعطه فسأل{ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}
الوسع هو ما تسع القدرة فعله دونما مشقة أو عنت أو حرج،
بخلاف الطاقة التي هي ما يستغرق القدرة و يستنفد الهمة حتى
شق الأنفس. لذا جاء في صيام من { يُطِيقُونَهُ} أي يتحملونه
بشق الأنفس أن منحوا رخصة العفاء من الصوم مع الاكتفاء فقط
بإخراج {فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} أي عن كل يومٍ. فقد جُعل مناط التكليف
هو الوسع و ليس الخروج عن حدود الطاقة. و هذا من لطفه تعالى بخلقه
و رأفته بنا و إحسانه إلينا . و هذه الآية ناسخة رافعة لما كان أشفق
منه صحابة رسول الله رضوان الله عليهم جميعاً في قوله تعالى:
{ و إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله}
أي إن الله و إن حاسب و سأل، لكن لا يعذب إلا
بما يملك البعد دفعه فأما ما لا يملك دفعه من
وسوسة النفس و حديثها فهذا لا يكلف به
الإنسان و لعلكراهية الوسوسة
السيئة من محض الإيمان.
ود الأصيل
18-09-2014, 01:19 AM
قوله تعالى:( لها ما كسبت)
أي: من كل خير هي مجبولة عليه
بفطرة الله التي فطر الناس عليها
(و عليها ما اكتسبت ) أي من شر
تسعى إليه بقدميها ومعاصيَ
تتكلف اجتراحهاوموبقات
تتنكب طريقها.
[/i]
ود الأصيل
18-09-2014, 01:42 AM
ثم قال عز من قائل:
مرشداً عباده إلى سؤاله
وقد تكفل لهم بالإجابة لسؤلهم،
كما أرشدهم وعلَّمهم سنة الإقرار بقولهم:
(ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أوأخطأنا). النسيان
هنا بمعنى الترك و التقاعس عن فعل طاعةٍ ما
ضمن دائرة التكليف ، بناء على تأويل باطل أي:
إنتركنا فرضاً على جهة النسيان. بخلاف الخطأ بمعنى:
إما بفعل منكرٍ ما ضمن دائرة التحريم.(أو أخطأنا) بمعني
أخفقنا و جانبنا الصواب في فعل طاعاتنا جهلاً منا بإتيانه على
و جهه الشرعي الأكمل .يقول النبي صلوات الله وسلامه عليه
(إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)
[/center]
ود الأصيل
25-09-2014, 01:27 AM
قال أبوالطيب المتنبي:
عَلى قَدْرِ أهْلِ العَزْم تأتي العَزائِمُ
وَ تأتي علَى قَدْرِ الكِرامِ المَكارمُ
وَتَعْظُمُ في عَينِ الصّغيرِ صغارُها
وَتَصْغُرُ في عَين العَظيمِ العَظائِمُ
****************
و الشاهد هنا:أنه بقدر
سمو الهدف بقدرما تكون
قوة الدفع و سرعةالانطلاق
نحو خطوط النهايات، وبقدرما
يُبذل من عرق السخين لبلوغ الغايات.
(1)
{ فامشوا...}
[/color]
[color="#0000cd"]فمثلاً في سبيل الإجمال
في طلب الرزق يقول عز من قائل:
{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا
فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}
{ فامشوا في مناكبها} هو أمر إباحة، وفيه إظهار
الامتنان. وقيل : هو خبر بلفظ الأمر؛ أي لكي تمشوا
في أطرافها ونواحيها وآكامها وجبالها.{ وكلوا من رزقه}
أي مما آتيته لكم. وقيل:مما أحله لكم؛ لكونها مقيدة بآية
سورة البقرة (168) { يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي
الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ
الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ}.
ود الأصيل
25-09-2014, 01:47 AM
(2)
{فَاسْعَوْا...}
و في تلبية داعي الله
للصلاة وهي عماد الدين قال تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ
الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَ ذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ
خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} المبادرة إليها و
الاهتمام لها، و جعلها على أهم شغل
للعبد . و ليس المقصود بالسعي
الركض أو العَدْوَ الذي قد نُهي
عنه عند المضي.
