دراكولا
28-11-2005, 11:24 PM
مأرز الإيمان ومهاجر النبي المصطفي الكريم عليه واله الصلاة والسلام وعرفنا أنها منشؤه بعد ذلك ومنها حشره .
وخص من الأمكنة الكثيرة أيضا , فقد خص الحرمين الشريفين وبيت المقدس , بل خص في المدينة المنورة الكثير , كجبل أحد , ووادي العقيق , وأرض المدينة , وترابها , وبقيعها , وثمرها , والمسجد النبوي الشريف , كما خص فيه الروضة , وسواريها , ومنبرها , ... ومسجد قباء , وغيره من مساجدها , ... وخص في مكة المكرمة الكثير أيضا .
فجعلها محرمة , وجعل فيها من الخيرات والمبرآت ,... ما لا يوجد في بلد آخر , ولا يقاربها في كثير مما فيها سوى مكة .
كما أني لن أستطيع أن أوفي ساكن المدينة المنورة حقه من الفضل والمنزلة والمكانة , كيف وقد اختاره الله تعالي من بين ملايين البشر , ليكون مجاوراً لرسوله المصطفي الكريم صلي الله عليه وسلم ,... وساكناً في مساكن الأخيار الأطهار , من الصحابة الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم وقد فعل .
حرسها الله تعالي بالملائكة الكرام , وحفظها من الزلازل والطاعون والدجال , ولا يدخلها رعبة ,... تنفي عن نفسها الخبث , وتنفي شرارها في كل وقت , كما بنفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة , وينصع طيبها ,... فلطيبها من الرائحة ما لا يوجد في غيرها , ولجدرانها من الطيب ما لا يوجد في غيرها ,...
1- مدينة : رآها رسول الله صلي الله عليه واله وسلم قبل هجرته إليها , واخبر من قبل جبريل عليهما الصلاة والسلام ليلة الإسراء إنها المهاجر ,... فكانت المهاجر والمسكن والمضجع , والعاصمة , والقاصمة ,... الخ . مدينة فتحت قلبها وذراعيها , لاستقباله صلي الله عليه واله وسلم وصحبه من المهاجرين الكرام رضي الله عنهم , فشمخت علي سائر البلدان بذلك , حيث عرفنا أنها تربته صلي الله عليه واله وسلم التي منها خلق وصاروا جميعا أهلها .
2- مدينة : حببها الله تعالي إلي المؤمنين , كحبهم مكة أو اشد .
3- مدينة : أضاءت يوم دخول الحبيب المصطفي الكريم صلي الله عليه واله وسلم إليها , فسبحت بيده الشريفة حصباؤها , واشتاقت إليه منابرها , واهنزت تحته طرباً جبالها , ونبعت من بين أصابعه مياهها , ونما وتكاثر بين يديه طعامها , واشبع العدد الكثير القليل من لبنها , وتفتتت من ضربة فأسه الصخرة في خندقها وحنت وبكت بين يديه جمالها , وشهدت له بالرسالة ذئابها , وسبح بين يديه طعامها , وأضاءت لأصحابه العصا في الليلة الظلماء , حتى مشوا في ضوئها , وعاد جبريل عليه السلام مريضها ,... إلخ.
4- مدينة : تعطر جوها بنفسه الطاهر صلي الله عليه واله وسلم .
5- مدينة : أحبه صلي الله عليه واله وسلم أهلها , فأحبهم , فجعل الحياة حياتهم , والموت موتهم , من أخافهم أخافه الله جل شانه , لأنه أخاف رسول الله صلي الله عليه واله وسلم , ومن أذاهم , أو أرادهم بسوء أذابه الله عز وجل في النار و كما يذوب الملح في الماء , وكما يذوب الرصاص في النار , وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين , لايقبل الله تعالي منه صرفاً ولا عدلاً
6- مدينة : سمي الله تعالي أهلها بالأنصار , ولم يسمهم الناس , جعل آية الإيمان حبهم وآية النفاق بغضهم , من أحبهم أحبه الله عز وجل ومن أبغضهم أبغضه الله جل وعز , هم موالي رسول الله صلي الله عليه واله وسلم , ليس لهم مولى ألا الله تعالي ورسوله صلي الله عليه واله وسلم , هم أحب الخلق إلى رسول الله صلي الله عليه واله وسلم , ولو لا الهجرة لتمنى أن يكون صلي الله عليه واله وسلم منهم , ولو سلك الناس وادياً أو شعباً لسلك واديهم أو شعبهم , هم موضع سره صلي الله عليه واله وسلم , وأمانته , وبطانته وخاصته , هم أهل إيثار وخيرية , وأمانة وعفة , وحنو وصبر , نالوا الدعاء الكثير لهم , ولذرياتهم , ولمواليهم , غلبت عليهم محبة الآخرة فكانوا حريصين عليها .
7- مدينة : تنزل الوحي فيها بالتشريع والأمان والجهاد , وبيان الحلال والحرام .
8- مدينة : كانت تسمي في الجاهلية يثرب , فنهي رسول الله صلي الله عليه واله وسلم عن ذلك , وصارت : المدينة المنورة , وجعل الله تعالي لها من الأسماء ما لم تجعله لغيرها , فأضافها إليه تعالي , وأضافها إلى رسوله صلي الله عليه واله وسلم , فهي طيبة , وطابة , وهى البحرة , والبحيرة , وهي الدرع الحصينة , وقبة الإسلام ودار السنة , والإيمان , ودار السلامة , ودار الهجرة , وهي الدار , والقرية ,.... إلخ .
9- مدينة : تشرفت وأهلها ومن فيها , باستقبالهم له صلي الله عليه واله وسلم .
10- مدينة : استأذنت الملائكة ربها عز وجل في السلام علي رسوله المصطفي الكريم صلي الله عليه واله وسلم .
11- مدينة : اختارها الله تعالي لنبيه المصطفي الكريم صلي الله عليه واله وسلم سكناً , ومهاجراً , ومضجعاً .
12- مدينة : عصمها الله تعالي من الشيطان , وطهرها من الشرك والارتداد . ورزقها من ثمرات الأرض , وجعل طعام الواحد فيها يكفي لاثنين , وطعام الاثنين يكفي لأربعة , ونفي عنها الحمى القاتلة إلى الجحفة .
13- مدينة : تنفي الذنوب , كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة وأهلها هم أول من يبعث بعد رسول الله صلي الله عليه واله وسلم وصاحبيه رضي الله عنهما , وأول من يحشر معه صلي الله عليه واله وسلم وأول من يشفع لهم رسول الله صلي الله عليه واله وسلم .
14- مدينة : آخى فيها رسول الله صلي الله عليه واله وسلم بين المهاجرين والأنصار , رضي الله عنهم , وجمع شملهم , ووحد كلمتهم , فصاروا أهلها , أخوة متحابين في الله عز وجل , وبهما فتحت مكة .
15- مدينة : كانت أهلها حريصين علي نبيهم المصطفي الكريم صلي الله عليه واله وسلم أحرص من العين علي النظر , والأذن علي السمع , والظمآن علي الماء . حتى بادلهم صلي الله عليه واله وسلم الحب بمثله بل بازيد , فأحب رجالهم وأطفالهم ونساءهم وأرضهم وجبالهم ومدينتهم , بل جعل أية الإيمان حبهم . لذا قال لهم رسول الله صلي الله عليه واله وسلم يوم فتح مكة : ( ... أني عبد الله ورسوله , هاجرت إلي الله واليكم , والمحيا محياكم , والممات مماتكم ) وقال صلي الله عليه واله وسلم لهم يوم حنين : ( ... أما ترضون ان يرجع الناس بالشاة والبعير , وترجعون برسول الله صلي الله عليه واله وسلم إلى رحالكم ؟ ).
