المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الفَيْتُوْرِي/ المملوكً الهَوَى .. و سلطان العاشقبنَ !!



ود الأصيل
20-10-2015, 11:20 PM
الفـَـيْــــتــــــُــوْرِي/
رحَّالةٌ عربيٌّ أم كاهِنٌ أفريقيٌّ!!
ياما تنازعتْهُ هُوِيَّاتٌ شتَى؟ ليَعِيشَ طائراً
كعصافير الجَنَّة.. راحِلاً بين مشارقِ الشَّـمــسِ
و مغاربِ القَمرِ . فكلما حطَّ رحله علي بساطِ ريحٍ
و سَرَتْ به ليلاً في جنح ظلامٍ ليلٍ تعسعسَ ، فمتي لاح له
صُبْحٌ و تَنَفس ، تكشفتْ له سوءاتُ الظلم والطغيان في
أكناف اللئام .. و أعياه الكلام.. ليظل هائماً على
وجهه..كسلطانٍ عاشقٍ.. بيده صولجانٌ و قيثارة.
إذ يتغنَّى ب«معزوفةِ درويشٍ متجولٍ».
***************************###******************** *******

ود الأصيل
21-10-2015, 12:03 AM
بالله ما ظنكم بعاشقٍ ملتاعٍ للنخاع،
كهذا الذي راح ينظمُ ، منذ نعومة أظفاره
الإبداعية، مثل هذا الكلامِ قصيداً، ليصدح به قيثارة
النغم النوبي الحزين و فرعون المغنَى السوداني الرصين/
محمد عثمان وردي ؛ و يتقدم به قربانا عند محراب
الحرية و الإنعتاق و مناهضة القيود و الإستبداد
و الإعتزاز بوطنية طاغيةٍ. إذ يقول:
*******#####********
أصبحَ الصبحُ فلا السجنُ و لا السجنُ و لا السجانُ باقي
و إذا الفجرُ جناحانِ يرِفَّانِ عليكَ
و إذا الحُسْنُ الذي كحَّل هاتيك المآقي
التقى جِيلُ البطولاتِ بجيل التضحياتْ
التقى كل شهيدٍ قهر الظلمَ و ماتْ
بشهيدٍ لم يَزَلْ يبذر في الأرضِ بذور الذكرياتْ
أبداً ما هنتَ يا سودانَنا و لا يوماً علينَا
بالذي أصبح شمساً في يدينَا
وغناءً عاطراً تَعْدُو به الريحُ، فتختالَ الهوينَى.
*********^^^^^***********

ود الأصيل
21-10-2015, 03:08 AM
كنَّا مدعويينَ على الغداء لدى أخينا الدكتور/
كمال عكود مع لفيف من زملائه في الشبكة الإسلامية.
و كان بينهم ضيفان غريبان أحدهما أريتريٌّ، توهمته من البني عامر
فاستملحت فيه سحنةً عربيةً بينةً،مالت إليها نفسي و اسمترأنا تجاذُبَنا
لطرفَي الحديث المباح، ريثما تلتئِم الوليمة، و مدافعةً لخصلة سيلان اللعاب ريثما
يأتينا طعام المأدبة و قد طافنا من بوخها طائفٌ يمتطي خيوطاً وهميةً من (ريحة الكشنة
الفائحة متسللة من أطباق المرق، مع أسياخ الشواء)؛ جاءت تدغدغ أرانب أنوفنا و تزعزع أوكار
عصافيرالبطون؛ فيما بدا مني انشغالاً عفوياً عن استكمال تعارفي مع الضيف الآخر ظناًمني أنه فوراويٌ
غنيٌّ عن التعريف، فيما أخذه هو عليً على أنه تجاهلٌ متعمَّد تفوح منه رائحة الفصل العنصري. فلاحظت
انتفاخ أوداجه شيئاً فشيئاً و جعل يبرطم بلهجةٍ حماسيةٍ مكسرةٍ عن عروبة أهل تشاد و النيجر و مالي،
مدعياً أن ما نتشدق به هنا من شرف ذاك الانتماء، لا يعدل قطرةً في محيط نقائهم عرقياً في هذا الاتجاه؛
على زعم أنهم طوارق من المغرب العربي ، متحدرين من أصولٍ يمانيةٍ.هناك قبائل المسيرية و عرب
المحاميد و المساليت ، و هذه الأخيرة أبلت بلاءً حسناً في مقارعة الفرنجة عام 1911م، حين
تقدمت قواتهم من تشاد شرقا نحو (فشودة)، و قد تطرق شاعرنا/ الفيتوري لتمجيد مآثرهم
في قصيدة مشهورة له يناجي فيهاقائد مقاومتهم هناك. و لعله السلطان/ بحر الدين،
و يباهي باقتحامه بسيفه دبابة قائدٍ فرنسيِّ.و من القبائل العربية الخالصة:
القرعان، وأولاد علي و أولاد سليمان و القذاذفة ، و هم من أصول ليبية.
و لا ننسى أن نُذكّر بما كان للأزهر الشريف و الحركة السنوسية
و الطرق الصوفية كالتيجانية والميرغنية من دورٍ في
إدخال العرب و العربية إلى غرب أفريقيا.
****************^^^^^^****************
فلما علمت من صاحب الدار أن الرجل تشاديٌّ
اعتذرت على مضضٍ. ثم هممت بإطلاقي موجة استنكارٍ
عاصفةٍ لمزاعمه تلك ، فرضت على أسارير وجهي المتمعر،
لكنني تمالكت نفسي على كظمها. ثم أطبق صمت رهيب خيم على الحضور
طوال الجلسة ، و ما أن أفترقنا عدت أدراجي إلى أهلي حاملاً تلك القضية على محمل
الجد ؛ حيث هرعتُ إلى بحث قديم ألفه أ.د./ يحيى جبر عن بلدة في شرق تشاد تدعى
(كوزبيدا) و لعل البعض علل اسمها ب( الرمل الأبيض) و قالوا: إنه عربي مركب من مقطعين هما:
(قوز) ، و تعني الكثيب الصغير إذا كان حَسَن الاستدارة، و قد شبهوا به أرداف النساء قديماً، و اللهجة
العربية السائدة عند البدو هناك تقلب القاف جيما معطشة أقرب إلى مخرج (الكاف)، وهي لهجة البدو
أهل الخافقَين، فإذا بقوز تتبدل(جوز) و المقطع الثاني بيضاء، بإسقاط الهمزة تخفيفاً، و إخراج الضاد من
مخرج الدال، دون إطباق، فسقوط الهمزة تماماً، ربما جزاء (تطرفها). و هذا بدوره، ذهب بتصور بعضهم
لتأويل (بيداء) على أنها (صحراء)، خاصةً و أن البلدة تقع فعلاً كحلقةٍ في فلاة جرداء قاحلةٍ طامسةٍ.
هذا مركبٌ إضافيّ. فلا هو إسناديٌّ و لا مزجيٌّ ، و أعتقد أن مقطعاً ثالثاً قد سقطمنها سهواً،
أظنه(الرملة) ، فكأنّ الأصل: (قوز الرملة البيضاء) ، ثم اعتراه مع الزمن من عوامل
التعرية اللفظية، فضلاً عن شدة (ركاكة العجمة) ما اعتراه ، فإذا به يتحرف
إلى قولهم:(كوز بيدا)، و التي هي عينها: (قوز بيضاء). و من
الرمال أبيض، وأصفر، وأحمر، و غير ذلك، و لعل في
أكناف البلدة أو كان فيها موقعًا قوز رمله أبيض.
**********#####***********

ود الأصيل
21-10-2015, 10:37 PM
(السيرة و المسيرة الأدبية
و الثقافية لشاعر أفريقيا و العروبة )
الراحل/ محمد الفيتوري ، ولدفي24 نوفمبر/ 1936م
في مدينة الجنينة حاضرة ولاية غرب دارفور الحالية بالسودان. والده هو/
الشيخ مفتاح رجب الفيتوري الذي كان الخليفة الصوفي في الطريقة الشاذلية,
العروسية والأسمرية. نشأ بالسودان و تنقل بين عدد من دول المنطقة حيث كانت تدريس
بعض من أعماله ضمن المناهج الدراسية في كليات الآداب و اللغة العربية منذ سيتنيات القرن الماضي
وتغنى له كوكبة من المطربين في السودان. و ترعرع الشاعر في مدينة الإسكندرية و تلقى فيها مراحل تعليمه
الأولى.ثم درس بالمعهد الديني و انتقل إلى القاهرة حيث تخرج في كلية العلوم بالأزهر الشريف.عمل الفيتوري محرراً
أدبياً لدى عدة صحفٍ مصرية و سودانية. و عُيّن خبيرًا للإعلام بجامعة الدول العربية في القاهرة في الفترة ما بين 1968 و
1970.كما عمل الفيتوري أيضاًمستشاراً ثقافياً لسفارة الجماهيرية الليبية لدى إيطاليا، و سفيراً لها لدى لبنان، ثم مستشاراً
للشؤون السياسية و الإعلامية بسفارة ليبيا في المملكة المغربية. في العام 1974 قامت حكومة مايو بإسقاط و سحب الجنسية
السودانية من الفيتوري لمعارضته للنظام آنذاك. لتتبنَّاه الجماهيرية و تمنحه جواز سفرٍ ليبيٍّ، حيث كان ينعم بصلات قوية
مع العقيدو بسقوط نظام القذافي سحب منه ثوار فجر ليبيا جواز السفر الليبي فأقام بجنوب العاصمة المغربية الرباط برفقة
زوجته الأخيرة المواطنة/ رجات في ضاحية سيدي العابد هناك. و في عام2014 عادت حكومة عمر البشير القائمة
لتمن عليه بجواز سفرٍ دبلوماسيٍّ جديد،لكنه لم يتسلمه حتى و افتها لمنية بالمغرب. يعد الفيتورى من أبرز
دواليب الحركة الأدبية العربية المعاصرة،و من رواد شعر الحداثة الحر. ففي قصيدة «تحت الأمطار»
نجده يتحرر من الأغراض القديمة للشعر كالوصف و الغزل، ويهجر الأوزان و القافية، ليعبر عن
وجدان وتجربةذاتية يشعر بها وغالبًا ما يركّز شعره على الجوانب التأملية ، ليعكس
رُآه الخاصة المجردة تجاه الأشياءمن حوله متسلحاً بكل ملكاته الإبداعية
النادرة و كذلك بأدوات البلاغة و الفصاحة التقليدية .
**********^^^^^^*********
[/color]

ود الأصيل
25-10-2015, 02:11 AM
(فلاش باك من حياة الراحل)
منذ عاش درويشاً إفريقياً ساحراً يقرض الشعر
على عواهنه ، حراً بلا قافيةٍ و لا تفعليةٍ ، حتى آخر لحظاته
و هو يلفظ آخر أنفاسه و يغادرنا و قد أشعل لنا أصابعه شموعاً في
عتمات عالمٍ خَرِفٍ تعودنا منه ألا يصون وداً أبداً لأي مبدعٍ مهما كانت له من
صولات و جولاتٍ في (دنيا ليست بدار قرارٍ ؛ و لا يملكها من يملكها؛أغني أهليها
سادتها الفقراء..الخاسر من لم يأخذ منها شيئاً ، مما تعطيه علي استيحاء..و الغافل من
ظنّ الأشياء كما تبدو لناظره .. هي الاشياء! ) رحل ناظمُ ذلك الدر النفيس أديبنا القرعاني
الكبير/ محمد مفتاح الفيتورى، رحل في المغرب بعد رحله مرضٍ مريرةٍ كان منها أصابته بجلطه دماغية،
و قد خلف برحيله حزناًد فيناً و أسَى عميقاً بنفوس محبيه في أوطانه وحول العلام أجمع..شاعر أفريقيا و العرب ،
ظلت تتناكره مساقط رأسه و مراتع صباه في كل كل الأوطان..فيما احتواه العاشقون يفردون له مصاريع الأحضان.
ليظل راح يثور مرتحلاً بين مطالع الشمس و منازل القمر ، يتأبط وطناً وهماً كبيراً لا خارطةَ لوجوده إلا بين ثنايا جوانحه.
و كلما حطَّ علي غصن لألفٍ ليلة أو ليلة ربيعيةٍ عربية من مدلهمات الليالي، راح يحطم أصنام الجبابرة الطغاه ولا يبالي.
ثم يخرج منها مغاضباً، يهيم على وجهه و على رأسه ريشةٌ و تويج كرامةٍ ، و في يده صولجانٌ كما لو كان سلطاناً
للعاشقين. لم تأتٍ ساعة فراقه بغتةً، بعد عمرٍ طويلٍ ناهز الخمس و الثمانين خريفاً. لكنه رحيلٌ سوف يفتح الأبواب
مشرعةً للتساؤل عن نهاية بطلٍ و عن هوية عبقريٍّ تفرقتْ السبل فتمزقتْ به النزعات بين هوياتٍ شتَّي. نفاه
نظام مايو بجريرة (سوافيت) قرين شعره، ذاك النضالي الذي كان نشازاً مزعجاً في زمانٍ لم يكن متاحاً فيه
و لو خرم إبرة و لمجرد للتنفيس عن أية آهاتٍ، حتى و لو من وخذة شوكةٍ يشاكها درويش حافي
القدمين حاسر الهامة. و لفظه تراب ليبيا مباشرةً عقب سقوط القذافي، و سحب منه ثوارها
جوازات سفره للمهمات، و ظل يكرع مرارات حناظل الاغتراب حتي أناخ راحلته و حط
رحاله بالمغرب الذي تحت ثراه دفن . و لعله كان كان يسابق الأيام و غيره فيتولى
نعى روحه بنفسه و يرثي حاله باكراً حين نظم قصيداً قال فيه:
(بعض شعرك ما لم تعلقه تعويذه في الرقاب..
ليصحو في صوتك الميِّتُون..و ما لم تنقطه في قطرات السحاب
لينصهر النهر والسابحون.. وماهو معني حضورك عند الغياب
.. ومعناك في الغيب عند حضور السؤال؟)
*********^^^^^*********