أبا إيثار
25-09-2014, 12:37 PM
لست بفقيه ولست بعالم ولكن يدثرني بواطن الكلم
ويسكت مدادي عظيم مايسكب من شهد ..
هنا وجدت عصب الحقيقة حين تهمس علياء الكون
في كلام الله ونعود جوعي ,, نسأله العفو المملوء حباً .
دوما كماعهدناااك أيها الماطر .
ود الأصيل
28-09-2014, 08:50 PM
أبا إيثار;733365]
لست بفقيه ولست بعالم ولكن يدثرني بواطن الكلم
ويسكت مدادي عظيم مايسكب من شهد ..
هنا وجدت عصب الحقيقة حين تهمس علياء الكون
في كلام الله ونعود جوعي ,, نسأله العفو المملوء حباً .
دوما كماعهدناااك أيها الماطر .[/SIZE]
الأخ الكريم/ أثير النفس ,
طبت و طاب ممشاك إلى
هنا و تبوأت من الجنة منزلاً.
أحييك مع إشراق الصباحات البيض
و الناس تودع أفرشة الخلود لأديم التثاقل
و تنهض إلى سماوات الكدح الشريف بروحانيات
عذبة عالية في سبيل الكسب و لقمة العيش النظيفة.
لا أعرف أين أنت تماماً و لكن حسبي قناعةً أنك مختوم
برحيق من أنفاس من سبقوني لمعرفتك ؛ ولكنني أسبقهم إليك
بترحابي حاسراً رأسي حافي القدمين. فمرحباً بك حيثما كنت أيها الرجل
القبيلة و أتشرف بك رفيقاً على الدرب, عرفتك دوماً هكذا دؤوباً على وخذ قلوبنا
كلما علاها غبار الغفلة و تاهت بنا أشرعة الضياع والنسيان في لجج و عتمات آفاق طائشة,
أقول: تحرص على وخذنا بأبر سنانها الإحساس الحي بضمير الحنو إلى غابر اللحظات النبيلة.
إبر ثقوبها بحجم واحة غناء في عز الهجير، تتسع ليحيا على صعيدها الجميع بلا تمييز و لا استثناء.
عرفناك إنساناً وصال أرحام و فتاش معارف و حلال شبك؛ حتى أولئك الراقدون تحت (قباب المدينة)
لو ترد الأرواح لأجسادهم فينطقون للهجوا و أثنوا عليك بالفضيلة،و أنك تصلهم لتُقرئهم سلامات البقية.
فكأني بك تقود وفداً من كل حدب و صوب، لتختلسوا خطاكم طوافين بربوع جزيرتي الفسيحة الخضراء.
فلله دركم و و شكراً لسعيكم كلما اتيتمونا بوجوه خيرٍ عتيقة متوارية خلف الجروف الوادعة مع أنين السواقي
"النايحة عزالليل حنين الدنيا ممزوج في بكاها" و هي تغازل صفصافة وارفةٌ أفرعها وأصلها راسخ في حضن الدميرة.
لننفض عن تلك الهامات غبار الانزواء في زحام السحنات البسيطة إلى براحات التلاقي مع و بين ظهراني العشيرة,
كلما قرأت لك مداخلة أخي وجدتها و لا أوقع و لا فض فوك و جوابك باين من عنوانه. و ما أتمناه عليك أخي ألا
يفتر عزمك أو يُفت في عضدك فتضن بأنيق حضورك و أنت بيننا فرس رهان جموح لا يشق لك غبار في مضاميرك
و سابق صيتك قلمٌ حُرٌ ننتظر منه الكثير لتبدد النعاس عن أجفاننا و لتعيد شحننا بدافعية جديدة، بل و تكرر أنتاجنا
مراراً لكي نجتر ما بقي لنا من تجارة بكماء, حيث الصوت يأكل صداه و الأنين يضل مداه .أقول تجارة وب كماء، لماذا؟!