16- مدينة : يفضب الله عز وجل علي الجيش الذي يغزوها في آخر الزمان , فيخسف به الأرض .
17- مدينة : اختار الله عز وجل موضع مسجدها فعين جبريل عليه السلام قبلتها , ومن جاءه معلماً أو متعلماً فهو كالمجاهد في سبيل الله عز وجل .
18- مدينة : حن جذعها حزناً لفراقه صلي الله عليه واله وسلم وشوقاً عند ابتعاده , وارتجف المنبر خشية ورهبة من قراءته صلي الله عليه واله وسلم وهو واقف عليه , لا يجتهد في محرابها , وكثير من مساجدها حظيت بصلاته .
19- مدينة : جعل الله سبحانه وتعالي جبلها أحداً من الجنة , أحب رسول الله صلي الله عليه واله وسلم , فأحبه رسول الله صلي الله عليه واله وسلم وشم بعض شهدائها رضي الله عنهم في غزوته رائحة الجنة قبل استشهاده .
20- مدينة : تفتتت الكدية في خندقها , من ضربة فاسه صلي الله عليه واله وسلم يوم حفر خندقها , وقد اشبع ألف رجل من أهل الخندق شاة صغيرة لجابر رضي الله عنه , كما أشبع أكثر منهم من كف تمر يوم خندقها أيضا .
21- مدينة : هزم الله عز وجل يوم الخندق بجند لا ترى فانقلب الميزان , فقال رسول الله صلي الله عليه واله وسلم : ( الآن نغزوهم ولا يغزوننا ) , واهتز عرش الرحمن لموت سعدها رضي الله عنه , فحملته الملائكة , وفتحت له أبواب السماء
22- مدينة : واديها العقيق مبارك , وبطحانها علي ترعة من ترع الجنة , وكثير من آبارها مباركة وبعضها من الجنة .
23- مدينة : استحب بعض العلماء عدم الركوب فيها لمن قدر علي ذلك , كما استحب الغسل لدخولها , والخروج منها من طريق , والعودة إليها من طريق آخر , ولبس أحسن الثياب فيها , ودخولها ماشياً لمن قدر عليه , والدخول إليها نهاراً, ومن نذر إتيان مسجدها أو الصلاة فيه لزمه ذلك , ويستحب كثرة الصلاة والسلام علي النبي المصطفي الكريم صلي الله عليه واله وسلم فيها , والدعوة بالموت فيها والعمل علي تحقيق ذلك , لينال الشفاعة أو الشهادة ,
24- مدينة : جعلها الله تعالي مظهر الدين , ففتحت البلاد , واعتلي بها الشأن ومنها انتشر الإسلام , وارتفع مناره , ومنها شع نوره علي أرجاء المعمورة , وهي أخر قري الإسلام خراباً .
25- مدينة : جعل الله تعالي ترابها شفاء , وعجوتها من الجنة , وتمرها حرزاً من السم والسحر , وروضتها من الجنة , ومنبرها في الجنة , وقوائم منبرها رواتب في الجنة لذا ضوعفت العقوبة علي من حلف عنده كاذباً , أو رفع صوته عنده عالياً .
26- مدينة : حرم رسول الله صلي الله عليه واله وسلام الصيد فيها , وقطع شجرها لقطتها حرام , ولا يختلي خلالها , ولاينفر صيدها , ولايصطاد فيها , ولا تلتقط لقتطها , ولايحمل فيها سلاح ولا يهراق فيها دم .
27- مدينة : فرض فيها الجهاد والقتال , فانطلقت الجحافل المسلمة , في الغزوات والسرايا . وتدك عروش الكفر والطغيان .
28- مدينة : انطلقت منها البعوث والرسل , تحمل الرسائل والكتب إلى العرب والعجم فجاءته صلي الله عليه واله وسلم الوفود تحمل إسلام أقوامها .
29- مدينة : أتضح أن تربتها من تربته صلي الله عليه واله وسلم , وأن تربته من تربتها .
1- الله تعالي سماها طابة وطيبة : وانما سميت بذلك اشتقاقاً من الطيب , وهو الرائحة الحسنة , وقيل : لطهارة تربتها , وقيل : لطيبها لساكنها , وقيل : من طيب العيش بها , وقيل : لخلوصها من الشرك وطهارتها منه , وقيل : لحلول الطيب صلي الله عليه واله وسلم بها وقيل : لكونه كالكير تنفي خبثها , وينصع طيبها , والله تعالي أعلم . فعن جابر بن سمرة رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلي الله عليه واله وسلم يقول : ( أن الله تعالي سمى المدينة طابة ) . وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال في قصة الذين رجعوا ممن خرج يوم أحد , وفيه : قال صلي الله عليه واله وسلم : ( إنها طيبة , وتنفي الخبث , كما تنفي النار خبث الفضة ) .
2- حرمتها كحرمة مكة المكرمة : عن سهل بن حنيف رضي الله عنه قال : أهوى رسول الله صلي الله عليه واله وسلم بيده إلي المدينة فقال : ( إنها حرم امن) .
3- مأرز الإيمان : بأذنه تعالي دائماً , أن الإيمان سيبقي فيها , حني قيام الساعة , لأنها آخر قرى الإسلام خراباً , ولأنها مستقره وملجؤه ومأواه , كالجحر بالنسبة للحية , تأرز إليه متى شاءت , فعن أبي هريرة رضي الله عنه , أن رسول الله صلي الله عليه واله وسلم قال : ( أن الإيمان ليأرز إلى المدينة , كما تأرز الحية إلى جحرها ) . وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما , عن النبي صلي الله عليه واله وسلم قال : ( إن الإسلام بداً غريباً , وسيعود غريباً كما بدأ , وهو يأرز بين المسجدين , كما تأرز الحية في جحرها ) .ومعني قوله صلي الله عليه واله وسلم : ( إن الإيمان ليأرز إلى المدينة ) يحتمل أحد أمرين : أولهما : يأرز إليها ليتجدد , ويستعيد نشاطه , وتزداد قوته , ويقوى صاحبه , فالمدينة هي : جحر الإيمان ومستقره وملجؤه , فهو يتجدد فيها , كما يتجدد نشاط الحية إذا التجأت إلى جحرها . ثانيها : الإيمان , إذا اضطهد أهله لجؤوا إلى المدينة المنورة , ليجدوا فيها الأمن والسلامة , كما أن الإيمان يبقي فيه طالما بقي إيمان في الأرض .
4- يأس الشيطان أن يعبد فيها : طالما أن المدينة المباركة على ساكنها الصلاة والسلام هي مأرز الإيمان ومستقره وملجؤه ومأواه ,... لذا فإن الشيطان قد يئس إن يعبد فيها إلي يوم القيامة . فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلي الله عليه واله وسلم يقول : ( إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب , ولكن في التحريش بينهم ... ) .
5- الدعاء بتحبيب المدينة : عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلي الله عليه واله وسلم ( اللهم حبب إلينا المدينة , كحبنا مكة , أو أشد , وصححها لنا , وبارك لنا في صاعها ومدها , وانقل حماها , فاجعلها بالجحفة ) متفق عليه.
6- جعل القلوب تهوي إليها : كون القلوب تهوي هذه البلدة الكريمة , وقد حصل هو الآخر , إذ قل قلب امرئ مؤمن إلا ويهوى هذه المدينة المنورة المباركة ويتحرق لرؤيتها والله تعالي أعلم .