ود الأصيل
25-10-2015, 11:41 PM
محمد سعيد محمدية صاحب(دار العودة)
للطباعة والنشر ببيروت كانت له وقفات أنسٍ و فضفضةٍ
مع شاعر(المهجر العربي)، إن صح التعبير، الراحل المقيم/
محمد مفتاح الفيتوري. و يبدو أن هذا الأخير أفضى إليه بأسرارٍ مشحونة
المرارات، استهف لها محمدية كتابه الصادر عام 2008 عن(أوتوبوغرافي) صديقه
الراحل والذي أودع فيه (تفاصيل و حاجات) كتيرة عن خصوصيات محمد الفيتوري.
لقد أخبر الفيتوري صديقه بمأساة زوجته الأولي الفلسطينيه التي هلكت أمام عينيه حرقاًحتى الموت.
و هي التي عقد قرانه عليها في القاهره وهو ما يزال طالباً آنذاك ، فأصابه جراء ذلك المشهد خرسٌ و وجومٌ،
إذ وقف عاجزاً و لم يستطع التدخل لأنقاذ حياتها إلا بعد أن نالت النيران منها و ضربها التشويه بوجهها و جسدها.
وعلي أيه حالٍ فقد ترك القاهره لأسباب أخرى مختلفةٍ و متعلقة بزوجته الثانيه آسيا و التي كانت لبوةً شديدة البأس غليظة
القلب في عرينها، مما أضطره للانفضاض من حولها و قفل عائداً أدراجه إلى الخرطوم. و قبل خروجه طريداً من بلده شبه نهائياً
و إلى غير رجعة ، كان الفيتوري علي حافة الانكسار، و على شفا جُرْفٍ هارٍ يوشك أن ينهار به فيودي به إلى مغبة مجهولٍ سحيقٍ،
إلا أنه و رغم كل ذلك كان ثابتاً علي عزمه ، ماضياً في نضاله نحو انتفاضةً ذاتية كبري ليفرغ بها شحنات من كل يؤرق مضجعه
من رمضاء حاضره و من نيران ما قد تنذر به تصاريف القدر؛ ليشق طريقه أعزلَ تماماً، و بكنانةٍ خاليةٍ الوفاض من أي قنا، سوي
من سنان يراعٍ و من مداد دواية. بعد انضمام الفيتوري للثورة الليبية، واعتقاده واهماً بأن وجد فيها ضالته كواحدةٍ من أصلب
الثورات العربية عوداً، كان في تقربه من بلاط العقيد/ معمر القذافي ربما منحة ، لكنها انطوت محنٍ كطلق الليل الأسود، إذ
صار يضائل بعضها بعضاً. و إن كان فيها من حظوةٍ و جاهٍ فليس أوسع من (ضل ضحى)أو أقرب إلى توب مستعار(عارِيَّة)
إذا ستر عقببه تكشف رأسه و منكبه ، و إذا احتوى فخذيه انحسر عن لحييه. لكنه كان راضياُ بل سعيداً على أية حالٍ،
بوضعه الجديد هناك، خاصه بعد أن صار دبلوماسياٌ ليبياً مرموقاً يشار إليه بالبنان في مدينة لندن ،حيث لا
ينقشع الضباب أبداً، مبعوثاً لبلدٍ عربيٍ، قد أغدق عليه بكل شيء ، فيما ضن عليه بأهم و أغلى شيء ،
فلم يمنحه (أوراقاً ثبوتيةً). كان في ذلك تعويضٌ للفيتوري عن بعض لقيماتٍ كان أولى بهن أن
يقمن صلبه حيث مسقط رأسه. و مع ذلك ، لا بل ربما لذلك تحديداً ظل يعد نفسه
نصيراً لقضايا البؤساء و المعذبين منهم في مشارق الأرض و مغاربها.
*****************^^^^^^****************

ود الأصيل
03-11-2015, 12:38 AM
بدأت شاعرية الفيتوري تتبلور ثم تتوهج،
و ذاتيته الإبداعية تتفتق لتتفاخم حينما تعرض بالقدح
و الهجاء لعددٍ من رفقاه في ساحة القرطاس والقلم،ناعتاً بعضاً منهم
بالعملاء و الأدعياء و ربائب، بل و خدام البلاط الملكي و طلاب الجاه السلطاني
فلم يسلم من لسانه أحدٌ سواءٌ أكان محمود درويش، أو السوري عمر أبوريشه، أو
الشاعر العراقي الجواهري الذي قال بحسبه القصيدة الواحده في أكثر من زعيم، وجرد أحمد شوقي
من إمارة الشعر و ذكر البياتي بما لم يذكره مالك في الخمر. و قد تطرق الراحل/ الطيب صالح في مقالةٍ
له بمجلة المجلة مسببات حدة الخصومه بين الفيتوري والبياتي مدعياً أن دافعها كان حباً جارفاً و لم تكن
خصومتهما سوى إحدى أعراضه و تجلياته. و أن أحدهما سوف يرثي أخاه. و يروي صالح جذور الملمات التي
عصفت بالفيتوري فقد استقر به الحال في الجامعة العربية منوباٌ سامياً لبلاده له راتبً كبيرً حتي جاء نظامٌ شموليٌ
غير وجه. و بدأ بتصفية رفاق الفيتوري من اليسار كعبد الخالق محجوب والشفيع أحمد الشيخ ، ثم طاله النميري
و انتقم منه جزاء كتابته قصائد عن خصومه، فجرده من منصبه و طرده ليهيم على وجهه مشرداً بلا عمل و لا
هوية، و إن كانت السودان قد أعاد إليه أهليته بمنحه جوازه الدبلوماسي مجدداً في اعتذار متأخر.
و ضمن قصيدته المرثية الشهيرة في نعي عبد اللخالق محجوب كتب الفيتوري يقول:
لاتحفروا لي قبرا سارقد في كل شبر من الأرض و أرقد كالماء
في جسد النيل أرقد كالشمس فوق حقول بلادي مثلي أنا ليس يسكن
قبراً .. لقد وقفوا، و وقفت.. ـلماذا يظن الطغاه الصغارو تشحُب ألوانهم.
إن موت المناضل موت القضية. أعلم سر احتكام الطغاه إلي البندقية
لا خائفاً أن صوتي مشنقةٌ للطغاة جميعاً و لا نادماً..أن روحي
مثقلةٌ بالغضب كل طاغيةٍ صنم .. دميةٌ من خشب
***********^^^^^^************
*

ود الأصيل
03-11-2015, 01:02 AM
يستهل الطيب صالح ، أحد أعظم روائيي العامية في
السودان والوطن العربي، روايته / “ضو البيت” ليدبجها بمقتطفات
من أشهر قصائد الفيتوري “معزوفة لدرويش متجول” و التي كتبها عام 1967 ،
و كانت آثار النكسة قد تركت كدماتٍ بارزةً في نفسية الشاعر جرفته تماماً مثل
جسمان غريقٍ، تتنازعه تيارات عشقٍ روحانيٍّ ،متشاكساتٍ متلاطماتٍ بين ضفتي نهر،
حين يقول: في حضرة من أهوي عبثت بي الأشواق حدَّقْتُ بلا وجهٍ و رقصتُ بلا ساقٍ و زحمت
براياتي و طبولي الآفاق .. عشقي يُفنِي عشقي!و فنائيَ استغراقٌ..مملوك أنا،لكني سلطان العشاق!
شحُبت روحي، صارت شفقاً.. شعّت غيماً وسناً كالدرويش المتعلّق في قدمَيْ مولاه
أنا أتمرغ في شجني .. أتوهج في بدني غيري أعمي، مهما أُصغِي، لن يبصرني
فأنا جسدٌ.. حجرٌ ..شيءٌ ..عبر الشاعر جزر غرقي في قاع البحر..حريقٌ
في الزمن الضائع قنديلٌ زيتي مبهوتٌ في أقصي بيتٍ،
في بيروت .. أتالق حيناً. ثم أرنق ثم أموت!!
**********^^^^^^**************

ود الأصيل
03-11-2015, 01:12 AM
في رائعته (ياقوت العرش) والتي نسب اسمها
إلى زاهد من اصحاب “ المرسي أبي العباس” يكتب بروحٍ
صوفيةٍ كامنةٍ تتخلي عن كل طمعٍ في أي جاهٍ، أو حلمٍ بأي إمارة،
أو تمرغٍ في جوخ أي سلطانٍ. حين يقول:
تاج سلطان الغاشم تفاحةٌ..تتأرجح أعلي سارية في قلب الساحة
تاج الصوفي يضيء علي سجادة قشٍ.. صدقني يا ياقوت
العرش أن الموتي ليسوا هم هاتيك الموتي
و الراحة ليست هاتيك الراحة!!

*********^^^^*********

ود الأصيل
03-11-2015, 01:35 AM
و يظل نفس الصوفي الثائر في قصيدته الشهيره
(يوميات حاج الي بيت الله الحرام): يناجي مخاطباً رسول الله:يا سيدي
تعلم اَنْ كان لنا مجدٌ و ضيّعْناه بنيْته أنت, و هدّمناه واليوم ها نحنُ, أجليا سيدي
نرفلُ في سقطتنا العظيمة كأننا شواهدُ قديمةٌ تعيش عُمرها سرمداً لكيْ تُؤرّخ الهزيمة
كذلك حافظ شاعرنا/ الفيتوري أيضا علي سياق نهجٍ راقٍ بمجمل قصائده فكتب يقول:
نهر فاغتسل أيها المغتسل أيها العاشق الفرد أن يمتثل وقد يصل الماءُ أو لا يصلو المدي
نجمهُ في المدي ترتحل فاسقهم منك في روحهم تشتعل وامش تحتحوائطهم تكتمل. و لقد
أطلت مأساة الأقصى برأسها كثيراً من قصائد الفيتوري، من نافذة المقاومة و
و أطفال الحجارة. حيث إنه التاريخ مسقوفاً بأزهار الجماجم. ومع الثورة، يستنهض
الفيتوري جذوه المقاومة في قومه بقصيدته “هوانا” فيقول منها : الهوى كل هوًى دون
هوانا نحن من أشعلت الشمسَ يدانا و الخُطي مهما تناءت أو دنت فهي في دورتها رجع
خطانا و إذا التاريخُ أغني اُمَّةً بشهيدٍ ..فاُلوفُ أرتالٍ شهدانا.. و اذا الثوره كانت بطلاً يطاُ
الموت و يحتلّث الزمانا فلنا في كُلِّ جيلٍ بطل’’ مجدهُ يحتضن المجد احتضاناً
كان محمد الفيتوري مدافعاً شرساً عن الفقراء و التعساء والبؤساء و سجناء الرأي .
ففي معزوفته الثورية الخالدة و التي تغنى بها الفرعون / محمد وردي
كتب مناهضاً لحكم الطغاة
أصيـــــــح الصبـــــــح
و لا السجن ولا السجان باقي
و إذا الفجر جناحان يرفان عليك
و إذا الحزن الذي كحل تلك الماقي
و الذي بعثرنا في كل وادي
فرحٌ نابعٌ من كل قلبٍ يا بلادي.
*******^^^^^********

