tahaa
22-08-2005, 10:05 PM
بلغ الحارث بن عمرو ملك كِنده جمال ابنة عوف بن محلم الشيباني ، وكمالها وقوة عقلها ، فدعا إمرأة من بني كندة يقال لها عصام ، ذات عقل ولسان وأدب وبيان ، وقال لها : اذهبي حتى تعلمي علم إبنة عوف . فمضت حتى انتهب إلى أمها ، فأعلمتها ما قدمت له ، فأرسلت إلى إبنتها ، وقالت : أي بنية ، هذه خالتك أتتك لتنظر إليك ، فلا تستري عنها شيئا إن أرادت النظر من وجه وخلق ، وناطقيها إن استنطقتك . فدخلت عصام إليها ، فنظرت إلى ما لم تر عينها مثله قط بهجة وحسنا وجمالا ، فإذا هي أكمل الناس عقلا وأفصحهم لسانا ، فخرجت من عندها وهي تقول : ترك الخداع من كشف القناع . ثم أقبلت إلى الحارث ، فقال لها : ما وراءك يا عصام ؟ قالت : صرح المخض عن الزبد .
قال أخبريني .
قالت أخبرك صدقاً وحقا . رأيت جبهة كالمرآة الصقلية ، يزينها شعرٌ حالك كأذناب الخيل المضفورة ، إن أرسلته خلته السلاسل ، وإن مشطته قلت عناقيد كرم جلاها الوابل ، وحاجبين كأنما خطا بقلم أسود بحمم ، تقوسا على عين الظبية العبهرة ، التي لم يرعها قانص ولم يذعرها قسورة ، بينهما أنف كحد السيف المصقول ، لم يخنس به قِصر ، ولم يمض به طول ، حفت به وجنتان كالأرجوان في بياض محض الجمان ، شق فيه فم كالخاتم ، لذيذ المبتسم فيه ثنايا غر ، ذوات أشر ، وأسنان تبدو كالدرر ، يتقلب فيه لسان ذو فصاحة وبيان ، يحركه عقل وافر ، وجواب حاضر . إلى أن قالت فأما ما سوى ذلك فتركت أن أصفه . غير أنه أحسن ما وصفه واصف بنظم أو نثر .
فأرسل الملك إلى أبيها فخطبها ، فزوجه إياها . فلما حُملت إلى زوجها ، قالت لها أمها ، أمامة بنت الحارث . أي بنية ، إن الوصية لو تركت لفضل أدب ، تركت لذلك منك ، ولكنها تذكرة للغافل ، ولو أن إمرأة استغنت عن الزوج لغنى أبويها ، وشدة حاجتهما إليها ، كنت أغنى الناس عنه ، ولكن النساء خلقن للرجال ، ولهنّ خلق الرجال . أي بنية ، إنك فارقت الجو الذي منه خرجت ، وخلفت العش الذي فيه درجت ، إلى وكر لم تعرفيه ، وقرين لم تألفيه فأصبح بمِلكه عليك رقيباً ومليكا ، فكوني له أمة يكن لك عبداً وشيكا .
سؤال .
هذه الوصية التي كتبت في هذه الدرة الفريدة من المعاني هل يعمل بها المجتمع المسلم ؟
لو كان كل أم توصي بنيتها بها بدل أن تعصيها على زوجها وأم زوجها لكانت الحياة أحلى مما يتصورها الجميع
والله لو كان تعمل بها كل أم وكل بنت لما كان هناك خلافات زوجية كالتي تحصل في عصرنا هذا .
نسأل الله أن ينفعنا بها .
قال أخبريني .
قالت أخبرك صدقاً وحقا . رأيت جبهة كالمرآة الصقلية ، يزينها شعرٌ حالك كأذناب الخيل المضفورة ، إن أرسلته خلته السلاسل ، وإن مشطته قلت عناقيد كرم جلاها الوابل ، وحاجبين كأنما خطا بقلم أسود بحمم ، تقوسا على عين الظبية العبهرة ، التي لم يرعها قانص ولم يذعرها قسورة ، بينهما أنف كحد السيف المصقول ، لم يخنس به قِصر ، ولم يمض به طول ، حفت به وجنتان كالأرجوان في بياض محض الجمان ، شق فيه فم كالخاتم ، لذيذ المبتسم فيه ثنايا غر ، ذوات أشر ، وأسنان تبدو كالدرر ، يتقلب فيه لسان ذو فصاحة وبيان ، يحركه عقل وافر ، وجواب حاضر . إلى أن قالت فأما ما سوى ذلك فتركت أن أصفه . غير أنه أحسن ما وصفه واصف بنظم أو نثر .
فأرسل الملك إلى أبيها فخطبها ، فزوجه إياها . فلما حُملت إلى زوجها ، قالت لها أمها ، أمامة بنت الحارث . أي بنية ، إن الوصية لو تركت لفضل أدب ، تركت لذلك منك ، ولكنها تذكرة للغافل ، ولو أن إمرأة استغنت عن الزوج لغنى أبويها ، وشدة حاجتهما إليها ، كنت أغنى الناس عنه ، ولكن النساء خلقن للرجال ، ولهنّ خلق الرجال . أي بنية ، إنك فارقت الجو الذي منه خرجت ، وخلفت العش الذي فيه درجت ، إلى وكر لم تعرفيه ، وقرين لم تألفيه فأصبح بمِلكه عليك رقيباً ومليكا ، فكوني له أمة يكن لك عبداً وشيكا .
سؤال .
هذه الوصية التي كتبت في هذه الدرة الفريدة من المعاني هل يعمل بها المجتمع المسلم ؟
لو كان كل أم توصي بنيتها بها بدل أن تعصيها على زوجها وأم زوجها لكانت الحياة أحلى مما يتصورها الجميع
والله لو كان تعمل بها كل أم وكل بنت لما كان هناك خلافات زوجية كالتي تحصل في عصرنا هذا .
نسأل الله أن ينفعنا بها .