7- دعواته صلي الله عليه واله وسلم لها ولأهلها : عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه واله وسلم :(اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ماجعلت بمكة من البركة) وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه واله وسلم : (اللهم بارك لنا في مدينتنا , اللهم بارك لنا في صاعنا , اللهم بارك لنا في مدنا , ... اللهم اجعل مع البركة بركتين).
8- شفاعته وشهادته صلي الله عليه واله وسلم لمن صبر علي لأوائها : قد يصاب ساكنها بضيق العيش وشظف الحياة فيمل من ذلك , فيريد الخروج منها , لذا حثه صلي الله عليه واله وسلم علي البقاء فيها , وعدم الخروج منها , وعلي الصبر علي ما يلقاه , لان من كان كذلك , تناله شفاعته صلي الله عليه واله وسلم وهذه الشفاعة خاصة بأهل المدينة , لا يشاركهم فيها أحد , لما لهم من الحظوة والمنزلة , وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء من خلقه . وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما , قال : سمعت رسول الله صلي الله عليه واله وسلم يقول : ( لايصبر علي لاوائها وشدتها , أحد إلا كنت له شفيعاً أو شهيداً يوم القيامة ) . وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلي الله عليه واله وسلم يقول : (لايصبر أحد علي لأوائها فيموت , إلا كنت له شفيعاً أو شهيداً يوم القيامة إذا كان مسلماً ) . وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه واله وسلم : ( المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون , لايدعها أحد رغبة عنها : إلا أبدل الله فيها من هو خير منه , ولا يثبت أحد علي لأوائها وجهدها : إلا كنت له شفيعاً , أو شهيداً , يوم القامة ) والمراد باللأواء : الشدة والجوع وقيل : الأمر العظيم الذي يشق علي الإنسان من عيش , أو قحط , أو خوف , ونحو ذلك .
9- الحث علي المجاورة والموت فيها : لما توقي صلي الله عليه واله وسلم فيها عرفنا أن تربته التي خلق منها : هي في المدينة , وفي الموضع الذي دفن فيه , وذلك لان المرء لايدفن إلا في موضع تربته التي خلق منها , والله تعالي أعلم . فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : كان رسول الله صلي الله عليه واله وسلم إذا دخل مكة قال : ( اللهم لا تجعل منايانا بها حني تخرجنا منها) فإذا أضيف إلى ذلك : قوله صلي الله عليه واله وسلم للأنصار رضي الله عنهم يوم الفتح : ( المحيا محياكم , والممات مماتكم ) فعن حفصة بنت عمر , وأسلم مولى عمر رضي الله عنهم قالا : قال عمر رصي الله عنه : اللهم ارزقني شهادة في سبيلك , وأجعل موتي في بلد رسولك صلي الله عليه واله وسلم . فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : مر النبي صلي الله عليه واله وسلم بجنازة عند قبر , فقال : ( قبر من هذا ؟ ) . فقالوا : فلان الحبشي يا رسول الله , فقال رسول الله صلي الله عليه واله وسلم : ( لا اله إلا الله , لا اله إلا الله , سيق من أرضه وسمائه , إلى تربته التي منها خلق ) .
10- فضل الموت في المدينة : عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال : رسول الله صلي الله عليه واله وسلم ( من أستطاع أن يموت في المدينة فليمت بها , فأني أشفع لمن يموت بها ) . وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلي الله عليه واله وسلم : ( من مات في أحد الحرمين بعث أمنا يوم القيامة)
11- زيارته واستغفاره صلي الله عليه واله وسلم لأهل البقيع : لقد كان رسول الله صلي الله عليه واله وسلم يكثر من زيارة البقيع , إذ قل أسبوع إلا ويأتيهم مرتين وعن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلي الله عليه واله وسلم كلما كان ليلتها من رسول الله صلي الله عليه واله وسلم يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول : ( السلام عليكم دار قوم مؤمنين , وأتاكم ما توعدون , غداً مؤجلون , وإنا إن شاء الله بكم لاحقون , اللهم أغفر لأهل بقيع الغرقد ) . (السلام علي أهل الديار , من المؤمنين والمسلمين , ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين , وأنا إن شاء الله بكم لاحقون ) .
12- اختصاصهم برسول الله صلي الله عليه واله وسلم : عن عبد الله بن زيد رضي الله عنه في قصة تقسيم الغنائم يوم حنين قال صلي الله عليه وسلم للأنصار رضي الله عنهم : ( ألا ترضون أن يذهب الناس بالشاء والإبل , وتذهبون برسول الله صلي الله عليه واله وسلم إلي رحالكم ؟ ...) . وفي رواية عنه رضي الله عنه , قوله صلي الله عليه واله وسلم : ( إلا ترضون أن تذهب الناس بالدنيا , وتذهبون برسول الله صلي الله عليه واله وسلم تحوزونه إلى بيوتكم )
13- أهل المدينة يحشرون مع النبي صلي الله عليه واله وسلم : ومما يمتاز به أهل المدينة عمن سواهم : أنهم أول من يبعث بعد النبي المصطفي الكريم صلي الله عليه واله وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما لأنهم في الدنيا جيرانه , وفي الحشر في زمرته صلي الله عليه واله وسلم . فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلي الله عليه واله وسلم : ( أنا أول من تنشق عنه الأرض , ثم أبوبكر , ثم عمر , ثم آتي أهل البقيع , فيحشرون معي , ثم أنتظر أهل مكة , فأحشر بين الحرمين ) .
14- أهل المدينة هم أول من يشفع لهم رسول الله صلي الله عليه واله وسلم : عن عبد الملك بن عباد بن جعفر رضي الله عنه , أنه سمع رسول الله صلي الله عليه واله وسلم يقول : ( أول من أشفع له من أمتي :أهل المدينة , ثم أهل مكة , ثم أهل الطائف ) .
15- يجب إكرام أهلها لأنهم جيران النبي صلي الله عليه واله وسلم : لقد أمر الله تعالي رسوله المصطفي الكريم صلي الله عليه واله وسلم بإكرام الجيران , ولما كان أهل المدينة جيرانه صلي الله عليه واله وسلم فقد وجب إكرامهم , إكراماً له صلي الله عليه واله وسلم . عن معقل بن يسار رضي الله عنه , قال : قال رسول الله صلي الله عليه واله وسلم : ( المدينة مهاجري , ومضجعي في الأرض , حق علي أمتي أن يكرموا جيراني , ما اجتنبوا الكبائر , فمن لم يفعل ذلك منهم سقاه الله من طينة الخبال ) . طينة الخبال هي عصارة أهل النار . كما قال رسول الله صلي الله عليه واله وسلم : ( المدينة مهاجري , ومنها مبعثي وبها قبري , وأهلها جيراني , وحقيق علي أمتي حفظي في جيراني فمن حفظهم في كنت له شهبداً وشفيعاً يوم القيامة , ومن لم يحفظ وصيتي في جيراني سقاه الله من طينة الخبال) .