ود الأصيل
04-11-2015, 01:48 AM
الفيتوري و نزار قباني ديكان مبدعان
(كانـــا يتصـــارعان على ورك دجاجـــــة)
غادة السمان كاتبة و أديبة دمشقية برجوازية،
و لها صلةُ رحمٍ و دمٍ تربطها بالشاعر/ نزار قباني. كانت لها
وقفة تأملٍ حول سيرة شاعرنا / محمد الفيتوري في يوم رحيله مؤخراً. إذ تقول:
جمعتنا نزار قباني و أنا بمحمد الفيتوري لأول مرةٍ سهرةٌ أدبيةٌ لا تنسى بمنزل سفير
السودان في بيروت يومها الأديب مصطفى مدني و حرمه/ عايدة ، كريمة المفكر و الأديب جمال
محمدأحمد (الذي كان يومها سفيراً للسودان في لندن)؛ فالنهايات تعود بنا القهقرى لماضي الذكريات).
و منذ ذاك اللقاء بين الرجيلن، شعرت غادة السمان بأنهما قطبان سالبان لا يحتملان أية شحنة ودٍ موجبةٍ،
بل كانا تيارين متضادين في الاتجاه متساويين في قوة دفعٍ حصانيةٍ رباعيةٍ من النفور المتبادل. نزار كان سمهري
القوام ممشوق القامة، أزرق العينين بالغ الوسامة. و معروفٌ بأنه زير نساءٍ فتانٌ.. و فنانً بارعٌ في استمالة و صيد
الغيد الحِسان،كما الطير يسقط حيث يلتقط الحُب؛ و كما الفراشات تسعى إلى حيث تلعَق خلاصة الشهد من لعاب
ملكة النحل. كيف لا، و هو ذاك(الطاؤوس الأجمل) الذي (فصَّل من ريشه المزركش للنساء عباءةً؛ و نسج لذاته من
جلودهن إزراً و رداءً و جلباباً و عمامة؛ و بنى له من حلمات أثدائهن أهراماً) ،كما يحلو له الزهو والتباهي بأناقة
مظهره و يطيب له التغني في عيون شعره .بينما الفيتوري كان (غراباً متوحدٌاً) أجرب. و لأن السيدة/ غادة
السمان كانت كأي (طفلة عربية تعلق قلبها) بحماسة الشعر عند فتىً ثائرٍ من ذوات الدم الحار، كانت
كثيراً ما تسترق الخطى ل(تخون) قرابة دمها بنزار قباني لتأتي طوعاً لتتقرب زلفى فتجلس خلسةً
بجوار ذاك الزنجي قصير القامة، غير آبهةٍ بخلقته الأقرب إلى الدمامة منها إلى الوسامة،
و التي كثيراً ما تتبدل إلى قوة جذبٍ روحيٍّ طاغيةٍ خفيةٍ حينما يقرأ
لها قسطاً من نظم قصيده. فيشع من عينيه سحرٌ
كأنما سرى ليلاً من جبين القمر.
********^^^^^*********

ود الأصيل
04-11-2015, 09:34 PM
لصداقةٌ لدودةٌ دائمةٌ تبدع أشعاراً
خيرٌ من حبٍّ عذريٍّ لا ينجبُ أطفالاً
ذلك أن المبدعين المغترين بأنفسهم يمقت بعضهم بعضاً
حينما تصطدم شهب و نيازك (الأنا و أنت) بينهم في سماء الخلق و الإبداع.
وسهرة بعد أخرى، حتى صار محمد مفتاح الفيتوري و صديقته غادة السمان و قريبها
نزار قباني من الندماء المرتادين أسبوعياً لتلك الحضرة الأدبية الراقية . و لقاء بعد آخر تبلورت
علاقة التنافر المتبادلة بين الشاعرين الفحلين، لتبلغ حد النضج و التوهج. لكنها كانت عداوةً (أفلاطونيةً)
على وزن و غرار(حبٍّ الأفلاطونيٍّ) دونما إشهارٍ لها أو ممارسة لطقوسها و شعائرها بالأذى و لا حتى التقريع اللفظي.
و أما السيدة / غادة السمان، فقد وجدت نفسها، و بدون قصدٍ منها، و كأنها بمثابة(منطقةٍ وسطى ما بين الجنة و النار).
كانت تشعر بأن لبَّ و جوهر تلك الشحناء المتبادلة بين الرجلين تسري نيرانها في هشيم العلاقة بينهما بإخلاصٍ نادرٍ، بحيث
لا يجدان من وسيلة للتعبير عنه سوى بتعالي كلٍّ منها على أخيه. الفيتوري ذاك البلبل الصداح صاحب دواوين: أغاني أفريقيا
عاشق من أفريقيا ـ اذكريني يا أفريقيا، أحزان أفريقيا و سواها، و الفخور بزنوجته لفظياً على أقل تقديرٍ، كان في قرين شعره
غمزٌ و لمزٌ إلى أن نزار قباني ليس أكثر من شويعرٍ عادي لا بحيث لا تُنكس البيارق لغيبته، ولا تقرع الطبول لقدومه في وادي
عبقر و لكنه ربما نجمٌ اجتماعي مما يجلب له الشهرة بصفته فتىً و سيمً له ملكات حسية أكثر منها إبداعية تجعله يخلب
ألباب النساء بفن التغزل بالمرأة. و لعل الفيتوري هنا يتعمد أن يحط كثيراً من قدر نزار الشاعر الكبير. أما هذا الأخير،
فكان أيضاً يقول لقريبته/ غادة السمان و هي تقود سيارتها عائدةً به لإيصاله إلى بيته بعد انتهاء السهرة في
طريقها إلى «وكرها»: إن الفيتوري شاعرٌ يعد من الصف الثاني ، معقد من شكله و لونه، ويضيف:
أما (أفرقانيَّته) فليست إلا تنفيسً قسريٌّ عن عقدة نقصٍ تلازمه نفسياً ويحاول تلميعها بحزلقة
الشعر و تنميق الألفاظ. و كانت تقول لنزار إن الله وحده يعلم ما في الصدور،
كما كانت تدافع عنه أيضاً أمام هجمات الفيتوري المرتدة.
***************^^^^^^***************

ود الأصيل
07-11-2015, 11:58 PM
في لعبة تبادل الأدوار بين الرجلين!
كان إتقان الفيتوري و نزار لفن المساجلات الأدبية
كثيراً ما يشعل ليالي بيروت في زمنها الجميل بسهرات
كانت تشهد بينهما استعراضاً أبداعياً نادراً يشبه إلى حدٍّ كبيرٍّ
محفلاً مصغراً على غرار (سوق عكاظٍ) عصري، إذ يتبارى فيه هذه المرة (طاؤوسٌ)
مزهوٌ بنفسه و (غرابٌ) لا يعجبه العجب و لا الصييام في شهر رجب . و على رأي المثل
(الجعران في عيني أمه فراشة) و هما يصدحان بتغريدات كروانية عالية المزاج . لكنها لم تكن
تخرج في في سياقها العام عن إطار كونها حلبة نزاعٍ بشري متكرر بطبيعة حاله و متوارث منذ عهد
ولدَىْ آدم ، يختلط فيه حابل الأخوة اللدودة بنابل الغيرة الشديدة. هكذا كانا يتبارزان في السهرات بلا
قوسٍ و لا رمحٍ ، و لكن بالقرطاس و القلم في ساحة معركة بلا معترك أصلاً، و قضية لا حقَ فيها و لا باطلَ،
تماماً كفرسي رهانٍ موثوقين من رقبتيهما أمام عربة واحدة . فعلى سبيل النكاية بنزار قباني، كان
محمد الفيتوري يتعمد أن يترجل عن صهوة نضالياته المشهودة في عشق أفريقيا السمراء،
ليشنف مسامع ذواقته بين الحضور واحدةً من بكائياته الغزلية الرائعة جداً، يلقيها بصوت
كاهنٍ أفريقيٍّ ذي دمٍّ حارٍّ، كصوت عراف القبيلة . إذ يقول فيها:
في حضرة من أهوى ^^^عبثت بي الأشواق
حدقت بلا وجه ^^^^ و رقصت بلا ساق
و زحمت بطبولي ^^^^^ وراياتي الآفاق
عشقي يُفني عشقي^^^^ و فنائي استغراق
مملوكك أنا ^^^^^^ لكنني سيد العشاق
كما يحلو له تكرار عبارة (لكنني سيد العشاق)
كمن يريد التنطع في أن يشق لنزار غبار النور في مضماره.
أو كمن يريق له العسل على شفتيه ، ثم يتحداه قائلاً: (القِ عصاك).
و يقبل نزار ذاك التحدي في لعبة(هذه بتلك) فيُدلي دلوه بحماسية وطنية
ثائرةٍ . و الحضور في السهرة ثُمالى بعبقري رباب الشعر.
ثم يردفها بواحدةٍ في المرأة مزايداً فيقول :
ثقافتنا فقاقيع من الصابون و الوحل
فما زالت بداخلنا رواسب من أبي جهل
نرجع آخر الليل،نمارس حقنا الزوجي كالثيران و الخيل
نمارسه خلال دقائق خمسٍ بلا شوق و لا ذوق و لا ميل
ونرقد بعدها موتى.و نتركهن وسط النار وسط الطين و الوحل
قتيلات بلا قتل بنصف الدرب نتركهن...قضينا العمر في
المخدع وجيش حريمنا معنا، وصك زواجنا معنا وقلنا الله
قد شرّع ليالينا موزعة على زوجاتنا الأربع
ويرد الفيتوري بقصيدة ويشتعل الليل
بالإبداع بين توءمين سياميين
مبدعين يتقاذفان بأبجدية الحروف.
*********^^^^**********

ود الأصيل
08-11-2015, 10:21 PM
هكذا دوماً علاقات المبدعين تجدها ملتبسة
بين صداقات لدودة و ود خفي يشتعل كما النار تحت الرماد.
وفي حالة الفيتوري و نزار كانت الهجرة و المنفى قاسمين مشتركين بينهما
(و إن المصائب يجمعن المصابين). كان يتقاسمان الليل يفترشان أديم الأرض و يلتحفان قبة السماء
(ملتصقين كجمرتين علي مبخرٍ يفوح بشذى العود و العنبر).كانت تلك لياليَ بيروتة وردية بلون أفراح
الحزينة (اللي لما جات تفرح ما لقتش مطرح). كانت صحبتهما على متن زورق ألحانٍ يبحر على كف عفريتٍ في
عرض بحرٍ لجيٍّ تحت زمجرة الرعود و الوعود و الشد و الجذب و المدافعة. كما في علاقة غوغان بصنْوِه فان كوخ ، و كعلاقة
جبران من جهة، و ميخائل نعيمة وسعيد عقل من جهة أخرى. إذ كانا يغاران من رفيقهما جبران و يزعمان أن مرد تألقه
يعزى ليس إلى عبقرية إبداعه ، بل إلى هجرته و كتابته بالإنكليزية. و هنالك ما كان يبدو بين أمير الشعراء/ أحمد شوقي و صديقه
اللدود شاعر النيل/ حافظ إبراهيم، من ودٍ خفيً تغلفه جفوة مفتعلة و برودً ثلجيٌ ظاهرٌ يعبر عنه حافظ شعراً ببيتٍ لاذع يقول فيه:
(يقولون إن الشوق نار ولوعة .... فما بال شوقي أصبح اليوم بارداً). لكن أحمد شوقي رد عليه صاعه بأبيات قارصة قال في نهايتها:
(أودعت إنسانا وكلبا وديعة.. فضيعها الإنسان والكلب حافظ). ثم عاد و رثاه يوم تلقى نبأ وفاته ببكائية عصماء استهلها بهذا البيت:
( قد كنت أوثر أن تقول رثائي.. يا منصف الموتى من الأحياء).هنالك أيضاً صلة المبدع البريء موزارت مع موسيقار البلاط الرديء
سالييري الذي غار منه و حقد على إبداعه، و كانت تلك الصلة وحياً لفيلم رائع هو «أماديوس» حيث «المزمار المسحور»لموزارت
والغيرة السامة من سالييري. و الأمثلة تطول وبوسع ناقد تأليف كتاب مشوق عن العلاقات الملتبسة بين المبدعين التي
تبلغ حد الأذية أحياناً. و قلما تصفو سماء علاقةٌ بين مبدعٍ و آخر من غليلٍ كما حدث بين شيللي وكيتس، و هما
شاعران كبيران.و من تسوقه قدماه للتسكع في «ساحة إسبانيا» في روماقد يصادف لوحة تقول :هنا عاش
الشاعران شيللي و كيتس.(و كان أحدهما مريضا والآخر يعتني به) كدليل على أنهما كانا يتمتعان
بصحبة حميمة و إنسانية استثنائية .و لكن ذلك نادر. كأنه الاستثناء الذي يؤكد القاعدة:
و هي لعبة صراع الديكة التي لا تخلو من أديبات نساء يقارعن بموهبتهن ذكور الأدب
و يربحن جولات. فالمبدع طفل كبير، و البعض لا ينجح في إخفاء هذه الحقيقة!
**********************^^^^^^********************

