المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : [COLOR=teal]الذين لا يصدأون [/COLOR]



114
16-03-2004, 03:47 AM
الذين لا يصدأون *
بقلم : د. ثريا العريض

صديقة أجنبية.. زوجة لدبلوماسي تنتقل معه في بلاد الله الواسعة.. قالت وقد آن أوان السفر..:
"... سوف ننتقل الى السودان.. وقد عشت في تونس وعمان والعراق قبل السعودية.. أما السودان فلا أعرفه.
أنتم في البلاد العربية تتشابهون كثيراً وتختلفون كثيراً.. لا أجد ما يجمعكم في البلد الواحد ولا في المجموع.. لا أدري إن كانت تجربة الماضي تفيد في التنقل بينكم‍"
فكرت في حلم الوحدة العربية.. والتجمعات الراهنة في ارتباطات إقليمية.. والخلافات على حدود سرابية.. ومناسبات جماهيرية.. ولم استطع أن ألغي ملاحظتها..
قلت لها صادقة:
ستحبين السودان..
قد لا يكون في رخاء البلاد الأخرى التي عشت فيها.. ولكنه غني بروحانية خاصة..
لم تتح لي زيارة السودان ولكني عايشت الكثيرين من أبنائه وبناته متغربين للدراسة أو العمل في بقاع مختلفة من العالم تمتد من بلادنا العربية الى أمريكا وأوروبا..
وأستطيع أن أقول عنهم ما لا أستطيع أن أقوله عن أي جماعة أخرى منا: لم أجد في التعامل مع أي منهم ما أفقدني احترامي له شخصياً أو لأبناء بلده..
وجدت في الزملاء والزميلات من السودان ذلك الشعور بالمسؤولية والرغبة في القيام بالواجب على الوجه الأكمل.. ووجدت فيهم الطيبة دون غباء.. والاعتزاز بالنفس دون غرور.. واحترام الآخرين دون تذلل.. ومعرفة حدود حقوقهم وحقوق الآخرين..
لهم شخصية مميزة.. شعب عرف الاستعمار ولم يتعود الخنوع.. وعاش الفقر ولم بتقمص الذل.. وحفظ انتماءه الى عروبته وافريقيته وإسلامه دون أن يشرخ ذلك شخصيته الخاصة.
أين في البلاد العربية أو غيرها من يقوم بانقلاب ناجح ضد سلطة مرفوضة ثم يترك كرسي السلطة راضياً..؟
أين في البلاد التي تعاني كوارث العالم تجدين الصبر والاتزان والهدوء الذي واجه به السودانيون مجاعاته وجفافه وفيضاناته حكومة وشعباً؟
ستحبين السودان.. وأهله.. يحبون بعمق.. ويحسون بعمق ويتألمون بعمق.. ولكن أصواتهم تظل هادئة..
بلد طيب .. يملؤه الناس الطيبون.
ربما.. تجدين سودانياً يبستم فقط عندما يحتاج شيئاً منك وينسى ملامح وجهك حين لا يحتاجه.
وقد تجدين سودانياً يحلف ألف يمين ليقنعك أنه صادق وهو يتكلم بلسان مقسوم..
وقد تجدين سودانياً يرتشي ويختلس ويسرق ويهرب من مسؤولياته أو يتلاعب بصلاحياته..
ولو حدث ذلك.. يا سيدتي.. فستكونين قد التقيت ظاهرة نادرة بينهم..
لأنهم حقاً شرفاء.. ولا ينسون ذلك.
مثلك درت العالم عدة مرات وزرتُ بلاد الجهات الأربع.. عربية وغير عربية.. فوجدت أن ابن البلد أطيب في بلاده منه في خارجها.. ربما يتأثر بالهواء الملوث فيصدأ بعض معدنه.. ربما هو دفاع عن النفس في مواجهة الغربة..
لا أستطيع أن أقول لك أنني عايشت السوداني داخل حدود بلاده..
ولكن إن كان مثل من عرفت منهم خارجها.. فسوف تحبين السودان والسودانيين..
أكاد أجزم أنهم من معدن أصيل لا يصدأ..
____________________________________
* نشر هذا المقال في جريدة (الرياض) السعودية منذ عدة سنوات مضت

ركشة
21-03-2004, 04:40 AM
احسنت 114
لقد قرأت تلك المقالة قبل ذلك وحقيقة لقد أثرت فى قلبى الكثير .......
طيب يا اخوانا ايكفينا دكتورة ثريا لكى تعلم اننا شرفاء وانبل خلق الله.لماذا لا يعلم الكون والعالم كله..........
وكله يتوقف على اعلامنا........ويا حليل الاعلام فى بلدى........
العالم لا يعرف عننا سوى البمبو السودانى والفول السودانى.....

114
25-03-2004, 03:50 AM
فعلا يا ركشه، اعلامنا ضعيف للغاية وغير مسموع، فعبد الناصر كان يدفع ثلث ميزانية الدولة في الاعلام، ولذا عرفت مصر وانتشرت عبر الأثير لكل العالم، فقط الاعلام هو الذي اوصلها، ونحن افضل منها، لكن لا احد يعرفنا، وكتر خير الغربة والهجرة خلت الناس يعرفوا شويه عننا

aborawan
30-10-2005, 11:07 PM
نسال الله الكريم في هذا الشهر الفضيل لوطننا العزة والنمو والازدهار

نشكرات عمو عمر

ابراهيم
01-11-2005, 03:53 PM
لا ادري لماذا لا يكترث الإعلام لهذا الجانب أي إبراز هذه السمات السمحة التي ذكرتها الدكتورة ثريا العريض والتي عرفت الشخصيةالسودانية استشفافاً قبل أن تزور السودان هل نترك للعالم فقط أن يعرفنا إلا من خلال المغتربين ؟ لماذا ينجح إعلامنا فقط في نشر معاناتنا والسودان مليء بكل ما هو طيب من ثقافة وحضارة وموروثات أقلها ما ذكرته الدكتورة .. حقيقة من يطالع آراء غير السودانيين عن السودان والسودانيين يستشف عبرهم ما يتمتع به السودانيون دون غيرهم من قيم.. إلا أن دواعي الإهتمام الإعلامية محصورة داخلياً أكثر منها في الخارج .. كثيرون لم يعرفوا السودان إلا من خلال مشكلة دار فور التي حجمها الإعلام ... لماذا اذن؟
الكل يتحدث السودان عن خصال السودانيين عن إبداعاتهم غير أننا نحمل كثيرا علي قصور الإعلام السوداني الذي لايجيد نشر ثقافتنا ابداعاتنا هناك مبدعين كثر من أبناء الوطن لاسيما في مجالات الإبداع الإنساني فنا وأدبا وثقافة وتجد القبول والاهتمام بالخارج اكثر من الوطن الام التي انجبت..
لكم التحية اخونا 114 لنقلك هذا المقال واهتمامك بابراز هذا الجانب.

وكل عام وانتم بخير