16- التحذير من الخروج منها رغبة عنها : عن سفيان بن أبي زهير رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلي الله عليه واله وسلم يقول : ( يفتح اليمن فيأتي قوم يبسون , فيتحملون بأهلهم ومن أطاعهم , والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون , ثم يفتح الشام فيأتي قوم يبسون , فيتحملون بأهلهم ومن أطاعهم , والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون , ثم يفتح العراق فيأتي قوم يبسون , فيتحملون بأهلهم ومن أطاعهم , والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون ) . وقد اختلف في معني قوله : ( يبسون علي أقوال , فقيل : دلالة علي سرعة خروجهم من المدينة , وارتحالهم منها , لأن البس هو سوق الإبل . وقيل : يزينون لأهلهم وأقاربهم البلاد التي تفتح , ويدعونهم إلى سكناها فيتحملون بسبب ذلك من المدينة راحلين إليها . وعن أبي هريرة رضي الله عنه , أن رسول الله صلي الله عليه واله وسلم قال : ( يأتي علي الناس زمان : يدعو الرجل ابن عمه وقريبه : هلم إلى الرخاء . هلم إلى الرخاء , والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون . والذي نفسي بيده , لايخرج منهم أحد رغبة عنها إلا أخلف الله فيها خيراً منه , إلا أن المدينة كالكير تخرج الخبيث , لا تقوم الساعة حني تنفي المدينة شرارها , كما ينفي الكير خبث الحديد) وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه واله وسلم : ( إني أحرم مابين لابتي المدينة , أن يقطع عضاهها , أو يقتل صيدها . وقال : المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون , لايدعها أحد رغبة عنها , إلا أبدل الله فيها من هو خير منه ) .
17- التحذير من إخافة أهل المدينة : عن السائب بن خلاد الأنصاري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه واله وسلم : ( من أخاف أهل المدينة أخافه الله عز وجل وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين , لايقبل الله تعالي منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً ) وقال رسول الله صلي الله عليه واله وسلم ( من أخاف أهل المدينة فقد أخاف مابين جنبي ) .
18- المدينة كالكير تنفي خبثها وأشرارها : عن أنس بن مالك رضي الله عنه , عن النبي صلي الله عليه واله وسلم قال : ( ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال , إلا مكة والمدينة ليس له من نقابها نقب : إلا عليه الملائكة صافين , يحرسونها , ثم ترتجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات , فيخرج الله كل كافر ومنافق ) .
19- المدينة تنفي الذنوب : ومن شدة المدينة ولأوائها , أنها تمحص الذنوب , وتنفيها عن الساكنين فيها أيضا , الراضين بسكناها , مع ضيق العيش فيها , وذلك بصبرهم علي لاوائها , فيتوبون , فتنفيها عنهم , أو يمنحون الشفاعة , إن كانوا أهلاً لها , فتغفر لهم ذنوبهم , وتنفي عنهم عيوبهم , والله تعالي أعلم .
20- عالم المدينة أعلم من عالم غيرها : عن أبي هريرة رضي الله عنه , عن النبي صلي الله عليه واله وسلم قال : ( يوشك أن يضرب الرجل أكباد الإبل , يطلبون العلم , فلا يجدون أحداً أعلم من عالم المدينة ) .
21- أضاءت المدينة يوم دخول النبي المصطفي الكريم صلي الله عليه واله وسلم : عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله صلي الله عليه واله وسلم المدينة : أضاء من المدينة كل شيء , فلما كان اليوم الذي مات فيه رسول الله صلي الله عليه واله وسلم , أظلم من المدينة كل شيء , وما فرغنا من دفنه : حني أنكرنا قلوبنا . وللحديث رواية آخري : فرحت فأضاءت , وحزنت فأظلمت .
22- هي أخر قرى الإسلام خراباً : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه واله وسلم : ( أخر قرية من قرى الإسلام خراباً المدينة ) .
23- مضاعفة الثواب والأعمال الصالحة فيها مضاعفة كبيرة : عن أبي هريرة رضي الله عنه , عن النبي صلي الله عليه واله وسلم قال : ( صلاة في مسجدي هذا خير من إلف صلاة فيما سواه من المساجد , إلا المسجد الحرام ) وأن من جاء هذا المسجد الشريف : فهو كالمجاهد في سبيل الله . عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلي الله عليه واله وسلم يقول : ( من جاء مسجدي هذا لم يأته إلا لخير يعلمه , أو يتعلمه , فهو بمنزلة المجاهد في سبيل الله ) .
24- جعل الروضة الشريفة من الجنة : عن عبد الله بن زيد المازني , وأبي هريرة رضي الله عنهما , عن النبي صلي الله عليه واله وسلم أنه قال : ( مابين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ) .
25- الصلاة في مسجد قباء تعدل أجر عمرة كاملة : عن سهل بن حنيف رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه واله وسلم : ( من تطهر في بيته , ثم أتي مسجد قباء , فصلي فيه صلاة , كان له كأجر عمرة ) . ثواب المصلي والمسلم علي النبي الكريم صلي الله عليه واله وسلم من قرب فإن النبي المصطفي الكريم صلي الله عليه واله وسلم يسمعه مباشرةً ويرد عليه مباشرةً , بخلاف المصلي والمسلم عليه من بعد , فإن لله تعالي ملائكة سياحين يبلغون النبي الكريم صلي الله عليه واله وسلم صلاة وسلام من صلي وسلم عليه صلي الله عليه واله وسلم , فيرد عليهم صلي الله عليه واله وسلم . فهذه منقبة لساكن المدينة المنورة المباركة , ويلحقه فيها زائرها , أن من سلم منهم وصلي علي النبي المصطفي الكريم صلي الله عليه واله وسلم عن قرب سمعه من غير واسطة ,... ثم رد عليه صلي الله عليه واله وسلم , أما من بعد فإن الملائكة تبلغه صلي الله عليه واله وسلم صلاة وسلام من صلي وسلم عليه , والله تعالي أعلم .
26- يا ساكن المدينة أتعلم من تجاور ؟ وفي أي بلد تسكن ؟ : لقد نقلك الله عز وجل , أو نقل أباك وأنت في صلبه , أو جدك وإن علا وأنت في صلبه , من بلدك إن كنت من أهل المدن إلي سيدة البلدان , ومن قريتك إن كنت من أهل القرى إلي قرية تأكل القرى , من باديتك إن كنت من أهل البادية إلي حرمه وحرم رسوله الكريم صلي الله عليه واله وسلم , ونقلك من أناس عاديين , أو من جوار فسقة فجرة , أو عصاة كفرة , إلي جوار رسوله وحبيبه وخليله , وصفوته من خلقه , صلي الله عليه واله وسلم , فاختصك من بين ملايين المسلمين , فضلاً عن ملايين البشر , لتنعم بهذا الجوار , وتسكن في هذا الحرم , فتضاعف حسناتك , وتزول أسقامك , وترتع في البركات , وتسعد بالمآثر الكريمات , والنعماء الجليلات , وتشهد المقام الجميل , والحرم الجليل , والمرابع الكرام , والمشاهد العظام . إنك في بلد : لا يقاربه في الفضل إلا مكة , لكن المدينة تزيد في كثير من الفضائل فالبركة فيها ستة أمثال ما في مكة . ثم إنك تنعم بهذا الجوار الذي لا بدانيه فيه أو يقاربه مكان في الدنيا . لا اعلم بلداً من طعن في أرضها وترابها , يستحق التعزير , إلا هذه البلدة المنورة المباركة , فقد أفتى الإمام مالك رحمه الله تعالي : أن من قال تربة المدينة رديئة بأن يضرب ثلاثين درة , وأمر بحبسه , وقال : ما أحوجه أن يضرب عنقه . قال الإمام يحي بن معين رحمه الله تعالي : سفرة إلي المدينة أحب إلي من مائتي طواف .