ود الأصيل
15-11-2015, 09:27 PM
و لعل من أطرف ما نقلت الأخبار من حكايات الغيرة
الأدبية التي غالباً ما تشتعل بين صنوين لدودين نجدهما متعاصرين
في زمانٍ أو مكانٍ قريبٍ ، ما كان يحدث بين ا لأديب/ يوسف إدريس
و الروائي الشهير نجيب محفوظ من صدامات و ملاسنات و مراشقات ذات قالب أدبي طابع
أقرب إلى الشخصنة منه إلى النقد الأدبي. و بخاصةٍ حينما طار صيت هذا لأخير عالمياً كأول روائي
عربي حاز على جائزة نوبل في الأدب. حيث تدور أحداث أعماله في بطن الحارة التي يختزل فيها العالم
بأسره. نالها عن تفرده بأسلوب بديعٍ في فن السرد للرواشي باعتباره أدباً واقعياً، وإن كان لا يخلو من مسحةٍ
وجوديةٍ.من قبيل ثلاثيته القصصية:بين القصرين+ قصر الشوق+السكرية ؛ ذلك فضلاً عن خان الخليلي
و زقاق المدق.و لأن يوسف دريس إنسان مصري بسيط و بريء كطفل لم يُخْف مشاعره تجاه ذلك الحدث،
فبدل أن يهنئ صديقه نجيب ، فقد نهشته غيرته وأشتاط غيظاً، معلناً احتجاجه على الملأ بأن جائزة
نوبل ينبغي أن تكون من نصيبه. و بعدها نال إدريس جائزة عربية مجزية مالياً و لكنه نالها
مناصفة مع كاتبٍ آخر و مغمورٍ في نظره ، اشتعلت غيرته أيضاً و ثارت حفظيته ،
يريد الانفراد بها. فالمبدع طفل كبير لا يرضى ممن يدانه ليشاركه لعبته.
*******************^^^^^********************

ود الأصيل
19-11-2015, 12:28 AM
[CENTER][FONT=pt bold heading]قف خشوعاً واخفض الرأس فقد أشعل الموتى القناديل وقاموا
والذى تبصره عيناك في ذلك الدرب الرمادي زحام
والذى يسقط من أقدامهم هيكل رث البقايا و حطام
عــــادت المعجـــزة الكبــــري
فإنه رغم الموتبدء و ختام
فتعلم كيف تحيي أمةٌ نسيت أن البطولات اقتحام
أن أرض الحر مهما..استلبت أرضه
فهي على الغير حرام
أن تاريخاً مشت في ظله قدم
الطغيان تاريخ مضام!!
*******^^^^^******
يعتبر الفيتوري علماً بين رواد الشعر الحديث،
و يلقب بشاعر أفريقيا و العروبة معاً، إذ أنشد للقارة السمراء
و نضالها ضد المستعمر، و نظم فيها دواوين كثيرةً منها: أغاني أفريقيا 1955،
و عاشق من أفريقيا 1964 واذكريني يا أفريقيا 1956، وفي إحدى أشهر قصائده يقول:
لا تحفروا لي قبرًا سأرقد في كل شبر من الأرض أرقد كالماء في جسد النيل أرقد كالشمس
فوق حقول بلادي مثلي أنا ليس يسكن قبراً. كما واكب الراحل ثورات التحرر من الاستعمار في
أفريقيا في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي و أسهم في كتابة المسرح الشعري العربي.
و قد واجهت الفيتوري في مسيرته كثير من المصاعب لأسباب سياسية بحتة، منذ اختلف مع نظام طاغية
مايو في مسقط رأسه حيث جرده في 1974 من حق مواطنته. ثم راح يهيم على وجهه ك(درويشٍ متجولٍ)
لينشد ضالته عند طاغية ليبيا الذي منحه جنسيةً و أاتخذخ ممثلاً ثقافياً ل(ضيعته) في عدة محافل دولية.
لكن الفيتوري الذيعاش في منفاه لم ينقطع تواصله مع بلده الأم. و عاد حين سنحت له السوانج عقب
الإطاحة بالنميري في انتفاضة أبريل 1985. و غنى له الفنان الراحل محمد وردي أغنية(عرس السودان)
التي مجد فيها انتفاضة الشعب السوداني ضد نظام نميري. و في السنوات الأخيرة طالب كثيرٌ من
الأصوات الثقافية برجوع جنسيته و جوازه السوداني بعدما سحبهما النميري، و تحقق ذلك أخيراً.
و للفيتوري مدرسته الخاصة في كتابة القصيدة، و إضافة إلى تغنيه بأفريقيا كانت له
بصمات لا تخطؤها عين من أجل نصرة قضايا الأمة العربية.
****************^^^^^^^**************
font][/center

ود الأصيل
21-11-2015, 09:03 PM
[

عاش الفيتوري حتى مات قلقاً،
من أوضاع سيئةٍ للغاية ظلت تضرب أطنابها
في إفريقيا و الوطن العربي من طغيانٍ ، و استبدادٍ
و كبتٍ لأبسط الحريات، و هضم الأنسان لحقوق أخيه الإنسان،
لا تؤدي إلا إلى مزيد من العزلة و الفرقة و التجزئة و تكريسٍ لحدودٍ
مُصطنعةٍ و تأجيجٍ لصراعاتٍ قبليةٍ طاحنة .أما عن الموت الذي هو
حق اليقين الوحيد في خضم أكذوبة هذه الحياة الفانية لا محالة
فهو لا يخشاه لحد ذاته، نظراً لأيمانه بأن الموت ليس هو إلا
غيبةٌ للروح عن حطام الجسد إن تطول أم تقصر،
فلا يتعارض مع خلودٍ سرمديٍّ.
*******^^^^^^*******
و بعض عمرك ما لم تعشه،
وما لم تمتهوما لم تقله
وما لا يقال
وبعض حقائق عصرك،
أنك عصر من الكلمات
وأنك مستغرق في الخيال.
***
من قصيدته “من أغاني إفريقيا” نقرأ:
يا أخي في الشرق ، في كل سكن
يا أخي فى الأرض ، فى كل وطن
أنا أدعوك .. فهل تعرفنى ؟
يا أخاأعرفه .. رغم المحن
إنني مزقت أكفان الدجى
إننى هدمت جدران الوهن
لم أعد مقبرة تحكى البلى
لم أعد ساقية تبكى الدمن
لم أعد عبد قيودى
لم أعد عبد ماض هرم عبد وثن
أنا حى خالد رغم الردى
أنا حر رغم قضبان الزمن
فاستمع لى .. استمع لى
إنما أذن الجيفة صماء الأذن
إن نكن سرنا على
الشوك سنينا
ولقينا من أذاه ما لقينا
إن نكن بتنا ولقينا من أذاه ما لقينا
إن نكن بتنا عراة جائعينا
أو نكن عشنا حفاة بائيسنا
إن تكن قد أوهت الفأس قوانا
فوقفنا نتحدى الساقطينا
إن يكن سخرنا جلادنا
فبنينا لأمانينا سجونا
ورفعناه على أعناقنا ولثمنا قدميه خاشعينا
وملأنا كأسه من دمنا
فتساقانا جراحا وأنينا
وجعلنا حجر القصر رؤوسا ونقشناه جفونا وعيونا
فلقد ثرنا على أنفسنا ومحونا وصمة الذلة فينا
الملايين افاقت من كراها ما تراها
ملأ الأفق صداها
خرجت تبحث عن تاريخها
بعد ان تاهت على الأرض وتاها
حملت فؤسها وانحدرت
من روابيها وأغوار قراها..!
فانظر الإصرار فى أعينها وصباح البعث
يجتاح الجباها
يا أخى فى كل أرض عريت من ضياها
وتغطت بدماها
يا اخى فى كل ارض وجمت شفتاها
واكفهرت مقلتاها
قم تحرر من توابيت الأسى
لست اعجوبتها
أو مومياها انطلق
فوق ضحاها ومساها!!
*******^^^*******
[/
[/
[/[/color]

ود الأصيل
25-11-2015, 09:10 PM
"أنا زنجي..
قلها لا تجبن
قلها في وجه البشرية
أنا زنجي
وأبي زنجي الجد
و أمي زنجية
انــــــــا أســــــــود
أسود لكني حر
امتلك الحرية..."
منذ بدايته الشعرية أظهر محمد الفيتوري
إنتمائه الثقافي والعرقي و المصيري لإفريقيا السمراء ،
كما تعبر القصيدة أعلاه من ديوانه الأول "أغاني أفريقيا" بوضوح.
و لا غرو أن بشرته الداكنة كانت الدافع لبلورة الهوية الإفريقية كردة فعلٍ عفوي
علىما لقيه من مواقف عنصرية تجاهه خاصة في مدينة الإسكندرية، المدينة الساحلية
التي كان يعيش فيها زنوج يعملون خدماَ فقط تحت أمرة بيضٍ في عزب و قصور الباشوات.
يتحدر محمد الفيتوري من جدة زنجية عاشت في قرية الجنينة بغرب السودان. و والده من ليبيا.
أما أمه فتعود أصولها إلى تاجر إفريقي تاجر في الرقيق والعاج. وقد أثرت فيه هذه الجدة الزنجية
تأثيراً كبيراً إذ كانت تروي له القصص والأساطير الإفريقية. وانتقلت عائلته إلى الإسكندرية، التي نشأ
وحفظ القرآن فيها، ثم انتقل إلى القاهرة حيث تخرج من كلية العلوم بجامعة الأزهر.إفريقا حاضرة بشكلٍ
كبيرٍ في شعر الفيتوري منذ طفولته كان هاجس القلق يرافقه. يوماً ما قال له والده: "ستقضي حياتك
غريبا عن وطنك"، وهو ما عايشه الفيتوري حتى وفاته. شغله الهم الإفريقي خاصة في الستينيات
من القرن الماضي، في نهاية الفترة الإستعمارية لأفريقيا.
كان الفيتوري أول شاعر عربي يعالج في شعره قضية
الصراع بين الأبيض والأسود، متصدياً للفوارق العنصرية والإجتماعية
في المجتمعات العربية.ففي دواوينه االثلاثة الأولى"أغاني إفريقيا" 1956
و"عاشق من إفريقيا" 1964، “اذكريني يا إفريقيا"، 1965، ومسرحيته الشعرية
و"أحزان إفريقيا" 1966 التي أثارت اهتماماً واسعاً في الوسط الأدبي والثقافي العربي،
خاصة مواضيعها الجديدة ، كانت القارة السوداء حاضرة بشكل كبير. عندما بدأ الفيتوري
النشر كان الهم القومي العربي هو السائد في الأدب العربي والمهيمن على الوعي الجماعي.
لكن قصائده كانت خارجة عن المألوف كونه أراد فضح "واقعنا اللاانساني الأسود". وبالطبع
وجه له النقد من قبل القوى اليسارية والقومية، لأنه، وفق رأيهم، أهمل الصراع الطبقي
الذي يجمع السود و البيض ، لأن العنصرية في العالم العربي كانت و ما زالت من
التابوهات ، من الموضوعات المحرمة ، التي لا أحد يريد تسميتها باسمها
واثارة نقاش عام حولها. الفيتوري لفت النظر الى هذه المسألة
الهامة ، لذلك كانت هذه القصائد جديدة على الأدب العربي.
***************^^^^^^^^**************

[/center]

ود الأصيل
30-11-2015, 11:13 PM
[CENTER]بين مد الإحباط و جزر الأمل ، و كذلك بين
تنازعات القبض على الجذور مع الجنوح إلى الانعتاق
خاض الفيتوري تجربةً حياتية تراوح مكانها بين خيبات الأمل
و الإحساس غصباً بالرضا.عاش كطائرٍ سمندليِّ الأهاب جريحاً
و كلما كلت جناحاهراح يغرد خارج سربه . هو هو حال
شعره المتأرجح بين الشعارات الهابطة إلى مستوى
الخطابة و نواح روحٍ شفافةٍ متلبسة بالوجد.
********^^^^^^^********
من رحم الاضطراب صرخ الفيتوري صرخته الأولى
من أبوين يرتبك الرواة في الإجماع على تحديد هويتهما.
هو اللانتماء الذي طبع سيرة الفيتوري في الأرومة و اللامكان.
الفيتوري شاعرٌ مطبوعٌ غير أنه استهدف توظيف شاعريته من أجل قضيا
سياسية أكثر منها إنسانية . فغلب على قصيده الانفعال مع لهيب المشهد
السياسي. و بالاضطراب نفسه تقارب الفيتوري تارةً و تباعد تارةً أخرى مع
الأنظمة الشمولية عربيةً و أعجميةً. فيما ظلت رياح السياسية تنفخ في
أوداج أشرعته هباءً منتوراً عبر العواصم و الأمكنة مستثمراً شاعريته
في تأمين مرافئ الدفء الحياتي. لهذا ظلت الإقامة فيها عرضة
لرضاء الآخرين. هي الرياح نفسها التي ظلت تتحكم
في بوصلة زورق ألحان شعره حتى الممات.
**********^^^^^^*********

center]