لأننا في غربة بل غربات متراكمة, فيها أرق و تيه له أبواب و مصاريع عديدة, تليه سلسلة من مجاهيل سحيقة,
تبدأ ب"مم خلق" وتنتهي إلى يقين: "لامحالية الارتحال". بين هذا و ذاك, كتب علينا و على الذين من قبلنا
أن نقوم بفعل الحياة؛ أو بالأحرى أن نحيا الحياة بحذافير جدليتها, إذاً, فلنبق على قيدها فلا نأبه كثيراً
بكائن من كان يحاول ثنينا عن المضي قدماً في دروب الحياة على علاتها.
***************************************
الشكر والفضل مردود صاعين إلى أهله
و أنت من أعز أهله و أعني بهم كل كاتب و قارئ
و قيل: رب شارب خير من حالب و كلاهما في الأجر سواء.
فبمداخلتك إياي في غيرما موقع،إنما تشجعني على الخروج
على مضض من خلف أستار الكلمات المنسية و تلملم شعثي
بعد التلاشي في ضبابات العدم. و تسلمني بيديك يراعاً
و قرطاساً لأسجل عليه ما بقي لنا من فتات ذكرى
مفقودة خربة و و عصارة تجارب باهتة صماء.
***************************
نكتب أحياناً عن النكد لأن أمهاتنا ولدننا أحراراً و ليس لأحد
أن يسترقَّنا ، و لا نطيق العيش في قمقم و لا الولغ في المياه الرواكد.
ربما يفهم من شتات كلامي أن مسحةً من أرق تسكنني دوماً من هم غير
مشخص و توجس من مجاهيل شتى في خضم صراعات( تكون أو لا تكون),
و كأن بقاءنا ما كان أصلاً إلا ليعطيَ معنىً للفناء. لنعش حياتنا إذاً، كما أسلفت,
قبل فوات قطارنا غير آبهين بكم محطة توارت كحفنات من يباب؛ فلا ندع رعشة فرح
تدير ظهرها لنا قبل أن نعب من نخبها عباً و نشرب شراب مودع. لإن دقات قلب
المرء قائلةٌ له إن الحياة دقائق و ثوانٍ!! ثوانٍ!؟ و من قال لنا ثوانْ!؟ بل هي أنفاس
إذا طلعت فمن ذا الذي يضمن لنا أنها سوف تتدلى. فلنتشبث بها ونتخذها
زاداً لما وراء الأيام. فهنيئاً ل(أبي إيثار) بترحاب كلي ثقة بأنه صادف
أهله ؛ ضم سبعين ألف مرحب تشرفت بأن لو لم أكن أولهم
فلست بآخرهم و خرجَتْ له صبايا (عدن النيل الأزرق)
يستقلبنك بتواشح نهرنا الخالد فلتكن دوماً
كصندلة تعطر فأس قاطعها.. بل
كُن وردة عطرها حتى لسارقها
لا دمنة خبثها حتى لساقيها.
ود الأصيل
28-09-2014, 09:14 PM
(3)
{سَابِقُوا**وَسَارِعُوا }
و في طلب المغفرة المفضية إلى
دخول الجنة التي هي غاية كل مؤمن:
قال الله سبحانه وتعالى في سورة آل عمران:
{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ
وَا لأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133)}. و قال سبحانه في سورة الحديد:
{سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ
لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21)}.
ففي الآية الأولى: {وَسَارِعُوا}، وفي الثانية قال سبحانه : {سَابِقُوا}. وفي الآية الأولى:
{وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ}،وفي الثانية قال: {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ}.
وفي الآية الأولى قال سبحانه: {أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}، وفي الثانية قال:{أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ}.
هذا الفرق بين الآيتين اقتضاه السياق الذي وردتا فيه، ذلك أن الآية الأولى تتعلّق بالمتقين، والثانية
بالمؤمنين. ولما كانت التقوى وهي ثمرة الإيمان أعظم درجاته و أرقى رتبه، كانت أفضل من مجرّد الإيمان؛ لأنّها
تتضمّنه و زيادة، والتقّي أفضل من المؤمن العادي. وقد بيّن الله واقع المتّقين الذين أعدّت لهم جنة عرضها السماوات
و الأرض:{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا
فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ}.
فقد لزم إذن التفرقة بين المتّقين المؤمنين. و تتجلّى هذه التفرقة في الآيتين من ناحيتين: في الخطاب ، و في الثواب.