وصلى الله على سيدنا ومولانا وحبيبنا محمد , وعلى اله وصحبه ومن تبعه
إلي يوم الدين , وسلم تسليماًُ كثيراً .
وخص من الأمكنة الكثيرة أيضا , فقد خص الحرمين الشريفين وبيت المقدس , بل خص في المدينة المنورة الكثير , كجبل أحد , ووادي العقيق , وأرض المدينة , وترابها , وبقيعها , وثمرها , والمسجد النبوي الشريف , كما خص فيه الروضة , وسواريها , ومنبرها , ... ومسجد قباء , وغيره من مساجدها , ... وخص في مكة المكرمة الكثير أيضا .
فجعلها محرمة , وجعل فيها من الخيرات والمبرآت ,... ما لا يوجد في بلد آخر , ولا يقاربها في كثير مما فيها سوى مكة .
كما أني لن أستطيع أن أوفي ساكن المدينة المنورة حقه من الفضل والمنزلة والمكانة , كيف وقد اختاره الله تعالي من بين ملايين البشر , ليكون مجاوراً لرسوله المصطفي الكريم صلي الله عليه وسلم ,... وساكناً في مساكن الأخيار الأطهار , من الصحابة الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم وقد فعل .
حرسها الله تعالي بالملائكة الكرام , وحفظها من الزلازل والطاعون والدجال , ولا يدخلها رعبة ,... تنفي عن نفسها الخبث , وتنفي شرارها في كل وقت , كما بنفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة , وينصع طيبها ,... فلطيبها من الرائحة ما لا يوجد في غيرها , ولجدرانها من الطيب ما لا يوجد في غيرها ,...
1- مدينة : رآها رسول الله صلي الله عليه واله وسلم قبل هجرته إليها , واخبر من قبل جبريل عليهما الصلاة والسلام ليلة الإسراء إنها المهاجر ,... فكانت المهاجر والمسكن والمضجع , والعاصمة , والقاصمة ,... الخ . مدينة فتحت قلبها وذراعيها , لاستقباله صلي الله عليه واله وسلم وصحبه من المهاجرين الكرام رضي الله عنهم , فشمخت علي سائر البلدان بذلك , حيث عرفنا أنها تربته صلي الله عليه واله وسلم التي منها خلق وصاروا جميعا أهلها .
2- مدينة : حببها الله تعالي إلي المؤمنين , كحبهم مكة أو اشد .
3- مدينة : أضاءت يوم دخول الحبيب المصطفي الكريم صلي الله عليه واله وسلم إليها , فسبحت بيده الشريفة حصباؤها , واشتاقت إليه منابرها , واهنزت تحته طرباً جبالها , ونبعت من بين أصابعه مياهها , ونما وتكاثر بين يديه طعامها , واشبع العدد الكثير القليل من لبنها , وتفتتت من ضربة فأسه الصخرة في خندقها وحنت وبكت بين يديه جمالها , وشهدت له بالرسالة ذئابها , وسبح بين يديه طعامها , وأضاءت لأصحابه العصا في الليلة الظلماء , حتى مشوا في ضوئها , وعاد جبريل عليه السلام مريضها ,... إلخ.
4- مدينة : تعطر جوها بنفسه الطاهر صلي الله عليه واله وسلم .
5- مدينة : أحبه صلي الله عليه واله وسلم أهلها , فأحبهم , فجعل الحياة حياتهم , والموت موتهم , من أخافهم أخافه الله جل شانه , لأنه أخاف رسول الله صلي الله عليه واله وسلم , ومن أذاهم , أو أرادهم بسوء أذابه الله عز وجل في النار و كما يذوب الملح في الماء , وكما يذوب الرصاص في النار , وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين , لايقبل الله تعالي منه صرفاً ولا عدلاً
6- مدينة : سمي الله تعالي أهلها بالأنصار , ولم يسمهم الناس , جعل آية الإيمان حبهم وآية النفاق بغضهم , من أحبهم أحبه الله عز وجل ومن أبغضهم أبغضه الله جل وعز , هم موالي رسول الله صلي الله عليه واله وسلم , ليس لهم مولى ألا الله تعالي ورسوله صلي الله عليه واله وسلم , هم أحب الخلق إلى رسول الله صلي الله عليه واله وسلم , ولو لا الهجرة لتمنى أن يكون صلي الله عليه واله وسلم منهم , ولو سلك الناس وادياً أو شعباً لسلك واديهم أو شعبهم , هم موضع سره صلي الله عليه واله وسلم , وأمانته , وبطانته وخاصته , هم أهل إيثار وخيرية , وأمانة وعفة , وحنو وصبر , نالوا الدعاء الكثير لهم , ولذرياتهم , ولمواليهم , غلبت عليهم محبة الآخرة فكانوا حريصين عليها .
7- مدينة : تنزل الوحي فيها بالتشريع والأمان والجهاد , وبيان الحلال والحرام .
8- مدينة : كانت تسمي في الجاهلية يثرب , فنهي رسول الله صلي الله عليه واله وسلم عن ذلك , وصارت : المدينة المنورة , وجعل الله تعالي لها من الأسماء ما لم تجعله لغيرها , فأضافها إليه تعالي , وأضافها إلى رسوله صلي الله عليه واله وسلم , فهي طيبة , وطابة , وهى البحرة , والبحيرة , وهي الدرع الحصينة , وقبة الإسلام ودار السنة , والإيمان , ودار السلامة , ودار الهجرة , وهي الدار , والقرية ,.... إلخ .
9- مدينة : تشرفت وأهلها ومن فيها , باستقبالهم له صلي الله عليه واله وسلم .
10- مدينة : استأذنت الملائكة ربها عز وجل في السلام علي رسوله المصطفي الكريم صلي الله عليه واله وسلم .
11- مدينة : اختارها الله تعالي لنبيه المصطفي الكريم صلي الله عليه واله وسلم سكناً , ومهاجراً , ومضجعاً .
12- مدينة : عصمها الله تعالي من الشيطان , وطهرها من الشرك والارتداد . ورزقها من ثمرات الأرض , وجعل طعام الواحد فيها يكفي لاثنين , وطعام الاثنين يكفي لأربعة , ونفي عنها الحمى القاتلة إلى الجحفة .
13- مدينة : تنفي الذنوب , كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة وأهلها هم أول من يبعث بعد رسول الله صلي الله عليه واله وسلم وصاحبيه رضي الله عنهما , وأول من يحشر معه صلي الله عليه واله وسلم وأول من يشفع لهم رسول الله صلي الله عليه واله وسلم .
14- مدينة : آخى فيها رسول الله صلي الله عليه واله وسلم بين المهاجرين والأنصار , رضي الله عنهم , وجمع شملهم , ووحد كلمتهم , فصاروا أهلها , أخوة متحابين في الله عز وجل , وبهما فتحت مكة .
15- مدينة : كانت أهلها حريصين علي نبيهم المصطفي الكريم صلي الله عليه واله وسلم أحرص من العين علي النظر , والأذن علي السمع , والظمآن علي الماء . حتى بادلهم صلي الله عليه واله وسلم الحب بمثله بل بازيد , فأحب رجالهم وأطفالهم ونساءهم وأرضهم وجبالهم ومدينتهم , بل جعل أية الإيمان حبهم . لذا قال لهم رسول الله صلي الله عليه واله وسلم يوم فتح مكة : ( ... أني عبد الله ورسوله , هاجرت إلي الله واليكم , والمحيا محياكم , والممات مماتكم ) وقال صلي الله عليه واله وسلم لهم يوم حنين : ( ... أما ترضون ان يرجع الناس بالشاة والبعير , وترجعون برسول الله صلي الله عليه واله وسلم إلى رحالكم ؟ ).