ود الأصيل
02-12-2015, 12:00 AM
بكل تلك الرؤى المشتتة و بأكثر وأوسع منها
نحاول أن نقرأ في(فنجان) ذاك الساحر الأفريفي الذي رحل
لنقارب مسيرة(دونجوانٍ) متعدد التجارب العاطفية مع نساء متعددات
السحنات، كما هو حال تعدد وثائق سفره و متقلبات الأمزجة. و كما الحال مع
عروش عربية شمولية عديدة ظلت تارةً تمنًّ عليه بإسباغ هوية (مهمات) مرهونة،
و تارات تتمنع. و هي المقاربة ذاتها تجاه ترحاله المحفوف بالقلق عبر ضبابات العدم ضمن
براحاتٍ مكانيةٍ ضيقةٍ ظلت تتململ على ظهر رمالٍ متحركةٍ أشبه بسيور طواحين الهواء ،
و حيز زماني عقيم ظل متمدداً على متن بساطات ريحٍ الاغتراب . هي كذلك المدخل السالك
لاستيعاب نرجسية الفيتوري المتضخمة و المتجلية في اشتباكاته المتواترة مع أقرانٍ من نظرائه
أكثر منها في الاحتكام إلى ديباجة ملكته الشعرية. لكن كل هذا و ذاك لا ينتقص من مكانة
الفيتوري وسط كوكبة الحداثة العربية. هو لم يتحرر فقط من قيود التفعيلة التقليدية، بل تمرد
عليها وحطم كوابحها و دفعها إلى مدارات عَرُوضية جديدة. لقد تألق الفيتوري في الارتقاء
بمحاور و أغراض شعره مع الزمن من نمطية شعارات زنوجيته الثائرة إلى
مصاف هيامه الباطني، درويشاً عاشقاً راح يقرع بطبوله و يلوِّح براياته
عبر الآفاق الأفروعروبية من منابع الماء إلى مصباته!!
**************^^^^^***************

ود الأصيل
09-01-2016, 10:22 PM
و إذا كان للفيتوري باعٌ طويلٌ وقدحٌ معلَّى
بين أقرانه من شعراء الحداثة أو (اللاتفعيلة)
أمثال نزار قباني و من حذى حذوهم أمثال عمر الدوش،
كما سبق و نوهنا إلى ذلك حين أدلينا بدلونا في معرض
توثيقنا لهذا العبقري الثائر من باب جهد المقل.
***********^^^^^**********
نقول إذا كانت الحداثة في أشعار أولئك العملاقة تعني
مجرد الخروج بنيوياً على نص التقليدي(التفعيلي) في نظم القصيد
فإن قصيدة مابعد الحداثة ، قد باتت تتفاعل مع تقنياتٍ حديثةٍ قد لا تمت
إلى قرين الشعر من أساسه باية صلة ، و هي من نتاج ثورة المعلوماتية ، التي
جاءت متسللة مع خيطٍ واهنٍ من الشبكة العنكبويتة، لأننا بتنا نعيش عصر الصورة
عبر قضائات الأقمار، بعد ما اندثر عصر الصوت و من قبله عصر الترماي و القطار،
و كان من قبلهما عصر البغلة و الحمار. هذا بعد أن مضت سنة الأولين و طغى أثير
الأسافير على أصوات الصفافير؛ وذلك بانتظار أن تهدأ هتافات الجماهير، بعد
أن يخمد مرةً و إلى أبد الىبدين زعيق الزعماء الشموليين، و تخر جباه
الجبارة الطغاة المهووسيين بكارزما البقاء سرمداً و السير حفاةً
على تلال من جاجمك رعياتهم المطحونة أرضاً.
*******^^^^*******

ود الأصيل
09-01-2016, 11:10 PM
ففي قصيدة (بورنوغرافيا مجففة)،
تكون البداية مع لقطة الصورة و تنتهي معها،
لأن ثقافة ما بعد الحداثة تؤسس لوجودها على الصورة
بوصفها مهيمنة ثقافية ضاغطة ، أو مهيمنة مكانية تشتغل على
الفضاء المفتوح وسعاً على مصراعيه في المنظور الجسدي. ذلك أن نظرية:
(ما بعد الحداثة) أكثر إباحية و هي غرائزية بالدرجة الأولى، بحيث تعمل على
مبدأ فرد عضلات جحافل نديتها(الذكو-أنثوية)على حساب تفكيك قواعد سلطتها
(الأبوية).إن لديها مراكز قيادة و سيطرة و تحكم تقبع في مكان ما من كوكبنا،
و قد تزودت بأسلحةحديثة فتاكة للدمار الشامل، إذ وضعت اسلحتها التلقيدية
لعدم جدواها.و بات لديهامفردات مستحدثة للغلتها الجنسية المتهتكة،
و التي تشكل خطابها وهي تنطلقلتشكل جزءاً من الاستغلال
الفائق لعالمنا الثالث فما دون، كأبشع مما
يستغل فيغتصب عالم الحيْوان،
******^^^^^******

ود الأصيل
10-01-2016, 01:20 AM
و من الأمثلة الشائعة في قواميس لغة ال(Porno)/
الإباحية المبطنة عباراتٌ و ألفاظٌ سوقيةٌ نابيةٌ من قبيل قولهم
مثلاً: (ضعف انتصاب الترتيب الهرمي) لعلاقات الأمم و الشعوب,
أو كقولهم: ( اختراق جدار بويضات سوق العمالة السائبة لدى ) دولٍ ، شاء
الله أن يذيقها (لباس الجوع و الخوف و الجهل و المرض) حتى لم تعد تملك قوت يومها،
إذن، فهي تملك ناصيةأمرها و ﻻ قرارها؛ مما يهدد (بانتهاك غشاوة البكارة لسيادتها الوطنية.
هذا، فيما قد تنجو من كل ذلك دويلات غنية مادياً، إذ حباها الخالق الرازق بطاقات نفطية أو موارد
معدنية مهولة ، رغم أنها قد تكون فقيرة من حيث كم و نوع مكون عنصر المورد البشري و هلم جرا.
أي:بعبارة أخرى ، فأن البلاغة لجنسية صارت كشهادة شاهدٍ من أهلها علي وجود موجاتٍ جامحةٍ لصراعٍ
دمويٍّ و اشتباكٍ محتدمٍ بلا هوادةٍ من أجل( البقاء للأقوى) ما بين الذكور و الإناث ، في مسعى كل معسكرٍ
لإخضاع الآخر لجبروته، و من ثمة حيازة فتسخير كل ما جادت به (عذرية الطبيعة)من موارد و موادٍّ خامٍّ لحظيرة
ملكه. إذ لم يعد هنالك قيد موطء قدمٍ لذاااك الزخمٌ الهلامي المتفاخم لتلك الصورة النمطية ، و التي اقترنت
تاريخياً ب(صلب) الأب ، و الذي أهدى ابنه كلمة سر(الفحولة) أي(Password) لسرداب سلالة العائلة الممتدة
و العشيرة النافذة. و كأنما يقول له: شد أوتار الحديد جيداً قبل أن تدق برأسه ساخناً، ذات مرة.. ثم كرَّتين ،
وعلى مدار6 ثوانٍ و عشرين من جزء الثانية... إلخ، و لا تيأس حتى يتحقق له عبور (خط بارليف)من حيث
كان و يا ما كان على حد زعم أبي الطيب المتنبئ حينما تباهى بنفسه ومجد إمارته حتى قال:
(لا يَسلَمُ الشّرَفُ الرّفيعُ منَ الأذى, حتى يُرَاقَ عَلى جَوَانِبِهِ الدّمُ).. حتى إذا مااغروقت
عينه؛ و تدلت من أنفه رائحة العصور البالية، و استل من رأسه عهد الحداثة،
تمخض دبره عن (مابعد الحداثة)؛ ثم على هذه الوضعية و هذا
المنوال ، أُخذت له آخر لقطةٍ نادرةٍ لصورته الراهنة.
************^^^^^*************

ود الأصيل
12-01-2016, 08:56 PM
فللصورة هيمنة جسدية، ونفسية، تتعلق بمنطلق
الشرعية الثورية لعصر (ما بعد الحداثة) لقراءة التاريخ
المهمل من خفايا الأسرار، في سرداب السلالات العائلية المنقرضة،
و هنا لابد ان نأخذ مفردة سرداب على محمل الرمزية و التاويل بمعنى:
(الرحم، غياهب الجب ، زنارين السجون ، أعقاب الدبور)أي بعبارة أخرى:
التاريخ السري للانسان، وحاجاته المتعفنة تحت أديم الأرض ، و التي ربما تلتقي مع
الاحالات الرمزية للقبر و الهاجس الوجودي للموت {و لَكُمْ في الأرْضِ مُسْتقرُّ و متَاعٌ إلَى حِيْنٍ}
{مِنْهَا خَلقْناكُمْ و فِيْهِا نُعِيْدُكُمْ وَ مِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىْ}. النهج السردي لقصيدة ما بعد الحداثة،
يعني فتح مغاليق القصيدة على جد الحكاية، و يكشف عن رغباتٍ مكبوتةٍ في نزعة تضرب أطنابها في
تفتيت الخطاب الذكوري السائد حتى حينه، من اجل كشف نتانة العلاقات التي يتسترعليها المجتمع حتى
يبقى محافظاً على صورته ، و قداسته الزائفة ، إنها صرخة احتجاج تعلن ولادة نص جديد، لايرى أنه ملتزمٌ
بضوابط تفعلية الشعر و لاحتى قصيدة النثر، و لا يدين بالحبكة السردية التي تتشظى في لعبة المراوعة بالكلام،
و هو لاينفتح بقوة نحو تلك الممنوعات و الهواجس ، بقدرما يحاول ان يستفيد لغة الفلسفة والاسطورة و الكلام
المنمق للوصول الى هدفة، النصي يحمل اوجاعه وهواجسه وحده،ولا ينتظر ان يستند الى تأسيسات مفترضة،
ولربما سيصبح هو القاعدة الذهبية لنصوص أخرى، تخترق حاجز الصمت، و تتجاوز المألوف من أجل الإجهاز
بضربة قاصمة على ممنوعات الدين و العرف. و السياسة، بطريقة حداثية، حيث نجد عند السياب تنبؤاً
بشيء من هذا القبيل حين يقول ما معناه(و أناـ إذ أترع كأسك بعبقري الرباب، برائحة العالم
السُفلي لعنق رحم الحقيقة، إنما أتوسل أن ألج إلى فراغ أحشائك، و أن أوسع مردقي
بدواخلك في ظلمات بحارٍ لُجِّيِّةٍ ، فلعلي أنجو بعدها، أو أموت فتقديني
قربانا لسوق الجهل بعلم الناسخ و المنسوخ.
************^^^^^***********

ود الأصيل
13-01-2016, 10:08 PM
يقتبس النص الحداثي من بعض الرموز الخرافية
كالعالم السفلي، و(عيون ميدوزا) التي ذكرها السياب،
بأنها أسطورة لكائن إذا ما نظر إلى شيء ما، مسخة فأحاله لى حجرٍ.
هذا فضلاً عن مشغابات الحداثيين لكشف سوءات الدجالين المتمسحين بدينٍ
صوريٍّ عاطفيٍّ كاذب أو طائفي متشنٍّجٍ،إذ يعبث بعذرية الحياة و يعود بالناس القهقرى
إلى عهود صكوك الغفران و بيع أمتارٍ من الفردوس الأعلى بأمتارٍ من(أحراش ك(الجزيرة أبا). و لكن يؤخذ
على النص الحداثي أنه يبقى قابعاً في ذاته ، متقوقعاً خلف رمزيته. إذ لا يسلم مفاتحه للقارئ بسهولة. يحاول
أن يتجاوز ما هو ظاهر إلى ما هو باطن، لإدانة ما هو مسكوت عنه ، السردية الحكواتية هنا تجدها مفعمةُ بالمستجدات،
و قادرةُ على أن تتملك فرادتها، و حضورها الذي يؤسس لغضب جديدٍ قادمٍ . غضب يرفض سياسة التجهيل و التخويف بأن:
لا مساس بصورة (عجلٍ جسدٍ له خوارٌ) محبوكةٍ بقوة الضحك على الدقون واللعب بتيجان دين المظاهر على رؤوس الثعالب.
يسعى الحداثيون ليشق طريقهم بمثل هذه المفردات القاتمة حينما يقول قائلهم: مرحاضٌ يدفع كوكب الأرض إلى أعلى أيام
الحرب المنسوجة بدماء النساء المفضوضة بكارة حرياتهن بقيود الرمال، في مناورةٍ لكسر جمود(يوتوبيا أفلاطون)حتى باتت سلعةً
تباع و تشترى في بورصات نخاسة الأديان. قد يفتقر النص لذاك الحس البياني الذي يعطي صورةً ميتافيزيقيا ناطقةً عن ذلك ،
لكنه يضرب سرادق مأتم و عزاء لانهيار خطاب عهود القهر تحت عروش دكتاتورياتٍ غاشمةٍ،ليقيم على أنقاضه مسرحاً لنشأة
حطاب(كوميديا أرضية) لم يكن مألوفاً . إن شعراء الألفية الثالثة قد طووا الصفحات على طروحاتٍ قديمةٍ، كانت سائدةً ،
ثم بادت مع رجالة زمانها. لقد تجاوز هؤلاء سياسة التحميض بالخل، و أشاعوا لغةً إباحيةً صادمةً للبوح الشفيف
بكل (ما تلذ به خائنة الأعين ، و لا تخفيه الصدور). إنها لغة لا تقيم وزناً ثقيلاً لأية أخلاقيات، و لا تدين كثيراً
بأي عرفٍ أو دينٍ؛ و إنما تنطلق من حقيقة البذخ الجسدي، بعيداً عن نداءات الروح، من خلال علاقاتٍ
سائبةٍبين الذكور الإناث، و ايضاً بين أشباهٍ لا هم من هؤلاء و لا من هؤلاء. و هذا تابع من
طغيان أثر التقنيات الحديثة ل(وسائل التناصل الاجتماعي) تراجع لغة الأدب المألوفة
لنصوص القصيد و النثر السردية. أمام لغة مايسمى بالإبداع التفاعلي
أو الرقمي ، بفعل الانتشار اللافت لإعلام المدونة الالكترونية(Blog).
و كذلك التقليــد الأعــمى لظاهرة موسيــقى الـــراب.
***************^^^^^****************