فخاطب المولى تعالى المتّقين بدعوتهم إلى المسارعة (وسارعوا)، بينما خاطب المؤمنين بدعوتهم إلى المسابقة (و سابقوا).
و الفرق بينهما هو: أن المتّقين في تنافس وسباق، لذلك لم يحثّهم عليه لحصوله منهم، إنما حثّهم على مزيد منه وحضّهم
على الأحسن منه، فحسن هنا أن يخاطبهم بالمسارعة. وعلى خلاف ذلك، فإنّ المؤمنين لم يحصل منهم التقدّم في الرتبة،
و الارتفاع بالمكانة، لذلك حثّهم على السباق ابتداء، فإذا حصل منهم شملهم الخطاب الداعي إلى الإسراع. أمّا الثواب،
فقد اختلف باختلاف الرتب. ففي خاطبه سبحانه المتّقين قال: {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ}، بينما خاطب
المؤمنين عامة بقوله: {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ}. و الفرق بينهما يكمن في كون الآية الأولى
المتعلّقة بالمتّقين لم ترد بصيغة التشبيه للدلالة على أنّ هذا الثواب الموعود لا يضاهى ولا يماثل و لا يشابه.
علاوة على هذا ففي الآية الأولى(عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ) وفي الثانية (عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ)
وهذا يتضمّن أيضاً الفرق بين الجنّتين من حيث السعة.
************************************
والحكمة في هذا والله أعلم تتعلّق
بأمرين: الأوّل، أنّ على قدر الأعمال يكون
الجزاء. فأعمال المتقين أعظم درجة من أعمال
المؤمنين،لذلك كان ثوابهم أعظم.و الثاني، أنّ ثواب
المؤمنين حاصل لدى المتّقين بما قدّموا، ولكن لما
حثّهم الحقّ سبحانه وتعالى على المزيد حسن
هنا أن يعطيهم المزيد، فكان الحثّ
على تقديم الأفضل مقترنا بالوعد
بالأفضل. والله أعلم.
**********
حاشية إضافية:
و السرعة المشتق منها قوله:
(سارعوا) مجاز في الحرص و المنافسة
و الفور إلى عمل الطاعات التي هي سبب
المغفرة و الجنة ، و يجوز أن تكون السرعة حقيقة ،
و هي سرعةالخروج إلى الجهاد عند التنفير كقول النبي
صلى الله عليه و سلمفي الحديث ( و إذا استنفرتم فانفروا ).
و المسارعة على التقادير كلها تتعلق بأسباب المغفرة ، و أسباب
دخول الجنة ،فتعليقها بذات المغفرة و الجنة من تعليق الأحكام بالذوات
على إرادة أحوالهاعند ظهور عدم الفائدة في التعلق بالذات . و جيء بصيغة
المفاعلة ، مجردة عن معنى حصول الفعل من جانبين ، قصد المبالغة في
طلب الإسراع ، و العرب تأتي بما يدل في الوضع على تكررالفعل وهم
يريدون التأكيد والمبالغة دون التكرير ،ونظيره التثنية في قولهم :
(لبيك و سعديك )، و قوله تعالى ثم (ارجع البصر كرتين)
**********************
أبا إيثار
29-09-2014, 09:12 AM
الأخ الكريم/ أثير النفس ,
طبت و طاب ممشاك إلى
هنا و تبوأت من الجنة منزلاً.
أحييك مع إشراق الصباحات البيض
و الناس تودع أفرشة الخلود لأديم التثاقل
و تنهض إلى سماوات الكدح الشريف بروحانيات
عذبة عالية في سبيل الكسب و لقمة العيش النظيفة.
لا أعرف أين أنت تماماً و لكن حسبي قناعةً أنك مختوم
برحيق من أنفاس من سبقوني لمعرفتك ؛ ولكنني أسبقهم إليك
بترحابي حاسراً رأسي حافي القدمين. فمرحباً بك حيثما كنت أيها الرجل
القبيلة و أتشرف بك رفيقاً على الدرب, عرفتك دوماً هكذا دؤوباً على وخذ قلوبنا
كلما علاها غبار الغفلة و تاهت بنا أشرعة الضياع والنسيان في لجج و عتمات آفاق طائشة,
أقول: تحرص على وخذنا بأبر سنانها الإحساس الحي بضمير الحنو إلى غابر اللحظات النبيلة.