16- مدينة : يفضب الله عز وجل علي الجيش الذي يغزوها في آخر الزمان , فيخسف به الأرض .
17- مدينة : اختار الله عز وجل موضع مسجدها فعين جبريل عليه السلام قبلتها , ومن جاءه معلماً أو متعلماً فهو كالمجاهد في سبيل الله عز وجل .
18- مدينة : حن جذعها حزناً لفراقه صلي الله عليه واله وسلم وشوقاً عند ابتعاده , وارتجف المنبر خشية ورهبة من قراءته صلي الله عليه واله وسلم وهو واقف عليه , لا يجتهد في محرابها , وكثير من مساجدها حظيت بصلاته .
19- مدينة : جعل الله سبحانه وتعالي جبلها أحداً من الجنة , أحب رسول الله صلي الله عليه واله وسلم , فأحبه رسول الله صلي الله عليه واله وسلم وشم بعض شهدائها رضي الله عنهم في غزوته رائحة الجنة قبل استشهاده .
20- مدينة : تفتتت الكدية في خندقها , من ضربة فاسه صلي الله عليه واله وسلم يوم حفر خندقها , وقد اشبع ألف رجل من أهل الخندق شاة صغيرة لجابر رضي الله عنه , كما أشبع أكثر منهم من كف تمر يوم خندقها أيضا .
21- مدينة : هزم الله عز وجل يوم الخندق بجند لا ترى فانقلب الميزان , فقال رسول الله صلي الله عليه واله وسلم : ( الآن نغزوهم ولا يغزوننا ) , واهتز عرش الرحمن لموت سعدها رضي الله عنه , فحملته الملائكة , وفتحت له أبواب السماء
22- مدينة : واديها العقيق مبارك , وبطحانها علي ترعة من ترع الجنة , وكثير من آبارها مباركة وبعضها من الجنة .
23- مدينة : استحب بعض العلماء عدم الركوب فيها لمن قدر علي ذلك , كما استحب الغسل لدخولها , والخروج منها من طريق , والعودة إليها من طريق آخر , ولبس أحسن الثياب فيها , ودخولها ماشياً لمن قدر عليه , والدخول إليها نهاراً, ومن نذر إتيان مسجدها أو الصلاة فيه لزمه ذلك , ويستحب كثرة الصلاة والسلام علي النبي المصطفي الكريم صلي الله عليه واله وسلم فيها , والدعوة بالموت فيها والعمل علي تحقيق ذلك , لينال الشفاعة أو الشهادة ,
24- مدينة : جعلها الله تعالي مظهر الدين , ففتحت البلاد , واعتلي بها الشأن ومنها انتشر الإسلام , وارتفع مناره , ومنها شع نوره علي أرجاء المعمورة , وهي أخر قري الإسلام خراباً .
25- مدينة : جعل الله تعالي ترابها شفاء , وعجوتها من الجنة , وتمرها حرزاً من السم والسحر , وروضتها من الجنة , ومنبرها في الجنة , وقوائم منبرها رواتب في الجنة لذا ضوعفت العقوبة علي من حلف عنده كاذباً , أو رفع صوته عنده عالياً .
26- مدينة : حرم رسول الله صلي الله عليه واله وسلام الصيد فيها , وقطع شجرها لقطتها حرام , ولا يختلي خلالها , ولاينفر صيدها , ولايصطاد فيها , ولا تلتقط لقتطها , ولايحمل فيها سلاح ولا يهراق فيها دم .
27- مدينة : فرض فيها الجهاد والقتال , فانطلقت الجحافل المسلمة , في الغزوات والسرايا . وتدك عروش الكفر والطغيان .
28- مدينة : انطلقت منها البعوث والرسل , تحمل الرسائل والكتب إلى العرب والعجم فجاءته صلي الله عليه واله وسلم الوفود تحمل إسلام أقوامها .
29- مدينة : أتضح أن تربتها من تربته صلي الله عليه واله وسلم , وأن تربته من تربتها .
1- الله تعالي سماها طابة وطيبة : وانما سميت بذلك اشتقاقاً من الطيب , وهو الرائحة الحسنة , وقيل : لطهارة تربتها , وقيل : لطيبها لساكنها , وقيل : من طيب العيش بها , وقيل : لخلوصها من الشرك وطهارتها منه , وقيل : لحلول الطيب صلي الله عليه واله وسلم بها وقيل : لكونه كالكير تنفي خبثها , وينصع طيبها , والله تعالي أعلم . فعن جابر بن سمرة رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلي الله عليه واله وسلم يقول : ( أن الله تعالي سمى المدينة طابة ) . وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال في قصة الذين رجعوا ممن خرج يوم أحد , وفيه : قال صلي الله عليه واله وسلم : ( إنها طيبة , وتنفي الخبث , كما تنفي النار خبث الفضة ) .
2- حرمتها كحرمة مكة المكرمة : عن سهل بن حنيف رضي الله عنه قال : أهوى رسول الله صلي الله عليه واله وسلم بيده إلي المدينة فقال : ( إنها حرم امن) .
3- مأرز الإيمان : بأذنه تعالي دائماً , أن الإيمان سيبقي فيها , حني قيام الساعة , لأنها آخر قرى الإسلام خراباً , ولأنها مستقره وملجؤه ومأواه , كالجحر بالنسبة للحية , تأرز إليه متى شاءت , فعن أبي هريرة رضي الله عنه , أن رسول الله صلي الله عليه واله وسلم قال : ( أن الإيمان ليأرز إلى المدينة , كما تأرز الحية إلى جحرها ) . وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما , عن النبي صلي الله عليه واله وسلم قال : ( إن الإسلام بداً غريباً , وسيعود غريباً كما بدأ , وهو يأرز بين المسجدين , كما تأرز الحية في جحرها ) .ومعني قوله صلي الله عليه واله وسلم : ( إن الإيمان ليأرز إلى المدينة ) يحتمل أحد أمرين : أولهما : يأرز إليها ليتجدد , ويستعيد نشاطه , وتزداد قوته , ويقوى صاحبه , فالمدينة هي : جحر الإيمان ومستقره وملجؤه , فهو يتجدد فيها , كما يتجدد نشاط الحية إذا التجأت إلى جحرها . ثانيها : الإيمان , إذا اضطهد أهله لجؤوا إلى المدينة المنورة , ليجدوا فيها الأمن والسلامة , كما أن الإيمان يبقي فيه طالما بقي إيمان في الأرض .
4- يأس الشيطان أن يعبد فيها : طالما أن المدينة المباركة على ساكنها الصلاة والسلام هي مأرز الإيمان ومستقره وملجؤه ومأواه ,... لذا فإن الشيطان قد يئس إن يعبد فيها إلي يوم القيامة . فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلي الله عليه واله وسلم يقول : ( إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب , ولكن في التحريش بينهم ... ) .
5- الدعاء بتحبيب المدينة : عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلي الله عليه واله وسلم ( اللهم حبب إلينا المدينة , كحبنا مكة , أو أشد , وصححها لنا , وبارك لنا في صاعها ومدها , وانقل حماها , فاجعلها بالجحفة ) متفق عليه.
6- جعل القلوب تهوي إليها : كون القلوب تهوي هذه البلدة الكريمة , وقد حصل هو الآخر , إذ قل قلب امرئ مؤمن إلا ويهوى هذه المدينة المنورة المباركة ويتحرق لرؤيتها والله تعالي أعلم .