ود الأصيل
25-01-2016, 09:46 PM
يمكن أن تعد قصائد ما بعد الحداثة قصائد تحريضية،
لبتر سيقان جمود الماضي و كسر حدة السائد و المألوف ، في
سرديات قصصية لما قبل الالفية الثالثة .لذا نجد في أعمال بعض الحداثيين
إقحامات ملحة لبعض السوقيات ك (المرحاض) مثلاً، بوصفة أحدى أدوات التنفيس
المتاحة عن الضغط النفسي ، و البدني معاً. في ما قد يبدو أكثر ل تماساً مع أبسط
أبجديات الواقع و مخرجات تقانة العصر الحديث، لأن في ذلك نوعٌ من الانفتاح على كثيرٍ مما
هو مسكوتٌ و متغاضى عنه ، حيث تعمل ثورة ما بعد الألفية الثالثة على تفكيك قواعد نمطية
الخطاب التقليدي و تأسيس و إشاعة خطابٍ حداثيٍّ، يستنكر صورة الموت الدماغي الشائع الذي يطال
كل شيء حيٍّ. مما يعدُّ بدوره ترويضاً للموروث حتى ينسجم مع مقتضيات حال ما بعد الحداثة. خطابٌ
جديد جريء ، إذ إنه ينزع إلى تحوير مقولة أبي الطيب المتنبئ من أن : (مصائبُ قومٍ عند قومٍ فوائدُ)
إلى قولهم: (مراحيض قوم عند قوم محاضن) في إلماحةٍ لاذعةٍ إلى ظروفٍ اقتصاديةٍ مترديةٍ و معيشيةٍ
مزريةٍ لأنسان عالمنا الواقع في الدرك الثالث، فما دون أسفل، في ظل سيادة نظريات أمراء حروبٍ
مدججين بالمفخخات و النفاق السياسي المبطن. حقيقةً إن معايشة الواقع لتفرض إدانةً شاملةً
واجبةٍ لكل ما يجري من حولنا. إن روح المفارقة تدفعنا للجنوح نحو التعلق في الهواء ما بين
واقعية فائقة و متخيلة ، و بين الواقع ضبابيٍّ معاشٍ طابعه التملص من روح أية
مواجهة لدرجة تكاد تنعدم معها الرؤية، حيث تتلاشى المنطقة الرمادية
الوسطى الفاصلة لأي تمايز ما بين " ما هو مفترضٍ "و بين واقعٍ
يفوق الخيال. هذه المفارقة من شأنها أن تنعكس سلباً
على ضبابية النص ما بعد الحداثي.
******@@@@@******
*******@@@@@*******

ود الأصيل
31-01-2016, 02:28 AM
# يحيا العدل..ثم طظ في المساواة#
في ما يمكن تصنيفه كنماذجَ حيةٍ لنصوص حداثية ،
فما دونها. لك أن تقرأ لناثر حداثيٍّ و ثائرٍ مثلي ، ما نصه الآتي:
كم نحن مثاليون لدرجة ِ(الواقعيةِ الفائقةِ) في تعلقنا بعولمة الغرب ، و دوننا
(عدالة السماء)، كما يتشبث غريق بقشة قصمت ظهر البعير. فهيهاتَ لباطل أن يسود،
و لو سطع من على جبينه القمر؛ كما أن هيهات لحق أن يموت و لو تدافع عليه من بأقطارها.
ثم هيهات هيهات لعاشقٍ لترابه أن ينسَى. بلْ تظلُّ هائماً على وجهِكَ، كمن تحمله يدُ عنايةٍ إلهيةٍ
من عين العاصفةِ إلى وادٍ غيرِ ذي زرْعٍ.. أن تعيش قابعاًَ في خانةِ الصفْرِ ، أو أدْنَى فرُبَّما. و لكنْ أنَّى لكَ أن
تعيشَ عصِيَّ لم القلبِ، قصيّ الالتفات إلى ما يوجعُ و يجعلُ (وجعَ الوجعِ) وجهةً لِحَدِّ ذاتِهِ ، و إلى ما يرجعُ من
صدَى وجدان تضعُ المكانَ على أُهْبَةِ السَّفَرْ. حيْثُ تمرُّ منْ هُنا و هُناكَ، كلَّ يومٍ جوقةٌ من فَتَياتٍ غجرْ.. مصاباتٍ بحمَّى
الرَّقْصِ الشَّرْقِيِّ و الإغواءِ .. و بسُعَار بيعِ الهَوَى ، إذ علّقن سراويلهُنَّ على فروعِ الشجرْ .. و ارتدَيْنَ العري المتخفّي في
رشاقةِ العُهْرْ. حيْثُ على الخيالِ وحدَه أن يَرَى فضيحةَ العُرْي في نَرْجِسيةِقَناعاتِ الفَنِّ بذاتِهِ المتمنعةِ عن الإفصاحِ بالأمرْ..
فهُنَّ الماهراتُ بدسّ دَسْمِ السُّمِّ في عظامِ( سُرَّ منْ رأَى) ، هُنَّ هُنَّ القادراتُ على سِتْرِ العُرْيِ بضوءٍ يسطعُ من صدورٍ ناهداتٍ،
ترشحُ حبيباتِ ماءٍ آسنٍ قَذِرْ. في كلِّ بلادٍ الدُّنْيا قطعانٌ هائمةٌ من الغجرِ. و في كل غجريةٍ سِفْرٌ مرتجلٌ. و في كل سِفْرٍ حكايةٌ لا
تُروَى إلاّ بعد اجتيازِ الذكرَى سنّ الخَجَلْ.. من مصيرٍ حتمِيٍّ منتظرْ..ٍ على سكة وترٍ. إلامَ نظلُّ نهيمُ مع الغجرِ طالَما افترقَ
المكانُ عنْ زمانِه ، و كلما تَشَرَّّدَ كوكبٌ دُرِيٍّ على دُروبِِ التِّبَّانةِ، سُكّانه الباحثونَ عنهفي ما تبقِّى من روائحَ ،
هيَ الدليلُ على تناقُصِ العُمُرْ؟! ألهذا يبحثُ النَّاسُ في النساءِ عن فوضَى الجسدِ في شهوةِ رقَصاتِ
البجعِ ، على حبالِ الهوَى، و تضيعُ أنوثةُ المعانيَ الخواليَ من زركشاتٍ، في الحُبِّ، لدَى
حُثالاتِ العابثينَ بعُذْريةِ بني البشرْ؟! مع تأسُّفِي الشَّديدِ للإطالة,
و أية بذاءة غير متعمدة ، (If any)
*****@@@******صدرَ تحتَ توقيعِي في
9/5/2016 بكاملِ قِوايَ العقليةِ المعتبرةِ شرعاً و قانوناً

ود الأصيل/Aabersabeel

ود الأصيل
31-01-2016, 08:09 PM
قد تنجو بجلدك ذات مرةٍ ، بل و مراتٍ
من حادثات الدهر ، فقط ، لأن يد عنايةٍ ربانيةٍ
تأبى إلا أن تتدخل في كل سقطة لتنقذك. و أنا عشت
شخصياً لأجوب الدنيا من أقصى إلى أقصى في كل مكان
كمسافرٍ صار مأواه في قاعات الانتظار في مطارٍ ، حيث سرعان ما
يُرسِلني مطار، كطرد بريدٍ جوّي ، إلى مطارٍ . عابراً حائراً بين اختلاط الهُنا بالهناك ،
و زائراً متحرراً من واجبات التأكد من أي شيء. هكذا كثيراً ما تمرّ فتيات الغجر
على بيادر أيامي الخوالي، عبر طريق الحرير من هندو سند و بلاد تركب الأفيال ، إلى
ما يرد على حاسة التيه من هواجس بلا خرائط أو هوياتٍ.كم هنَّ فاتناتٌ و لكنهنَّ بائساتٌ
و راقصاتٌ بلا سبب، سوى ما لذوات الدم الحارِّ من نسب إلى إيقاعات الطبول. هُنّ هُنّ،
سِربُ خيامٍ مهاجرةٍ إلى مغامرةٍ قد يَجدنَ فيها كفافَ حياةٍ في متناول اليد. و لا يودّعن
شيئاً لئلا يحزنّ، فالحزن مهنةٌ لا تليق بهنّ، فهنّ الحزينات منذ وُلِدن. و لكن يرقصن
كي لا يتوقف جريان الدم في عروقهنَّ. و يتركن الأمس وراءهن كرمضاءٍ
من تحت دمنة رمادٍ، و ليست بأية حالٍ أهون من نار غدٍ بئيسٍ،
لا يفكرن به لئلا يعكّر عليهن التوقع صفو الارتجال.
اليوم هو اللحظة التي يختزلن فيه الدهر كله.
**********#####**********

ود الأصيل
01-02-2016, 10:46 PM
و نجوت كثيراً لأعيش ككلبٍ بسبع أرواحٍ، فقط ، لأن طلق عيار نارياً عشوائياً كثيراً ما مرّ
قريباٌ من شحمة أذني، أو من تحت فخذي ،أو تحت ذراعي، دون أن يستقر في ثمرة خافقي. كما لم يَشُجّني جلمود صخرٍ طائشٌ حطه السيل من علٍ على فاخورتي. و نجوت لأن سائق ناقلة جند تنبه ذات وخذة ضمير أفعى و في آخر لحظة، لوجود رضيع يئن بين مؤخرة مجنزرته و بين جدار فصلٍ عنصريٍّ عازلٍ ، توشك على سحقي معه، فحقن دمي خطر محقق؛ ليعيدني ك(تابوت موسى) إلىحجر أمي لأجد قلبها فارغا، تقلب كفيها بأسوأ الفروض على جمر الخوف و الرجاء . فحمداً لمن لا يحمد على مكروهٍ أبداً سواه: إذ كم مرة يموت أحدنا و لم يتنبه. و كلما مات أحدنا و انتبه ، كلما استأنف التهام الحياة كحبة خوخ مخستكة ، أو كتمرة(دفيق) ساقطة .فلا وقت طويلاً لخوف من مجهول، مادامت الحياة، و هي أنثى، مشغولة عن الموتى بتجديد صباهاو فجورها و تقواها، على مرأى من المحرومين فؤ الأرض،،،

/ Aabersabeel
*****@@@*****
*****@@@*****

ود الأصيل
02-02-2016, 07:58 PM
[COLOR="#4B0082"]
(11/80)
//يا ريح أنت ابن السبيل، و لا شيء يعدل زعفران تراب الوطن//
كأي ابن سبيلٍ يمر ك(همس النسيم الماش)، و كمر السحاب لا ريثٍ و لا عجل(ما لاحقين حاجة).و لربما يختلط لدي الهنا بالهناك و بالهنالك،و قد أكون ما عرفت ما السكن. غير أن لي و طناً(وكت أشتاق لو برحل ليه من غير زاد) ؛ و أدري أن لا شيء عندي يعدل قيمة الوطن.

#كثيراً ما أجد نفسي منزوياً في ركنٍ قصي على طاولة ّ بأحد المقاهي بالموانئ ، فقدت إحدى سيقانها إثر عراك شرس نشب بين مرتاديه الثملاى؛ أو تجدني أزرع الأرض طولاً بعرضٍ، جيئةً و ذهاباً في إحدى صالات الخطاوي الضائعة(les Salles Des Pas perdues) ؛ بينما أغرق في تفكيرٍ عويصٍ في مدى جدوى رحلتي القادمة: فهل أنا في ذهابٍ أم في إيابٍ؟!!. إذ لا أحد ينتظرني لاستقبالي في محطة إيابي ؛ و لم يكن أحدٌ قد أودع الله ديني و أمانتي، حين تركت العدم خلفي و اليباب أمامي.

