المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الاغصان -----بقلم محمد مختار



mohab
27-03-2004, 05:16 AM
.. وغاب القمر
كانت اليوم غريبة ، وجد امواجا ً من الروعة تتلاطم خلف عينيها ، وجدها ببسمة ٍ تضيء السماء ، وجد فيها فرحا ً صافيا أخفى نجوما كانت تتوهج ، منذ ان احبها لم يرها يوما بجمال ٍ كهذا ، هي كانت اجمل الجميلات ، اروع من على الارض ، الكل كان يحبها ، لكنه بقيَّ الاصدق دوما ، كان يتحدث اليها في كل يوم ٍ لساعات ٍ طوال ، يروي لها أنينا حزينا يسكنه ، هي لم تكن يوما تسمعه ، لكنه يرتاح كلما فعل ذلك ، تمنى كثيرا ان يخبرها بأحزان ٍ سكنته عبر السنين ، لكنه ظل خائفا يخشى ردّها ، اما اليوم فقد كانت سعيدة ، رآها طيبة ً رقيقة ، اسرع الي المنزل ، تسللت شجاعة ٌ اليه ، أخذ حماما دافئا وارتدى افضل الملابس ، تناول وجبة ً وجدها ، تناولها بشهية ٍ فقدها منذ زمن ، وقف ينظر لنفسه ، اراد ان يكون انيقا في عينها ، افرغ عليه عطرا كان يحتفظ به ، خرج من المنزل في أبهى صورة ، كان يسير بنشوة ٍ تملأه ، كطائر يحلق بتغريده في أعالي السماء ، كنحلة ٍ تتراقص بين الزهور ، أحس كل من رآه بسعادته ، أسرع الى ذلك الجبل ، لطالما شعر انه الاقرب اليها ، كان عاليا جدا , أحس بخوف ٍ تسلل الى نفسه ، نظر اليها .. ما زالت تنثر تلك الروعة حولها ، بدأ يصعد ذلك الجبل ، كان طريقه طويلا وعرا قاسيا ، تلك الصخور السوداء ، كان يجلس بين حين ٍ وآخر على الارض يزيح عن جسده جزءً من التعب ، لم تختفي تلك النشوة منه تماما ، كان يختار في نفسه كلماته لها ، انها لا تحب الثرثرة ، لم يبق الا بضع خطوات ٍ خلف تلك الصخرة الكبيرة ، وقف مكانه .. أخرج منديلا أخفى فيه قطرات من العرق فاضت على جبينه ، كان يعلم إن رآى منها قسوة ً سيتمزق قلبه قطعا امامها ، إحتاج لدقائق هناك ، اراد ان تهدأ نفسه تماما ، اصلح سترته ، تقدم اليها ، ظهرت امامها بروعتها ، لم يرها يوما عن قرب ، كانت رقيقة ً صافية ، الاجمل في عينيه على الاطلاق ، كان فوق أعلى قمة ٍ في المكان ، بدأ يتحدث بصوت ٍ يرتجف ، كغصن ٍ تتلاعب به رياح الشمال ، كطفل ٍ بين الثلوج ، كان يعلم انها تستمع له هذه المرة ، اخبرها بكل شيء ، بحبه الكبير ، بحنين ٍ عميق ، بأيام ٍ مرت عليه ، أراها بقايا قلب ٍ كان يحملها ، أراها جرحا كان في يده ، آمالا واحلاما راودته عبر السنين ، كل شيء ، حتى ذلك الطريق الطويل الى هنا ، كانت تنظر إليه صامته ، قال .. إن شئت ِ فاسألي الليل ، اسألي كل نجمة ٍ في السماء ، ليلة ً من ليالي الشتاء ، اسألي ورودا كنت اقطفها لك دائما ، اسألي موج البحار ، تلك الطيور والحانها ، اسألي بكاءً كنت انثره على فراشي كل يوم ، مرت دقائق ظن ان دهورا تسير معها ، تفجرت في وجهها بسمة ٌ خجولة ٌ أنارت المكان ، شعر بسعادة ٍ غريبة ، بصوت ٍ كارتطام الموج في صخرة ٍ ملساء ، سار كعطر بين النجوم ، إقترب من حافة ذلك الجبل ، اقترب كثيرا ، كانت تبسم له برقة ، كان قلبه يرتعش فرحا ، تراءت له تلك السنين ، أخيرا غادر قلاعا كان يسكنها كطيرٍ حزين ، أخيرا جفت ينابيع ٌ كانت تجري كل يوم ، ثم .. زلـّــت قدماه ، وهوى بعنف ٍ من هناك ، تمزق جسده قطعا بتلك الصخور ، وغاب القمر .. للحظة ٍ أظلمت فيها الجبال ، طار الليل فيها ، لحظات ٍ عانقت أحزانه فيها وجوه السحب ، وعاد القمر يسطع ببريق ٍ قوي ، بشعاع ٍ عميق ٍ دافئ ، لكنه حزينٌ الى الابد .........


بقلم محمد مختار :--
""""""""""""""