7- دعواته صلي الله عليه واله وسلم لها ولأهلها : عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه واله وسلم :(اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ماجعلت بمكة من البركة) وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه واله وسلم : (اللهم بارك لنا في مدينتنا , اللهم بارك لنا في صاعنا , اللهم بارك لنا في مدنا , ... اللهم اجعل مع البركة بركتين).
8- شفاعته وشهادته صلي الله عليه واله وسلم لمن صبر علي لأوائها : قد يصاب ساكنها بضيق العيش وشظف الحياة فيمل من ذلك , فيريد الخروج منها , لذا حثه صلي الله عليه واله وسلم علي البقاء فيها , وعدم الخروج منها , وعلي الصبر علي ما يلقاه , لان من كان كذلك , تناله شفاعته صلي الله عليه واله وسلم وهذه الشفاعة خاصة بأهل المدينة , لا يشاركهم فيها أحد , لما لهم من الحظوة والمنزلة , وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء من خلقه . وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما , قال : سمعت رسول الله صلي الله عليه واله وسلم يقول : ( لايصبر علي لاوائها وشدتها , أحد إلا كنت له شفيعاً أو شهيداً يوم القيامة ) . وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلي الله عليه واله وسلم يقول : (لايصبر أحد علي لأوائها فيموت , إلا كنت له شفيعاً أو شهيداً يوم القيامة إذا كان مسلماً ) . وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه واله وسلم : ( المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون , لايدعها أحد رغبة عنها : إلا أبدل الله فيها من هو خير منه , ولا يثبت أحد علي لأوائها وجهدها : إلا كنت له شفيعاً , أو شهيداً , يوم القامة ) والمراد باللأواء : الشدة والجوع وقيل : الأمر العظيم الذي يشق علي الإنسان من عيش , أو قحط , أو خوف , ونحو ذلك .
9- الحث علي المجاورة والموت فيها : لما توقي صلي الله عليه واله وسلم فيها عرفنا أن تربته التي خلق منها : هي في المدينة , وفي الموضع الذي دفن فيه , وذلك لان المرء لايدفن إلا في موضع تربته التي خلق منها , والله تعالي أعلم . فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : كان رسول الله صلي الله عليه واله وسلم إذا دخل مكة قال : ( اللهم لا تجعل منايانا بها حني تخرجنا منها) فإذا أضيف إلى ذلك : قوله صلي الله عليه واله وسلم للأنصار رضي الله عنهم يوم الفتح : ( المحيا محياكم , والممات مماتكم ) فعن حفصة بنت عمر , وأسلم مولى عمر رضي الله عنهم قالا : قال عمر رصي الله عنه : اللهم ارزقني شهادة في سبيلك , وأجعل موتي في بلد رسولك صلي الله عليه واله وسلم . فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : مر النبي صلي الله عليه واله وسلم بجنازة عند قبر , فقال : ( قبر من هذا ؟ ) . فقالوا : فلان الحبشي يا رسول الله , فقال رسول الله صلي الله عليه واله وسلم : ( لا اله إلا الله , لا اله إلا الله , سيق من أرضه وسمائه , إلى تربته التي منها خلق ) .
10- فضل الموت في المدينة : عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال : رسول الله صلي الله عليه واله وسلم ( من أستطاع أن يموت في المدينة فليمت بها , فأني أشفع لمن يموت بها ) . وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلي الله عليه واله وسلم : ( من مات في أحد الحرمين بعث أمنا يوم القيامة)
11- زيارته واستغفاره صلي الله عليه واله وسلم لأهل البقيع : لقد كان رسول الله صلي الله عليه واله وسلم يكثر من زيارة البقيع , إذ قل أسبوع إلا ويأتيهم مرتين وعن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلي الله عليه واله وسلم كلما كان ليلتها من رسول الله صلي الله عليه واله وسلم يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول : ( السلام عليكم دار قوم مؤمنين , وأتاكم ما توعدون , غداً مؤجلون , وإنا إن شاء الله بكم لاحقون , اللهم أغفر لأهل بقيع الغرقد ) . (السلام علي أهل الديار , من المؤمنين والمسلمين , ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين , وأنا إن شاء الله بكم لاحقون ) .
12- اختصاصهم برسول الله صلي الله عليه واله وسلم : عن عبد الله بن زيد رضي الله عنه في قصة تقسيم الغنائم يوم حنين قال صلي الله عليه وسلم للأنصار رضي الله عنهم : ( ألا ترضون أن يذهب الناس بالشاء والإبل , وتذهبون برسول الله صلي الله عليه واله وسلم إلي رحالكم ؟ ...) . وفي رواية عنه رضي الله عنه , قوله صلي الله عليه واله وسلم : ( إلا ترضون أن تذهب الناس بالدنيا , وتذهبون برسول الله صلي الله عليه واله وسلم تحوزونه إلى بيوتكم )
13- أهل المدينة يحشرون مع النبي صلي الله عليه واله وسلم : ومما يمتاز به أهل المدينة عمن سواهم : أنهم أول من يبعث بعد النبي المصطفي الكريم صلي الله عليه واله وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما لأنهم في الدنيا جيرانه , وفي الحشر في زمرته صلي الله عليه واله وسلم . فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلي الله عليه واله وسلم : ( أنا أول من تنشق عنه الأرض , ثم أبوبكر , ثم عمر , ثم آتي أهل البقيع , فيحشرون معي , ثم أنتظر أهل مكة , فأحشر بين الحرمين ) .
14- أهل المدينة هم أول من يشفع لهم رسول الله صلي الله عليه واله وسلم : عن عبد الملك بن عباد بن جعفر رضي الله عنه , أنه سمع رسول الله صلي الله عليه واله وسلم يقول : ( أول من أشفع له من أمتي :أهل المدينة , ثم أهل مكة , ثم أهل الطائف ) .
15- يجب إكرام أهلها لأنهم جيران النبي صلي الله عليه واله وسلم : لقد أمر الله تعالي رسوله المصطفي الكريم صلي الله عليه واله وسلم بإكرام الجيران , ولما كان أهل المدينة جيرانه صلي الله عليه واله وسلم فقد وجب إكرامهم , إكراماً له صلي الله عليه واله وسلم . عن معقل بن يسار رضي الله عنه , قال : قال رسول الله صلي الله عليه واله وسلم : ( المدينة مهاجري , ومضجعي في الأرض , حق علي أمتي أن يكرموا جيراني , ما اجتنبوا الكبائر , فمن لم يفعل ذلك منهم سقاه الله من طينة الخبال ) . طينة الخبال هي عصارة أهل النار . كما قال رسول الله صلي الله عليه واله وسلم : ( المدينة مهاجري , ومنها مبعثي وبها قبري , وأهلها جيراني , وحقيق علي أمتي حفظي في جيراني فمن حفظهم في كنت له شهبداً وشفيعاً يوم القيامة , ومن لم يحفظ وصيتي في جيراني سقاه الله من طينة الخبال) .