# إن لي أكثر من اسمٍ و أكثر من تاريخ ميلادٍ مُثْبَتةٍ في وثائق سفري منمقة الأغلفة، بألوان الطيف. لكنني حرٌّ أنا في خضم تلك الزحامات المسافرة دوماً ، كسير طاحونةٍ لا ينفك راحلاً. و حيثما مررت بأيما نقطةٍ للعبور تجدني مرفوع الهامة أمشي . حيث إني آمِنٌ أنا ، كسلع الحوانيت المعفاة من رسوم الجمارك ، و محروسٌ أنا بأجهزة الإنذار المبكر. لا أحد يكلف نفسه عناء سؤالي عن هويتي؛ و لا أحد يبدى تعجباً من مشيتي المتلعثمة ، أو من زرارٍ مقطوعٍ في معطفي ، و لا حتى من لطعة دمٍ كذب ٍ يرونها مندلقة على ربطة عنقي.

#لكأني عميلٌ مزدوجٌ متخفٍّ في روايةٍ لأجاسا كريستي، معروضة في كشكٍ للصحف. متمردٌ أنا على مؤلف روايتي و ناشرها و بائعها و من حملت إليه. و في وسعي أن أضيف أوأحذف أو أجرح أو أعدِّل أو أبدّل كما شئت ؛ و أن أقتُلَ أو أُقتَلَ؛ و أن أمشي أو أجلس أو أطير ؛ و أن أصير كيفما يحلو لي أن أصير؛ و أن أعشق أو أُبغض؛ و أن أعلو أو أهبط ، أو أسقط مردياً قتيلاً من على مقصلةٍ نصبت على قمة جبلٍ. و لا يمسني سوءٌ.
# لأنني لم أعتدٍ قطُّ على ملكيةٍ فكريةٍ أو حقوق نشرٍ و تأليفٍ لمبدع مأساتي، و ليس لي قول ٌ فصلٌ حول مصيري ، حسبما صوروه ضمن حبكةٍ درامية عنِّي في ألف ليلة و ليلة ، و من ألفٍ إلى ياءٍ.
***************@@@@@@***************
ود الأصيل/Aabersabeel

COLOR]

ود الأصيل
03-02-2016, 08:27 PM
لا أحد يجرؤ على نهي سواحٍ عابرٍ
و عاشقٍ للترحال، عن الهيام في أرض الله الواسعة،
و لا عن الإفراط في الخروج من سربٍ قد تمرد على أوضاعه
المائلة، فقرر التغريد خارجه، حتى وإن على مقربة من مساره الجوي.
فاسترسل في طرق المعلوم بسندانٍ من فولاذ المجهول، على صفيحٍ ساخنٍ
من أمرٍ واقعٍ مريرٍ، فتطاير شَرَرُ الممكن من فقه الواقع. و كلما ضاقت به جدران
الزنازن ذرعاً شعّ كبلّور مكسورٍ في مجازات المساجين. إذاً ، فما معنى أن تجد في نفسك
في مرفأٍ تالٍ شخصاً غير مرغوب فيه، لافتقار وثائقك إلى ثقافة الربط بين جغرافيا المكان
و اسماء الأمكنة و ظروف الأزمنة: فمن وُلِدَ في بلادٍ لا وجود لها على الخارطة الحالية
للكرة الأرضية.. فبأي منطق و بأي حقٍ يحق له الوجود. وإن قلت مجازاً إنك من لامكان
قيل لك : لا مكان لل/لامكان هنا أو هناك. و إن قلت لموظف الجوازات ،ليس بإمكاني
أمكن مما قد كان و ما هو كائن، لكون اللامكان في قاموس هويتي هو المنفى،
زجرك قائلاً: لا وقت لدينا للثرثرة بخطرفاتٍ من محسنات البديع و علوم البيان،
فاذهب يا هداك الله ،إذا كنتتحبّ الفصاحة لتعودنَّ أدراجك إلى أمهاتا
الكتب الصفراء عند أبي الأسود الدؤلي و الخليل بن
أحمد الفراهيدي أو تلميذه/ سيبويه.
*******@@@@@*******

ود الأصيل
10-02-2016, 01:20 AM
هل رأيت وجهك يوماً في مرآة
حمامٍ بصالة المغادرين من قطار يرسلك إلى قطار
آخر و منه إلى مطار و من ثمة مطارٍ آخر مزدحمٍ باللاهثين
إلى حيث صفقاتهم التجارية و مواعيدهم الغرامية حيث تبذل جهدَ جهيدٍ،
كمن يفسر الماء بالماء، و أنت تشرح لموظفين لا مبالين و غير معنيين أصلاً، تتلو عليهم نبأَ
أسطورةٍ حول جيواستراتيجة عصر حداثةٍ كأنما يعود إلى غابر الزمان. عن شعوبٍ تجري العروبة
منها مجرى الدماء في عروقها. لكنها حين ثارت ذات ربيعٍ ضد رباعية الظلم و الهوان، على أيدي
جلادين طغاةٍ أو بغاةٍ أو غلاةٍ أو جفاةٍ . إذ تفرقت صفوفهم أيدي سبأٍ .. فصاروا شتاتاً عبر بوابات
المنافذ بين مطارق المطارد، و سندانات المنافي؟! و لكن هيهات أن يفهمك أحدٌ، أو يمنحك تأشيرةً
يإذنٍ بالدخول. هل رأيت نفسك هائم الخطى في بيادر غربةٍ كشِعْبِ بوانٍ، وسط أغرابٍ، لو سار
فيهم نبي الله سليمانٌ لسار بترجمانٍ؟!. حيث تروي هناك لمن تصادف ما قد حلّ بديار
أهلٍ مطموسي الهوية، مقطوعي الوجه و اليد و اللسان، و مرتهين بصاع من حنطةٍ،
لأجل شيء لا يمتُّ بشيء إلى كرامة أنسانٍ.و منذ هبطت من بطن أمك هل
شققت عينيك على غير جرّافة عملاقة تدوس الأوطان لتسوِّى بحطامها
المكان على مقاس أيقونة مجنزرةٍ؟!ومن لم يكن آنذاك في
الأسطورة ، فلا مكان لوجوده في هذا الزمان.
*******@@@@@*******

ود الأصيل
14-02-2016, 02:20 AM
و أنت منهمكٌ في حالة ترحالٍ مكوكيٍّ دئوبٍ
ما بين لقاء و وداع.. كَسْير طاحونةٍ هوائيةٍ ، لا ينفك راحلاً
و بينما تغطس في غفوة عفويةٍ يسمع لها غطيطٌ على أريكة جلديٍّة ؛
إذ تستيقظ منها على وقع حوافر مسافرٍ متعجلٍ تعثّر بك، فيما أطلق ساقيه
دون أن يعيرك نظرةُ، معتذراً لك بعذرٍ باهتٍ أقبح من الذنب؛ و كذر الرماد في عيون العِمِي
تدلف بخطاك الضائعة إلى الحمّام و تغسل ثيابك الداخلية و جوربيك و تحلق ذقنك و تتمغَّى،
قبل أن ثم تمضي لتتسكع عبر صالة يبدو لك كالوقت إن لم تقطعه قطعك.ثم تعود لتحملق في
صجف ذاك الصباح باحثاً عبثاً عن بلادٍ من شأنها أن تمنح حق اللجوء لأبناء الأمم المتحدة. و هل من
بلد مستعدٍ ليجاذف بمصالحه ليقبل بك ضيفاً ثقيلاً؟ لعل الخالق غاضب جداً من فعائل خلقه.حيث قد:
(ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ).
فما معنى أن يمضي مسافرٌ ع مره في مطارٍ؟ و لكن ربما بالعكس ربما يغطبني من لو كان مكاني
ليسجع مدحاً لحرية حراكي بين المطارات حيث ننطلق أنا و ذباب جلدي أحُرّاراً و ثمة حبال ودٍ
هي تلك المصائب اللائي يجمعن المصابين الذبابة تحنو عليّ/ تحطّ على كتفي و يدي.
و كأنما تحثنى على كتابة شيء ما/ ثم تطير. و أكتب سطراً: لكأن محطات
المنافي صارت بلاداً لمن لا بلاد له. و تعود الذبابة بعد قليل/
لتمحو الرتابة ، ثم تتركني و تطير أخيراً و في عينيها نظرة رثاء لحالي
و لا فراغ لدى أحد سواها لأجاذبه طرفي حديثٍ ذي شجونٍ
************@@@@@************

ود الأصيل
21-02-2016, 02:07 AM
في كافتيريا أحد مرافئ الترحال،
عادةً ما تزوغ عينك لتقع على حسناءً غيداءَ جالسةٍ
في ركنٍ قصيٍّ قبالة مقعدك تماماً. و حين تراك تحدق بها خلسةً،
تتشاغل بتنظيف قميصك من قطرة مشروبٍ اندلقت كمفردةٍ شاردةٍ من عبارةٍ
كنت ستزلقها لها همساً من خلف أذنيها، لو كانت بجوارك. كأن تقول لها: جمالك هذا
كثير على مثلي(كما السماء بدت لنا و استعصمت بالبعد عنا) فاسدلي رموش كبربيائك قليلاً
لأتمكن من بثك بوحي. و كلما ترفع عينيك عن صحن الحساء الساخن، تراها تناظرك، لكنها سرعان ما
تتشاغل برش شذراتٍ من قنينة الملح و الفلفل على طعامها بيد راجفة يفضح الضوء الخافت منها بياضاً كما
بياض الثلج ، فتخاطبها في سرك: لو كنت مثلي ممنوعةً من الصرف و محظورٌ عليك مغادرة الترانزيت، فقط لو كنتِ
مثلي! هنا تشعر بأنك أحرجتَها، بأمعانك في استجداء أحاسيسها، فتتظاهر بأنك تخاطب النادل: بينما لؤلؤة من عرقٍ تحبو لامعةً
على جيدها المرفوع شموخاً، فتخاطبها سراً: لو كنتُ معك للحستُ حبة العرق عنك. خيوط الرغبة راحت تنسج بينكما مكوكاً فضائياً
عبر طيات الأثير المعطر، لتزرع به الأرض جيئةً و ذهاباً في منطقةً و سطى وهميةٍ قائمةٍ ما بين الجنة و النار. إذ تتلاقى نظرتان شرودتان
و سرعان تطيران خجلاً فتفترقان ، كفراشين عنيدين حائرين لم يجدا ملاذاً من الرمضاء، سوى الارتماء طوعاً أو كرهاً في أتون ألسنة اللهيب.
و بينما هي تحتسي جرعة من كأسها التي ذابت فيها حبة العرق. تشعرك بأنها قد استمعت جيداً لبكاء الحوت في قاع سحيق من بحرٍ لجيٍّ
عميقٍ . و إلا، فما الذي يغرقها في كثافة هذا الصمت الشرود؟ تقول لها في سرك: إذا أعلنوا أن إرهابياً يوشك على تفجير نفسه بحزامٍ
ناسفٍ على مقربةٍ في قاعة انتظاركما ، فلا تصدقي.. لأني أنا و ليس أحداً سواي من سأفعل ذلك؛ فقط لكي أدنو منك زُلفى لأقترب
منك و لو قيد أنملةٍ. ثم يخيّل إليك أنها اطمأنت، فرفعت نخب شرابك متلألئاً، و انسلّ عصبٌ رفيعٌ من رغبةٍ جامحةٍ عند أطراف
أناملها، ليحرك في نخاع حبلك الشوكي، عبر عمودك الفقري نبضاً كهربائياً دافئاً، و هزتك قشعريرة. فتولهت وتأوهت،
و فاحت رائحة اللافندر من حديقة بابلية معلقٍةٍ بينكما في الهواء، وناحت بلابل دوحها في
نهاية وصلة هياجٍ صامتٍ ، لم ينهها إلا قرع نعلي النادل عائداً
و بيده فاتورة المشاريب. يريد منك سدادها
********&&&&&********

ود الأصيل
01-03-2016, 12:22 AM
لم تعد ثمة جدوى من متابعتها
بنظرات إعجابك، لأنك بت على شبه يقينٍ
بأن سهام لحظك سوف لن تجد من قلبها منفذاً خالياً لتتمكنا.
و حتى على فرضية أنها لو أرادت عبثاً أن تبادلك النظر إليك فهيهات،
إذ سوف لن تراك ، و قد حلك الضباب على طاولتك الدائخة في ركنك القاصي، من
فرط ما استدعيت لها من أدوات التشبيه و التقريب و التأويل ، و ما استوحيت لها من
أوجه كل الكنايات الممكنة ، لا يكفي عشرون مجلداً لإشباعها. لم يكن النادل، بل هي ذاتها من
ربتت على كتف غفوتك، و قالت:هل كانت وجبتك شهية؟ . و لما جاء دورك لتتلقفها بالسؤال،
قالت: سعدت بلقائك. هل تذكرني؟ قلتَ: قد يفقد المرء ذاكرته من فرط الدوران بين المطارات.
قالت: إذن ، لا أقول وداعاً. و لكن إلى لقاءٍ آخر، في مطارٍ آخر. إذاً ، (فلتودع هريرة إن الركب
مرتحلٌ .. و هل تطيق وداعاً أيها الرجل؟) و قد تسمرت مكانك ، لا تقوى على رؤيتها
راحلة كسحابة صيفٍ، بلا ريثٍ و لا عجلٍ. و هي تقرع بكعبين عاليين على رخام
قلبك المنفطر،كمشي الظباء على كثيب رملٍ مهيلِ . و توقظ في سُلامات
جسدك حنيناً عارماً لتعود إلى أحضان عزلتك. أما اسمها المفقود ،
و هيهات لذاكرتك الخربة أن تتذكره إلا عند سماعك
مكبر الصوت، يعلن عن إقلاع رحلتها.
********&&&&&*******

ود الأصيل
23-03-2016, 08:57 PM
لا، و سوف لن أسمح لساحرةٍ كرزقاء اليمامة
و لا لآكلة أكبادٍ كهندٍ بنت عتبةَ- قبل أن تسلم و يحسن إسلامها-
أن تقهرني بشموخ أنفها فتمزق قلبي كما ورقة لوتس بمذاق حرمانها العسليّ.
ثم عدْتث أتساءل بينيو بين نفسي، إلى أية وجهة أنا ذاهب بنهاية رحلتي هذه؟!
ها قد وصلنا و حطت بنا الطائرة في مكانٍ ما..ثم ترجلنا، و هنا أفواجً سياحيةٌ خرجت
لتجد من يستقبلها بأحضان الترحاب.. ترجلوا من أسطورتهم سالمين، و دخلتَ أنا بلا أهلٍ ،
و بلا سائلٍ عني و لا مضيفٍ و لا مزعة رغيفٍ.. بلا استعدادٍ كافٍ في بيادر التيه.لا أعرف تماماً
ماذا تركت ورائي: ربما لا شيئَ سوى ماضٍ غير مدوّنٍ في أرجوزة نشيدٍ ، جئتً هنا كفارسٍ بلا جوادٍ،
سوى حصان طُروادةٍ خشبيٍّ لا يقدم بي قيد أنملةٍ و لا عن مساره يريد أن يحيد. لا يروى عني شيءٌ إلا ما
يشاء قوله أعداء أمتي عنها و عني..عن إناسٍ لم يذبحوا بقرةً قطُّ و لم يخطفوا بلداً و لم و لم يوقدو نارا لحربٍ
أبداً.كم كان أسلافي و ما زلنا طيبين مسالمين، و لا ذنب لنا غير أنهم وُلدوا على سفوح تنزلق إلى درب مؤدٍ إلى
غابةٍ. كانوا و كنا ما نزال شجعانا بلا سيوف، مسالمين لا نجرؤ على قتل ذبابةٍ، و عفويين بلا خطابةٍ ، فانكسرناأمام
جندٍ رعاعٍ جبناء مدججين على متن مصفحاتٍ تحرسهن دبابةٍ ، فهُجّرونا و فرقونا أيدي سبأ ثم بعثرونا في مهبّ
هوج الرياح في أتون الرتابة، و لكن دون أن يفقدونا إيماننا بالشفاء من جراح الهزائم. فمن أنا و من أين ثم إلى
أين في هذه الرحلة؟ أشاعرٌ طرواديٌّ قد نجا بأعجوبةٍ من مذبحةٍ ليروي كشاهدٍ عيانٍ ما جرى ، أم خليطٌ
منه و من دمٍإغريقيٍّ ضلّ طريق العودة؟ إن فتنة الأسطورة تجعلك نهباً لانتقاء الاستعارات. فخُذ
منها ما يصلح لصعود النشيد إلى ختام آخر، يتسع لصوت الضحية الطرواديّ المفقود،
و لعجز النصر الإغريقي من إعادة الشباب إلى المحارب الذي
شاخ في ثنائية البيت و الطريق و فقدان الرفيق.
*********&&&&&*********

ود الأصيل
27-03-2016, 09:35 PM
إلامَ نظل مشدودين بوترٍ كخيط عنكبوتٍ
بين سنين ماضياتٍ تتسرب من أعمارنا كباسط كفيه
إلى الماء ليبلغ فاه و ما هو ببالغه، و بين غدٍ ما من مجالٍ
لنستبيّن شيئاً من رؤاه أو نستنبئ عما تخبؤه لنا الأقدار في ثناياه ،
و بينهما برزخ حاضرٍ راهنٌ جاثٍ على ركبتيه في حالة انتظار في منطقة
وسطى بين ما هو ليس بجنة و لا نار. و لكن ثمةَ جاذبية أفقية تدفعك بقوة دفعٍ
رباعية إلى قفزة في جوف الظلام إلى مكنونات الأمام ، من ليلٍ حالكٍ لا يكاد ينجلي،
و حتى إن فعلها كان بصبحٍ، و ليس الإصباح منه بأمثل، في أبيات قصيدٍ لم تكتمل إلا بنكء
جراحٍات لا تكاد تندمل، و أضغاث أحلامٍ لا تكاد تحمل أملاً قد يُحتَمل. من قبيل توهمنا لغلب
المغلوبعلى الغالب. فكان ذاك شأن الحالمين بجدارةٍ، و بلا منازع، حين قلنا: من قال إن فرسان
طروادةَ لا يقاومون. و فسروا لنا كوابيس أحلامنا قبل أن نراها. و لذا:ما ابتعدنا باعاً إلا لكي
نقترب ذراعاً، فزجرونا زجرةً واحدةً ، و قالوا لنا: إن تلك كرةٌ خاسرةٌو هي ,وسلة العاجز
و أسلوب النادم في البوح بسهل الكلام ، بعيداً عن صنع غايات المرام. فهل ندمنا
حقاً ذات يومٍ على رحلة عبور مشينا خطىً كتبت علينا، و من كتبت عليه
خطىً مشاها؟ قلتَ: لا أدري ما المصير، و كيف لنا أن نعبر نهراً،
ما دمنا في بدايات عثرات المسير؟!!
********&&&&&*******

ود الأصيل
05-04-2016, 08:45 PM
... و كان عليك أن تختار هامش الأحداث
لتعرف أين أنت. فالهامش نافذة تطل على العالم،
فلا أنت فيه و لا أنت خارجه. الهامش زنزانة فضفاضة بلا جدران.
الهامش كاميرا شخصية تلقط لك من حياة المركز كما تشاء من مشاهد
منتقاة حيث لا يكون الملك هو الملك. و لا يكون إزميل فدياسَ و لا ناي بتهوفن
إلا كسهام نظرات عشق روميو تخرق قلب جولييت. هل صحيح أنّ من يدلي بدلوه
ضمن سياق مأساتهما قبل الآخر ، سيكسب جولة على أرض صراعهما ؟ و لكن لا ننسى
أن الكتابة تحتاج إلى مخالب جارحة كي تحفر بها في صم الحجارة ، كي تترك لنفسها أثراُ ،
و لو بعد عين. و قد سَمّوك الحالم حين اخترت الهامش لكي ترى حلمك و يراك مُنكباً على تذكّر
اسمك القديم الذي يتبعك كما يتبع الظل عوده ، و لا ينطق. لو نطق الظل لأرشدني- قلت لي. أما
أنا فذهبت إلى الشارع أهتف وأنزف و أهتف بسقوط أقنعة كل الذرائع والأسباب، حتى خيّل لي
أنني حَررتُ وتَحررّتُ و كَفَّرتُ عن ذنوب لم أرتكبها. وكنت تنظر إليّ من الهامش، لأن المسافة
كما قلت لي مصفاة و مرآة. و في المساء التقينا، كما هي العادة، فعانقتني،
و ربتَّ على كتفي وقلت لي: سأمضي غداً معك، ذلك لأن
دور الهامش يتأمّلُ المشهد فقط و لا و لا يفعل شيئاً.
**********@@@@@**********

ود الأصيل
04-05-2016, 11:49 PM
كم طريقاً سلكناها وهي تعلو بنا و تهبط،
وهي مهما تتموّج ،أن تتعرّج ، ثم تطول و تقصر،
فسوف لن تؤدي بنا إلى روما. بل تظل تتفرع إلى طرق
متوازية لا حصر لها و لا نهاية وقد تتقاطع و لكن هيهات أن تلتقي
و كم مرة نعيد لبندأ من مربع الصفر تماماً كما يحمل(سجين) صخرة
عذابه في رواية أسطورة سيزيف للبيرت كاميو. و كم نجونا من موتٍ محققٍ
وشيك، وهزمنا النسيان، وكم قلت لنفسي:نحن لم نحن ننجو و لا ننتصر. قالت لي:
أوليست النجاة بحد ذاتها تعدُّ انتصاراً للطريدة على القناص , ألا يكفي شبح القتيل نصراً
مؤزراً أن يظل هاجساً يغض مضجع قاتله في كل يقظةٍ و في كل سِنةِ نومٍ. فلكونك صامداً
على قيد الحياة كطائرٍ فنينقيٍّ سمندليٍّ عنيد، إذن ، فأنت باقٍ متشبث بحلاوة الروح و قادرٌ
على انبعاثك من تحت الرماد كلما أوشت على الفناء من ذي جديدٍ. و لا تهتم كثيراً لكل ما
يحيطك من هالات غبار نورٍ ذريٍّ ، فلديك ما يمكن أن تتوشح به من أزاهير شقائق
النعمان،فهي قد لا تعدو كونها ألواناً تجافي في وصفها الموصوف و لكن، ألا يكفي
أنها تلهب فينا حماسةً بانبعاث بصيص أملٍ أخضرَ في آخر أنفاق التيه
و العدم؟ألا يكفي أن بصيصٌ أملٍ أوهنَ من خيطٍ عنكبوتٍ ،
فد يكون لديه قدرة النفاذ من أضيقِ الشقوقِ.
*********#####*********

ود الأصيل
11-05-2016, 03:13 AM
إن وجود لطعة دمٍ كذب على قميص الضحية
لدليلٌ كافٍ لطمأنة جلاديهاعلى ذواتهم الخائفة مما فعل بها،
لا مما قد تفعل بهم. و لكن ألا يكفي شبح القتيل بأساً و شرفاً أن يظل يطارد
قاتليه ،(يزورهم في النوم أو في الصحيان) ليبدل راحتهم أرقاً و متعتهم نكداً. فالمجازات
العديدة، والاستعارات السديدة ، و التوريات البعيدة و كل الكنايات الممكنة والعنيدة ، إنما هي
ظِلالٌ لعود الكلام، فليست صورةُ الشيء كالشيء عينه. و إنما في المجاز مندوحةٌ عن نطقِ الحقيقةِ و لنا
فيه مآرب أخرى: كأن نترك عواهن الأهازيج على رسلها كشتلة زيتونةٍ لا شرقيةٍ و لا غربيةٍ، كمسرجةٍ بِلَّورِيةِ
يكادُ سنا وهجُها يضيئ و لو لم تمسّسْهُ نارً، و تعالج أوضاعها بشيء من سخرية المفارقات. قد سألتُ النفس
يوماً هل أنا يا نفسُ منكِ؟! سخرت مني و همَّت لتقول شيئاً، لو لا قاطعنا طلقُ عيارٍ ناريٌّ طائش جاء يبحث
عن هدفٍ مراوغِ. فتخندقنا في مخبئٍ أرضيٍّ. ثم سألتها بسذاجةٍ: عن متى تبحرُ بنا البوارج لتمخبر بنا العباب؟!
قالتَ: إلى أين؟ قلتُ: إلى (ما لا ندري يا نعسان). إلى مجهول جديدٍ.فما ألعنَ سخريةَ العبثً حينما تأتي في
غير وقتها ولا مقامها: كأنْ ينتشي المرء في سرادقَ للعزاء، أو يتباكى في صالة لمحفل عُرْسٍ. و كأن يراوحُ
مجرمٌ مسرح جريمته ، كما يرجعُ كلبٌ في قيئه، و كما تعودُ عرجاءُ إلى مراحها؛ و كما يسقطُ قاتلٌ
مغشياً عليه في قبرِ سَوءٍ قد حفَرَهُ لأخِيه. ثم عدْتُ أسأل نفسي:هل فهمتِ شيئاً؟
!قالت: قد يحتاج الفهم إلىٍ آخرَ أبعدَ كي يُدْفنً حتى يتعقم في ملح الأرض.
فنحن بصدد فصلٍ أخيرٍ على خشبة مسرح إغريقي، لعل عرضه يظل
سارياً، إلى أن يرث الله الأرض و ما و من عليها.
***********$$$$$*********