إبر ثقوبها بحجم واحة غناء في عز الهجير، تتسع ليحيا على صعيدها الجميع بلا تمييز و لا استثناء.
عرفناك إنساناً وصال أرحام و فتاش معارف و حلال شبك؛ حتى أولئك الرقدين تحت (قباب المدينة)
لو ترد الأرواح لأجسادهم فينطقون للهجوا لكم وأثنوا بالفضيلة ، و أنك تصلهم لتُقرئهم سلامات البقية.
فكأني بك تققود وفداً من كل حدب و صوب، لتختلسوا خطاكم طوافين بربوع جزيرتي الفسيحة الخضراء.
فلله دركم و و شكراً لسعيكم كلما اتيتمونا بوجوه خير عتيقة متوارية خلف الجروف الوادعة مع أنين السواقي
"النايحة عزالليل حنين الدنيا ممزوج في بكاها" وهي تغازل صفصافة وارفةٌ أفرعها وأصلها راسخ في حضن الدميرة.
لننفض عن تلك الهامات غبار الانزواء في زحام السحنات البسيطة إلى براحات التلاقي مع و بين ظهراني العشيرة,
كلما قرأت لك مداخلة أخي وجدتها و لا أوقع و لا فض فوك و جوابك باين من عنوانه. و ما أتمناه عليك أخي ألا
يفتر عزمك أو يُفت في عضدك فتضن بأنيق حضورك و أنت بيننا فرس رهان جموح لا يشق لك غبار في مضاميرك
و سابق صيتك قلم حر ننتظر منه الكثير لتبدد النعاس عن أجفاننا لتعيد شحننا بدافعية جديدة، بل وتكرر أنتاجنا
مراراً لكي نجتر ما بقي لنا من تجارة بكماء, حيث الصوت يأكل صداه و الأنين يضل مداه .أقول تجارة وبكماء
لأننا في غربة بل غربات متراكمة, فيها أرق و تيه له أبواب و مصاريع عديدة, تليه سلسلة من مجاهيل سحيقة,
تبدأ ب"مم خلق" وتنتهي إلى يقين: "لامحالية الارتحال". بين هذا و ذاك, كتب علينا و على الذين من قبلنا
أن نقوم بفعل الحياة؛ أو بالأحرى أن نحيا الحياة بحذافير جدليتها, إذاً, فلنبق على قيدها فلا نأبه كثيراً
بكائن من كان يحاول ثنينا عن المضي قدماً في دروب الحياة على علاتها.
***************************************
الشكر والفضل مردود صاعين إلى أهله
و أنت من أعز أهله و أعني بهم كل كاتب و قارئ
وقيل: رب شارب خير من حالب و كلاهما في الأجر سواء.
فبمداخلتك إياي في غيرما موقع،إنما تشجعينني على الخروج
على مضض من خلف أستار الكلمات المنسية وتلملم شعثي
بعد التلاشي في ضبابات العدم. و تسلمني بيديك يراعاً
وقرطاس لأسجل عليها ما بقي لنا من فتات ذكرى
مفقودة خربة و و عصارة تجارب صماء.