16- التحذير من الخروج منها رغبة عنها : عن سفيان بن أبي زهير رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلي الله عليه واله وسلم يقول : ( يفتح اليمن فيأتي قوم يبسون , فيتحملون بأهلهم ومن أطاعهم , والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون , ثم يفتح الشام فيأتي قوم يبسون , فيتحملون بأهلهم ومن أطاعهم , والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون , ثم يفتح العراق فيأتي قوم يبسون , فيتحملون بأهلهم ومن أطاعهم , والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون ) . وقد اختلف في معني قوله : ( يبسون علي أقوال , فقيل : دلالة علي سرعة خروجهم من المدينة , وارتحالهم منها , لأن البس هو سوق الإبل . وقيل : يزينون لأهلهم وأقاربهم البلاد التي تفتح , ويدعونهم إلى سكناها فيتحملون بسبب ذلك من المدينة راحلين إليها . وعن أبي هريرة رضي الله عنه , أن رسول الله صلي الله عليه واله وسلم قال : ( يأتي علي الناس زمان : يدعو الرجل ابن عمه وقريبه : هلم إلى الرخاء . هلم إلى الرخاء , والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون . والذي نفسي بيده , لايخرج منهم أحد رغبة عنها إلا أخلف الله فيها خيراً منه , إلا أن المدينة كالكير تخرج الخبيث , لا تقوم الساعة حني تنفي المدينة شرارها , كما ينفي الكير خبث الحديد) وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه واله وسلم : ( إني أحرم مابين لابتي المدينة , أن يقطع عضاهها , أو يقتل صيدها . وقال : المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون , لايدعها أحد رغبة عنها , إلا أبدل الله فيها من هو خير منه ) .
17- التحذير من إخافة أهل المدينة : عن السائب بن خلاد الأنصاري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه واله وسلم : ( من أخاف أهل المدينة أخافه الله عز وجل وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين , لايقبل الله تعالي منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً ) وقال رسول الله صلي الله عليه واله وسلم ( من أخاف أهل المدينة فقد أخاف مابين جنبي ) .
18- المدينة كالكير تنفي خبثها وأشرارها : عن أنس بن مالك رضي الله عنه , عن النبي صلي الله عليه واله وسلم قال : ( ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال , إلا مكة والمدينة ليس له من نقابها نقب : إلا عليه الملائكة صافين , يحرسونها , ثم ترتجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات , فيخرج الله كل كافر ومنافق ) .
19- المدينة تنفي الذنوب : ومن شدة المدينة ولأوائها , أنها تمحص الذنوب , وتنفيها عن الساكنين فيها أيضا , الراضين بسكناها , مع ضيق العيش فيها , وذلك بصبرهم علي لاوائها , فيتوبون , فتنفيها عنهم , أو يمنحون الشفاعة , إن كانوا أهلاً لها , فتغفر لهم ذنوبهم , وتنفي عنهم عيوبهم , والله تعالي أعلم .
20- عالم المدينة أعلم من عالم غيرها : عن أبي هريرة رضي الله عنه , عن النبي صلي الله عليه واله وسلم قال : ( يوشك أن يضرب الرجل أكباد الإبل , يطلبون العلم , فلا يجدون أحداً أعلم من عالم المدينة ) .
21- أضاءت المدينة يوم دخول النبي المصطفي الكريم صلي الله عليه واله وسلم : عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله صلي الله عليه واله وسلم المدينة : أضاء من المدينة كل شيء , فلما كان اليوم الذي مات فيه رسول الله صلي الله عليه واله وسلم , أظلم من المدينة كل شيء , وما فرغنا من دفنه : حني أنكرنا قلوبنا . وللحديث رواية آخري : فرحت فأضاءت , وحزنت فأظلمت .
22- هي أخر قرى الإسلام خراباً : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه واله وسلم : ( أخر قرية من قرى الإسلام خراباً المدينة ) .
23- مضاعفة الثواب والأعمال الصالحة فيها مضاعفة كبيرة : عن أبي هريرة رضي الله عنه , عن النبي صلي الله عليه واله وسلم قال : ( صلاة في مسجدي هذا خير من إلف صلاة فيما سواه من المساجد , إلا المسجد الحرام ) وأن من جاء هذا المسجد الشريف : فهو كالمجاهد في سبيل الله . عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلي الله عليه واله وسلم يقول : ( من جاء مسجدي هذا لم يأته إلا لخير يعلمه , أو يتعلمه , فهو بمنزلة المجاهد في سبيل الله ) .
24- جعل الروضة الشريفة من الجنة : عن عبد الله بن زيد المازني , وأبي هريرة رضي الله عنهما , عن النبي صلي الله عليه واله وسلم أنه قال : ( مابين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ) .
25- الصلاة في مسجد قباء تعدل أجر عمرة كاملة : عن سهل بن حنيف رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه واله وسلم : ( من تطهر في بيته , ثم أتي مسجد قباء , فصلي فيه صلاة , كان له كأجر عمرة ) . ثواب المصلي والمسلم علي النبي الكريم صلي الله عليه واله وسلم من قرب فإن النبي المصطفي الكريم صلي الله عليه واله وسلم يسمعه مباشرةً ويرد عليه مباشرةً , بخلاف المصلي والمسلم عليه من بعد , فإن لله تعالي ملائكة سياحين يبلغون النبي الكريم صلي الله عليه واله وسلم صلاة وسلام من صلي وسلم عليه صلي الله عليه واله وسلم , فيرد عليهم صلي الله عليه واله وسلم . فهذه منقبة لساكن المدينة المنورة المباركة , ويلحقه فيها زائرها , أن من سلم منهم وصلي علي النبي المصطفي الكريم صلي الله عليه واله وسلم عن قرب سمعه من غير واسطة ,... ثم رد عليه صلي الله عليه واله وسلم , أما من بعد فإن الملائكة تبلغه صلي الله عليه واله وسلم صلاة وسلام من صلي وسلم عليه , والله تعالي أعلم .
26- يا ساكن المدينة أتعلم من تجاور ؟ وفي أي بلد تسكن ؟ : لقد نقلك الله عز وجل , أو نقل أباك وأنت في صلبه , أو جدك وإن علا وأنت في صلبه , من بلدك إن كنت من أهل المدن إلي سيدة البلدان , ومن قريتك إن كنت من أهل القرى إلي قرية تأكل القرى , من باديتك إن كنت من أهل البادية إلي حرمه وحرم رسوله الكريم صلي الله عليه واله وسلم , ونقلك من أناس عاديين , أو من جوار فسقة فجرة , أو عصاة كفرة , إلي جوار رسوله وحبيبه وخليله , وصفوته من خلقه , صلي الله عليه واله وسلم , فاختصك من بين ملايين المسلمين , فضلاً عن ملايين البشر , لتنعم بهذا الجوار , وتسكن في هذا الحرم , فتضاعف حسناتك , وتزول أسقامك , وترتع في البركات , وتسعد بالمآثر الكريمات , والنعماء الجليلات , وتشهد المقام الجميل , والحرم الجليل , والمرابع الكرام , والمشاهد العظام . إنك في بلد : لا يقاربه في الفضل إلا مكة , لكن المدينة تزيد في كثير من الفضائل فالبركة فيها ستة أمثال ما في مكة . ثم إنك تنعم بهذا الجوار الذي لا بدانيه فيه أو يقاربه مكان في الدنيا . لا اعلم بلداً من طعن في أرضها وترابها , يستحق التعزير , إلا هذه البلدة المنورة المباركة , فقد أفتى الإمام مالك رحمه الله تعالي : أن من قال تربة المدينة رديئة بأن يضرب ثلاثين درة , وأمر بحبسه , وقال : ما أحوجه أن يضرب عنقه . قال الإمام يحي بن معين رحمه الله تعالي : سفرة إلي المدينة أحب إلي من مائتي طواف .
وصلى الله على سيدنا ومولانا وحبيبنا محمد , وعلى اله وصحبه ومن تبعه
إلي يوم الدين , وسلم تسليماًُ كثيراً .