*************************
نكتب أحياناً عن النكد لأن أمهاتنا ولدننا أحراراً ليس لأحد
أن يسترقنا ولا نطيق العيش في قمقم ولا الولغ في المياه الراكدة
ربما يفهم من شتات كلامي أن مسحةً من أرق تسكنني دوماً من هم غير
مشخص و توجس من مجاهيل شتى في خضم صراعات( تكون أو لا تكون),
وكأن بقاءنا ما كان أصلاً إلا ليعطي معنى للفناء. لنعش حياتنا إذن كما أسلفت,
قبل فوات قطارنا غير آبه بكم محطة توارت كحفنات من يباب؛ فلا ندع رعشة فرح
تدير ظهرها لنا قبل أن نعب من نخبها عباً ونشرب شراب مودع. لإن دقات قلب
المرء قائلة له إن الحياة دقائق وثوان!! ثوان؟؟؟؟ و من قال ثوان؟؟؟ بل هي أنفاس
إذا طلعت فمن ذا الذي يضمن لنا أنها سوف تتدلى. فلنتشبث بها ونتخذها
زاداً لما وراء الأيام.هنيئاً ل(أبي إيثار) بترحاب كلي ثقة بأنهصادف
أهله ؛ ضم سبعين ألف مرحب تشرفت بأن لو لم أكن أولهم
فلست بآخرهم و خرجت له صبايا عدنالنيل الازرق
يستقلبنك بتواشح نهرنا الخالد فلتكن دوماً
كصندلة تعطر فأس قاطعها.. بل
كُن وردة عطرها حتى لسارقها
لا دمنة خبثها حتى لساقيها.
قلادة كتبت بماء النور
أعتز بها مدي حياتي ,,,,
يااااه كم أنت كريم أيها الوضّاح
تعطيني عبير بيارق الآفاق وتضمخني
بكل هذه المباهج الذهب ؟؟؟
ليتني كنت كذلك أيها الساقي لتلكم الرضاب
من نبضك وجواهر حسنك المنثور شاهدَ هنا ..
بصدق ماأسعدني بتلكم الرفقة ..
أسأله ربي أن يمتعك بالصحة والعافية وعقابك .
ود الأصيل
29-09-2014, 10:14 PM
قلادة كتبت بماء النور
أعتز بها مدي حياتي ,,,,
يااااه كم أنت كريم أيها الوضّاح
تعطيني عبير بيارق الآفاق وتضمخني
بكل هذه المباهج الذهب ؟؟؟
ليتني كنت كذلك أيها الساقي لتلكم الرضاب
من نبضك وجواهر حسنك المنثور شاهدَ هنا ..
بصدق ماأسعدني بتلكم الرفقة ..
أسأله ربي أن يمتعك بالصحة والعافية وعقابك .
اللهم آمين وولله نحن الأسعد
وهذا من بعض غيض من فيض ما لديكم
(4)
{فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ...}
لقد مر معنا الحديث عن عزم تأتي على قدره العزائم
و قد تدرجنا معها من مجرد (مشي) في الأرض طلباً للرزق،
ثم سعي إلى الذكر، ثم مسابقة فمسارعة إلى مغفرة و جنة عرضها
السماوات والأرض. و ها نحن بصدد الفرار إلى الله لما تعلق الأمر بذاته
العلية . يقول المولى عز و جل على لسان نبيه ا لكريم ، في سورة الذاريات:
{فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ (50)} وفي ظل هذه اللمسات القصيرة
العبارة الهائلة المدى:في أجواز السماء , وفي آماد الأرض, في أعماق الخلائق .
يهتف بالبشر ليفروا إلى خالق السماء والأرض والخلائق , متجردين من كل ما يثقل
أرواحهم و يقيدها ; موحدين الله الذي خلق هذا الكون وحده بلا شريك . (ففروا إلى الله,
إني لكم منه نذير مبين . ولا تجعلوا مع الله إلها آخر , إني لكم منه نذير مبين). . و التعبير
بلفظ الفرار عجيب حقاً. وهو يوحي بالأثقال والقيود والأغلال والأوهاق , التي تشد النفس البشرية
إلى هذه الأرض, وتثقلها عن الانطلاق , وتحاصرها وتأسرها وتدعها في عقال. و بخاصة أوهاق
الرزق والحرص و الانشغال بالأسباب الظاهرة للنصيب الموعود . ومن ثم يجيء الهتاف قوياً للانطلاق
و التملص والفرار إلى الله من هذه الأثقال والقيود ! الفرار إلى الله وحده منزها عن كل شريك .
وتذكير الناس بانقطاع الحجة وسقوط العذر: (إني لكم منه نذير مبين). وتكرار هذا التنبيه
في آيتين متجاورتين , زيادة في التنبيه والتحذير! فسبحان الذي لا تكون الخشية
منه إلا دافعاً أقوى للفرار إليه، إذ لا منجى ولا ملجأ منه إلا إليه..
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir